نتائج مرحلة حرب الاستنزاف بنهاية عام 1969

يحي الشاعر

كبير المؤرخين العسكريين
عضو مميز
إنضم
2 فبراير 2008
المشاركات
1,560
التفاعل
98 0 0
نتائج مرحلة حرب الاستنزاف بنهاية عام 1969

انتهى عام 1969، والقوات المسلحة المصرية متماسكة تماماً. وقد تجاوزت الحاجز النفسي الذي سببته نتائج حرب 1967، وتخطت حاجز الخوف. وقد نجحت مراحل الاستنزاف، في تحقيق أهدافها. أما ذراع إسرائيل الطويلة، فلم تتمكن من تحقيق أهداف القيادة السياسية الإسرائيلية، على الرغم من أنها شنت في الفترة من 20 يوليه وحتى نهاية عام 1969، حوالي 3500 طلعة جوية، في مقابل 2900 طلعة جوية مصرية "معظمها للحماية والتأمين". ودارت بين القوات الجوية المصرية والإسرائيلية 22 معركة جوية، اشتركت فيها 130 طائرة إسرائيلية في مواجهة 110 طائرة مصرية. وكانت خسائر المصريين 26 طائرة، وخسائر العدو 14 طائرة، نظراً للفارق بين نوع الطائرات، ومستوى تدريب الطيارين، حيث كانت تحرص إسرائيل على دفع أحسن طياريها المحترفين للقيام بالاشتباكات والمعارك الجوية ـ بينما كان معظم الطيارين المصريين حديثي الخدمة، بعد حرب يونيه 1967. أما العمليات البرية الإيجابية الناجحة، خلال عام 1969، فكانت 44 عملية ما بين إغارة وكمين، نُفّذ منها خمسة أعمال في عمق العدو، بينما نفذ العدو 28 عملاً إيجابياً، منها 16 عملاً في العمق (الصعيد والبحر الأحمر).


وكانت خسائر القوات المصرية،

استشهاد 16 ضابطاً، و150 رتباً أخرى، أما الجرحى فكانوا 19 ضابطا، 299 رتبا أخرى، في مقابل 133 قتيل، و320 جريح في صفوف القوات الإسرائيلية (طبقاً لما صرح به موشي ديان. )


مرحلة حرب الاستنزاف (العمل التعرضي)، الفترة من يناير 1970 ـ 8 أغسطس 1970

كان واضحاً أمام القيادة الإسرائيلية أن مراحل الاستنزاف المضاد لم تأتِ ثمارها، ولم تتمكن من تحقيق أهدافها. فالشعب المصري لم يثور على قيادته، ولم تتشتت القوات المصرية في الجبهة لمواجهة أعمال الاستنزاف الإسرائيلية، في عمق الصعيد والبحر الأحمر. لذلك، كان لا بدّ من التفكير في الدخول في مرحلة جديدة للاستنزاف، يكون الهدف منها استخدام القوات الجوية (ذراع إسرائيل الطويلة) بشكل أفضل، وكثافة مناسبة مع قصف العمق المصري، لزيادة الضغط على الشعب المصري ودفعه إلى الثورة على قيادته لإيقاف حرب الاستنزاف. وقد كان مهندس هذه العملية هو الجنرال "عيزرا وايزمان"، مدير العمليات برئاسة الأركان وقتها. ووضعت الخطة "بريما" في رئاسة الأركان الإسرائيلية، وعرضت على رئاسة الوزراء وتم التصديق عليها.

وقد أثير، وقتذاك، ردود فعل كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، عند تصعيد القصف الجوي.

