رزحت ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي حتى الحرب العالمية الثانية 1939-1945ف كانت خلالها إيطاليا المحور(مع ألمانيا واليابان) عدوة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا (الحلفاء)،لذلك كانت الساحة الليبية مسرحاً في الكر والفر بين دول المحور والحلفاء،حيث دارت عليها أخر معارك الحرب العالمية الثانية على الساحة الأفريقية ، والملحقة بنتيجة معركة العلمين الشهيرة(الواقعة في جنوب غرب الإسكندرية وشرق ليبيا)التي انتصر فيها الحلفاء على المحور ،وكانت إيذاناً بانتهاء لاحتلال الإيطالي مطلع العام1943 ‘ وعليه قُسمت الساحة الليبية إلى قسمين باتخاذ دائرة العرض 28ْكخطٍ فاصل بين الشمال الليبي البريطاني والجنوب الليبي الفرنسي.
بالاحتلال البريطاني للشمال الليبي عام 1943ف حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على ماتسعى إليه منذ العام1800أي بعد مائة وثلاثة وأربعين عاماً في عهد الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت(1933-1945 عن الحزب الديمقراطي)،إذ سمحت القوات البريطانية للقوات الجوية الأمريكية باحتلال مطار الملاحة المستخدم سابقاً من قبل الطليان واستخدامه كقاعدة عسكرية لقواتهم الجوية ،وقد عُرف المطار بقاعدة هويّلِس الجوية الأمريكية الواقعة على بضعة أميال شرق طرابلس .
لقد سعت أمريكا منذ هذا الاحتلال للاحتفاظ بهذه القاعدة إدراكاً منها بأهميتها الإستراتيجية النفيسة ،وبترسيخ وجودها بالتفاهم مع الدولة التي تحكم طرابلس أوستحكمها مستقبلاً ،وتظهر دلالة ذلك في أروقة منظمة الأمم المتحدة أثناء مناقشة القضية الليبية وكذلك في علاقات العضو الأمريكي مع العضوين الفرنسي والبريطاني في اللجنة التحقيق الرباعية الدولية(المؤلفة من وزراء خارجية الدول الأربعة :بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي )واستئثارهم بالقرار عن العضو السوفييتي فيما يخص القضية الليبية ، حيث مصالح الدول الأربع الكبرى على مباحثات هذه اللجنة ، وظهرت أراء عديدة إما أن توضع تحت الوصاية الدولية أو بعودتها كلها أو جزء منها لإيطاليا طوال الفترة ما بين 1945: 1948ف،وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تميل لمنح إيطاليا الوصاية على كل ليبيا أو جزء منها .
وبإحالة القضية الليبية للجمعية العامة للأمم المتحدة، مصحوبة بتعالي الأصوات حول رجوع إيطاليا لحكم مدينة طرابلس كانت الرعاية الأمريكية على أشدها لظهور مشروع قرارٍ أعده وزيرا خارجية الدولتين وهما البريطاني أرنست بيفن والإيطالي كارلو سيفورزا للجمعية العامة وقد عُرف بمشروع بيفن سيفورزا لحل القضية الليبية على ما يلي :-
1ــــ أن ترضى إيطاليا بالوصاية على طرابلس.
2ــــ تستمر فرنسا في إدارة فزان .
3ــــ توضع برقة تحت الوصاية البريطانية .
4ــــ تعطى ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات .
إلا إن تكاثف الأسرة الأسيوية والعربية والأفريقية في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أسقطت هذا المشروع الاستعماري الجديد في 18 الماء مايو 1949، برفض 37عضو مقابل موافقة14عضو وامتناع 8 عن التصويت.
