الرئيس الإريتري يدعو السعودية لاستعادة دورها القيادي في القرن الأفريقي والبحر الأحمر
الرياض – التيار | عبد النبي شاهين
أجرَت صحيفة التيار حواراً مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، أحد أبرز صُنّاع التوازنات في منطقة القرن الأفريقي، تناول خلاله التحولات الجيوسياسية المتسارعة في الإقليم، وتداعيات الحرب في السودان، والدور المنتظر للمملكة العربية السعودية في إعادة ضبط معادلات الأمن على البحر الأحمر.
وقال أفورقي إن خبرته الممتدة لأكثر من نصف قرن، بين مرحلة الثورة وبناء الدولة، جعلته يدرك حساسية الموقع الذي تحتله إريتريا اليوم على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وما يفرضه ذلك من مسؤوليات إقليمية متبادلة.
وجاء الحوار صبيحة لقاء جمع الرئيس أفورقي بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في إطار مساعٍ سعودية لتعزيز الحضور الإقليمي للمملكة في أفريقيا، وتأمين مصالحها الاستراتيجية في واحد من أكثر ممرات الشحن البحري ازدحاماً في العالم.
الرئيس افورقي متحدث للكاتب
وخلال حديثه لـ«التيار»، الذي استمر لأكثر من ساعتين بحضور السفير السعودي لدى أسمرة مشعل الروقي، شدد أفورقي على ضرورة أن تعيد السعودية تموضعها الإقليمي بما يتناسب مع ثقلها السياسي والاقتصادي العالمي، محذراً من تمدد قوى إقليمية أصغر حجماً لكنها أكثر نشاطاً في القرن الأفريقي وعلى امتداد البحر الأحمر.
وأكد الرئيس الإريتري أنه خصّص جانباً كبيراً من محادثاته مع ولي العهد السعودي لشرح خطورة التدخلات الخارجية في السودان، واستمرار تدفق السلاح والمرتزقة، والدور الذي تقوم به بعض الدول في تأجيج الحرب، وما يترتب على ذلك من اختلالات أمنية تهدد الإقليم بأكمله.
وقال أفورقي إن استعادة السعودية لدورها الطبيعي في منطقتي القرن الأفريقي والبحر الأحمر من شأنه إحداث التوازن المطلوب، مضيفاً أن المملكة قادرة، إذا ما أخذت مكانها المستحق، على تولي ملف القرن الأفريقي وجمع دوله كافة في قمة موسعة تناقش أزمات المنطقة بعيداً عن الإملاءات الخارجية.
وفي ما يتعلق بالحرب في السودان، شدد أفورقي على أن حل الأزمة لن يتحقق بالمبادرات الشكلية، بل عبر وقف حقيقي لتغذية الصراع، متسائلاً عن جدوى الدعوات لوقف الحرب في وقت تستمر فيه إمدادات السلاح النوعي والمرتزقة إلى مليشيا الدعم السريع عبر ممرات برية وبحرية وجوية من دول مجاورة.
وأضاف أن الدعم السريع يتلقى أحدث أنواع الأسلحة، إلى جانب تجنيد مرتزقة من دول عدة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الجرائم بحق المدنيين من قتل ونهب واغتصاب وتدمير ممنهج للبنية الاجتماعية والاقتصادية في السودان.
وتساءل أفورقي عن دوافع بعض الأطراف الإقليمية في إثارة ملفات شائكة خلال المرحلة الانتقالية في السودان، من بينها طرح قضايا تطبيع، أو دعم أطراف مسلحة في الإقليم بأسلحة تُنقل لاحقاً إلى داخل السودان لإطالة أمد الحرب.
كما أشار إلى أدوار إقليمية أخرى قال إنها تسهم في تعقيد المشهد، سواء في ليبيا عبر نقل السلاح، أو في اليمن من خلال دعم مشاريع تقسيمية تهدد وحدة الدولة وتفتح المجال أمام نفوذ خارجي متزايد.
وختم الرئيس الإريتري حديثه بالتأكيد على أن أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي مسؤولية دولية أولاً، وأن أي استقرار دائم لن يتحقق ما لم تتوقف التدخلات الخارجية وتُدار شؤون الإقليم بإرادة أبنائه.