ان اكثر الفوائد الواضحة من استعمال الاصول الجوية في الجيش لتنفيذ المهام المنوطة به هو ان هذا الترتيب يضمن ان تتمتع الوحدات القائمة على الارض بالدعوة الاولى للطائرات المتاحة لمهام الدعم. وليس هناك اي غموض اذا اناط قادة الجيش وحدات الطيران الخاصة به بمهمة تأمين الاصول الجوية. وان الطبيعة العضوية للعمليات الجوية الاحادية الخدمة تتيح اصدار مواصفات مبسطة للطائرات مع تركيز واضح على حاجات الجيش. وهذا يمكن ان يساعد على ابقاء تكاليف المشتريات تحت سيطرة افضل اذا كانت القيود العملانية معروفة في مرحلة باكرة، لكن الخطط الموضوعة تبعا لذلك هي لتعزيز استثمار هذا الخيار من المعدات. وعلى سبيل المثال، ان حيازة اسطول من طائرات القتال الخفيفة بمحركات تربينية مصممة للقيام بدعم جوي قريب، يمكن ان تمنح جيشا اصولا جوية ضاربة بقسوة، بحيث تتيح نشوء قوة ضاربة في منطقة محلية جديدة قد تؤدي ايضا مهاما اضافية كالمراقبة والقيام بالدوريات لحماية القوافل وتغطية عالية لطوافات النقل. وقد تكون هذه قوة محلية قوية جدا تتيح مزيدا من الحرية للعمل بالنسبة للقادة على الارض، وتترك لمهام حيوية اخرى طراز طائرات قوة جوية قتالية ثقيلة تدعو الحاجة اكثر لها. وبالمقابل، يمكن ان يعتبر المخططون في القوات الجوية طائرات القتال الخفيفة انها تشكل استثمارا فقيرا في موارد المشتريات الشحيحة المتاحة نظرا لقدرتها القتالية المحدودة وبالتالي قلة مرونتها، بالمقارنة مع طراز طائرات القتال النفاثة التقليدية. ويمكن ان تكون طائرات القتال الخفيفة فعالة جدا، اذا امكن ضمان التفوق الجوي في المناطق العملانية التي تحلّق فيها. ولكن اذا كانت هناك مراكز جوية او ارضية خطيرة، يمكن ان تكون معرضة نسبيا للخطر نظرا لسرعتها المنخفضة.
القوة الجوية العضوية
ان القوة الجوية العضوية، كمفهوم، هي حاليا معزولة اقل مما كانت عليه، على رغم ان صانعي القرار في الجيش والبحرية وسلاح الجو الاميركي ما زالوا يتنافسون مع بعضهم البعض على جعل الموضوع اداة لضخ على استثمارات جديدة. وغالبا ما ادى هذا في الماضي الى مضاعفة تبديد عال للجهود غير ضروري. وان التمييز في مسؤولية الخدمة الفردية يمكن ان تكون غير واضحة مع بعض التشابك الحتمي في تأمين الدعم الجوي. ومن المعروف ان القادة العسكريين سوف يسعون الى زيادة فوائدهم الخاصة الى اقصى حد من البرامج عندما يفكرون في اولويات الاستثمار. وان الاتجاه الناشىء نحو تنسيق تخطيط الدفاع والعمليات يجعل ذلك سهلا خصوصا بتقاطع تشغيل الاصول ضمن تشكيلات طيران اكبر، وباستعمال افضل المعدات للمهمة في متناول اليد. بصرف النظر عن الجهة التي تنتمي اليها تلك المركبة الجوية المعينة طيران، جيش، بحرية وابان الخدمة الفردية. والمثال الممتاز على ذلك هو قيادة الطوافات المشتركة في المملكة المتحدة التي تدير مجموعة متشابكة من طراز الطوافات المختلفة من اسراب تخدم في كل الاجهزة الثلاثة المنفصلة. وهذا الاتجاه لا يعني ان المعارك على معدات الخدمة الداخلية لا تحصل بعد الان. وكان الجيش الاميركي يرغب مؤخرا في شراء اسطول كبير اكثر من ١٥٠ طائرة من طائرات (C-27 Spartans) باعتبار انها طائرات نقل متوسطة في المسارح الداخلية. وقد رأى سلاح الجو الاميركي ذلك على انه يشكل تعديا على احدى مناطقه الرئيسية الخاصة المسؤول عنها عملانيا. ولذلك، قسم الطلب على طائرات (C-27) الجديدة بين الجيش وسلاح الجو. وان معظم البلدان ليس لديها، مع ذلك، ميزانية دفاعية كبيرة لتخصص من خلالها اصولا جوية مضاعفة على مقياس سلاح الجو الاميركي، وحتى الان ليس هناك حاليا ضغطا سياسيا كبيرا لاجراء المزيد من الادخار. ويبدو مرجحا انه كلما ظهرت خيارات منتوج جديدة، مثل طائرات القتال الخفيفة التي يستخدمها الجيش، فان فوائد تكاليف ادخال اساطيل صغيرة من الطائرات بجناح ثابت يقودها طيار، وطائرات دون طيار قليلة الكلفة سوف ينمو الاعجاب بها. ويمكن مشاهدة هذا في المعارض الجوية الرئيسية الاخيرة حول العالم، حيث ان، كما ذكر سابقا في مجلة الدفاع العربي. طراز مثل طائرة (AT-6C Super Tucano) وطائرة (PC-21) وطائرة (Air Tractor) قد شوهدت كلها في نماذج الدعم الجوي الخفيفة التي تسوّقها بنشاط الشركات التي تصنعها.
