تعد ثورة ظفار التي انطلقت منذ عام 1965م في الجزء الجنوبي من سلطنة عمان ، واحدة من أطول الثورات العربية ، حيث امتدت زهاء ما يقارب عشرة أعوام، وقد واكبت حقبة الثورات التحررية من الاستعمار العالمي والتي شهدتها المنطقة العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين .
أسباب الثورة وقيامها
تتعد الأسباب التي أدت الى قيام الثورة في ظفار على حكم السلطان سعيد بن تيمور ، وكان أهمها حالة التخلف التي سادت سلطنة مسقط وعمان بشكل عام واقليم ظفار بشكل خاص ، وكثرة الممنوعات والمعاناة من ضرائب السلطان الباهظة التي أثقلت كاهل العمانيين . وكانت عمان معزولة عن العالم الخارجي والمحيط الاقليمي وحتى العزلة الداخلية بين مناطق السلطنة ذاتها ، وبعدما تعرف المهاجرون الظفاريون على أنماط المعيشة المختلفة في دول الخليج التي يعملون بها والراقية قياسا بالوضع في عمان خلقت لديهم الرغبة الجامحة في التغيير .
كما أن الأوضاع التي عاشتها المنطقة آنذاك وانتشار المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر أدى الى تأثر أبناء الأمة العربية ومن ضمنهم الظفاريين بأفكار القومية العربية المنادية بالوحدة والتحرر من الاستعمار ومقاومته بشتى الوسائل ، مما ولد لدى الظفاريين النزعة نحو الثورة ضد الوجود البريطاني في عمان.
كل هذه العوامل ساعدت على قيام الثورة في ظفار ، والتي عمل الظفاريون على تنفيذها من خلال تشكيل تنظيمات سرية متعددة كان لها دوافع وانتمائات مختلفة ، فبعضها كان قوميا عربيا هدفه مقاومة الامبريالية البريطانية وتمثل في التنظيم المحلي لحركة القوميين العرب.
والآخر كان هدفه تحسين الأوضاع الاجتماعية في عمان وتمثل في الجمعية الخيرية الظفارية .
أما المجموعة الثالثة فقد كان هدفها غير واضح وكانت تدعى " منظمة جنود ظفار" وكانت تتكون من عناصر الجنود العمانيين السابقين وعناصر من الشرطة كانوا يعملون في الامارات الساحلية .
اعلان الثورة (1965م)
تنسب الرصاصة الأولى في الثورة إلى مسلم بن نفل الذي كان يعمل في مزرعة قصر السلطان سعيد بن تيمور والذي اقصاءه من عمله في القصر السلطاني في عام 1963 أثر شعوره المناهض للسلطان سعيد، و عمق ذلك الشعور وجود فريق أجنبي للتنقيب عن النفط في المناطق التي تقطن فيها قبيلته .
مع وجود تقارير بأعتداءات بسيطه على قاعدة السلاح الجوي البريطاني في عام 1962 إلا إن أول طلقة مسجلة إيذاناً ببدء حرب ظفار كانت في أبريل 1963 من خلال هجوم مسلح على حافلات شركة النفط، خطط له و قام بقيادته مسلم بن نفل .
بعدها لجأ مسلم بن نفل مع 30 رجلا من جماعته إلى المملكة العربية السعودية و قام بالأتصال بالأمام غالب بن علي الهنائي ، مدعوماً بالمال السعودي، أنضم بن نفل إلى مجموعة أخرى من المناهضين الظفاريين، و رحلوا إلى العراق التي كانت تحكم من قبل النظام البعثي حيث تلقوا تدريباً عسكري .
وفي صيف 1964 عادت المجموعة بقيادة بن نفل إلى ظفار مع وعود من الحكومة السعودية بزيادة الدعم المالي والعسكري . و لم يقتصر الدعم على السعودية، بل كان أيضا من الكويت و جمهورية مصرالعربية، و دعت تلك الدول المجموعات الظفارية المناهضة إلى توحيد جهودهم في جبهة واحدة.
ولم يلبث عام 1965م أن شهد إعلان قيام الجبهة الشعبية لتحرير ظفار حيث عقد مؤتمر شعبي في
9 يونيو من نفس العام وانتهت جلساته بإعلان قيام الثورة الظفارية .حيث دعا البيان الظفاريين إلى الأنضمام إلى الجبهة من أجل تحرير الوطن من حكم السلطان سعيد بن تيمور وتحرير البلاد من البطالة والفقر والجهل واقامة حكم وطني ديمقراطي .
وهكذا بدأت حرب ظفار بين عمليات الكر و الفر التي أستخدمتها الجبهة ضد أهداف السلطان سعيد بن تيمور بين عامي 1965 و 1967.
الحرب في عهد السلطان سعيد بن تيمور
في 28 ابريل 1966 وقعت محاولة لاغتيال السلطان سعيد بن تيمور حين كان يستعرض حرسه الخاص والذي كان يوجد به بعض الظفاريين المنتمين للجبهة ، وبعد هذه الحادثة احتجب السلطان سعيد عن الظهور الأمر الذي جعل العمانيين يعتقدون أنه قتل وأن السلطات البريطانية هي التي اصبحت تدير شؤون السلطنة . إلا أنهم تلقوا هزائم متكررة و ضغوط شديدة من قبل قوات السلطان حتى ربيع 1967.
