رايس: روسيا سترتكب «خطأ فادحًا» إذا تدخلَت عسكريًّا فى أوكرانيا
سوزان رايس
رسالة واشنطن: توماس جورجيسيان
نشر: 25/2/2014 4:31 ص – تحديث 25/2/2014 4:31 ص
ماكين: الأوكرانيون يريدون أن يكونوا غربيين
السيناتور الأمريكى: بوتين فى حالة عصبية سيئة بسبب كييف.. ويصف موقف أوباما بـ«سذاجة غير مسبوقة»
واشنطن لم تكن تتوقع انتهاء المواجهة الدموية فى كييف بهذه السرعة. إلا أنها أيضا لا تتوقع (كما يبدو) أن أوكرانيا ستخرج من أزمتها بسرعة أو أنها ستسلك الطريق الصحيح للاستقرار السياسى والاقتصادى فى القريب العاجل. والشعور العام لدى أهل واشنطن وهم يتابعون تطور الأحداث فى أوكرانيا أن الانتقال نعم جاء عاجلا إلا أنه أتى ومعه عدم وضوح الرؤية لما يمكن فعله وتحقيقه فى الأيام والأسابيع المقبلة.
وقد كثَّفت الإدارة الأمريكية اتصالاتها يوم الأحد مع الاتحاد الأوروبى من أجل إيجاد صيغة سريعة وفاعلة من المساعدات المالية لأوكرانيا لكى تخرج من أزمتها الراهنة. كما أن إدارة أوباما لم تتردد (حسب تعبير بعض المراقبين) فى أن تمد يدها بغصن الزيتون إلى موسكو وتدعوها للمشاركة فى تلك الجهود. واشنطن ما زالت تراقب وتتابع الموقف «المتغير والمتقلب.. وغير محدد الملامح» فى أوكرانيا كما أنها قلقة وحذرة تجاه موسكو و«ما قد يأتى منها كرد فعل لما حدث فى كييف». والمسألة أكبر وأعمق وأعقد من مجرد خروج رئيس وهروبه والفساد المستشرى فى أوكرانيا. وتتضمن وتشمل قضايا ومواجهات و«مناطق نفوذ» و«مصالح جماعات حاكمة ومتحكمة فى الاقتصاد الأوكرانى» و«فلول النظام الشيوعى».. نشأت وتفرعت وترعرعت و«توحَّشت» و«تغوَّلت» منذ أن أصبحت أوكرانيا جمهورية مستقلة منفصلة عن الاتحاد السوفييتى سابقا.
وقالت سوزان رايس مستشارة الرئيس الأمريكى للأمن القومى فى حوار تليفزيونى صباح الأحد إن روسيا سترتكتب «خطأ فادحا» إذا تدخلت عسكريا فى أوكرانيا. وذكرت أنه فى المكالمة التليفونية التى أجراها الرئيس أوباما مع الرئيس الروسى بوتين يوم الجمعة اتفق الرئيسان على أن الاتفاق السياسى فى كييف يجب أن يضمن وحدة البلاد وحق الأوكرانيين فى التعبير عن إرادتهم الحرة. وردًّا على سؤال حول احتمال حدوث تدخل عسكرى روسى قالت رايس «بأن هذا سيكون خطأ فادحا.. وليس من مصلحة أوكرانيا أو روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة أن ترى أوكرانيا منقسمة». وأشارت رايس أيضا فى حوارها إلى أن الولايات المتحدة ستكثف تشاوراتها وجهودها فى الفترة المقبلة للتعاون مع أوروبا والمنظمات الدولية من أجل مساعدة الاقتصاد الأوكرانى. ووصفت حال الاقتصاد الأوكرانى بأنه «هش».