المركبات الجوية دون طيار
ان تطوير عدد كبير من المركبات الجوية دون طيار للقيام بمراقبة جوية محلية واستطلاعا للمنطقة قد مكّن وحدات الجيش حتى مستوى الفصيلة من تولي بعضا من المهام التي كانت تنفذها سابقا وحدات طيران متخصصة، مثل اسراب الطوافات ووحدات الرصد الجوي الخفيفة بجناح ثابت. ويزود سوق المركبات الجوية دون طيار حاليا كل طرازات المنصات الجوية، انطلاقا من الاجهزة الصغيرة التي تطلق باليد والتي تبقى محمولة في الجو لعدة ساعات وصولا الى مركبات المخابرات والمراقبة والسيطرة على الهدف والاستطلاع (ISTAR) التي تستطيع البقاء في موقعها لمدة يومين. وان النموذج الاخير الصغير في السوق هو مركبة (RQ-11 Raven) من شركة (Aerovironment)، التي اختارها الجيش الاميركي واكثر من دزينة من المشغلين الآخرين. وقد طلب الجيش الاميركي وحده اكثر من ١٢٠٠ مركبة. وتشمل المركبات الجوية دون طيار الخفيفة الوزن المُمَاثلة مركبة (Puma) من شركة (Aerovironment) ومركبة (Desert Hawk) من شركة (Lockheed Martin) ومركبة (Skylark) من شركة (Elbit) الاسرائىلية ومركبة (Swift - Eye) من شركة (Cyberflight). ويمكن تحميل المركبات الجوية دون طيار الخفيفة الوزن، التي تطلق على سكة، على عربة لتحريكها بسرعة قصوى ليستعملها الجيش، والامثلة على ذلك تشمل مركبة (RQ-15) من شركة (DSR) ومركبة (ScanEagle) من شركة (Boeing) ومركبة (Integrator) من شركة (Insitu/Boeing) ومركبة (Sperwer) من (Sagem) الفرنسية ومركبة (Killer-Bee) من شركة (Raytheon). وقد حوّلت هذه النظم الجوية الجديدة قدرة الجيوش تماما على تطوير قدرات وحداتهم الجوية الخاصة او قواتهم الجوية المنفصلة لوحدها.