إلى جانب ذلك تلقت الجبهة ضربة أخرى بسبب توقف الملك فيصل بن عبدالعزيز عن دعم الجبهة لتخوفه من الأهداف الثورية للجبهة على أنظمة الحكم الوراثية المحافظة في الخليج العربي وقد أعطت تلك الأحداث السلطان سعيد تفوقاً تكتيكياً و مساحة أكبر لتنفس الصعداء.
ومع أنحسار الأمبراطورية البريطانية و تصاعد الثورات في مستعمرات بريطانيا السابقة و خصوصا عدن و ظهورالجبهة الوطنية للتحرير في اليمن الجنوبي التي كانت تتخذ مبادئها من ثورة أكتوبر للينين Lenin ، و تسلمها السلطة فيما سمي حينها بالجمهورية الشعبية لجنوب اليمن، زادت عزلة السلطان سعيد تيمور وتوجسه من أن تنقل الجبهة الوطنية للتحرير في عدن مبادئها الماركسية و تمنح مساعداتها العسكرية إلى جبهة تحرير ظفار.
وشاءت الأقدار أن يحدث ذلك، فقد قامت جبهة تحرير ظفار، وقد ظهرت تلك الاتجاهات واضحة عند انعقاد المؤتمر الثاني الذي عقدته الجبهة في حمرين في سبتمبر 1968م حيث تبنت برنامجا ماركسيا لينينيا . وكذلك اتخذ المؤتمر قرارا بعدم اقتصار الثورة على ظفار وانا امتدادها الى رحاب الخليج ومن ثم عمدت الى تغيير أسمها من الجبهة الشعبية لتحرير ظفار إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل " PFLOAG وهكذا أصبحت الجبهة مسيسه كاملا على عقائد الجناح اليساري. عند نهاية 1969 عاد قادة العصابات و السياسيين من مدرسة " أعداء الأمبريالة" في بكين، و دخلوا ظفار مع 15 مجموعة من المسلحين و المؤهلين عسكرياً. قامت المجموعات بشن هجمات منظمة على قوات السلطان و التي بدورها كانت تنصب مجموعات مسلحة من مسقط على الحدود لمنع خروقات جديدة.
ومع تغير نوع الحرب ودخول أطراف غريبة على جبهة تحرير ظفار، تقلص الدعم الشعبي للجبهة بسبب تقارير عن وحشيتهم في معاملة أهالي بعض القرى.مع ذلك رفض السلطان سعيد إرسال المزيد من الدعم المادي او العسكري للقضاء على الجبهه ظناً منه أن القتال هو تمرد قبلي مشابه لما حصل في الجبل الأخضر و المسألة هي مجرد وقت و ستنتهي الثورة. لكن الأحداث القادمة أثبتت سوء تقدير السلطان سعيد في حكمه على الجبهه.
في 23 سبتمبر 1969، تمكن المتمردون من دخول المدينة الساحلية رخيوت مع مقاومة ضئيلة. و تم أعدام واليها حامد بن سعيد بعد محاكمة عسكرية وذلك بعد أدانته بخيانة الوطن والعمالة لبريطانيا.وقتل معه معظم الرجال في المدينة.
ومع تواصل هطول الأمطارالموسمية، و غياب القوات الحكومية، تمكنت الجبهة من التوغل داخل ظفار و زرع الألغام في الطريق المؤدي إلى ثمريت و عاصمة المحافظة صلالة، و قامت الجبهة بشن هجمات بالأسلحة الآلية و مدافع الهاون على قوافل جيش السلطان.
و قامت الجبهة في صيف العام الذي تلاه بأحتلال حبروت و تدمير القلعة التي كان السلطان قد أمر ببنائها منذ مايقارب العامين. وهكذا تتابعت هجمات الجبهة على نحو الكر و الفر و الأنسحاب إلى حدود اليمن الجنوبي.
عند ذلك قام الطيران البريطاني بشن غارة جوية على مدينة حنوف (هنوف) داخل حدود اليمن، وجهت فيها ضربات موجعة للجبهة و قامت بتدمير "المدرسة الثورية للتدريب" التي تخرج منها العديد من أعضاء الجبهة.
برغم الأنتصار المحدود لقوات السلطان إلا أن قوات السلطان بدأت تواجه موقفاً صعباً جداً، مع وجود ما يقارب 5000 مقاتل للجبهة مقارنة بما لا يزيد عن 1000 مقاتل من جيش السلطان و ذلك في عام 1969. لهذا و في أكتوبر 1969 أصدر السلطان سعيد أوامره بشراء طائرات عمودية وزيادة صفوف الفصيل الرابع في الجيش.
