بوش نقل قاعات اجتماعاتنا تحسبا لهجوم بالقنابل علي البيت الأبيض ..من كتاب سي.آي.إى Cia

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
– الحلقة الرابعة -
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير السابق
لوكالة المخابرات الأمريكية ..



بوش نقل قاعات اجتماعاتنا تحسبا لهجوم بالقنابل علي البيت الأبيض



أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...


يحى الشاعر


المصدر






بوش نقل قاعات اجتماعاتنا تحسبا لهجوم بالقنابل علي البيت الأبيض
2452Tennet_Crying.jpg
الحلقة الرابعة من كتاب " في قلب العاصفة "
المؤلف : جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية

قيمة هذا الجزء من كتاب تينيت لا يتوقف عند حد الكشف عن الدور الذي كان يلعبه كمدير لأكبر وكالة استخباراتية في العالم ، و في فترة عصيبة من تاريخ بلاده ، و لكن قيمته أنه يقدم صورة تفصيلية ، و ربما لأول مرة عن العالم الخفي لأجهزة الاستخبارات في العالم علي وجه العموم ، و ما يجري داخل هذا العالم السري ، و بلسان أحد كبار اللاعبين الرئيسين

في دهاليز الإدارة الأمريكية : الكلمات
التـي تعبر عن الحقيقة نادراً ما تنطق !!

وجدت نفســــي " دانة " انطلقت لتوها من فوهة مدفع
و علي قراءة تلال من التقارير و مقابلة مئات الأشخاص !!
ترجمة الأستاذ / مجدي كامل
قال لي جاك ديفين ضابط الخدمة السرية المحنك ، و الذي عمل في " سي . آي . إيه " كنائب مدير العمليات بالإنابة ، أثناء حقبة جون دوتش .. قال لي ذات مرة : " جورج .. شخص ما سوف يطلق رصاصة اليوم في شمال العراق ، و سيكون عليك تحديد المكان الذي استقرت فيه هذه الرصاصة بعد عامين من الآن " . و كما كان يتعين علي أن أتعلم فيما بعد ، فإن الكلمات التي تعبر عن الحقيقة نادراً ما تنطق " .
و في دهاليز كالتي نعمل فيها تأتيني أشياء كثيرة من زوايا مختلفة ، لدرجة أنه يكون من غير الممكن بالنسبة لي أن أقتفي أثر كل شيء . و ما يبدو غير ذي قيمة في اللحظة الآنية ، قد يكبر مع الوقت ليصبح شيئاً هائلاً ، بينما تجد ما يبدو لك هائلاً في التو و اللحظة يمكن أن يتلاشي بمرور الوقت في غياهب الضوضاء المحيطة . و بالنسبة لأناس يعملون في مجالنا لا توجد تلك الحياة التي يمكن التنبؤ بأحداثها .
في يوم كغيره من أيام عملي كمدير لـ " سي . آي . إيه " شعرت و كأنني طلقة مدفع انطلقت لتوها من فوهته . الناس كانوا دائماً يقفون في طوابير ، يريدون مني اهتماماً مطلقاً ، لا تشوبه شائبة حول عشرات المسائل ، التي لا ترتبط ببعضها البعض . و كنت أخرج من اجتماع لأدلف إلي آخر ، مع أناس يدفعون إلي يدي ملخصات لكتب غليظة ، ثم ينتزعونها مني ، قبل أن أهضم أول صفحة منها .
و قد ابتلعت مهام منصبي أيضاً مساحة تواجدي بين أفراد عائلتي .. زوجتي ستيفاني و ابني جون مايكل . كما أن بيتي المتواضع لم يعد كما كان ، فقد أصبح الدور الأرضي فيه مقراً لأفراد حراستي الأمنية ، الذين أصبحوا جزءاً من عائلتي ، بعد أن ألفنا وجودهم بيننا .

مدير المخابرات فـي أمريكـا منصب " كارثـي " ..
وتقديم الموجز الاستخباراتي اليومي لبوش مهمة قاتلة !!

