آلـقـذآئـف آلصآروخية ...
القذيفة الصاروخية missile جسم طائر يختلف عن الطائرة بأنه يحمل وقوده ومؤكسده اللذين يحتاجهما لتوليد الدفع والسرعات الضرورية لمتابعة مسار محدد. ويمكن أن تكون القذيفة صاروخاً مجنحاً يعمل داخل المجال الجوي أو صاروخاً بالستياً يعمل خارج الغلاف الجوي.
لمحة تاريخية
ابتكر الصينيون منذ القرن العاشر الميلادي ألعاباً نارية تعتمد على الدفع الصاروخي باستخدام مواد قابلة للاشتعال، مثل البارود، ضمن غلف من ورق مقوى. وفي أواخر القرن الثامن عشر استخدم الهنود صواريخ في ظروف من حديد زنة الواحد منها 3ـ6كغ لاحتواء الحشوة البارودية، وبلغ مداها1.5ـ2.5كم في حربهم ضد المستعمرين الإنكليز في حصار سيرنغ أباد وفي أوائل القرن 19أدخلت روسيا ودول أوربية أخرى صواريخ بحشوة بارودية مختلفة إلى تسليح القوات المسلحة والقوى البحرية. واستخدم الإنكليز صواريخ من هذا النوع في حربهم مع الدنمارك(1807ـ1814)، وفي معركة واترلو ضد قوات نابليون. كما استعملت الصواريخ في الحرب الروسية التركية (1877ـ1838). ومع تطور المدفعية المحلزنة السبطانة ودقة إصابتها قل استخدام الصواريخ تدريجياً حتى مرحلة ما بين الحربين العالميتين حين أخذت معظم الدول المتقدمة تطور أسلحتها الصاروخية نحو تحسين أدائها ودقة إصابتها. إلا أن الانطلاقة الرئيسية لتطوير الصواريخ وتصنيعها كانت خلال الحرب العالمية الثانية حيث قام الألمان بتطوير صواريخ مجنحة، مثل v-1 و v-2 كان مداها في حدود 100كم (الشكل 1)
الشكل (1) الصاروخ V-2
الشكل (2)
كما قام الاتحاد السوفييتي بتطوير راجمات للصواريخ تعمل بالوقود الصلب مداها في حدود 10ـ20كم، وزادوا في مداها تدريجياً (الشكل 2). كما طور قذائف صاروخية مضادة الدرع (RPG) تطلق من قاذف محمول على الكتف مداه نحو كيلومتر، وكان لهذه القذائف تأثير حاسم في حرب الدبابات، ومازالت تستخدم حتى اليوم.
احتد التنافس بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفييتي من جهة والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى في تطوير الصواريخ. وفاجأ الاتحاد السوفييتي العالم عام 1957 بإطلاق أول قمر صناعي (سبوتنيك) بوساطة صاروخ حامل يعمل بالوقود السائل. وتلا ذلك حملة محمومة من طرفي الحرب الباردة لتطوير الصواريخ المتعددة المراحل العابرة للقارات تحمل رأساً واحداً أو رؤوساً نووية عدة. وكذلك الصواريخ التي تستخدم لإطلاق السواتل التي يبلغ وزنها أطناناً عدة، إضافة إلى صواريخ قتالية ذكية عالية الدقة ذات توجيه ذاتي يصعب التشويش عليها. كذلك تم تطوير أنواع جديدة من الوقود الدافع السائل والصلب للحصول على دفع نوعي specific impulse أعلى.
ويتوافر اليوم أنواع كثيرة من الصواريخ التي تستخدم الوقود الصلب أو الوقود السائل أو كليهما وتستخدم في الأغراض العسكرية والمدنية وغزو الفضاء.
كما يعمل الباحثون على تطوير محركات دافعة ذرية يتم فيها تسخين الهدروجين بمفاعل نووي صغير. وسوف يستخدم هذا النوع من المحركات في رحلات الفضاء البعيدة بين الكواكب.
بنية القذائف الصاروخية
الصاروخ عامة هو منظومة معقدة تتألف من المركبات الرئيسية الآتية:
ـ المحرك والوقود الدافع.
ـ نظام التحكم والتوجيه.
ـ الهيكل وآليات فصل المراحل (في الصواريخ متعددة المراحل)
ـ الحمل المفيد (رأس حربي، ساتل، أجهزة قياس وغيرها..)
ـ نظام التغذية الكهربائية.
