[FONT="]كشفت صحف دولية وفي مقدمتها واشنطن بوست أن أمريكا قامت بإنشاء مهابط عسكرية في إثيوبيا وجزيرة سيشل، بغية اتخاذهما كمراكز عسكرية أمريكية في القرن الأفريقي، لضرب أو لوأد كل قوة تراها أمريكا أنها تهدد مصالحها في المنطقة .. لم تكتف أمريكا فقط على هذا الوجود البعيد من بؤر قلقها، فأنشأت مكاتب سرية تابعة للجهاز الاستخباراتي [/FONT][FONT="]CIA[/FONT][FONT="] في مقديشو، حيث أكدت مصادر مقربة من القصر الرئاسي أن فريقاً من الاستخبارات الأمريكية يعملون جنباً إلى جنب مع الوكالات الأمنية الصومالية.
[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]يتزايد الاهتمام الدولي في الآونة الأخيرة تجاه منطقة القرن الأفريقي التى تعاني من ويلات المجاعات والحروب الطاحنة لفترة من الزمن، فضلاً عن كونها منطقة استراتيجية نظراً لموقعها الجغرافي المتميز في شرق القارة الأفريقية، إلى جانب جملة من التراكمات السياسية الفاشلة وهي التى استجلبت الطمع الأمريكي والأوربي والصهيوني. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] فهذه الورقة نحاول فيها -قدر الإمكان- معالجة الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي، والاهتمام المتزايد تجاه الصومال بشكل خاص، والتى أصبحت جحيماً مستعراً لا يطيق أحد البقاء فيه، إضافة إلى الاستشراف على التحديات الجمة المحفوفة أمام الأجندات الأمريكية والجيبولوتيكية تجاه المنطقة، إلى كشف ملابسات وغايات وأهداف السياسة الأمريكية تجاه الصومال الذي أصبح نسياً منسياً في قواميس الاهتمام العربي لردح من الزمن. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]• مظاهر الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] يبرز الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي في عدة دول استراتيجية في شرق أفريقيا على الرغم من أن الوجهة الأمريكية تتجه نحو الصومال فقط، سوى أن الدول الأخرى التى تقع على شرق أفريقيا، ماهي إلا أجزاء مكملة رئيسية لاستيلاء واشنطن على المنطقة التى يطلق عليها "حزام الأمن العربي" وهي الصومال. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفيما يلي نتناول مظاهر الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي للوقوف على الأنشطة العسكرية والاستخباراتية التى تجريها واشنطن لتحقيق جملة من الأهداف والاستراتيجيات:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]1) القاعدة العسكرية في إثيوبيا:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] هذه القاعدة الأمريكية تقع في مدينة (أربامنش) جنوب إثيوبيا، وتضم أسطولاً لطائرات محملة بصواريخ (هيل فاير) بدون طيار لتنفيذ عمليات عسكرية بالأرض الصومالية، ويحتمل -كما ذكر تقرير للواشنطن بوست الأمريكية- أن توجه ضد ثوار ومجاهدي جبهة أوجادين -الإقليم الصومالي الذي تحتله إثيوبيا- خصوصاً بعد أن قاموا بعمليات فدائية استهدفت شركة النفط الصينية التي أبرمت معها الحكومة الإثيوبية عقداً للتنقيب عن البترول واستخراجه من إقليم الأوجادين (إقليم الصومال الغربي) وبالفعل نجحت الشركة في اكتشاف عدة حقول مما دفع ثوار ومجاهدي جبهة تحرير الأوجادين بتعقب الشركة بعدة عمليات استهدفت معداتها والحقول مما أجبرها على الرحيل عن المنطقة وهو ما أوصل التعاون العسكري بين إثيوبيا وأمريكا إلى إنشاء هذه القاعدة، ورغم نفي إثيوبيا لعدة تسريبات سابقة حول هذا التعاون العسكري وإعلانها على لسان خارجيتها رفضها لأي شكل من أشكال الوجود العسكري الأمريكي بأراضيها هذا، فإن شهود عيان ذكروا مشاهدتهم لبناء مجمع سكني بمطار (أربامنش المدني) لإقامة الجنود الأمريكيين ولاشك أن استخدام الولايات المتحدة لطائرات بدون طيار في هذه القاعدة يجنبهم ماحدث لطياريهم الذين استطاع الإسلاميون من المجاهدين إسقاط طائراتهم من طراز (بلاك هول) عام 1993 وقتل 18 جندياً أمريكياً وسحل بعضهم في شوارع مقديشيو, كما سبق أيضاً لأمريكا مساعدة إثيوبيا في غزوها للأراضي الصومالية عام 2006 مالياً وعسكرياً, في نفس الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بتدريب وتمويل قوات حفظ السلام الموجودة بالصومال لمحاربة الإسلاميين.