إسرائيل طورت أجيالاً جديدة من الطائرات ذات قدرات تجسسية وقتالية فائقة
تناقلت وسائل الإعلام العالمية والمحلية أخبار الهجوم الغامض الذي شنته إسرائيل على الأراضي السورية يوم 6 سبتمبر ، وحاولت معرفة أهداف ذلك الهجوم. وقد تسربت تصريحات للإعلام الأمريكي بأن إسرائيل هاجمت أهدافا "نووية" ، هي باكورة تعاون نووي بين سوريا وكوريا الشمالية. بينما تسربت تصريحات أخرى بأن الهدف كان شحنة أسلحة إيرانية ضخمة كانت في طريقها لحزب الله في لبنان.
ومما زاد من الغموض الذي لف تلك الحادثة أن إسرائيل أعلنت على لسان رئيس لجنة الأمن والشؤون الخارجية في الكنيست الإسرائيلي تساهي هانكبي أن الحكومة الإسرائيلية قررت اعتماد سياسة الالتزام بالصمت حول ما جرى ، وذلك لتخفيف التوتر بين سوريا وإسرائيل. بينما اكتفت سوريا بإعلان رسمي مقتضب بأن " ... طائرات اسرائيلية قد اخترقت الاجواء السورية في وقت مبكر من صباح السادس من الشهر الجاري قادمة من البحر المتوسط وأن الدفاعات السورية تصدت للطائرات الاسرائيلية مما أجبرها على إلقاء ذخائر في منطقة صحراوية نائية دون أن تسبب أية خسائر مادية أو بشرية...".
وأيا كان الغرض من تلك الغارة الغامضة ، فإن إسرائيل أعربت عن "ارتياحها" لاستعادة الثقة في إمكانيات الردع التي تمتلكها ، وذلك في إشارة إلى الفشل الكبير الذي منيت به في حربها الصيف الماضي ضد حزب الله. وقد أرجع كثير من المراقبين قوة تلك الغارة الإسرائيلية إلى القدرات التجسسية والقتالية الفائقة لعدة أجيال من الطائرات الإسرائيلية الصغيرة التي تؤدي هذه المهام بدون طيار.
"برهنت الحرب في لبنان أننا بحاجة إلى وسائل قتالية صغيرة. ليس هناك منطق في إرسال طائرة تبلغ كلفتها 100 مليون دولار ضد المقاومة اللبنانية. التكنولوجيا الصغيرة ستمكننا من صنع أسلحة مستقبلية. هنا يكمن المستقبل ....".
بهذه النتيجة خرج الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بعد تقييمه لحرب حزب الله الأخيرة التي اعتمد الجيش الإسرائيلي بشكل رئيسي فيها على الطائرات من دون طيار في حروبه كسلاح أساسي ورئيسي في مهام الاستطلاع والتجسس الجوّي الليلي والنهاري كونها كانت عين العدو على الأرض. ويختصر أحد المقاومين الذين شاركوا في القتال على الجبهات الأمامية دور طائرات التجسس بعبارة واحدة "كانت الحرب كلها". إذ عمد العدو منذ اليوم الأول للحرب إلى تغطية السماء اللبنانية والجنوبية خصوصا بمئات منها حيث لم ينخفض عددها عن 200 طائرة طوال فترة الحرب، بحسب احد المصادر المطلعة في المقاومة. ويلقي هذا التحقيق الضوء على بعض الأدوار التي قامت بها هذه الطائرات خلال الحرب بحسب روايات خبراء المقاومة والمقاومين والوقائع الميدانية خلال الحرب. كما يعرض لأهم التغييرات التي طرأت عليها منذ الحروب الإسرائيلية ـ العربية الأولى وحتى الآن شارحا أهم التطويرات التي تشهدها هذه الطائرات، بحسب مواقع عسكرية إسرائيلية على الإنترنت.
تعتبر إسرائيل من الدول المصنعة والمطورة لأهم أنواع طائرات التجسس في العالم حيث تمتلك، على مستوى التجسس والاستخبارات الجوية، أسرابا مختلفة الأحجام ومتعددة المهام لمراقبة تحركات الأفراد والتشكيلات في المناطق المختلفة وفي ساحات الحرب، مستخدمة أفضل الطرق والوسائل وتجهيزات المراقبة المتطورة. ويستثمر العدو المعلومات الجوية بشكل فاعل في خدمة قواته العسكرية البرية والبحرية والجوية. ومع تقدم وتطور عمل الاستخبارات والتجسس الجويّ سعى العدو بشكل مستمر إلى تطوير الطائرات مستفيدا من آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية حيث عمل على إنتاج عشرات الأنواع من هذه الطائرات، وقام بتزويدها بأهم الوسائل التقنية البصرية والالكترونية وأجهزة الرؤية المتعددة الليلية والنهارية، الحرارية، والرادارية والأشعة تحت الحمراء. وقد شمل هذا التطوير المستمر القدرات العملانية والتكتيكية حتى تعدت مهام التجسس وجمع المعلومات إلى المهام القتالية الفعلية من خلال تزويدها بصواريخ لإطلاقها على الأهداف الثابتة المتحركة سواء كانت إنسانا أو سيارة، لاستخدامها في عمليات الاغتيال، والتخفيف بذلك من الاعتماد على العنصر البشري في العمليات الأمنية. وهي قدمت المساعدة للقوات البرية بتدميرها السيارات والآليات العسكرية وحتى استهدافها الأفراد كما حدث في الحرب الأخيرة، حيث تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في الأرواح خلال المواجهات المباشرة مع المقاومين. إضافة إلى ذلك يقلل استخدام الطائرات من دون طيار من التكاليف المادية الهائلة عند استخدام الطائرات الحربية.
وتعد الطائرات الاستطلاعية والمقاتلة من دون طيار أحدث مرحلة وصلت إليها عملية تطوير طائرات الاستطلاع والتجسس. وهي قامت في الأساس على فكرة علاج قصور الرادارات في اكتشاف الأهداف التي تحلق على ارتفاع منخفض فكان الحل بحمل الرادارات على سطح الطائرة أو المنطاد لاكتشاف الأهداف المنخفضة والتي لا تتمكن الرادارات الأرضية من سرعة تحديدها بسبب كروية الأرض، وهو ما يؤثر على سرعة إيصال المعلومات إلى مراكز تجميعها لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
يطلق العدو على أسراب طائرات التجسس من دون طيار اسم "استخبارات الجو". وتعتبر المهام الاستخبارتية العصب الحيوي للجيش الإسرائيلي حيث يعمل باستمرار على تطوير القدرات الخاصة بها لتلبي الاحتياجات الاستخباراتية الجوية كافة. وقد عزز هذا التطور موارد الاستفادة المتعددة المهام من هذه الطائرات بامتلاك القدرات التكتيكية التي تمكن من التغطية الاستخباراتية لمساحات واسعة عبر إطلاق وإدارة تشكيل مؤلف من خمس طائرات تجسسية في وقت واحد وفق ظروف مناخية وجوية صعبة. ومع تنوع المهام الاستخباراتية فإن طائرة التجسس تجهز عادة بالوسائل التي تناسب طبيعة وحجم المهام الموكلة اليها قبل أن يتم إطلاقها وتوجيهها من غرفة القيادة نحو الأهداف. وتقسم الوظائف الخاصة بطائرات التجسس إلى المهام الأساسية التالية :
التعديل الأخير بواسطة المشرف: