الحرب التجارية الأمريكية الصينية ما الذي تغير الأن عن عام 2018

محمد سعيد

عضو جديد
إنضم
9 نوفمبر 2025
المشاركات
18
التفاعل
45 10 0
الدولة
Sudan
تحوّل ميزان القوة الاقتصادية والتكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة (2018–2025)

من حرب التعريفات إلى صراع الابتكار


---

الفصل الأول — المقدّمة: من مواجهة اقتصادية إلى سباق هيمنة

في عام 2018، بدأت أولى شرارات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة عندما فرض الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب تعريفات جمركية واسعة على السلع الصينية، بحجة حماية الصناعات الأمريكية وتقليص العجز التجاري. ردّت الصين بتعريفات مضادة، لكنّها كانت وقتها أقل استعدادًا للصدام الطويل، إذ كانت تعتمد بشدة على السوق الأمريكية في صادراتها، وعلى التقنيات الغربية في القطاعات الحساسة مثل الإلكترونيات وأشباه الموصلات.

أما في عام 2025، فقد تغيّر المشهد جذريًا. أصبحت الصين أكثر صلابة واستقلالية من الناحية الصناعية والتكنولوجية، بل واستطاعت فرض تعريفات جمركية مضادة وصلت في بعض القطاعات إلى أكثر من 125%، ما أثّر بوضوح على الصادرات الأمريكية. لم تعد الصين الطرف الأضعف، بل تحوّلت إلى منافس حقيقي في سلاسل الإمداد والابتكار العالمي.


---

الفصل الثاني — جذور الحرب التجارية وأسباب ضعف الصين في البداية

تعود جذور الحرب التجارية إلى شعور واشنطن بتزايد النفوذ الاقتصادي الصيني، وتخوّفها من فقدان التفوق في التكنولوجيا المتقدمة.
لكن في 2018 كانت لدى الصين عدة نقاط ضعف:

1. اعتماد كبير على السوق الأمريكية (نحو 18% من صادراتها).


2. تبعية تكنولوجية عالية لشركات أجنبية تزودها بمكوّنات حساسة.


3. ضعف في تصنيع الرقائق الدقيقة (semiconductors)، وهو قلب الصناعات الحديثة.


4. انكشاف شركات كبرى مثل Huawei أمام العقوبات الغربية.



تلك العوامل جعلت الضربات الأمريكية موجعة في البداية، خصوصًا حين أُدرجت Huawei وعدة شركات صينية في "القائمة السوداء"، ما أدى إلى شلل مؤقت في بعض القطاعات.


---

الفصل الثالث — الاستجابة الصينية: من الانكماش إلى استراتيجية “الدورتين”

ردّت الصين بإستراتيجية شاملة سُمّيت "استراتيجية الدورتين" (Dual Circulation)، أطلقتها الحكومة رسميًا في الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021–2025).
وتعني “الدورتان” أن الاقتصاد الصيني يجب أن يعتمد على دورتين متكاملتين:

الدورة الداخلية: تنشيط الطلب المحلي وتعزيز الابتكار الداخلي.

الدورة الخارجية: استمرار الانفتاح التجاري، ولكن عبر أسواق أكثر تنوعًا وأقل اعتمادًا على الولايات المتحدة.


كما أنشأت بكين صناديق ضخمة لدعم الصناعات الحساسة مثل الإلكترونيات الدقيقة والطاقة المتجددة، وأطلقت برامج تحفيزية للشركات الوطنية الكبرى كي تعتمد على موارد وخبرات محلية.


---

الفصل الرابع — الثورة التقنية: صعود صناعة أشباه الموصلات

يُعتبر قطاع أشباه الموصلات المثال الأوضح على التحول الصيني.
ففي 2018، كانت الصين تستورد أكثر من 80% من احتياجاتها من الرقائق الدقيقة.
لكن بحلول 2025:

ارتفعت القدرة الإنتاجية المحلية بنسبة تفوق 60%.

أنشأت الصين مصانع جديدة (“fabs”) بتمويل حكومي ضخم لتقليل الفجوة مع تايوان وكوريا.

طوّرت الشركات الصينية مثل SMIC وHuawei HiSilicon رقائق متقدمة وصلت إلى عُقد 7 نانومتر، رغم الحظر الأمريكي على معدات التصنيع المتطورة.

ضاعفت الحكومة استثماراتها في "صندوق أشباه الموصلات الوطني" لتتجاوز 70 مليار دولار.


ورغم استمرار الفجوة مع الغرب في الرقائق الأحدث (5 نانومتر وأقل)، فإن الصين أصبحت تملك ق
اعدة صناعية محلية قادرة على تلبية معظم احتياجاتها المدنية والعسكرية.
 
الفصل الخامس — شركة Huawei: من الأزمة إلى النمو مجددًا

تُعد شركة Huawei رمزًا واضحًا لتحول الصين.
ففي 2019، واجهت الشركة أخطر أزمة في تاريخها بعد إدراجها على القائمة الأمريكية السوداء ومنعها من استخدام نظام Android وخدمات Google.
لكن بدل الانهيار، اتخذت Huawei مسارًا تصاعديًا جديدًا:

أنشأت نظام تشغيل محلي HarmonyOS بديلاً عن Android.

أسست خطوط إنتاج رقائق خاصة بها بالتعاون مع شركات صينية.

ركزت على مجالات جديدة مثل الحوسبة السحابية والسيارات الذكية.

توسعت في الأسواق غير الأمريكية: أفريقيا، الشرق الأوسط، أميركا اللاتينية، وأوروبا الشرقية.


بحلول 2024، استعادت Huawei جزءًا كبيرًا من أرباحها السابقة وحققت تقدّمًا في رقائق الذكاء الاصطناعي، مما جعلها نموذجًا للقدرة الصينية على الصمود والابتكار في ظل العقوبات.