واستقر الرأي على أن كلتا الدولتين، لن يكون لها ردود حادة، والاحتمال الوحيد هو تصعيد الاتحاد السوفيتي لإمداداته بالسلاح ومساعدة مصر. وفي السادس من يناير، وافقت لجنة الدفاع والأمن بمجلس الوزراء الإسرائيلي على قصف العمق المصري، لوقف حرب الاستنزاف، من جهة، وإضعاف نظام الرئيس عبدالناصر، أو الإطاحة به، من ناحية أخرى. وهكذا، انتصر الصقور في إسرائيل، على فرض إرادتهم في تصعيد الموقف إلى أقصى أبعاده، على الرغم من نصائح الآخرين، الذين كانوا مصرين على ضرورة التهدئة حتى لا يتبين للرأي العام العالمي، أن جولة يونيه 1967 لم تكن الحرب، التي أنهت كل الحروب، على نحو ما رددته الدعاية الصهيونية ثم إِن الواقع قد كشف، بما فيه الكفاية، عن صمود الجيش والشعب المصري، وتزايد إصراره على استمرار القصف ومواصلة حرب الاستنزاف. بل لاحظ محللوا فترات الحرب، أن التصعيد في صالح الجيش المصري، وهذا، في حد ذاته، خطر على استمرار هذه الحرب. وقد تصاعدت في القيادة الإسرائيلية مقارنات، بين ما فعلته الولايات المتحدة في فيتنام، وما تخططه إسرائيل لضرب عمق مصر ـ ولو أن هذه المقارنة لا تمت للحقيقة بصلة ـ إلا أنها طُرحت.

وقد تزعم مجموعة الصقور، في مناقشات الأركـان العامة، الجنرال عيزرا وايزمان. وشارك في هذه المجموعة الجنرالات إيتان وجونين، وشارون، والسفير رابين الذي حضر خصيصا من الولا يات المتحدة لحضور هذه المناقشات، التي طَرحت فيها الأركان العامة ثلاثة بدائل لحسم تلك المشكلة،

ملخصها كالآتي:

استئناف العمليات الواسعة، والاستيلاء على شريحة من الضفة الغربية للقناة، في منطقتي الإسماعيلية والقنطرة.

الاقتصار على عملية محدودة، للاستيلاء على منطقة بين بورسعيد والقنطرة (رقبة الوزة).

الاعتماد على القوات الجوية في تصعيد العمليات الهجومية، مع إطلاق يدها في عمق مصر.
وقد رأت القيادة الإسرائيلية، أن البديل الأول والثاني يحملان خطرا على الجيش الإسرائيلي، وعلى موقف إسرائيل من القوتين الأعظم، ومن الرأي العام العالمي؛ لذلك، فالبديل الثالث أفضل.

وقد تلقف الجنرال وايزمان هذا التصديق، ورسم ثلاثة بدائل للتصعيد، ملخصها كالآتي:

شن حرب جوية شاملة، ضد أهداف مدنية وعسكرية، دون التقيد بوقت زمني، حتى ترضخ مصر، لإيقاف حرب الاستنزاف.

شن حرب جوية محدودة (لمدة 2 ـ 3 أسبوع)، تتصاعد في مراحل متتالية، وتهاجم أهدافاً مدنية وعسكرية، حتى تضطر القيادة المصرية لإيقاف حرب الاستنزاف.

قصر أنشطة الطيران الإسرائيلي على عدد محدود من الأهداف العسكرية، طبقا لتطور الموقف.

وقد استقر الرأي أولا على البديل الثالث، ولكن سرعان ما تغير الأمر، لتُطلق يد الطيران الإسرائيلي، لمهاجمة أهداف مدنية وعسكرية، مع ضرورة الحصول على تصديق مسبق لكل إغارة، من وزير الدفاع الإسرائيلي، ورئيسة الوزراء.

وقد بدأ تنفيذ الخطة "بريما" اعتباراً من فجر السابع من يناير 1970، بطلعة جوية فوق سماء القاهرة، تخترق حاجز الصوت، وتحدث فرقعة شديدة لتعلن عن بدء مرحلة جديدة من تصعيد حرب الاستنزاف. وقد شدت هذه المرحلة انتباه المعسكرين الشرقي والغربي، في آن واحد، حيث تشترك الطائرات الأمريكية الحديثة من طراز فانتوم، التي حصلت عليها إسرائيل ودخلت الخدمة فعلاً اعتباراً من شهر سبتمبر 1969 ـ وكذلك لوجود تشابه بين نظام الدفاع الجوي المصري الجاري إنشائه في هذه المرحلة، ونظام الدفاع الجوي لحلف وارسو. واشتدت المراقبة لما يمكن أن تطرحه الملحمة الدائرة بين الطائرات الإسرائيلية والصاروخ المصري.

