ارتكبوا جريمتهم ودمروا العراق ....من كتاب سي.آي. إيه Cia

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
– الحلقة الثالثة عشر -
من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ "
سي.آي. إيه CIA
ألمؤلف
جورج تينيت المدير السابق
لوكالة المخابرات الأمريكية ..


ارتكبوا جريمتهم ودمروا العراق وجعلوني كبش فداء ...اعترف بارتكابي أخطاء ولكن دون قصد





أسرار تأتى ... بعد دهور ... ليعرف الشعب المصرى والعربى ، ماذا كان يدور خلف ظهره ...


يحى الشاعر


المصدر







ارتكبوا جريمتهم ودمروا العراق وجعلوني كبش فداء ...اعترف بارتكابي أخطاء ولكن دون قصد
3246tenet_3.jpg
الحلقة الثالثة عشرة من كتاب " في قلب العاصفة : سنواتي في الـ " سي.آي. إيه"
المؤلف : جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية
المرء والله لا يدري كيف يمكن تصور ما يقوله مستر تينيت في هذا الجزء من الكتاب حول تزييف مبررات تدمير بلد بأكمله.. أهو فضيحة مخجلة لبوش وصقوره بما يكشفه من أسرار خطيرة حول قرعهم طبول الحرب دون داع ، وضغطهم علي جميع أجهزة الاستخبارات وفي مقدمتها سي. آي. إيه ، التي كان يرأسها المستر تينيت نفسه ، لفبركة مبررات الحرب .. أم هي فضيحة مخجلة أيضاً لعم تينيت نفسه ، الذي يعترف هنا بأنه شارك في هذه الجريمة النكراء ، ولكن – على حد قوله – دون قصد منه.. أم هي محاولة متأخرة للتطهر ، وإبراء الذمة ، ووضع الجرس في رقبة القط بوش و....... الذين – كما يبدو من استعراضه للأحداث ضغطوا علي وكالته ، ونصبوا له هو شخصياً الفخ ، فسار إليه بقدميه ، ثم استغلوه لتسويق خطيئتهم للشعب الأمريكي ، وعندما فضح أمرهم جعلوا منه كبش فداء !!
ترجمة الأستاذ / مجدي كامل
لم تذهب الولايات المتحدة إلي الحرب بسبب أسلحة الدمار الشامل فقط ... فأنا أشك حتى في أن هذه الأسلحة كانت السبب الرئيسي للحرب ، ولكنها كانت القناع الذي تسترت خلفه الإدارة لكي تسوق الغزو بي أوساط الأمريكيين.
فقادة الدول يضطرون إلى اتخاذ قرار خوض الحرب بسبب معتقدات اساسية، وحسابات جيواستراتيجية ً، رؤية ايديولوجية أوسع نطاقا ، وفي حالة العراق فقد مضت أميركا إلى خوض قرار الحرب بسبب رؤية الإدارة الأميركية التي لا تستند إلي الواقع ، وإنما تتركز فقط علي أن التحول الديمقراطي للشرق الأوسط من خلال البدء بتغيير النظام في العراق سيكون جديراً بتكبد عناء دفع ثمنه. وكانت أسلحة الدمار الشامل ، على نحو ما صرح بول وولفويتز لمجلة " فانيتي فير" في شهر مايو 2003 شيئاً حين قال : استقر رأينا علي غزو العراق وتغيير النظام لأن هذا العمل كان القضية الوحيدة التي بوسع الجميع الاتفاق عليها.
حان وقت التطهر
وفي أوائل شهر سبتمبر عام 2002 ، ومع تصاعد الأصوات المطالبة باستخدام القوة في العراق ، وجدت وكالة الـ " سي. آي. إيه " نفسها تحت ضغط من جانب لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ لكتابة تقييم كتابي حول أسلحة الدمار الشامل العراقية ... ورغم أنهم كانوا يريدون تقديرات استخباراتية وطنية يحددون بموجبها موقفهم النهائي بشأن تخويل الرئيس بوش سلطة المضي بالأمة الأمريكية إلي الحرب من عدمه ، إلا أنهم في واقع الأمر كانوا يريدون بالتحديد منا تقديرات تتوافق مع نواياهم المبيتة ورغبتهم المتعمدة في الذهاب للحرب.

