بسم الله الرحمن الرحـيم
شيخٌ لايعلمه إلا من ندر لايعرفون شئياً عنه
رجلُ قلبه رقيق لاتجد مثله أحداً
قال عنهُ الكثيرين إن أردنا أن نتذكر السلف الصالح ننظر إلى محاضراته ،رجلُ ندر وجوده في عصرنـا الحالي
•الاسم: صالح بن عواد بن صالح المغامسي.
•تاريخ الميلاد: 1383هـ.
•مكان الميلاد: المدينة المنورة.
•1412هـ مشرف تربوي في قسم اللغة العربية بادارة تعليم المدينة المنورة.
•1415هـ عضو هيئة التوعية الاسلامية في الحج.
•1422هـ خطيب جامع الملك عبدالعزيز.( بالمدينة المنورة ).
•1426هـ عضو لجنة التحكيم في الهيئة العالمية للاعجاز العلمي للقرآن والسنة.
•1427هـ امام وخطيب مسجد قباء.
•1429هـ اعتمد كمفتي رسمي في القناة الاولى في التلفزيون السعودي.
•3/11/1429 هـ عُيّن مديرا لمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة بقرار من أمير منطقة المدينة المنورة.
•مشاركات علمية متعددة في العديد من الدول الخليجية والعربية ومشاركة في دروس علمية في كثير من القنوات الفضائية.
•3/3/1430هـ كُلف محاضراً في المعهد العالي للأئمة والخطباء بجامعة طيبة الفتره المسائية بالإضافة إلى عمله صباحاً كمدير لمركز البحوث والدراسات.
عمره لم يتجاوز ال48 وأربعين لكن قلبه يعكس ذلك
تميز بأنه لايحمل قلم ولا ورقه في محاضراته محاضراته يلقيها إرتجاليا
مقاطع::.
هنا عن رؤية وجه الله تعالى مبكية http://www.youtube.com/watch?v=8pa7EFOhZR4
هنا عن نفائس العلم لاحظوا ::.الفيديو http://www.youtube.com/watch?v=dKln5oW1ZgA
هنا جملة "وما الجوارح إلا تبعٌ لما في القلب ::.أبكته http://www.youtube.com/watch?v=hEmC1...eature=related
هنا الإلتجاء إلى الله http://www.youtube.com/watch?v=hEmC1...eature=related
وهنا إتصال يبكيه http://www.youtube.com/watch?v=D_5ed...eature=related
هنا يتكلم عن تقوى الله ويبكي ويبكي من في المسجد http://www.youtube.com/watch?v=Z53pnBNdjHg&feature=fvw
وهنا يبكي عن فلسطيني أستشهد http://www.youtube.com/watch?v=VUAuj...eature=related
وهنا يتحدث عن الإخلاص http://www.youtube.com/watch?v=HEdLGzrdmRE
أخيراً
الهدف من الموضوع تليين القلوب والبحث في صفحات الشيخ
وأسأل الله العظيم أن يهدينا إلى سواء السبييل
مع استصحابنا للأصل العظيم أن الجهاد ماض إلى قيام الساعة، إلا أننا ندرك أن هذه الحقبة من التاريخ الصراع فيها صراع ثقافات لا صراع مدرعات.
والإسلام والنصرانية قطبا هذا الصراع ورحاه، وحاجة أهل الإسلام إلى أن يعرفوا عظمة دينهم المتمثلة في يسره وسماحته أولى الطرائق التي تعينهم على أن يبلغوه كما هو، فإن تم ذلك فكفى بنوره أن يسود وبسلطانه أن يغلب.
إن الناس خلقوا على فطرة سوية، وجبلهم ربهم على معرفته، فالدعوة إلى التوحيد دعوة إلى الفطرة، فلا تأبه إلى نفس شقيت وسريرة عميت، فكل أحد ليس على تلك الفطرة يجد في نفسه، شاء أم أبى، نزاعا لا يجد له حلا، وضنكا لا يجد له سعة، وإن تخلق بغير ذلك دهره كله.
وهذا الصراع الذي يشهد العالم أوراه اليوم، ما زال أئمة الإسلام وعلماؤه لم يبلغوا فيه المراد ولم يدرك كثير منهم كيف يدار، ومن المؤسف أن الصوت الإسلامي الغالب اليوم في ديار الإسلام هو الصوت الأعلى لا الصوت الأعمق.
انشغل فئام من الأمة بما كان بين الأجداد من صراعات، فجعلوا من أنفسهم حكاما بل تجاوز بعضهم الأمر إلى أن أضحى بعضهم يتكلم عنها وكأنها لم تضع أوزارها بعد، فهو جند في إحدى الطوائف وقائد في بعض الكتائب، ولن يصل هؤلاء إلى غاية، ولن يكون بهم نصر للإسلام وعز لأهله.
