الناتو في أفغانستان‏..‏ خير يجب الاستفادة به وشر ينبغي تحجيمه‏!‏

مارشــال

خـــــبراء المنتـــــدى
إنضم
25 مايو 2008
المشاركات
24,408
التفاعل
41,277 35 0
الدولة
Egypt
تحقيق وتصوير‏:‏ يحيي غانم




44439_16m.jpg

احد الطرق التى يقوم الناتو ببنائها فى اقليم كونار الحدودى



‏132‏ كلم طرق‏=34.173+‏ تسعة جسور‏=6.9+16‏ مدرسة‏=3,220+20‏ عيادة‏=2,984+‏ ستة مراكز محلية‏=1,180+‏ مراكز تفتيش‏=4.36+‏ منشئات ثقافية‏=..4.6‏ هذه الأرقام ليست لوغاريتمات‏,‏ وانما هي ارقام توضح نوعية واعداد المشروعات التي تقوم بها قوة المساعدة الأمنية الدولية في اقليم كونار الافغاني الحدودي المتاخم لمنطقة القبائل العازلة بين افغانستان وباكستان‏,‏ وتكلفتها بالدولار‏.‏ هذه المشرعات تركز علي دعم البنية الاساسية للاقليم‏,‏ في ذات الوقت الذي تهتم فيه بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية‏,‏ وقد يتساءل البعض ما علاقة قوة المساعدة الأمنية الدولية ايساف بهذه المشروعات المدنية؟

الاجابة سهلة‏,‏ فببساطة ادرك الجميع ان العمليات القتالية لن تجلب سلاما وأمنا دائما في افغانستان‏,‏ وانما تنمية المجتمع ودعم بنيته الاساسية اقتصاديا وبشريا‏,‏ هي التي يمكن ان تؤدي إلي هذه النتيجة‏,‏ ولكن كيف لهذه القوة المقاتلة القيام بهذه المشروعات المدنية؟ مرة ثانية الاجابة اسهل من الأولي‏,‏ فقد قامت ايساف بتشكيل فرق اعمار في الاقاليم‏,‏ بلغ عددها حاليا‏26‏ فريقا موزعة علي خمس مناطق قيادات اقليمية رئيسية في الشمال والجنوب والشرق والغرب‏,‏ بالاضافة إلي قيادة منطقة العاصمة كابول‏,‏ وهي المناطق الخمس التي تغطي الاقاليم الـ‏34‏ التي تتكون منها افغانستان‏.‏

وحيث ان بعض الدول الخمسين المشاركة في قوة ايساف اشترطت عدم المشاركة في العمليات القتالية‏,‏ فإنه تم اناطة مسئولية بعض من فرق الاعمار الاقليمي ببعض من الدول المشاركة في قوة الحماية الأمنية الدولية‏,‏ وان كانت غالبية هذه الفرق تنهض بها الولايات المتحدة‏,‏ باعتبارها هي التي قادت حملة الغزو والسيطرة علي افغانستان‏.‏ فعلي سبيل المثال‏:‏ نجد في منطقة القيادة الشرقية المواجهة للمنطقة القبلية المتاخمة لباكستان‏13‏ فريقا للإعمار‏,‏ من بينهم فريق نيوزيلندي وهو مسئول عن اقليم باميان‏,‏ وآخر تشيكي المسئول عن لوجار‏,‏ وثالث تركي المسئول عن اقليم وارداك‏

في حين ان العشر فرق الباقية في مختلف اقاليم الشرق تتولي مسئوليتهم الولايات المتحدة‏,‏ وذلك باجمالي عدد عاملين من العسكريين والمدنيين يبلغ‏16500.‏ اما في الجنوب‏,‏ حيث الأوضاع الأمنية المضطربة فبالرغم من انه تم حصر فرق الاعمار في اربعة مراكز فقط‏,‏ إلا اننا نجد ان عدد العاملين بها يصل إلي‏24‏ الف شخص‏!‏ وفي الجنوب نجد امريكا وقد انفردت بولاية موسي قلعة‏,‏ في حين توزعت الأربعة الباقية علي كندا وبريطانيا وهولندا‏,‏ وهو نفس التقسيم في قيادة الغرب‏,‏ حيث تشرف امريكا علي فريق واحد في اقليم فرح‏