ـ يمكن تقسيم المحركات الصاروخية الدافعة في ثلاثة أنواع رئيسة:
ـ محركات دافعة تعمل بالوقود السائل.
ـ محركات دافعة تعمل بالوقود الصلب.
ـ محركات دافعة تعمل بتوليد الإيونات وتسريعها.
المحركات الدافعة التي تعمل بالوقود السائل:
يتألف هذا النوع من المحركات من خزان وقود (كيروسين،هدراسين، هدروجين سائل) ومن خزان للمؤكسد (أوكسجين سائل أو حمض الآزوت المدخن). يتم ضخ كل من الوقود والمؤكسد من الخزانين إلى غرفة الاحتراق باستمرار خلال عمل المحرك(الشكل 3). ونتيجة لاحتراق الوقود والمؤكسد تتشكل في غرفة الاحتراق غازات مرتفعة الضغط (20ـ30 ضغط جوي) والحرارة (في حدود 1200 ºC). ويتم تمرير هذه الغازات عبر نافث متقارب ـ متباعد يتولى تحويل طاقة الضغط والطاقة الحرارية إلى طاقة حركية، حيث تخرج غازات الاحتراق وقد انخفض ضغطها إلى ما يقرب من الضغط الجوي المحيط، ودرجة حرارتها إلى نحو 600درجة مئوية، وفي مقابل ذلك ترتفع سرعة انطلاقها إلى أضعاف سرعة الصوت. ونتيجة لخروج هذه الكمية من الغازات بهذه السرعة تتولد قوة دفع ارتكاس تدفع الصاروخ بكامله إلى الأمام. قد تكون فوهات النفث في بعض المحركات قابلة للتحريك حول المحور الطولي للصاروخ بهدف التحكم به، وغالباً ما يلجأ إلى تمرير الوقود عبر أقنية تحيط بالنافث من الخارج لتبريده من جهة ولتسخين الوقود قبل دخوله إلى غرفة الاحتراق من جهة أخرى لرفع مردود المحرك.
المحركات الدافعة التي تعمل بالوقود الصلب:
تتم في هذه المحركات التي تعمل على الوقود الدافع الصلب propellant استخدام حشوة دافعة صلبة داخل أسطوانة المحرك، وتكون إما ملتصقة بالجدار الداخلي لجسم المحرك بمادة لاصقة مناسبةbonded grain أو على شكل حشوة حرة داخل المحركfree grain(الشكل رقم 4).
الشكل (4) محرك وقود دافع صلب
للوقود الدافع الصلب أنواع متعددة أقدمها الوقود المتجانس (الكوادريت) الذي يعتمد على النيتروغليسرين المهدأ، وهناك أنواع من الوقود المركب، مثل بولي فينل PVC أو بولي يوريتان PU الممزوج بمادة مؤكسدة هي بركلورات الأمونيوم، ويتم حديثاً استخدام البولي بوتادين HTPB ممزوجاً بمادة بركلورات الأمونيوم وبعض المضافات وبودرة الألمنيوم.
ويتميز كل نوع من أنواع الوقود بما يسمى دفعه النوعي specific impulse الذي يمثل جداء القوة الدافعة التي يولدها المحرك مضروباً بزمن عمل المحرك مقسوماً على وزن الوقود الدافع. لا يتجاوز الدفع النوعي للوقود الدافع المتجانس 170ثانية في حين يصل الدفع النوعي للوقود للدافع بولي بوتادين إلى2605ثانية، ولصاروخ يستخدم الأوكسجين والهيدروجين إلى 400 ثانية مما يظهر كفاءة هذا النوع من الوقود.
وغالباً ما تكون قوة الدفع التي تولدها محركات الوقود السائل ثابتة الشدة؛ وذلك لصعوبة التحكم بإشعال الوقود والمؤكسد إذا ما تغيرت الغزارة، في حين يصبح هذا ممكناً بسهولة في محركات الوقود الصلب، وذلك عن طريق التحكم بسطح احتراق الوقود الدافع، إذ إن الدفع الذي يولده المحرك يتناسب مع سطح احتراق الحشو الدافعة والذي يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة حسب المتطلبات التصميمية؛ لأن سطح الاحتراق في الحشوات الحرة الأسطوانية ـ وليس لها ثقب داخلي أسطواني ـ يبقى ثابتاً عند احتراق الحشوة، وكذلك الحال في الاحتراق الجبهي للحشوة الأسطوانية، في حين يتم الاحتراق في الحشوات الأسطوانية ذات الثقب الأسطواني الداخلي بشكل متزايد يبدأ من سطح الاحتراق ومن ثم تزداد قوة الدفع مع الوقت.
