الثورة البيضاء الوحيدة في التاريخ
في كتابه (قصة الحضارة) ترجمة د. زكي نجيب محمود للمؤرخ الكبير ول ديورانت يقول: لن تجد في التاريخ الحديث أروع ولا أعجب من الطريقة التي استيقظت بها اليابان من نعاسها استيقاظا جازعا على صوت مدفع الغرب، فوثبت تتعلم الدرس. واصلحت صنع ما تعلمته. وافسحت صدرها للعلم والصناعة والحرب. ثم هزمت كل منافسيها في ميدان الحرب وميدان التجارة معا وبانت خلال جيلين اكثر أمم العالم المعاصر تحفزا للعدوان.
هل كان لا بد من الصدفة أو الصدمة؟ هل كان لا بد ان تدق أمة على دماغها لكي تصحو من سبات عميق؟ يبدو انه كان ضروريا، ثم حدث في اليابان ما يشبه الأسطورة أو ما يشبه المعجزة. بلاش كلمة المعجزة. فاستخدام هذه الكلمة في اليابان وألمانيا يغضب الجميع
مثال واحد من اليابان يكفي، في سنة 1853 جاءت سفينة حربية أميركية ووقفت في ميناء طوكيو، ولأول مرة يرى اليابانيون سفينة حربية عليها مدافع وطاقمها يرتدي الملابس البيضاء الناصعة، ولكن الأميركان لم يجدوا أحدا يتفاهمون معه لإمدادهم بالماء العذب إذا احتاجوا إليه. فانسحبوا ثم عادوا ومعهم هدايا، واتفقوا على المعاملة بالمثل إذا ذهبت سفن يابانية إلى أميركا، ولكن الشعب الياباني شعر بالإهانة فقد اقتربت السفن الأميركية من دون إذن ونزلت إلى الشاطئ من دون تصريح ولكن المعجزة ـ بالمعنى العربي ـ قد حدثت، فقد اجتمع المثقفون اليابانيون وأيقنوا: انهم جهلة وانهم يجب ان يتعلموا فورا، واختلفوا في كيف يتعلمون: هل يدرسون في أوروبا وأميركا أو هل يأتون بمن يعلمهم وقرروا أن يأتوا بالمعلمين واختاروا عشرة منهم والعشرة سافروا إلى أوروبا والى أميركا وعادوا واجتمعوا وقرروا.
وكان قرارهم هو أول وآخر ثورة بيضاء في التاريخ.
قرروا ان يجيء من فرنسا من يضع لهم الدستور والقانون ومن بريطانيا من يبني لهم السكك الحديدية ومن ألمانيا من يبني لهم المستشفيات ومصانع الدواء ومن إيطاليا من يعلمهم الرسم والموسيقى ومن أميركا من يبني لهم المدارس، وجاء الخبراء يعلمون المئات وقام المئات يعلمون عشرات الألوف واقفلت اليابان الأبواب والشبابيك على نفسها واشاعت العلم في كل مكان وفوجئ العالم بإغراق اليابان للأسطول الروسي، وتنافست الدول الغربية في مساعدة اليابان ضد روسيا وضد الصين، فقد استخدمت اليابان اللاسلكي لأول مرة في رصد تحركات الأسطول الروسي قبل ان تلتقي به وتغرقه في المحيط. هنا ادرك العالم ان عملاقا فتيا قد ظهر في الشرق وانه قادر على ان يوقف الأطماع الروسية والصينية، وظلت اليابان تعلو وتكتسح حتى أغرقت الأسطول الأميركي في بيرل هاربور واغرقت الأسواق بالسلع من كل لون وحجم، وان تكون خطرا على كل الدول
في كتابه (قصة الحضارة) ترجمة د. زكي نجيب محمود للمؤرخ الكبير ول ديورانت يقول: لن تجد في التاريخ الحديث أروع ولا أعجب من الطريقة التي استيقظت بها اليابان من نعاسها استيقاظا جازعا على صوت مدفع الغرب، فوثبت تتعلم الدرس. واصلحت صنع ما تعلمته. وافسحت صدرها للعلم والصناعة والحرب. ثم هزمت كل منافسيها في ميدان الحرب وميدان التجارة معا وبانت خلال جيلين اكثر أمم العالم المعاصر تحفزا للعدوان.
هل كان لا بد من الصدفة أو الصدمة؟ هل كان لا بد ان تدق أمة على دماغها لكي تصحو من سبات عميق؟ يبدو انه كان ضروريا، ثم حدث في اليابان ما يشبه الأسطورة أو ما يشبه المعجزة. بلاش كلمة المعجزة. فاستخدام هذه الكلمة في اليابان وألمانيا يغضب الجميع
مثال واحد من اليابان يكفي، في سنة 1853 جاءت سفينة حربية أميركية ووقفت في ميناء طوكيو، ولأول مرة يرى اليابانيون سفينة حربية عليها مدافع وطاقمها يرتدي الملابس البيضاء الناصعة، ولكن الأميركان لم يجدوا أحدا يتفاهمون معه لإمدادهم بالماء العذب إذا احتاجوا إليه. فانسحبوا ثم عادوا ومعهم هدايا، واتفقوا على المعاملة بالمثل إذا ذهبت سفن يابانية إلى أميركا، ولكن الشعب الياباني شعر بالإهانة فقد اقتربت السفن الأميركية من دون إذن ونزلت إلى الشاطئ من دون تصريح ولكن المعجزة ـ بالمعنى العربي ـ قد حدثت، فقد اجتمع المثقفون اليابانيون وأيقنوا: انهم جهلة وانهم يجب ان يتعلموا فورا، واختلفوا في كيف يتعلمون: هل يدرسون في أوروبا وأميركا أو هل يأتون بمن يعلمهم وقرروا أن يأتوا بالمعلمين واختاروا عشرة منهم والعشرة سافروا إلى أوروبا والى أميركا وعادوا واجتمعوا وقرروا.
وكان قرارهم هو أول وآخر ثورة بيضاء في التاريخ.
قرروا ان يجيء من فرنسا من يضع لهم الدستور والقانون ومن بريطانيا من يبني لهم السكك الحديدية ومن ألمانيا من يبني لهم المستشفيات ومصانع الدواء ومن إيطاليا من يعلمهم الرسم والموسيقى ومن أميركا من يبني لهم المدارس، وجاء الخبراء يعلمون المئات وقام المئات يعلمون عشرات الألوف واقفلت اليابان الأبواب والشبابيك على نفسها واشاعت العلم في كل مكان وفوجئ العالم بإغراق اليابان للأسطول الروسي، وتنافست الدول الغربية في مساعدة اليابان ضد روسيا وضد الصين، فقد استخدمت اليابان اللاسلكي لأول مرة في رصد تحركات الأسطول الروسي قبل ان تلتقي به وتغرقه في المحيط. هنا ادرك العالم ان عملاقا فتيا قد ظهر في الشرق وانه قادر على ان يوقف الأطماع الروسية والصينية، وظلت اليابان تعلو وتكتسح حتى أغرقت الأسطول الأميركي في بيرل هاربور واغرقت الأسواق بالسلع من كل لون وحجم، وان تكون خطرا على كل الدول