ِِمصر قصة حضارة .. ملك الصرب يحج إلى بيت المقدس بإذن من سلطان مصر

riman

عضو
إنضم
13 يوليو 2009
المشاركات
1,622
التفاعل
16 0 0
نتوقف اليوم فى عصر المماليك البحرية الذى امتد فى التاريخ المصرى من سنة 1250 إلى سنة 1382، وشهدت خلاله البلاد بعضا من أزهى أيامها، كما شهدت كذلك بعضا من أتعس لياليها.

لقد تولى المماليك حكم مصر والشام فى أعقاب انهيار دولة أساتذتهم الأيوبيين الذين خاضوا المرحلة الوسطى من مراحل الحروب الصليبية، وأصل مماليك مصر عبيد أتراك أو جراكسة، جاء بهم النخاسون وهم صبية صغار من مواطنهم الأصلية فى آسيا الوسطى أو القوقاز،

وباعوهم للأيوبيين ليكونوا منهم فرقا عسكرية تدعم الجيش الأيوبى أو حرسا خاصا للسلاطين، وقد توسع السلطان الصالح نجم الدين أيوب فى جلب المماليك الذين كانت تتم تربيتهم فى معسكرات خاصة فى قلعة الروضة أو فى قلعة الجبل، وإلى أماكن تربيتهم تنسب دولتاهم البحرية والبرجية كما تنسب أيضا إلى جنسهم الأتراك والجراكسة.

وقد بدأت دولة المماليك فعليا بتولى شجرة الدر التى كانت جارية ثم أم ولد للصالح نجم الدين أيوب، ونجحت فى إدارة معركة المنصورة بعد وفاته دون إعلان خبر الوفاة، ويرجع الفضل الأكبر فى انتصار المنصورة إلى حكمة شجرة الدر وبسالة المماليك وقدراتهم العسكرية إلى جانب مشاركة الأهالى فى المعركة.

وقد تخلص المماليك من توران الشاه الوريث الشرعى للعرش ولكن لم تقم لدولتهم قائمة حقيقية إلا بعد انتصارهم على المغول فى عين جالوت، لقد تولى المماليك حكم مصر والشام وأسسوا دولتهم فى فترة عصيبة وصعبة؛ فالوجود الصليبى لا يزال قائما فى الشام، والحملات ما زالت تتوالى من أوروبا ويمتد تهديدها إلى مصر،

ومن أقصى الشرق ظهر خطر جديد يجتاح أمامه الدول والبلدان، وهو خطر قبائل المغول التى نجح جانكيز خان فى توحيدها والانطلاق بها للتوسع فى كل الاتجاهات، وفى عصر خلفائه استطاع المغول أن يطرقوا بقوة أبواب المنطقة العربية، فسقطت بغداد تحت أقدامهم واستمروا فى تقدمهم غربا صوب الشام ثم مصر،

وهنا نشأت دولة المماليك، لقد قامت منذ البداية كدولة عسكرية، وكانت استجابة عاجلة لتحديات خطيرة تواجه مصر والمنطقة العربية. وقد نجح المماليك بالفعل فى التصدى للمهمة التاريخية التى ألقيت على عاتقهم؛ فبعد انتصارهم على لويس التاسع فى المنصورة،

هزموا المغول هزيمة ساحقة فى عين جالوت. لقد تمكن المماليك من إبعاد الخطر المغولى الداهم عن مصر والشام لعشرات السنين، وحققوا أول انتصار كبير على المغول منذ انطلاقهم من صحارى آسيا لاجتياح العالم. وبعد انتصار عين جالوت تفرغ المماليك للقضاء النهائى على الوجود الصليبى فى الشام، ونجح سلاطينهم الأوائل بيبرس وقلاوون وأبنائه من بعده فى استئصال الممالك الصليبية نهائيا من الشام، وأعادوا توحيد مصر وسوريا تحت سيطرتهم.

ورغم السمات العسكرية الواضحة لدولة المماليك منذ اللحظة الأولى لنشأتها، فإن عصر المماليك لم يكن عصر حروب فقط، لقد أصبحت القاهرة فى ظل حكمهم مركزا من المراكز الحضارية الكبرى فى العالم، وشيدت فى عصرهم مئات المنشآت الدينية والمدنية فى القاهرة وغيرها من مدن مصر والشام؛

فالغالبية العظمى من المساجد والمدارس والوكالات والبيمارستانات التى لا تزال مبانيها قائمة إلى الآن ترجع إلى عصرهم، وتشهد على عظمة إبداع الفنان والصانع والبناء فى مصر وسوريا.

