صناعة السيارات في الجزائر - صعود سريع

يتحدث مدير العمليات بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بمجموعة ستيلانتيس العالمية للسيارات، سمير شرفان، في هذا الحوار مع “الشروق”، عن جديد مصنع العلامة الإيطالية “فيات” بوهران الذي سينتج 25 ألف مركبة من طراز دوبلو بانورما السياحية، مسلطا الضوء على الانتقال إلى مرحلة إنتاج أكثر تكاملا عبر إدماج الهياكل محليا، وما سينجر عن ذلك من انخفاض مرتقب في أسعار السيارات.
ولفت شرفان إلى أن إدماج الهياكل محليا من خلال منشأتي الطلاء والتلحيم، اللتين ستدخلان حيز التشغيل تدريجيا هذا الصيف، سيسمح بإطلاق أول دفعة من السيارات وفق نظام “سي.كا.دي”، ما سيعزز التنافسية ويؤدي إلى خفض الأسعار، لاسيما في الطراز الرابع المرتقب إطلاقه قبل نهاية العام. وأكد أن المصنع سينتج هذا الطراز بنسبة إدماج محلي تفوق 20 بالمائة، ما يمهد لمرحلة جديدة في توطين صناعة السيارات بالجزائر
.

نظمتم النسخة الثانية من ملتقى الموردين، والتي تعتبر ضرورية للانتقال إلى مرحلة “سي.كا.دي” وأيضا رفع نسبة الإدماج المحلي، هل من تفاصيل إضافية بخصوص هذا الحدث؟
فعلا، نسخة العام الماضي التي كانت الأولى من نوعها، سمحت لنا بالتطور، لأننا انتقلنا من 4 موردين عند الانطلاق لنصل اليوم إلى 12 موردا، وهذا يعتبر من ثمار الملتقى الأول الذي عقد العام الماضي.
خلال النسخة الحالية، نخطط لإجراء 13 استشارة مع 30 موردا، بهدف اختيار 7 مكونات إضافية في السيارة قبل نهاية العام، ليصل المجموع إلى 19 مكونا، يضاف لها إدماج الهياكل من خلال توسعة التلحيم والطلاء، وكل هذا سيتيح لنا قبل نهاية السنة الجارية إطلاق السيارات بنسبة إدماج محلية تفوق 20 بالمائة.
وفي طبعة هذا العام سجلنا حضور 100 مشارك و75 موردا، يغطون سواء السيارات الجديدة (الإنتاج الصناعي) وقطع الغيار.
الهدف واضح وهو أننا نريد إطلاق الطراز الجديد الرابع في المصنع بنسبة إدماج محلية تفوق 20 بالمائة، بما فيها الهيكل وذلك لأول مرة.
 
طراز “دوبلو بانورما” عرف نجاحا كبيرا في الجزائر مباشرة بعد إطلاقه، ما هو الإنتاج المتوقع لهذا الموديل خلال هذه السنة، وكيف تعتزمون تسيير آجال التسليم بالنظر للطلب الكبير؟
في العام الماضي، بلغ إنتاج المصنع 17 ألف سيارة، وهدفنا هو تجاوز 60 ألف مركبة هذا العام، بينما الهدف المسطر في العام المقبل هو بلوغ 90 ألف سيارة.
أما ما تعلق بطراز دوبلو بانوراما، فالهدف هو 25 ألف سيارة خلال 2025 وبطبيعة الحال هذا الرقم سيرتفع في السنة المقبلة. الأرقام واضحة كما أشرت إليها ونحن في قمة التركيز من أجل تحقيق هذه الأرقام.
 
إلى أين وصلت توسعة المصنع، وما هو الأثر المنتظر لهذه العملية على الإنتاج وأيضا على قدرات المصنع في تلبية الطلب؟
مثلما أشرت إليه، لقد كان الإنتاج في العام الماضي 17 ألف مركبة ونحن مركزون على بلوغ 60 ألف مركبة في العام الجاري، ونحن مركزون على بلوغ هذه النتيجة، بمعدل 7 إلى 8 آلاف مركبة في الشهر، ولذلك نحن قريبون من القدرات القصوى للإنتاج في المصنع، وبعدها يجب أن نصل إلى 90 ألف مركبة في السنة القادمة، إذا سارت الأمور على ما يرام، وكما نتمناها مع دعم الفاعلين في العملية سواء الدولة أو المؤسسات أو الموردون أو الموانئ وعديد الفاعلين، ونحن لدينا دراسات للذهاب بعيدا في القدرات الإنتاجية والتي يمكن مباشرتها بناء على نجاح المصنع في رفع قدراته الإنتاجية مثلما خططنا لها.

وماذا بخصوص منشأة الطلاء والتلحيم؟
المنشأة الخاصة بالتلحيم والطلاء بدأنا العمل عليها في جويلية 2024، وحاليا انتهينا من بناء المنشأة، وأيضا 75 بالمائة من المعدات تم تركيبها، وخلال هذا الصيف وتحديدا في جويلية، فإن هذه المنشأة ستكون قادرة على إخراج أولى السيارات “الدفعةX1″، وهي دفعة السيارات الأولى التي يتم إنتاجها وفق عملية المعالجة النهائية وعلى أساسها سيتم القيام بعمليات ضبط وتحقق دقيقة، ما سيتيح لنا الوصول لاحقا إلى زيادة وتيرة الإنتاج وتكثيفه بنهاية العام الجاري، ولذلك سنبدأ في إنتاج مركبات من منشأة التلحيم والطلاء بداية من هذه الصائفة.
 