،وبصدور قرار الاستقلال المزيف رقم 289 في 21 /الحرث نوفمبر/ 1949ف ، القاضي باستقلال ليبيا قبل أول /أي النار يناير/ 1952ف، دخلت الحكومة الأمريكية في مباحثات حثيثة مع رموز المملكة الليبية وحكومتها المؤقتة لتنظيم وجود قواتها في البلاد وتقديم العون المالي مقابلها وفيما يلي عرض لأهم ماتضمنته الاتفاقيات الأمريكية الليبية والآثار الناجمة عنها :-
أ:- الاتفاقية الأمريكية الليبية في 24الكانون ديسمبر1951ف:-
أ سفرت مباحثات الولايات المتحدة الأمريكية من خلال القائم بأعمالها في طرابلس"المستر اندروج لنش" مع نظام العهد المباد "الملك إدريس"لوضع نصوصٍ لاتفاقيةٍ شاملة ، أقرها الملك إدريس،ثم أصدر أوامره إلى رئيس وزرائه محمود المُنتصر بالتوقيع عليها ، فتم ذلك تحديداً يوم إعلان الاستقلال المزيّف في الرابع والعشرين من ديسمبر1951. وهذه الاتفاقية مؤلفة من سبع وعشرين" 27" مادة وأربع كتب متبادلة، مُنِحت أمريكيا بموجبها مايلي:-
1 :- حق البقاء في قاعدة هويلس الجوية لمدة عشرين عاماً.
2:- حق السيطرة الكاملة على الأجواء والمياه الليبية وحرية الوصول والحركة للقوات الأمريكية في جميع أجزاء ليبيا.
3 :- سمحت لأمريكا ودول أخرى أو أشخاص آخرين باستعمال القواعد العسكرية الأمريكية.
4:- إعفاء القوات الأمريكية من جميع الرسوم والضرائب وعدم سريان القانون الليبي على أفراد هذه القوات "وما يجري في القاعدة".
لقد كانت كل تلك الحقوق المُعطاة لأمريكا مقابل مليون دولار تدفعها الحكومة الأمريكية كل سنة لليبيا ، تحت ستار"خير الشعب الليبي ومساعدة الحكومة الليبية في إدراك اقتصاد مُستقرٍ للمواطنين".
و كان من المفترض أن تُعرض الاتفاقية على البرلمان الليبي(مجلسا النواب والشيوخ) بمجرد تكوينه لإبداء الرأي فيها ،لكن ذلك لم يحدث ،إلى أن أُثيرت من قبل أحد أعضاء مجلس النواب في الخامس من يوليو 1952ف بالتساؤل (عن الوضع بشأن مطار الملاحة وتُوسع السلطات الأمريكية في الإستلاء على بعض الأراضي الزراعية المجاورة لضمها للمطار ،وما إذا كان هذا الإجراء يتم بموجب اتفاقية أُبرمت ،فإذا كان الأمر كذلك ، فهل تنوي الحكومة عرض هذه الاتفاقية على المجلس ... لينظر فيها أم أنها وضعتها موضع التنفيذ بدون أن تلتفت إلى الاعتبارات الدستورية) ) .
ويُذكر أن محمود المُنتصر أجاب على التساؤل في 21يوليو1952بالقول بــــــ:"...استجابت الحكومة الليبية لهذا العرض( الأمريكي لإجراء مفاوضات لتنظيم الوضع القانوني لقواتهم في ليبيا)لإقرار وضع قائم في ظروفٍ يتطلبها الأمن العالمي،وهذا وضع يتفق مع مصلحة البلاد ولا يتنافى مع سيادتها واستقلالها ....وقد وقعه وزير الخارجية يوم إعلان الاستقلال ، وذلك بالنيابة عن الحكومة الليبية ،وسيعرض هذا الاتفاق على مجلسكم في أقرب فرصة...لمناقشته وإقراره".