---

الفصل السادس — تنويع الصادرات وسلاسل التوريد

من أبرز إنجازات الصين بين 2018 و2025 هو إعادة رسم خريطة التجارة الخاصة بها.
فقد تراجع اعتمادها على السوق الأمريكية من نحو 18% إلى أقل من 9%، مقابل ارتفاع صادراتها إلى:

دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) بنسبة +35%.

الشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة +42%.

أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية بنسبة +28%.


كما أطلقت الصين شبكة اتفاقيات جديدة في إطار مبادرة الحزام والطريق، وأنشأت مناطق إنتاج مشتركة في مصر، باكستان، وإندونيسيا لتجاوز العوائق الجمركية.

بهذه الخطوات، لم تعد الولايات المتحدة تملك ورقة الضغط التجاري نفسها كما في 2018، لأن السوق الصينية أصبحت متشعبة ومتنوعة عالميًا.


---

الفصل السابع — التقدّم في التكنولوجيا الفائقة والذكاء الاصطناعي

بالتوازي مع تحصين الاقتصاد، ركّزت الصين على الابتكار العلمي كمصدر للنفوذ العالمي.
شهدت الفترة 2020–2025 ما يلي:

1. الذكاء الاصطناعي:

تضاعف عدد الشركات العاملة في هذا القطاع ثلاث مرات.

حققت الصين إنجازات كبيرة في نماذج اللغة الضخمة والمراقبة الذكية والتصنيع الآلي.

أصبحت تمتلك أكبر بنية تحتية للحوسبة الفائقة (supercomputing clusters) في العالم.



2. الفيزياء الكمّية:

أطلقت الصين حواسيب كمّية تجريبية (مثل Jiuzhang وZuchongzhi).

أسست مراكز أبحاث كمّية في هيفي وشنغهاي بالتعاون مع الجامعات الوطنية.



3. الفضاء والحوسبة المدارية:

بدأت الصين إطلاق أقمار صناعية مخصّصة للحوسبة بالذكاء الاصطناعي لتوفير قدرات معالجة مستقلة عن مراكز البيانات الأرضية.

تطمح إلى بناء "شبكة حوسبة فضائية" بحلول 2030.





---

الفصل الثامن — التوازن الجديد: من حرب تعريفات إلى حرب تكنولوجية

في عام 2018، كانت الحرب التجارية بين الصين وأمريكا تقوم على فرض رسوم جمركية متبادلة.
أما بحلول 2025، فقد تحولت إلى حرب تكنولوجية شاملة تشمل:

السيطرة على سلاسل التوريد في أشباه الموصلات.

سباق الذكاء الاصطناعي والتقنيات الكمية.

تحكّم في الأسواق الناشئة والموارد النادرة (كالليثيوم والمعادن الأرضية النادرة).

تزايد النزعة نحو “الفصل الاقتصادي” (decoupling).


ورغم بقاء بعض الضعف في الصين في التكنولوجيا الفائقة الدقيقة، فإنها أصبحت أكثر استقلالية من أي وقت مضى، بينما تواجه الولايات المتحدة صعوبة في كبح تقدمها دون الإضرار بشركاتها الخاصة.


---

الخاتمة — الصين الجديدة: من الدفاع إلى المبادرة

يمكن القول إن الصين بين 2018 و2025 خاضت تحولاً تاريخيًا من موقع الدفاع الاقتصادي إلى موقع المبادرة العالمية.
استطاعت بكين أن:

تحصّن اقتصادها ضد العقوبات.

تؤسس صناعة وطنية متكاملة في المجالات الحساسة.

تبني أسواقًا بديلة تقلل من الضغط الأمريكي.

وتقدّم نفسها كمركز تكنولوجي منافس للولايات المتحدة.


ورغم أن السباق لم يُحسم بعد، فإن كلفة كبح الصين أصبحت أعلى بك
ثير مما كانت عليه قبل سبع سنوات.
بعبارة أخرى: الصين لم تعد تخشى العقوبات، بل أصبحت تُبنى لتتفاداها مسبقًا.
 
المراجع

1. Council on Foreign Relations (CFR) – The Contentious US-China Trade Relationship, 2025.


2. Oxford Economics Report – Why China’s Exports Held Up Under Higher US Tariffs, 2024.


3. China Briefing – US-China Tariff Rates 2025 Update, 2025.


4. The Guardian – China vows it will fight to the end with US in trade war, March 2025.


5. Le Monde (English Edition) – US-China trade truce shows Beijing has upper hand, Nov 2025.


6. Reuters & Bloomberg – Data on Huawei revenue recovery (2023–2025).


7. Semiconductor Manufacturing International Corp (SMIC) Reports, 2023–2025.


8. National Bureau of Statistics of China – Export Diversification Reports, 2024.


9. PRC Ministry of Industry and IT – China AI Development Report, 2025.


10. AP News – The United States and China loc
ked in tariff faceoff, 2025.
 
التطور التكنولوجي الكبير الذي حققته الصين في الفترة بين عامي 2018 و 2025 شيء خيالي جداً لأن الصين في هذه الفترة القليلة دخلت مجالات و صناعات لم يكن أحد يتوقع أن تخرج عن فلك الغرب مثل الحواسيب الكمومية و رقائق أشباه الموصلات التي تزيد عن دقة 7 نانومتر لكنه مفهوم لأن الصين لم تبني نهضتها على تعدادها السكاني فقط و لا على مساحتها الكبيرة و لا على مواردها الطبيعية بل بنتها على شعب متعلم و بنية تحتية متطورة و على طبقة متوسطة قوية مما يجعل الصين بيئة خصبة للأبتكار ونمو و التنمية
 
عودة
أعلى