زيارة جديدة لعبد الحكيم عامر
-جزء 3 -
-جزء 3 -
"تحليل لشخصيته"
عبدالحكيم عامر داخــلــيــا
عبدالحكيم عامر إجـتـمـاعــيــا
عبدالحكيم عامر عربيا
عبدالحكيم عامر داخــلــيــا
عبدالحكيم عامر إجـتـمـاعــيــا
عبدالحكيم عامر عربيا
دراسة تحليلية بقلم دكتور كمال خلف الطويـل
أنشر هذا الجزء "متكامل" من دراسة الدكتور كمال خلف الطويل ، وهو الجزء الذي يتعلق بتحليل شخصية عبدالحكيم عامر من أهم ثلاث نواح ... إنعكست علي الأحداث ... وكانت نتيجة ... وعاملا للتأثير علي مصير حياته
اجوانب الثلاث ، يعتبروا من النقاط الهامة في دراسته عن "عبدالحكيم عــامر" ... وتساعدنا علي تفهم ... باية النــهــــاية ...... أو النهاية للبداية
فيما يلي ما يتطرق اليه الدكتور كمال خلف الطويل في الدراسة التحليلية التي كتبها عن عبدالحكيم عامر والتي ننشرها في موقع ســامي شرف ، سكرتير جمال عبدالناصر ووزير شئون رئاسة الجمهورية سابقا ، والذي نخصصه للتطرق ونشر التفاصيل عن حــروب جمال عبدالناصر .... 67 ، حرب الأستنزاف .. وطبعا حرب 1956
...
وقد سمح لنا الصديق العزيز الدكتور كمال خلف الطويل ، بننشر تلك الدراسة علي الموقع ، حيث نتطرق إلي حرب 1967 وتطوراتها وملابساتها زننشر الخرائط والوثائق والصور ، بحيث يتمكن الباحث ، من العثور علي ما يسعي إليه ... وبشكل متركز عند الدخول لمواضيع الموقع ، وفي موقع واحد
http://samy-sharaf1.bravehost.com/
ويرجي العلم ، بأننا ما زلنا نضيف إليهم يوميا ، العديد ... ومن أقلام ... مؤيدة .. ومعارضة
أنشر هنا ، جميع موضوع التحليل ، وتبعا للفهرس والتقسيم الذي وضعه الدكتور كمال خلف الطويل ، ويرجي ملاحظة ، أنه نظرا لضخامة الموضوع ، فسيتم نشره علي عدة أجـــزاء منفصلة
د. يحي الشاعر
زيارة جديدة لعبد الحكيم عامر
دراسة تحليلية
بقلم
دكتور كمال خلف الطويـل
جـزء 2
حـــــرب 67
الــفــهــرســت
عبد الحكيم عامر عسكريا
عبد الحكيم عامر داخليا
بداية فلقد كان عامر السند الأساسي والأمين للنظام طيلة السنوات الأربعة عشر التي قاد خلالها القوات المسلحة. هذا أكيد، لكن الأكيد بالمقابل هو أن ثمن ذلك كان باهظا على تركيبة النظام وسمعته وأدائه.
منذ أواخر الخمسينات وجدنا عامر قادرا على إبراز معاونيه وإيلائهم أخطر المناصب وأهمها. ها قد جعل من معاونه الرئيس صلاح نصر مديرا للمخابرات العامة في مايو 57 مصحوبا بنائبه عباس رضوان وهو التالي له في القرب. ثم نجده موليا عباس وزارة الداخلية في الإقليم الجنوبي بما عناه ذلك من رَكن زكريا محي الدين في منصب وزير الداخلية المركزي – بطابعه الإشرافي والرمزي – مضعفا بالتالي من منافس كامن رغم عدم سعي الأخير للمنافسة ورضاه بما قُسم له من نفوذ.
