كشف المراسل الأمني لصحيفة «هآرتس» يوسي ميلمان النقاب عن خلية أمنية عملت في إطار الجيش الصهيوني في الجنوب اللبناني تحت اسم «القناة الكهربية» وبهدف واضح هو البحث عن الطيار الصهيوني المفقود رون أراد. وقال أن المقدم يهودا دونغري كان بين أبرز أعضاء هذه الخلية التي ضمت مندوبين عن الموساد والشاباك ووحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية.
وقد تشكلت هذه الخلية في العام 1988 بعد أن رفضت الحكومة الصهيونية برئاسة اسحق شامير مطالب حركة أمل بالإفراج عن عشرات الأسرى مقابل الإفراج عن أراد.
ودنغوري روائي صهيوني أيضا سبق ونشر العديد من الكتب أبرزها «مفترق الطرق: من دمشق إلى العمل السري في جنوب لبنان», والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية ليهودي هاجر كصبي من دمشق إلى فلسطين في العام 1945 في إطار «الدائرة العربية» التابعة لقوات «البلماخ» في الهاغاناه, ورغم عمله المديد في الاستخبارات إلا أن ذروة هذا العمل كانت في الجنوب اللبناني تحت إمرة رئيس الموساد الحالي الجنرال مئير داغان الذي ترأس في حينه الوحدة 504 في شعبة الاستخبارات العسكرية.
ويشير يوسي ميلمان إلى قيام رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال أمنون شاحاك باستدعاء المقدم يهودا دنغوري في العام 1988 إلى مقر رئاسة الأركان في «هكرياه» في تل أبيب. وهناك يلتقي بشاحاك وبمنسق الأنشطة الصهيوني في لبنان أوري لوبراني, وطلب شاحاك منه العودة للخدمة العسكرية في إطار وحدة «القناة الكهربية» والتي كانت اسم الشيفرة لوحدة البحث عن أراد, وقد ضمت الوحدة أيضا ضابطا من الوحدة 504 في الاستخبارات العسكرية يدعى «ص».
ويقول دنغوري لـ«هآرتس» أن شاحاك أبلغه أن «المهمة معقدة وصعبة جدا, لكننا لن نهدأ وسنواصل البحث وحرث الأرض إلى أن نجده ونجد بقية المفقودين, وكمن يعرف جيدا الساحة اللبنانية فقد وجدناك مناسبا للانضمام مع «ص» لطاقم البحث».
وقد اتخذ دنغوري و«ص» من مقر القيادة الصهيونية في مرجعيون مركزا لهما. وكان الهدف, وفق دنغوري, «تفعيل منظومة جمع معلومات منفصلة والاستعانة بمنظومات الاستخبارات القائمة», ويضيف «لهذا الغرض استعنت بجهات لبنانية تعرفت عليها من أعمالي السابقة في المنطقة», وبدأ دنغوري بالبحث عن مصادر معلومات وتجنيد عملاء وتفعيلهم. وحسب قوله بدأت المعلومات في التدفق إلى القيادة في مرجعيون.
ابرز نجاح
واعتبرت «هآرتس» أن أحد النجاحات الأبرز لهذه الوحدة كانت تجنيد فتاة لبنانية عملت في بيت مصطفى الديراني وقتما كان مسؤولا عن الأمن في حركة أمل, ويشير ميلمان إلى أن دونغري رفض تأكيد هذه المعلومة أو الحديث عن الفتاة التي سبق وذكر أمر وجودها في كتاب رأن أدليست وإيلان كفير المسمى «رون أراد ـ اللغز». ويقال أن هذه الفتاة الجامعية قدمت معلومات هامة عن حياة الديراني ومنزله. وقد عملت هذه الفتاة لاحقا في أحد البنوك في بيروت وتردد أنها اغتيلت.