تشكل المركبات الجوية دون طيار في حلف (NATO) اولوية عالية للحصول على دفاع مستقبلا. وان اكبر برنامج مركبات جوية دون طيار في الجيش الاوروبي حاليا هو برنامج (Watchkeeper)، الذي يتضمن مركبات جوية دون طيار صممتها المملكة المتحدة ومجهزة تجهيزا شاملا قدمته شركة (Thales). وقد طلب الجيش البريطاني منها اكثر من ٥٠ مركبة. وسوف تدخل المركبة الجوية الاولى الخدمة قبل نهاية السنة الحالية، بعد اجراء مقاربة مرحلية سوف تدخل قدرات اضافية على مدى فترة مقرّرة، تشمل في البداية الاشعة تحت الحمراء ذات القوة العالية والمراقبة والاستطلاع الجوي (SAR) والتصوير البصري - الالكتروني مع وصلات بيانات سريعة للمحطات الارضية الطرفية. وتقضي الاولوية تحقيق انتشار سريع وبداية عملانية في وقت سريع. وان مضاربة البرنامج الطباقي تقضي بادخال اولي لهذه النظم (UAVs) في الخدمة تتبعها سلسلة من التعزيزات طوال حياة النظام. ومن المتوقع ان يشمل هذا خيارا مسلحا مع حمل صواريخ خفيفة الوزن لشن هجمات سريعة على اهداف سانحة يمكن ان تُحدد خلال المراقبة او خلال مهام المتابعة. ولدى الجيش الاميركي في النهاية اسطول من المركبات الجوية دون طيار مؤلفا من مركبات (I-Gnat) و(I-Gnat-ER) الاكبر والاقدر من شركة (General Atomics). ويدخل الجيش ايضا مركبة (MQ-1C Sky Warrior) المماثلة لمركبة (Predator B/Reaper) المسلحة ويستخدمها سلاح الجو الاميركي ومركبة (Mariner) المصممة للاستعمال البحري. ولعله يكون محتم انه كلما ازدادت قدرة المركبات الجوية دون طيار على تأمين قدرة هجومية دقيقة، اضافة الى المراقبة وبيانات التصويب، سوف تكون وحدات الجيش قادرة على التحكم مباشرة بنسبة اكبر من الادوار، التي كانت تتولى تنفيذها عادة طائرات سلاح الجو بدعم قريب. وقد حدث هذا في السابق مما افضى الى مرونة اضافية تقدم الى قادة الجيش. لكن تقدم ايضا الطائرات دون طيار طريقة زهيدة التكلفة وبتكاليف معقولة اكثر، بحيث تشكل قوة جوية محصورة خالية من عبء التدريب الباهظ التكاليف لتدريب الطيارين على القتال. وفيما يجري ادخال المزيد من نظم المركبات الجوية دون طيار المستقلة، فان الحاجة الى مراقبين ذوي مهارة عالية على الارض سوف تنخفض ايضا، فيما يصبح القيام بالمهام الروتينية مؤتمتا تماما، وتتمكن الاطقم على الارض من التركيز على مراقبة البيانات واتخاذ القرارات التكتيكية.
الطوافات
تشكل الطوافات في ساحة المعركة حاليا اداة اساسية في المخزون الجوي للجيش. وتمنح حركة في منطقة واسعة وحرية في نقل الجنود والذخيرة والمعدات والمؤن المتعلقة بذلك. وقد اصبحت الطوافة تشكل عاملا مساعدا رئيسيا تدخر الوقت، وتشكل طريقة اكثر أمنا لنقل القوات في مناطق قد يكون فيها خطر كبير من ادوات التفجير الارتجالية (IEDs) المخبأة والالغام والكمائن من اعداء مسلحين بمدافع وقذائف صاروخية وصواريخ. وان الطوافة المفضلة للدعم في ساحة المعركة حول العالم هي طوافة (CH-47 Chinook) من شركة (Boeing)، التي بات عمر تصميمها حاليا ٤٠ عاما، وقد اثبتت نفسها منذ حرب فيتنام على انها سائدة في بيئة ساحة المعركة. وهي صالحة ايضا للعمليات في الصحاري والجبال والادغال والاحوال القطبية. وقد بقي تصميمها على مر العقود دون اي تغيير كبير في تصميمها الاساسي، الا ان محركاتها ونظمها قد تعرضت دوريا للتحديث. وتتمتع احدث النماذج بمزيد من القوة لنقل الاحمال النافعة الثقيلة في الاحوال الشديدة السخونة. وقد تم تحديث قمراتها لتحضن احدث شاشات العرض الزجاجية والمساعدات، مثل نظم الرؤية الليلية، التي تشمل نظارات في الخوذة ونظم شاخصة الى الامام تعمل بالاشعة تحت الحمراء وابراج بصرية - الكترونية. وهي تتمتع ايضا بمزيد من نظم التحكم بالطيران الرقمية الحديثة ومجموعات مساعدات دفاعية كثيفة للدفاع عن نفسها من الصواريخ والقذائف الصاروخية. وقد جُهّزت بدروع اضافية في قمراتها وفي مقصورات المسافرين، ويمكن تحميلها بمدافع صغيرة داخل الابواب وفي مؤخرة منصة التحميل لتمنح قوة نار قمع اذا دعت الحاجة. ويمكن ان تحمل لغاية ٦٠ جنديا او مصابين في المقصورة ذات السعة الكبيرة. ويمكن تجهيز طوافات (Chinook) في افغانستان كطوافات اسعاف محلقة، قادرة على القيام بتنفيذ حالات جراحية طارئة في الجو وهو في عودتها في الطريق الى المرافق الطبية الاساسية. وقد انقذت مهام النجدة الطبية هذه حياة لا يحصى من الجنود والمدنيين المصابين بجروح خطيرة.