وغالباً ما يتطلب التصميم أن يكون الدفع في البداية كبيراً، ثم يتناقص؛ ليتزايد من جديد، وهذا ما تحققه الحشوات الدافعة ذات الفتحة النجمية.
يتم إشعال مزيج الوقود والمؤكسد السائل بشمعة احتراق تولد شرارة كهربائية أو عن طريق نثر وسيط كيميائي مناسب في حين يستخدم لإشعال الوقود الدافع الصلب مشعل يتألف من مقاومة كهربائية يحيط بها مواد سريعة الاشتعال تولد حرارة عالية جداً، وتعمل على إشعال سطح الوقود الدافع لدى ملامستها له، فتولد غازات احتراق ضغطها في حدود 100 ضغط جوي، وتبلغ حرارتها نحو 1300درجة مئوية. ولدى مرور هذه الغازات في نافث المحرك (أنبوب متقارب - متباعد) يتم تحويل طاقة الضغط والطاقة الحرارية للغازات المنطلقة إلى طاقة حركية. تزداد سرعة نفث الغازات من فوهة النافث بضغط قريب من الضغط الجوي ودرجة حرارة لا تزيد على 500 درجة مئوية تصل إلى 1200م/ثا، مولداً قوة دفع ارتكاسية. ويتم أحياناً تزويد عنق النافث بقطعة مقاومة للحرارة (تنغستين، فحم غرافيتي) لحمايته من التآكل نتيجة مرور الغازات عبره بسرعة وحرارة عاليتين.
المحركات النووية الدافعة:
تجرى حالياً أبحاث لاستخدام الطاقة النووية في تطوير محركات دافعة تستخدم في رحلات الفضاء البعيدة (الشكل ـ5) حيث يتم تسخين الهدروجين لدى مروره في مفاعل نووي إلى درجات حرارة عالية تصل إلى 2500 درجة، ومن ثم ينفلت في نافث متقارب - متباعد خارجاً بسرعة كبيرة جداً مولداً الدفع المطلوب.وهناك توجهات لاستخدام ساحة كهرمغنطيسية تساعد على تسريع شوارد الهدروجين الخارجة من المفاعل وإعطائها سرعة كبيرة تزيد من طاقة الدفع الناتج.
محركات الوقود الهجين:
يتميز هذا النوع من المحركات بأنه يجمع بين مميزات كل من محركات الوقود الصلب والسائل، حيث يتم استخدام حشوة من الوقود الصلب عالي الطاقة ومجوفة في أسطوانة محرك الصاروخ، ولها فتحة داخلية يتم فيها ترذيذ المؤكسد السائل حيث يحدث الاحتراق. ويتوقف احتراق الحشوة عند إيقاف ضخ المؤكسد السائل وترذيذه، كما يتم التحكم بالدفع عن طريق التحكم بمعدل تدفق المؤكسد (الشكل6).
محركات الدفع الكهربائي:
في هذه المحركات يتم تأيين الغاز نتيجة تسخينه إلى درجات حرارة عالية ثم تحرير الإيونات عبر شبكة يطبق عليها فرق كمون مرتفع، مما يؤدي إلى تسارعها إلى سرعات كبيرة جداً مولدة الدفع الضروري. ولدى استخدام وقود دافع من ذرات أحادية العنصر، مثل السيزيوم أو الزئبق يكون المحرك محركاً دافعاً أيونياً. أما إذا كانت الكتل المتسارعة جزيئات صغيرة جداً (مجموعات من الجزيئات)فيكون الحديث عن محركات الدفع الكهركيميائي.
7ـ محركات الدفع الهدروديناميكي المغنطيسي MDD
يتميز هذا النوع من المحركات ببساطته مقارنة بمحركات الدفع الكهربائي، وبتوليد قوى دافعة أكبر بكثير. يتم توليد القوة الدافعة من خلال التأثير المتبادل للساحة المغنطيسية بين التيار الكهربائي الذي يمر خلال الوقود الغازي وبين ساحة مغنطيسية يولدها مغنطيس. (الشكل7).
