مصانع الاسلحة والمدافع بالقلعة
راى محمد علي بثاقب نظره ان انشاء جيش يحمي الديار امرا لا قوام له الا بان يجد كفايته من السلاح والذخيرة والمدافع في داخل البلاد، اذ الاعتماد على جلب السلاح من الخارج يعرض قوة الدفاع الوطني للخطر ويجعل الجيش والبلاد تحت رحمة الدول الاجنبية، لذلك بذل جهده في انشاء مصانع الاسلحة في مصر، فاسس قائد المدفعية ادهم بك ترسانة القلعة لصنع الاسلحة وصب المدافع، وتولى ادارتها.
وقد حدث في القلعة حريق هائل سنة 1824 امتد الى مخزن البارود فخرب معظم الترسانة وتخرب نحو خمسين منزلا من المنازل المجاورة للقلعة ومات في هذه الكارثة نحو اربعة الاف نفس.
ويقول المسيو مانجان ان ترسانة القلعة لم تكن شيئا مذكورا الى سنة 1827، ولكنها عظمت واتسعت ارجاؤها بمضي الزمن فصارت معاملها تمتد من قصر صلاح الدين الى باب الانكشارية الذي يطل على ميدان الرميلة.
وكان بها 900 من العمال لصنع الاسلحة، ويصنع فيها كل شهر من 600 الى 650 بندقية، تتكلف كل بندقية اثنى عشر قرشا مصريا، ويدفع لرؤساء العمال مرتبات ثابتة، اما العمال الاخرون فتدفع لهم اجور يومية.
وكان بها قسم خاص لصنع زناد البنادق، والسيوف والرماح للفرسان، وحقائب الجنود، وحمائل السيوف، وكل ما يلزم لتسليح الجنود من المشاة والفرسان وحيلة الخيل من اللجم والسروج وما اليها، وفيها مصنع واسع لعمل صناديق البارود ومواسير البنادق، ومصنع آخر لصنع الواح النحاس التي تستخدم لوقاية السفن الحربية.
وكان اهم مصناع الترسانة واكثرها عملا واولاها باسترعاء النظر معمل صب المدافع. تصنع فيه كل شهر ثلاثة مدافع او اربعة من عيار اربعة وثمانية ارطال، وتصنع فيه احيانا مدافع الهاون ذات الثماني بوصات ومدافع قطرها 24 بوصة.
ولا يقل عمال هذه الترسانة عن 1500 عامل وتستهلك فيها كل شهر كمية عظيمة من الفحم والحديد.
مخازن البارود والقنابل
اما مخازن البارود والقنابل فقد اعد لها محمد علي مكانا خاصة على سفح المقطم.
راي المارشال مارمون في ترسانة القلعة
وقد زار المارشال مارمون ترسانة القلعة سنة 1834 واعجب بنظامها واعمالها، وكتب عنها في رحلته ما يلي: "زرت دار الصناعة وعنيت بها فحصا وتقصيا، فالفيت البنادق التي تصنع فيها بالغة من الجودة مبلغ ما يصنع في معاملنا، وهي تصنع على الطراز الفرنسي، وتتخذ فيها الاحتياطات والوسائل التي نستعملها نحن لضمان جودة الاسلحة، وتتبع النظام نفسه الذي نتبعه نحن في تصريف العمل وتوزيعه والرقابة عليه، وكل ما يصنع فيها يعمل قطعة قطعة، ومعمل القلعة يضارع احسن معامل الاسلحة في فرنسا من حيث الاحكام والجودة والتدبير".
مصنع البنادق في الحوض المرصود
لم يتكف محمد علي بمصنع البنادق في القلعة،بل انشا في الحوض المرصود حوالي سنة 1831 معملا اخر لصنع البنادق، وكان من قبل معدا للنسيج، وقد تكلم عنه المسيو مانجان فقال ان محمد علي عهد بادارته الى رجل ايطالي من جنوه يسمى المسيو مارنجو، وقد تسمى باسم علي افندي، قال عنه: "وقد اكتسب خبرته يعمله في ترسانة القلعة تحت امرة ادهم بك، وقد اشتغل بجد وعزيمة وتخرج على يديه طائفة من الصناع مهروا في صنع البنادق على اختلاف طرازها".
وبلغ عدد عمال الحوض المرصود حوالي سنة 1837 1200 من بين صناع ورؤساء عمال يصنعون في الشهر نحو 900 بندقية من مختلف الانواع والاشكال، فمنها ما هو للمشاة ومنها ما هو للفرسان وللطوبجية على الطراز المتبع في الجيش الفرنسي ،وكذلك الحال في معامل القلعة.