والمعروف أن تقديرات المخابرات الوطنية هي حصيلة جهد مشترك تساهم فيه جميع الأجهزة والوكالات الاستخباراتية والأمنية الأمريكية ، وفي مقدمتها " سي آي. إيه " التي تتيح لكبار صانعي السياسة في البلاد الموقف الذي تجتمع عليه
كلمة المجتمع الاستخباراتي في الولايات المتحدة بشأن قضية ما معروضة عليه ، وتقديم كل الأراء المتعارضة والأراء البديلة وبمنتهى الأمانة.
و تتطلب عملية إعداد تقديرات الاستخبارات الوطنية عدة أشهر من العمل وتقوم بها سي.آي. إيه ووكالة استخبارات وزارة الدفاع " دي. آي. إيه " ووكالة الأمن القومي الأمريكي " إن. إس. إيه " ، و مكتب الاستخبارات والأبحاث " آي. إن. آر " ، ووزارة الطاقة " دي. أو. إي " ووكالة الاستخبارات الأرضية – الفضائية " إن. جي. إيه " بالإضافة إلي وكالات أخرى.
وقد كان من المفترض أن تطلب اللجنة تقديرات المخابرات القومية في وقت مبكر ، ومع ذلك فإنني لم أكن أعتقد – وقتذاك - أن هناك حاجة إليه أصلاً.. ولكنني كنت مخطئاً في اعتقادي هذا فبينما لم يصدر قرار بعد بالحرب ، إلا أن عقارب الساعة كانت قد دارت متجهة نحو قرار الحرب من قبل ذلك بوقت طويل !
والحقيقة أننا كنا نعد بين الفين والفينة تقارير حول العراق وتطور أسلحته ، ولكننا كنا في ذلك الوقت مطالبين بالمشاركة في تقديرات المخابرات القومية بشكل أعمق وعلي نحو السرعة ، رغم أن جل اهتمامنا كان منصباً علي تنظيم القاعدة ، الذي يمثل الخطر الأعظم ، والتهديد الأكبر.
و في يوم 9 سبتمبر عام 2002 أيضاً طلب مني السيناتور نائب الكونجرس عن ولاية " إلينوي " توجيه " الجزء الخاص بوكالتي في تقديرات المخابرات القومية ، والكشف عنه في موجز يتم نشره لشرح القضية للشعب الأمريكي !
و في اليوم التالي ، تبعه السيناتور رئيس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ برسالة بعث بها إلي يطلب مني فيها جعل تقدير المخابرات القومية يتضمن " قيام العراق بتطوير أسلحة دمار شامل وأوضاع القوات العسكرية العراقية بما في ذلك استعداتها وقدرتها علي القتال ، وتأثير أي هجوم أمريكي ضد العراق علي دول الجوار ، ورد فعل صدام المحتمل علي حملة عسكرية أمريكية تستهذف تغيير النظام في العراق !
وقد وافقت بعد تردد. وفي 12 سبتمبر 2002 أيضاً ، طلبت من أفراد مجلس الاستخبارات الوطنية بدء تقرير استخباراتي لتضمينه تقديرات الاستخبارات الوطنية حول : " وضعية وطبيعة أسلحة الدمار الشامل العراقية " ، وكان يتعين علي أفراد المركز الإجابة علي سؤالين في تقريرهم : هل صدام يمتلك بالفعل هذه الأسلحة ؟ ، وما لم يكن يمتلكها فمتي يمكن أن تكون بحوزته ؟.. ولم أتوقع أن تحدث أية مفاجأة في إجاباتهم عن هذين السؤالين !
وكما كان رد فعلنا إزاء طلب التقديرات ، فقد تساءل أفراد المجلس الاستخباراتي القومي عما إذا كانت هناك فعلاً حاجة إلي مثل هذه التقديرات !
ورأي ستيفن هادلي أن المعلومات المطلوبة موجودة بالفعل في تقارير ووثائق أخري سابقة.
ولأنه كان من المقرر أن يتم التصويت في الكونجرس علي تخويل الرئيس بوش سلطة إعلان الحرب في أوائل شهر أكتوبر فقد كان علينا إعداد التقديرات التي تستغرق كأمر طبيعي ستة أو عشرة شهور ، كان علينا إعدادها في 3 أسابيع.. وحتى هذه الفترة المبتسرة والمختزلة والقصيرة لم ترض بعض أعضاء الكونجرس غير الودودين ، والذين كانوا يريدونها في الحال.. وراح جراهام وأعضاء آخرون ينتقدوننا في الصحف لما وصفوه بالتباطؤ من جانبنا في تقديم التقديرات الاستخباراتية الخاصة بأسلحة دمار العراق !
الغريب أيضاً أن بعض أعضاء الكونجرس طلبوا منا تقييم قدرة الجيش الأمريكي علي القيام بعمليات في العراق ، رغم أن هذا التقييم لا يدخل في نطاق عملنا كجهاز استخبارات ، ولكن هذا القول لم يرضهم !
ولكن ضيق الوقت هذا لا يعفنا من المسئولية فيما جمعناه من بعض المعلومات غير المؤكدة في تقديرات الاستخبارات القومية التي اعتمد وزير خارجيتنا كولين باول علي جزء منها في شهر فبراير عام 2003 في خطابه أمام الأمم المتحدة ، والذي كان سبباً في تأييد الأمريكيين للحرب.
صقور بوش دقوا طبول الحرب مبكراً وحلفاؤهم
الكبارفي الكونجرس ضغطوا علينا لإدانة صدام!!
وقد ذهب بعض المراقبين بعيداً في تضخيم الأمر ، بتصويرنا في الاستخبارات القومية علي أننا شركاء لصانعي السياسة في قرار الحرب ، ولكن الحقيقة هي العكس تماماً ، وحتي ضابط الاستخبارات القومية المعروف بنزاهته وقدراته ومهاراته العالية في التحليلات الاستخباراتية ، وآخر من يمكنك أن تطلق عليه عبارة " صقر حرب " ، والذي كان المسئول عن هذه التقديرات الخاصة بالعراق ، والتي اشتركت فيها عدة وكالات وأجهزة استخباراتية منها وكالتي.. هذا الضابط أتاني وكانت ترتسم علي وجهه علامات القلق وقال لي مستنكراً : " ما زلت لا أومن بهذه الحرب.. بعض الحروب لها ما يبررها ، ولكن ليست هذه الحرب ".
وما كان مني إلا أن قلت لوولبول : نحن لا نصنع السياسات.. مهمتنا هي إبلاغ الناس ما نعرفه وما نعتقده عمن يفعل ماذا ، ليتخذوا ما يحلو لهم من قرارات حيال ما نبلغهم به.
و رغم عدم اقتناع بوب وولبول ، إلا أنه أمضي ليال طوال يبيت الليل في مكتبه لكي ينتهي من مهمته.
نعم خطفونا في الوقت وأخطاؤنا لم تكن أبداً مبرراً لحربهم وأسلحة الدمار العراقية المزعومة مجرد قناع لتسويق الحرب للأمريكيين!!
وبسبب ضغط الوقت ، اضطر المحللون لإنهاء تقاريرهم علي وجه السرعة ، ولم يأخذوا وقتهم كما ينبغي واجتمع ممثلوا الوكالات والأجهزة الاستخباراتية الإثني عشرة المشاركة في تقديرات الاستخبارات القومية في يوم 23 سبتمبر لمراجعة ما تم التوصل إليه من نتائج ، وصياغة مسودة للتقديرات المطلوبة ، وتم توزيعها علي قادة ورؤساء هذه الأجهزة والوكالات المشاركة.

