من المحتمل أن تكون لجنة التحقيق الفرنسية مرتبطة بـ:
- الفحوصات الفنية أو تدقيق الطائرات المقاتلة من طراز رافال التي تم تسليمها.
- التحقق من الامتثال للعقد أو مسائل الضمان.
- التحقيقات في حال وجود مشاكل تشغيلية أو سؤ استخدام
معضلة الهند مع مقاتلات رافال: فرنسا ترفض تسليم الشيفرة المصدرية وسط تصاعد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
رغم المساعي الدبلوماسية المتكررة من نيودلهي، لا تزال شركة "داسو للطيران" الفرنسية ترفض تسليم الشيفرة المصدرية الحيوية التي تتحكم في أنظمة مهام مقاتلة رافال، ودمج الأسلحة، ومجموعة إلكترونيات الطيران الخاصة بها.
وترغب الهند في دمج أسلحتها المحلية، مثل صاروخ "أسترا" بعيد المدى جو-جو، وصاروخ "رودرام" المضاد للإشعاع، ومجموعة من الذخائر الذكية في منظومة رافال، لتعزيز الاستقلالية القتالية وتقليل الاعتماد على الموردين الأجانب.
وتُعد هذه الخطوة حجر أساس لمبادرة "الهند المعتمدة على نفسها" (Atmanirbhar Bharat)، التي تهدف إلى دعم قدرات سلاح الجو الوطني من خلال البحث والتطوير والتصنيع المحلي.
مقاتلة رافال، ذات المحركين ومن الجيل 4.5، مزودة بمحركين من طراز Snecma M88-2 التوربينيين، وقادرة على الطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت (Mach 1.4) دون الحاجة إلى استخدام الحارق اللاحق، وتتميز بنسبة دفع إلى وزن عالية ومدى ممتد.
كما أنها مزودة برادار من نوع Thales RBE2-AA بنظام المسح الإلكتروني النشط (AESA)، يمكنه تتبع ما يصل إلى 40 هدفًا والتعامل مع 8 منها في آنٍ واحد على مدى يتجاوز 100 كيلومتر، ما يجعلها من بين الأنظمة الأكثر تقدمًا في فئتها.
تحتوي الطائرة أيضًا على منظومة الحرب الإلكترونية "سبيكترا" (SPECTRA) التي تضم مستشعرات إنذار راداري، وأنظمة تشويش، وأجهزة إنذار بالأشعة تحت الحمراء ضد الصواريخ، وتوفر قدرة فائقة على التصدي للتهديدات الحديثة من خلال الإجراءات المضادة النشطة والسلبية.
رافال – سلاح الجو الهندي
أسطول رافال الهندي مزود كذلك بأنظمة العرض المثبتة على الخوذة (HMDS)، ومنظومة "ثايلز" البصرية للقطاع الأمامي (FSO)، ومستشعر البحث والتعقب بالأشعة تحت الحمراء (IRST)، وروابط بيانات متقدمة للعمليات الشبكية في الوقت الحقيقي.
تتمثل القوة القتالية للمقاتلة في تكاملها مع صاروخ "ميتيور" بعيد المدى جو-جو، بمدى اشتباك قاتل يتجاوز 60 كم، وصاروخ "سكالب-EG" للهجوم البعيد المدى بدقة تصل إلى 500 كم، وقنابل "هامر" الموجهة متعددة الأغراض.
وقد اشترت الهند 36 طائرة رافال بموجب عقد قيمته 7.8 مليار يورو (37.5 مليار رينغيت ماليزي) وُقّع في سبتمبر 2016، حيث استلمت أول طائرة في 29 يوليو 2020، وآخر طائرة في 15 ديسمبر 2022.
وتتمركز طائرات رافال حاليًا في قاعدة "أمبالا" الجوية قرب باكستان، وقاعدة "هاسيما" قرب الحدود الصينية، وهما موقعان اختيرا بعناية لخدمة العقيدة الهندية للحرب على جبهتين.
ولتعزيز القدرة الضاربة البحرية، وقّعت الهند في أبريل 2025 صفقة جديدة بقيمة 7.4 مليار دولار أمريكي (33.3 مليار رينغيت ماليزي) لشراء 26 طائرة رافال-إم، النسخة البحرية، لتعمل على متن حامتي الطائرات INS Vikrant وINS Vikramaditya.
وستحل هذه الطائرات محل أسطول MiG-29K القديم، وتمنح الهند قوة جوية بحرية من الجيل الرابع المُحسَّن، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل تنامي الوجود البحري الصيني في المحيط الهندي.
مأزق الشيفرة المصدرية
ورغم التعاون الجزئي مع فرنسا في دمج بعض الأسلحة الهندية المطورة مثل صاروخ أسترا Mk1 وسلاح SAAW المضاد للمطارات، إلا أن رفض باريس تسليم الشيفرة المصدرية الأساسية لطائرة رافال لا يزال يمثل عقبة كبيرة أمام تعميق التعاون الدفاعي.
تشمل الشيفرة المصدرية نظام الحاسوب المركزي للمهام (MMC)، وواجهة التفاعل بين الرادار والإلكترونيات، الضروريين لتحقيق تكامل تام للأسلحة.
وبدون الوصول إلى هذه البنية البرمجية، تعاني الهند من عنق زجاجة تقني يمنعها من تكييف طائراتها حسب تطورات ساحة المعركة، أو من إجراء تحديثات برمجية مستقلة دون الرجوع إلى فرنسا.