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] ولاشك أن التعاون العسكري غير المباشر وغير المعلن بين الجانبين قديم منذ سقوط نظام سياد بري ومستمر خصوصاً وقد أسهمت إثيوبيا التي تسيطر سياسياً علي إقليم بونت لاند في ترشيح عدد من مقاتلي جبهة عبد الله يوسف صاحب واحد من أهم الأدوار في تفكيك الصومال لإنشاء ميليشا تابعة لأمريكا من الشباب الصومالي ومنهم عثمان عبد الله الذي تم تدريبيه في ليبيا وتم اختيار عدد كبير من الشباب الصومالي بعناية فائقة لتكوين ميلشيا قدرتها بعض المصادر بثلاثة آلاف مقاتل يتمركزون في موقعين في (بوصاصو) -عاصمة القراصنة الأولي جنوب الميناء- ويتردد أن به قاعدة أمريكية عسكرية تحت الأرض والثانية في (لانتا هودا) بجوار مدرسة الإمام النووي ولاتستطيع أي سلطات أو جهات بونتلاندية أمنية أو مدنية الاقتراب منها ولا مراقبة الطائرات التي تنتقل بينهما وبين البوارج الأمريكية في المحيط الهندي بعد أن شهد المعسكران تفجيرين قام بهما شباب صوماليون عام 2009.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]2) القاعدة العسكرية في جيبوتي:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفي ظل تزايد الاهتمام الدولي تجاه منقطة القرن الإفريقي فإن الأراضي الجيبوتية تحولت إلى قاعدة أمريكية كبيرة ودائمة، كمحطة للتوزيع، على مقربة من البحر الأحمر والخليج وفي جوار السودان -الخارج للتو من انحرافه الإسلامي- والحبشة وإرتريا المتخاصمتين، والصومال الذي ما يزال غارقاً في الفوضى. ويوجد في تصرف قيادة التدخل المتحالف في القرن الإفريقي أسطول مكون أيضاً من وحدات بريطانية وأسبانية إضافة إلى أسطول ألماني صغير (ثلاث فرقاطات، أربعة مراكب تموين و1800 بحار)، وتجوب هذه القطع خليج عدن والسواحل الصومالية واليمينية. كما حصلت الدبلوماسية الأمريكية في كانون الأول/ديسمبر الماضي على تسهيلات في استخدام المطارات الإثيوبية والمرافئ الإريترية.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] كما أضحت دولة جيبوتي الصغيرة إلى نقطة ارتكاز مهمة تستخدمها واشنطن بسبب إمكان إجراء التدريبات والإفادة من خدمات المرفأ والمطار الحديثين. وإنشاء نظام إقليمي للرقابة البحرية والجوية لمنع تسلل عناصر "القاعدة" إلى الشواطئ اليمنية أو الصومالية أو الكينية. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]3) الوجود الاستخباراتي الأمريكي في الصومال:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] الوجود الأمريكي في الصومال، وخصوصاً العاصمة مقديشو -بؤرة الصراع في القرن الأفريقي- خرج من الخفاء إلى العلن، فأصبح الوجود الأمريكي واضحاً بشكل غير مسبوق، وكل هذا من أجل خلق استراتيجية عسكرية أمريكية في شرق أفريقيا، لتكون جيبوتي منطلق الوجود الأمريكي، وكذلك الصومال -المطل على البحر الأحمر- في المستقبل المنظور . [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفي غضون أكتوبر الماضي، كشفت صحف دولية وفي مقدمتها واشنطن بوست أن أمريكا قامت بإنشاء مهابط عسكرية في إثيوبيا وجزيرة سيشل، بغية اتخاذهما كمراكز عسكرية أمريكية في القرن الأفريقي، لضرب أو لوأد كل قوة تراها أمريكا أنها تهدد مصالحها في المنطقة، وعلاوة على ذلك، لم تكتف أمريكا فقط على هذا الوجود البعيد من بؤر قلقها، فأنشأت مكاتب سرية تابعة للجهاز الاستخباراتي [/FONT][FONT="]CIA[/FONT][FONT="] في مقديشو، حيث أكدت مصادر مقربة من القصر الرئاسي أن فريقاً من الاستخبارات الأمريكية يعملون جنباً إلى جنب مع الوكالات الأمنية الصومالية، حيث أنشأت تلك الخلية الأمريكية جيشاً يستخدمونهم كدروع بشرية وينفذ لهم متطلباتهم، وهو الجيش الذي يطلق الصوماليون عليه الـ [/FONT][FONT="]BES[/FONT][FONT="]، فهذا الوجود الأمريكي في ميدان المعركة ساهم في إلقاء القبض على كثير ممن يشتبه بتورطهم في تنظيم القاعدة أي حركة الشباب التى تقول واشنطن أنها إرهابية بالدرجة الأولى. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وهناك أيضاً معسكرات أخرى في شمال الصومال وتقع في مدن (جلكعيو وقرطو وجردي) يتم تدريب الشباب فيها تدريباً عالياً وتدفع لهم رواتب تبدأ من 300 دولار إلى 1500 وهي أرقام خيالية خصوصاً في ظل الفقر الشديد في الصومال.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفي منتصف عام 2010 كانت الصراعات المسلحة تشتعل بين قبائل بونت لاند بسبب إصرار الرئيس الجديد وقتها عبد الرحمن فرولي على إبعاد عثمان عبدالله المشهور بـ "ديانا" واستبداله بابن عمه العقيد السابق في جيش سياد بري علي بنجي وبالفعل تم استبعاد عثمان إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]• الأهداف والغايات:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] ومهما تعددت أساليب الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي سواء في البر والبحر والجو، فإن الأهداف الجيوسياسية الأمريكية لاتخلوا من النقاط التالية:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 1/ تشكيل حكومة صومالية لا تتعارض مع المصالح الأمريكية تجاه القرن الأفريقي، وتصبح يداً أمريكية تلوحها واشنطن في أي وقت شاءت ولأي وجه أرادت. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 2/ إذا لم يتحقق هذا البند، فإن أمريكا لن ترضى من أن يصبح الصومال مرتعاً يأوي عناصر تصفهم بـ"الإرهاب" أو أن ترى تهديداً لمصالحها الجيبولوتيكية في المنطقة، حيث تقوم بخلق كيانات منفصلة بعضها عن البعض الآخر، وتتعامل مع كل إقليم على حده، دون النظر إلى العواقب المحتملة لتلك السياسية الأمريكية تجاه تفتيت الوطن الصومالي.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 3/ تعزيز وجودها في إقليم شرق أفريقيا الذي يضم تسع دول (الصومال، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، والخرطوم، وأوغندا، وبروندي، وتنزانيا، وإريتريا)، حيث من المعلوم أنها موجودة حالياً في عدد من تلك الدول بكثافة، وفي مقدمتها كينيا وأوغندا، فضلاً عن إثيوبيا، التى يوجد فيها مراكز عسكرية وأخرى استخباراتية. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] 4/ إمكانية إنشاء خط أنابيب بين جنوب السودان وأوغندا، حيث تجري هذه العملية على قدم وساق في أوغندا، التى يعرف بنظامها الحالي مدى عدائها تجاه حكومة السودان. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 5/ الحصول على قواعد عسكرية أمريكية في المحيط الهندي وخصوصاً قبالة السواحل الصومالية في الظرف الشمالي القريب المتصل بـ "شبه الجزيرة العربية" كنقطة تحكم بها مجريات شرق الأوسط. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 6/ وفي المستقبل القريب، يمكن لأمريكا تضييق الخناق على الدول العربية وخاصة في المجالين الأمنى والمائى، حيث القبضة الأمريكية تحظى بقوة كبيرة. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]• تحديات جمة:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وبينما الأهداف الأمريكية تجاه المنطقة كما أسلفنا ذكرها، فإن التحديات لا تزال تشكل عقبة كؤودة نحو تحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية، فالمنطقة بتعقيداتها لا تتيح تنفيذ تلك الأجندات الأمريكية بشكل سريع، فربما يطول الوقت أو يقصر.. فالخطط التى تنتظرها واشنطن نحو تحقيق سياستها تتناسب بشكل طردي مع وجودها في المنطقة وتعاملها واحتكاكها بالشخصيات الصومالية التى تحظى بتأييد من قبل المجتمع الصومالي. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفيما يلي نستعرض أبرز التحديات التى تواجه السياسة الأمريكية التى تطبخها بنار هادئة سواءً في جيبوتي أو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]1) الحصول على أرضية قابلة للتمدد الأمريكي في القرن الأفريقي وبالطريقة التى طبقتها أمريكا في جيبوتي. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]2) ضرورة التغلب على عناصر حركة الشباب التى ترى واشنطن أنها أكبر قلق قادم من الصومال، فقبل إنهاء وجود الشباب في جنوب البلاد، فإن كل تلك الخيارات الأمريكية المطروحة وجُل تلك الأهداف تبقى مكتوبة في الأوراق وعالقة في الأذهان، حيث ما تطمح له أمريكا مختلف ومتناقض عما هو موجود في أرض الواقع، فأكبر تحدي للغرب وخاصة أمريكا هو حركة الشباب التى تعتبر بأنها من أفراخ القاعدة في القرن الأفريقي. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]3) ضرورة كسب قلوب الصوماليين ومحو آثار العداء المستحكم في قلوبهم تجاه أمريكا، لأن الشعب الصومالي سيتذمر بشكل غير مسبوق لأي خطوة أمريكية تجاه القرن الأفريقي، فإجراء عملية غسيل المخ بالنسبة لأمريكا لاستمالة السواد الأعظم من الصوماليين ستكون نقطة انعطاف جديدة نحو تحقيق تلك الأجندات الممنهجة والمرسومة عندها. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]4) دعم بناء حكومة صومالية مركزية قادرة على التعامل والتعاطى مع الأجندات الأمريكية، ويرصد لأجل ذلك ميزانية كبيرة من واشنطن، وتتعاون بالطريقة التى تنتهجها بعض الدول العربية، وهو ما سيجعل الخيار الأمريكي نحو الصومال يسعى نحو الأفضل. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]5) التفتيت الذي بدأ ينهش الجسد الصومالي هو التحدي الآخر، فتوحيد أجزاء الصومال من جديد عملية صعبة، ودون وجود تكامل صومالي تبقى الأجندة الأمريكية ناقصة، إذ أن أراضي الصومال -بمنظومته الجغرافية- جزء لايتجزأ، مهما كانت الظروف، فليست أرض الصومال غنية عن الجنوب، ولا الجنوب الإيطالي غني عن الشمال البريطاني.. وهكذا دواليك.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]http://ar.qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8138&Itemid=1312[FONT="] [/FONT]
[/FONT][FONT="]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="][/FONT]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]يتزايد الاهتمام الدولي في الآونة الأخيرة تجاه منطقة القرن الأفريقي التى تعاني من ويلات المجاعات والحروب الطاحنة لفترة من الزمن، فضلاً عن كونها منطقة استراتيجية نظراً لموقعها الجغرافي المتميز في شرق القارة الأفريقية، إلى جانب جملة من التراكمات السياسية الفاشلة وهي التى استجلبت الطمع الأمريكي والأوربي والصهيوني. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] فهذه الورقة نحاول فيها -قدر الإمكان- معالجة الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي، والاهتمام المتزايد تجاه الصومال بشكل خاص، والتى أصبحت جحيماً مستعراً لا يطيق أحد البقاء فيه، إضافة إلى الاستشراف على التحديات الجمة المحفوفة أمام الأجندات الأمريكية والجيبولوتيكية تجاه المنطقة، إلى كشف ملابسات وغايات وأهداف السياسة الأمريكية تجاه الصومال الذي أصبح نسياً منسياً في قواميس الاهتمام العربي لردح من الزمن. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]• مظاهر الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] يبرز الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي في عدة دول استراتيجية في شرق أفريقيا على الرغم من أن الوجهة الأمريكية تتجه نحو الصومال فقط، سوى أن الدول الأخرى التى تقع على شرق أفريقيا، ماهي إلا أجزاء مكملة رئيسية لاستيلاء واشنطن على المنطقة التى يطلق عليها "حزام الأمن العربي" وهي الصومال. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفيما يلي نتناول مظاهر الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي للوقوف على الأنشطة العسكرية والاستخباراتية التى تجريها واشنطن لتحقيق جملة من الأهداف والاستراتيجيات:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]1) القاعدة العسكرية في إثيوبيا:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] هذه القاعدة الأمريكية تقع في مدينة (أربامنش) جنوب إثيوبيا، وتضم أسطولاً لطائرات محملة بصواريخ (هيل فاير) بدون طيار لتنفيذ عمليات عسكرية بالأرض الصومالية، ويحتمل -كما ذكر تقرير للواشنطن بوست الأمريكية- أن توجه ضد ثوار ومجاهدي جبهة أوجادين -الإقليم الصومالي الذي تحتله إثيوبيا- خصوصاً بعد أن قاموا بعمليات فدائية استهدفت شركة النفط الصينية التي أبرمت معها الحكومة الإثيوبية عقداً للتنقيب عن البترول واستخراجه من إقليم الأوجادين (إقليم الصومال الغربي) وبالفعل نجحت الشركة في اكتشاف عدة حقول مما دفع ثوار ومجاهدي جبهة تحرير الأوجادين بتعقب الشركة بعدة عمليات استهدفت معداتها والحقول مما أجبرها على الرحيل عن المنطقة وهو ما أوصل التعاون العسكري بين إثيوبيا وأمريكا إلى إنشاء هذه القاعدة، ورغم نفي إثيوبيا لعدة تسريبات سابقة حول هذا التعاون العسكري وإعلانها على لسان خارجيتها رفضها لأي شكل من أشكال الوجود العسكري الأمريكي بأراضيها هذا، فإن شهود عيان ذكروا مشاهدتهم لبناء مجمع سكني بمطار (أربامنش المدني) لإقامة الجنود الأمريكيين ولاشك أن استخدام الولايات المتحدة لطائرات بدون طيار في هذه القاعدة يجنبهم ماحدث لطياريهم الذين استطاع الإسلاميون من المجاهدين إسقاط طائراتهم من طراز (بلاك هول) عام 1993 وقتل 18 جندياً أمريكياً وسحل بعضهم في شوارع مقديشيو, كما سبق أيضاً لأمريكا مساعدة إثيوبيا في غزوها للأراضي الصومالية عام 2006 مالياً وعسكرياً, في نفس الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة بتدريب وتمويل قوات حفظ السلام الموجودة بالصومال لمحاربة الإسلاميين.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] ولاشك أن التعاون العسكري غير المباشر وغير المعلن بين الجانبين قديم منذ سقوط نظام سياد بري ومستمر خصوصاً وقد أسهمت إثيوبيا التي تسيطر سياسياً علي إقليم بونت لاند في ترشيح عدد من مقاتلي جبهة عبد الله يوسف صاحب واحد من أهم الأدوار في تفكيك الصومال لإنشاء ميليشا تابعة لأمريكا من الشباب الصومالي ومنهم عثمان عبد الله الذي تم تدريبيه في ليبيا وتم اختيار عدد كبير من الشباب الصومالي بعناية فائقة لتكوين ميلشيا قدرتها بعض المصادر بثلاثة آلاف مقاتل يتمركزون في موقعين في (بوصاصو) -عاصمة القراصنة الأولي جنوب الميناء- ويتردد أن به قاعدة أمريكية عسكرية تحت الأرض والثانية في (لانتا هودا) بجوار مدرسة الإمام النووي ولاتستطيع أي سلطات أو جهات بونتلاندية أمنية أو مدنية الاقتراب منها ولا مراقبة الطائرات التي تنتقل بينهما وبين البوارج الأمريكية في المحيط الهندي بعد أن شهد المعسكران تفجيرين قام بهما شباب صوماليون عام 2009.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]2) القاعدة العسكرية في جيبوتي:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفي ظل تزايد الاهتمام الدولي تجاه منقطة القرن الإفريقي فإن الأراضي الجيبوتية تحولت إلى قاعدة أمريكية كبيرة ودائمة، كمحطة للتوزيع، على مقربة من البحر الأحمر والخليج وفي جوار السودان -الخارج للتو من انحرافه الإسلامي- والحبشة وإرتريا المتخاصمتين، والصومال الذي ما يزال غارقاً في الفوضى. ويوجد في تصرف قيادة التدخل المتحالف في القرن الإفريقي أسطول مكون أيضاً من وحدات بريطانية وأسبانية إضافة إلى أسطول ألماني صغير (ثلاث فرقاطات، أربعة مراكب تموين و1800 بحار)، وتجوب هذه القطع خليج عدن والسواحل الصومالية واليمينية. كما حصلت الدبلوماسية الأمريكية في كانون الأول/ديسمبر الماضي على تسهيلات في استخدام المطارات الإثيوبية والمرافئ الإريترية.