الموصل قبل 100 عام*
ترجمة : سمير عبدالرحيم الجلبي
ترجمة : سمير عبدالرحيم الجلبي
الموصل مدينة في بلاد ما بين النهرين وعاصمة ولاية عثمانية وسنجق يحمل الاسم نفسه وتقع على الضفة اليمنى لنهر دجلة. يبلغ عدد سكانها 40 ألفا (31,500 مسلم و 7 آلاف مسيحي و1,500 يهودي). ـ
وفي الموصل، شأنها شأن بغداد، لا تغطي البنايات سوى جزء من المنطقة ضمن الأسوار وتغطي المقابر جزءا منها. وحتى الأسوار المشيدة من حجر الكلس الصلب حول المدينة القديمة متهدمة. ـ
ومن بوابات المدينة المستخدمة في الوقت الحاضر توجد خمس بوابات في الطرف الجنوبي وبوابتان في الطرف الغربي وبوابتان في الطرف الشمالي وهناك بوابة الجسر الكبير في الطرف الشرقي. ويعبر المسافر الذي يغادر المدينة خلال البوابة الأخيرة أولا جسرا حجريا يبلغ طوله 157 قدما ثم ما يشبه جزيرة ـ (140 قدما) التي يغمرها نهر دجلة في الربيع والصيف. وهناك قسم من النهر لا يمكن خوضه أحيانا ويمتد فوقه جسر من الزوارق وأثناء موسم انخفاض المياه تزرع الخضراوات لاسيما الرقي في الجزر والأجزاء الجافة من مجرى النهر. ـ
للمنطقة الداخلية من الموصل مظهر غير مهم إذ لم يبق سوى القليل من البنايات ومنها المسجد الكبير بمئذنته المائلة. وأغلب الشوارع رديئة التبليط وضيقة وثمة ساحة صغيرة في السوق تطل عليها مقاه. والدكاكين قليلة ورديئة. والصناعة، مقارنة مع العصور القديمة عندما كانت المدينة تصنع كميات كبيرة من قماش الموسلين الذي أعطى المدينة اسمه، قليلة الأهمية وشأنها شأن التجارة محصورة بأيدي التجار المحليين وقد تراجعت كثيرا وإن بقيت المدينة مركز الجمع والتوزيع لشمال بلاد ما بين النهرين وكردستان. وتمر معظم الصادرات ومعظم الواردات من خلال بغداد. ـ
وتشكل الموصل نقطة التقاء الطرق من حلب وديار بكر وشمالي وغربي فارس وبغداد. وتقع المدينة على خط السكة الحديد المخطط تشييده من اسطنبول إلى الخليج. ويصدر معظم العفص الذي يجمع من الأشجار على سفوح الجبال الكردية المجاورة ويستخدم بعضه العاملون المحليون في الصباغة وتصدر كذلك الجلود والشمع والقطن والصمغ. ـ
عاش المسلمون والمسيحيون معا في سلام أكثر من أي مكان آخر. ويشاطر الجميع النزعة الوطنية المحلية وهم يبجلون النبي جرجيس (القديس جورج) والنبي يونس الذي يقع قبره على تل على ضفة دجلة اليسرى. ـ
يتكلم سكان الموصل واحدة من لهجات اللغة العربية مع تأثيرات كردية وسريانية وتختلف كثيرا عن اللهجة العربية السائدة في بغداد. أكثرية المسيحيين من الكلدانيين الذين تحولوا من النسطورية إلى الكاثوليكية. وهناك كاثوليك سريان ويعاقبة. وكانت الموصل طوال عدة قرون مركزا للنشاط التبشيري الكاثوليكي لاسيما على يد الآباء الدومنيكان الذي أسسوا مدارس ومطابع. وثمة عدد قليل من البروتستانت وفي المدينة قنصليات بريطانية وفرنسية وروسية. ـ
تشاطر الموصل التغير الحاد في الحرارة التي يشهدها شمال بلاد ما بين النهرين. حرارة الصيف شديدة بينما يحدث الصقيع في الشتاء. غير أن المناخ يعد صحيا ومقبولا وتسقط الأمطار شتاء. يحصل السكان على مياه الشرب من نهر دجلة. وتوجد في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة عين كبريتية وعلى مسافة 4 فراسخ هناك عين ماء كبريتية في حمام العليل يقصدها المرضى. ـ
ربما تحتل الموصل موقع ضاحية جنوبية من مدينة نينوى القديمة. ويعني اسم المدينة "مكان الاتصال". ومن المؤكد أن مدينة تحمل اسم "الموصل" كانت قائمة في زمن الفتح الإسلامي (636 للميلاد). وقد وصلت المدينة أقصى ازدهارها في حوالي بداية انحطاط الخلافة العباسية وأصبحت عاصمة مستقلة بعض الوقت. وحكمت سلالة الحمدانيين في الموصل عام 934 وحكم العقيليون السوريون المدينة عام 990 وحكمها السلاجقة في القرن الحادي عشر وازدهرت المدينة في القرن الثاني عشر في ظل حكم الأتابكة خصوصا بدرالدين الزنكي. وحاصرها صلاح الدين الأيوبي عام 1182 ولم ينجح في فتحها. واحتل الفرس الموصل فترة قصيرة عام 1623 حتى استعادها السلطان العثماني مراد الرابع. ثم حكمها الباشوات الجليليون حتى أفلح الباب العالي في فرض نظام حكم مركزي أثناء القرن التاسع عشر بعد صراع شديد. ـ
تقع ولاية الموصل شرقي نهر دجلة وتقسم إلى 3 سناجق هي الموصل وشهرزور والسليمانية ويبلغ عدد سكانها 295 ألف نسمة (منهم 245 ألف مسلم و 15 ألف ايزيدي و 30 ألف مسيحي و 5 آلاف يهودي).ـ