ثم نراه يستوزر معاونه الثالث توفيق عبد الفتاح وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية. ثم يتولى الإشراف على المؤسسات العامة وعلى السد العالي وعلى مجلس الطرق الصوفية وعلى اتحاد كرة القدم.
واضح أن ذلك تم برضا عبد الناصر، الذي تصور أن عامر هو الأوثق والأقدر على إدارة الأمور بالحزم العسكري المطلوب وبإشارة للجميع أن الجيش لا زال مربض النظام وهراوته الجاهزة.
جمع عامر بين السياسي والعسكري في مزيج ضعيف الوظيفية أودى إلى خروج الجيش بعيدا جدا عن مهمته الأصلية في حماية الوطن وحماية النظام. لنتأمل حكاية إشراف عامر على النقل العام بالقاهرة عبر أحد ضباطه عبد العزيز الجمل! هل من منطق لهذا اللامعقول؟
بعد نكسة الانفصال السوري اشتدت رغبة عامر في التوسع في القطاعات المدنية. ربما ما كبح اندفاعه بعض الشيء هو انشغاله الشديد بحرب اليمن، لكنه ما إن أزف عام 65 إلا ووجدناه يندفع لآخر الشوط في حلبة تأمين النظام بالوسائل الأمنية.
إذ ما إن اكتشفت أول خيوط مؤامرة تنظيم سيد قطب الإخواني في يوليو 65 إلا وأمسك عبد الحكيم بكل الخيوط عازلا وزير الداخلية عبد العظيم فهمي وجهاز مباحث أمن الدولة التابع له عن القضية تحت تهمة فشل الجهاز في اكتشاف المؤامرة، وموليا التحقيق للشرطة العسكرية وجهاز المباحث الجنائية العسكرية التابع لها، وكله تحت إشراف مدير مكتبه الموثوق شمس بدران.
نجده بعدها بأقل من عام يتقدم لرئاسة لجنة تصفية الإقطاع، والذي بدت ملامح بقاياه في الريف مجسدة في حادث اغتيال صلاح حسين بكمشيش/المنوفية في 1 مايو 66.
تمتعت اللجنة بصلاحيات استثنائية في الاعتقال والمصادرة والعزل زاولتها عبر ذلك العام 66.
مع بداية 67 توسع عمل اللجنة لتصبح لها سلطة الإشراف العليا على جهاز الدولة قاطبة وسميت تناسبا لجنة الرقابة العليا للدولة.
حفلت الشهور الأولى من 67 بعملية إعادة تنظيم شاملة لجهازي الحكومة والقطاع العام والحكم المحلي أوصلت الكثيرين من الموالين لعامر لأبرز المناصب.
تزاوج ترؤسه لتلك اللجنة مع توليه الإشراف على قطاع الشباب وعلى قضايا استزراع الأراضي وعلى قطاع البحث العلمي.
لم يبق لعامر إلا أن يلغي منصب رئيس الوزراء ليصبح الحاكم بأمره في القطاعين المدني والعسكري وليصبح عبد الناصر رمزا للنظام لا أكثر مع بعض سلطة في السياسة الخارجية.
ورغم أن تولية زكريا محي الدين رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية في أكتوبر 65 قلصت من نفوذ الشرطة العسكرية الأمني إلا أن تجاوزات الأخيرة كانت قد بلغت مبلغا شوه سمعة النظام دون مسيس حاجة.
ولعل من مكائد التاريخ أن يكون مكتب عبد الحكيم ذاته مفرخة للتآمر على نظام يوليو، ليس مرة بل مرات. هناك حكاية داود عويس في خريف 59 (ستروى في مكان لاحق) وهناك حكاية عبد الكريم النحلاوي (ومكانها في فقرة أخرى) ثم هناك عبد القادر عيد الذي انكشفت محاولته أعقاب الانفصال وحوكم وأدين.
ومع بلوغ المنطقة عتبة الحرب في يونيو كان عبد الحكيم عامر الأول مكررا بامتياز.