رؤوس القذائف الصاروخية
تعد القذائف الصاروخية وسيلة دقيقة لإيصال حمولة معينة إلى نقطة معينة. هناك الصواريخ الحاملة للسواتل وللمكوك الفضائي. وهناك صواريخ تحمل رؤوساً حربية متفجرة أو متشظية، تنفجر فوق الهدف أو عليه أو داخله، وهناك رؤوس خارقة للدرع تحتوي على حشوة جوفاء تعمل عند انفجارها على تشكيل سيالة ذات سرعة كبيرة جداً ودرجة حرارة عالية جداً تقوم بصهر الدرع وخرقه عند اصطدامها به، كما توجد صواريخ عابرة للقارات وصواريخ راجعة تحمل رأساً واحداً أو رؤوساً نووية عدة. وتزود الرؤوس الحربية بمقدمة من مادة مقاومة ميكانيكياً، مثل التنغستين أو اليورانيوم المنضب أو الفحم الغرافيتي لزيادة قدرتها على خرق الدروع قبل انفجارها، ولجعلها تتحمل ارتفاع درجة الحرارة نتيجة الاحتكاك بالهواء عند العودة إلى الطبقات الكثيفة كالغلاف الجوي.
التحكم بالمسار
هناك ثلاثة أنواع من المسارات:
المسار الشاقولي الذي ينطلق الصاروخ فيه شاقولياً، والمسار المنحني الحر: حيث يطلق الصاروخ أو القذيفة الصاروخية بزاوية محددة نتيجة تشغيل المحرك الدافع، وبعد انتهاء مرحلة الدفع تكتسب القذيفة سرعتها العظمى، وتتابع مسارها بالعطالة متأثرةً بقوة الوزن والكبح راسمةً مساراً منحنياً له ارتفاع أعظمي (سهم المسار)، ثم يبدأ بالهبوط، وينتهي بالاصطدام بالهدف.
المسار المتحكم به: في هذا النوع من المسارات يكون للصاروخ أو القذيفة الصاروخية نظام تحكم يتولى توجيهه على مساره مقارنة إحداثيات الصاروخ الآنية بالمعطيات المزروعة في حاسوب نظام التحكم الذي يتحكم بجنيحات توجيه الصاروخ؛ لتولد قوى إيروديناميكية توجه الصاروخ إلى مساره المطلوب، أو عن طريق التحكم بالتبييتhoming حيث يحدد للصاروخ الهدف المطلوب التوجه إليه عن طريق صورة تلفزيونية أو حرارية أو رادارية أو عن طريق إشعاع صادر عن الهدف بحزمة ليزرية منعكسة ومتابعتها من قبل الصاروخ.
وهناك أيضاً صواريخ يمكن أن توجه سلكياً أو لاسلكياً بالنظر من قبل الرامي.
وهناك بعض الصواريخ المطورة تستخدم المنظومة الكونية لتحديد الموقع global positioning system (GPS) لتحديد وضعها الآني ومقارنتها بالوضع المطلوب المخزن في ذاكرتها مولدة أوامر تصحيح للصاروخ لإعادته إلى مساره المطلوب.
التشويش على الصواريخ
إن تطوير الصواريخ والتشويش عليها موضوعان متلازمان. فكلما زيد في تحسين قدرة الصواريخ الموجهة حرارياً وإمكانات التحكم بها؛ يجري تطوير نظام تشويش مناسب لتضليل تلك الصواريخ بتطوير منابع حرارية تصدر أمواجاً بأطوال موجية مناسبة وبشدة أقوى من الهدف، بحيث يتم صرف الصاروخ عن الهدف الفعلي إلى هذه المنابع. أما الصواريخ الموجهة تلفزيونياً فيتم التشويش عليها بتوليد غيمة من الدخان تحيط بالهدف وتعيق الرؤية. ويتم التعامل مع الصواريخ الموجهة ليزرياً بالطريقة نفسها، ولكن باستخدام أنواع خاصة من الدخان الماص للأشعة الليزرية. أما إذا كان الصاروخ موجهاً رادارياً فالتشويش عليه يتم عادة بإطلاق أعداد كبيرة من إبر أو قصاصات معدنية للتشويش ذات أطوال مناسبة، تولد سطحاً عاكساً كبيراً، وتخفي الهدف الأصلي خلفها. أما التشويش على الصواريخ الموجهة بوساطة السواتل، فأكثر تعقيداً بسبب صعوبة التشويش على الإشارات التي يلتقطها الصاروخ من الساتل الذي فوقه.
أما الصواريخ غير الموجهة أو المزودة بنظام تحكم عطالي داخلي فإن التشويش عليها غير ممكن لذلك شاع استخدامها في دول العالم الثالث.