و في يوم الثلاثاء 1 أكتوبر اجتمع كبار ممثلي هذه الأجهزة والوكالات معي لبحث ومناقشة واعتماد الوئيقة النهائية لتقديرات المخابرات القومية ، وهذا الاجتماع مكون أساسياً من مكونات آلية إعداد هذه التقديرات .
و بسبب ضغط الوقت أيضاً ، كانت هناك قضايا لا بد من التعامل معها ، وحسمها ، علي وجه السرعة ، ومنها - علي سبيل المثال - مسألة أنابيب الالمونيوم المثيرة للجدل.
لم يكن هناك إجماع علي استيراد صدام أنابيب الألومنيوم لبرنامج اسلحته النووية
و لكن باول أعلنها في الأمم المتحدة دليل إدانة وبوش استغلها مبرراً للحرب !!
ففي اوائل عام 2001 ، تم ضبط العراق متلبساً بشراء 60 ألفا من أنابيب الألومنيوم سراً وهي من بين المواد المحظور علي العراق استيرادها بموجب العقوبات الدولية المفروضة عليه – وقتذاك - . وتمت عملية ضبطها ومصادرتها في الشرق الأوسط. وحاول وكيل العراقيين دون جدوى الإفراج عن الانابيب بزعم أنها في طريقها إلي لبنان لاستخدامها هناك في صناعة أجزاء من سيارات السباق. وبغض النظر عن الغرض الذي كان صدام سيستخدمها فيه إلا أنها من المواد التي كان محظوراً علي صدام جلبها بموجب العقوبات .
وقد اتفقت كل الأجهزة الاستخباراتية ومنها " سي. آي. إيه " علي أن هذه الأنابيب يمكن إدخال بعض التعديلات عليها لعمل مولدات مركزية يمكن استخدامها في برنامج نووي.
و كان لدي محللي سي. آي.إيه اعتقاد بأن هدف العراقيين من جلب هذه الأنابيب هو استخدامها في تخصيب اليورانيوم ، بينما رأى محللون من وكالات وأجهزة أخري أنهم سيستخدمونها في صناعة صواريخ.
و لكي تختبر سي. آي. إيه من صحة ما توصل إليه محللوها في هذا الصدد ، استدعت فريق من الخبراء المتمرسين في معمل أوك ريدج الوطني " الفريق الأحمر " ، وهم خبراء قاموا بالفعل بصناعة مولدات مركزية وأجهزة طرد مركزي. وتوصل هؤلاء الخبراء إلي أن هذه الأنابيب مناسبة للاستخدام في الأغراض النووية أكثر من أي شيء آخر. وحتى خبراء وزارة الطاقة اتفقوا في
النهاية مع ما توصل إليه خبراء المعمل الوطني علي أن صدام يريد إحياء برنامج أسلحته النووية.
ولو كان لدينا ما يكفي من الوقت ، فقد كنت متأكداً من أننا سنؤخر حكمنا علي هذه الأنابيب حتي نتأكد أكثر ، ولكن في النهاية فقد اتفقت غالبية ممثلو جميع الوكالات والأجهزة المشاركة في تقديرات الاستخبارات القومية علي ان هذه الأنابيب بمثابة دليل علي أن صدام يعيد بناء برنامج أسلحته النووية ، ولكن لم يكن هناك إجماع علي هذا الاستنتاج !
و من الواضح أن وجهات النظر المتعارضة في هذه التقديرات فيما يتعلق بأنابيب الألومنيوم لم يلتفت إليها ، فقد ركز باول في عرضه أدلة إدانة صدام أمام الأمم المتحدة في فبراير ، فيما يتعلق بأسلحة دماره الشامل ، علي هذه القضية باعتبارها دليل دامغ !
علمنا بـ يورانيوم النيجر من وثيقة لاستخبارات وزارة رامسفيلد
و لوى صقور بوش عنق الحقيقة عندما استخدموها ذريعة للحرب !!
وربما الجزء الذي أسيء فهمه علي نطاق واسع في تقديرات الاستخبارات القومية هو ذلك المتعلق بـ " الكعكة الصفراء ".. ويشار بها إلي عنصر اليورانيوم الطبيعي الذي لا غنى عن تخصيبه لإنتاج أسلحة نووية.
فقد تضمنت هذه التقديرات عرضاً لما جاء في وثيقة حول محاولات صدام شراء يورانيوم من دولة إفريقية هي النيجر. وقد تم نقل هذا الوثيقة من نشرة وكالة مخابرات وزارة الدفاع لشهر سبتمبر 2002. وهذه المحاولات ، التي أشارت إليها هذه الوثيقة – كما جاء في صفحتها الرابعة والعشرين وفي عدد قليل من فقراتها - لم تكن ذات أهمية كبيرة في تقديرات المخابرات القومية ، التي اتخذتها إدارة بوش ذريعة للحرب علي العراق.
sadam.jpg