كذلك فإن العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين مصر وبلدان العالم المختلفة شرقا وغربا قد انتعشت وتطورت فى عصر دولتى المماليك البحرية والبرجية، وتحفل المصادر التاريخية التى ترجع إلى ذلك العصر بتسجيل زيارات سفراء الدول الأجنبية وقناصلها ومبعوثيها لبلاط السلطان المملوكى فى القاهرة، فلم تمنع الحروب الطاحنة التى شهدها عصر المماليك هؤلاء الحكام من إقامة العلاقات السياسية حتى مع أعدائهم.

ومن الدلائل الواضحة على الرقى الحضارى الذى وصلت إليه مصر فى ذلك العصر، الفصل الكامل بين الصراعات العسكرية القائمة، وبين حقوق أهل الديانات المختلفة فى ممارسة شعائرهم الدينية، حتى ولو كانوا من أعداء البلاد.

فلم تمنع الحروب الصليبية سلاطين دولة المماليك من منح الأمان لملوك بعض الدول الأوروبية وحكامها حتى يتمكنوا من الحج إلى بيت المقدس، لقد كانت القدس وكل فلسطين خاضعة للحكم المصرى بعد نجاح سلاطين المماليك من أسرة قلاوون فى تصفية آخر الجيوب الصليبية الأوروبية هناك، وقد احترم هؤلاء السلاطين حق المسيحيين الأوروبيين الذين كانوا أعداء الأمس فى الحج إلى بيت المقدس، وتصور بعض المخطوطات الأوروبية التى ترجع إلى ذلك العصر برسوم ملونة قوافل الحج الأوروبية إلى القدس، كما تحفل المصادر العربية بمعلومات عن هذه القوافل.


وفى عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذى حكم البلاد بين سنة 1293 وسنة 1341، أراد ملك الصرب استيفانوس فراكس أن يحج إلى بيت المقدس مع زوجته، فتقدم بطلب إلى السلطان المملوكى، وكان رد السلطان الناصر محمد بن قلاوون على طلب الملك الصربى عهد أمان له ولزوجته ومرافقيه حتى يتمكنوا من زيارة بيت المقدس وأداء فرائضهم الدينية والعودة سالمين، وقد جاء فى نص عهد الأمان:
«بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد حمد الله الذى أمن بمهابتنا المناهج والمسالك، ومكن لكلمتنا المطاعة فى الأقطار والآفاق والممالك، وأعان على لساننا بدعوة الحق التى تنفى كل كرب حالك، فإن كرمنا يرعى الوفود، وشيمنا تدعى فتجود، وذممنا بها لحظ الحقوق وحفظ العهود، فخدمنا تنجح كل مقصود، وبنعمنا تمنح الأمانى والمنى، وهما أعظم نعمتين فى الوجود، فليس آمل عن أبواب سماحنا بمردود، ولا متوسل إلينا بضراعة إلا ويرجع بالمرام ويعود، ولما كان حضرة الملك الجليل المكرم المبجل العزيز الموقر استيفانوس فراكس، كبير طائفة النصرانية، جمال الأمة الصليبية، عماد بنى المعمودية، صديق الملوك والسلاطين، صاحب الصرب، أطال الله بقاءه، قد شمله إقبالنا المعهود، ووصله فضلنا الذى يحجز عن ميامنه السوء، وينجز الوعد، اقتضى حسن الرأى الشريف أن ينشر سبيله ونوفر له من الإكرام جسيمه، كما وفرنا لغيره من الملوك مثوله، وأن يمكن من الحضور هو وزوجته ومن معهما من أتباعهما إلى زيارة القدس الشريف، وإزالة الإعراض عنهم وإكرامهم ورعايتهم، واستصحاب العناية بهم، إلى أن يعود إلى بلادهم آمنين على أنفسهم وأموالهم...»