وتزامنت التحديثات العسكرية لجيش السلطان مع أكتشاف عناصر جديده في حرب ظفار وهو اتحاد الجمهوريات الأشتراكية السوفيتية.وجاءت تقارير المخابرات الحكومية أن الأتحاد السوفييتي و عن طريق سفارته في عدن قد قرر دخول الحرب بسبب الوجود الصيني مع الجبهة و لمنع أستحواذ الصين على مجريات الأحداث في منطقة مهمة من العالم كالخليج العربي. وبهذا التدخل فقد حصلت الجبهة على دعم عسكري عظيم و أسلحة في غاية التقدم.
وفي ذلك الوقت أنتقلت حرب العصابات إلى شمال عمان في 12 يونيو 1970، عندما قامت مجموعة جديدة بأسم "الجبهة الوطنية الديموقراطية لتحرير الخليج العربي المحتل" التي أسسها عمانيون كانوا في بغداد. هاجمت الجبهة معسكرا للجيش في إزكي و من ثم ردع الهجوم من قبل قوات السلطان، ألا أن الهجوم كان له أثراً معنويا كبيرا في الحركات الثورية المناهضة وقدرتها على شن هجوم جرئ و مباغت.
وبعد ألقاء القبض على بعض أعضاء الجبهة الجديدة ، تمت الأغارة على بيت في مطرح و العثور على أسلحةمتطورة. بعد ذلك قرر أعضاء الجبهة الأنضمام إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل" pfloag. ورغم الامدادت البريطانية فقد كانت قوة السلطنة في وضع دفاعي أكثر من كونه وضعاً هجومياً اذ لم يكن السلطان يسيطر على أكثر من مدينة صلالة والتي أحاطها بأسوار من الأسلاك الشائكة وكان سلاح الجو الملكي البريطاني يقوم بحماية مطارها
الحرب في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد
بعد تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في 23 يوليو 1970م و كبادرة من جلالتة لأنهاء حرب ظفار، قام في اول سبتمبر 1970 بأعلان العفو العام عن جميع المتمردين ووعد اي ظفاري مشترك في حركة التمرد بمعاملة حسنة ، ووعد كذلك بتحقيق مطالب المتمردين الرئيسية وفق برنامج إصلاحي اجتماعي .
وقد تزامنت مبادرة العفو التي طرحها جلالة السلطان مع أختلافات قبلية في الجبهة. حيث أعلنت بعض القبائل أن هدفها الأصلي كان من أجل تغيير أجتماعي في البلاد و لم يكن سياسيا. هذا الأختلاف نتج عنه حملة أعدامات جماعية في حق عدد من أعضاء الجبهة قدر عددهم ب 300 عضواً في عام 1970. و قدمت في نفس الفترة أكبر هدية للجيش السلطاني و ذلك بقيام مسلم بن نفل بتسليم نفسه الى قوات السلطان.
تزايدت الأغتيالات في صفوف الجبهة حيث تم تنفيذ أحكام الإعدام على مجموعة كبيرة من الظفاريين وصلت الى مايقرب من 40 شخصاً ورغم ذلك فقد تزايد عدد الأعضاء الذين قرروا الأستفادة من عرض العفو المقدم من جلالة السلطان قابوس.
كان الأعضاء الذي يستسلمون للجيش السلطاني يجلبون معهم أسلحتهم، ومن ثم أنضم هؤلاء إلى ما يسمى بالفرق الوطنية لمحاربة قادتهم السياسيين في الجبهة وبلغ عددهم إلى ما يقارب 2000مقاتلاً .
ومن اهم الثوار الذين سلموا أنفسهم وسلاحهم مسلم بن نفل الذي كان واحد من مؤسسي الجبهة ولم يلبث هؤلاء أن انخرطوا في القوات السلطانية ضد قيادات الجبهة لم تكن الوسائل السلمية التي لجأ اليها السلطان قابوس كافية وحدها لقمع حركة التمرد ولذلك اتجه السلطان الى استخدام الاسلوب العسكري والذي كان اكثر حسماً في قمع الحركة من أساسها.
وقد استغل السلطان قابوس خبراته القتالية منذ توليه عرش السلطنة لاعادة تنظيم قواته الدفاعيه التي زاد من عددها وأصلح معداتها واستخدم رجال القبائل الموالية له ، كما وجه اهتماماً خاصا بسلاحه الجوي واستقدم ضباطاً انجليز وباكستانيين من أجل ذلك.
وكان الدافع من وراء إهتمام السلطان قابوس بقواته الدفاعيه يرجع الى تصاعد العمليات العسكرية التي قام بها الثوار ، حيث لم تكد تمضي بضعة أشهر على تقلده الحكم حتى أحرزوا انتصارات حاسمة على قوات السلطنة التي اضطرت الى التراجع وراء الأسلاك الشائكة التي كانت تحيط بمدينة صلالة عاصمة الاقليم تاركة الجبال والسهول في أيدي الثوار ، غير أن الفترة الموسمية بما يكتنفها من ضباب وأمطار ساعدت قوات السلطنة مع بداية عام 1972م على تعزيز امداداتها ومراكز اتصالاتها اللاسلكية الى جانب تخلي بعض العناصر عن الجبهة استجابة للعفو الذي أعلنه السلطان قابوس عند تسلمه الحكم.