القذيفة الصاروخية missile جسم طائر يختلف عن الطائرة بأنه يحمل وقوده ومؤكسده اللذين يحتاجهما لتوليد الدفع والسرعات الضرورية لمتابعة مسار محدد. ويمكن أن تكون القذيفة صاروخاً مجنحاً يعمل داخل المجال الجوي أو صاروخاً بالستياً يعمل خارج الغلاف الجوي.
لمحة تاريخية
ابتكر الصينيون منذ القرن العاشر الميلادي ألعاباً نارية تعتمد على الدفع الصاروخي باستخدام مواد قابلة للاشتعال، مثل البارود، ضمن غلف من ورق مقوى. وفي أواخر القرن الثامن عشر استخدم الهنود صواريخ في ظروف من حديد زنة الواحد منها 3ـ6كغ لاحتواء الحشوة البارودية، وبلغ مداها1.5ـ2.5كم في حربهم ضد المستعمرين الإنكليز في حصار سيرنغ أباد وفي أوائل القرن 19أدخلت روسيا ودول أوربية أخرى صواريخ بحشوة بارودية مختلفة إلى تسليح القوات المسلحة والقوى البحرية. واستخدم الإنكليز صواريخ من هذا النوع في حربهم مع الدنمارك(1807ـ1814)، وفي معركة واترلو ضد قوات نابليون. كما استعملت الصواريخ في الحرب الروسية التركية (1877ـ1838). ومع تطور المدفعية المحلزنة السبطانة ودقة إصابتها قل استخدام الصواريخ تدريجياً حتى مرحلة ما بين الحربين العالميتين حين أخذت معظم الدول المتقدمة تطور أسلحتها الصاروخية نحو تحسين أدائها ودقة إصابتها. إلا أن الانطلاقة الرئيسية لتطوير الصواريخ وتصنيعها كانت خلال الحرب العالمية الثانية حيث قام الألمان بتطوير صواريخ مجنحة، مثل v-1 و v-2 كان مداها في حدود 100كم (الشكل 1)
الشكل (1) الصاروخ V-2
الشكل (2)
كما قام الاتحاد السوفييتي بتطوير راجمات للصواريخ تعمل بالوقود الصلب مداها في حدود 10ـ20كم، وزادوا في مداها تدريجياً (الشكل 2). كما طور قذائف صاروخية مضادة الدرع (RPG) تطلق من قاذف محمول على الكتف مداه نحو كيلومتر، وكان لهذه القذائف تأثير حاسم في حرب الدبابات، ومازالت تستخدم حتى اليوم.
احتد التنافس بعد الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفييتي من جهة والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى في تطوير الصواريخ. وفاجأ الاتحاد السوفييتي العالم عام 1957 بإطلاق أول قمر صناعي (سبوتنيك) بوساطة صاروخ حامل يعمل بالوقود السائل. وتلا ذلك حملة محمومة من طرفي الحرب الباردة لتطوير الصواريخ المتعددة المراحل العابرة للقارات تحمل رأساً واحداً أو رؤوساً نووية عدة. وكذلك الصواريخ التي تستخدم لإطلاق السواتل التي يبلغ وزنها أطناناً عدة، إضافة إلى صواريخ قتالية ذكية عالية الدقة ذات توجيه ذاتي يصعب التشويش عليها. كذلك تم تطوير أنواع جديدة من الوقود الدافع السائل والصلب للحصول على دفع نوعي specific impulse أعلى.
ويتوافر اليوم أنواع كثيرة من الصواريخ التي تستخدم الوقود الصلب أو الوقود السائل أو كليهما وتستخدم في الأغراض العسكرية والمدنية وغزو الفضاء.
كما يعمل الباحثون على تطوير محركات دافعة ذرية يتم فيها تسخين الهدروجين بمفاعل نووي صغير. وسوف يستخدم هذا النوع من المحركات في رحلات الفضاء البعيدة بين الكواكب.
بنية القذائف الصاروخية
الصاروخ عامة هو منظومة معقدة تتألف من المركبات الرئيسية الآتية:
ـ المحرك والوقود الدافع.
ـ نظام التحكم والتوجيه.
ـ الهيكل وآليات فصل المراحل (في الصواريخ متعددة المراحل)
ـ الحمل المفيد (رأس حربي، ساتل، أجهزة قياس وغيرها..)
ـ نظام التغذية الكهربائية.
ـ يمكن تقسيم المحركات الصاروخية الدافعة في ثلاثة أنواع رئيسة:
ـ محركات دافعة تعمل بالوقود السائل.
ـ محركات دافعة تعمل بالوقود الصلب.