أما ساعات عملي فلم تكن تبدأ في الصباح الباكر كالمعتاد ، و إنما كانت تبدأ – فعليا - ً الساعة العاشرة من ليل اليوم السابق ، حيث يقوم أحد معاوني ، من حيث يتخذ مكانه في الدور الأرضي بمنزلي ، بكتابة الموجز الاستخباراتي اليومي ، الذي يرفع للرئيس في الصباح التالي كما هو متبع . و كان هذا الموجز ، أو " الكتاب " كما كنا نطلق عليه ، هو أهم منتج يصدر عنا .
و كنت أقضي الساعات .. أراجع .. أدقق .. أضيف .. أحذف و أنقح ، حتى يكون هذا الموجز كما يجب عند رفعه للرئيس .
و في الصباح ، كنت أنهض من نومي في الساعة الخامسة و خمس و أربعين دقيقة ، قبل أن أغادر بيتي – كما جرت العادة - فيما بين الساعة السادسة و الربع و السادسة و النصف .
و في السيارة ، حيث يوجد هاتفان مؤمنان ، كانت الاتصالات مع رجالي و قادتي لا تنقطع ، و كنت حياناً أجد بعض الصعوبات ، لتداخل الموجات ، بسبب الأجهزة الموجودة بسيارة حراستي السرية اللصيقة .
و أثناء عملي بإدارة الرئيس بيل كلينتون ، كنت أتوجه مباشرة إلي مكتبي ، بمقر الـ " سي آي إيه " في " لانجلي " ، في الوقت الذي كان أحد معاوني يتولي - كل صباح - مهمة رفع الموجز الأمني ، الذي أعددته للرئيس كلينتون. و لكن عندما تولي الرئيس جورج بوش الحكم ، طلب مني تقديم الموجز بنفسي يداً بيد ، و من هنا كان علي تغيير وجهتي ، و شق طريقي – بصعوبة - كل صباح - إلي البيت الأبيض ، بسبب الازدحام المروري .
و كان من عادتي أن أدع كاتب موجز الرئيس يجلس في المقعد الخلفي من سيارتي ، بينما أجلس أنا في الأمام ، علي عكس ما يفعله كبار المسئولين . و كان يطلق علي مقعد كاتب الموجز ( مقعدي ) عبارة " مقعد الحظ " .. و كنت أمزح - أحياناً - بقولي إن الإرهابيين عادة ما يستهدفون هذا المقعد ، الذي اعتادوا رؤية كبار الشخصيات يجلسون فيه .
و في البيت الأبيض ، جرت العادة أن أقدم الموجز الاستخباراتي للرئيس بوش في الغرفة رقم 345 ، التي تطل علي " شارع بنسلفانيا " ، و لكن بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 ، تم نقلنا إلي غرفة بعيدة عن الشارع ، للحد من مخاطر التعرض لهجوم إرهابي بالقنابل !
و استطيع القول أن تقديم هذا الموجز لبوش كل صباح كان مهمة قاتلة بالنسبة لي ، حيث أمضي الليل في كتابته ، ثم اذهب للرئيس لمناقشته ، ثم انتقل أنا و الرئيس إلي المكتب البيضاوي ، ليبدأ الاجتماع الأمني اليومي بحضور نائب الرئيس ديك تشيني ، و مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس ، و أندي كارد رئيس أركان الرئيس . و كان الاجتماع يتم بحضور الجميع اللهم إلا إذا كان أحد منهم خارج البلاد .

بوش نقل قاعات اجتماعاتنا المطلة علي شارع بنسلفانيا
تحسبا لهجوم بالقنابل علي البيت الأبيض بعد سبتمبر !!