فنحن مؤتمون شرعا عما نحن فيه لا عمن سكنوا القبور،( أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ).
نعم - ليس الأمر على إطلاقه في الترك والضرب عنه صفحا، لكنه كذلك ليس على إطلاقه في أن نركب أسنته ولججه بلا بينة ولا برهان.
وطائفة ظنت أن الإغراق في مسائل الفقه الفرعية وفناء الأعمار في الترجيحات الجزئية، وتدوين الصفحات لإبطال قول لا يتجاوز سطرا في مسألة ليس فيها نص قاطع ولا إجماع سابق، يظنون ذلك هو حقيقة العلم وثمرته، مع أن الأمر أيسر من ذلك وأهون، ولو شاء الله أن يفصل فيه لكان ذلكم الفصل ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا )، قال أحد علماء شنقيط:
وعلماء الضيق صنفوا على عكس الذي به النبي أرسلا وحقيقة العلم كما قال مالك رحمه الله (نور يضعه الله في قلب من يشاء).
وطائفة قرأت المبشرات من الأحاديث والآيات قراءة من يريد أن يعطل السنن وينفي الأسباب، فمنهم من يستعجل كل غيب موعود، ولم يعلم أن الله لا يعجل لعجلة أحد من خلقه، وآخرون منهم طال رقادهم قائلين علام نجري لشيء سيأتي، وكلٌ أخطأ الطريق وأبعد النجعة.
وطائفة ما عرفوا قدر ما يحملونه من العلم، فمنهم من أخلد إلى الأرض يبتغي بدينه عرضا من الدنيا، وأحمق منهم من باع دينه لدنيا غيره.
وآخرون ضربوا عن ذلك كله صفحا فعمدوا إلى ملتقى الغانيات ومجامع الشرب وأندية القمار يمسون فيها ويصبحون وقد قيل:
شتان من همه كأس وغانية ومن همه القمة الشماء يحميها وثمة آخرون تبع لكل طائفة من هؤلاء لا يدري أحدهم بأي واد هلك،
عليه فإن الحاجة إلى أن يدرك أهل الإسلام عظيم رسالتهم حاجة يقدم عليها كل مطلوب ومرغوب، حتى يكونوا قادرين على إبلاغها، وعندها تتضح المحجة وتقوم الحجة.
أبيت اللعن ما أدركت ديني * ولو أدركته لرأيت دينا
فكم يعزى إلى الإسلام ذنب * وكل الذنب ذنب المسلمين
خرج خائفاً يترقب لا علم له بالطريق، ولا يملك إلا حسن ظنه بربه قائلاً متضرعاً مناجياً (( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل )) وقد قال أبوه إبراهيم من قبل (( إني ذاهب إلى ربي سيهدين )) وكذلك الخلف الصادق يقتدى بالسلف الصالح فيهتدي.
ورد الكليم عليه السلام أرض مدين ووقف على مائها، فهاله أمر المرأتين (( ووجد من دونهم امرأتين تذودان )) تذودان ماذا ؟ سكت عنه التنزيل، وأول ما ينصرف إليه المعنى تذودان الغنم عن الماء بقرينة فسقى لهما، ولا يمنع أنهما تذودان عن وجوههما نظر الناظر،
وأنت ترى اليوم بعض أرباب الثراء منا يشغل بجمع الفتيان والفتيات لتكون أجسادهم كلأً مباحاً يفتن به الناظرون، ويتسابق في مضماره الآثمون، هي من الفحشاء بمقام ومن المعصية بمكان، وكذلك تمت كلمة ربك، تختلف أحوال الناس في الدنيا ليختلف غداً مقامهم في الآخرة، (( إن سعيكم لشتى )).
أقبل الكليم عليه السلام على الفتاتين، لم يشغله ما هو فيه عما يرى، أنها نفس تعد للنبوة والرسالة والتكليم، لا نفساً وضيعة قد أسلمت نفسها للكأس والدينار والحسناء، أقبل عليه السلام يسأل سؤال من يختط لنفسه طريقاً قبل أن يسير (( ما خطبكما )) فأجابتاه ثم قالتا (( وأبونا شيخ كبير )) لا تظننّ بنا السوء ولا تذهب بعيداً إنه العوز والحاجة،
وكم من أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا اليوم في مواطن شتى من أرض الله زاحمنا الرجال على كره، ومشينا الدروب على مضض، كم من امرأة أخرجها ما أخرج المرأتان، لكن هل في ديار الإسلام رجال مثل الكليم موسى، هل في الأمة حكام يسد الله بهم عوز المعوزين وحال المنكسرين، هل في الناس أثرياء يعمدون إلى طرائق يحفظون بها للمؤمنات كرامتهن حياة ومماتا فيؤدوا شيئاَ من شكر الله على نعمه.