لكن ما دلالة عهد الأمان هذا؟
إن العهد الذى منحه السلطان الناصر محمد بن قلاوون لملك الصرب يعكس مدى التطور الحضارى والرقى الذى وصلت إليه دولة المماليك فى تلك الفترة، ففى الوقت الذى كانت حالة الحرب قائمة فيه بين المماليك والممالك الأوروبية الصليبية، احترم المماليك حق رعايا تلك الدول فى أداء فرائضهم الدينية فى المناطق التى كانت تسيطر عليها مصر، وأعطى سلطان مصر عهد أمان لملك الصرب كى يحج هو ومرافقوه ووفر له الحماية، وهو ما يسعى القانون الدولى الإنسانى لتأكيده اليوم.

http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=141374
 
رد: ِِمصر قصة حضارة .. ملك الصرب يحج إلى بيت المقدس بإذن من سلطان مصر

السلام عليكم اختى ريمان
موضوع شيق جدا وكيف لا وانا من اشد المعجبين بهذا العصر العظيم

قد تولى المماليك حكم مصر والشام فى أعقاب انهيار دولة أساتذتهم الأيوبيين الذين خاضوا المرحلة الوسطى من مراحل الحروب الصليبية، وأصل مماليك مصر عبيد أتراك أو جراكسة، جاء بهم النخاسون وهم صبية صغار من مواطنهم الأصلية فى آسيا الوسطى أو القوقاز،
ومن امثال هؤلاء , الملك الظاهر بيبرس والملك المظفر سيف الدين قطز الذى خطفه جماعه من اهل خلاط قد امضهم ما فعل جلال الدين خال سيف الدين باهلهم واطفالهم واموالهم فتعاهدوا على اغتياله ولكن شق عليهم ذالك فباتوا على انهم يخطفون احفاه محمود وجهاد
ومن ثم اشتراه منهم النخاس وباعهم فى سوق حلب فاشتراهم الشيخ غانم المقدسى الى اخر القصه حتى صار محمود بن ممدو بن اخت جلال الدين بن خوارزم شاه ملكا على مصر ..... ومن بعده الظاهر بيبرس


وباعوهم للأيوبيين ليكونوا منهم فرقا عسكرية تدعم الجيش الأيوبى أو حرسا خاصا للسلاطين، وقد توسع السلطان الصالح نجم الدين أيوب فى جلب المماليك الذين كانت تتم تربيتهم فى معسكرات خاصة فى قلعة الروضة أو فى قلعة الجبل، وإلى أماكن تربيتهم تنسب دولتاهم البحرية والبرجية كما تنسب أيضا إلى جنسهم الأتراك والجراكسة.

وبالفعل نجم الدين ايوب اشترى المملوك سيف الدين قطز من الحاج بن الزعيم فانتقل حينها الى مصر وانضم الى باقى من كانوا تبع الصالح نجم الدين .......

وقد بدأت دولة المماليك فعليا بتولى شجرة الدر التى كانت جارية ثم أم ولد للصالح نجم الدين أيوب، ونجحت فى إدارة معركة المنصورة بعد وفاته دون إعلان خبر الوفاة، ويرجع الفضل الأكبر فى انتصار المنصورة إلى حكمة شجرة الدر وبسالة المماليك وقدراتهم العسكرية إلى جانب مشاركة الأهالى فى المعركة.

بالفعل غطت شجرة الدر على موت زوجها نجم الدين ايوب اثناء معركة المنصوره ببراعه , وادارتها بحنكه عظيمه
ودائما عندما اتذكر هذه المعركه يخطر على بالى هذه الحيله اللطيفه
عندما دأب عامة المسلمين على النكايه بجيش لويس التاسع فجعلوا يغتالون ويختطفون كثيرا منهم ويطرقون معسكرهم فاذا شعروا بهم القوا انفسهم فى الماء وسبحوا الى بر المسلمين ومن الطفها ان مسلما اخذ بطيخة فقورها وادخل فيها راسه وغطس فى الماء الى ان قرب من بر الفرنج فظنوه بطيخة عائمه فما هو الا ان نزل احدهم فى الماء ليتناولها حتى اجتذبه المسلم فعام به حتى قدم به أسيرا الى المسلمين


هزموا المغول هزيمة ساحقة فى عين جالوت. لقد تمكن المماليك من إبعاد الخطر المغولى الداهم عن مصر والشام لعشرات السنين، وحققوا أول انتصار كبير على المغول منذ انطلاقهم من صحارى آسيا لاجتياح العالم. وبعد انتصار عين جالوت تفرغ المماليك للقضاء النهائى على الوجود الصليبى فى الشام، ونجح سلاطينهم الأوائل بيبرس وقلاوون وأبنائه من بعده فى استئصال الممالك الصليبية نهائيا من الشام، وأعادوا توحيد مصر وسوريا تحت سيطرتهم

انتصار المسلمين فى معركة عين جالوت انتصار ساحق بكل المقاييس فالايمان العميق للجنود وارادهم وعزيمتهم القويه جعلت من المستحيل شيئا تحت اقدامهم يعبرون عليه الى النجاح والنصر
ويعجبنى هذه الكلمات التى كان جيش المسلمين يرددونها اثناء سيرهم الى جيش هولاكو

نمضى الى التتار
بالابيض البتار
والاسل الحرار
نطلبهم بالثار
لله والمختار
وشرف الديار
نطرحهم فى النار
وغضب الجبار
نمضى الى التتار
بالعسكر الجرار
كالاسد الضوارى
تعصف بالفجار
كالريح كالاعصار
كالمائج الهدار
نغرقهم فى النار
وغصب الجبار

ورغم السمات العسكرية الواضحة لدولة المماليك منذ اللحظة الأولى لنشأتها، فإن عصر المماليك لم يكن عصر حروب فقط، لقد أصبحت القاهرة فى ظل حكمهم مركزا من المراكز الحضارية الكبرى فى العالم، وشيدت فى عصرهم مئات المنشآت الدينية والمدنية فى القاهرة وغيرها من مدن مصر والشام؛
وفعلا نشاط وثوران نجم الدين ايوب للنهضه بمصر وتعميرها وبنائها كان هو من احد الاسباب الذى اهلكت صحته ومات صريعا قبل لقاء الفرنج ولويس التاسع الذى فدى نفسه باربعمائة الف دينار لينطلق حيا الى زوجته من قبضة المصرييون يندب لها سوء الحظ ونكد الطالع
وما اروع ان صاح شاعر مصر فى اذن الملك الخائب :

اتيت مصر تبتغى ملكها :: تحسب ان الزمر يا طبل ريح
فساقك الحين الى ادهم :: ضاق به عن ناظريك الفسيح
وكل اصحابك اودعتهم :: بحسن تدبيرك بطن الضريح
الهمك الله الى مثلها :: لعل عيسى منكم يستريح
دار ابن لقمان على حالها :: والقيد باق والطواشى صبيح

واسف للتطرق لعصر الملك المظفر اكثر من الللازم
وشكرا جزيلا ريمان على الموضوع
صناك يا مصر طول الزمن
 
التعديل الأخير:
رد: ِِمصر قصة حضارة .. ملك الصرب يحج إلى بيت المقدس بإذن من سلطان مصر

بارك الله فيكم...
 
رد: ِِمصر قصة حضارة .. ملك الصرب يحج إلى بيت المقدس بإذن من سلطان مصر

السلام عليكم

- لم يتعرض التاريخ الإسلامي لتحريف الحقائق و تشويهها أكثر مما تعرضت له مرحلة المماليك (البحرية و البرجية) في مصر و الشام ، و كثير من المثقفين في عالمنا العربي لما يسمع بالمماليك إلا و يتذكر روايات "جرجي زيدان" الكاتب الصليبي الماسوني ... أمثال روايات : شجر الدر و استبداد المماليك ...

- لكن حقائق تاريخ المماليك الواردة في كتب العلماء الأئمة الثقات (ابن كثير و ابن تغري بردي و المقريزي و غيرهم) إضافة إلى تزامن أحداث حاسمة في تاريخ الأمة زمن المماليك و موقفهم منها ، يظهر لنا أن المماليك كانوا أناس مجاهدين ، أبطال حقيقيين ، لم يستكينوا لحظة واحدة للخمول أمام التحديات الكبرى التي واجهتهم ، و لما تسلل الضعف إليهم أواخر زمن المماليك البرجية ، شاءت إرادة الله كما وضعها في سننه أن ينتهي دورهم لتحمل الراية دولة إسلامية قوية أخرى و هي الدولة العثمانية.

