فى الجزء الثانى من الحوار مع اللواء خليفة حفتر، قائد معركة الكرامة، من داخل معقله فى القاعدة الجوية، يستكمل الحديث عن الحدود مع مصر وتأمينها، وأنه يوافق على الطريقة التى تختارها مصر لتحقيق ذلك حتى لو وصلت بضربة عسكرية إلى داخل حدود الجارة الغربية. سألته «المصرى اليوم» عن فترة إقامته الطويلة فى المنفى بولاية فيرجينيا، حيث مقر المخابرات المركزية الأمريكية، لم تتغير نبرة صوته وهو يؤكد أن هذه مجرد أكاذيب يطلقها خصومه من الإخوان المسلمين، شارحا أنه لو وافق على العمالة لأحد لكان القذافى وقت سطوته أولى بذلك.
■ ما هى أهم القضايا التى ستثيرها مع الرئيس المصرى القادم فى حال التقيته؟
- بإذن الله سوف ينجح السيسى ويصبح هو الرئيس (تم إجراء الحوار يوم الثلاثاء الماضى)، وفى هذه الحالة أتمنى أن نؤكد هويتنا العربية، وأن نتعاون فى مواجهة التدخل الأجنبى فى ليبيا. فقد أصبحت ليبيا مرتعا لكل من هب ودب، ومن يريد حشر أنفه فى شؤونها. ليبيا بلد مليء بالبترول والغاز واليورانيوم والذهب، ويمثل مطمعاً للجميع ونحن بحاجة إلى مساعدة مصر فى درء هذه المطامع. ولا يمكن عمل ذلك إلا بوحدة الأمة العربية اقتصاديا وسياسيا.
■ ما هى أهم الدول التى يمكن أن تتعاون معها فى إعادة بناء وتعمير ليبيا، فى مرحلة ما بعد إعادة بناء الجيش وتحقيق الاستقرار؟
- سنلجأ بالتأكيد لدول الجوار، فنحن نريد أن نخلق جيرانا ممتازين، ونريد أن يكون هناك تبادل للمصالح بيننا كعرب. وأولى الأوليات بالنسبة لليبيا فى المرحلة القادمة هى مصر. فعندما لا تكون هناك مصر لا يكون العرب.
■ كيف ستقوم بتأمين حدود ليبيا الشرقية مع مصر والغربية مع الجزائر؟
- مصر والجزائر دولتان شقيقتان، لكن التعاون بيننا وبين الجزائر سيكون سهلاً وسريعًا، فقد قطعنا بالفعل شوطًا فى الاتصال بهم. أما بالنسبة لمصر فلن يكون بيننا أى خلاف، فالمصالح تأتى من خلال تأمين الحدود. وأى شيء ينغص حياة المصريين يجب ألا يأتيهم من ليبيا، وألا يأتى لليبيين شيء ينغص حياتهم من مصر.
■ هل قمتم بمحاولة التواصل مع السلطات المصرية كما فعلتم مع الجزائر؟
- لم نفعل ذلك حتى الآن، ولكننى نصحت السلطات الحاكمة فى طرابلس من قبل بأن يتركوا تأمين الحدود مع مصر لمصر نفسها، لأنهم غير قادرين عليها، فهذه الحكومة عاجزة لا تستطيع تقديم شيء، لكن المستقبل يجب أن يبنى بأيدٍ وطنية تستطيع أن تؤمن الحدود لنفسها ولجيرانها، لا أن تتركها مفتوحة تدخل منها كل المصائب.
■ هناك عناصر من القاعدة تهدد بشن هجوم على مصر من شرق ليبيا، وفى هذه الحالة ربما يقوم الجيش المصرى بالرد عليهم بضربة عسكرية، ماذا سيكون موقفك وقتها؟
- طبعا أنا مع أى ضربة عسكرية «تؤمن حدود مصر» حتى داخل ليبيا، «نريد» التخلص من هذه المجموعات الموبوءة فى درنة وبنغازى وإجدابيا وسرت وطرابلس وعلى الحدود الجزائرية. لا يمكن إطلاقا أن نسمح لأى منهم بأن يقوم بأى عمل ضد بلدان الجوار الشقيقة والصديقة، والموضوع يحتاج تعاونا لمنعهم من عمل معسكرات فى مصر أو ليبيا. فالبلد (ليبيا) كان مفتوحا 3 سنوات.. عملوا معسكرات وطيارات.. أحضرت أناسا للدخول بدون تأشيرة أو إذن، جميع الأماكن الموبوءة فى العالم جاء منها أناس «إلى ليبيا».