تلك أمانة عظمى يحمل ثقلها الحكام والأغنياء والعلماء، الأول بسلطانه والثاني بماله والثالث بنصيحته وبيانه.
تبين لكليم الله صدق المرأتين، فسقى لهما سقيا عبد صالح يرجو رحمة مولاه، وسقيا حر كامل المروءة تحفظ بمثله الذمار والديار والأعراض.
إن تنشئة النفوس على مثل هذه القيم العالية والمروءة الكاملة ينبغي أن يكون أعظم مقاصد التعليم في سائر درجاته، وإلا كيف تنتفع الأمة بجسد قوي وعقل سوي في نفس وضيعة تخلد إلى الأرض وتتبع هواها.
فرغ الكليم عليه السلام من السقيا ومضت الفتاتان لأبيهما، فعمد صلوات الله وسلامه عليه إلى ظل الشجرة، يستدر رحمة من لا تنفذ خزائنه ولا يفيض ما في يده قائلاً متضرعاً (( رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير )).
إن من الشعر لحكمة، والشعر في مجمله كلام، حسنه حسن وقبيحه قبيح، والمدح غرض شعري منذ أن كان الشعر، وأصدقه وأجمله ما وافق حقيقة الممدوح وخلا من المبالغة، وتوج بسيرورة المبنى، وسلامة المعنى وصدق العاطفة، وبديع الخيال.
والنبي صلى الله عليه وسلم أجلّ من مدح من البشر، كيف وقد زكى الله خلقه في أعظم كتاب وأجل تنزيل:
وإن أتيت ببعض المدح معتذرا * فمدحك الوحي والسبع القراءات
وأحمد شوقي شاعر مصري خالطته أعراق عدة، ورزق عاطفة إسلامية صادقة، على الرغم مما كان في بعض سلوكه (والله يغفر له) مدح هذا الشاعر الكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصائد عدة، كانت غررا في محاسنها، ومن أشهرها قصيدته الموسومة بـ«نهج البردة»، ومطلعها:
ريم على القاع بين البان والعلم * أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
وقف فيها شوقي على المناقب الكبرى والآيات العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول في تأييد الله لنبيه في القرآن:
جاء النبيون بالآيات فانصرمت * وجئتنا بحكيم غير منصرم
آياته كلما طال المدى جدد * يزينهن جلال العتق والقدم
ويذكر ليلة الإسراء والمعراج وما فيها من إكرام الله لنبيه فيقول:
أسرى بك الله ليلا إذ ملائكه والرسل * في المسجد الأقصى على قدم
لما خطرت به التفوا بسيدهم * كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
إلى أن قال:
مشيئة الخالق الباري وصنعته * وقدرة الله فوق الشك والتهم
ثم انظر كيف صاغ شوقي ما ثبت من علو المقام لرسولنا عليه الصلاة والسلام عند ربه:
ذكرت باليتم في القرآن تكرمة * وقيمة اللؤلؤ المكنون في اليتم
الله قسم بين الخلق رزقهم * وأنت خيرت في الأرزاق والقسم
إن قلت في الأمر «لا» أو قلت فيه «نعم» * فخيرة الله في «لا» منك أو «نعم»
ثم تأمل بديع قوله فيما شاده النبي صلى الله عليه وسلم من العدل وما جاء به من الحق:
واترك رعمسيس إن الملك مظهره * في نهضة العدل لا في نهضة الهرم
يرد شوقي في قصيدته على بعض المستشرقين الزاعمين بأن نبينا إنما جاء لسفك الدماء، فيقول مكذبا دعواهم مبينا حقيقة الأمر:
قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا * لقتل نفس ولا جاءوا لسفك دم
جهل وتضليل أحلام وسفسطة * فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم
ثم نسمع في زماننا عن نابتة كاذبة خاطئة، شربت من ماء آسن، وتعلقت بأفئدة غلف وأذن صماء، فتحاول في تغريداتها أن تنال من شموخ نبينا وما آتاه الله من فضل، كلما نعق أحدهم تبعه أخوه، ووالله لا أجهل من الآخر إلا سابقه، وليأتين عليهم يوم يلعن بعضهم بعضا.
أمتان عظيمتان من ولد يافث بن نوح، مد الله لهما في العمر، وأكثر لهما في النسل، خروجهما من علامات الساعة الكبرى، كان لهم في غابر الأزمان ظهور بين، ففي التنزيل المبارك: { قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ... }. وفسر ابن الجوزي إفسادهم في الأرض بأنه: كانوا يأكلون الناس، وقيل كانوا يخرجون إلى أرض الذين شكوا منهم فلا يدعون شيئا أخضر إلا أكلوه، ولا يابسا إلا احتملوه إلى أرضهم، وقيل غير ذلك.