في حين تتوزع الثلاث الباقية علي كل من اسبانيا وايطاليا وليتوانيا‏,‏ وذلك بقوة تبلغ‏2500‏ شخص‏,‏ اما في قيادة الشمال ـ الهادي امنيا إلي حد كبير ـ فتختفي الولايات المتحدة تماما من فرق الاعمار الخمس الموجودة هناك‏,‏ والتي تتوزع علي كل من السويد والمانيا والنرويج والمجر‏,‏ وذلك بقوة عمل اجمالية تبلغ‏4300‏ فرد‏.‏ وتتمثل مهمة فرق الاعمار الاقليمي في القيام بعمليات من شأنها بسط سيادة وشرعية الحكومة علي كامل ربوع افغانستان‏,‏ وذلك من خلال الترويج للحكم الرشيد والعدالة‏,‏ وتمكين جهاز الأمن الافغاني من خلال التدريب والمراقبة‏

وتسهيل الإعمار والتنمية والنمو الاقتصادي بما يكفل في النهاية إيجاد ظروف للاعتماد علي الذات وبيئة مستقرة امنة‏.‏ وقد قام كاتب هذه السطور بتفقد طريق من الطرق الذي كاد ينتهي العمل به‏,‏ كما قام بتفقد مدرسة الحرف في اقليم كونار التي تم بناء مبني جديد لها‏,‏ بالاضافة علي اعادة تأهيل مبني قديم مجاور له‏,‏ لكي تضم المدرسة‏150‏ طالبا كل عشرة منهم ينتمون إلي منطقة من المناطق الـ‏15‏ في الاقليم‏.‏ المدرسة تجري برامج التدريب فيها مدة ثلاثة شهور‏,‏ وتوفر فرصة عمل فيما بعد التدريب‏,‏ وتمنح المتدربين مصروف اعاشة‏,‏ والدراسة داخلية‏.‏

كوماندرو بيل ـ من القوات البحرية الأمريكية وقائد فريق اعمار اقليم كونار ـ يقول لـ الأهرام ان المشروعات التي نقوم بها توفر العمل‏,‏ وفرصة لتعلم حرفة‏,‏ ودخل ثابت‏,‏ وهي المشروعات التي في كثير من الأحيان تقوم وكالة التنمية الدولية الأمريكية بتمويلها وادارتها‏,‏ في حين تقوم فرق الاعمار ببناء المباني وتجهيزها‏,‏ ونموذج علي ذلك مدرسة تعليم الحرف في كونار‏..‏ ويضيف القائد الأمريكي‏,‏ نحن نطبق مبدأ إيجاد الطلب علي العمل‏ ,‏ ثم توفيره علي الفور‏,‏ محاولين ان نوضح للأهالي ان الحكومة هي افضل خيار لهم‏,‏ من خلال اقامة المشروعات‏,‏ بل ومساعدتهم علي اقامة مشروعات صغيرة‏,‏

وأوضح ان دعم قدرة الناس علي الاختيار الحر‏,‏ ثم توفير هذه الخيارات يجعل من الصعب علي المتمردين فرض ارادتهم علي المواطنين‏.‏ وبالرغم من لفت كاتب هذه السطور نظر القائد لوجود تشكيل قتالي ضمن هيكل فرق اعادة الاعمار إلا ان قائد فريق كونار أكد‏,‏ نحن لم نأت هنا كي نقاتل‏,‏ وانما لمساعدة المواطنين علي بناء مجتمعهم من ناحية‏,‏ وعزل العدو وحرمانه من هذه التنمية من ناحية اخري‏,‏ بهدف حثه علي النزول من الجبال وطلب المصالحة مع الحكومة‏.‏ وحيث ان هذه الاستراتيجية تحمل الكثير من الذكاء‏

