فيلق القدس و الدور المنتظر
حسن الرشيدي
خاص بالبينة / 30-4-2007م
يعتبر فيلق القدس الذي يرأسه الجنرال قاسم سليمان مسئولاً عن العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني، وأقوى أجنحة هذا الجهاز الشبه عسكري والأقوى نفوذاً في إيران.
و نظرا لطبيعة التنظيم المخابراتي فليس هناك تاريخ علني لإنشائه و هناك بعض الروايات تقول أنه تم تشكيله أواخر عهد الخميني بهدف مطاردة الشخصيات والقوى المعارضة داخل البلاد وخارجها. تغيرت وظائف فيلق القدس وحدود مسؤولياته خلال السنوات الأخيرة، بحيث أصبح اليوم مسئولا عن شؤون العراق وأفغانستان والبلدان العربية والإسلامية في ما يتعلق بالحرب غير المباشرة مع الولايات المتحدة.
ففي الأسبوع الأخير من عام 2006 عقد في مقر هيئة المخابرات القومية الأمريكية و التي كان يرأسها نيروبونتى وهى الجهة المسئولة عن تنسيق المهام والخطط بين وكالات المخابرات الأمريكية المختلفة اجتماعاً ضم 75 خبيراً متخصصاً في مكافحة الإرهاب الدولي واستمر الاجتماع يومين لتحليل آخر التقارير الأمريكية والأجنبية حول المخاطر الإرهابية و مستجداتها. وقد تركز هذا الاجتماع للبحث في كيفية مواجهة عودة إيران إلى ساحة الإرهاب الدولي، وولادة تنظيم (قاعدة) جديد تابع لإيران، وهو مما تمثل في بروز فيلق القدس السابق الإشارة إليه، ودوره في دعم التنظيمات المتطرفة والإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وخارجها لمحاربة الولايات المتحدة. وقد اعتبر الخبراء الأمريكيون أن هذا الفيلق أخطر من تنظيم القاعدة بالنظر لقوته البشرية والتسليحية وقدراته المخابراتية والمالية نتيجة احتضان إيران له.
دور الفيلق في العراق :
تشير التقارير الصحفية إلى أن جهاز مخابرات فيلق القدس الإيراني ومخابرات الحرس الثوري الإيراني يقومان بالدور الأخطر على صعيد أجهزة الاستخبارات داخل العراق.
1. أنشأ فيلق القدس التابع لقوات الحرس الإيراني مقراً له تحت غطاء مستوصف في منطقة الكاظمية ببغداد لاستغلاله من قبل منتسبي هذا الفيلق والإرهابيون التابعون له كمبيت ورأس جسر وأنشأت مؤسسة بارسيان خفراء الإنسانية التابعة لقوات الحرس وقد قال أحد الإرهابين والذي يرافقه اثنان من الإيرانيين بأنهم قاموا بعمليات استطلاع في بغداد وقد توجهوا إلى النجف ثم يتوجهون إلى السليمانية ومن ثم عادوا إلى مدينة مريوان الإيرانية.
2. جند فيلق القدس هادي العامري قائد فيلق بدر التابع لعبد العزيز الحكيم وجماعة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية و هادي زوجته إيرانية التحق عام 1986 بفيلق بدر ودخل دورة (دافوس) العليا (كلية القيادة والأركان) ورتبته تعادل عميد حرس لا زال مرتبطاً بفيلق القدس الإيراني ويتقاضى رواتبه من إيران كما هي لحد الآن رغم مسؤولياته الجديدة في العراق ورقم حسابه (3014) ورقم ملفه في سجل الرواتب في فيلق القدس (10074) ويتقاضى راتباََ شهرياً قدره (000ر600ر2) مليون ريال .
3. كشف مسئول في القيادة العامة للقوات المسلحة الإيرانية في شهر مارس الماضي انقطاع الاتصالات بين احد كبار ضباط فيلق القدس في العراق وطهران منذ 3 أسابيع. وأضاف المصدر انه من غير الواضح بعد الأسباب وراء اختفاء العسكري العقيد أمير محمد محسن شيرازي، لكنه قال إن من المحتمل أن تكون القوات الأميركية في العراق اعتقلته ضمن مجموعة من ثمانية ضباط في الحرس الثوري وفيلق القدس وخمسة من عناصر وزارة الاستخبارات الإيرانية منتشرين في العراق.
4. كشف أحد أبناء البصرة في موقع الجيران وهو موقع الجمعية العراقية الكويتية عن أن ضباط فيلق القدس الإيراني هم حكام البصرة الحقيقيين و كشف الرجل على أن قيادات الأحزاب الشيعية التي تعمل في الشارع البصري لديهم رتب عسكرية في فيلق القدس و كشف الرجل أسمائهم المستعارة والحركية التي كانوا يعملون بها داخل إيران.
5. وفي المعلومات الاستخباراتية أن إيران استأجرت واشترت 2700 وحدة سكنية من البيوت والشقق والغرف في مختلف أنحاء العراق، وخاصة في النجف، وكربلاء ليسكن فيها رجال الاستخبارات الإيرانية ورجال فيلق القدس الاستخباراتي الذي يبلغ عددهم 32 ألف إيراني في العراق.