ثم كتب الله أن أقام عليهم ذو القرنين ردما، فهم من ورائه، فسبحان من حجب الأبصار عنهم ليقضي أمره وتنفذ مشيئته وتظهر حكمته، والله يحكم لا معقب لحكمه.
روي عن كعب الأحبار أنهم ثلاثة أصناف، صنف أجسادهم كالأرز، وهو شجر كبير جدا، وصنف أربع أذرع في أربع أذرع، وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بالأخرى.
وقد رد المفسر الحافظ ابن كثير هذا القول وأضرابه وقال: «.. ومن زعم أن منهم الطويل الذي كالنخلة السحوق أو أطول، ومنهم القصير الذي هو كالشيء الحقير، ومنهم من له أذنان يتغطى بإحداهما ويتوطى الأخرى، فقد تكلف ما لا علم له به وقال مالا دليل عليه». وهذا قول متين محكم كما ترى والعلم عند الله.
وخروجهم كائن لا محالة قال ربنا: { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ..} الآية، ويكون ذلك زمن المسيح عيسى ابن مريم، عليه السلام، وهلاكهم بدعوة منه ومن المؤمنين الذين معه. وجاء في الحديث الصحيح: (.. فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل، فيرسل الله عليهم نغفا في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة..).
فمتى يدرك الناس فضيلة الدعاء، وإن كان ذلك لا يمنع أبدا الأخذ بالأسباب، بل ذلك مما جاء الشرع به. وليأجوج ومأجوج شأن آخر يوم يقوم الأشهاد ويحشر العباد، جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم قم فابعث بعث النار، فيقول لبيك وسعديك، والخير في يديك يا رب، وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون قال: فحينئذ يشيب المولود، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد، قال فيقولون فأين ذلك الواحد قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسعمائة وتسعة وتسعون من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد ).
أصل يأجوج ومأجوج هم من البشر من ذرية آدم وحواء، فعن http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=456&ftp=alam&id=1000098&spid=456عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً) قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين. وفي مسند الإمام احمد عن سمرة بنت جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ولد نوح ثلاثة : سام أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك) ، قال بعض العلماء : هؤلاء من نسل يافث أبو الترك، وقال : إنما سمي هؤلاء تركاً لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجرأة.......
أما موطنهم فقد قيل -نسب ل ابن عباس - إن السدين هما جبلا أرمينية وأذربيجان، وذكر بعض أحبار اليهود أن يأجوج ومأجوج في منتهى الشمال حتى لا يستطيع أحد غيرهم السكن فيه، وقيل -وهو الأصح-: هما بموضع في الأرض لا نعلمه، فيوم ذكر الله رحلة ذي القرنين ذكر الرحلة الأولى: إلى مغرب الشمس، والرحلة الثانية: إلى مطلع الشمس، فبين الله الجهات التي توجه إليها، لكن لما انطلق في الرحلة الثالثة جعلها الله مبهمة فقال، (( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ )) في أي جهة؟ الله أعلم، ولعل في ذلك إشارة إلى أن مكان السد سيظل مجهولاً إلى ما شاء الله.......
أما عن خروجهم: فهل ينهار السد ويتفتت ويسوى بالأرض كما هو ظاهر الآية: (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ))، أم أنهم يقومون بمحاولات لفتحه فلا ينجحون حتى يأتي وعد الله؟ عند احمد عن http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=456&ftp=alam&id=1000007&spid=456أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً، فيعودون إليه كأشد ما كان من الغد، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى كادوا يرون شعاع الشمس، فقال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله فيحفرونه)، فعلى هذا فقوله تعالى: (( جَعَلَهُ دَكَّاءَ )) أي: أنه بمرور الوقت يفقد صلابته وتماسكه، فيستطيعون خرقه ويخرجون.......
ذكر الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم، الأشهر الحرم، وعد ثلاثة سردا (ذو القعدة وذو الحجة ومحرم)، وأفرد (رجب)، قائلا : (ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان ).
وأهل الشهر عظيم الحرمة، جليل الهيبة، فاستقبله طاغية الشام بمجزرة (الحولة)، واستقبل أهل الشام طغيانه بصدور مؤمنة ودماء زكية وأنفس أبية حرة راضية، لم يضرهم من خذلهم، ولا يستجدون من قاتلهم، ولا يستعطفون من أضمر البغضاء والكيد لهم، ينتظرون الوعد الصادق والنصر القريب، وإنه لكائن وإن ظن الطغاة أنه بعيد.