تضيف «هآرتس» أنه بفضل هذه المعلومات أنشأت الاستخبارات نموذجا لبيت الديراني تدربت فيه القوات الخاصة قبل أن تنفذ مهمتها في اختطافه العام 1994. وتكتب أنه كان هناك من قدم للوحدة معلومات كاذبة وبينها رسالة مزورة من رون أراد. ويقول دنغوري أنه اكتشف هذا الذي قدم الرسالة المزورة وحقق معه. «وروى لي أنه تسلم الرسالة من شخص في بيروت زعم بأن لديه علاقة مع محتجزي رون أراد وهو يطلب مالا مقابل المعلومات. وأظهرت التحقيقات أن نصابا في بيروت يعرف أننا نبحث عن معلومات فقرر استغلال الأمر على أمل أن يغتني على حسابنا. ومن الجائز أن هذا النصاب أمسك بعجوز يهودي من وادي أبو جميل وأجبره على أن يكتب لنا الرسالة».
وقال دنغوري أن معلومات كاذبة أيضا كانت تصل الوحدة من عائلات معتقلين لدى حركة أمل بتهمة التجسس لحساب دولة الكيان, وروت هذه الأكاذيب أن معتقلين في بعلبك شاهدوا رون أراد أو سمعوا صوته. وقد حاولوا تسويق هذه المعلومات لنا على أمل أن نساعد في الإفراج عن أبنائهم», و«ذات مرة وصلت الوحدة معلومة عن دفن أراد في إحدى مقابر بيروت وأرسلنا عملاء للمقبرة وأيضا تبين أن الأمر خدعة».
ويشير دنغوري إلى السجال في الاستخبارات الصهيونية حول نقل أراد إلى إيران بعد أن تبين أن الأسير لم يعد بيد حركة أمل, ويقول «بتقديري, وهذا كان إحساسي, أنه قد يكون نقل إلى سوريا لغرض التحقيق معه. فقد شارك رون أراد في غارات سلاح الجو في حرب لبنان الأولى. وكانت إحدى أنجح العمليات في الحرب تدمير بطاريات الصواريخ السورية, التي هي من صنع سوفياتي, وتقديري أنه نقل للتحقيق معه في سوريا وأن محققين سوفيات حققوا معه لفهم حقيقة ما جرى, كيف أنه خلال دقائق تم تدمير بطاريات الصواريخ التي كانت فخر الصناعة السوفياتية. وللحقيقة هذا مجرد تقدير وليس معلومة استخبارية» .
إخفاق حقيقي
ويعترف دنغوري أنه لا يعلم إذا كان أراد لا يزال على قيد الحياة أم لا لكنه يعلم أن دولة الكيان أخفقت في عدم استرجاعه حينما كان الأمر ممكنا.
ومنذ التحاقه بالجيش الصهيوني انضم دنغوري إلى وحدة استخبارية تضم المتحدثين باللغة العربية وكانت جزءا من وحدة النخبة السرية الأولى المعروفة باسم «سييرت متكال» التابعة مباشرة لهيئة الأركان العامة. ولكن لأسباب مختلفة بينها سقوطه وإصابته في هبوط مظلي لم تتحقق أية غاية من هذا الانضمام.
وفقط بعد عام ونصف عام من حرب 1967 عاد للعمل في الاستخبارات العسكرية في وحدة خاصة كانت تسمى الوحدة 7019 وصارت لاحقا تسمى الوحدة 504. ولهذه الوحدة ثلاث مهمات: جمع معلومات استخبارية عن العدو عبر عملاء, التحقيق مع الأسرى, والمهمة الأشد حساسية هي تنفيذ عمليات خاصة.
ويرافق ضباط من هذه الوحدة العمليات والغارات التي تنفذها الوحدات الخاصة, سييرت متكال, الكوماندو البحري «شييطت 13», أو الكوماندو الجوي «شلداغ». وحسب «هآرتس» نشرت وسائل الإعلام الكثير من الأنباء حول دور الوحدة 504 في اغتيال عملاء عرب خانوا دولة الكيان أو تعفنوا.
وكان للوحدة 504 مراكز في الجنوب والوسط والشمال وخدم دنغوري فيها جميعا, ولكن في العام 1978 وجد دنغوري نفسه يعمل داخل لبنان بعد ما عرف باجتياح الليطاني, وكانت تلك الأيام الأولى لإنشاء وحدة الارتباط مع جنوب لبنان.
ويكتب ميلمان أنه «في السنوات الخمس التالية خدم دنغوري في مناصب مختلفة في الوحدة 504 وبعد ذلك نائبا لقائد منطقة جنوب لبنان التي سرعان ما تحولت إلى وحدة الارتباط مع لبنان. وخدم تحت إمرة ثلاثة قادة: الصحافي يورام همزراحي, مئير داغان, رئيس الموساد الحالي, وخليفته الوزير السابق إفرايم سنيه».
ويشير ميلمان إلى أن تلك كانت «أيام المغامرة والأوهام الكبرى لدوة الكيان الصهيوني, التي بلغت ذروتها بأمل رئيس الحكومة مناحيم بيغن ووزير الدفاع أرييل شارون ورئيس الأركان رفائيل إيتان وقائد الجبهة الشمالية يانوش بن غال بتكريس زعامة مسيحية موالية للكيان وللغرب بقيادة آل الجميل على لبنان. وساعدت دولة الكيان في إقامة المليشيا المحلية العميلة من سعد حداد الى أنطوان لحد.
جيش المرتزقة
ويقول ميلمان أنه «رغم أن رجال «جيش لبنان الجنوبي», وخصوصا القادة, رأوا أنفسهم وطنيين لبنانيين يقاتلون من أجل حريتهم, فإنهم في الكيان رأوا فيهم جيشا من المرتزقة».
وقد سلحت دولة الكيان هذا الجيش ودربته ومولته بهدف حماية الحزام الأمني الهادف لمنع تسلل المقاتلين من المنظمات الفلسطينية إلى الدولة الصهيونية. وبعد حرب لبنان الأولى غدا هدف الحزام منع مقاتلي حزب الله الذين غدوا بشكل متزايد العدو الأشد مرارة للكيان في لبنان.
وهنا يشدد دنغوري على أن مهمته على هذا الصعيد تمثلت في انشاء وحدة خاصة في قوات انطوان لحد، «شكلت من أبناء الجنوب اللبناني ممن يعرفون المنطقة جيدا ويمكنهم إدارة حرب عصابات ضد المخربين وفق تعليماتنا وتحت إشرافنا. فالجيش الصهيوني إذا خرج لعملية كان يرسل كتيبة. وهذا الحجم كان يسمح بخطر التورط في قتلى وجرحى. وقد آمنت أنه بدلا من كتيبة لنا, يمكن لاثنين أو ثلاثة من الوحدة الخاصة أن ينفذوا المهمة ذاتها على أحسن وجه».
ويضيف دنغوري أن الوحدة ضمت «عددا من السكان الشيعة إضافة إلى مخربين سبق وسلموا أنفسهم»,ويبين أن إحدى المهمات التي يفخر بها على وجه الخصوص كانت تفجير مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في برعشيت في العام 1980, ويقول «خرجت لتنفيذ المهمة قوة من الكتيبة 50 ولم تنجح, وعادت بعدد من الجرحى وقتيل واحد, وكدرس مستخلص من ذلك اقترحت إرسال رجالي. تمت الموافقة من دون اعتراض. أمرت رجالي, وهم من سكان المنطقة ممن يعرفون القرية جيدا, أحدهم كان مخربا سابقا. وقد دربهم خبير متفجرات صهيوني على تشغيل العبوة, ووفق صور جوية تم إرشادهم إلى الموضع الدقيق للعبوة... ونقلناهم مع العبوة بشاحنة تاجر دواجن, وافق على الانضمام للمهمة, وأنزلهم على مسافة 200 متر من الهدف, وقطعوا هذه المسافة سيرا على الأقدام. وضعوا العبوة وابتعدوا. القيادة فجرت من دون إصابات».
يذكر أن دنغوري عيّن حاكما عسكريا لمدينة صور في العام 1982 ونجا بأعجوبة من تفجير مقره حيث قتل عشرات من الجنود الصهانية ورجال الشاباك في عملية نفذها أحمد قصير.