- و قد ظهر المماليك في مرحلة تعتبر من أخطر المراحل التي مرت بها الأمة الإسلامية ، فقد كان الدفاع عن الإسلام نفسه هو ما يشغل الأمة قبل الدفاع عن ملك أو إمارة أو غيرها ، رغم إسترجاع بيت المقدس مازال الوجود الصليبي في بلاد الشام يشكل تهديدا دائما إضافة إلى كونه أحد نقاط إرتكاز الحملات الصليبية من أوروبا ، ظهر المماليك لما تزامن الوجود الصليبي على سواحل الشام مع الخطر الموغولي المدمر من شرق العالم الإسلامي و الذي تمكن من القضاء على الخلافة العباسية عام 1258م ، و هنا شعر المسلمون في جميع بقاع الأرض كأن صاعقة نزلت عليهم و جعلتهم شضايا متناثرة لا ممسك لها ، و ازداد الأمر سوءا بمشروع تحالف بين الصليبيين و الموغول للقضاء نهائيا على الإسلام و أهله ، و تحمس بابا الفاتيكان للأمر و دخل في المفاوضات "لويس التاسع" ملك فرنسا الصليبي المتعصب و الذي ذاق مرارة الهزيمة و الخيبة قرب مدينة المنصورة قبل ذلك و على أيدي المجاهدين المماليك زمن السلطان نجم الدين أيوب ... لويس التاسع كان دوما يذكر لأعوانه أن العودة إلى أورشليم تقتضي غزو مصر لأنها رأس حربة الجهاد ( و هو كلام صحيح 100/100) و هكذ توجهت أنظار الأمة الإسلامية إلى مصر بإعتبارها المرحلة القادمة لتقدم الموغول بعد غزو الشام ، و هنا شعر سلطان المماليك قطز بضخامة المسؤولية و ثقل المهمة في لحظة حاسمة من التاريخ بأسره ، لكن الله من بنصره على عباده المجاهدين في عين جالوت 1261م و تولى بعده السلطان الظاهر بيبرس المهمة الثقيلة و الذي فطن إلى أمر هام و هو إعادة إحياء الخلافة و استمر في مقارعة الموغول و الصليبيين مدمرا مملكة الأرمن نهائيا و التي ساندت الغزاة ، و كان بيبرس على أتم الإستعداد للتوجه إلى تونس لما علم بحملة لويس التاسع لغزوها (و قد كان بينهما سجال منذ معركة المنصورة) إلا أن المستنصر الحفصي حاكم تونس أخبر بيبرس بزوال خطر الحملة الصليبية لما قضى المرض على لويس التاسع و عدد كبير من أفراد جيشه ، و قد تمكن المماليك من القضاء تماما على التواجد الصليبي زمن السلطان الأشرف خليل بن قلاوون عام 1291م ، و لم يعد التهديد الموغولي يلقى أهمية كما كان في السابق خصوصا بعد أن حطمهم السلطان قلاوون في معركة حمص و يبلغوا بعدها مدى بعيد غير حملة "قازان" الذي يدعي الإسلام و يسمي نفسه "محمود" و ذلك بهجوم سريع على دمشق زمن الإمام ابن تيمية ، و مما يستحق الذكر أيضا أن جزيرة قبرص خضعت فترة لحكم المماليك البرجية زمن السلطان قايتباي و الذي استغاث به مسلمو الأندلس دون جدوى نظرا لإنشغاله بتحركات العثمانيين شمال بلاد الشام ، و للأسطول البحري أهمية في التمكين لقوة الدولة المملوكية في البحرين المتوسط و الأحمر ، و لذلك ضعفت المماليك لما ضعف أسطولهم البحري أمام الغزاة البرتغاليين و الذين كان هدفهم يشكل غزوا صليبيا و اقتصاديا مما مكنهم من تهديد سواحل جنوب الجزيرة العربية ، و كانت معركة "ديو" البحرية نهاية قوة الأسطول البحري للدولة المملوكية و كانت النهاية الحتمية بذخول السلطان سليم الأول العثماني القاهرة عام 1517م و إعدام آخر السلاطين المماليك طومان باي على باب زويلة.
 
.......................................................................................
 
التعديل الأخير:
رد: ِِمصر قصة حضارة .. ملك الصرب يحج إلى بيت المقدس بإذن من سلطان مصر

السلام عليكم

- لم يتعرض التاريخ الإسلامي لتحريف الحقائق و تشويهها أكثر مما تعرضت له مرحلة المماليك (البحرية و البرجية) في مصر و الشام ، و كثير من المثقفين في عالمنا العربي لما يسمع بالمماليك إلا و يتذكر روايات "جرجي زيدان" الكاتب الصليبي الماسوني ... أمثال روايات : شجر الدر و استبداد المماليك ...

- لكن حقائق تاريخ المماليك الواردة في كتب العلماء الأئمة الثقات (ابن كثير و ابن تغري بردي و المقريزي و غيرهم) إضافة إلى تزامن أحداث حاسمة في تاريخ الأمة زمن المماليك و موقفهم منها ، يظهر لنا أن المماليك كانوا أناس مجاهدين ، أبطال حقيقيين ، لم يستكينوا لحظة واحدة للخمول أمام التحديات الكبرى التي واجهتهم ، و لما تسلل الضعف إليهم أواخر زمن المماليك البرجية ، شاءت إرادة الله كما وضعها في سننه أن ينتهي دورهم لتحمل الراية دولة إسلامية قوية أخرى و هي الدولة العثمانية.