أهل الشهر الحرام وقد نثر أهل مصر كنانتهم في مشهد مهيب، تجلت فيه شمس مصر مشرقة نيرة، شعب يكتب تاريخه، وجيش يحمي ما كتبه الشعب، لكن الرياح جاءت بما لا يشتهي الميدان. ولا يدري أحد أين الخير، لكن الجميع يريد لمصر الخير. من يسكنها أو زارها يوما من الدهر أو سمع عن فضل أرضها وكرم أهلها لا يملك إلا أن يقول: اللهم اجمع كلمة أهل مصر على الحق، والطف بهم في أمر دينهم ودنياهم.
أهل الشهر الحرام وأفصح الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها عما أعدوه من مسلسلات وبرامج وأفلام لشهر رمضان، ولولا أن الله خلد حرمة هذا الشهر الكريم في كتابه لظن كثير من الناس أن شهر رمضان شهر فجور وآثام، لا شهر صيام وقيام، مما يرون ويسمعون من تسابق القنوات وصراع الشاشات وأسوأ أحوال ابن آدم عندما يكون عبدا لشهوته وأسيرا لهواه، ومنتهى السوء أن يكون إماما في الضلالة ورأسا في الغواية.
أهل الشهر الحرام وكم من نفوس مؤمنة في شرق العالم الإسلامي وغربه قد عزمت السير إلى بلاد الحرمين، دعاها نداء الإيمان فلبته وغلبها الشوق فأطاعته، ذكرت وخوفت بالحر وشدته فتلت قوله تعالى {قل نار جهنم أشد حرا }، تؤمل اليوم أن تطوف بالبيت لعلها غدا برحمة الله تنظر من الجنة إلى من يطوفون بالعرش.
تؤمل اليوم أن تقف مسلمة على الحبيب الشفيع، صلى الله عليه وسلم، لعلها غدا أن تكون تحت لوائه وفي زمرته، فطوبى لتلك الأنفس ما أزكاها، ولتلك القلوب ما أتقاها، وحياهم الله في ديار التوحيد ومعقل الإيمان وبلاد الحرمين.
قال أهل السير:
(دعا سليمان بن عبد الملك يزيد بن أبي مسلم وهو موثوق في الحديد، وكان صاحب أمر الحجاج، فلما دخل عليه ازدراه حين رآه ونَبَتْ عنه عيناه، وقال: ما رأيت كاليوم، وكان يزيد لا يملأ العين منظره، ثم قال له سليمان: لعن الله رجلا أقادك رسنه وحكمك في أمره، فقال له يزيد: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين، إنك ازدريتني والأمر عني مدبر، وعليك مقبل، ولو رأيتني والأمر علي مقبل، لاستعظمت من أمري ما استحقرت واستكبرت منه ما استصغرت، فقال له سليمان: صدقت، ثكلتك أمك، اجلس. فجلس في قيوده، فقال له سليمان: عزمت عليك يا ابن أبي مسلم، لتخبرني عن الحجاج، أتراه يهوى في جهنم، أم قد قرّبها، قال: يا أمير المؤمنين، لا تقل هذا في الحجاج، وقد بذل لكم النصيحة، وأخفر دونكم الذمة، وأمَّن وليكم وأخاف عدوكم، وإنه يوم القيامة لعن يمين عبد الملك ويسار الوليد، فجعله حيث شئت. وصاح سليمان استكراها لكلامه وأمر بإخراجه، ثم التفت إلى جلسائه وقال: ثكلته أمه، ما أحسن بديهته، وأحدّ قريحته، وأجمل تزيينه لنفسه ولأصحابه! لقد أحسن المكافآت على الصنيعة، وراعى اليد الجميلة، خلّوا سبيله.. وأمر بحل قيوده ولم يتعرض لمضرته) ا.هـ.
المتأمل في هذه الرواية يقف إجلالا لهاتين الشخصيتين، يقف إكبارا ليزيد بن أبي مسلم على وفائه، وثبات جنانه، وعدم انعقاد لسانه، وأمثال هؤلاء الرجال أهل لأن يصطفون، فمن لك بالحر الذي يحفظ اليدا؟
ويقف إكبارا لأمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك، كيف لم يحمله الحنق والغيظ على أن يبطش بعدوه ويذل خصمه.
إن العظيم لا يستطيع أن يتغافل عما يعظمه من المناقب، ويحبه من الخصال، ولو كانت رداء على خصمه، وحلية لعدوه، وبأمثال هذا يعرف العظماء من الرجال وقليل ما هم.
حفلت الأيام والليالي الماضية بأحداث عظام، تتعلق بالملك والإمرة والرئاسة والسلطان، شغلت تلكم الأحداث العامة والخاصة من الناس، وكل يفيء إلى من يطمئن قلبه إلى رأيه، ممن لا تكاد تفارق وجوههم الشاشات وهم ما بين مقل ومكثر، ومحسن ومسيء، ومخطئ ومصيب.
