ثارت انتفاضة الشعب المصري التي نجحت في إسقاط نظام مبارك العديد من المخاوف في إسرائيل، أولها الخوف على الأوضاع الأمنية على الحدود بين مصر وإسرائيل، إضافة إلى التخوف على مصير اتفاقية السلام بين مصر
وإسرائيل، والتي استمرت لأكثر من ثلاثين عامًا, وأيضًا الخوف من وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر، الأمر الذي قد يحول مصر لإيران أخرى، وفقًا لرأي نتنياهو.
الغريب أن موقف الولايات الأمريكية من الأوضاع في مصر وموقفها من الرئيس مبارك أثار القلق أيضًا, فمبارك كان يعد حليفًا قويًا لإسرائيل، ومع ذلك أدارت الولايات المتحدة وجهها عن مبارك بعد خروج الشعب المصري إلى شوارع القاهرة مطالبين برحيله، في حين كان يأمل بمساعدة أمريكا له, الأمر الذي قد يتكرر مع "إسرائيل"، وفي هذه الحالة ستفقد "إسرائيل" الإعانة العسكرية الأمريكية بما يهدد أمنها القومي.
مخاوف "إسرائيل" حول اتفاقية السلام
في رد فعل أول حول تخلي مبارك عن الرئاسة، أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن رئيس المخابرات الداخلية "شاباك" الأسبق وعضوالكنيست، آفي ديختر، أعرب عن أمله في ألا يؤثر تخلي مبارك عن الرئاسة على اتفاقية السلام بين مصر و"إسرائيل", حيث أشار في لقاء له مع قناة CNN ، أن السلام يعد ضرورة استراتيجية لمصر، كما أنه ضرورة استراتيجية لـ"إسرائيل"، ولا يمكن أن تتخلي أي من الدولتين عن اتفاقية السلام بهذه السرعة, كما أشار التقرير إلى أن فترة رئاسة الرئيس مبارك التي امتدت لمدة ثلاثين عامًا, انتهت بخطاب مقتضب من جانب نائب الرئيس عمر سليمان, كما أشار التقرير أيضًا إلى أن الفرحة العارمة التي انتابت الشارع المصري، ولاسيما في ميدان التحرير الذي توافد عليه عدد كبير من المتظاهرين للاحتفال.
وفي تقرير آخر يعكس القلق الإسرائيلي من وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر, نقل تصريحات المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين، عصام العريان, والذي أكد خلال هذه التصريحات، أن الحركة لا تسعى للوصول إلى كرسى الرئاسة، بينما تسعى أن تكون جزءًا من السلطة في مصر, كما أكد العريان على العلاقة الجيدة التي تربط الحركة بجميع فئات الشعب المصري, المسلمين منهم والمسيحيين, الأمر الذي ينفي عن الحركة الاتهام بأنها حركة متشددة, وأضاف العريان: إن على الجميع في مصر أن يفخر بما وصلت إليه الأحوال في مصر من حرية، فقد استطاع الشعب أن يفرض كلمته ورفض رئيسه, والآن علينا أن نتحد جميعًا لرسم الخطط للمستقبل, بينما أشار تقرير بجريدة هآرتس إلى أن هناك انقسامًا بين المتظاهرين في التحرير، فالبعض منهم يرى أنه يجب العودة إلى المنازل، بعد أن تخلي مبارك عن منصبه, بينما رأى البعض الآخر أن يظل في مكانه حتى يتضح له ما هي خطة الجيش للمرور من هذه الأزمة.
وفي تقارير صحفية لاحقة أشارت كل من يديعوت أحرونوت ومعاريف وهآرتس إلى البيان الرابع للجيش، والذي أكد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتعهد بالحفاظ على كل المعاهدات الدولية التي عقدتها مصر فيما سبق, لما في ذلك من إشارة إلى اتفاقية السلام بين مصر و"إسرائيل".
ونقل تقرير آخر تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أمام عدد كبير من أعضاء البرلمان من الدول الأوروبية, والتي نقل خلالها من جديد مخاوفه من أن تتحول مصر لإيران أخرى، حيث يصبح الشعب المصري شعبًا مقهورًا، كما تهدد مصر كل الدول من حولها, وأشار نتنياهو أن هذا الاحتمال هو أحد الاحتمالات المطروحة، ولكن في نفس الوقت قد تتحول مصر إلى دولة ليبرالية ديمقراطية، وقال نتنياهو: "أنا لا أعلم حقيقة الوضع بالضبط في مصر، ولكن مصلحتنا في هذا الشأن واضحة، وهي الحفاظ على السلام الذي استمر على مدار ثلاثة عقود، والذي ضمن للمنطقة الاستقرار، "وأضاف نتنياهو: "إسرائيل تؤمن أنه على المجتمع الدولي أن يطالب كل حكومة قادمة في مصر، أن تحافظ على اتفاقية السلام مع إسرائيل"، واستكمل نتنياهو: "إسرائيل دولة ديمقراطية تقدر كل الأفكار الداعية إلى الحرية والديمقراطية، فهذه الأفكار هي التي تضمن السلام, ولكن إذا استغلت الحركات المتطرفة الفرصة لتحقيق أهدافها، والوصول إلى السلطة؛ ليتحول الوضع كما حدث في إيران النتيجة ستكون عرقلة السلام".