من هنا نرى أن الاتفاقية قد وقعت رسمياً وعَملت بموجبها أمريكا دون أن يُقرها المجلس الدستوري مجلس النواب ،كما حملت بقية إجابات محمود المنتصر الموافقة الكاملة على الاحتلال العسكري الأمريكي لليبيا على أساس أنه أمرٌٌ واقع ،بقوله:"إن وجود القوات العسكرية الأجنبية في ليبيا والأمريكية منها بوجه خاص هو وضعٌ قائمٌ ضُمن السياسة الدولية الرامية إلى المحافظة على السلام في العالم ....وأن الحكومتين الليبية وقيادة القوات الأمريكية لاتبتعد عن روحه في علاقات بعضها ببعض،وصحيح أن المطار يقع في ناحية زراعية هامة كما أنه قريب من مدينة طرابلس الغرب ...فقد اتسعت رقعته(المطار) ...بأن استأجرت قيادة المطار الأراضي التي كانت في حاجة إليها ...فلا يبقى أمامنا إلا قبول الأمر الواقع فيما يخص المطار ".
والحقيقة أنه كان بإمكان الحكومة الليبية في تلك الفترة أن تطالب بإنهاء الآثار الاستعمارية أو تلجأ للأمم المتحدة لطلب عونها لإخراج القوات الأجنبية من أراضيها لكنها لم تفعل ذلك ،ورفضت مشاركة المناديين بتطهير أرض ليبيا من القوات الأجنبية ، أثناء اجتماعات اللجنة السياسية لهيئة الأمم المتحدة في باريس يوم 22يناير 1952ف ،كما أن رد رئيس الوزراء الليبي السابق في البرلمان كان الدليل الحي على دخول الاتفاقية موضع التنفيذ عندما وسّعت القيادة الأمريكية مطار الملاحة في الأراضي الزراعية المجاورة ،وفي الخامس من يناير 1953 تسأل أحد أعضاء مجلس النواب مجدداً عن الاتفاق المعقود مع أمريكا بشأن القواعد الأمريكية في ليبيا ولماذا لم يُقدم هذا الاتفاق للمجلس حتى اليوم ،حيث أجاب وزير الدفاع الليبي "علي الجربي" نيابة عن رئيس الوزراء ووزير الخارجية :" بأنه سبقت الإجابة على هذا السؤال سابقاً، وأن الاتفاقية ذات صبغة مؤقتة بموجب رسالتين تم تبادلهما بليبيا يوم الاستقلال ،وأن الاتصالات مازالت جارية بين الحكومتين ".
من خلال العرض السابق للاتفاقية وبنودها للطرفين والتوسعات التي جرت على القاعدة، نلاحظ أنها ليست عبارة عن رسالتين متبادلتين، فالأمر أكبر من ذلك فهي اتفاقية كاملة لها نصوصها وبنودها والتزاماتها وكانت المحادثات الثنائية حولها حثيثة قبل الاستقلال مثلما أوضحنا سابقاً. وأن الحكومة الليبية أخفت عن مجلس النواب حقيقة هذه المباحثات التي استمرت مجدداً في الفترة من أغسطس 1953 حتى فبراير1954 بعد مطالبات من الحكومة الليبية في شخص محمود المنتصر لزيادة أجور استخدام القاعدة التي اعتبرتها أمريكا نهائية بموجب الاتفاقية،ثم وافقت على ذلك بشرط بقاء جميع مواد الاتفاقية المبرمة في 24من ديسمبر1951 دون أي تعديل.
ب:- المعاهدة الأمريكية الليبية في التاسع من سبتمبر 1954ف:-
بزيارة مصطفى بن حليم للولايات المتحدة الأمريكية في شهر يونيو عام 1954ف والتقائه بالرئيس الأمريكي دوايت دايفيد آيزنهاور(1953-1961 عن الحزب الديمقراطي) ، انتهت المعاهدة الأمريكية الليبية بصورتها النهائية بثلاثين مادة وثلاثة ملاحق ،.وقد تم التوقيع عليها رسمياً في بنغازي في التاسع من سبتمبر عام 1954ف من قبل" مصطفى بن حليم" ممثلا للحكومة الليبية و"م .سمرس " ممثلا للحكومة الأمريكية، وأبرز ماتضمنته من جديد عن ما ورد في مواد الاتفاقية المبرمة بينهما في 24 من ديسمبر1951 ما يلي :-
1:- للحكومة الأمريكية الحق في استعمال المناطق التي تشغلها الآن للأغراض العسكرية أو أية أغراض أخرى يتفق عليها بين الحكومتين .