لكن ما أحرى بالمؤمن إذ يرى هذا حوله أن يفيء إلى القرآن يتدبر آياته وينتفع بعظاته. ولا ريب أن قول الحق سبحانه في سورة آل عمران: { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير }، يكاد يكون أكثر الآيات حضورا في الذهن عند مشاهدة ومعايشة تلكم الأحداث. والآية ذات معان جليلة، ومنها أن قوله سبحانه : { مالك الملك }، يعني مالك كل ملك، وهذه صفة لا يستحقها أحد غير الله. وهذا الملك عام، وما بعده خاص. وقد قيل إن قوله جل ذكره:
{ تؤتي الملك من تشاء }، المراد به النبوة..
قال النيسابوري: «وهذا الملك قيل ملك النبوة، لأنها أعظم مراتب الملك، لأن العلماء لهم أمر على بواطن الخلق، والجبابرة لهم أمر على ظواهر الخلق» أ.هـ.
وهذا القول منه فيه نظر، لأن النبوة لا تنزع، وقد قال الله بعدها: { وتنزع الملك ممن تشاء }. وأما قوله جل ذكره: { وتعز من تشاء وتذل من تشاء }،
فقد قال بعضهم: تعز من تشاء بالإخلاص، وتذل من تشاء بالرياء. وقيل: تعز من تشاء بالجنة والرؤية، وتذل من تشاء بالنار والحجاب.
وهذا عندي قول يزيد القلوب خشوعا وخضوعا، وهو حق، لكن الآية قطعا أعم من ذلك، فهي تشمل أمر الدين والدنيا، كما تشمل الشأن في الحياتين.
وأما قوله تبارك اسمه: { بيدك الخير }، أي بيدك الخير والشر، فاكتفى بذكر الخير لأنه الأفضل، والمقام مقام رغبة ودعاء.
وفي قوله سبحانه: { إنك على كل شيء قدير } إجمال بعد تفصيل، فربنا عظمت قدرته وجلت حكمته، ومن جليل قدرته ما جعله في قلوب بعض عباده مما لا يكاد يجتمع.. قال أهل السير في ترجمة عبد الله بن خازم السلمي: إنه كان يضرب به المثل في الشجاعة والنجدة، وكان مع ذلك يخاف من الفأر أشد مخافة، حتى قالوا إن عبيد الله بن زياد أراه جرذا فأضحى عبد الله بن خازم مثل الفرخ، وأصفر لونه خوفا كأنه جرادة. فقال ابن زياد: إن ابن خازم يعصي الرحمن ويتهاون بالسلطان، ويمشي إلى الأسد، ويلقى الرماح بوجهه، والسيوف بيده، ويخاف من الجرذ، أشهد أن الله على كل شيء قدير.
فما أحوجنا والأحداث كذلك والشخوص كما ترى، إلى أن يزيدنا ذلك كله علما بالله، فيعظم فيه رجاؤنا ومنه خوفنا، وله جل ذكره تعظيم محبتنا.
ما يشهده العالم من أحداث، وما يقابلها من ردود فعل هنا وهناك، وما يخيم على العالم الإسلامي من تمزق، وما يرفع فيه من ألوية وطرائق - كل ذلك يدل على أن بعضا من المسلمين إلى اليوم لم يفقهوا بعد عظمة هذا الدين، ولا سمو تعاليمه، ولا جلالة مقاصده، ولا يمكن أن يكون حسن النية من هؤلاء شفيعا لأن يُلحق بسببهم بالإسلام ما الإسلام بريء منه براء الشمس من اللمس، وهذه بعض المفاهيم والحقائق التي ينبغي أن يعيها كل مسلم ينتسب إلى هذا الدين القويم.
اجتماع الكلمة وحقن الدماء مقصد شرعي عظيم، لجليل ثمرته وحسن عاقبته، ومن هنا قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في وصف ومدح سبطه الحسن المبارك رضوان الله عليه ووالديه قال:
( إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به فئتين عظيمتين من المسلمين )
، مع أنه صلى الله عليه وسلم وصف أهل الشام آنذاك بأنهم: ((الفئة الباغية))، لكن لما سعى السبط المبارك إلى حقن الدماء، عُد ذلك سؤددا وأي سؤدد! ومن هنا، فلا مسوغ شرعيا أبدا لأحد، كائنا من كان، أن يسعى إلى احتراب المسلمين ويقوض وحدتهم، وكلما شادوا بنيانا سعى إلى نقضه، وأتى على هدمه.
