تحليل من جريدة هآرتس: في بحثها عن جبهات قتال جديدة، وجدت إسرائيل مصر

مصطفى حافظ

عضو جديد
إنضم
30 أغسطس 2025
المشاركات
155
التفاعل
183 1 0
الدولة
Egypt
إخواننا المصريين، أناشدكم بحكم مكانتكم الدبلوماسية والاجتماعية في الوطن العربي والعالم، ولأننا نعلم أنكم تتألمون لمعاناة إخوانكم في غزة. يا أهل مصر وقادتها، هل ستتركون إخوانكم يموتون جوعاً وهم على حدودكم؟

كانت هذه الكلمات القاسية قد صدرت في يوليو/تموز الماضي على لسان خليل الحية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وتم تفسيرها في مصر على أنها اتهام مباشر موجه بشكل رئيسي إلى الحكومة المصرية لعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع إهانة الجوع التي يعاني منها سكان غزة.

كان رد فعل مصر فوريًا وحادًا. اتهم المتحدثون الرسميون المصريون الحية وحماس عمومًا بالنفاق ونكران الجميل لكل المساعدات التي قدمتها مصر للفلسطينيين، بل وحددوا أن هدف هذا البيان هو إثارة الفتنة في مصر التي قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة.

وقال معلقون مصريون كبار إن هذه التصريحات نابعة من الضغوط التي تعرضت لها حماس بعد الضربة القاسية التي تلقتها من إسرائيل، وإن المنظمة تحاول استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة في مصر من أجل تحريض شعبها على الاحتجاج والثورة ضد النظام.


بعد أسبوعين، وفي أعقاب محادثات تصالحية مكثفة، استُدعي وفد حماس برئاسة الحية إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات حول خطة لإطلاق سراح الرهائن، لكن مشاعر العداء لم تهدأ. يبدو أن كلمات الحية لاقت استحسان بنيامين نتنياهو، الذي صرّح في مقابلة مع قناة "أبو علي إكسبريس" الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي الخميس الماضي بأنه مستعد للنظر في فتح معبر رفح الحدودي على الجانب الغزي، الذي تسيطر عليه إسرائيل الآن، لتمكين سكان غزة من الخروج إلى مصر. وإذا كانت إسرائيل تفتقر إلى ساحات قتال، فقد اختار نتنياهو، من بين جميع الخيارات، ساحة جديدة، مع دولة وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل قبل 47 عامًا في هذا الشهر.


لم تكن مصر، التي كانت منذ بداية الحرب في حالة تأهب قصوى على طول حدودها مع غزة، بحاجة إلى مزيد من الأدلة على أن إسرائيل لم تتخل عن حلم اقتلاع سكان غزة وإرسالهم إلى سيناء، وأن الفكرة المجنونة التي زرعها الرئيس ترامب (والتي تراجع عنها منذ ذلك الحين) لا تزال تنبض بقوة في قلوب الإسرائيليين.

أوضحت وزارة الخارجية المصرية فورًا أن هذه الخطوة الإسرائيلية "خط أحمر وانتهاك صارخ للقانون الدولي، يصل إلى حد التطهير العرقي". وأكدت أن مصر "لن تكون أبدًا شريكًا في هذه السرقة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، ولن تصبح أبدًا ممرًا للهجرة".

نتنياهو، الذي لم يتمكن من كبح جماح نفسه، أضاف القليل من الزيت المغلي إلى النار عندما صاغ اتهاماً ملتوياً موجهاً إلى وزارة الخارجية المصرية (دون ذكر اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي)، مفاده أن الوزارة تفضل سجن الناس الذين يرغبون في مغادرة منطقة الحرب، ضد إرادتهم، في غزة.

وكأن ذلك لم يكن كافيا، فقد نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" الأسبوع الماضي قصة نقلا عن "مصادر دبلوماسية"، مفادها أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الطاقة إيلي كوهين سوف يدرسان صفقة غاز ضخمة أبرمت الشهر الماضي بين مالكي حقل ليفياثان للغاز ومصر دون موافقة إسرائيل، على خلفية الانتهاكات المصرية المزعومة لاتفاقية السلام مع إسرائيل".

وُقِّعت الاتفاقية بين الشركاء المالكين لحقل ليفياثان، شركتي ريشيو أويل إكسبلوريشن ونيوميد إنرجي (التابعتين لمجموعة ديليك)، وشركة بلو أوشن إنرجي، التي تشتري الغاز لمصر. وتنص الاتفاقية على أن تشتري مصر 130 مليار متر مكعب من الغاز من إسرائيل، بقيمة 35 مليار دولار، بحلول عام 2040. ولإتمام هذه الاتفاقية، يتعين على الشركتين الإسرائيليتين ومصر بناء خط أنابيب إضافي بتكلفة مشتركة قدرها 400 مليون دولار، ومن المقرر الانتهاء من بنائه في عام 2028.