محاولة الانقلاب لإغتيال السلطان قابوس 1972م
بعد الهزائم التي منيت بها الجبهة توجهت الى التخطيط لانقلاب في نظام الحكم في السلطنة ، وقد تم التخطيط للانقلاب في العر اق في اكتوبر 1972م عن طريق بعض العناصر التي أوفدتها الجبهة الى هناك بالاضافة الى بعض أعضاء المكتب السياسي في اليمن الجنوبي ، وقد تم تحديد موعد الانقلاب في 31 ديسمبر 1972م.
غير أن هذه المحاولة انتهت بالفشل الذريع وتم القبض على العديد من عنصر الجبهة ، وكشفت التحقيقات التي أجريت بشأنها أن المؤامرة كانت تستهدف القيام بحملة اغتيالات تستهدف السلطان ومستشاريه وضباط الجيش والولاة وكبار التجار .
وكشفت التحقيقات كذلك عن امتداد التنظيمات السرية الى دولة الامارات حيث تم اكتشاف عناصر معارضة داخل القوات الدفاعية للدولة . وقد قامت السلطنة آثر هذه المحاولة الانقلابية بحركة اعتقالات شملت عشرات المنتمين للجبهة بلغ عددهم 77 متهما قدموا للمحاكمة في يناير 1973م ، حيث صدرت أحكام الاعدام على 10 منهم بينما صدرت أحكام بالسجن المؤبد أو لمدد مختلفة بالنسبة لبقية المتهمين.
وبعد هذه الأحداث وفي أغسطس 1974م قامت الجبهة بعقد مؤتمر طارىء لها تم فيه تغيير اسم الجبهة من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي الى الجبهة الشعبية لتحرير عمان فقط ، وكان الهدف من ذلك مهادنة دول الخليج العربي وخاصة الكويت .
دور الدول الاقليمية في الحرب
ايران ( دعم قوات السلطان عسكريا)
قام السلطان قابوس في شهر اكتوبر عام 1971م بزيارة رسمية الى ايران للمشاركة في الاحتفالات التي اقامها الشاه محمد رضا بهلوي بمناسبة مرور 2500 سنة على عرش الطاؤوس في بلاد فارس ، فالتقى بشاه ايران محمد رضا بهلوي ، وقد طلب السلطان قابوس مساعدة الشاه له لمواجهة الثوار ، وقد أبدى الشاه لستعداده للمساهمة بما لدى ايران من امكانات عسكرية والوقوف الى جانب قوات السلطان في حربها ضد الثوار .
وكان من أهم الدوافع التي دفعت الشاه الأيراني التدخل في الحرب هو طموحه في أن يحل محل بريطانيا كحام للمنطقة بعد انسحابها منها عاد 1971م ، وخشيته من تعرض مضيق هرمز للخطر في حالة نجاح الثورة في اقامة نظام راديكالي في عمان وما قد يؤدي اليه ذلك من تهديد لأمن الخليج وتجارة النفط .
وفي يوليو 1972م أرسل السلطان قابوس وفدا رسمياً الى ايران برئاسة السيد ثويني بن شهاب وتم التوصل الى وضع اتفاقية التدخل العسكري الايراني في السلطنة مستقبلا عند الطلب للقضاء على الثورة المسلحة.
وفي 30 نوفمبر 1973م وصلت الى السلطنة أولى طلائع القوات الايرانية التي بلغت ما يقدر بثلاثة الآلآف عسكري ايراني . (3) ورغم عدم رضا الدول العربية عن التدخل الايراني الا أن السلطان قابوس كان مضطرا لقبول المساعدة الايرانية نظرا لضعف تسليح الجيش العماني وتخاذل الدول العربية عن دعم السلطنة ودعم بعضها لجبهة تحرير ظفار ، بالاضافة الى امتلاك ايران ترسانة ضخمة من الأسلحة الحديثة ، وبالفعل كانت المساعدة الايرانية مؤثرة في قمع الثورة في ظفار .
اليمن الجنوبي ( الداعم الأول للثوار)
أخذت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عاتقها مهمة دعم الثوار في ظفار وذلك منذ استقلالها سنة 1967م عن بريطانيا ، ويعد الانتماء المشترك للجبهة القومية في اليمن الجنوبي والجبهة الشعبية لتحرير ظفار الى الجناح اليساري في حركة القوميين العرب عاملا مهما في دعم علاقاتها وتوطيدها .
وقد ساهمت اليمن الجنوبي في دعم الثوار سياسيا فأعلنت استعدادها لتقديم كل الدعم للمعارضة العمانية بإعتبار أن ذلك جزء من أهدافها الوطنية . وعسكرياً وفرت اليمن الجنوبي قواعد للجبهة في كل من حوف والغيظة والمكلا وعدن اضافة الى وسائل التدريب العسكري ، بالاضافة الى تحمل حكومة اليمن الجنوبي جزءا كبيرا من ميزانية الجبهة ، كما كانت أغلب الوسائل الاعلامية للجبهة تقع على الأراضي اليمنية فمحطة الاذاعة في المكلا وصحيفة صوت الشعب في عدن هذا بالاضافة الى ما تقدمه وسائل الاعلام اليمنية من دعم واعلام .