كما أن من الحقائق التي يجب أن يفقهها المسلمون، أن هذا الدين متين، وأن رسوله عليه الصلاة والسلام ذو مقام كريم في سائر أحواله، في الدنيا والبرزخ والآخرة، ومن كان هذا حاله فهو أجلّ وأكرم أن ينال منه نكرة من النكرات، فسدت طويته وشقيت طينته، فعلام إذن يجتمع بعضنا ليرمي طائفة منا، وفي ديارنا بما تقدر عليه يده، يقتل ويجرح ويدمر ويهدم، ويضج المكان بمن سفه رأيه وطاشت يده والله أعلم بسريرته، فيظهر أهل الإسلام على أنهم أهل خفة وصخب، لا أهل رأي وعزيمة ودراية، وينجم عن ذلك من اختلال الأمن وخسارة في الأجساد والأرواح مالا يجد العقلاء أي مسوغ له.
هذا وإن من علو الإسلام أن أهله قادرون على التعايش مع من سواهم، فشمس الإسلام تحوي غيرها، وعباءته قادرة على أن تضم في أكنافها من تهذب أخلاقه وتكشف شره وإن لم يؤمن، وهو وإن لم يفعل فقد كاد.
بقي أن نقول إن الواجب على علماء الإسلام وساسة الأمر فيه كبير جدا، ولا بد من إشاعة ثقافة الإسلام الحقة النيرة، واتخاذ الإجراءات المعينة على ذلك والصبر والمجاهدة على ذلك.
والعلم بأن ذلك أعظم الأولويات في زماننا هذا، هدانا الله برحمته سواء السبيل.
اخوي تدري وين المشكله ان مافي من يدافع عن الاسلام وله وزنه في الامه مثل مركز الافتاء في الحرم او الازهر يدافع ويخاف الله قبل كل شي معليه من السياسه راح تشوف شباب الوطن يعرف ان في من يدافع عنه ويتبعه شباب الوطن العربي
اتمنى اني وضحت الصوره لك المشكله مافي من يدافع عن هذا الدين وله وزنه في الوطن العربي
جزاك الله خير في كل الكلام الي قلته
قال ربنا - جل ذكره - في سورة الأنعام: { وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه }، واسم الإشارة { وتلك } يعود على ما سبق تلاوته من آيات قبل هذه الآية الكريمة، قال ربنا: { وحاجه قومه....} الآيات،
قال البقاعي: «{ وتلك }، أي: وهذه الحجة العظيمة الشأن التي تلوناها عليكم، وهي ما حاج إبراهيم عليه السلام به قومه، وعظمه بتعظيمها، فقال: { حجتنا }، (أي التي يحق لها بما فيها من الجلالة أن تضاف إلينا، لأنها من أشرف النعم وأجل العطايا)... اهـ».
يتحرر من هذا أن إقامة التوحيد في الأرض والدعوة إليه وحماية جانبه، أعظم المطالب وأجل المقاصد وأنه تبع لذلك، فإن من علو المقام وجليل الإنعام أن يؤتى الإنسان حجة من الله لإثبات هذا الأمر مع كمال ظهوره أصلا.
والعالم الذي نعيشه، ندرك تماما أنه وإن كان قوامه العتاد والاقتصاد، إلا أنهما مسخران لخدمة الآيديولوجيات المختلفة بشتى طرائقها ومشاربها، لا ينازع في إثبات هذا أحد يعقل ما يقول، وإن سميت حينا اسم المصالح، فكلها تسقى بماء واحد.
لكن العتاد والاقتصاد ليسا أمضى سلاحا من قوة الحجة وبيانها، لأن الحرب قد تزيل عدوا، لكنها قلما تبني أنصارا.
ونحن - معشر المسلمين - من ضروريات اليقينيات الكبرى التي نؤمن بها، أن الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل الله دينا غيره، ومع ذلك لا نرى غضاضة من التنزل في الخطاب أحيانا لإيضاح المحجة وإظهار الحجة على المخالف، كما في التنزيل المبارك في الحديث عن أبي الأنبياء عليه السلام: { فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر }، وما كان خليل الله عليه السلام مشركا يوما من الدهر ولا طرفة عين.
وإن من العجز بمكان أن يبصر الإنسان الحق ثم يكون عاجزا عن إثباته، فضلا عن الدعوة إليه وحماية حرماته، وحري – في ما يغلب على ظننا أنه رأي صالح - بعلماء المسلمين شهود منتديات الحوار ومواطن المقارعة العلمية، فلئن كان الجهاد بالسيف ذروة سنام الإسلام، إلا أن رفع رايته لا يتأتى في كل حين، خوفا من مفاسد أشد وأنكى تبعا لحالة أهل الإسلام، فإن الجهاد بالحجة قائم في كل آن، منذ أن بعث الله نوحا والأنبياء بعده عليهم الصلاة والسلام، وهو باق إلى قيام الساعة.