ـ محركات دافعة تعمل بتوليد الإيونات وتسريعها.
المحركات الدافعة التي تعمل بالوقود السائل:
يتألف هذا النوع من المحركات من خزان وقود (كيروسين،هدراسين، هدروجين سائل) ومن خزان للمؤكسد (أوكسجين سائل أو حمض الآزوت المدخن). يتم ضخ كل من الوقود والمؤكسد من الخزانين إلى غرفة الاحتراق باستمرار خلال عمل المحرك(الشكل 3). ونتيجة لاحتراق الوقود والمؤكسد تتشكل في غرفة الاحتراق غازات مرتفعة الضغط (20ـ30 ضغط جوي) والحرارة (في حدود 1200 ºC). ويتم تمرير هذه الغازات عبر نافث متقارب ـ متباعد يتولى تحويل طاقة الضغط والطاقة الحرارية إلى طاقة حركية، حيث تخرج غازات الاحتراق وقد انخفض ضغطها إلى ما يقرب من الضغط الجوي المحيط، ودرجة حرارتها إلى نحو 600درجة مئوية، وفي مقابل ذلك ترتفع سرعة انطلاقها إلى أضعاف سرعة الصوت. ونتيجة لخروج هذه الكمية من الغازات بهذه السرعة تتولد قوة دفع ارتكاس تدفع الصاروخ بكامله إلى الأمام. قد تكون فوهات النفث في بعض المحركات قابلة للتحريك حول المحور الطولي للصاروخ بهدف التحكم به، وغالباً ما يلجأ إلى تمرير الوقود عبر أقنية تحيط بالنافث من الخارج لتبريده من جهة ولتسخين الوقود قبل دخوله إلى غرفة الاحتراق من جهة أخرى لرفع مردود المحرك.
الشكل (3) محركات دافعة تستخدم الوقود السائل
المحركات الدافعة التي تعمل بالوقود الصلب:
تتم في هذه المحركات التي تعمل على الوقود الدافع الصلب propellant استخدام حشوة دافعة صلبة داخل أسطوانة المحرك، وتكون إما ملتصقة بالجدار الداخلي لجسم المحرك بمادة لاصقة مناسبةbonded grain أو على شكل حشوة حرة داخل المحركfree grain(الشكل رقم 4).
الشكل (4) محرك وقود دافع صلب
للوقود الدافع الصلب أنواع متعددة أقدمها الوقود المتجانس (الكوادريت) الذي يعتمد على النيتروغليسرين المهدأ، وهناك أنواع من الوقود المركب، مثل بولي فينل PVC أو بولي يوريتان PU الممزوج بمادة مؤكسدة هي بركلورات الأمونيوم، ويتم حديثاً استخدام البولي بوتادين HTPB ممزوجاً بمادة بركلورات الأمونيوم وبعض المضافات وبودرة الألمنيوم.
الشكل (5) محرك نووي دافع
الشكل (6) محرك نووي دافع
الشكل (7) محرك دافع هدروديناميكي مغنطيسي
ويتميز كل نوع من أنواع الوقود بما يسمى دفعه النوعي specific impulse الذي يمثل جداء القوة الدافعة التي يولدها المحرك مضروباً بزمن عمل المحرك مقسوماً على وزن الوقود الدافع. لا يتجاوز الدفع النوعي للوقود الدافع المتجانس 170ثانية في حين يصل الدفع النوعي للوقود للدافع بولي بوتادين إلى2605ثانية، ولصاروخ يستخدم الأوكسجين والهيدروجين إلى 400 ثانية مما يظهر كفاءة هذا النوع من الوقود.
وغالباً ما تكون قوة الدفع التي تولدها محركات الوقود السائل ثابتة الشدة؛ وذلك لصعوبة التحكم بإشعال الوقود والمؤكسد إذا ما تغيرت الغزارة، في حين يصبح هذا ممكناً بسهولة في محركات الوقود الصلب، وذلك عن طريق التحكم بسطح احتراق الوقود الدافع، إذ إن الدفع الذي يولده المحرك يتناسب مع سطح احتراق الحشو الدافعة والذي يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة حسب المتطلبات التصميمية؛ لأن سطح الاحتراق في الحشوات الحرة الأسطوانية ـ وليس لها ثقب داخلي أسطواني ـ يبقى ثابتاً عند احتراق الحشوة، وكذلك الحال في الاحتراق الجبهي للحشوة الأسطوانية، في حين يتم الاحتراق في الحشوات الأسطوانية ذات الثقب الأسطواني الداخلي بشكل متزايد يبدأ من سطح الاحتراق ومن ثم تزداد قوة الدفع مع الوقت.