من المشكوك فيه أن نتنياهو سيُعيق التصديق على أكبر صفقة غاز وقعتها إسرائيل على الإطلاق، والتي يُتوقع أن تُدرّ أرباحًا طائلة، والأهم من ذلك، أن تُوفّر دعائم اقتصادية متينة للعلاقات الدبلوماسية الفاترة بين البلدين. من الصعب فهم دوافعه للتلويح بهذه الصفقة المهمة، تحديدًا، لتهديد مصر.


في فبراير الماضي، أفادت تقارير بأن الجيش المصري كان يُجري تدريبات ومناورات، شوهدت خلالها عشرات الدبابات والجنود تدخل وتخرج من الأنفاق. وأكد جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يراقب تحركات الجيش المصري عن كثب، عدم وجود أي تغيير في انتشار القوات المصرية. والآن، في الوقت الذي تُصنّف فيه إسرائيل مصر كتهديد محتمل، قررت القاهرة توقيع اتفاقية متعددة السنوات مع إسرائيل بقيمة مالية طائلة.

في الواقع، الاتفاقيات الاقتصادية أو الدبلوماسية ليست ثابتة، كما أثبتت إسرائيل نفسها. لكن صفقة الغاز هذه ترتكز على قرار استراتيجي اتخذته مصر بتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، رغم الدمار الذي تُلحقه إسرائيل بغزة، ورغم الانتقادات العلنية في مصر، وعلى خلفية أن صفقة بيع الغاز لإسرائيل، التي وقّعها الرئيس المصري مبارك، كانت أحد أسباب تأجيج احتجاجات الربيع العربي التي أدت إلى إطاحته عام ٢٠١١.

وتحاول مصر جاهدة تهدئة الانتقادات العامة لاتفاقية الغاز، ووصفتها بأنها "توسعة للاتفاقية الموقعة في عام 2019، وليست خطوة استراتيجية جديدة".

تؤكد مصر أنه في حال نشوب صراع دبلوماسي مع إسرائيل، فسيكون لديها بدائل أخرى. في الواقع، وقّعت بالفعل اتفاقيات للتنقيب عن الغاز وإنتاجه مع قطر ودول أخرى. علاوة على ذلك، وقّعت اتفاقية هي الأولى من نوعها مع تركيا، حيث ستقوم تركيا برسو سفن لتخزين الغاز السائل بالقرب من الساحل المصري.

تتمتع هذه السفن بإمكانيات تحويل الغاز المسال إلى غاز يمكن استخدامه في مصر خلال فترات الاستهلاك المرتفع. إلا أن هذه الحلول أغلى بكثير من شراء الغاز من إسرائيل مباشرةً من حقول الغاز.


ويأتي الاتفاق الجديد نتيجة الحاجة الملحة الناجمة عن تناقص مصادر الغاز في مصر، مع انخفاض الكميات المنتجة من حقول الغاز بنسبة 40%، فضلاً عن النقص المزمن في إمدادات الطاقة، الناجم جزئياً عن نمو عدد سكان مصر، الذي يصل الآن إلى 110 ملايين نسمة.

مصر، التي تمكنت في عام 2019 من توفير احتياجاتها من الغاز وتصدير بعضه إلى دول أخرى، أصبحت مستورداً، الأمر الذي اضطرها لمدة ثلاث سنوات متتالية إلى تنفيذ برنامج صارم لترشيد الطاقة.

في أبريل/نيسان الماضي، جددت الحكومة اللوائح التي تُلزم بتقليص ساعات استخدام التكييف والإضاءة في المكاتب الحكومية. وجرى تقليص إنارة الشوارع تدريجيًا، وأُلزمت مصانع الإنتاج بخفض استهلاكها للطاقة بنسبة 10%.


وفي يونيو/حزيران، شددت الحكومة تعليماتها إلى المحافظين، وألزمتهم بمراقبة تنفيذ الأوامر التي تتضمن إطفاء الأنوار في المتاجر ومحلات السوبر ماركت في وقت مبكر.

في الوقت نفسه، تواصل مصر، التي تمتلك منشأتين لتسييل الغاز، تصدير الغاز إلى أوروبا وتركيا، حتى على حساب كميات الغاز التي تحتاجها للاستخدام الداخلي. في عام ٢٠٢٢، وهو عام ذروة تصدير الغاز، شهدت خزينة مصر تدفق 8.5 مليار دولار. كما تخدم منشآت التسييل إسرائيل بشكل غير مباشر، حيث يصل الغاز الذي تبيعه إسرائيل، والذي ستبيعه لمصر، في نهاية المطاف إلى وجهات أوروبية.

من الخطأ تصوير مصر كدولة تابعة لإسرائيل، ومنح صفقة الغاز قوة دبلوماسية وسلاحًا استراتيجيًا قد يُجبر القاهرة على تبني طموحات إسرائيل في نقل سكان غزة إلى أراضيها. ترى مصر في خطة "الهجرة الطوعية" تهديدًا لأمنها القومي، كما تعتبر تلميح نتنياهو بفتح معبر رفح الحدودي بمثابة إعلان حرب.

ويبدو أن نتنياهو، الذي أوضح أنه لا ينظر إلى قطر كدولة معادية، قرر فتح جبهة جديدة، من خلال اختيار كل الدول التي أثبتت على مدى سنوات التزامها بمعاهدة السلام، مما مهد الطريق لاتفاقية سلام مع الأردن، ثم إلى اتفاقيات إبراهيم.
 
