شيكان ام المعارك السودانية (ابادة جيش عن اخره)

روجر

عضو
إنضم
24 يوليو 2009
المشاركات
237
التفاعل
26 0 0
معركة شيكان ليست مثل معركة كرري التي تمجد استبسال السودانيين والانصار في الدفاع عن استقلال بلادهم، ولكنها تمثل يوم النصر الكبير على جيش هكس باشا.
وتكاد تكون معجزة حربية ومعنوية في تاريخ السودان، لقد أورد المحقق زلفو أن اللورد مورس قال معلقاً عنها في مجلس العموم البريطاني:
«لعل التاريخ لم يشهد منذ أن لاقي جيش فرعون نحبه في البحر الاحمر، كارثة مثل تلك التي حلت بجيش هكس في صحاري كردفان. حيث افنى عن آخره. وقضي عليه قضاء مبرماً».
واقعة شيكان معركة خالدة في تاريخ السودان.. سيروي التاريخ في كل حقبة اعجازها. ويقول الفاتح النور: «معركة شيكان معركة خاضها كل ابناء السودان من كل القبائل فكانت وحدة وطنية سودانية مجسمة، فأستطاعت شأن كل وحدة وطنية - ان تهزم التفوق في العدد والعتاد. وان تفل بالسيوف المدافع.
بدأت شيكان بعد سقوط مدينة الأبيض في ايدي الإمام المهدي عليه سلام الله. وفي 8 سبتمبر 1883م وجهت الحكومة البريطانية «الحكم الثنائي» هكس باشا بتجهيز تجريدة للقضاء على المهدي. ووصل هكس الى اراضي كردفان في اكتوبر، وكان الامام المهدي قد ارسل ثلاثة من قواده بقواتهم لاستطلاع تحركات جيش هكس. وتمكن قواد الإمام المهدي من زرع الرعب في قلوب جنود وضباط جيش هكس. وحرموهم من مصادر المياه.
لقد اختار الامام المهدي مكان وزمان المعركة. وكان ذلك يوم الاثنين الخامس من نوفمبر 1883م في شيكان، والتي اشتق اسمها من الوادي الشائك، الملئ بأشجار الشوك. وكان الإمام القائد المجاهد العابد يقضي يومه في تدريب قواته ويقضي ليله متهجداً.
وفي مكان الواقعة شهد للإمام بأنه كان يصلي ركعة الوتر بالقرآن كله، اي من العشاء الى الفجر واقفاً. وهي الحادثة التي يقول فيها الشريف نور الدائم عن الإمام المهدي:
كم صام وكم قام
وكم ختم القرآن
في ركعة الوتر
ويورد الفاتح ما قاله ونجت باشا وهو عدو عن معركة شيكان:
«كان كل شئ معداً من جانب الأنصار. وكان المهدي في الانتظار، وجاء جيش هكس الذي كان من الممكن رؤية مقدمته من بعيد... وجمع المهدي قواده الأمراء. وبعد صلاة أداها - صلاة الجهاد- اصدر اليهم تعليماته النهائية، ثم امتطى فرسه واستل سيفه وهتف ثلاث مرات الله اكبر.. الله اكبر.. الله اكبر.. النصر لنا.. ثم بدأ الهجوم الذي اسفر عن إبادة كاملة لجيش هكس ماعدا مائتين أو ثلاثمائة كانوا يختفون تحت جثث الموتى».
وكان إثر هذا الانتصار، ان اصيب الحكم الأجنبي في السودان بصدمة افقدته رشده، فبادر بإجلاء قواته عن فشودة والكوة والدويم ثم من دارفور وبحر الغزال وأم درمان. وبعد مضي عام واحد على موقعة شيكان سقطت العاصمة الخرطوم في يدي الإمام محمد احمد المهدي، واصبح بذلك- ولأول مرة- السودان مستقلاً.
وكتب الأستاذ السلمابي عليه رحمة الله في «الرأي العام» عام 1965م عن شيكان فقال:
«كان واجب هذه الأمة جمعاء ان تحتفل بذكرى شيكان، بصرف النظر عن النعرات القبلية او الاختلافات الطائفية والحزبية، لان شيكان واخوات شيكان من معارك التحرير، هن واحات مخضرة في صحراء تاريخنا، وهن عصى فخار نرفعها في وجه الزمن».
ثم يستطرد: «اذكر مرة كنا فيها استاذنا الدكتور عبد الحليم محمد وانا، في جلسة خاصة مع الزعيم الحق الراحل السيد عبد الرحمن المهدي، قبل انتقاله الى رضوان الله بشهور قليلة.. كنا نتحدث عن تاريخ السودان وضرورة العمل على تدوينه، وفق الأسس العلمية الصحيحة المعمول والمعترف بها عالمياً، خدمة للشعب والبلاد». فقال سيادته: «انني ارجوكم بل الح عليكم في تكوين هيئة لهذا الغرض النبيل، وانني على استعداد لأتبرع لها مبدئياً بعشرين الف جنيه للإعداد والتنقيب». ثم اضاف: «انني لا اقصد بذلك- علم الله- ان يمجد هذا التاريخ المهدية او بيت الإمام المهدي، ولكننا سنقبل بأرحب صدر ما لنا وما علينا فيه.. سنقبل الثناء بنفس الروح التي نتقبل بها النقد للاخطاء .. وهدفنا فقط رصد احداث السودان لمنفعة الأجيال القادمة من السودانيين. ولهذا ادعو الحكومة ان تعهد الى مجموعة كريمة من أساتذة الجامعة، وعلى رأسها أستاذنا الكبير الدكتور مكي شبيكة، ان تبدأ في وضع موسوعة لتأريخ السودان على منهج علمي صحيح مستعينة بكل ما يمكن الاستعانة به من وسائل. وان لم تفعل الحكومة وتقاعست. فعلى الجامعة وحدها ان تنهض بهذه المهمة. ولن تعدم نصراء - بالخبرة والمال- يهمهم انجاز هذا الأمر لخدمة الشعب والبلاد».
 
عودة
أعلى