وقد رفض دنغوري الحديث عن دور مئير داغان في التفجيرات وعمليات الاغتيال التي كانت تقع في العديد من المناطق اللبنانية.
وقد تشكلت هذه الخلية في العام 1988 بعد أن رفضت الحكومة الصهيونية برئاسة اسحق شامير مطالب حركة أمل بالإفراج عن عشرات الأسرى مقابل الإفراج عن أراد.
ودنغوري روائي صهيوني أيضا سبق ونشر العديد من الكتب أبرزها «مفترق الطرق: من دمشق إلى العمل السري في جنوب لبنان», والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية ليهودي هاجر كصبي من دمشق إلى فلسطين في العام 1945 في إطار «الدائرة العربية» التابعة لقوات «البلماخ» في الهاغاناه, ورغم عمله المديد في الاستخبارات إلا أن ذروة هذا العمل كانت في الجنوب اللبناني تحت إمرة رئيس الموساد الحالي الجنرال مئير داغان الذي ترأس في حينه الوحدة 504 في شعبة الاستخبارات العسكرية.
ويشير يوسي ميلمان إلى قيام رئيس شعبة الاستخبارات الجنرال أمنون شاحاك باستدعاء المقدم يهودا دنغوري في العام 1988 إلى مقر رئاسة الأركان في «هكرياه» في تل أبيب. وهناك يلتقي بشاحاك وبمنسق الأنشطة الصهيوني في لبنان أوري لوبراني, وطلب شاحاك منه العودة للخدمة العسكرية في إطار وحدة «القناة الكهربية» والتي كانت اسم الشيفرة لوحدة البحث عن أراد, وقد ضمت الوحدة أيضا ضابطا من الوحدة 504 في الاستخبارات العسكرية يدعى «ص».
ويقول دنغوري لـ«هآرتس» أن شاحاك أبلغه أن «المهمة معقدة وصعبة جدا, لكننا لن نهدأ وسنواصل البحث وحرث الأرض إلى أن نجده ونجد بقية المفقودين, وكمن يعرف جيدا الساحة اللبنانية فقد وجدناك مناسبا للانضمام مع «ص» لطاقم البحث».
وقد اتخذ دنغوري و«ص» من مقر القيادة الصهيونية في مرجعيون مركزا لهما. وكان الهدف, وفق دنغوري, «تفعيل منظومة جمع معلومات منفصلة والاستعانة بمنظومات الاستخبارات القائمة», ويضيف «لهذا الغرض استعنت بجهات لبنانية تعرفت عليها من أعمالي السابقة في المنطقة», وبدأ دنغوري بالبحث عن مصادر معلومات وتجنيد عملاء وتفعيلهم. وحسب قوله بدأت المعلومات في التدفق إلى القيادة في مرجعيون.
ابرز نجاح
واعتبرت «هآرتس» أن أحد النجاحات الأبرز لهذه الوحدة كانت تجنيد فتاة لبنانية عملت في بيت مصطفى الديراني وقتما كان مسؤولا عن الأمن في حركة أمل, ويشير ميلمان إلى أن دونغري رفض تأكيد هذه المعلومة أو الحديث عن الفتاة التي سبق وذكر أمر وجودها في كتاب رأن أدليست وإيلان كفير المسمى «رون أراد ـ اللغز». ويقال أن هذه الفتاة الجامعية قدمت معلومات هامة عن حياة الديراني ومنزله. وقد عملت هذه الفتاة لاحقا في أحد البنوك في بيروت وتردد أنها اغتيلت.
تضيف «هآرتس» أنه بفضل هذه المعلومات أنشأت الاستخبارات نموذجا لبيت الديراني تدربت فيه القوات الخاصة قبل أن تنفذ مهمتها في اختطافه العام 1994. وتكتب أنه كان هناك من قدم للوحدة معلومات كاذبة وبينها رسالة مزورة من رون أراد. ويقول دنغوري أنه اكتشف هذا الذي قدم الرسالة المزورة وحقق معه. «وروى لي أنه تسلم الرسالة من شخص في بيروت زعم بأن لديه علاقة مع محتجزي رون أراد وهو يطلب مالا مقابل المعلومات. وأظهرت التحقيقات أن نصابا في بيروت يعرف أننا نبحث عن معلومات فقرر استغلال الأمر على أمل أن يغتني على حسابنا. ومن الجائز أن هذا النصاب أمسك بعجوز يهودي من وادي أبو جميل وأجبره على أن يكتب لنا الرسالة».
وقال دنغوري أن معلومات كاذبة أيضا كانت تصل الوحدة من عائلات معتقلين لدى حركة أمل بتهمة التجسس لحساب دولة الكيان, وروت هذه الأكاذيب أن معتقلين في بعلبك شاهدوا رون أراد أو سمعوا صوته. وقد حاولوا تسويق هذه المعلومات لنا على أمل أن نساعد في الإفراج عن أبنائهم», و«ذات مرة وصلت الوحدة معلومة عن دفن أراد في إحدى مقابر بيروت وأرسلنا عملاء للمقبرة وأيضا تبين أن الأمر خدعة».
ويشير دنغوري إلى السجال في الاستخبارات الصهيونية حول نقل أراد إلى إيران بعد أن تبين أن الأسير لم يعد بيد حركة أمل, ويقول «بتقديري, وهذا كان إحساسي, أنه قد يكون نقل إلى سوريا لغرض التحقيق معه. فقد شارك رون أراد في غارات سلاح الجو في حرب لبنان الأولى. وكانت إحدى أنجح العمليات في الحرب تدمير بطاريات الصواريخ السورية, التي هي من صنع سوفياتي, وتقديري أنه نقل للتحقيق معه في سوريا وأن محققين سوفيات حققوا معه لفهم حقيقة ما جرى, كيف أنه خلال دقائق تم تدمير بطاريات الصواريخ التي كانت فخر الصناعة السوفياتية. وللحقيقة هذا مجرد تقدير وليس معلومة استخبارية» .
إخفاق حقيقي
ويعترف دنغوري أنه لا يعلم إذا كان أراد لا يزال على قيد الحياة أم لا لكنه يعلم أن دولة الكيان أخفقت في عدم استرجاعه حينما كان الأمر ممكنا.
ومنذ التحاقه بالجيش الصهيوني انضم دنغوري إلى وحدة استخبارية تضم المتحدثين باللغة العربية وكانت جزءا من وحدة النخبة السرية الأولى المعروفة باسم «سييرت متكال» التابعة مباشرة لهيئة الأركان العامة. ولكن لأسباب مختلفة بينها سقوطه وإصابته في هبوط مظلي لم تتحقق أية غاية من هذا الانضمام.
وفقط بعد عام ونصف عام من حرب 1967 عاد للعمل في الاستخبارات العسكرية في وحدة خاصة كانت تسمى الوحدة 7019 وصارت لاحقا تسمى الوحدة 504. ولهذه الوحدة ثلاث مهمات: جمع معلومات استخبارية عن العدو عبر عملاء, التحقيق مع الأسرى, والمهمة الأشد حساسية هي تنفيذ عمليات خاصة.
ويرافق ضباط من هذه الوحدة العمليات والغارات التي تنفذها الوحدات الخاصة, سييرت متكال, الكوماندو البحري «شييطت 13», أو الكوماندو الجوي «شلداغ». وحسب «هآرتس» نشرت وسائل الإعلام الكثير من الأنباء حول دور الوحدة 504 في اغتيال عملاء عرب خانوا دولة الكيان أو تعفنوا.
وكان للوحدة 504 مراكز في الجنوب والوسط والشمال وخدم دنغوري فيها جميعا, ولكن في العام 1978 وجد دنغوري نفسه يعمل داخل لبنان بعد ما عرف باجتياح الليطاني, وكانت تلك الأيام الأولى لإنشاء وحدة الارتباط مع جنوب لبنان.
ويكتب ميلمان أنه «في السنوات الخمس التالية خدم دنغوري في مناصب مختلفة في الوحدة 504 وبعد ذلك نائبا لقائد منطقة جنوب لبنان التي سرعان ما تحولت إلى وحدة الارتباط مع لبنان. وخدم تحت إمرة ثلاثة قادة: الصحافي يورام همزراحي, مئير داغان, رئيس الموساد الحالي, وخليفته الوزير السابق إفرايم سنيه».
ويشير ميلمان إلى أن تلك كانت «أيام المغامرة والأوهام الكبرى لدوة الكيان الصهيوني, التي بلغت ذروتها بأمل رئيس الحكومة مناحيم بيغن ووزير الدفاع أرييل شارون ورئيس الأركان رفائيل إيتان وقائد الجبهة الشمالية يانوش بن غال بتكريس زعامة مسيحية موالية للكيان وللغرب بقيادة آل الجميل على لبنان. وساعدت دولة الكيان في إقامة المليشيا المحلية العميلة من سعد حداد الى أنطوان لحد.
جيش المرتزقة
ويقول ميلمان أنه «رغم أن رجال «جيش لبنان الجنوبي», وخصوصا القادة, رأوا أنفسهم وطنيين لبنانيين يقاتلون من أجل حريتهم, فإنهم في الكيان رأوا فيهم جيشا من المرتزقة».
وقد سلحت دولة الكيان هذا الجيش ودربته ومولته بهدف حماية الحزام الأمني الهادف لمنع تسلل المقاتلين من المنظمات الفلسطينية إلى الدولة الصهيونية. وبعد حرب لبنان الأولى غدا هدف الحزام منع مقاتلي حزب الله الذين غدوا بشكل متزايد العدو الأشد مرارة للكيان في لبنان.
وهنا يشدد دنغوري على أن مهمته على هذا الصعيد تمثلت في انشاء وحدة خاصة في قوات انطوان لحد، «شكلت من أبناء الجنوب اللبناني ممن يعرفون المنطقة جيدا ويمكنهم إدارة حرب عصابات ضد المخربين وفق تعليماتنا وتحت إشرافنا. فالجيش الصهيوني إذا خرج لعملية كان يرسل كتيبة. وهذا الحجم كان يسمح بخطر التورط في قتلى وجرحى. وقد آمنت أنه بدلا من كتيبة لنا, يمكن لاثنين أو ثلاثة من الوحدة الخاصة أن ينفذوا المهمة ذاتها على أحسن وجه».
ويضيف دنغوري أن الوحدة ضمت «عددا من السكان الشيعة إضافة إلى مخربين سبق وسلموا أنفسهم»,ويبين أن إحدى المهمات التي يفخر بها على وجه الخصوص كانت تفجير مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في برعشيت في العام 1980, ويقول «خرجت لتنفيذ المهمة قوة من الكتيبة 50 ولم تنجح, وعادت بعدد من الجرحى وقتيل واحد, وكدرس مستخلص من ذلك اقترحت إرسال رجالي. تمت الموافقة من دون اعتراض. أمرت رجالي, وهم من سكان المنطقة ممن يعرفون القرية جيدا, أحدهم كان مخربا سابقا. وقد دربهم خبير متفجرات صهيوني على تشغيل العبوة, ووفق صور جوية تم إرشادهم إلى الموضع الدقيق للعبوة... ونقلناهم مع العبوة بشاحنة تاجر دواجن, وافق على الانضمام للمهمة, وأنزلهم على مسافة 200 متر من الهدف, وقطعوا هذه المسافة سيرا على الأقدام. وضعوا العبوة وابتعدوا. القيادة فجرت من دون إصابات».
يذكر أن دنغوري عيّن حاكما عسكريا لمدينة صور في العام 1982 ونجا بأعجوبة من تفجير مقره حيث قتل عشرات من الجنود الصهانية ورجال الشاباك في عملية نفذها أحمد قصير.
وقد رفض دنغوري الحديث عن دور مئير داغان في التفجيرات وعمليات الاغتيال التي كانت تقع في العديد من المناطق اللبنانية.