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] كما أضحت دولة جيبوتي الصغيرة إلى نقطة ارتكاز مهمة تستخدمها واشنطن بسبب إمكان إجراء التدريبات والإفادة من خدمات المرفأ والمطار الحديثين. وإنشاء نظام إقليمي للرقابة البحرية والجوية لمنع تسلل عناصر "القاعدة" إلى الشواطئ اليمنية أو الصومالية أو الكينية. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]3) الوجود الاستخباراتي الأمريكي في الصومال:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] الوجود الأمريكي في الصومال، وخصوصاً العاصمة مقديشو -بؤرة الصراع في القرن الأفريقي- خرج من الخفاء إلى العلن، فأصبح الوجود الأمريكي واضحاً بشكل غير مسبوق، وكل هذا من أجل خلق استراتيجية عسكرية أمريكية في شرق أفريقيا، لتكون جيبوتي منطلق الوجود الأمريكي، وكذلك الصومال -المطل على البحر الأحمر- في المستقبل المنظور . [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفي غضون أكتوبر الماضي، كشفت صحف دولية وفي مقدمتها واشنطن بوست أن أمريكا قامت بإنشاء مهابط عسكرية في إثيوبيا وجزيرة سيشل، بغية اتخاذهما كمراكز عسكرية أمريكية في القرن الأفريقي، لضرب أو لوأد كل قوة تراها أمريكا أنها تهدد مصالحها في المنطقة، وعلاوة على ذلك، لم تكتف أمريكا فقط على هذا الوجود البعيد من بؤر قلقها، فأنشأت مكاتب سرية تابعة للجهاز الاستخباراتي [/FONT][FONT="]CIA[/FONT][FONT="] في مقديشو، حيث أكدت مصادر مقربة من القصر الرئاسي أن فريقاً من الاستخبارات الأمريكية يعملون جنباً إلى جنب مع الوكالات الأمنية الصومالية، حيث أنشأت تلك الخلية الأمريكية جيشاً يستخدمونهم كدروع بشرية وينفذ لهم متطلباتهم، وهو الجيش الذي يطلق الصوماليون عليه الـ [/FONT][FONT="]BES[/FONT][FONT="]، فهذا الوجود الأمريكي في ميدان المعركة ساهم في إلقاء القبض على كثير ممن يشتبه بتورطهم في تنظيم القاعدة أي حركة الشباب التى تقول واشنطن أنها إرهابية بالدرجة الأولى. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وهناك أيضاً معسكرات أخرى في شمال الصومال وتقع في مدن (جلكعيو وقرطو وجردي) يتم تدريب الشباب فيها تدريباً عالياً وتدفع لهم رواتب تبدأ من 300 دولار إلى 1500 وهي أرقام خيالية خصوصاً في ظل الفقر الشديد في الصومال.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفي منتصف عام 2010 كانت الصراعات المسلحة تشتعل بين قبائل بونت لاند بسبب إصرار الرئيس الجديد وقتها عبد الرحمن فرولي على إبعاد عثمان عبدالله المشهور بـ "ديانا" واستبداله بابن عمه العقيد السابق في جيش سياد بري علي بنجي وبالفعل تم استبعاد عثمان إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]• الأهداف والغايات:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] ومهما تعددت أساليب الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي سواء في البر والبحر والجو، فإن الأهداف الجيوسياسية الأمريكية لاتخلوا من النقاط التالية:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 1/ تشكيل حكومة صومالية لا تتعارض مع المصالح الأمريكية تجاه القرن الأفريقي، وتصبح يداً أمريكية تلوحها واشنطن في أي وقت شاءت ولأي وجه أرادت. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 2/ إذا لم يتحقق هذا البند، فإن أمريكا لن ترضى من أن يصبح الصومال مرتعاً يأوي عناصر تصفهم بـ"الإرهاب" أو أن ترى تهديداً لمصالحها الجيبولوتيكية في المنطقة، حيث تقوم بخلق كيانات منفصلة بعضها عن البعض الآخر، وتتعامل مع كل إقليم على حده، دون النظر إلى العواقب المحتملة لتلك السياسية الأمريكية تجاه تفتيت الوطن الصومالي.