عبد الحكيم عام اجتماعيا
هذا الصعيدي الشهم الذي افتتن به ضباطه لكونه ولي النعم الكريم المدرار عرف أيضا بفروسية طباعه ودماثته ودفئه الودود.
وطيلة السنوات التسع ما بين 52-61 كان عامر مثالا للالتزام العائلي وحسن السلوك والسيرة. صدق فيه حينها وصف عبد الناصر له أنه "كان قطة مغمضة".
والثابت أن ذهابه لدمشق حاكما لها في أكتوبر 59 كان نقطة تحول إلى مسار مسلكي مغاير، مما يوحي ببساطة إلى أن التزامه الخلقي كان – في جانب غير يسير منه – بسبب خشيته من اكتشاف عبد الناصر لأي مزالق مسلكية له.
في دمشق ابتعدت عين عبد الناصر عنه ولازمه سكرتير شخصي هو رمز للاستهتار الخلقي أعني علي شفيق. لم يكن شمس بدران معه هناك ولا عباس رضوان ولا توفيق عبد الفتاح ليبصَّروا وينصحوا.
ابتدأ الترويح بجلسات الحشيش التي ينظمها علي شفيق، ووصل إلى الخمر، ثم تمادى إلى استلطاف المطربة الصاعدة وردة الجزائرية والتسري بمنادمتها.
كل ذلك – على كل – كان يجري بحرص شديد وتكتم أشد، لكن رائحته فاحت رغم ذلك وعلى الأقل ضمن دائرة ضيقة من العارفين من بينهم عبد الحميد السراج.
بعد أن عاد عامر مساء 28 أيلول 61 كسير الخاطر طريدا من "إقليمه" الشمالي، يجر أذيال خيبة حكمه له وفشل صونه من التآمر، أصيب بإعياء نفسي شديد أخاف أعوانه الذين أحسوا أن بقاءهم من بقائه منعةً ودوراً.
اجتهد كاهنهم الأكبر صلاح نصر فرأى في المسرات والمباهج ما يكفل إخراج عامر من ذل الانكسار.
هو من عرفه على برلنتي عبد الحميد حينها وهي التي نالت شذرة من ثقافة نهلتها من خطيبها الشيوعي السابق مصطفى هيكل، فتركت انطباعا آسرا على عبد الحكيم، وهو الفقير في عالم الثقافة والنظريات متكلا – في هذا المضمار – بالكامل على ثقافة عبد الناصر اللامتناهية.
وصلت هذه العلاقة الناشئة إلى ذروتها في ربيع 63 حين عقد عبد الحكيم عليها عقد زواج عرفي جرى التكتم عليه بإتقان من أعوانه، وهم الممسكين بمعظم مصادر المعلومات.
ولولا أن برلنتي حملت منه بعد أعوام أربعة من الزواج لتنجب في فبراير 67 لما عرف أحد شيئا عن المسألة.
سعى عامر إلى التكتم الشديد على مسألة الزواج لمعرفته المباشرة أنه لطالما ردد عبد الناصر أمامه مقولة أن الخيانة الزوجية تساوي الخيانة الوطنية في سوءتها ومداها.
عندما ولد عمرو من برلنتي في فبراير 67 وصل الخبر إلى أحد قيادات الاتحاد الاشتراكي بقسم عابدين، والذي أوصله – بطريقة أم بأخرى – إلى وزير الداخلية شعراوي جمعة.
تحرى الأخير عبر جهاز مباحث أمن الدولة فوجد البلاغ مصيبا. أبلغ عبد الناصر الذي جزع لسماع النبأ واستدعى عامر مجابها إياه به. اشتعل الأخير غضبا وحاول النفي والإنكار لكنه في النهاية أقر بالقصة واعترف. كان ذلك في أواخر أيام فبراير 67.
وتحت ضغط انكشاف موبقاته اضطر عامر لرفع العلم الأبيض راضيا بالابتعاد إلى يوغوسلافيا مدة تكفل معالجة أثر الحكاية تمهيدا لقبول استقالته – دون ربطها بالفضيحة – من الحكم بالتمام والكمال.