فقد كان السؤال التالي عن اعداد المعتصمين بالجبال من المتعاطفين والناشطين مع طالبان ممن نجحت هذه المشروعات في انهاء اعتصامهم ونزولهم إلي الوديان للتصالح‏,‏ فكان جواب الرجل مشجعا للوهلة الأولي‏,‏ حيث قال‏:‏ لقد تم اجراء مصالحة مع مائتين من المتمردين منذ عامين‏,‏ إلا ان العام الحالي شهد مايقرب من ثلاثين مصالحة فقط‏.‏ النصف الأول من الاجابة كان مشجعا للغاية في حين جاء النصف الثاني اقل تشجيعا‏,‏ فالمفترض ان يزداد عدد المصالحات لا ان يتراجع وهو ما قد يشير إلي حدوث خلل ما يجب مراجعته‏.‏

الغريب ان الرجل أكد لي ان اعنف المعارك التي شهدها الاقليم كانت في الفترة من يونيو‏2007‏ وحتي أكتوبر الماضي‏,‏ وان الوضع بصفة عامة هادئ في الاقليم‏,‏ وذلك بالرغم من ان اليوم السابق لحديثه هذا في منتصف يوليو‏,‏ تصادف وقوع هجوم علي موقع قتالي متقدم للقوات الدولية‏,‏ والذي اسفر عن مصرع تسعة من الجنود الأمريكيين علي الأقل وجرح عدد آخر غير محدد‏.‏ وبالرغم من اهمية المشروعات التي تتولي فرق الإعمار الدولية اقامتها‏,‏ إلا انه تبقي الطرق والجسور اهم هذه المشروعات علي الاطلاق من الناحتين الاقتصادية والأمنية‏

بالاضافة إلي كونها الاضخم من حيث الجهد والتكلفة‏,‏ وهو الأمر الذي جعل من التركيز علي استعراض هذه المشروعات يبدو مبررا‏.‏ إلا ان ملحوظة عنت لكاتب هذه السطور‏,‏ والتي تمثلت في طول الطرق التي انشئت والتي تحت الانشاء في اقليم كونار‏,‏ ناهيك عن المواصفات القياسية العالية للبعض منها‏,‏ خاصة ان معظمها يشق جبالا عاتية عملاقة‏,‏ وذلك بالمقارنة مع ما بدا من تكلفة منخفضة نسبيا‏!‏ فكان السؤال التالي‏:‏ هل انتم تبنون هذه الطرق من الصفر‏,‏ ام ان بعضها كان قائما وتقومو باعادة تأهيله؟ وأليس بعض من هذه الطرق اقامة الاتحاد السوفيتي اثناء احتلاله افغانستان؟‏!‏

مرت ثوان قبل ان تأتي الاجابة كالتالي‏:‏ بالفعل نحن نعيد تأهيل طرق‏,‏ ونقوم بتوسيع ثانية‏,‏ وننشيء طرقا ثالثة ليس في كونار فقط ولكن في العديد من الأقاليم وبالفعل هناك طرق أنشأها السوفيت في كونار ونحن نقوم بإعادة تأهيل بعضها وأخري نقوم بتوسعتها ولكن عددها قليل اذا ما قيس بعدد الطرق التي اقاموها في الجنوب‏,‏ واذا ما قيس بما نقوم نحن بانشائه‏.‏ واذا كنت أحمد للمسئولين الأمريكيين صدقهم فيما يتعلق بملحوظة ما قام به السوفيت خلال عشر سنوات هي زمن الاحتلال من بنية اساسية في افغانستان‏