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 3/ تعزيز وجودها في إقليم شرق أفريقيا الذي يضم تسع دول (الصومال، وجيبوتي، وكينيا، وإثيوبيا، والخرطوم، وأوغندا، وبروندي، وتنزانيا، وإريتريا)، حيث من المعلوم أنها موجودة حالياً في عدد من تلك الدول بكثافة، وفي مقدمتها كينيا وأوغندا، فضلاً عن إثيوبيا، التى يوجد فيها مراكز عسكرية وأخرى استخباراتية. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] 4/ إمكانية إنشاء خط أنابيب بين جنوب السودان وأوغندا، حيث تجري هذه العملية على قدم وساق في أوغندا، التى يعرف بنظامها الحالي مدى عدائها تجاه حكومة السودان. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 5/ الحصول على قواعد عسكرية أمريكية في المحيط الهندي وخصوصاً قبالة السواحل الصومالية في الظرف الشمالي القريب المتصل بـ "شبه الجزيرة العربية" كنقطة تحكم بها مجريات شرق الأوسط. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] 6/ وفي المستقبل القريب، يمكن لأمريكا تضييق الخناق على الدول العربية وخاصة في المجالين الأمنى والمائى، حيث القبضة الأمريكية تحظى بقوة كبيرة. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]• تحديات جمة:[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وبينما الأهداف الأمريكية تجاه المنطقة كما أسلفنا ذكرها، فإن التحديات لا تزال تشكل عقبة كؤودة نحو تحقيق تلك الأهداف الاستراتيجية، فالمنطقة بتعقيداتها لا تتيح تنفيذ تلك الأجندات الأمريكية بشكل سريع، فربما يطول الوقت أو يقصر.. فالخطط التى تنتظرها واشنطن نحو تحقيق سياستها تتناسب بشكل طردي مع وجودها في المنطقة وتعاملها واحتكاكها بالشخصيات الصومالية التى تحظى بتأييد من قبل المجتمع الصومالي. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="] وفيما يلي نستعرض أبرز التحديات التى تواجه السياسة الأمريكية التى تطبخها بنار هادئة سواءً في جيبوتي أو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]1) الحصول على أرضية قابلة للتمدد الأمريكي في القرن الأفريقي وبالطريقة التى طبقتها أمريكا في جيبوتي. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]2) ضرورة التغلب على عناصر حركة الشباب التى ترى واشنطن أنها أكبر قلق قادم من الصومال، فقبل إنهاء وجود الشباب في جنوب البلاد، فإن كل تلك الخيارات الأمريكية المطروحة وجُل تلك الأهداف تبقى مكتوبة في الأوراق وعالقة في الأذهان، حيث ما تطمح له أمريكا مختلف ومتناقض عما هو موجود في أرض الواقع، فأكبر تحدي للغرب وخاصة أمريكا هو حركة الشباب التى تعتبر بأنها من أفراخ القاعدة في القرن الأفريقي. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]3) ضرورة كسب قلوب الصوماليين ومحو آثار العداء المستحكم في قلوبهم تجاه أمريكا، لأن الشعب الصومالي سيتذمر بشكل غير مسبوق لأي خطوة أمريكية تجاه القرن الأفريقي، فإجراء عملية غسيل المخ بالنسبة لأمريكا لاستمالة السواد الأعظم من الصوماليين ستكون نقطة انعطاف جديدة نحو تحقيق تلك الأجندات الممنهجة والمرسومة عندها. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]4) دعم بناء حكومة صومالية مركزية قادرة على التعامل والتعاطى مع الأجندات الأمريكية، ويرصد لأجل ذلك ميزانية كبيرة من واشنطن، وتتعاون بالطريقة التى تنتهجها بعض الدول العربية، وهو ما سيجعل الخيار الأمريكي نحو الصومال يسعى نحو الأفضل. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]
[FONT="]5) التفتيت الذي بدأ ينهش الجسد الصومالي هو التحدي الآخر، فتوحيد أجزاء الصومال من جديد عملية صعبة، ودون وجود تكامل صومالي تبقى الأجندة الأمريكية ناقصة، إذ أن أراضي الصومال -بمنظومته الجغرافية- جزء لايتجزأ، مهما كانت الظروف، فليست أرض الصومال غنية عن الجنوب، ولا الجنوب الإيطالي غني عن الشمال البريطاني.. وهكذا دواليك.[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT]http://ar.qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8138&Itemid=1312[FONT="] [/FONT]