من جهة أخرى قال السيناتور الجمهورى جون ماكين وأحد مؤيدى «المعارضة الأوكرانية» إن تقسيم أوكرانيا هو «أمر غير مقبول على الإطلاق». وإن كان ماكين أكد من جديد أن الأوكرانيين حسب تعبيره «يريدون أن يكونوا غربيين.. ولا يريدون أن يكونوا شرقيين». وأشار ماكين إلى أن الرئيس بوتين غالبا فى حالة عصبية سيئة بسبب ما حدث فى كييف. وكان ماكين قد انتقد منذ أيام أيضا الرئيس أوباما واصفا موقفه من أوكرانيا بأنه يعكس سذاجة غير مسبوقة!!
وما لفت انتباه المراقبين فى العاصمة الأمريكية أن الإدارة كانت حريصة طوال يوم الأحد (مع انفراجة الأزمة) على إجراء تشاورات مكثفة مع نظيرتها فى موسكو. بل كانت حريصة أيضا على أن تعلن عن وجود واستمرار تلك التشاورات على كل المستويات ومنها الخارجية والمالية حتى تنفى ما تردد عن وجود «أجواء الحرب الباردة» ومن ثم «المواجهة الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو». وهذه الأجواء تحديدا كانت الموضوع المثار إعلاميا وسياسيا مع تفاقم الموقف الأوكرانى. ولذلك رأينا على شاشات التليفزيونات خبراء الاتحاد السوفييتى و«مرتزقة» الحرب الباردة يخرجون من جحورهم وكهوفهم للحديث عما يدور ويحدث فى أوكرانيا وسيناريوهات المواجهة ما بين بوتين وأوباما!!
وحسب ما ذُكر فى بعض التقارير الصحفية بخصوص المساعدات المالية لأوكرانيا فإن وزير المالية الأمريكى ناقش مع نظيره الروسى إمكانية قيام صندوق النقد ومعه جهات دولية أخرى بمساعدة أوكرانيا فى ظروفها الحالية. وأشارت التقارير إلى أن موسكو أبلغت واشنطن بأنها علَّقت فى الوقت الحالى الـ15 مليار دولار التى كانت قد وعدت بها فى السابق حكومة كييف حينما كانت تواجه المظاهرات والمعارضة فى الأسابيع الماضية. وكانت مستشارة الرئيس الأمريكى سوزان رايس قد أشارت فى حديثها التليفزيونى إلى التعامل القائم والمستمر مع روسيا فى ما يخص أوكرانيا قائلة: «علينا أن نكون براجماتيين للغاية ونحن نتعامل مع روسيا»، مضيفة «هناك مجالات عديدة يمكن أن نتعاون معهم فيها». ولا شك أن ما قيل وتردد ونُشر فى الأسابيع الماضية من تصريحات لمسؤولين أمريكيين وانتقادات موجهة إلى موسكو عديدة وقوية وأحيانا «غير دبلوماسية على الإطلاق». ولذلك ما قد نراه ونسمعه فى الفترة المقبلة سيكون أمرا شيقا ومثيرا للاهتمام خصوصًا أننا قد نشهد تراجعا فى مواقف ما ومواجهة فى مواقف أخرى من جانب واشنطن. خصوصا أن أوباما فى حيرته ثم تخبطه فى التعامل مع الملف الأوكرانى لم يختلف كثيرا عما فعله مع الملف السورى.
ولعل من أكثر الأمور المثيرة للاهتمام بخصوص الموقف الأمريكى فى التعامل مع الموقف الأوكرانى وانتفاضة المعارضة وثورة الميدان.. أن واشنطن، كما كانت، ما زالت تتخبط مع ملفات المعارضين للحكومات فى العالم. ومثلما كان الأمر فى ثورات «الربيع العربى» وتداعياتها فهى مترددة ومتخوفة ومتخبطة فى الوقوف مع التغيير الشامل وغالبا ما تكتفى بالقول إياه «إرادة الشعوب فى أن تختار ما تريد». الأزمة الأوكرانية مستمرة وفيها اختبار لواشنطن وموسكو.. والمواجهة أو التعاون بينهما.