التعديل الأخير:
إسرائيل تتعامل كالكلب المسعور
منطق الأمور بأنها أصبحت عبئ علي الإقليم باكملة
الكلب المسعور وجب التخلص منة
 
إسرائيل تتعامل كالكلب المسعور
منطق الأمور بأنها أصبحت عبئ علي الإقليم باكملة
الكلب المسعور وجب التخلص منة

لا يمكن لحكومة إسرائيلية عاقلة اختلاق مشاكل مع مصر وتهديد معاهدة السلام اللي أفادت إسرائيل كتير جدًا. المشكلة إننا مش بنتعامل مع حكومة إسرائيلية عاقلة. ولا حتى الشعب الإسرائيلي حاليًا متعقل زي زمان. بالإضافة لإن إسرائيل شايفة في اللي بيحصل فرصة ربما مش هتتكرر تاني لتحقيق كل أهدافها ولإدراكها إن جيرانها مستقبليًا هيكونوا أكثر أستعدادًا من دلوقت.
 
الصحيفة الإسرائيلية هآرتس نشرت اليوم افتتاحية بعنوان نتنياهو يقوض السلام مع مصر


رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا حدود لسطحيته وسخريته. فقد تجرأ نتنياهو على مهاجمة مصر باسم الدفاع عن "الإرادة الحرة" لسكان غزة. وفي الوقت نفسه يروّج نتنياهو لفكرة نقل مليوني إنسان، بينما يعظ الآخرين حول حقوق الإنسان أولئك الذين لا يرغبون في استقبال اللاجئين الذين هو نفسه كان سببًا في خلقهم.

يوم الخميس، أُجري مع نتنياهو حوار على قناة "أبو علي إكسبرس" على تليغرام، فحطم الرقم القياسي في التظاهر بالبراءة، وفي الوقت ذاته حرّض على الحرب مع مصر، أول وأهم دولة عربية وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل.

وبحسب نتنياهو، فهو يفكر في فتح معبر رفح الحدودي مع مصر من الجانب الغزّي، للسماح للفلسطينيين في غزة بالرحيل إلى مصر.

وقال: "نصف سكان قطاع غزة يريدون الرحيل. نحن لا نأتي لطردهم، بل لنسجنهم بالقوة داخل القطاع؟ أين هم فرسان حقوق الإنسان؟ عندما يتعلق الأمر بما يخدم إسرائيل، لا وجود لحقوق الإنسان، حتى لو كان الأمر يخص الحق الأساسي لكل فلسطيني في أن يغادر."

هكذا حوّل نتنياهو، بسخرية، عملية طرد السكان – التي تدفع بها إسرائيل رغم أنها تُعتبر بوضوح جريمة حرب – إلى تحقيق ما وصفه بـ"حق إنساني أساسي".


أما مصر، التي تخشى على استقرارها الداخلي وعلى أمنها القومي من موجة هجرة جماعية مفاجئة للفلسطينيين من غزة، وترفض كذلك أن تكون شريكًا سلبيًا في جريمة التهجير السكاني التي ترتكبها إسرائيل، فقد أوضحت أن ذلك يمثل "خطًا أحمر". وفي المقابل، اتهم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مصر بأنها "تفضل سجن سكان غزة الذين يريدون المغادرة".


واصل نتنياهو تعقيد الأمور حين تحدث عن "الاختيار الحر لكل إنسان في تحديد مكان إقامته"، بل وألمح إلى أنه قد يؤجل صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، وهي الصفقة التي يُتوقع أن تدر على إسرائيل عشرات المليارات من الدولارات وتعزز استقرار العلاقات بين البلدين – لكن ما الذي يهم نتنياهو بشأن المستقبل؟

الشخص الذي يروّج لتهجير السكان قد فقد حقه في الوعظ لشركائه بشأن عدم رغبتهم في دفع ثمن جرائمه. فطرد مليوني إنسان ليس خطة، بل هو جريمة حرب. وحقيقة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وقع في غرام وهم التهجير السكاني، ويحلم ببناء "ريفييرا أميركية" في قطاع غزة وتوظيف جيش الاحتلال الإسرائيلي كشركة أمنية، لا تمنح هذا الوهم أي شرعية أخلاقية أو قانونية.


لا تستطيع إسرائيل أن تتحمل تدمير السلام مع مصر. وبدلًا من فتح جبهة جديدة مع الدولة التي يُعد السلام معها أصلًا استراتيجيًا، والتي مهدت أيضًا الطريق للاتفاقيات التي تلت، يجب على نتنياهو أن ينهي الجبهات القائمة حاليًا.


وبدلًا من اختراع "حلول" إجرامية، يجب على إسرائيل أن تلتزم بالقانون الدولي، وأن توقف الأوهام الخطيرة حول التهجير السكاني، وأن تدفع باتجاه الحلول الدبلوماسية وتنهي الحرب في قطاع غزة.


 
عودة
أعلى