أسباب الثورة وقيامها
تتعد الأسباب التي أدت الى قيام الثورة في ظفار على حكم السلطان سعيد بن تيمور ، وكان أهمها حالة التخلف التي سادت سلطنة مسقط وعمان بشكل عام واقليم ظفار بشكل خاص ، وكثرة الممنوعات والمعاناة من ضرائب السلطان الباهظة التي أثقلت كاهل العمانيين . وكانت عمان معزولة عن العالم الخارجي والمحيط الاقليمي وحتى العزلة الداخلية بين مناطق السلطنة ذاتها ، وبعدما تعرف المهاجرون الظفاريون على أنماط المعيشة المختلفة في دول الخليج التي يعملون بها والراقية قياسا بالوضع في عمان خلقت لديهم الرغبة الجامحة في التغيير .
كما أن الأوضاع التي عاشتها المنطقة آنذاك وانتشار المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر أدى الى تأثر أبناء الأمة العربية ومن ضمنهم الظفاريين بأفكار القومية العربية المنادية بالوحدة والتحرر من الاستعمار ومقاومته بشتى الوسائل ، مما ولد لدى الظفاريين النزعة نحو الثورة ضد الوجود البريطاني في عمان.
كل هذه العوامل ساعدت على قيام الثورة في ظفار ، والتي عمل الظفاريون على تنفيذها من خلال تشكيل تنظيمات سرية متعددة كان لها دوافع وانتمائات مختلفة ، فبعضها كان قوميا عربيا هدفه مقاومة الامبريالية البريطانية وتمثل في التنظيم المحلي لحركة القوميين العرب.
والآخر كان هدفه تحسين الأوضاع الاجتماعية في عمان وتمثل في الجمعية الخيرية الظفارية .
أما المجموعة الثالثة فقد كان هدفها غير واضح وكانت تدعى " منظمة جنود ظفار" وكانت تتكون من عناصر الجنود العمانيين السابقين وعناصر من الشرطة كانوا يعملون في الامارات الساحلية .
اعلان الثورة (1965م)
تنسب الرصاصة الأولى في الثورة إلى مسلم بن نفل الذي كان يعمل في مزرعة قصر السلطان سعيد بن تيمور والذي اقصاءه من عمله في القصر السلطاني في عام 1963 أثر شعوره المناهض للسلطان سعيد، و عمق ذلك الشعور وجود فريق أجنبي للتنقيب عن النفط في المناطق التي تقطن فيها قبيلته .
مع وجود تقارير بأعتداءات بسيطه على قاعدة السلاح الجوي البريطاني في عام 1962 إلا إن أول طلقة مسجلة إيذاناً ببدء حرب ظفار كانت في أبريل 1963 من خلال هجوم مسلح على حافلات شركة النفط، خطط له و قام بقيادته مسلم بن نفل .
بعدها لجأ مسلم بن نفل مع 30 رجلا من جماعته إلى المملكة العربية السعودية و قام بالأتصال بالأمام غالب بن علي الهنائي ، مدعوماً بالمال السعودي، أنضم بن نفل إلى مجموعة أخرى من المناهضين الظفاريين، و رحلوا إلى العراق التي كانت تحكم من قبل النظام البعثي حيث تلقوا تدريباً عسكري .
وفي صيف 1964 عادت المجموعة بقيادة بن نفل إلى ظفار مع وعود من الحكومة السعودية بزيادة الدعم المالي والعسكري . و لم يقتصر الدعم على السعودية، بل كان أيضا من الكويت و جمهورية مصرالعربية، و دعت تلك الدول المجموعات الظفارية المناهضة إلى توحيد جهودهم في جبهة واحدة.
ولم يلبث عام 1965م أن شهد إعلان قيام الجبهة الشعبية لتحرير ظفار حيث عقد مؤتمر شعبي في
9 يونيو من نفس العام وانتهت جلساته بإعلان قيام الثورة الظفارية .حيث دعا البيان الظفاريين إلى الأنضمام إلى الجبهة من أجل تحرير الوطن من حكم السلطان سعيد بن تيمور وتحرير البلاد من البطالة والفقر والجهل واقامة حكم وطني ديمقراطي .
وهكذا بدأت حرب ظفار بين عمليات الكر و الفر التي أستخدمتها الجبهة ضد أهداف السلطان سعيد بن تيمور بين عامي 1965 و 1967.
الحرب في عهد السلطان سعيد بن تيمور
في 28 ابريل 1966 وقعت محاولة لاغتيال السلطان سعيد بن تيمور حين كان يستعرض حرسه الخاص والذي كان يوجد به بعض الظفاريين المنتمين للجبهة ، وبعد هذه الحادثة احتجب السلطان سعيد عن الظهور الأمر الذي جعل العمانيين يعتقدون أنه قتل وأن السلطات البريطانية هي التي اصبحت تدير شؤون السلطنة . إلا أنهم تلقوا هزائم متكررة و ضغوط شديدة من قبل قوات السلطان حتى ربيع 1967.