و حدث بعد 11 سبتمبر أن تمت توسعة هذا الاجتماع ، حيث اصبح يضم أيضاً جون اشكروفت المدعي العام ، و روبرت موللر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي " أف . بي . آي " ، و توم ريدج وزير الأمن الداخلي ، بهدف مراجعة آخر تطورات التهديدات الإرهابية و ما يمكن عمله للحيلولة دون وقوعها . . و كنا عادة ما ننتهي من هذا الاجتماع في الساعة التاسعة صباحاً .
و لم يتوقف الأمر بعد 11 سبتمبر عند حد هذا العرض الصباحي ، فقد كان هناك اجتماع آخر للجنة جديدة هي " اللجنة الأمنية العليا " و ترأس مستشارة الأمن القومي اجتماعاتها ، ما لم يقرر الرئيس الحضور ، و كانت هذه الاجتماعات تعقد في غرفة بالطابق التالي للطابق الذي يقع فيه للمكتب البيضاوي 3 مرات أسبوعياً ، و بالتحديد أيام الاثنين و الأربعاء و الجمعة .
و بعد أداء هذا الواجب اليومي ، و معرفة ما يمكن عمله في بعض ما تضمنه من مسائل مهمة ، أذهب للوكالة في حوالي العاشرة صباحاً ، إذا كنت سعيد الحظ ، لأتابع كل صغيرة و كبيرة ، ثم أعاود الكرة و أسهر علي كتابة موجز اليوم التالي .. و هكذا !!
و في مكتبي أجد مساعدي الخاص دوتي هانسون الذي عمل معي لمدة طويلة ، و قد وضع علي مكتبي قائمة بالمكالمات التي جاءت في غيابي ، و تحتاج الرد عليها ، أو الاهتمام بفحواها . ، و قائمة أخري بأسماء قياداتي و ضباطي بالوكالة ، الذين يريدون رؤيتي لأمور مهمة عاجلة . و عادة ما كان دوتي يضطر لتغيير جدول مواعيدي ثلاث أو أربع مرات في اليوم الواحد.
و ناهيك عن متابعتي أنشطة 15 وكالة فرعية تابعة لـ " السي آي إيه " ، كان علي أن أحافظ علي قنوات الاتصال مفتوحة مع مديري و كبار مسئولي أجهزة استخبارات الدول من شتى أنحاء العالم . و كان علي أن التقي بوفود هذه الأجهزة ، و خاصة هؤلاء الذين يساعدوننا ، و استمع إليهم ، و أحيانا أتلقى منهم هدايا – نيابة عن حكومة الولايات المتحدة - تمر أولاً علي أجهزة الفحص الأمني ، ثم يتم تسجيلها ، كما القاعدة ، و بعضها كان يخزن ، و بعضها كان يباع في مزاد ، يخصص دخله للوكالة .
كما كان الرد علي طلبات ، و أحياناً أوامر الكونجرس جزءاً مهماً و كبيراً من مهامنا . و قد انخرطت في المئات من جلسات الاستماع المغلقة ، و قمت بالرد علي المئات من طلبات الإحاطة ، أثناء سنوات عملي . ليس فقط أمام لجنتي الاستخبارات التابعتين لمجلسي الكونجرس النواب و الشيوخ و إنما أيضاً أمام " نصف دستة " من اللجان الأخري ، التي كانت تعتبرني مدين لها بجزء من وقتي .

لولا بيرجر لأطاح كلينتون برأسي بعد قصف سفارة الصين
في بلجراد رغم أن الجنرال ويسلـي كلارك أخطأ أيضاً !!