وقال مسؤول رفيع في سلاح الجو الهندي: "غياب الوصول إلى الشيفرة المصدرية يمثل عائقًا كبيرًا أمام خطة التحديث الدفاعي الأوسع للهند".
وقد أعاد هذا النزاع إلى الأذهان تجارب سابقة مؤلمة، مثل مع أسطول "ميراج 2000"، عندما أعاق غياب الشيفرة المصدرية إجراء تحديثات محلية.
فرنسا عرضت تعاونًا محدودًا عبر فرق فنية مشتركة وحزم برمجية مقيدة، لكن مطلب الهند بالحصول الكامل على الشيفرة يعكس رغبتها في تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز قدراتها العسكرية باستقلالية.
يرى المخططون العسكريون أن الوصول للشيفرة المصدرية سيمكن الهند من تحديث المعايير القتالية بسرعة، ودمج أنظمة محلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وتبسيط اللوجستيات دون الحاجة للدعم الخارجي.
المخاوف الفرنسية والدروس الدولية
لكن فرنسا تعتبر الشيفرة المصدرية أصولاً صناعية استراتيجية تم تطويرها على مدى عقود وتكلفت أموالًا طائلة، وليست قابلة للتنازل.
ويخشى المسؤولون الفرنسيون أن يؤدي منح هذا الوصول للهند إلى مطالب مماثلة من دول أخرى تشغل مقاتلات رافال، مثل مصر وقطر وإندونيسيا.
كما تبرز مخاوف تتعلق بالأمن السيبراني، والهندسة العكسية، واحتمال تسرب التكنولوجيا الفرنسية لدول خصمة، إضافة إلى خطر إدخال تعديلات غير مرخصة قد تؤثر على سلامة الطائرات وتُلغي الدعم الفني الفرنسي.
ورغم وجود حلول جزئية مثل دمج الأسلحة المحلية عبر حواضن خارجية أو في أوضاع إطلاق مستقلة، إلا أن هذه الحلول تعتبر غير مثالية، وتحول دون الاستفادة الكاملة من قدرات رافال الشبكية وتكامل المستشعرات.
الطريق نحو الاستقلال التقني
رغم هذا الخلاف، تبقى العلاقات الدفاعية بين الهند وفرنسا قوية ومتصاعدة، كما تؤكده صفقة رافال البحرية الأخيرة، ما يعكس الثقة المتبادلة في مشاركة التكنولوجيا المتقدمة – وإن كانت محدودة.
ويعتقد المسؤولون الهنود أن الحل الجذري يكمن في تطوير مقاتلات محلية من الجيل الخامس مثل مشروع AMCA وتعزيز برنامج Tejas Mk2، المصممين منذ البداية بملكية هندية كاملة على أنظمة المهام.
ومع تطور الحرب الحديثة إلى فضاء معرفي يعتمد على البرمجيات، يظهر نزاع الشيفرة المصدرية مع فرنسا كإشارة صارخة إلى أن حتى أعتى المقاتلات لا تكون ذات سيادة حقيقية دون السيطرة على البرمجيات التي تُشغّلها.
مقارنات دولية
رغم تحفظ فرنسا، هناك سوابق لتمكين الحلفاء من الوصول إلى الشيفرات المصدرية. فقد منحت الولايات المتحدة لإسرائيل وصولًا غير مسبوق إلى برمجيات مقاتلة F-35 "أدير"، مما سمح لها بدمج أنظمة قيادة وتحكم واتصالات وحرب إلكترونية محلية، والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي.
كما سمحت روسيا للهند في حالات معينة بالوصول الواسع إلى الوثائق الفنية وبرمجيات مقاتلة Su-30MKI، مما مكنها من دمج نظم محلية مثل مستقبلات الإنذار الراداري، وصواريخ أسترا، وحواسيب مهام هندية.
أما كوريا الجنوبية، فقد حصلت على دعم فني وبرمجي كبير من شركة "لوكهيد مارتن" في مشروع مقاتلة KF-21 Boramae، رغم عدم حصولها على شيفرة F-35.
وقد عرضت شركة Saab السويدية في سعيها لبيع مقاتلات Gripen تكنولوجيا كاملة بما في ذلك الشيفرة المصدرية لدول مثل البرازيل، التي تقوم الآن بتصنيع وتعديل النسخة Gripen-E محليًا ضمن نموذج مشترك للتطوير والإنتاج.
خاتمة
تشير هذه الأمثلة إلى أن الوصول إلى الشيفرات المصدرية لمقاتلات الجيل الحديث – رغم حساسيته – ليس سابقة مستحيلة، إذا توفرت الثقة الاستراتيجية.
والآن، بدأت الأوساط الدفاعية الهندية تتساءل لماذا يتم منح هذا الامتياز لحلفاء معينين، ويُحجب عن أكبر ديمقراطية في العالم وشريك استراتيجي رئيسي للغرب في المحيطين الهندي والهادئ.
هذا "المعيار المزدوج" أضرم الجدل من جديد في الهند حول ما إذا كان الاستقلال الحقيقي في التسليح ممكنًا دون امتلاك السيادة الرقمية الكاملة.
—
ديفينس سيكيوريتي آسيا (DEFENCE SECURITY ASIA)
France’s steadfast refusal to provide India with access to the Rafale fighter jet’s source code has reignited strategic tensions, exposing the limitations of high-end arms procurement when digital sovereignty is off the table.
defencesecurityasia.com