"إسرائيل" تخشى غدر أمريكا
في تحليل لموقف الولايات المتحدة الأمريكية للأحداث التي جرت في مصر، أشار تقرير بجريدة معاريف إلى أن الولايات المتحدة أنهت تحالفها مع مبارك، والذي استمر ثلاثون عامًا فور نزول المواطنين إلى شوارع القاهرة، مطالبين بسقوط النظام, وكان مبارك يأمل في مساعدة الولايات المتحدة له، لكن في البداية اصطدم بتهرب ثم بالتخلي بشكل واضح, وأكد التقرير أنه إذا كان ذلك ما حدث مع حليف قريب جدًا من الولايات المتحدة الأمريكية، وحظي بإعانة عسكرية على مدار فترة طويلة, فقد يتكرر نفس الشيء مع إسرائيل, ونقل التقرير رأي البروفيسير، يوسى شاين، رئيس قسم السياسة بجامعة تل أبيب، وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون بواشنطن، حيث قال: "الولايات المتحدة الأمريكية تغير سياستها الخارجية كل فترة"، وأضاف شاين: "بعد حرب الأيام الستة أدارت فرنسا ظهرها عن "إسرائيل"، وأصبحت هناك ضرورة لإيجاد بديل للسلاح الفرنسي, وفي نفس الإطار قد يتكرر الأمر مع الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال الرئيس أيزنهاور، أشار إلى أن "إسرائيل" لا تشكل أهمية لبلاده, كما أن جورج بوش الأب أكد على مسألة الضمانات، فإن لم تحافظ إسرائيل على المصالح الأمريكية ستمنع الولايات المتحدة عنها السلاح, وهذا أمر في غاية الخطورة بالنسبة لنا"، واستكمل شاين: "الخطورة لن تكون لحظية، ولكن وضع إسرائيل سيكون متأزمًا، فالسلاح الأمريكي هو الذي أنقذ "إسرائيل" في حرب أكتوبر من كارثة حربية, وفي حالة منع الإعانة الأمريكية ستزداد المطالبة بإبطال شرعية "إسرائيل"، وسيزداد سعر الوقود, وسيتهدد الأمن القومي الإسرائيلي، حيث ستسعى كل الدول العربية لمهاجمة إسرائيل, كما أننا سنتحول إلى دولة تعاني من العزلة، حيث ستمتنع الولايات المتحدة من التصدي لأى قرارات ضدنا في الأمم المتحدة وقتها سيكون وضعنا متأزمًا للغاية".
القضية الفلسطينية وحل مشكلات الشرق الأوسط
أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، أمام اجتماع أعضاء البرلمان بالدول الأوروبية، أن السبب الحقيقي وراء الأزمات في الشرق الأوسط هو الأوضاع الداخلية المتأزمة بالدول العربية، والتي يرى أنها إذا استمرت ستعمل على إضعاف الدول الإسلامية، وقال في خطابه: "اليوم يتضح للسلطة أن الخطر الحقيقي عليها ليس الصهيونية، وإنما حماس وحركة الجهاد الإسلامى"، وأشار ليبرمان إلى أنه لا يرى في البناء في المستوطنات خطر على عملية السلام" ليس هذا سببًا حقيقيًا حتى تتوقف عملية السلام, ولابد أن ألفت النظر إلى أننا وقعنا على اتفاقيتين للسلام مع مصر والأردن".
وكان جيمس جونس الذي عمل كمستشار للأمن القومي للرئيس الأمريكي قد قال في خطاب له أمام مؤتمر هرتسيليا: "إن القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية التي تؤثر على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم كله, وقال جونس: إن هناك رأيًا داخل الحكومة اليمين الأمريكية يؤكد أن حل الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيعمل على حل العديد من المشاكل في الشرق الأوسط، ومن بينها القضية الإيرانية, وأكد جونس أن الوضع الحالي ليس في مصلحة "إسرائيل"، إذ ربما يزيد عدد الدول التي تعترف بفلسطين على الدول التي تعترف بـ"إسرائيل"، وحينها ستتعرض "إسرائيل" للعزلة الدولية, والوقت ليس في صالح "إسرائيل"، وعليها أن تنهي هذه الأزمة؛ لأنها مفتاح لحل كل المشاكل, وأكد جونس أن الوضع الحالي في صالح إيران وحماس وحزب الله، وأنه لا بديل لـ"إسرائيل" عن حل الدولتين, وعقب خطابه أكد جونس للصحفيين، أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يريد حل الدولتين الذي يعتبره مفتاحًا لحل العديد من المشكلات في المنطقة