إلى جانب ذلك تلقت الجبهة ضربة أخرى بسبب توقف الملك فيصل بن عبدالعزيز عن دعم الجبهة لتخوفه من الأهداف الثورية للجبهة على أنظمة الحكم الوراثية المحافظة في الخليج العربي وقد أعطت تلك الأحداث السلطان سعيد تفوقاً تكتيكياً و مساحة أكبر لتنفس الصعداء.
ومع أنحسار الأمبراطورية البريطانية و تصاعد الثورات في مستعمرات بريطانيا السابقة و خصوصا عدن و ظهورالجبهة الوطنية للتحرير في اليمن الجنوبي التي كانت تتخذ مبادئها من ثورة أكتوبر للينين Lenin ، و تسلمها السلطة فيما سمي حينها بالجمهورية الشعبية لجنوب اليمن، زادت عزلة السلطان سعيد تيمور وتوجسه من أن تنقل الجبهة الوطنية للتحرير في عدن مبادئها الماركسية و تمنح مساعداتها العسكرية إلى جبهة تحرير ظفار.
وشاءت الأقدار أن يحدث ذلك، فقد قامت جبهة تحرير ظفار، وقد ظهرت تلك الاتجاهات واضحة عند انعقاد المؤتمر الثاني الذي عقدته الجبهة في حمرين في سبتمبر 1968م حيث تبنت برنامجا ماركسيا لينينيا . وكذلك اتخذ المؤتمر قرارا بعدم اقتصار الثورة على ظفار وانا امتدادها الى رحاب الخليج ومن ثم عمدت الى تغيير أسمها من الجبهة الشعبية لتحرير ظفار إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل " PFLOAG وهكذا أصبحت الجبهة مسيسه كاملا على عقائد الجناح اليساري. عند نهاية 1969 عاد قادة العصابات و السياسيين من مدرسة " أعداء الأمبريالة" في بكين، و دخلوا ظفار مع 15 مجموعة من المسلحين و المؤهلين عسكرياً. قامت المجموعات بشن هجمات منظمة على قوات السلطان و التي بدورها كانت تنصب مجموعات مسلحة من مسقط على الحدود لمنع خروقات جديدة.
ومع تغير نوع الحرب ودخول أطراف غريبة على جبهة تحرير ظفار، تقلص الدعم الشعبي للجبهة بسبب تقارير عن وحشيتهم في معاملة أهالي بعض القرى.مع ذلك رفض السلطان سعيد إرسال المزيد من الدعم المادي او العسكري للقضاء على الجبهه ظناً منه أن القتال هو تمرد قبلي مشابه لما حصل في الجبل الأخضر و المسألة هي مجرد وقت و ستنتهي الثورة. لكن الأحداث القادمة أثبتت سوء تقدير السلطان سعيد في حكمه على الجبهه.
في 23 سبتمبر 1969، تمكن المتمردون من دخول المدينة الساحلية رخيوت مع مقاومة ضئيلة. و تم أعدام واليها حامد بن سعيد بعد محاكمة عسكرية وذلك بعد أدانته بخيانة الوطن والعمالة لبريطانيا.وقتل معه معظم الرجال في المدينة.
ومع تواصل هطول الأمطارالموسمية، و غياب القوات الحكومية، تمكنت الجبهة من التوغل داخل ظفار و زرع الألغام في الطريق المؤدي إلى ثمريت و عاصمة المحافظة صلالة، و قامت الجبهة بشن هجمات بالأسلحة الآلية و مدافع الهاون على قوافل جيش السلطان.
و قامت الجبهة في صيف العام الذي تلاه بأحتلال حبروت و تدمير القلعة التي كان السلطان قد أمر ببنائها منذ مايقارب العامين. وهكذا تتابعت هجمات الجبهة على نحو الكر و الفر و الأنسحاب إلى حدود اليمن الجنوبي.
عند ذلك قام الطيران البريطاني بشن غارة جوية على مدينة حنوف (هنوف) داخل حدود اليمن، وجهت فيها ضربات موجعة للجبهة و قامت بتدمير "المدرسة الثورية للتدريب" التي تخرج منها العديد من أعضاء الجبهة.
برغم الأنتصار المحدود لقوات السلطان إلا أن قوات السلطان بدأت تواجه موقفاً صعباً جداً، مع وجود ما يقارب 5000 مقاتل للجبهة مقارنة بما لا يزيد عن 1000 مقاتل من جيش السلطان و ذلك في عام 1969. لهذا و في أكتوبر 1969 أصدر السلطان سعيد أوامره بشراء طائرات عمودية وزيادة صفوف الفصيل الرابع في الجيش.
وتزامنت التحديثات العسكرية لجيش السلطان مع أكتشاف عناصر جديده في حرب ظفار وهو اتحاد الجمهوريات الأشتراكية السوفيتية.وجاءت تقارير المخابرات الحكومية أن الأتحاد السوفييتي و عن طريق سفارته في عدن قد قرر دخول الحرب بسبب الوجود الصيني مع الجبهة و لمنع أستحواذ الصين على مجريات الأحداث في منطقة مهمة من العالم كالخليج العربي. وبهذا التدخل فقد حصلت الجبهة على دعم عسكري عظيم و أسلحة في غاية التقدم.
