السعودية والخصخصة!
الثلاثاء - 7 ذو الحجة 1438 هـ - 29 أغسطس 2017 مـ رقم العدد [14154]
حسين شبكشي
اعلاميّ ورجل اعمال سعوديّ وعضو مجلس ادارة شركة شبكشي للتّنميّة والتّجارة وعضو مجلس ادارة مؤسّسة عُكاظ للصّحافة والنّشر
المتابع المهتم لأخبار السعودية سيجد حراكاً لافتاً ومهماً وغير مسبوق من الحكومة فيها باتجاه «الخصخصة»، لسنوات طويلة جدا كان هناك حديث وبرامج توضع لخصخصة بعض القطاعات، إلا أن القرارات التنفيذية لها سرعان ما تعطلت وبقيت أسيرة أدراج الروتين وأرفف النسيان.
لكن هذه المرة يبدو أن هناك جدية حقيقية وملموسة في هذا الاتجاه الجديد، فلم يعد سراً ولا خافياً على أحد أن السعودية أعلنت (وتنفذ فعلياً) برنامجها لتخصيص كافة المطارات الجوية، بالإضافة لإدارة الطيران المدني نفسها. وكل من يزور السعودية يرى مطاراتها تتطور وتنتج فرصاً وظيفية بأعداد لافتة لم تكن موجودة من قبل، لأن الفكر التجاري الرشيق والحر لا يتحمل إلا الأداء الفعال الخالي من التخمة. وهناك حديث عن خصخصة بعض الشركات التابعة للناقل الوطني الخطوط السعودية، وهي خطوة مطلوبة طال انتظارها من المنتظر أن تتيح الفرصة لفتح المجال لتوظيف كوادر جديدة من المؤهلين في ظل مناخ تنافسي حاد تشهده أسواق الطيران السعودي، وفي مجال منظومة السكك الحديدية العابرة للمدن وفي داخل المدن نفسها.
فالشركات التي ستحدث هي الأخرى ستتيح فرصاً «جديدة» تماماً لسوق واعدة وكبيرة. ومن المعروف أنه تم الإعلان عن خصخصة القطاع الصحي والسماح فيه بملكية أجنبية كاملة، أي من الممكن أن نرى كيانات أميركية وألمانية وخليجية وفرنسية وبريطانية وهندية عاملة في هذا القطاع الواعد والهائل، والذي لا يزال بعيداً جداً عن تغطية وتلبية الاحتياج الاقتصادي والخدمي المطلوب.
وما قيل عن القطاع الصحي يقال أيضا عن خلق الفرص الوظيفية فيه، فهذا القطاع سيفتح المجال أمام آلاف الفرص الوظيفية المتنوعة والواعدة.
وقطاع الموانئ البحرية هو الآخر موعود بموجة حادّة من الخصخصة لإتاحة الفرص التنافسية وتحسين الأداء حتى يكون مؤثراً وفعالاً بشكل مدروس وقابل للقياس. وقطاع التعليم يجري الحديث والإعداد فيه لنقلة نوعية تكون الخصخصة فيه أحد أهم عناصر التغيير المنشود، وهي خطوة من المنتظر أن تؤثر بشكل جدي وإيجابي على سوق العمل والفرص الوظيفية فيها.
السعودية قررت أن تكون «الخصخصة» جزءاً أساسياً من خطتها الاستراتيجية لتطوير اقتصادها، مما يعني مد جسور الثقة مع القطاع الخاص الذي مرت معه بعلاقات شد وجذب بسبب سياسات متناقضة في السابق، ولدت شروخاً في جدار الثقة ومن الضروري عدم العودة إليها بأي حال من الأحوال.
القطاع الخاص شريك أساسي وحيوي في التنمية، وعليه اعتماد كبير في جلب رؤوس الأموال الأجنبية، لأن رأس المال الأجنبي قبل أن يأتي إلى سوق جديدة سيقيم وضع رأس المال الوطني فيها. هذه من البديهيات الأساسية. اعتماد الخصخصة كجزء أساسي من التوجه الاقتصادي الجديد هو من عوامل التفاؤل، وخصوصا أنها تصبُّ في اتجاه إيجاد الوظائف وليس فقط إحلال الوظائف، فالأولى توجد نمواً اقتصادياً مستداماً، والثانية ليست إلا حلا قصير الأجل.