■ تتردد أنباء عن اتصالات جرت بينكم وبين الأوروبيين والأمريكيين، فعن أى شىء أسفرت هذه الاتصالات؟
- لا توجد اتصالات معهم. ولو اتصلنا فسوف تكون مصر أول الدول وقبل أى دولة أخرى.
■ ما هو عدد الجنود والضباط الذين تمت تصفيتهم على يد كتائب أنصار الشريعة (القاعدة) والكتائب المتحالفة معها فى الأشهر الأخيرة؟
- تمت تصفية 500 ضابط ومجند. كانوا ينتظرونهم على بوابات بنغازى ويذبحونهم، تم ذلك قبل المواجهات التى بدأناها معهم. الحرب الحقيقية بدأت منذ 18 إبريل الماضى، وأول مواجهة حقيقية كان عدد القتلى فيها 70 قتيلا و250 جريحا، وكانت يوم جمعة الكرامة منذ أسبوعين تقريبا.
■ ما هو رأيكم فى المؤتمر (البرلمان) وحكومة معيتيق الجديدة؟
- فى الحقيقة هو أصلا ما فيش حكومة ولا مؤتمر، فالشعب قال كلمته الأخيرة، وهى أن المؤتمر لم يعد يمثلنا منذ 7 فبراير 2014.
■ ماذا سيكون تصرفكم بعد تنصيب المؤتمر لمعيتيق رئيسا للحكومة الليبية؟
- لا يوجد شيء اسمه تنصيب، هل توجد حكومة بالمادة (النقود)، ناس يشترون المناصب بالمادة؟! هذه أمور مرفوضة بالنسبة لنا. نحن نريد حكومة طبيعية تنتجها انتخابات دون تزوير ودون بيع وشراء.
■ كيف تفسر إصرار المؤتمر الوطنى على تنصيب أحمد معيتيق رئيسا للوزراء رغم الاعتراضات الكبيرة عليه وتهديداتكم حيال ذلك؟
- هذه صفقات ومصالح مادية. فهو رجل أعمال، والميزانية مثلا تم توزيعها بالفعل قبل أن توضع.
■ هل يوجد دعم إماراتى - سعودى لقواتكم العسكرية؟
- لم نر أو نسمع شيئا من هذا القبيل، ولكننا نتوقع خيرا من كل أصدقائنا.
■ ماذا عن فترة إقامتك بالولايات المتحدة الأمريكية؟
- وصلت هناك فى 19 ديسمبر 1990، وخرجت منها فى 11 مارس 2011، أثناء الثورة الليبية.
■ لكنك تواجه اتهامات بأنك أقمت علاقات مع المخابرات الأمريكية، بحكم وجودك فى ولاية فيرجينيا، وأن هذه العلاقة مستمرة حتى الآن.
- الإخوان المسلمون أبرع شريحة فى العالم تروج للأكاذيب، ولديهم مصانع تنتج ما لا يحصى ولا يعد من الأكاذيب. أنا لست بحاجة لذلك، فالمخابرات الأمريكية تختار شخصا يحتاج أموالا، أو شخصا يريد ويسعى هو إلى هذه العلاقة. أما أنا فلست بحاجة لذلك، وليست لدى رغبة فى ذلك.. بالإضافة إلى أننى لو كنت كما يدّعون لما وقف أحد أمامى فى ليبيا. لدىّ قناعاتى التى لا تتوافق مع أى عميل. ولو كنت عميلا فأنا عميل للشعب الليبى فقط.
كان همّى فى فترة إقامتى هناك هو قضيتى الوطنية مع معمر القذافى، وهى ليست قضية شخصية. هذا الرجل أصبح ديكتاتورا، وقررت مواجهته عسكريا وليس بشكل سياسى. التنظيمات التى حاولت إنشاءها بالخارج اكتشفها القذافى ودفعت ثمنها أنا وأهلى وأقربائى. القذافى استعان برؤساء دول مثل حسنى مبارك ووزراء وسفراء وأموال حتى يجعلنى أعود إلى ليبيا، ولم يفلح فى ذلك، ولو كنت طيّعا وعميلا لكان القذافى أولى، ولكن كل هذه الأمور لم تغير منى شيئا سوى التصميم والإصرار، رغم العلم بصدور حكمى إعدام ضدى: الأول عام 1996 والثانى عام 2011.