تتمثل في العديد من الطرق والجسور والصناعات والمجتمعات السكنية‏,‏ ناهيك عن بناء جيش افغاني قوي‏,‏ وجهاز أمني علي كفاءة عالية حمل اسم خاد فاننا نأمل في ان يقوم التحالف الدولي بعد ان أتم عامه السابع من الوجود في افغانستان بان تتجاوز انجازاته في البنية الاساسية ما قام به الاتحاد السوفيتي السابق‏.‏

الشاهد أن الوجود الدولي في افغانستان بقيادة الولايات المتحدة ليس شرا مطلقا كما انه ليس بالخير المطلق‏,‏ فهو يأخذ استراتيجيا وامنيا واقتصاديا علي الصعيد القطري الافغاني‏,‏ وعلي الصعيد الاقليمي في اسيا الوسطي‏,‏ اضعاف ما يقدمه فعليا‏,‏ وهو الشيء المفهوم والمقبول بحدود وبشرط ان يحسن الافغان انتهاز واستغلال انجازات التحالف علي الاراضي الافغانية‏.‏ والتحالف الدولي ـ بهذا الشكل ـ لايختلف عن القوي الكبري التي مرت علي افغانستان منذ فجر التاريخ‏,‏ والتي اخذت بعضها الكثير‏.‏ وقدمت النذر القليل‏

في حين قدمت قوي أخري الكثير واخذت الفتات‏,‏ اما قوي ثالثة فقد منحت كل شيء واخذت كل شيء‏!‏ والاتحاد السوفيتي يعد مثالا علي القوي التي قدمت الكثير واخذت القليل الذي انتهي بها إلي الانهيار‏,‏ في حين تأتي بريطانيا نموذجا للقوي التي قدمت القليل وحصلت علي الكثير‏.‏ من ناحية أخري‏,‏ فانه علي التحالف الدولي ان يضاعف من انجازاته الايجابية في افغانستان‏,‏ وذلك في الوقت الذي يجب فيه علي الافغان حسن الاستفادة من هذه الانجازات‏,‏ وذلك بعيدا عن نظرة البعض منهم لكون هذا الوجود احتلالا من عدمه‏,‏

وألا يكرروا الخطأ القاتل بتدمير الحسنة الوحيدة التي تركها الاحتلال السوفيتي والتي تمثلت في حد ادني من بنية اساسية جيدة‏.‏ ولعله من بين الحوافز المهمة لحث التحالف الدولي علي مضاعفة انجازاته‏,‏ وجود فصائل افغانية مناوئة له ستدفعه دائما لتقليل سلبيات وجوده في افغانستان‏.‏ اما نموذج القوة التي قدمت كل شيء وأخذت في المقابل كل شيء فكان العرب المسلمون الاوائل الذين قدم آلاف منهم ارواحهم فداء نشر العقيدة في تلك البلاد التي قاتلهم شعبها بضراوة وبسالة علي مدار مائة عام‏,‏ وذلك قبل ان يقتنعوا بالإسلام نظاما اجتماعيا يخلصهم من عبودية نظام اجتماعي جائر فرضته دياناتهم السابقة‏.‏

اما المقابل الذي حصل عليه العرب نظير ذلك‏,‏ فيتضمن ـ ضمن ما يتضمن ـ عشرات من علماء الافغان الذين بزوا العرب انفسهم في العلوم الشرعية واللغوية والوضعية بالاضافة إلي الجائزة الكبري التي حصل عليها العرب‏,‏ والتي هي أغلي ما ما يمكن ان يمنحه الافغاني لغريب عنه‏,‏ ألا وهو الحب والتقدير لقد قدم العرب المسلمون الاوائل للافغان كل شيء‏,‏ فحصلوا في المقابل علي كل شيء‏,‏ وهذه قصة اخري لها تأثيراتها علي مجريات الصراع في افغانستان‏,‏ ولها ان تروي‏...‏


 
الناتو يرتكب جرائم بحق الاطفال والنساء بحجة ملاحقة القاعدة شى مستفز ولا ننال منها غير الاعتزار
 
والله أزمة العراق غطت على مايحدث في أفغانستان
 
عودة
أعلى