وقد أشارت تقديرات الاستخبارات القومية إلي أن صدام استطاع الحصول علي كمية كبيرة من اليورانيوم ولكنه لم يحصل منه علي ما يكفي لانتاج سلاح نووي. فالمعروف أنه سيكون في حاجة إلي 550 طناً من هذا العنصر المشع إذا ما أراد انتاج 100 سلاح نووي وهي كمية ليس بمقدوره تحصيلها. كما أكد التقرير أن يورانيوم النيجر الذي تم ضبطه ومصادرته وتحفظ عليه مفتشون دوليون في مكان آمن ومحصن ، ولم يصل إلي صدام.
ورغم الانتقادات التي تصاعدت حدتها فيما بعد ضد تقديرات المخابرات حول يورانيوم النيجر ، باعتبار أنها قدمت لبوش أحد مبررات الحرب باعتبارها دليلاً علي سعي صدام لإنتاج سلاح نووي.. رغم ذلك فإن يوانيوم النيجر لم يدخل ضمن ستة أسباب أوردتها التقديرات واتفقت عليها جميع الأجهزة والوكالات الاستخباراتية المختلفة باستثناء مكتب استخبارات وأبحاث وزارة الخارجية تدل علي أن العراق كان يستأنف في تلك الفترة برنامج أسلحته النووية. ورغم ذلك أيضاً فقد أشار هذا المكتب في التقديرات عن اعتقاده بأن العراق يواصل ولكن علي نطاق ضيق ومحدود إعادة بناء قدراته النووية.
و أستطيع القول أننا خرجنا بعملية تقييمنا لأسلحة صدام إلي خلاصة مفادها أنه لا يمتلك سلاحاً نووياً ، وأنه لو قدر له أن يفعل فلن يكون لديه يورانيوم مخصب يمكنه استخدامه فيما بعد لتحقيق هذا الغرض إلا في الفترة ما بين عامي 2007 - 2009. ولكننا أشرنا في التقديرات إلي أننا لسنا واثقين تماماً من هذا التقييم الأخير. وأشرنا أيضاً في التقديرات إلي أنه لو قدر لصدام أن يحصل علي اليورانيوم المخصب من أي مكان آخر فإنه ليس لدينا دليل كاف يشير إلي أن لديه برنامج نووي شامل ومتكامل لتطوير أسلحة نووية.
ومع ذلك ، فلم يشكك أحد من ممثلي الأجهزة والوكالات الاستخباراتية المشاركة في التقديرات في أن صدام يمتلك فعلا برامج لتطوير أسلحة كيماوية وبيولوجية. وجاء في التقديرات أن صدام كان يقوم بمواصلة وتوسعة جهوده لإنتاج صاروخ باليستي منتهكاً العقوبات الدولية. وقد حولت الإدارة تقييمنا للصاروخ إلي مبرر حاسم أيضاً للحرب !
وعلي عكس سوء الفهم الشائع لدى الأمريكيين ، أشارت التقديرات إلي وجهات النظر المتعارضة بين الأجهزة والوكالات المشاركة في كتابتها ، والتي تم تدوينها بلون خاص لتمييزها ، والتي احتلت 16 صفحة من صفحات التقديرات البالغ عددها 90 صفحة.
أكدنا في تقديرات المخابرات القومية أن صدام لا يمتلك سلاحاً نووياً ولكننا
ضخمنا في تقديراتنا من خطره فاستغلها دعاة الحرب أسوأ استغلال !!