ومتوسط ما تتكلفه البندقية اربعون قرشا اي بازيد مما تتكلفه البندقية التي تصنع في ترسانه القلعة بثمانية وعشرين قرشا، وقد سال المسيو مانجان عن سبب هذا الفرق، فقيل له ان ذلك راجع الى الفرق في عدد العمال وكمية الفحم والحديد في كلا المصنعين، على انه لم يقنع بهذا السبب.
وكانت تعمل تجربة المدافع في كل اسبوع، وقد لاحظ المسيو مانجان ان الحديد الذي كانت تصب منه المدافع التي شاهدها سنة 1837 من نوع غير جيد، فكانت النتيجة ان يستغني عن خمس عدد المدافع المصنعة لانه لم يحتمل التجربة، قال: واذا كان الحديد من النوع الجيد الواجب استعماله لا تتجاوز الكمية الملغاة منه السدس.
ويقول ان البنادق التي تصنع في معامل القلعة والحوض المرصود كانت صناعتها جيدة، ولا يستطيع الانسان ان يلحظ عيبا في صناعتها الا اذا كان على خبرة بسر الصنعة، والعيوب اتية على الارجح من نوع الحديد لا من عدم مهارة الصناع.
وقد ذكر المارشال مارمون في رحلته انه شاهد مصنعا ثالثا للاسلحة في ضواحي القاهرة وان المصانع الثلاثة تصنع في السنة 36 ألف بندقية عدا الطبنجات والسيوف.
معامل البارود
واقيم معمل البارود في المقياس بطرف جزيرة الروضة، وكان بناؤه فسيحا ومناسبا وبعيدا عن المساكن، وتولى العمل تسعون عاملا موزعا على اقسام المعمل، منهم 18 عاملا كانوا يشتغلون في خلط الكبريت والفحم وملح البارود و21 عاملا يشتغلون في تقليب البارود في الطواحين وعددها عشرة، ولكل طاحون عشرون مدقة، تحركها عشر آلات تديرها البغال ويقودها عشرة رجال، واربعون عاملا يشتغلون في صنع الرش ويصنع منه كل يوم 35 قنطارا.
وكان يصنع البارود بطريقة التبخير، وهذه الطريقة اوفر من طريقة النار.
وقد تعددت معامل البارود في مصر وكانت تسمى (كهرجالات) وهاك اسماءها ومقدار الناتج منها سنة 1833:
راى محمد علي بثاقب نظره ان انشاء جيش يحمي الديار امرا لا قوام له الا بان يجد كفايته من السلاح والذخيرة والمدافع في داخل البلاد، اذ الاعتماد على جلب السلاح من الخارج يعرض قوة الدفاع الوطني للخطر ويجعل الجيش والبلاد تحت رحمة الدول الاجنبية، لذلك بذل جهده في انشاء مصانع الاسلحة في مصر، فاسس قائد المدفعية ادهم بك ترسانة القلعة لصنع الاسلحة وصب المدافع، وتولى ادارتها.
وقد حدث في القلعة حريق هائل سنة 1824 امتد الى مخزن البارود فخرب معظم الترسانة وتخرب نحو خمسين منزلا من المنازل المجاورة للقلعة ومات في هذه الكارثة نحو اربعة الاف نفس.
ويقول المسيو مانجان ان ترسانة القلعة لم تكن شيئا مذكورا الى سنة 1827، ولكنها عظمت واتسعت ارجاؤها بمضي الزمن فصارت معاملها تمتد من قصر صلاح الدين الى باب الانكشارية الذي يطل على ميدان الرميلة.
وكان بها 900 من العمال لصنع الاسلحة، ويصنع فيها كل شهر من 600 الى 650 بندقية، تتكلف كل بندقية اثنى عشر قرشا مصريا، ويدفع لرؤساء العمال مرتبات ثابتة، اما العمال الاخرون فتدفع لهم اجور يومية.
وكان بها قسم خاص لصنع زناد البنادق، والسيوف والرماح للفرسان، وحقائب الجنود، وحمائل السيوف، وكل ما يلزم لتسليح الجنود من المشاة والفرسان وحيلة الخيل من اللجم والسروج وما اليها، وفيها مصنع واسع لعمل صناديق البارود ومواسير البنادق، ومصنع آخر لصنع الواح النحاس التي تستخدم لوقاية السفن الحربية.
معمل صب المدافع
وكان اهم مصناع الترسانة واكثرها عملا واولاها باسترعاء النظر معمل صب المدافع. تصنع فيه كل شهر ثلاثة مدافع او اربعة من عيار اربعة وثمانية ارطال، وتصنع فيه احيانا مدافع الهاون ذات الثماني بوصات ومدافع قطرها 24 بوصة.