وفي ذلك الوقت أنتقلت حرب العصابات إلى شمال عمان في 12 يونيو 1970، عندما قامت مجموعة جديدة بأسم "الجبهة الوطنية الديموقراطية لتحرير الخليج العربي المحتل" التي أسسها عمانيون كانوا في بغداد. هاجمت الجبهة معسكرا للجيش في إزكي و من ثم ردع الهجوم من قبل قوات السلطان، ألا أن الهجوم كان له أثراً معنويا كبيرا في الحركات الثورية المناهضة وقدرتها على شن هجوم جرئ و مباغت.
وبعد ألقاء القبض على بعض أعضاء الجبهة الجديدة ، تمت الأغارة على بيت في مطرح و العثور على أسلحةمتطورة. بعد ذلك قرر أعضاء الجبهة الأنضمام إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل" pfloag. ورغم الامدادت البريطانية فقد كانت قوة السلطنة في وضع دفاعي أكثر من كونه وضعاً هجومياً اذ لم يكن السلطان يسيطر على أكثر من مدينة صلالة والتي أحاطها بأسوار من الأسلاك الشائكة وكان سلاح الجو الملكي البريطاني يقوم بحماية مطارها
الحرب في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد
بعد تولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في 23 يوليو 1970م و كبادرة من جلالتة لأنهاء حرب ظفار، قام في اول سبتمبر 1970 بأعلان العفو العام عن جميع المتمردين ووعد اي ظفاري مشترك في حركة التمرد بمعاملة حسنة ، ووعد كذلك بتحقيق مطالب المتمردين الرئيسية وفق برنامج إصلاحي اجتماعي .
وقد تزامنت مبادرة العفو التي طرحها جلالة السلطان مع أختلافات قبلية في الجبهة. حيث أعلنت بعض القبائل أن هدفها الأصلي كان من أجل تغيير أجتماعي في البلاد و لم يكن سياسيا. هذا الأختلاف نتج عنه حملة أعدامات جماعية في حق عدد من أعضاء الجبهة قدر عددهم ب 300 عضواً في عام 1970. و قدمت في نفس الفترة أكبر هدية للجيش السلطاني و ذلك بقيام مسلم بن نفل بتسليم نفسه الى قوات السلطان.
تزايدت الأغتيالات في صفوف الجبهة حيث تم تنفيذ أحكام الإعدام على مجموعة كبيرة من الظفاريين وصلت الى مايقرب من 40 شخصاً ورغم ذلك فقد تزايد عدد الأعضاء الذين قرروا الأستفادة من عرض العفو المقدم من جلالة السلطان قابوس.
كان الأعضاء الذي يستسلمون للجيش السلطاني يجلبون معهم أسلحتهم، ومن ثم أنضم هؤلاء إلى ما يسمى بالفرق الوطنية لمحاربة قادتهم السياسيين في الجبهة وبلغ عددهم إلى ما يقارب 2000مقاتلاً .
ومن اهم الثوار الذين سلموا أنفسهم وسلاحهم مسلم بن نفل الذي كان واحد من مؤسسي الجبهة ولم يلبث هؤلاء أن انخرطوا في القوات السلطانية ضد قيادات الجبهة لم تكن الوسائل السلمية التي لجأ اليها السلطان قابوس كافية وحدها لقمع حركة التمرد ولذلك اتجه السلطان الى استخدام الاسلوب العسكري والذي كان اكثر حسماً في قمع الحركة من أساسها.
وقد استغل السلطان قابوس خبراته القتالية منذ توليه عرش السلطنة لاعادة تنظيم قواته الدفاعيه التي زاد من عددها وأصلح معداتها واستخدم رجال القبائل الموالية له ، كما وجه اهتماماً خاصا بسلاحه الجوي واستقدم ضباطاً انجليز وباكستانيين من أجل ذلك.
وكان الدافع من وراء إهتمام السلطان قابوس بقواته الدفاعيه يرجع الى تصاعد العمليات العسكرية التي قام بها الثوار ، حيث لم تكد تمضي بضعة أشهر على تقلده الحكم حتى أحرزوا انتصارات حاسمة على قوات السلطنة التي اضطرت الى التراجع وراء الأسلاك الشائكة التي كانت تحيط بمدينة صلالة عاصمة الاقليم تاركة الجبال والسهول في أيدي الثوار ، غير أن الفترة الموسمية بما يكتنفها من ضباب وأمطار ساعدت قوات السلطنة مع بداية عام 1972م على تعزيز امداداتها ومراكز اتصالاتها اللاسلكية الى جانب تخلي بعض العناصر عن الجبهة استجابة للعفو الذي أعلنه السلطان قابوس عند تسلمه الحكم.