و كنت بين الفين و الفينة ، أريد الخروج و استنشاق الهواء بعيداً عن المكاتب ، و كنت اتجول في المساحات الكبيرة المحيطة بالمبني الرئيسي ، في مساحة تصل إلي 250 فداناً تضم مبان أخري ملحقة . و مما أذكره أنني و في بداية عملي كنت أتجول ، و دخلت بالصدفة أحد المباني ، و كانت هناك موظفتان تتجاذبان أطراف الحديث ، فقلت لإحداهما : ماذا تعملين ؟ .. فصرخت في وجهي : من أنت بحق الجحيم ؟! .. و بينما تلتفت إلي و تتفحصني جيداً ، فإذا بمعالم وجهها تتغير ، و لونها يمتقع ، و فجأة بادرتني قائلة : أوه .. أهو أنت !!
Bill_Clinton.jpg
و لكن هناك دائماً مواقف لا تنسى في حياة أي مسئول كبير ، و من هذه المواقف التي مرت بي ، و كاد الرئيس بيل كلينتون يطيح برأسي فيها ، ما حدث في أوائل شهر مايو عام 1999 إبان حرب البلقان .
فقد طلبت منا وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاجون " تحديد الأهداف المطلوب تدميرها هناك ، و كان من بين أهدافنا " مديرية الإمداد و التموين اليوغوسلافية ، في بلجراد ، حيث توصلت تقاريرنا إلي أنها تستخدم كمخازن سلاح ، و يتم من خلالها شحن مكونات صواريخ إلي دول مارقة مثل ليبيا و العراق . و لكن للأسف كانت إحداثيات الهدف الذي حددناه خاصة بموقع آخر قريب منه لم يكن سوى سفارة الصين في بلجراد .
و قد فوجئنا بهذا الخطأ الذي ارتكبناه عندما اتصل بي مساعدي مايكل موريل في منتصف الليل ، عشية سفري إلي لندن ، لأشارك في اجتماع مديري أجهزة استخبارات دول الكومنولث ، ليبلغني أن مركز عمليات الوكالة تلقي مكالمة من الجنرال ويسلي كلارك قائد القوات الأمريكية في البلقان يسأل فيها : لماذا طلبت مني الـ سي . آي . إيه " قصف سفارة الصين في بلجراد ؟
و الحقيقة أننا كنا بالفعل قد اكتشفنا الخطأ في إحداثيات الموقع ، و عندما أبلغنا البنتاجون ، أبلغونا بأن المقاتلات الأمريكية انطلقت و لم يعد في الإمكان عمل أي شيء .
و في الوقت الذي لا أنفي فيه مسئوليتنا عما حدث ، إلا أن الجنرال كلارك مسئول أيضاً عما حدث لأن المفروض أن لديه قائمة بـ " الأهداف المستثناة " من القصف ، و تضم من بين ما تضم السفارات و المدارس و المستشفيات ، و خرائطها و إحداثيات مواقعها ، و يفترض أن يراجع أهدافنا و يطابقها بما لديه بالقائمة المستثناة للتأكد قبل ضربه . و لكن ما حدث أن قاعدة بياناته إما لم تحدث لتشمل إحداثيات موقع سفارة الصين ، أو لم تتم عملية التأكد من وضعية الهدف المطلوب تدميره .
و قد أدى القصف الأمريكي لسفارة بكين ، و الذي لقي فيه 3 أشخاص مصرعهم ، و أصيب فيه 20 آخرون إلى أزمة دولية خطيرة . و بينما أحاول مع نائبي جنرال سلح الجو جون جوردون تقييم الموقف كان مسئولون بوزارة الدفاع لم تحدد أسماؤهم قد أجروا عشرات المكالمات مع جميع مسئولي الإدارة لإبراء ذمتهم من قصف السفارة باعتبارنا المذنبين ، كما أبلغوا وسائل الإعلام بأن الخطأ جاء من جانب وكالة " سي . آي . إيه " التي تستخدم خرائط و إحداثيات مواقع غير حيحة . و بالطبع كان هذا جزء من القصة ، و لم يشر أحد للخطأ الذي ارتكبته قيادات الجنرال ويسلي كلارك !

قلت لموظفتي : ماذا تعملين فردت : من أنت بحق الجحيم ؟!
و كنت أجلس بجوار السائق عكس كل كبار الشخصيات !!


وفي اليوم التالي لقصف السفارة ، و فور هبوط طائرتي أرض المطار بلندن ، حتي تلقيت مكالمة هاتفية من ساندي بيرجر مستشار الرئيس كلينتون للأمن القومي يقول لي فيها : من الأفضل لك أن تعود علي الفور إلي واشنطون .. أنا أحاول إنقاذ كرسيك " .
و بالفعل استدرت و صعدت الطائرة من جديد و عدت لأمريكا لأواجه الأمرين . فقد كنت محل تهكم الصحف ، و مادة للكاريكاتير الساخر ، و الانتقادات اللازعة .و كانت هناك ضغوط كبيرة علي البيت الأبيض للإطاحة برؤوس كبيرة لاحتواء الأزمة ، و بالطبع كانت رأسي أنا المرشحة الأولى .
و مع ذلك ، و بمساعدة ساندي بيرجر ، رفض الرئيس كلينتون تحميلي مسئولية ما حدث ، و ساندني حتى أتجاوز جلسة الاستجواب أمام الكونجرس . و قد تذكرت هذا الحدث الجلل مرة أخري عندما بعثت سفارة الصين ببغداد في بداية غزو العراق ببرقية لنا تتضمن خريطة إحداثيات موقعها في العاصمة العراقية ، و تطلب فيها نقلها لوزارة الدفاع الأمريكية ، حتي تحدث قاعدة بياناتها و لا تقصفها طائراتها كما فعلت في بلجراد !!

انتظرونا غدا في الحلقة القادمة وفيها:
مهمة كبرى للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين
 
عودة
أعلى