واستمر القصف الجوي العنيف من الطائرات الإسرائيلية، طوال الأربعة أشهر الأولى من عام 1970، بكثافة شديدة، وبشكل متقطع. تختار فيه القيادة الإسرائيلية أهدافها، طبقا لمحاور، ترى ـ من وجهة نظرها ـ أنها تؤثر على الرأي العام المصري. وقد بدأت بقصف أهداف عسكرية على محور القاهرة ـ السويس، أعقبها بعد يومين مهاجمة أهداف في منطقة دهشور وحلوان وحوف، ثم انتقلت إلى الهاكستب ..

وهكذا. وفي جميع الأحوال، كانت مهاجمة أهداف في الجبهة، تجري بصورة يومية، وكثافة شديدة حتى وصل إجمالي القصف إلى 3838 طلعة جوية، خلال الأربعة الأشهر الأولى من عام 1970، استغرقت 168 ساعة، 17 دقيقة، نفذت خلالها إسرائيل 36 غارة جوية في عمق مصر، والباقي على طول الجبهة. واستخدمت إسرائيل، بالدرجة الأولى، طائرات الفانتوم وسكاي هوك. ويبدو أن هذه الغارات فتحت شهية القادة الإسرائيليين، حتى أنها استمرت طوال تلك الفترة، حيث صرحت السيدة جولدامائير رئيسة الوزراء لصحيفة "الفاينانشيال تايمز" يوم 6 يوليه 1970 بأن طائراتها تسقط ألف قنبلة على المصريين يومياً.

كما يدلل التحقيق الصحفي لجريدة "النيوزويك الأمريكية"، أن "إسرائيل قررت إعطاء الأولوية للحرب النفسية، وأن الهدف من تلك الحرب مزدوج، إذ يرمي، أولاً، إلى إيصال ويلات الحرب للشعب المصري، كما يرمي، ثانياً، إلى تقويض دعائم الزعامة السياسية، وخلق الانقسامات حولها".

لم تتأثر القوات المصرية في الجبهة، ولم ينهار الشعب من الداخل، كما كانت تريد إسرائيل. بل أن الردود المصرية، كانت أعنف بكثير من أعمال الاستنزاف السابقة. فالقوات الجوية المصرية خرجت عن تحفظاتها السابقة، وبدأت المواجهة مع الطيران الإسرائيلي. وأصبحت الطلعات الجوية للقصف، أو الاعتراض، والمعارك الجوية تجري بصورة شبه يومية. وتسابق الطيارون المصريون ـ على الرغم من حداثة خدمتهم ـ للدخول في معارك حقيقية، ضد طيارين محترفين، وطائرات متفوقة.

وفي الوقت نفسه، استمرت أعمال قتال الكمائن، وداوريات الاستطلاع، على معدلاتها السابقة. وتصاعد قصف المدفعية بصورة كبيرة، للتخلص مما تبقى من خط بارليف، أو أي أهداف في العمق القريب. وتوسعت القناصة في أعمالها، وازدادت المكافآت للقناصين، بحيث تحول الشاطئ الشرقي للقناة إلى شبه جحيم للإسرائيليين. واُستنبطت عشرات الوسائل لتأمين العمال القائمين ببناء قواعد الصواريخ غرب القناة وفي العمق، بحيث يتم البناء في أقل وقت، نتيجة تصنيع قطاعات سابقة التجهيز، مع وجود وسائل إنذار وحفر وقاية، وتكثيف الدفاع الجوي، عن القواعد التي يتم إنشاؤها .. ومن هنا فشلت معظم غارات الإسرائيليين التي تركزت على قصف مواقع الصواريخ تحت الإنشاء.

نشاط الجانب الإسرائيلي المضاد
من أهم العمليات، التي قام بها الإسرائيليون خلال شهر يناير 70، الهجوم على جزيرة شدوان، وهي جزيرة منعزلة بالقرب من منطقة تفرع خليج السويس، وخليج العقبة بالبحر الأحمر، وتُؤمنها سرية صاعقة، ورادار بحري لتأمين الملاحة البحرية في المنطقة. وقد وقع هذا الهجوم ليلة 21/ 22 يناير في عملية إسرائيلية ضخمة، شملت إبرار بحري وجوي، وقصف جوي، استمر لعدة ساعات على الجزيرة، وضد بعض موانئ البحر الأحمر، التي يحتمل أن تدفع نجدة للقوات المصرية. وقد استمر قتال ضار، لمدة ستة ساعات كاملة، بين كتيبة المظلات الإسرائيلية وسرية الصاعقة المصرية.

وقد ظل القطاع الذي يحوي الرادار في الجزيرة يقاوم بعنف، دون أن تتمكن القوات الإسرائيلية الاقتراب منه. وأرسل القائد الإسرائيلي أحد الجنود المصريين الأسرى، إلى قائد أحد الدشم، التي تمثل نقطة ارتكاز في الدفاع، لإقناعه بالاستسلام. وعاد الجندي المصري ليبلغ القائد الإسرائيلي أنه وجد كل الجنود في الدشمة قتلى، عدا واحداً فقط مصاباً، عندها أمر القائد الإسرائيلي جنوده بالتقدم، لتحصدهم نيران الدشمة وكان ذلك هو الاتفاق بين الجندي المصري الأسير، وقائد الدشمة، متحملاً كل ما سيحدث له نتيجة لهذا البلاغ المخادع. وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية من الجزيرة، حملت معها بعض المعدات المصرية بينها عربة محملة بالألغام، حيث انفجرت هذه العربة أثناء إنزالها في ميناء إيلات، لتحصد 47 إسرائيليا بين قتيل وجريح.

وقد برر وزير الدفاع الإسرائيلي أسباب هذا الهجوم الفاشـل، بأنه رد على مهاجمة القوات المصرية لميناء إيلات الإسرائيلي في شهر نوفمبر 1969. وكان الرد الفوري المصري على هذه العملية، غارة جوية على معسكر إسرائيلي في العريش، في 24 يناير، أحدثت خسائر كبيرة في قواته. ثم أعقب هذا الهجوم آخر في 27 يناير، نفذته منظمة تحرير سيناء، بقصف مستعمرة "ناحال تكفا"، حيث أصابت بعض المباني، وقتلت وجرحت 35 فرداً إسرائيلياً.

وعلى مدى السبعة شهور التالية، لم ينفّذ الإسرائيليون سوى ثلاث إغارات فاشلة، في منطقة التينة (بين بورسعيد والقنطرة) مستخدمين قوات مظلات وضفادع بشرية، في محاولة لإحراز نصر في هذه المنطقة. وقد كانت المحاولة الأولى ليلة 13/ 14 مارس، تم صدها، وإحداث خسائر كبيرة في منفذيها اضطرتهم إلى عدم إكمال العملية. وكانت الثانية ليلة 29/ 30 مارس، نفذتها الضفادع البشرية، حيث تعرضت لها القوات المصرية، ولم تمكنها من استكمال العملية. وكانت الثالثة ليلة 11/ 12 يونيه، ونفذت بقوات كبيرة، نجح بعضها في الوصول للضفة الغربية، واشتبكت مع قوات الصاعقة المصرية المدافعة عن هذه المنطقة. ودار قتال متلاحم، تكبدت خلاله القوات الإسرائيلية خسائر ضخمة، اضطرت بعدها إلى الانسحاب قبل أول ضوء، وتابعتها المدفعية المصرية على الضفة الشرقية للقناة.


النشاط التعرضي للقوات المصرية، خلال هذه المرحلة

توسعت القوات المصرية في أعمال القتال البرية، نتيجة لعاملين: أولهما، الانتقام من غارات العمق الإسرائيلية، بإحداث أكبر خسائر في قوات العدو، والثانية، كسر الحاجز النفسي، وتسابق الوحدات والأفراد على الاشتراك في عمليات العبور، التي كانت دائما تنجح نتيجة للتخطيط السليم، والتأمين المتكامل مما منح ثقة مطلقة للمقاتلين المشاركين فيها. وقد نُفذت 16 إغارة وكمين ناجح على طول الجبهة، علاوة على ثلاث إغارات في العمق (الطور وإيلات). وكانت جميع الكمائن ناجحة تماماً، وأحدثت خسائر كبيرة في العدو، مما اضطره إلى تحجيم تحركاته إلى اقل حد ممكن، بل إِن تحركاته أصبحت تتم، من خلال تأمينها بمجموعات قتالية ضخمة، ومع ذلك فلم تسلم هذه الأرتال من نيران القوات المصرية.


كمين الشط (11 فبراير 1970)

نفذ أهم الكمائن، التي أحدثت خسائر كبيرة في الجانب الإسرائيلي، هي كمين نهاري من الفرقة 19 مشاة، في منطقة شمال الشط، يوم 11 فبراير 1970، حيث تمكن من تدمير دبابة وثلاثة عربات، وقتل 18 فرداً، وأسر فردين.


كمين شرق الدفرسوار (25 مارس 1970)

تمكن كمين من اللواء 117 مشاة، من تدمير دبابة وعربتين نصف جنزير، وقتل وجرح 15 فرداً، في منطقة شرق الدفرسوار.


كمين السبت الحزين (30 مايو 1970)

في 30 مايو 1970، نُفِّذ هذا الكمين في منطقة رقبة الوزة (شمال القنطرة حتى جنوب بورسعيد) وقد خُطط للثأر لأطفال بحر البقر، واشتركت فيه مجموعة قتال من اللواء 135 مشاة، ومجموعة قتال من الكتيبة 83 صاعقة. وحددت قيادة موحدة للقوتين وقد عبرت هذه القوات ليلاً، واحتلت مواقعها لاصطياد مجموعات الإجازات للجنود الإسرائيليين، التي تحرسـها قوات مقاتلة مكونة من الدبابات والعربات المدرعة. وعند الظهر، خرجت على طريق القنطرة متجهة إلى جنوب بور فؤاد مجموعة القتال الإسرائيلية، المكونة من 4 دبابة ، 4 عربات مدرعة ، وحافلتا ركاب إجازات. وكان على الكمين الرقم 1، المكون من عناصر الصاعقة، عدم التعرض لها، ويتركها تمر إلى أن تصل إلى الكمين الرقم 2، في منطقة جنوب التينة، حيث يفتح عليها أقصى معدلات النيران.

وقد جرى تنفيذ ذلك تماماً، وأصيبت دبابتان وعربة مدرعة وحافلة. وحاول الجزء المتبقي الهروب، والعودة إلى القنطرة ليقع في شراك الكمين الرقم 1، حيث انقضت عناصر الصاعقة لتجهز على ما تبقى من القوة. وقد أُسر فردان، وتدمرت الدبابات والعربات، وقتل وجرح حوالي 35 إسرائيلياً، حيث أطلق على هذا اليوم "السبت الحزين في إسرائيل". وكان الرد الإسرائيلي عنيفاً، استمر حوالي 48 ساعة قصف شبه متواصل على مواقع القنطرة ورقبة الوزة، ولكنه لم يحدث أي خسائر ذات أثر على قواتنا .. بل أعطاها مزيدا من الثقة، نتيجة للمقارنة بين شدة القصف وقلة الخسائر.


أعمال الإغارات خلال الفترة، من فبراير إلى أبريل 1970
تعددت الإغارات، سواء في أسلوب التنفيذ، أو نوعية المهام:

نُفِّذت إغارة بالقوات الخاصة ليلة 25/ 26 مارس 1970، لتدمير مواقع صواريخ دفاع جوي هوك الإسرائيلية في منطقة شرق البحيرات، كرد على قصف العدو لقواعد الدفاع الجوي.

نفذت إغارة ليلة 25/ 26 إبريل، في منطقة الشط، نفذتها مجموعة قتال من اللواء الثامن المشاة، كرد على قصف العدو لمدرسة بحر البقر. وقتل وجرح في الإغارة حوالي 35 فرداً، ودمرت دبابتين، وعربتين مدرعتين.

تنفيذ إغارتين في العمق بمنطقة الطور بجنوب سيناء، إحداهما في الثاني من فبراير، والأخرى في الثاني من مايو 1970. من خلال إبرار بحري وجوي، وقد تمكنت الغارتان من تدمير الأهداف العسكرية في هذه المنطقة.

وقد استمرت الأعمال القتالية المتبادلة، حتى حدث تغير هائل بعد ظهر الثلاثين من يونيه 1970، ليحسم الصراع الدائر، بين بناة مواقع الصواريخ المصرية، وبين ذراع إسرائيل الطويلة. وكان النصر للبناء وليس للهدم. واحتلت بعض كتائب الصواريخ مواقعها من خلال تنظيم صندوقي لعناصر الدفاع الجوي، ابتكرته العقول المصرية في قيادة الدفاع الجوي المصري. وبدأ عقب ذلك تساقط الطائرات الإسرائيلية، ليصاب الطيران الإسرائيلي بأول نكسة في تاريخه، أثرت على أسس نظرية الأمن الإسرائيلي بالكامل.