انتهت المسألة على غير هذا النحو ... ونقاش ذلك في مكان آخر.
عبد الحكيم عامر عربيا
سبق وتعرضنا لمسرح اليمن بما هو مسرح عربي جرى فوقه اصطراع حركة القومية العربية مع أنظمة العمالة والتبعية.
لكن ما يتوجب تبيانه أنه اجتمعت لإدارة مواجهة اليمن شخصيتان كانت كل منهما الأقل اقتدارا على الإدارة: أحدهما عبد الحكيم عامر للشأن العسكري والآخر أنور السادات – إمعته وخدينه – للشأن السياسي.
أي باختصار توفر لها أسوأ من في القيادة المصرية، وهو مما يشرح بجلاء أسباب العبث وسوء التدبير، الذي تجلى ما بين أكتوبر 62 إلى أبريل 66، وحتى انتهجت سياسة النفس الطويل وتخفيض القوات.
المحطة الأهم في سجل عبد الحكيم العربي هي حكم سوريا بفشل قياسي أوصلها للانفصال.
والحق أن خلفية قرار استنساب عبد الحكيم حاكما مطلق الصلاحيات لسوريا هي المتاعب الكبيرة التي نالها عبد الناصر من فئات البعث المنحل، سواء بالصراع الصامت بين العفالقة والأكرميين، أم بشكوى الطرفين المبالغ بها من وزير الداخلية عبد الحميد السراج، أم بمحاولة وزرائهم تبعيث العديد من أجهزة الدولة بما أوصل شرائح كبيرة من النخبة السورية إلى مرحلة الجأر بالشكوى منهم ومن تحزبهم.
والحاصل أن فصل الخطاب بين عبد الناصر والبعث كان فشل الأخير الساحق في انتخابات الاتحاد القومي في حزيران 59، والذي عزاه البعث – في هروب للإمام – إلى تدخل المؤسسة الأمنية وسرّاجها ضده.
والأدق أن حجم شعبية البعث في الشارع السوري كان فعليا ما عبرت عنه الأرقام، إذ مضى على حكمهم – بالأكثرية – عام ونيف كفل تبين الشارع لفئويتهم وأثرتهم.
تجلى الأخدود الناشئ بين عبد الناصر والبعث في إقالة الأول للبعثي رياض المالكي من وزارة الثقافة والإعلام السورية في أيلول 59، ثم في إثارة وزراء البعث - وعلى رأسهم نائب الرئيس الحوراني - مسألة تحويل الأردن في أكتوبر منه، مطالبين بشن الحرب على إسرائيل لإجبارها على إيقاف التحويل.
والثابت أن مزايدة الحوراني وصحبه في مسألة التحويل كان لها أسوأ الوقع في نفس عبد الناصر، الذي أيقن أنه أمام عصبة من الهواة الطفوليين الذين لا يقدرون مسائل الحرب والسلام حق قدرها ويعبثون بمصائر الشعوب التي ائتمنتهم على سلامة أوطانها ومجتمعاتها.
عند ذاك المفصل جاء تعيين عبد الحكيم عامر نائبا مقيما في دمشق.
صاحب التعيين إعادة تنظيم هيئة أركان حرب القوات المسحلة وتعيين علي عامر رئيسا لها ثم فصل مكتب وزير الحربية عن مكتب القائد العام رغم اجتماع المنصبين في شخص عامر.
عني مكتب وزير الحربية بعلاقاته مع الأوساط السياسية والحكومية المدنية، أما مكتب القائد العام للشؤون العامة فهو المكلف بتأمين القوات السياسي.
لذا صاحب داود عويس مدير مكتب الوزير قائده عامر إلى دمشق كلما قدم إليها بينما قبع شمس بدران مدير مكتب القائد العام في القاهرة طيلة الوقت.