والآن استطيع أن أقر بأننا وإن كنا نفعل ما نراه صواباً في ذلك الوقت الضيق ، وتحت ضغوط هائلة سياسية ، وإدارة تريد منا تقديم مبررات لتسويقها شعبياً حتي تذهب بالبلاد إلي الحرب ، إلا أننا نتحمل جزءاً من مسؤولية الخلل الذي حدث في تقييم تقديرات الاستخبارات القومية عن برامج الاسلحة في العراق ، إنني لأشعر بالأسف لأن الوثيقة ، التي حملت تقديرات الاستخبارات القومية ، لم تكن أكثر دقة مما كانت عليه ساعة قدمناها ، ولكن لم يكن لدينا شك – وقتذاك - بأن صدام يملك أسلحة غير تقليدية. واذا ما عدنا للوراء ، سنجد أننا اخطأنا إلي حد ما عندما استسلمنا للضغوط نسبياً عندما وجدنا أن الحقيقة لم تكن قابلة للتصديق.
و ربما تكون غلطتنا هي أننا بالغنا في تقدير حجم التقدم الذي كان يحرزه صدام علي طريق تطوير برامج اسلحته.

أسوأ لحظات حياتي عندما صرخ صديقي السيناتور نورم ديكس بوجهي
في الكونجرس : اعتمدنا عليك فهويت بنا معك إلي الحضيض !!
وربما تكون غلطتنا أيضاً هي أننا لم نقل إن معلوماتنا الاستخباراتية لم تكن كافية لكي تقطع الشك باليقين في مسألة برامج أسلحة صدام.
في ربيع عام 2004 ، وأثناء ظهوري الأخير أمام لجنة الاستخبارات بمجلس النواب علق السيناتور علي تقديرات الاستخبارات القومية.. كان نورم صديقاً للعاملين في أوساط المجتمع المخابراتي ، ولي شخصياً ومنذ فترة طويلة ، ومع ذلك فقد تحدث إلي ذاك اليوم بكلمات فظيعة عبرت عن موقفه الرافض لما جاء في تلك التقديرات ، وصدمته في شخصي بعد الثقة الكبيرة
التي كان يوليني إياها.. قال : " لقد اعتمدنا عليك.. ولكنك هويت بنا إلي الحضيض ".
بالنسبة لي ، كانت هذه اللحظة هي الأسوأ في سنوات رئاستي السبع لـ " سي. آي. إيه " ، لأنني كنت أعرف أنه محق !!
 
عودة
أعلى