وكان هذا اليوم بمثابة إعلان لخسارة إسرائيل لجهودها، في معارك حرب الاستنزاف، التي ركزت خلالها على عدم إنشاء أي مواقع صواريخ في مسرح العمليات، حتى تبقى السماء مفتوحة لها. فإذا الصواريخ تُنصب في مواقعها، وتغلق السماء إلى الأبد، في وجه الطيران الإسرائيلي.

ومع توالي الأحداث وتصاعدها، زاد الإحساس لدى القيادة الإسرائيلية والشعب الإسرائيلي، بأن حرب الاستنزاف المضاد، ما هي إلا استنزاف آخر لإسرائيل نفسها. وبدأت تتصاعد موجات السخط، مع الإعلان عن خسائر إسرائيل التي تتزايد يوما بعد يوم، حتى إن جريدة الفايننشيال تايمز الأمريكية، نقلت عن متحدث عسكري إسرائيلي يوم 6 يوليه 1970، أن إسرائيل فقدت في شهر مايو فقط 32 قتيلاً، و28 جريحاً، وأن خسائرها في يونيه بلغت 19 قتيلا، و57 جريحاً (والأرجح أن الخسائر أضعاف هذه الأرقام، لأن إسرائيل ـ عادة ـ لا تذكر خسائرها الحقيقية).

وفي داخل القيادة الإسرائيلية نفسها، بدأت الصراعات بين الحمائم والصقور، تكيل الاتهامات لبعضها. فالخطة "بريما" لم تحقق شيئاً سوى الدعم السوفيتي، سواء بالسلاح أو الوجود على مسرح القتال، ولم ينتج عنها إلا تآكل الجيش والطيران الإسرائيلي. ومردودها الوحيد هو تصاعد العمليات العسكرية المصرية، وتلاحم الجيش والشعب المصري ضد العدو.

ولم يأتِ النقد العنيف من داخل إسرائيل وحدها، بل من الولايات المتحدة، أيضاً، التي صدمت من زيادة الوجود السوفيتي في مسرح الشرق الأوسط. وشعرت أوروبا أن تأثيرات الحرب انعكست عليها، خصوصا بعد أن انتقلت حرب الاستنزاف إلى أبعاد جديدة، بتدمير الحفار الإسرائيلي "كيتنج" في ميناء أبيدجان عاصمة ساحل العاج.

ويحتمل أن يمتد ذلك إلى مناطق بترولية للتأثير على المصالح الغربية. فوجدت الولايات المتحدة، أن استمرار الحرب لا يحقق مصالحها، أو مصالح إسرائيل، لذلك سعت إلى تقديم مبادرة روجرز، التي تقدم بها فعلا وزير الخارجية الأمريكي، الذي تحمل المبادرة اسمه، يوم 19 يونيه 1970 إلى كل من مصر وإسرائيل. جاء في نصها الآتي:

"تعلن أطراف النزاع في الشرق الأوسط، وتنفذ وقفاً محدوداً لإطلاق النار مدته تسعون يوما، وفي هذه الفترة ينشط السفير جونار يارنج، لينفذ قرار مجلس الأمن رقم 242، وبالتحديد فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق سلام عادل ودائم، يقوم على الاعتراف المتبادل والسيادة ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي، بسحب إسرائيل قواتها من الأراضي التي احتلتها في معركة 1967".

وكانت المبادرة بهذه الصيغة المتوازنة، تنبع من روح القرار 242. ووجد الرئيس جمال عبدالناصر أن قبولها أمر ممكن، لإعطاء فرصة للقوات المسلحة لاستعادة كفاءتها القتالية، بعد حرب متصلة استمرت قرابة الخمسمائة يوم. ووجدت فيها إسرائيل فرصة للخروج من أزمتها، وإيقاف نزيف الخسائر الذي تتعرض له. وقبلت الأطراف المبادرة، وأُعلن وقف إطلاق النيران اعتباراً من يوم 8 أغسطس 1970










يحى الشاعر





ist031ia1.jpg





ist041oo6.jpg




ist051jv9.jpg








ist071nd2.jpg


ist081uq2.jpg



ist101cy2.jpg


ist111rp8.jpg



ist121di9.jpg



ist131we0.jpg





ist151az4.jpg


 
مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
 
عودة
أعلى