السياسة التي تقوم على خفض قيمة الدينار الجزائري بشكل متعمد أو إبقائه دون قيمته الحقيقية أمام العملات الأجنبية قد تبدو سلبية في الظاهر لكنها في الواقع تخدم مجموعة من الأهداف الاقتصادية المهمة
من أبرز هذه الأسباب الاقتصادية أن ضعف الدينار يجعل السلع الجزائرية الموجهة للتصدير أرخص في الأسواق الخارجية وهو ما يعزز تنافسية المنتجات الجزائرية ويشجع على زيادة الصادرات خارج قطاع المحروقات كما أن ضعف العملة يرفع تكلفة الواردات فيدفع المستهلكين والمستوردين إلى الاعتماد أكثر على الإنتاج المحلي مما يساعد على تنشيط الصناعة الوطنية وتقليل التبعية الاقتصادية للخارج
إضافة لذلك فإن الدولة تستفيد من تحويل عائداتها من صادرات الغاز والنفط إلى الدينار لأن كل دولار من الإيرادات الخارجية يصبح ذا قيمة أكبر بالعملة المحلية وهذا يرفع إيرادات الميزانية ويساعد الحكومة على تغطية نفقاتها ودعمها الاجتماعي دون اللجوء المفرط إلى الاقتراض
كما هذه السياسة تساهم في التحكم في العجز المالي لأنها تزيد الإيرادات الاسمية وتخفف الضغط على الخزينة العامة في فترات انخفاض أسعار النفط أو ارتفاع النفقات
ومن جهة أخرى فإن الدينار الضعيف يشجع الاستثمار الأجنبي لأن كلفة الإنتاج واليد العاملة والخدمات تصبح أقل بالنسبة للمستثمرين القادمين من الخارج وهو ما يجعل الجزائر وجهة أكثر جذبا لرؤوس الأموال
كذلك يساعد هذا النهج على الحد من الاستيراد والاستهلاك المفرط مما يمكن البنك المركزي الجزائري من ضبط الكتلة النقدية والتقليل من التضخم كما يتيح الحفاظ على احتياطات البلاد من العملة الصعبة لفترة أطول لأن الدولة لا تضطر إلى إنفاق الكثير منها للدفاع عن سعر صرف مرتفع
العديد من الدول سواء النامية أو حتى المتقدمة اعتمدت أو ما تزال تعتمد سياسة خفض قيمة العملة الوطنية بشكل متعمد أو إبقائها دون قيمتها الحقيقية لتحقيق أهداف اقتصادية معينة تشبه ما تقوم به الجزائر
تعتبر الصين من أشهر الدول التي اتبعت هذه السياسة لسنوات طويلة إذ حافظت على قيمة منخفضة لليوان الصيني من أجل جعل صادراتها الصناعية أرخص في الأسواق العالمية هذا ساعدها على بناء قوة تصديرية ضخمة وتحقيق نمو اقتصادي سريع حتى اتهمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنها تتلاعب بعملتها
الهند أيظا تبقي على الروبية في مستوى منخفض وهي أقل من قيمه عمله الدينار الجزائري لتشجيع صادراتها الضخمة من البرمجيات والمنسوجات والمنتجات الزراعية، ولجعل الاستثمار الأجنبي أكثر جاذبية لانخفاض التكاليف