مشاهدة المرفق 606882
نرد هنا بالحجة والبرهان على ادعاءات وزارة تزييف التاريخ والتلوين الصبياني للخرائط التابعة للباحثين عن الأمجاد في الأوهام وتزوير الحقائق التاريخية
فالخريطة المُرفقة أعلاه مثلا، يتم تداولها على نطاق واسع للتدليل على أحقية المراكشية التاريخية في الصحاري الشرقية والجنوبية، وهي من المرحلة السعدية. لكن هذه الخريطة تمثل مرحلة مؤلمة جدا من تاريخ إفريقيا المسلمة وتزويرا فاضحا للحقائق. إليكم بعض أحداثها
كانت أخبار وفرة الذهب بما كان يسمى السودان الغربي تثير لعاب سلاطين مراكش وتلهب أطماعهم، فجهزوا لها حملات النهب التي بدأت منذ 1581م في عهد السلطان الذهبي (لُقِّب هكذا لشغفه بالذهب) بالإستطلاعات ثم أرسل حملة عسكرية سنة 1589م كانت لغتها الإسبانية لأن معظم جندها كان من المسيحيين. إنتهت تلك الحملات بزوال دولة السونغاي المسلمة وحضارة غاو وتمبوكتو بعد أن أقدم القائد الإسباني المدعو "ابن زرقون" على قطع رؤوس العلماء والسادة بأمر من سلطان مراكش، واغتُصبت النساء، وقُتلت الأعيان
ونسوق شهادة من مؤرخ المخزن نفسه أحمد بن خالد الناصري إذ يقول : "وَلما كَانَ آخر النَّهَار هبت ريح النَّصْر وَانْهَزَمَ السودَان فَوَلوا الأدبار وَحقّ عَلَيْهِم الْبَوَار وحكمت فِي رقابهم سيوف جؤذر وجنده
حَتَّى كَانَ السودَان ينادون نَحن مُسلمُونَ نَحن إخْوَانكُمْ فِي الدّين وَالسُّيُوف عاملة فيهم وجند جؤذر يقتلُون ويسلبون فِي كل وَجه
والقائدان المذكوران جؤذر هذا وابن زرقون الذَيْن قادا حملة المراكشية على بلاد السودان الغربي هما مسيحيان نشئا في أسر إسبانية كاثوليكية من غرناطة.
لم يدم الحضور المراكشي في السودان طويلا، إذ توقفت بعثات اللهف وراء الذهب سنة 1618م، لكن المنطقة دخلت بسببها بعد ذلك في ما عُرِف بقرون "الفراغ الكبير" وهي ثلاثة امتدت حتى قدوم الإحتلال الفرنسي، انهار خلالها القانون والنظام في بلاد السودان (مالي) والذي كان قد ظل قائما باستمرار منذ تأسيس دولة غانة، وعانت الساكنة من ظهور عصابات المرتزقة والتي أخذت في نهب القرى والأملاك
(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ)
(النمل 34)