تشمل الطوافات المتوسطة التي يستعملها الجيش طوافة (EH101 Merlin) من (AgustaWestland وطوافة (NH-90) من (Eurocopter) وطوافة (AS532 Cougar) وطوافات (S-70 Blackhawk) من (Sikorsky). وقد بينت طوافة (Blackhawk) في نماذج عديدة مختلفة، وتستعمل في الجيش بصورة رئيسية لنقل القوات وطوافة نقل للمنافع العامة، وتزود القوات في الميدان بحاجاتها، وكذلك النقل الجوي. وان طوافات (Mil-17) الروسية هي ايضا قوية جدا ومقتدرة، وان مئات عديدة منها تخدم في الجيش وفي وحدات القوة الجوية حول العالم. وهي فعالة بنوع خاص في الاحوال الساخنة والعالية وقد جهز البعض منها مؤخرا، مثل تلك التي تستعملها القوات الافغانية، بنظم الكترونيات طيران غربية اكثر حداثة.
اما الطوافات الاخف لمزيد من الاغراض العامة التي يستعملها الجيش لتبادل الاتصال والاستطلاع فتشمل سلسلة طوافات شركة (Eurocopter)، مثل طوافات (AS550) و(EC120) و(EC175) و(EC635) وطوافة (UH-72A) او (EC145).
ومن شركة (AgustaWestland) تأتي طوافات (AW109) و(AW119) و(AW149) و(AW159). وتعرف الاخيرة في المملكة المتحدة باسم (Wildcat)، التي هي قيد الانتاج كخليفة لسلسلة طوافات (Lynx) المستعملة على نطاق واسع، وسوف تجهز في الجيش بنظم (FLIR) وبصريات الكترونية (EO) وبرشاشات وصواريخ. وفي الولايات المتحدة، تستمر طوافة (Huey) القديمة من شركة (Bell) في الخدمة بطراز (UH1Y) مجهز بمحركات (T700) المزدوجة وبقمرة ونظم حديثة. اما الطوافة (OH-58 Kiowa) الاصغر، فهي طوافة كشافة بسيطة لكن ذات رشاقة عالية تستعمل للسيطرة على الاهداف والاستطلاع في النهار او الليل.
ان حماية طوافات الجيش في اوضاع ساحة المعركة قد اصبحت تشكل مهمة رئيسية للطوافات الهجومية، على رغم ان دورها الاساسي كان لتأمين قوة نار مضادة للدروع - وهو عمل لا تزال تستطيع ادائه بتأثير كبير. وان اكثر الطوافات الهجومية الغربية المستعملة على نطاق واسع هي طوافة (AH-64 Apache) من شركة (Boeing) وطوافة (Tiger) من شركة (Eurocopter). وقد اصبحت هذه الصوافات ادوات حيوية فوق افغانستان تؤمن تغطية كبيرة للطوافات التي تحمل قوات. وهي ايضا متاحة للدعم الجوي القريب جدا للقوات التي تتعرض لاطلاق النار، وان قوة نارها المؤذية وقدرتها على اطلاق صواريخ خفيفة الوزن جو - ارض موجهة بدقة تجعلها اكثر الاصول الجوية المخيفة ضد القوات البرية المعادية.
ان الوحدات الجوية في الجيش الحديث هي، كما ذكر سابقا، مدمجة تماما مع قوة جوية اخرى حتى يمكن الحصول منها على اقصى استعمال. ومع ان الطوافات الحديثة والمركبات الجوية دون طيار الاكبر باتت باهظة التكاليف كثيرا، فهي اقدر كثيرا من الاجيال القديمة من طائرات الجيش. ولذلك، فان عددا كبيرا منها لا تدعو الحاجة اليه لتحقيق قدر كبير من ناحية الاستجابة السريعة والاشتباكات الناجحة. وتشكل الوحدات الجوية في الجيش حاليا جزءا لا يتجزأ من ثقافة الطيران في الجيش، الا ان الازمنة تتغير مع التكنولوجيات الجديدة. ولذلك يرجح في المستقبل ان تكون قدرة الجيش الجوية، نزولا حتى مستوى الجندي الفرد، سهلة المنال.