2:-أن تراقب الحكومة الأمريكية السفن والطائرات والمراكب المائية التي تدخل للمناطق المتفق ، وأن تنشئ في هذه المناطق أو خارجها وسائل المواصلات السلكية.
3:-أن تتفق الحكومتان على استعمال منطقة متفق عليها اشتراك طرف ثالث تكون بينه وبين الحكومتين معاهدة صداقة وتحالف(هي بريطانيا)أي الملكية المشتركة للأراضي التي تستأجرها الولايات المتحدة الأمريكية.
4:- الوصول الحر للطائرات والقوات والمركبات المائية الأمريكية ،ومنحها حق الحركة الحرة القطر الليبي .
5:-إعفاء القوات الأمريكية من كافة أنواع الضرائب على المواد والمعدات والمؤن والبضائع وإعفائهم من كافة الرسوم الجمركية لبضائعهم ولوازمهم الموردة.
6:- تحصلت أمريكا على حق إقامة ِمطارٍ في الوطية(التي تبعد 60كم جنوب زواره)،وسارية إذاعية في مصراتة،ورادارات في منطقة طرابلس ودرنه وطبرق بالإضافة لمحطة تلفزيون في قاعدة هويلس.
هكذا أُبرمت هذه المعاهدة لقاء مساعدة مالية أمريكية تقدر بنحو أربعين مليون دولار تقسم على عشرين سنة,ذلك بدفع أربعة ملايين دولار سنوياً لمدة ست سنوات من عام 1955 حتى 1960، ثم مليون دولار سنوي بدءاً من عام 1960إلى أن تنتهي سنوات المعاهدة،ومساعدات إضافية وتقديم كمية من القمح مقدارها 24ألف طن خلال الفترة مابين 1954/1955ف.
وعند طرح المعاهدة على البرلمان للتصديق عليها ، ثمة إحالتها من مجلس النواب إلى لجنة الشؤون الخارجية يوم 25أكتوبر 1954ف فيه، التي رفضتها بأغلبية أعضاؤها الخمسة من أصل سبعة أعضاء، كونها تتعارض مع الدستور وتجرح استقلال البلاد وسيادتها ،أما العضوان اللذان وافقا عليها تحت مبرر فائدتها بالحصول على المساعدة المالية وباستبعاد الفريق المعارض أجازها مجلس النواب بموافقة أغلبية 39 صوت مقابل12صوت.
وفي31 أكتوبر عام 1954 كانت الاتفاقية مجازة من قبل البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ.
وفي خطاب العرش الذي ألقاه إدريس في 9نوفمبر 1954وصف الاتفاقية بـــ:"أنها انتصارٌعظيمٌ لليبيين"أما بن حليم فقد وصفها بالنجاح في قوله:"يسر حكومتي أن تنوه بالنجاح الذي تكللت به جهودنا بخصوص تعديل الاتفاقية... حتى أصبحت أكثر صلاحية لخدمة البلاد "،وفي الواقع هي انتصار عظيم للولايات المتحدة الأمريكية التي ظفرت بحق الاحتفاظ بأكبر قاعدة عسكرية أمريكية ذات الملاحة الجوية البحرية خارجة الولايات المتحدة الأمريكية وهي مركز التدريب الرئيسي لأسلحة الجو العسكرية لدول حلف الأطلنطي "الناتو"ومليئة بأسراب الطائرات التابعة لأعضاء ذلك الحلف ومنها مايلي:-
1:- القاذفات المقاتلة مثل: الفانتوم والتندر شيف ف 105 الأميركيتان، والهوكرهانتر الإنجليزية ،والفبات7ج 91 الإيطالية.
2:-القاذفات الأرضية: السكاي هوك والكورسير الأمريكيتان.
3:-المقاتلات الاعتراضية: الستار فيتر ف 104 الأمريكية ،واللايتنج الإنجليزية.
هذا بالإضافة إلى طائرات النقل والاستطلاع ،واحتمال وجود القاذفات الإستراتيجية الحاملة للقنابل الذرية من طراز ب 52 ستراتوفورتريس وب 58 هاستلر الأمريكيتان و ب2 فولكان الإنجليزية،كلها في قاعدة هويلس وقواعدها الثانوية في برقة ....
يتبع....
بالاحتلال البريطاني للشمال الليبي عام 1943ف حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على ماتسعى إليه منذ العام1800أي بعد مائة وثلاثة وأربعين عاماً في عهد الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت(1933-1945 عن الحزب الديمقراطي)،إذ سمحت القوات البريطانية للقوات الجوية الأمريكية باحتلال مطار الملاحة المستخدم سابقاً من قبل الطليان واستخدامه كقاعدة عسكرية لقواتهم الجوية ،وقد عُرف المطار بقاعدة هويّلِس الجوية الأمريكية الواقعة على بضعة أميال شرق طرابلس .
لقد سعت أمريكا منذ هذا الاحتلال للاحتفاظ بهذه القاعدة إدراكاً منها بأهميتها الإستراتيجية النفيسة ،وبترسيخ وجودها بالتفاهم مع الدولة التي تحكم طرابلس أوستحكمها مستقبلاً ،وتظهر دلالة ذلك في أروقة منظمة الأمم المتحدة أثناء مناقشة القضية الليبية وكذلك في علاقات العضو الأمريكي مع العضوين الفرنسي والبريطاني في اللجنة التحقيق الرباعية الدولية(المؤلفة من وزراء خارجية الدول الأربعة :بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي )واستئثارهم بالقرار عن العضو السوفييتي فيما يخص القضية الليبية ، حيث مصالح الدول الأربع الكبرى على مباحثات هذه اللجنة ، وظهرت أراء عديدة إما أن توضع تحت الوصاية الدولية أو بعودتها كلها أو جزء منها لإيطاليا طوال الفترة ما بين 1945: 1948ف،وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تميل لمنح إيطاليا الوصاية على كل ليبيا أو جزء منها .
وبإحالة القضية الليبية للجمعية العامة للأمم المتحدة، مصحوبة بتعالي الأصوات حول رجوع إيطاليا لحكم مدينة طرابلس كانت الرعاية الأمريكية على أشدها لظهور مشروع قرارٍ أعده وزيرا خارجية الدولتين وهما البريطاني أرنست بيفن والإيطالي كارلو سيفورزا للجمعية العامة وقد عُرف بمشروع بيفن سيفورزا لحل القضية الليبية على ما يلي :-
1ــــ أن ترضى إيطاليا بالوصاية على طرابلس.
2ــــ تستمر فرنسا في إدارة فزان .
3ــــ توضع برقة تحت الوصاية البريطانية .
4ــــ تعطى ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات .
إلا إن تكاثف الأسرة الأسيوية والعربية والأفريقية في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أسقطت هذا المشروع الاستعماري الجديد في 18 الماء مايو 1949، برفض 37عضو مقابل موافقة14عضو وامتناع 8 عن التصويت.
،وبصدور قرار الاستقلال المزيف رقم 289 في 21 /الحرث نوفمبر/ 1949ف ، القاضي باستقلال ليبيا قبل أول /أي النار يناير/ 1952ف، دخلت الحكومة الأمريكية في مباحثات حثيثة مع رموز المملكة الليبية وحكومتها المؤقتة لتنظيم وجود قواتها في البلاد وتقديم العون المالي مقابلها وفيما يلي عرض لأهم ماتضمنته الاتفاقيات الأمريكية الليبية والآثار الناجمة عنها :-
أ:- الاتفاقية الأمريكية الليبية في 24الكانون ديسمبر1951ف:-
أ سفرت مباحثات الولايات المتحدة الأمريكية من خلال القائم بأعمالها في طرابلس"المستر اندروج لنش" مع نظام العهد المباد "الملك إدريس"لوضع نصوصٍ لاتفاقيةٍ شاملة ، أقرها الملك إدريس،ثم أصدر أوامره إلى رئيس وزرائه محمود المُنتصر بالتوقيع عليها ، فتم ذلك تحديداً يوم إعلان الاستقلال المزيّف في الرابع والعشرين من ديسمبر1951. وهذه الاتفاقية مؤلفة من سبع وعشرين" 27" مادة وأربع كتب متبادلة، مُنِحت أمريكيا بموجبها مايلي:-
1 :- حق البقاء في قاعدة هويلس الجوية لمدة عشرين عاماً.
2:- حق السيطرة الكاملة على الأجواء والمياه الليبية وحرية الوصول والحركة للقوات الأمريكية في جميع أجزاء ليبيا.
3 :- سمحت لأمريكا ودول أخرى أو أشخاص آخرين باستعمال القواعد العسكرية الأمريكية.
4:- إعفاء القوات الأمريكية من جميع الرسوم والضرائب وعدم سريان القانون الليبي على أفراد هذه القوات "وما يجري في القاعدة".
لقد كانت كل تلك الحقوق المُعطاة لأمريكا مقابل مليون دولار تدفعها الحكومة الأمريكية كل سنة لليبيا ، تحت ستار"خير الشعب الليبي ومساعدة الحكومة الليبية في إدراك اقتصاد مُستقرٍ للمواطنين".
و كان من المفترض أن تُعرض الاتفاقية على البرلمان الليبي(مجلسا النواب والشيوخ) بمجرد تكوينه لإبداء الرأي فيها ،لكن ذلك لم يحدث ،إلى أن أُثيرت من قبل أحد أعضاء مجلس النواب في الخامس من يوليو 1952ف بالتساؤل (عن الوضع بشأن مطار الملاحة وتُوسع السلطات الأمريكية في الإستلاء على بعض الأراضي الزراعية المجاورة لضمها للمطار ،وما إذا كان هذا الإجراء يتم بموجب اتفاقية أُبرمت ،فإذا كان الأمر كذلك ، فهل تنوي الحكومة عرض هذه الاتفاقية على المجلس ... لينظر فيها أم أنها وضعتها موضع التنفيذ بدون أن تلتفت إلى الاعتبارات الدستورية) ) .
ويُذكر أن محمود المُنتصر أجاب على التساؤل في 21يوليو1952بالقول بــــــ:"...استجابت الحكومة الليبية لهذا العرض( الأمريكي لإجراء مفاوضات لتنظيم الوضع القانوني لقواتهم في ليبيا)لإقرار وضع قائم في ظروفٍ يتطلبها الأمن العالمي،وهذا وضع يتفق مع مصلحة البلاد ولا يتنافى مع سيادتها واستقلالها ....وقد وقعه وزير الخارجية يوم إعلان الاستقلال ، وذلك بالنيابة عن الحكومة الليبية ،وسيعرض هذا الاتفاق على مجلسكم في أقرب فرصة...لمناقشته وإقراره".
من هنا نرى أن الاتفاقية قد وقعت رسمياً وعَملت بموجبها أمريكا دون أن يُقرها المجلس الدستوري مجلس النواب ،كما حملت بقية إجابات محمود المنتصر الموافقة الكاملة على الاحتلال العسكري الأمريكي لليبيا على أساس أنه أمرٌٌ واقع ،بقوله:"إن وجود القوات العسكرية الأجنبية في ليبيا والأمريكية منها بوجه خاص هو وضعٌ قائمٌ ضُمن السياسة الدولية الرامية إلى المحافظة على السلام في العالم ....وأن الحكومتين الليبية وقيادة القوات الأمريكية لاتبتعد عن روحه في علاقات بعضها ببعض،وصحيح أن المطار يقع في ناحية زراعية هامة كما أنه قريب من مدينة طرابلس الغرب ...فقد اتسعت رقعته(المطار) ...بأن استأجرت قيادة المطار الأراضي التي كانت في حاجة إليها ...فلا يبقى أمامنا إلا قبول الأمر الواقع فيما يخص المطار ".
والحقيقة أنه كان بإمكان الحكومة الليبية في تلك الفترة أن تطالب بإنهاء الآثار الاستعمارية أو تلجأ للأمم المتحدة لطلب عونها لإخراج القوات الأجنبية من أراضيها لكنها لم تفعل ذلك ،ورفضت مشاركة المناديين بتطهير أرض ليبيا من القوات الأجنبية ، أثناء اجتماعات اللجنة السياسية لهيئة الأمم المتحدة في باريس يوم 22يناير 1952ف ،كما أن رد رئيس الوزراء الليبي السابق في البرلمان كان الدليل الحي على دخول الاتفاقية موضع التنفيذ عندما وسّعت القيادة الأمريكية مطار الملاحة في الأراضي الزراعية المجاورة ،وفي الخامس من يناير 1953 تسأل أحد أعضاء مجلس النواب مجدداً عن الاتفاق المعقود مع أمريكا بشأن القواعد الأمريكية في ليبيا ولماذا لم يُقدم هذا الاتفاق للمجلس حتى اليوم ،حيث أجاب وزير الدفاع الليبي "علي الجربي" نيابة عن رئيس الوزراء ووزير الخارجية :" بأنه سبقت الإجابة على هذا السؤال سابقاً، وأن الاتفاقية ذات صبغة مؤقتة بموجب رسالتين تم تبادلهما بليبيا يوم الاستقلال ،وأن الاتصالات مازالت جارية بين الحكومتين ".
من خلال العرض السابق للاتفاقية وبنودها للطرفين والتوسعات التي جرت على القاعدة، نلاحظ أنها ليست عبارة عن رسالتين متبادلتين، فالأمر أكبر من ذلك فهي اتفاقية كاملة لها نصوصها وبنودها والتزاماتها وكانت المحادثات الثنائية حولها حثيثة قبل الاستقلال مثلما أوضحنا سابقاً. وأن الحكومة الليبية أخفت عن مجلس النواب حقيقة هذه المباحثات التي استمرت مجدداً في الفترة من أغسطس 1953 حتى فبراير1954 بعد مطالبات من الحكومة الليبية في شخص محمود المنتصر لزيادة أجور استخدام القاعدة التي اعتبرتها أمريكا نهائية بموجب الاتفاقية،ثم وافقت على ذلك بشرط بقاء جميع مواد الاتفاقية المبرمة في 24من ديسمبر1951 دون أي تعديل.
ب:- المعاهدة الأمريكية الليبية في التاسع من سبتمبر 1954ف:-
بزيارة مصطفى بن حليم للولايات المتحدة الأمريكية في شهر يونيو عام 1954ف والتقائه بالرئيس الأمريكي دوايت دايفيد آيزنهاور(1953-1961 عن الحزب الديمقراطي) ، انتهت المعاهدة الأمريكية الليبية بصورتها النهائية بثلاثين مادة وثلاثة ملاحق ،.وقد تم التوقيع عليها رسمياً في بنغازي في التاسع من سبتمبر عام 1954ف من قبل" مصطفى بن حليم" ممثلا للحكومة الليبية و"م .سمرس " ممثلا للحكومة الأمريكية، وأبرز ماتضمنته من جديد عن ما ورد في مواد الاتفاقية المبرمة بينهما في 24 من ديسمبر1951 ما يلي :-
1:- للحكومة الأمريكية الحق في استعمال المناطق التي تشغلها الآن للأغراض العسكرية أو أية أغراض أخرى يتفق عليها بين الحكومتين .
2:-أن تراقب الحكومة الأمريكية السفن والطائرات والمراكب المائية التي تدخل للمناطق المتفق ، وأن تنشئ في هذه المناطق أو خارجها وسائل المواصلات السلكية.