■ لماذا لم تتحرك عسكريا عندما تحكّم آخرون بمقاليد الأمور بعد الثورة، رغم دوركم فيها؟
- عندما عدت أثناء الثورة كنت قائد القوات البرية، وبعد استقرار الأمور قررت الراحة، راحة المحارب، لكن للأسف ما إن مضت 6 أشهر، حتى رأينا أن المركب فى طريقه للغرق، وعند ذلك تغير الأمر، فاتخذنا موقفا آخر وقررنا مواجهة الوضع.
■ هل واجهتم صعوبة فى تجميع الجيش الليبى مرة أخرى؟
- أبدا. لم أواجه أى صعوبة فى استدعاء العناصر العسكرية. فقط عندما سمعوا النداء توجهت أعداد غفيرة للمواقع فى ليبيا، ويصعب على الحكومة أن تقوم بمثل هذا العمل.
■ لمن ولاء إخوان ليبيا؟
- الإخوان فى ليبيا رؤوسهم بره وأرجلهم عندنا. لا ولاء للإخوان لهذا الوطن، ولا من حكموا مصر. ولاؤهم كله للجماعة التى يتحزبون تحتها.
■ هل حاول أحد من عناصر الإخوان الفارين من مصر بعد فض اعتصام رابعة الاتصال بكم أو بأحد من قيادات الجيش الليبى؟
- لا، ولكنهم اتصلوا ببعض فى ليبيا (إخوان مصر بإخوان ليبيا)، وكونوا معسكرات فى بعض المدن مثل طرابلس، وبالتالى هم يهربون من مصر وغزة ليتدربوا فى مصراتة ودرنة. وقامت عناصر من المؤتمر (البرلمان) بتقديم تسهيلات لهم، مثل جوازات السفر والتأشيرات والسكن، ويغدقون عليهم من المال الذى لا يملكون منه شيئا.
■ ما هى خطواتكم القادمة إذا ما استمرت الحكومة الليبية فى طريقها ولم تستجب لقراركم بحل المؤتمر، وقررت اعتماد الحكومة الجديدة برئاسة معيتيق؟
- فلنبق ذلك لوقته. لدينا خطوات سوف نفاجئهم بها.
■ هدد متحدث باسم الجيش، الذى تتولون قيادته، على قناة «العاصمة» الليبية باعتقال أعضاء المؤتمر الوطنى إذا ما انعقدت جلسة لتنصيب معيتيق.. ولم يحدث شيء رغم انعقادها، كيف تفسر ذلك؟
- هذا الإعلان تم دون إذن، وتم الاعتذار عن ذلك.
■حصلت على نجمة العبور تقديرا لدورك فى حرب أكتوبر، كيف أثر هذا التكريم فى حياتك؟
- نجمة العبور المصرية هى إحدى الذكريات الطيبة التى ستستمر عندى وعند أولادى، التى تذكرنى بأنى قمت بواجبى تجاه مصر.
■ ماذا عن حال الليبيين الذين اتجهوا لمصر بعد تطورات الأحداث الأخيرة؟
- والله نسألكم نحن عن حالهم فى مصر، سمعنا أن الليبيين الذين لجأوا إلى مصر مؤخرا يعيشون فى القبور ويقومون بأعمال متدنية، بعد أن عاشوا حياة مرفهة وسعيدة، (انتقلوا) منها إلى الفقر المدقع. وقد قال سيدنا على « لو كان الفقر رجلا لقتلته».
■ كيف تقدر حال المصريين فى ليبيا بعد الاعتداءات المتكررة عليهم، وهل تؤيد عودة السفير المصرى إلى ليبيا فى الوقت الراهن وإعادة فتح السفارة المصرية؟
- «لو كان بالإمكان حمايتها (السفارة) ممكن»، ولكننى لا أنصح بذلك كثيرا، فكل الأماكن غير محمية الآن، ونحن أمامنا فترة كى نستطيع حمايتها بأنفسنا.