الجريمة و جنة الفساد الروسية :
في آخر إحصاءات رسمية لوزارة الداخلية الروسية و منذ بداية الحرب في اوكرانيا ارتفع معدل الجرائم باستخدام الأسلحة النارية في روسيا بأكثر من 30% .. لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن نسب هذا الارتفاع موزعة بشكل غير طبيعي عبر مختلف مقاطعات روسيا .. فكلما اقتربت من المناطق الحدودية مع اوكرانيا كانت النسبة أكبر ..
مقاطعة كورسك مثلا سجلت ارتفاعا رهيبا بنسبة 675% .. و سجلت مقاطعة بلغورود 213% و هما أهم مقاطعتين حدوديتين مع اوكرانيا و أهم مركزين لعبور القوات و الأسلحة الروسية إلى مختلف جبهات القتال .. في حين سجلت العاصمة موسكو ارتفاعا بنسبة 203% ..
كل هذا يدل مرة أخرى على حجم التعفن و الفساد الكبيرين في الجيش الروسي .. فالحرب في اوكرانيا قدمت فرصة ذهبية للضباط الفاسدين لتهريب أكبر قدر من الأسلحة و المعدات و بيعها في اقرب نقطة ممكنة .. ففي نهاية المطاف كل ما يجب هو توقيع حقيقي او مزيف يضع مسؤولية ذلك السلاح على عاتق مجند وهمي او حقيقي هلك ضمن عشرات الآلاف الذين هلكوا في الحرب ..
لقد منحت الحرب في اوكرانيا للضباط المسؤولين عن السلاح و العتاد و المؤونة فرصة لا تعوض للسرقة بالجملة ما كانوا يسرقونه بالتجزئة ..
قبل الحرب كان يسهل نسبيا تتبع مصدر السلاح المهرب من الجيش و الضابط المسؤول عن المخزن .. أما في ظروف الحرب و بسبب الفوضى الكبيرة في التجنيد و التموين و في ظل اختفاء آلاف الجنود ليس من السهل معرفة ما إذا كان السلاح قد سرق من المخزن او وصل إلى مستخدميه عبر قنوات أخرى ..
مابعد الحرب :
كل الحروب تخلق سوقا سوداء للسلاح .. لكن الأسوأ أنها بعد نهايتها تدفع بعشرات الآلاف من الشباب اليائس الذي لا يحسن شيئا غير القتال إلى سوق البطالة و الكساد الاقتصادي الذي خلفته تلك الحرب .. خاصة إذا كانت حرب لا شرف فيها و لا انتصار ..
ليس غريبا ان تبلغ الجريمة أعلى معدلاتها في الولايات المتحدة بعد حرب الفيتنام .. او في روسيا بعد حرب افغانستان .. و روسيا التي تعاني أصلا من معدل عنف و جريمة مرتفع قبل الحرب قد تسجل أكبر معدلات للجريمة في تاريخها بعد حرب اوكرانيا ..
ليس توفر السلاح هو أكبر عامل في زيادة معدلات الجريمة ، بل توفر المجرمين الذي ينتج عن عوامل أخرى .. و روسيا بوتين تعج بمختلف العوامل التي تساعد على ازدهار غير مسبوق للجريمة المنظمة ..
عشرات الآلاف من جوازات السفر التي تم توزيعها بشكل عشوائي في إطار ضم الأقاليم الأوكرانية .. و عدد لا أحد يعرف قدره من المساجين الذين أطلق سراحهم مقابل التطوع في الحرب .. و عدد من المنظمات العسكرية و الشبه عسكرية و المرتزقة الذين ينشطون بحرية واسعة و بدرجات كبيرة من الإفلات من الرقابة بحجة دعم جهود الحرب في اوكرانيا .. اما الشرطة و المخابرات فهي مشغولة بأمور أخرى أهم من مكافحة الجريمة ….
@نمر