- و قد ظهر المماليك في مرحلة تعتبر من أخطر المراحل التي مرت بها الأمة الإسلامية ، فقد كان الدفاع عن الإسلام نفسه هو ما يشغل الأمة قبل الدفاع عن ملك أو إمارة أو غيرها ، رغم إسترجاع بيت المقدس مازال الوجود الصليبي في بلاد الشام يشكل تهديدا دائما إضافة إلى كونه أحد نقاط إرتكاز الحملات الصليبية من أوروبا ، ظهر المماليك لما تزامن الوجود الصليبي على سواحل الشام مع الخطر الموغولي المدمر من شرق العالم الإسلامي و الذي تمكن من القضاء على الخلافة العباسية عام 1258م ، و هنا شعر المسلمون في جميع بقاع الأرض كأن صاعقة نزلت عليهم و جعلتهم شضايا متناثرة لا ممسك لها ، و ازداد الأمر سوءا بمشروع تحالف بين الصليبيين و الموغول للقضاء نهائيا على الإسلام و أهله ، و تحمس بابا الفاتيكان للأمر و دخل في المفاوضات "لويس التاسع" ملك فرنسا الصليبي المتعصب و الذي ذاق مرارة الهزيمة و الخيبة قرب مدينة المنصورة قبل ذلك و على أيدي المجاهدين المماليك زمن السلطان نجم الدين أيوب ... لويس التاسع كان دوما يذكر لأعوانه أن العودة إلى أورشليم تقتضي غزو مصر لأنها رأس حربة الجهاد ( و هو كلام صحيح 100/100) و هكذ توجهت أنظار الأمة الإسلامية إلى مصر بإعتبارها المرحلة القادمة لتقدم الموغول بعد غزو الشام ، و هنا شعر سلطان المماليك قطز بضخامة المسؤولية و ثقل المهمة في لحظة حاسمة من التاريخ بأسره ، لكن الله من بنصره على عباده المجاهدين في عين جالوت 1261م و تولى بعده السلطان الظاهر بيبرس المهمة الثقيلة و الذي فطن إلى أمر هام و هو إعادة إحياء الخلافة و استمر في مقارعة الموغول و الصليبيين مدمرا مملكة الأرمن نهائيا و التي ساندت الغزاة ، و كان بيبرس على أتم الإستعداد للتوجه إلى تونس لما علم بحملة لويس التاسع لغزوها (و قد كان بينهما سجال منذ معركة المنصورة) إلا أن المستنصر الحفصي حاكم تونس أخبر بيبرس بزوال خطر الحملة الصليبية لما قضى المرض على لويس التاسع و عدد كبير من أفراد جيشه ، و قد تمكن المماليك من القضاء تماما على التواجد الصليبي زمن السلطان الأشرف خليل بن قلاوون عام 1291م ، و لم يعد التهديد الموغولي يلقى أهمية كما كان في السابق خصوصا بعد أن حطمهم السلطان قلاوون في معركة حمص و يبلغوا بعدها مدى بعيد غير حملة "قازان" الذي يدعي الإسلام و يسمي نفسه "محمود" و ذلك بهجوم سريع على دمشق زمن الإمام ابن تيمية ، و مما يستحق الذكر أيضا أن جزيرة قبرص خضعت فترة لحكم المماليك البرجية زمن السلطان قايتباي و الذي استغاث به مسلمو الأندلس دون جدوى نظرا لإنشغاله بتحركات العثمانيين شمال بلاد الشام ، و للأسطول البحري أهمية في التمكين لقوة الدولة المملوكية في البحرين المتوسط و الأحمر ، و لذلك ضعفت المماليك لما ضعف أسطولهم البحري أمام الغزاة البرتغاليين و الذين كان هدفهم يشكل غزوا صليبيا و اقتصاديا مما مكنهم من تهديد سواحل جنوب الجزيرة العربية ، و كانت معركة "ديو" البحرية نهاية قوة الأسطول البحري للدولة المملوكية و كانت النهاية الحتمية بذخول السلطان سليم الأول العثماني القاهرة عام 1517م و إعدام آخر السلاطين المماليك طومان باي على باب زويلة.


ارفع لك القبعه اخى الامبراطور , :b070[1]: تقديرا لعلمك وشهادتك العظيمه
 
عودة
أعلى