ولا يقل عمال هذه الترسانة عن 1500 عامل وتستهلك فيها كل شهر كمية عظيمة من الفحم والحديد.
مخازن البارود والقنابل
اما مخازن البارود والقنابل فقد اعد لها محمد علي مكانا خاصة على سفح المقطم.
راي المارشال مارمون في ترسانة القلعة
وقد زار المارشال مارمون ترسانة القلعة سنة 1834 واعجب بنظامها واعمالها، وكتب عنها في رحلته ما يلي: "زرت دار الصناعة وعنيت بها فحصا وتقصيا، فالفيت البنادق التي تصنع فيها بالغة من الجودة مبلغ ما يصنع في معاملنا، وهي تصنع على الطراز الفرنسي، وتتخذ فيها الاحتياطات والوسائل التي نستعملها نحن لضمان جودة الاسلحة، وتتبع النظام نفسه الذي نتبعه نحن في تصريف العمل وتوزيعه والرقابة عليه، وكل ما يصنع فيها يعمل قطعة قطعة، ومعمل القلعة يضارع احسن معامل الاسلحة في فرنسا من حيث الاحكام والجودة والتدبير".
مصنع البنادق في الحوض المرصود
لم يتكف محمد علي بمصنع البنادق في القلعة،بل انشا في الحوض المرصود حوالي سنة 1831 معملا اخر لصنع البنادق، وكان من قبل معدا للنسيج، وقد تكلم عنه المسيو مانجان فقال ان محمد علي عهد بادارته الى رجل ايطالي من جنوه يسمى المسيو مارنجو، وقد تسمى باسم علي افندي، قال عنه: "وقد اكتسب خبرته يعمله في ترسانة القلعة تحت امرة ادهم بك، وقد اشتغل بجد وعزيمة وتخرج على يديه طائفة من الصناع مهروا في صنع البنادق على اختلاف طرازها".
وبلغ عدد عمال الحوض المرصود حوالي سنة 1837 1200 من بين صناع ورؤساء عمال يصنعون في الشهر نحو 900 بندقية من مختلف الانواع والاشكال، فمنها ما هو للمشاة ومنها ما هو للفرسان وللطوبجية على الطراز المتبع في الجيش الفرنسي ،وكذلك الحال في معامل القلعة.
ومتوسط ما تتكلفه البندقية اربعون قرشا اي بازيد مما تتكلفه البندقية التي تصنع في ترسانه القلعة بثمانية وعشرين قرشا، وقد سال المسيو مانجان عن سبب هذا الفرق، فقيل له ان ذلك راجع الى الفرق في عدد العمال وكمية الفحم والحديد في كلا المصنعين، على انه لم يقنع بهذا السبب.
وكانت تعمل تجربة المدافع في كل اسبوع، وقد لاحظ المسيو مانجان ان الحديد الذي كانت تصب منه المدافع التي شاهدها سنة 1837 من نوع غير جيد، فكانت النتيجة ان يستغني عن خمس عدد المدافع المصنعة لانه لم يحتمل التجربة، قال: واذا كان الحديد من النوع الجيد الواجب استعماله لا تتجاوز الكمية الملغاة منه السدس.
ويقول ان البنادق التي تصنع في معامل القلعة والحوض المرصود كانت صناعتها جيدة، ولا يستطيع الانسان ان يلحظ عيبا في صناعتها الا اذا كان على خبرة بسر الصنعة، والعيوب اتية على الارجح من نوع الحديد لا من عدم مهارة الصناع.
وقد ذكر المارشال مارمون في رحلته انه شاهد مصنعا ثالثا للاسلحة في ضواحي القاهرة وان المصانع الثلاثة تصنع في السنة 36 ألف بندقية عدا الطبنجات والسيوف.
معامل البارود
واقيم معمل البارود في المقياس بطرف جزيرة الروضة، وكان بناؤه فسيحا ومناسبا وبعيدا عن المساكن، وتولى العمل تسعون عاملا موزعا على اقسام المعمل، منهم 18 عاملا كانوا يشتغلون في خلط الكبريت والفحم وملح البارود و21 عاملا يشتغلون في تقليب البارود في الطواحين وعددها عشرة، ولكل طاحون عشرون مدقة، تحركها عشر آلات تديرها البغال ويقودها عشرة رجال، واربعون عاملا يشتغلون في صنع الرش ويصنع منه كل يوم 35 قنطارا.
وكان يصنع البارود بطريقة التبخير، وهذه الطريقة اوفر من طريقة النار.
وقد تعددت معامل البارود في مصر وكانت تسمى (كهرجالات) وهاك اسماءها ومقدار الناتج منها سنة 1833: