السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تكمن بدايةالصراع الليبي الأمريكي بمطلع القرن التاسع عشر"أي العا م 1800 "الذي له عدةُ دلالات ،وأوضاع تاريخية خاصة بالنسبة للدولتين ،إذ يُمثل بالنسبة لليبيا المُسماة في تلك الفترة إيالة طرابلس الغرب ،والمحكومة من قبل الأسرة القره مانلية بزعامة يوسف باشا القره مانلي (1795/1832) الذي كانت له عدة إصلاحات سببت هذا الصراع ، أما الجمهورية الأمريكية فهي بزعامة رئيسها الثاني بعد الاستقلال عن بريطانيا(1776)، وهو الديمقراطي توما س جيفرسون (1801/1809) فهذه الفترة المحددة شهدت الاضطراب فالحرب بين الدولتين ثم السلم.
أسباب الصراع الأمريكي الليبي:-
تكمن أسباب الصراع الأمريكي الليبي في محاولة الأمريكان لفرض سيطرتهم العسكرية والسياسية على المرور في البحار والمحيطات لغرض تأمين تجارتهم مع العالم ،وكذلك تأسيس إمبراطورية أمريكية قوية مفروضة على تلك البحار والمحيطات في الذهاب والإياب .وفي المقابل فإن هذه الفترة تحديداً تُمثلُ تحولاً في وضع إيالة طرابلس من مركز الضعف إلى مركز قوةٍ وسلطان بزعامة يوسف باشا القره مانلي ،وهذه الأسباب كما يلي :-
1- محاولة يوسف باشا تحسين الأوضاع الاقتصادية في إيالة طرابلس الغرب، وما صحبها من ركــود تجاري و تخفيضٍ لقيمة العملة المتداولة . لقد بدأ التدهور الاقتصادي في طرابــلس بعد حكم أحمد الأول القره مانلي(1711/1745) بفترة وجيزة ؛والســـبب في ذلك يكمن فــــي الرحيل التدريجي للأتراك الشرقيين ؛نتيجة لعدم وجود الحوافز من جهة ،والمشاكل السياسية والحروب الأهلية العاصفة بالإيالة من جــــهة أخرى منذ أواخر القرن الثامن عشر ،وبالتالي حرمان البلاد من المساهمات الاقتصادية لهؤلاء الأجانب الصناعيين .أضف إلى ذلك المجاعة والركود التجاري ثم وباء الطاعون الذي فتك بـــ25% من عدد السكان وهذا يعـــني هبوطاً في الإنتاج الزراعي والتجاري واختتمت هذه الأوضاع السيئة باحتلال" علي برغل" للأيالة خلال الفترة (1791/1795)، وعلى هذا النحو استلم يوسف باشا زمام أمور إيالة طرابلس في العام 1795 باقتصادي هزيلٍ بما تحمله الكلمة من معنى .
2- محاولات يوسف باشا تحويل طرابلس من الوضع التدهور إلى مركز قوة.
فقد كانت السياسة العامة لدول الشمال الأفريقي التي لقيت التشجيع من الأتراك قائمة على أساس القوة البحرية في البحر المتوسط ، وهذه القوة البحرية معروفة عند الدول الأوروبية والأمريكية بالقرصنة، وعليه فإن القوى الأوروبية والأمريكية ملزمة بدفع أموال الحماية لدول الشمال الأفريقي المطلة على البحر المتوسط وهي تونس والجزائر ثم ليبيا ،وتكون هذه الأموال في العادة مصحوبة بتوقيع اتفاقية لهذا الغرض ، متضمنة المبلغ المالي المطلوب، وفي بعض الحالات إعانات مالية منتظمة ، وكل ذلك مقابل حماية دول الشمال الإفريقي لسفن تلك القوى وتجارتها،وأحياناً تدفع تلك القوى مايو صف بـ"الهدايا القنصلية" في شكل نقود وبضائع أو ذخائر عسكرية وبحرية ،وإذا ما فشلت الدول الأوروبية والأمريكية في أي وقت في الإيفاء بالتزامات اتفاقياتها ؛ فإنها تخسر صداقتها مع تلك الدولة ،وبهذا تُعرض مُرورها في البحر المتوسط إلى غراماتٍ تُنتزع من قِبل القراصنة ،وذلك بأسر سُفن تلك الدولة المُمْتنعة عن دفع تلك الأموال المُتفق عليها مع دول الشمال الأفريقي،ولا يتم استرجاع هذه السفن إلا بدفع أموال تُحسب على أساس قيمة السفينة مع ماتحمله من بضائع وعدد طاقمها.
فقد كانت السياسة العامة لدول الشمال الأفريقي التي لقيت التشجيع من الأتراك قائمة على أساس القوة البحرية في البحر المتوسط ، وهذه القوة البحرية معروفة عند الدول الأوروبية والأمريكية بالقرصنة، وعليه فإن القوى الأوروبية والأمريكية ملزمة بدفع أموال الحماية لدول الشمال الأفريقي المطلة على البحر المتوسط وهي تونس والجزائر ثم ليبيا ،وتكون هذه الأموال في العادة مصحوبة بتوقيع اتفاقية لهذا الغرض ، متضمنة المبلغ المالي المطلوب، وفي بعض الحالات إعانات مالية منتظمة ، وكل ذلك مقابل حماية دول الشمال الإفريقي لسفن تلك القوى وتجارتها،وأحياناً تدفع تلك القوى مايو صف بـ"الهدايا القنصلية" في شكل نقود وبضائع أو ذخائر عسكرية وبحرية ،وإذا ما فشلت الدول الأوروبية والأمريكية في أي وقت في الإيفاء بالتزامات اتفاقياتها ؛ فإنها تخسر صداقتها مع تلك الدولة ،وبهذا تُعرض مُرورها في البحر المتوسط إلى غراماتٍ تُنتزع من قِبل القراصنة ،وذلك بأسر سُفن تلك الدولة المُمْتنعة عن دفع تلك الأموال المُتفق عليها مع دول الشمال الأفريقي،ولا يتم استرجاع هذه السفن إلا بدفع أموال تُحسب على أساس قيمة السفينة مع ماتحمله من بضائع وعدد طاقمها.
ونظراً لامتلاك إيالة طرابلس أي ليبيا لأطول ساحل ممتد على البحر المتوسط (قرابة2000كم)،فقد سعى يوسف باشا من الاستفادة من طول هذه الساحل ببناء قوة بحرية واستخدامها بفعالية ،كما رمم حصون المدينة المهجورة كخطوة أولى ووضع عليها مايقرب من سبعين مدفعاً وإصلاح السفن المحطمة وإضافة سُفن جديدة لها، ولم ينتهي العام حتى تضاعفت القوة البحرية للأيالة وتنامى الأسطول الطرابلسي بإضافة هدية السلطان العثماني إليها وهي سفينتان الأولى بـ24 مدفعاً والثانية بسته وثلاثين مدفعاً وبكامل تجهيزاتهما ،وبالتالي كانت الخطوة اللاحقة من يوسف باشا لرفع مكانة طرابلس أسوةً بماتطلبة الجزائر وتونس من إتاوات رغم أنها امتلاكها السواحل الأكبر منهما على البحر المتوسط .
لقد أصبح الأسطول الطرابلسي في الفترة مابين 1798/1800ف يضم إحدى عشر سفينة يرأسها أحد عشر قيادة رَيّس أو قُبطان ، كلهم تحت رئاسة أمير البحر الريّس مراد(منصب أعلى ضابط بحرية في الدولة)، وبازديادها لأربع وعشرين سفينة مُسلحة وعدة زوارق حربية أصبحت طرابلس بالفعل قوة بحرة ضاربة في البحر المتوسط نافست الجزائر بما تملكه وما تفرضه من إتاوات ليوصفها البعض بــ"الجزائر الجديدة"
وما أن اكتملت القوة البحرية حتى أعلن يوسف باشا للقناصل الأوروبيين بأن طرابلس قد أصبحت قوة يُحسب لها ألف حساب ، وعليه طالب الدول الأوروبية من خلال قناصلها المُقيمين في طرابلس على إعادة علاقات ملائمة مع طرابلس عن طريق إرسال الهدايا القنصلية التقليدية،وكانت أول الدول المستجيبة هي أسبانيا بدفع مبلغ 20.000دولار ومنحه سفينة وثمانية عشرة بحار ماهر.
أن المساهمة البحرية الاقتصادية في تقوية طرابلس كانت سبباً في شهرتها الدولية،كما أن نجاح طرابلس في ضمان منح مالية سنوية منتظمة من الدول الأوروبية عن طريق استغلاله لمعابر البحر المتوسط التجارية علامة بارزة على مكانتها في القوة البحرية والتي لم تقتصر فقط على أوروبا وإنما امتدت إلى البحرية الأمريكية .
وما أن اكتملت القوة البحرية حتى أعلن يوسف باشا للقناصل الأوروبيين بأن طرابلس قد أصبحت قوة يُحسب لها ألف حساب ، وعليه طالب الدول الأوروبية من خلال قناصلها المُقيمين في طرابلس على إعادة علاقات ملائمة مع طرابلس عن طريق إرسال الهدايا القنصلية التقليدية،وكانت أول الدول المستجيبة هي أسبانيا بدفع مبلغ 20.000دولار ومنحه سفينة وثمانية عشرة بحار ماهر.
أن المساهمة البحرية الاقتصادية في تقوية طرابلس كانت سبباً في شهرتها الدولية،كما أن نجاح طرابلس في ضمان منح مالية سنوية منتظمة من الدول الأوروبية عن طريق استغلاله لمعابر البحر المتوسط التجارية علامة بارزة على مكانتها في القوة البحرية والتي لم تقتصر فقط على أوروبا وإنما امتدت إلى البحرية الأمريكية .
3ـــــ كان الاتصال الأمريكي الطرابلسي الأول بعد اكتمال القوة البحرية الطرابلسية عام1796،إذ لم يكن لأمريكا أية معاهدة صداقة مع طرابلس، وبالتالي فإن حركة سفنها لم تكن محمية ضد هجمات القراصنة،وعليه أسر أمير البحر الريس مراد في أغسطس 1796 سفينتين أمريكيتين هما "صوفيا وبتسي "،وقد تم إطلاق سراح الأولى ؛لأنها تحمل أمول الاتفاقية التي ستدفعها أمريكا لداي الجزائر ،في حين حولت الثانية لسفينة طرابلسية وأُسر بحارتها ، ومن هنا بدأت المفاوضات الأمريكية الطرابلسية حول إطلاق سراح البحارة ولتوقيع معاهدة صداقة مع طرابلس بوساطة داي الجزائر ،وقد وقعت الاتفاقية في الرابع من نوفمبر 1796 بمبلغ 40.000دولار مع الهدايا القنصلية بمبلغ 12.000دولار نقداً يضاف لها بعض الذخيرة البحرية (كأقمشة القنب، القار ألواح خشبية)، وبالتالي فقد حملت هذه الاتفاقية بذور الخلاف المستقبلي بين الدولتين .
وكانت السبب الأساسي للنزاع المسلح بين الدولتين إذ فسر الأمريكان المادة الأولى وهي الصديق المشترك( يعني الجزائر) على أن طرابلس تابعة للجزائر وأن القنصل الأمريكي فيها تابع ٌ للقنصل الأمريكي العام في الجزائر ،وما أن فهم يوسف باشا وأعضاء ديوانه هذا الفهم حتى اعتبروه تناقضاً كاملا لما ينادى به من تأكيد استقلال طرابلس ليس عن الجزائر فحسب وإنما أيضاً عن السلطان العثماني كما أكد الباشا هذا مراراً للقائم بالأعمال الأمريكي(السيد أنجرام) في طرابلس عام 1798إلى وجوب معاملة أمريكا لطرابلس كدولة مستقلة وذلك من أجل إقامة علاقات طيبة ثم أكده في مقابلته الأولى جيمس ليندر كاتكارت القنصل الأمريكي المعين حديثاً بقول الباشا له بأنه:"...أمير مستقل،ولا يُخوّف بالجزائر أو تونس ولا حتى بالسلطان العثماني،فهو يحكم في مملكته تماماً كما يفعل داي الجزائر في بلاده"،وهكذا فإن تشبث الباشا برأيه وإصرار الأمريكان على موقفهم كان السبب الرئيسي لنشوب الحرب الأمريكية الطرابلسية أعوام 1801/1805ف .
وكانت السبب الأساسي للنزاع المسلح بين الدولتين إذ فسر الأمريكان المادة الأولى وهي الصديق المشترك( يعني الجزائر) على أن طرابلس تابعة للجزائر وأن القنصل الأمريكي فيها تابع ٌ للقنصل الأمريكي العام في الجزائر ،وما أن فهم يوسف باشا وأعضاء ديوانه هذا الفهم حتى اعتبروه تناقضاً كاملا لما ينادى به من تأكيد استقلال طرابلس ليس عن الجزائر فحسب وإنما أيضاً عن السلطان العثماني كما أكد الباشا هذا مراراً للقائم بالأعمال الأمريكي(السيد أنجرام) في طرابلس عام 1798إلى وجوب معاملة أمريكا لطرابلس كدولة مستقلة وذلك من أجل إقامة علاقات طيبة ثم أكده في مقابلته الأولى جيمس ليندر كاتكارت القنصل الأمريكي المعين حديثاً بقول الباشا له بأنه:"...أمير مستقل،ولا يُخوّف بالجزائر أو تونس ولا حتى بالسلطان العثماني،فهو يحكم في مملكته تماماً كما يفعل داي الجزائر في بلاده"،وهكذا فإن تشبث الباشا برأيه وإصرار الأمريكان على موقفهم كان السبب الرئيسي لنشوب الحرب الأمريكية الطرابلسية أعوام 1801/1805ف .
أضف إلى ذلك امتناع أمريكا لدفع المبالغ المترتبة عليها بموجب الاتفاقية الموقعة بينهما لسنتين متتاليتين من الزمن تم عدم إرسال قنصل يُمثلها وبهذا أعتبر الباشا هذه الأفعال بمثابة خرقٍ واضح لما تم الاتفاق عليه وكتب الباشا للقنصل العام الأمريكي في الجزائر رسالة لكي يوصلها للرئيس الأمريكي :"إنني في حيرة من عدم معرفة السبب الذي جعل الأمة الأمريكية تتجاهل طرابلس لوقت طويل... منذ توقيعنا الاتفاقية"وأضاف أنه :"بما أن الأمريكيين لم يفوا بالتزاماتهم فلا يعتبر نفسه ملزماً بالإيفاء بالتزاماته أيضاً"،وبعد وصول تقارير خلال مايو 1800 تفيد بوصول الهدايا الأمريكية لتونس والجزائر سأل الباشا القنصل الأمريكي الذي أرسل الآن وهو "جيمس كاثكارت"حول استلام الرئيس الأمريكي لرسالته ألمرسله له منذ العام الماضي والتي لم يرد عليها فقد أكد القنصل للباشا استلام الرئيس الأمريكي لها ، كتب الباشا رسالة أخرى في 25مايو الماء 1800ف ليذكره بأنه إذا كانت أمريكا مستعدة:" ....للنظر إلى إيالة طرابلس بنفس الطريقة التي تنظر بها إلى إيالات شمال أفريقيا الأخرى...وللتعامل على قدم المساواة في الأهمية والصداقة فأننا نأمل أن تتبع تعابيركم بالأفعال ،وليس بكلمات فارغة"وقد أورد أحد الباحثين رد يوسف باشا مطولا كما يلي:"يمكننا أن نسأل أن تعبيراتكم هذه يجب أن تتبعها الأعمال لا الكلام الأجوف ، ولهذا يجب أن تسعوا لإقناعنا بطريقة حسنة التنفيذ، أما إذا كان الأمر مجرد كلام يعني التملق دون التحقيق فكل منا يعمل حسبما يقتنع به".
ثم برهن الباشا لإظهار حكمة احترام طرابلس كقوة بحرية ،بإطلاق سراح سفينة أمريكية بحمولتها تم أسرها من قبل أحد ضباط البحرية الطرابلسية الذي فصل من الخدمة وبَيّن للقنصل الأمريكي بأنه سينتظر ستة شهورٍ فقط ليرى الموقف الأمريكي ،وبانتهاء المُهلة المُحددة ، وعدم الرد على رسائل الباشا قطعت طرابلس علاقاتها الدبلوماسية مع أمريكا بإنزال العلم الأمريكي وإعلان الحرب ضدها 14 مايو الماء عام1801 ، من هنا سعت أمريكا لإصدار أوامرها لقناصلها في تونس والجزائر وطرابلس للاجتماع فوراً في تونس، والتوجه لطرابلس لمقابلة الباشا ومحاولة الوصول لتسوية سلمية دون نتيجة تذكر؛ لإصرار الباشا على سيادة واستقلال بلاده وتحصيل حقه الكامل من الأموال والهدايا المتفق عليها في الاتفاقية نظير مرور السفن الأمريكية الحاملة العلم الأمريكي في المياه الإقليمية للأيالة .