وغالباً ما يتطلب التصميم أن يكون الدفع في البداية كبيراً، ثم يتناقص؛ ليتزايد من جديد، وهذا ما تحققه الحشوات الدافعة ذات الفتحة النجمية.
يتم إشعال مزيج الوقود والمؤكسد السائل بشمعة احتراق تولد شرارة كهربائية أو عن طريق نثر وسيط كيميائي مناسب في حين يستخدم لإشعال الوقود الدافع الصلب مشعل يتألف من مقاومة كهربائية يحيط بها مواد سريعة الاشتعال تولد حرارة عالية جداً، وتعمل على إشعال سطح الوقود الدافع لدى ملامستها له، فتولد غازات احتراق ضغطها في حدود 100 ضغط جوي، وتبلغ حرارتها نحو 1300درجة مئوية. ولدى مرور هذه الغازات في نافث المحرك (أنبوب متقارب - متباعد) يتم تحويل طاقة الضغط والطاقة الحرارية للغازات المنطلقة إلى طاقة حركية. تزداد سرعة نفث الغازات من فوهة النافث بضغط قريب من الضغط الجوي ودرجة حرارة لا تزيد على 500 درجة مئوية تصل إلى 1200م/ثا، مولداً قوة دفع ارتكاسية. ويتم أحياناً تزويد عنق النافث بقطعة مقاومة للحرارة (تنغستين، فحم غرافيتي) لحمايته من التآكل نتيجة مرور الغازات عبره بسرعة وحرارة عاليتين.
المحركات النووية الدافعة:
تجرى حالياً أبحاث لاستخدام الطاقة النووية في تطوير محركات دافعة تستخدم في رحلات الفضاء البعيدة (الشكل ـ5) حيث يتم تسخين الهدروجين لدى مروره في مفاعل نووي إلى درجات حرارة عالية تصل إلى 2500 درجة، ومن ثم ينفلت في نافث متقارب - متباعد خارجاً بسرعة كبيرة جداً مولداً الدفع المطلوب.وهناك توجهات لاستخدام ساحة كهرمغنطيسية تساعد على تسريع شوارد الهدروجين الخارجة من المفاعل وإعطائها سرعة كبيرة تزيد من طاقة الدفع الناتج.
محركات الوقود الهجين:
يتميز هذا النوع من المحركات بأنه يجمع بين مميزات كل من محركات الوقود الصلب والسائل، حيث يتم استخدام حشوة من الوقود الصلب عالي الطاقة ومجوفة في أسطوانة محرك الصاروخ، ولها فتحة داخلية يتم فيها ترذيذ المؤكسد السائل حيث يحدث الاحتراق. ويتوقف احتراق الحشوة عند إيقاف ضخ المؤكسد السائل وترذيذه، كما يتم التحكم بالدفع عن طريق التحكم بمعدل تدفق المؤكسد (الشكل6).
محركات الدفع الكهربائي:
في هذه المحركات يتم تأيين الغاز نتيجة تسخينه إلى درجات حرارة عالية ثم تحرير الإيونات عبر شبكة يطبق عليها فرق كمون مرتفع، مما يؤدي إلى تسارعها إلى سرعات كبيرة جداً مولدة الدفع الضروري. ولدى استخدام وقود دافع من ذرات أحادية العنصر، مثل السيزيوم أو الزئبق يكون المحرك محركاً دافعاً أيونياً. أما إذا كانت الكتل المتسارعة جزيئات صغيرة جداً (مجموعات من الجزيئات)فيكون الحديث عن محركات الدفع الكهركيميائي.
7ـ محركات الدفع الهدروديناميكي المغنطيسي MDD
يتميز هذا النوع من المحركات ببساطته مقارنة بمحركات الدفع الكهربائي، وبتوليد قوى دافعة أكبر بكثير. يتم توليد القوة الدافعة من خلال التأثير المتبادل للساحة المغنطيسية بين التيار الكهربائي الذي يمر خلال الوقود الغازي وبين ساحة مغنطيسية يولدها مغنطيس. (الشكل7).
رؤوس القذائف الصاروخية
تعد القذائف الصاروخية وسيلة دقيقة لإيصال حمولة معينة إلى نقطة معينة. هناك الصواريخ الحاملة للسواتل وللمكوك الفضائي. وهناك صواريخ تحمل رؤوساً حربية متفجرة أو متشظية، تنفجر فوق الهدف أو عليه أو داخله، وهناك رؤوس خارقة للدرع تحتوي على حشوة جوفاء تعمل عند انفجارها على تشكيل سيالة ذات سرعة كبيرة جداً ودرجة حرارة عالية جداً تقوم بصهر الدرع وخرقه عند اصطدامها به، كما توجد صواريخ عابرة للقارات وصواريخ راجعة تحمل رأساً واحداً أو رؤوساً نووية عدة. وتزود الرؤوس الحربية بمقدمة من مادة مقاومة ميكانيكياً، مثل التنغستين أو اليورانيوم المنضب أو الفحم الغرافيتي لزيادة قدرتها على خرق الدروع قبل انفجارها، ولجعلها تتحمل ارتفاع درجة الحرارة نتيجة الاحتكاك بالهواء عند العودة إلى الطبقات الكثيفة كالغلاف الجوي.
التحكم بالمسار
هناك ثلاثة أنواع من المسارات:
المسار الشاقولي الذي ينطلق الصاروخ فيه شاقولياً، والمسار المنحني الحر: حيث يطلق الصاروخ أو القذيفة الصاروخية بزاوية محددة نتيجة تشغيل المحرك الدافع، وبعد انتهاء مرحلة الدفع تكتسب القذيفة سرعتها العظمى، وتتابع مسارها بالعطالة متأثرةً بقوة الوزن والكبح راسمةً مساراً منحنياً له ارتفاع أعظمي (سهم المسار)، ثم يبدأ بالهبوط، وينتهي بالاصطدام بالهدف.
المسار المتحكم به: في هذا النوع من المسارات يكون للصاروخ أو القذيفة الصاروخية نظام تحكم يتولى توجيهه على مساره مقارنة إحداثيات الصاروخ الآنية بالمعطيات المزروعة في حاسوب نظام التحكم الذي يتحكم بجنيحات توجيه الصاروخ؛ لتولد قوى إيروديناميكية توجه الصاروخ إلى مساره المطلوب، أو عن طريق التحكم بالتبييتhoming حيث يحدد للصاروخ الهدف المطلوب التوجه إليه عن طريق صورة تلفزيونية أو حرارية أو رادارية أو عن طريق إشعاع صادر عن الهدف بحزمة ليزرية منعكسة ومتابعتها من قبل الصاروخ.
وهناك أيضاً صواريخ يمكن أن توجه سلكياً أو لاسلكياً بالنظر من قبل الرامي.
وهناك بعض الصواريخ المطورة تستخدم المنظومة الكونية لتحديد الموقع global positioning system (GPS) لتحديد وضعها الآني ومقارنتها بالوضع المطلوب المخزن في ذاكرتها مولدة أوامر تصحيح للصاروخ لإعادته إلى مساره المطلوب.
صاروخ فضائي (مارتن)
صاروخ عابر للقارات
صاروخ عابر للقارات
إن تطوير الصواريخ والتشويش عليها موضوعان متلازمان. فكلما زيد في تحسين قدرة الصواريخ الموجهة حرارياً وإمكانات التحكم بها؛ يجري تطوير نظام تشويش مناسب لتضليل تلك الصواريخ بتطوير منابع حرارية تصدر أمواجاً بأطوال موجية مناسبة وبشدة أقوى من الهدف، بحيث يتم صرف الصاروخ عن الهدف الفعلي إلى هذه المنابع. أما الصواريخ الموجهة تلفزيونياً فيتم التشويش عليها بتوليد غيمة من الدخان تحيط بالهدف وتعيق الرؤية. ويتم التعامل مع الصواريخ الموجهة ليزرياً بالطريقة نفسها، ولكن باستخدام أنواع خاصة من الدخان الماص للأشعة الليزرية. أما إذا كان الصاروخ موجهاً رادارياً فالتشويش عليه يتم عادة بإطلاق أعداد كبيرة من إبر أو قصاصات معدنية للتشويش ذات أطوال مناسبة، تولد سطحاً عاكساً كبيراً، وتخفي الهدف الأصلي خلفها. أما التشويش على الصواريخ الموجهة بوساطة السواتل، فأكثر تعقيداً بسبب صعوبة التشويش على الإشارات التي يلتقطها الصاروخ من الساتل الذي فوقه.
أما الصواريخ غير الموجهة أو المزودة بنظام تحكم عطالي داخلي فإن التشويش عليها غير ممكن لذلك شاع استخدامها في دول العالم الثالث.