محاولة الانقلاب لإغتيال السلطان قابوس 1972م
بعد الهزائم التي منيت بها الجبهة توجهت الى التخطيط لانقلاب في نظام الحكم في السلطنة ، وقد تم التخطيط للانقلاب في العر اق في اكتوبر 1972م عن طريق بعض العناصر التي أوفدتها الجبهة الى هناك بالاضافة الى بعض أعضاء المكتب السياسي في اليمن الجنوبي ، وقد تم تحديد موعد الانقلاب في 31 ديسمبر 1972م.
غير أن هذه المحاولة انتهت بالفشل الذريع وتم القبض على العديد من عنصر الجبهة ، وكشفت التحقيقات التي أجريت بشأنها أن المؤامرة كانت تستهدف القيام بحملة اغتيالات تستهدف السلطان ومستشاريه وضباط الجيش والولاة وكبار التجار .
وكشفت التحقيقات كذلك عن امتداد التنظيمات السرية الى دولة الامارات حيث تم اكتشاف عناصر معارضة داخل القوات الدفاعية للدولة . وقد قامت السلطنة آثر هذه المحاولة الانقلابية بحركة اعتقالات شملت عشرات المنتمين للجبهة بلغ عددهم 77 متهما قدموا للمحاكمة في يناير 1973م ، حيث صدرت أحكام الاعدام على 10 منهم بينما صدرت أحكام بالسجن المؤبد أو لمدد مختلفة بالنسبة لبقية المتهمين.
وبعد هذه الأحداث وفي أغسطس 1974م قامت الجبهة بعقد مؤتمر طارىء لها تم فيه تغيير اسم الجبهة من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي الى الجبهة الشعبية لتحرير عمان فقط ، وكان الهدف من ذلك مهادنة دول الخليج العربي وخاصة الكويت .
دور الدول الاقليمية في الحرب
ايران ( دعم قوات السلطان عسكريا)
قام السلطان قابوس في شهر اكتوبر عام 1971م بزيارة رسمية الى ايران للمشاركة في الاحتفالات التي اقامها الشاه محمد رضا بهلوي بمناسبة مرور 2500 سنة على عرش الطاؤوس في بلاد فارس ، فالتقى بشاه ايران محمد رضا بهلوي ، وقد طلب السلطان قابوس مساعدة الشاه له لمواجهة الثوار ، وقد أبدى الشاه لستعداده للمساهمة بما لدى ايران من امكانات عسكرية والوقوف الى جانب قوات السلطان في حربها ضد الثوار .
وكان من أهم الدوافع التي دفعت الشاه الأيراني التدخل في الحرب هو طموحه في أن يحل محل بريطانيا كحام للمنطقة بعد انسحابها منها عاد 1971م ، وخشيته من تعرض مضيق هرمز للخطر في حالة نجاح الثورة في اقامة نظام راديكالي في عمان وما قد يؤدي اليه ذلك من تهديد لأمن الخليج وتجارة النفط .
وفي يوليو 1972م أرسل السلطان قابوس وفدا رسمياً الى ايران برئاسة السيد ثويني بن شهاب وتم التوصل الى وضع اتفاقية التدخل العسكري الايراني في السلطنة مستقبلا عند الطلب للقضاء على الثورة المسلحة.
وفي 30 نوفمبر 1973م وصلت الى السلطنة أولى طلائع القوات الايرانية التي بلغت ما يقدر بثلاثة الآلآف عسكري ايراني . (3) ورغم عدم رضا الدول العربية عن التدخل الايراني الا أن السلطان قابوس كان مضطرا لقبول المساعدة الايرانية نظرا لضعف تسليح الجيش العماني وتخاذل الدول العربية عن دعم السلطنة ودعم بعضها لجبهة تحرير ظفار ، بالاضافة الى امتلاك ايران ترسانة ضخمة من الأسلحة الحديثة ، وبالفعل كانت المساعدة الايرانية مؤثرة في قمع الثورة في ظفار .
اليمن الجنوبي ( الداعم الأول للثوار)
أخذت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عاتقها مهمة دعم الثوار في ظفار وذلك منذ استقلالها سنة 1967م عن بريطانيا ، ويعد الانتماء المشترك للجبهة القومية في اليمن الجنوبي والجبهة الشعبية لتحرير ظفار الى الجناح اليساري في حركة القوميين العرب عاملا مهما في دعم علاقاتها وتوطيدها .
وقد ساهمت اليمن الجنوبي في دعم الثوار سياسيا فأعلنت استعدادها لتقديم كل الدعم للمعارضة العمانية بإعتبار أن ذلك جزء من أهدافها الوطنية . وعسكرياً وفرت اليمن الجنوبي قواعد للجبهة في كل من حوف والغيظة والمكلا وعدن اضافة الى وسائل التدريب العسكري ، بالاضافة الى تحمل حكومة اليمن الجنوبي جزءا كبيرا من ميزانية الجبهة ، كما كانت أغلب الوسائل الاعلامية للجبهة تقع على الأراضي اليمنية فمحطة الاذاعة في المكلا وصحيفة صوت الشعب في عدن هذا بالاضافة الى ما تقدمه وسائل الاعلام اليمنية من دعم واعلام .