وذلكم الفتى، العالم المدني، الذي يكون في آخر الزمان يقارع المسيح الدجال بالحجة، لا يجد الدجال بدا من قتله، مع أن الشاب لم يخرج لقتاله، قال عليه الصلاة والسلام مخبرا عنه وواصفا إياه: ( ذلكم أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ).
وليس المقصود بالمحاجة السباب اللاذع واللعن المتعاقب، إنما المقصود رد الشبهات وإقامة الدلائل الواضحات وإظهار دين الله بالبراهين النيرات، فيعجب المخالف من أدبك مع وضوح طريقتك، ومن خفض صوتك مع علو حجتك، فيجد نفسه من غير أن يشعر ينطق ببطلان دعوته { ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون }.
توالت في أيامنا هذه الخطوب، وتوالت الأحداث، وكاد الحليم أن يكون حيران، وعليه فهذه إيضاحات لأمثال ذات صبغة أدبية تزيد في تهذيب النفس وإمضاء العقل وتسلية الروح، وقد وجدت ذلك عونا بعد الله على بلاء الأيام وصروف الدهر، وما لا يحسن بثه من الحزن ولا الإخبار عنه من المحن، ومعاذ الله أن يكون ذلك مغنيا عن الالتجاء إلى الله ومناجاته والتوكل عليه والإنابة إليه، لكن دل على ذلك فعل الأخيار قبلنا، فلنا فيهم أسوة، وهذا تفصيل ما قدمت له وأنبأت عنه.
• بيت عاتكة:
يضرب مثلا في الموضع الذي تعرض عنه بوجهك وتميل إليه بقلبك، وهو من قول الأحوص:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل * حذر العدا وبه الفؤاد موكل
إني لأمنحك الصدود وإنني * قسما إليك مع الصدود لأميل
ومثل هذا كثير قطعا في حياة الناس، فكم من أمور تحن إليها ولو عرضا قلوب الأحرار، لكن يمنعها التقوى حينا والمروءة أحيانا، والشيب تارة، والحياء أخرى.
• حلة امرئ القيس:
يضرب مثلا للشيء الحسن يكون له أثر قبيح، والمبرة يكون في ضمنها عقوق، والكرامة يحصل منها إهلاك.
قالوا: وذلك أن امرأ القيس بن حجر لما خرج إلى قيصر يستعينه على قتلة أبيه، ويستنجده في الاستيلاء على ملكه، أكرمه وأمده بجيش، ثم لما صدر من عنده وشى الوشاة به إليه، وأخبروه بما يكره من شأنه، وخوفوه عاقبة أمره، فندم على تجهيزه، ثم أتبعه بحلة مسمومة عزم عليه أن يلبسها في طريقه، فلما لبسها تقرح جلده، وتساقط لحمه، واشتد سقمه، ففي ذلك يقول:
وبدلت قرحا داميا بعد صحة * وبدلت بالنعماء والخير أبؤسا
ولو أن نوما يشترى لاشتريته * قليلا كتغميض القطا حيث عرسا
فلو أنها نفس تموت صحيحة * ولكنها نفس تساقط أنفسا
ثم نزل أنقرة ومات بها، وإنما سمي «ذا القروح» لهذه القصة.
وعليه، فينبغي لمن أعطى أن يمضي عطيته ويتمم معروفه، كما أن على كل ذي شأن في قومه وأثر في الناس أن يفطن لكيد الحاسدين وحقد الحاقدين، متوكلا على ربه معتمدا على خالقه، بصيرا بالناس لا يغره منهم ثغر مبتسم.
• رجلا النعامة:
يضرب مثلا للاثنين لا يستغني أحدهما عن الآخر، قال الجاحظ: كل ذي رجلين وكل ذي أربع إذا اندقت إحدى قائمتيه أو إحدى قوائمه ظلع وتحامل، ومشى مشيا، إذا استكره نفسه واحتاج أن يستعين بالصحيحة فعل، إلا النعامة فإنها متى انكسرت إحدى رجليها عمدت إلى السقوط وفقدان الاستعانة بالصحيحة.
وكثير من الأشياء هي كذلك لا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر، وهذا ظاهر جدا سواء في بعض الأنظمة السياسية، أو الحياة الأسرية، أو العلاقات الاقتصادية والتجارية، فمن السفه في من كان هذا حاله أن يعمد إلى الآخر فيلغيه، وقد جعل الله قوام كل واحد منهما بالآخر، وإنما اللبيب حقا من لم يدخل أصلا هذه الأنفاق المظلمة والطرائق الوعرة.