هل تتوقع أن تنهار روسيا في الفترة المقبلة
أعتقد بداية اننا نتفق على أن ما يظهره الإعلام و من الطرفين، الروسي و الغربي لا يعكس الصورة الحقيقية للواقع، فالاعلام أداة تستخدم كسلاح في الحرب.
لذلك أنا انظر للقصة من خلال محاولة فهم عقلية الطرفين.
الاوكران هم حقيقة ينفذون حرب بالوكالة، الحرب بدأت بعد حملة اعلامية أمريكية ضخمة لاستفزاز الروس و اندفاع للاوكران خلف المخططات الأمريكية املآ في الانضمام للناتو و السوق الاوروبية.
الحماس و الدعم الغربي خاصة الأمريكي غير مسبوق و غير مبرر الا ان يكون بهدف استمرار الحرب لاستنزاف روسيا للحد الأقصى و كل ما تقوله الولايات المتحدة عن القانون الدولي و انها حريصة على الشعب الأوكراني حقوقه هو ليس إلا دجل سياسي أمريكي، و هذه عادتهم في كل الصدامات التي يشاركون بها.
الأوروبيون برأيي وقعوا في الفخ الأمريكي، هم لديهم نفس خوف روسيا الذي دفعها لمهاجمة روسيا، فروسيا كانت لا تريد لحلف الناتو ان يصل إلى حدودها ان انضمت أوكرانيا لحلف الناتو و كذلك الأوروبيون لا يريدون لروسيا ان تصل لحدود السوق الاوروبية ان سيطرت روسيا على أوكرانيا او عينت حكومة أوكرانيا ذات ولاء روسي.
العقوبات الاقتصادية على روسيا و ردود روسيا بالطلب ان يتم تسديد سعر الغاز لاوروبا بالروبل ثم الإجراءات الروسية بتخفيض وارداتها من الغاز لاوروبا. كل ذلك بالتأكيد سبب اضرار اقتصادية للطرفين روسيا و أوروبا.
لكن الفرق بين روسيا و أوكرانيا هو طبيعة نظام الحكم. أوروبا تحكمها أنظمة ديمقراطية منتخبة و بالتالي تتأثر برأي الشارع و لا تسمح انظمتها باي قرارات تضر شعوبها، لذلك تجاوبت الحكومات مع المظاهرات و الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود بتقديم حزم دعم مالية من احتياطياتها للتعويض عن المواطنين. لكن هذا الإجراء في حقيقة يشكل عبئ كبير و قد لا تستطيع معظم هذه الحكومات الاستمرار بتحمل هذه التكاليف ان طالت الحرب، لكن بكل الأحوال تبقى الحكومات ملزمة بالاخذ برأي الشارع في رسم سياساتها. و هذا قد ينتج عنه تغيير في الموقف الأوروبي بتخفيف اندفاعها ضمن المخطط الأمريكي.
الولايات المتحدة هدفها هو استنزاف روسيا، و كعادتها هي لا يهمها ما تتسبب به سياستها على أطراف الصراع و الأطراف التي على تماس بالصراع، فلا هي مهتمة بخسائر و ضحايا أوكرانيا و لا هي مهتمة بالارتباك الذي يحصل في أوروبا نتيجة التهديدات الأمنية و الخلل الاقتصادي و الشعبي الناتج عن ازمة توريدات الغاز.
اما روسيا فكلنا نعرف انها محكومة بنظام القائد الفرد، الدكتاتور صاحب مشروع الإمبراطورية اليوراسية، و انه كأي نظام دكتاتوري يضع هدف النظام فوق مصالح و خسائر البلاد و الشعب. لكن في نفس الوقت يدرك هذا النظام ان الولايات المتحدة لن تتراجع عن سياسات تأجيج هذه الحرب و يدرك ايضآ ان هزيمة روسية في هذه الحرب لن تتوقف عند الهزيمة العسكرية بل تعني ان روسيا ستتعرض لخسارات لاحقة مرعبة قد تصل إلى تفكيك روسيا و تدمير اقتصادها و إخراجها من كل المعادلات الدولية لعقود طويلة قادمة.
لذا….
أعتقد أن صاحب القرار الروسي، بوتين، لن يقبل الهزيمة و سيقاتل حتى النهاية و على، كل الجبهات، عسكريآ و من خلال الضغط على أوروبا و ايضآ توطيد العلاقات من إيران و الصين و كوريا الشمالية.
هذا لا يعني ان روسيا لن تنهزم، كل الاحتمالات واردة فالنهاية غير واضحة المعالم حتى الآن.
لكن ما أراه ان بوتين سيقاتل بكل شراسة و على كل الجبهات ، لكن ان حصل و نحح الأمريكان في حشره في الزاوية و اقترب من مرحلة الهزيمة فلن يقبل ان يكون الخاسر الأكبر بل سيلحق خسائر فادحة بعدة أطراف ابتداءً باوكرانيا و قد لا تنتهي بأوروبا.
يجب أن لا ننسى ان هزيمة روسيا سيعطي الفرصة للولايات المتحدة للتفرد بعدة دول أخرى تعتبرها الولايات المتحدة ضمن قائمة الدول المعادية لها ،و هنا أشير إلى إيران في الشرق الأوسط و الصين و كوريا الشمالية في شرق آسيا. و هاتان الجبهتان قد تكونان مرشحتان كنقاط رد بالتنسيق مع روسيا لتحقيق خسائر كبيرة بمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط و شرق آسيا . و لا ننسى ان السلاح النووي قد يكون واردآ كخيار أخير لروسيا. عندها لن يبقى للقصة بقية.
هذه الحرب برأيي لن تنتهي بخاسر واحد و لن يخرج منها أي منتصر . الكل سيخسر ان انفلتت الأمور و الفارق بين النتائج لجميع الأطراف هو من سيخسر أكثر.
انا في الحقيقة انحو اكثر للتشاؤم من مجريات الأحداث في الأيام و الأسابيع القادمة.
لكن يبقى الأمل دومآ بأن تنتهي هذه الأزمة بأقل الخسائر.