* مقال نشر في الطبعة 11 من الموسوعة البريطانية المنشورة عام 1911
Mosul
عن موقع بيت الموصل
وفي الموصل، شأنها شأن بغداد، لا تغطي البنايات سوى جزء من المنطقة ضمن الأسوار وتغطي المقابر جزءا منها. وحتى الأسوار المشيدة من حجر الكلس الصلب حول المدينة القديمة متهدمة. ـ
ومن بوابات المدينة المستخدمة في الوقت الحاضر توجد خمس بوابات في الطرف الجنوبي وبوابتان في الطرف الغربي وبوابتان في الطرف الشمالي وهناك بوابة الجسر الكبير في الطرف الشرقي. ويعبر المسافر الذي يغادر المدينة خلال البوابة الأخيرة أولا جسرا حجريا يبلغ طوله 157 قدما ثم ما يشبه جزيرة ـ (140 قدما) التي يغمرها نهر دجلة في الربيع والصيف. وهناك قسم من النهر لا يمكن خوضه أحيانا ويمتد فوقه جسر من الزوارق وأثناء موسم انخفاض المياه تزرع الخضراوات لاسيما الرقي في الجزر والأجزاء الجافة من مجرى النهر. ـ
للمنطقة الداخلية من الموصل مظهر غير مهم إذ لم يبق سوى القليل من البنايات ومنها المسجد الكبير بمئذنته المائلة. وأغلب الشوارع رديئة التبليط وضيقة وثمة ساحة صغيرة في السوق تطل عليها مقاه. والدكاكين قليلة ورديئة. والصناعة، مقارنة مع العصور القديمة عندما كانت المدينة تصنع كميات كبيرة من قماش الموسلين الذي أعطى المدينة اسمه، قليلة الأهمية وشأنها شأن التجارة محصورة بأيدي التجار المحليين وقد تراجعت كثيرا وإن بقيت المدينة مركز الجمع والتوزيع لشمال بلاد ما بين النهرين وكردستان. وتمر معظم الصادرات ومعظم الواردات من خلال بغداد. ـ
وتشكل الموصل نقطة التقاء الطرق من حلب وديار بكر وشمالي وغربي فارس وبغداد. وتقع المدينة على خط السكة الحديد المخطط تشييده من اسطنبول إلى الخليج. ويصدر معظم العفص الذي يجمع من الأشجار على سفوح الجبال الكردية المجاورة ويستخدم بعضه العاملون المحليون في الصباغة وتصدر كذلك الجلود والشمع والقطن والصمغ. ـ
عاش المسلمون والمسيحيون معا في سلام أكثر من أي مكان آخر. ويشاطر الجميع النزعة الوطنية المحلية وهم يبجلون النبي جرجيس (القديس جورج) والنبي يونس الذي يقع قبره على تل على ضفة دجلة اليسرى. ـ
يتكلم سكان الموصل واحدة من لهجات اللغة العربية مع تأثيرات كردية وسريانية وتختلف كثيرا عن اللهجة العربية السائدة في بغداد. أكثرية المسيحيين من الكلدانيين الذين تحولوا من النسطورية إلى الكاثوليكية. وهناك كاثوليك سريان ويعاقبة. وكانت الموصل طوال عدة قرون مركزا للنشاط التبشيري الكاثوليكي لاسيما على يد الآباء الدومنيكان الذي أسسوا مدارس ومطابع. وثمة عدد قليل من البروتستانت وفي المدينة قنصليات بريطانية وفرنسية وروسية. ـ
تشاطر الموصل التغير الحاد في الحرارة التي يشهدها شمال بلاد ما بين النهرين. حرارة الصيف شديدة بينما يحدث الصقيع في الشتاء. غير أن المناخ يعد صحيا ومقبولا وتسقط الأمطار شتاء. يحصل السكان على مياه الشرب من نهر دجلة. وتوجد في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة عين كبريتية وعلى مسافة 4 فراسخ هناك عين ماء كبريتية في حمام العليل يقصدها المرضى. ـ
ربما تحتل الموصل موقع ضاحية جنوبية من مدينة نينوى القديمة. ويعني اسم المدينة "مكان الاتصال". ومن المؤكد أن مدينة تحمل اسم "الموصل" كانت قائمة في زمن الفتح الإسلامي (636 للميلاد). وقد وصلت المدينة أقصى ازدهارها في حوالي بداية انحطاط الخلافة العباسية وأصبحت عاصمة مستقلة بعض الوقت. وحكمت سلالة الحمدانيين في الموصل عام 934 وحكم العقيليون السوريون المدينة عام 990 وحكمها السلاجقة في القرن الحادي عشر وازدهرت المدينة في القرن الثاني عشر في ظل حكم الأتابكة خصوصا بدرالدين الزنكي. وحاصرها صلاح الدين الأيوبي عام 1182 ولم ينجح في فتحها. واحتل الفرس الموصل فترة قصيرة عام 1623 حتى استعادها السلطان العثماني مراد الرابع. ثم حكمها الباشوات الجليليون حتى أفلح الباب العالي في فرض نظام حكم مركزي أثناء القرن التاسع عشر بعد صراع شديد. ـ
تقع ولاية الموصل شرقي نهر دجلة وتقسم إلى 3 سناجق هي الموصل وشهرزور والسليمانية ويبلغ عدد سكانها 295 ألف نسمة (منهم 245 ألف مسلم و 15 ألف ايزيدي و 30 ألف مسيحي و 5 آلاف يهودي).ـ
* مقال نشر في الطبعة 11 من الموسوعة البريطانية المنشورة عام 1911
Mosul
عن موقع بيت الموصل