6. تمكن فيلق القدس من إدخال سبعة نواب سبعة في البرلمان العراقي المنتخب و في نفس الوقت لا يزالون في خدمة فيلق القدس الإيراني برتبة عميد في الحرس وهم: العميد مجتبى الساري أمين عام حركة حزب الله في العراق والعميد أبو حسن العامري قائد قوات بدر والعميد أبو مهدي المهندس وهو مسئول عن إحدى الشبكات الإرهابية الإيرانية في العراق والعميد محمد حسين صالح الحسيني من قادة قوات بدر والعميد محمد راجح علوان من قادة قوات بدر والعميد داغر جاسم الموسوي قائد حركة سيد الشهداء والعميد تحسين عبد مطر العبودي الملقب بأبي منتظر الحسيني من القادة في وزارة الداخلية العراقية ومن قادة فيلق بدر.
دور الفيلق في الدول الإسلامية والعربية :
و قد ذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة أن الحكومة الإيرانية بدأت تطبيق خطة كانت قد أعدتها لمواجهة الحرب الأميركية المنتظرة ، تتلخص في محاولة زعزعة الاستقرار العديد من الدول العربية بواسطة خلايا من قوات القدس التابعة للحرث الثوري الإيراني في أكثر من دولة خليجية وشرق أوسطية. وتحدثت تقارير جديدة عن المهمة السرية التي أوكلت لقوات القدس من قبل النظام الإيراني ، وتؤكد أن طهران اتخذت قبل أكثر من شهرين قرارا بإعادة تفعيل مشروع تصدير الثورة والإرهاب واستخدامه كسلاح في مواجهة الأميركيين. وقالت إن المرشد علي خامنئى قد أعطى الضوء الأخضر لهذه المهمة على ضوء تقارير أعدها مجلس الأمن القومي الإيراني تحذر من مغبة تجاوز بعض الخطوط الحمراء في المواجهة مع أميركا حرصا على عدم استفزاز الضربة الكبرى.
وهذه الخطوط هي حسب مصادر إيرانية مطلعة: عدم إقفال مضيق هرمز وعدم تنفيذ عملية إرهابية ضخمة على طريقة عمليات 11 سبتمبر -أيلول- وعدم فتح مواجهة مع إسرائيل وكل ذلك لقناعة المسئولين الإيرانيين بأن أيا من هذه العمليات تقطع الطريق على أي مجال للتفاوض وتشكل تبريرا لغزو إيران. وفي المقابل ، استذكر الإيرانيون أن تجربة العمليات الإرهابية والتفجيرات بما فيها عمليات خطف الرهائن التي استخدمت في الثمانينيات والتسعينيات سبق أن قادت إلى فتح مفاوضات مع طهران بل إلى مساعدتها عسكريا كما حصل عبر ما يسمى بفضيحة إيران - جيت.
وعلى ضوء ذلك تكشف التقارير الاستخبارية أن قرار تفعيل تصدير الثورة والإرهاب قد استتبع سريعا بقرار إعادة تفعيل مكتب -حركات التحرر- وإعداد خطة مبرمجة لإعادة قنوات الدعم والاتصال ليس فقط مع الحركات الإسلامية الشيعية التي تدور في فلك إيران وحزب الله ولا حتى التنظيمات الفلسطينية مثل حماس والجهاد وتلك التابعة أكثر لسورية مثل تنظيم أبو موسى والجبهة الشعبية - القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل، فالتقارير الأمنية تتحدث عن أن -مكتب حركات التحرر- الذي أوكلت رئاسته إلى ضابط كبير في -قوات القدس- التي يقودها الجنرال قاسم سليمانى قد ركز نشاطاته الجديدة على توسيع شبكة التنظيمات المسلحة المؤهلة للتعامل مع إيران .
وقد لجئت قيادة قوات القدس والحرس الثوري والمخابرات الإيرانية إلى إنشاء -فيلق الخليج- وهو فيلق تابع لقوات القدس ومتخصص فقط بالعمليات في الدول الخليجية وفي المعلومات أن هذا الفيلق بات يضم أكثر من 1500 عنصر ينتمون إلى عدة دول خليجية ويتوزعون على كتائب باسم هذه الدول مثل كتائب البحرين وكتائب الكويت ويتم تخريج مجموعاته في عدة معسكرات ودول من أجل إبعاد الشبهات حيث تتوزع دورات التأهيل والتدريب بين معسكر الهرمل في لبنان ومعسكر الزبدانى في سورية -إضافة إلى معسكر آخر عند الحدود السورية ـ العراقية- وثكنة الإمام على قرب طهران ومعسكر في منطقة ديالى في العراق.
وتشير بعض التقارير إلى أن الحرس الثوري الإيراني قد افتتح مؤخرا أكثر من أربعة معسكرات في العراق لتدريب عناصر -فيلق الخليج- على العمليات الانتحارية وتفخيخ السيارات وحرب العصابات إضافة إلى استخدام معسكرات تابعة لجيش المهدي بإشراف ضباط من قوات القدس.
وتجمع التقارير الراصدة لمجريات الحرب الأميركية ـ الإيرانية غير المعلنة على أن المعلومات الأخيرة عن نشاطات -قوات القدس- وتحديدا أن طهران لجأت إلى نشر أكثر من عشرة آلاف عنصر من هذه القوات التي تعتبر قوات النخبة في الحرس الثوري وقوات العمليات الخارجية الخاصة وذلك في أكثر من سبع دول عربية وذلك بمهمة مواجهة الأميركيين بعيدا عن الحدود الإيرانية وفتح حرب غير نظامية معهم تعتبر إيران خبيرة فيها .
و هكذا يستخدم ما يعرف بفيلق القدس كأداة في الإستراتيجية الإيرانية في مواجهتها المقبلة مع الولايات المتحدة.
المصدر:
http://www.albainah.net/index.aspx?function=Item&id=16036