3:-أن تتفق الحكومتان على استعمال منطقة متفق عليها اشتراك طرف ثالث تكون بينه وبين الحكومتين معاهدة صداقة وتحالف(هي بريطانيا)أي الملكية المشتركة للأراضي التي تستأجرها الولايات المتحدة الأمريكية.
4:- الوصول الحر للطائرات والقوات والمركبات المائية الأمريكية ،ومنحها حق الحركة الحرة القطر الليبي .
5:-إعفاء القوات الأمريكية من كافة أنواع الضرائب على المواد والمعدات والمؤن والبضائع وإعفائهم من كافة الرسوم الجمركية لبضائعهم ولوازمهم الموردة.
6:- تحصلت أمريكا على حق إقامة ِمطارٍ في الوطية(التي تبعد 60كم جنوب زواره)،وسارية إذاعية في مصراتة،ورادارات في منطقة طرابلس ودرنه وطبرق بالإضافة لمحطة تلفزيون في قاعدة هويلس.
هكذا أُبرمت هذه المعاهدة لقاء مساعدة مالية أمريكية تقدر بنحو أربعين مليون دولار تقسم على عشرين سنة,ذلك بدفع أربعة ملايين دولار سنوياً لمدة ست سنوات من عام 1955 حتى 1960، ثم مليون دولار سنوي بدءاً من عام 1960إلى أن تنتهي سنوات المعاهدة،ومساعدات إضافية وتقديم كمية من القمح مقدارها 24ألف طن خلال الفترة مابين 1954/1955ف.
وعند طرح المعاهدة على البرلمان للتصديق عليها ، ثمة إحالتها من مجلس النواب إلى لجنة الشؤون الخارجية يوم 25أكتوبر 1954ف فيه، التي رفضتها بأغلبية أعضاؤها الخمسة من أصل سبعة أعضاء، كونها تتعارض مع الدستور وتجرح استقلال البلاد وسيادتها ،أما العضوان اللذان وافقا عليها تحت مبرر فائدتها بالحصول على المساعدة المالية وباستبعاد الفريق المعارض أجازها مجلس النواب بموافقة أغلبية 39 صوت مقابل12صوت.
وفي31 أكتوبر عام 1954 كانت الاتفاقية مجازة من قبل البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ.
وفي خطاب العرش الذي ألقاه إدريس في 9نوفمبر 1954وصف الاتفاقية بـــ:"أنها انتصارٌعظيمٌ لليبيين"أما بن حليم فقد وصفها بالنجاح في قوله:"يسر حكومتي أن تنوه بالنجاح الذي تكللت به جهودنا بخصوص تعديل الاتفاقية... حتى أصبحت أكثر صلاحية لخدمة البلاد "،وفي الواقع هي انتصار عظيم للولايات المتحدة الأمريكية التي ظفرت بحق الاحتفاظ بأكبر قاعدة عسكرية أمريكية ذات الملاحة الجوية البحرية خارجة الولايات المتحدة الأمريكية وهي مركز التدريب الرئيسي لأسلحة الجو العسكرية لدول حلف الأطلنطي "الناتو"ومليئة بأسراب الطائرات التابعة لأعضاء ذلك الحلف ومنها مايلي:-
1:- القاذفات المقاتلة مثل: الفانتوم والتندر شيف ف 105 الأميركيتان، والهوكرهانتر الإنجليزية ،والفبات7ج 91 الإيطالية.
2:-القاذفات الأرضية: السكاي هوك والكورسير الأمريكيتان.
3:-المقاتلات الاعتراضية: الستار فيتر ف 104 الأمريكية ،واللايتنج الإنجليزية.
هذا بالإضافة إلى طائرات النقل والاستطلاع ،واحتمال وجود القاذفات الإستراتيجية الحاملة للقنابل الذرية من طراز ب 52 ستراتوفورتريس وب 58 هاستلر الأمريكيتان و ب2 فولكان الإنجليزية،كلها في قاعدة هويلس وقواعدها الثانوية في برقة ....
يتبع....