كما تعلمون هناك طلب كبير على المركبات في الجزائر، وفيات لحد الآن هي المنتج المحلي الوحيد للسيارات، ألا تعتقدون بأن مصنع قدرته الإنتاجية القصوى 90 ألف مركبة في السنة غير كافية تماما، في سوق الطلب فيه بلغ مستويات كبيرة جدا، وهل تعتزمون رفع الطاقة الإنتاجية للمصنع في السنوات القادمة؟
هناك مسألتان، الأولى تتعلق بإمكانية رفع قدرات إنتاج مصنع طفراوي فوق 90 ألف سيارة في السنة، وكما قلت هناك مشاريع تستوجب ضخ استثمارات إضافية، وفي حال تكثيف الإنتاج ورفع الوتيرة حاليا، وسارت الأمور كما هو مخطط له، فالمصنع له القدرة على إنتاج معظم علامات مجموعة ستيلانتس الـ15، وهذا أمر يمكن المضي فيه مستقبلا.
 
المرحلة المقبلة من مشروع “سي.كا.دي” ستتيح من المفروض زيادة قدرات الإنتاج وأيضا تقليص في تكلفة الإنتاج، هل سيؤدي هذا لانخفاض في الأسعار مقارنة بتلك المطبقة حاليا؟
كما قلت لا يمكن تكثيف الإنتاج وزيادة الوتيرة من دون أن تكون الهياكل مدمجة محليا، وبصراحة ليس هناك أرقام أعلنها بهذا الخصوص، لكن السيارات القادمة ستخرج من المصنع وفق نظام “سي.كا.دي” وهذا الأمر سيكون له أثر على التنافسية، وهو ما سيكون في السيارات التي سنقوم بإطلاقها من هذه المنشأة.
بمعنى آخر، نعم (يقصد انخفاض السعر)، وهو الحال بالنسبة للطراز القادم الذي سيكشف عليه لاحقا بالنظر إلى أنه سيكون بنسبة إدماج محلي بأكثر من 20 بالمائة بما فيها الهيكل.

قبل أيام جرى تداول صور تشبه إلى حد كبير هيكل فيات غراندي باندا، ما أعطى الانطباع بأنها ستكون الطراز الرابع الذي ستطلقه فيات الجزائر بوحدة طفراوي، ما صحة ذلك؟
نحن سعداء، كون الناس يتحدثون عن هذا الأمر، لكن ما زال الأمر مبكرا للحديث عن الطراز الرابع بوحدة طفراوي، نحن حاليا في مرحلة العمل وسنقوم بإعطاء التفاصيل في وقتها، والهدف هو إطلاقه قبل نهاية السنة.
 
كيف ترون تطور ومستقبل صناعة السيارات في الجزائر؟
وفقا للبيانات المتوفرة فيما يتعلق بفعالية الأداء، فإن مؤشر الجزائر سجل 0.84 وهو متواجد في وسط الكوكبة. نحن نشتري بأكثر من 100 مليار يورو في 40 بلدا وستيلانتيس يمكنها أن تضع الجزائر على الخارطة العالمية لمكونات السيارات، لأن الجزائر أقل تكلفة بـ16 بالمائة من أوروبا الشرقية، وللوصول إلى أحسن مستوى على الصعيد العالمي فيما يتعلق بصناعة مكونات ولواحق السيارات، يجب أن تكون التكلفة أقل من المنافسين بنحو 30 بالمائة وهذا هو مستوى الصين، وحاليا الأحسن عالميا هي الهند بتكلفة أقل بـ36 بالمائة.
لذلك الشيء الذي يجعل بلد ما قادرا على المنافسة وأداءه قويا، هو تكثيف الإنتاج (الحجم) ومدى عمق التوطين المحلي، ونقل المعارف والخبرات والفعالية العملياتية للموردين.

وإذا ما نظرنا إلى صناعة السيارات في الصين والجزائر، فإن اليد العاملة في الجزائر فعالة وتنافسية بنحو مرتين، وكذلك الشأن بالنسبة للطاقة، فالكهرباء في الجزائر أقل سعرا، ثلاث مرات مقارنة بالصين، وأيضا الغاز الطبيعي الذي يعتبر أقل تكلفة من الصين بعشر مرات.
أما الفارق الكبير لصالح الصين فيكمن في مدى عمق التوطين، وهذا يتعلق بالمواد الأولية وتوفر نسيج من الموردين والمصنعين القادرين على توفير مجمل القطع والأجزاء واللواحق الضرورية في المركبة.
ولذلك الهدف من هذا اللقاء يصب في هذا الاتجاه، أي تعميق التوطين المحلي لصناعة السيارات. في ستيلانتيس نعتقد أن الجزائر لها الإمكانات ما يسمح لها بالوصول إلى نفس مستوى المؤشرات الصينية وهذا الأمر حصل في بلدان أخرى، واستغرق ذلك نحو 15 سنة، لكن فيما يخص الجزائر نعتقد أنه بإمكانها في فترة من 5 إلى 8 سنوات أن تصل إلى ما وصلت إليه بلدان أخرى في هذا المجال.

مصنع طفراوي يمثل حاليا بالنسبة للموردين ما قيمته 250 مليون يورو من المشتريات الخاصة بالمكونات في الجزائر، ونستهدف أكثر من مليار يورو كمشتريات من موردين جزائريين فيما يتعلق بالمكونات واللواحق وغيرها في حدود 2030.
 
عودة
أعلى