5 ملفات للرئيس ترمب في الشرق الأوسط

Think Tanks

عضو
إنضم
2 يناير 2024
المشاركات
1,488
التفاعل
2,678 48 4
الدولة
Egypt
5-ملفات-للرئيس-ترمب-في-الشرق-الأوسط-970x695.jpg


يحتل إقليم الشرق الأوسط مكانة مرموقة في دوائر السياسة الخارجية الأمريكية، إلى جانب أوروبا، وشرق آسيا وجنوب شرقها، وأمريكا الجنوبي؛ فأول دولة في العالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة كانت المغرب في ديسمبر (كانون الأول) عام 1777، حيث يبدأ الشرق الأوسط من باكستان وأفغانستان شرقًا حتى المغرب غربًا.

وتعود المكانة الحيوية للشرق الأوسط في حسابات صانع القرار الأمريكي إلى عوامل كثيرة، أبرزها وجود إسرائيل؛ أقرب حليف للولايات المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ودول الخليج التي لها إسهامات محورية في أمن الطاقة العالمي، والدور الكبير الذي يقوم به الشرق الأوسط في تأمين سلاسل الإمداد، سواء من النفط أو البضائع، إلى مختلف جهات العالم، فضلًا عن وجود إيران التي صنفتها الولايات المتحدة منذ عهد جورج بوش الابن ضمن “محور الشر العالمي”.

لكن الأهمية الكبرى للشرق الأوسط تأتي بوصفه “ساحة للتنافس الجيو-سياسي” بين دعاة القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جانب، وروسيا والصين الداعمتين بقوة لفكرة العدالة في العلاقات الدولية، من خلال الدعوة إلى قيام نظام عالمي “متعدد الأقطاب”. وبعد كل ما جرى في الشرق الأوسط خلال ما يسمى “الربيع العربي”، تسابق الديمقراطيون إلى تسويق فكرة تدّعي تراجع “القيمة النسبية” للشرق الأوسط في خريطة المصالح الدولية انطلاقًا من “حسابات خاطئة” قالت إن إسرائيل باتت آمنة بعد التمزق الذي لحق بعدد من الدول العربية بفعل ما سُمي “الربيع العربي”، وامتدت هذه الحسابات الخاطئة للقول بأن زمن النفط والغاز العربي انتهي، وأن الولايات المتحدة باتت أكبر منتج للنفط في العالم، بل أصبحت مصدرًا للنفط منذ عام 2018، هذه الحسابات والمسارات السابقة كانت تشكل المنطلق لرؤية عدد من الزعماء والمسؤولين الديمقراطيين منذ عهد باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، وصولًا إلى جو بايدن ونائبته كامالا هاريس.

وعلى عكس غالبية نتائج استطلاعات الرأي، فاز الرئيس دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية ليكون الرئيس السابع والأربعين في تاريخ الولايات المتحدة، ويصنع عودة تاريخية ثانية إلى البيت الأبيض برؤية مختلفة تمامًا للشرق الأوسط، تقوم على “مفاتيح سياسية جديدة”، هدفها وقف الحروب، وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة العربية وكل أرجاء الشرق الأوسط، بما يعطي الأمل في توقف المجازر والحروب المباشرة، و”حروب الظل” التي ظللت عهد جو بايدن وكامالا هاريس، فما رؤية ترمب الجديدة للشرق الأوسط؟ وكيف يمكن البناء عليها لتحقيق السلام والاستقرار، وعزل القوى المتطرفة في إسرائيل حتى لا تعرقل “الهندسة الجديدة” التي يريدها ترمب للشرق الأوسط؟

3 ركائز ترمبية

يحتل الشرق الأوسط مكانًا ومكانة مرموقين في فكر الرئيس ترمب ورؤيته، عبّر عنهما بقيامه بأول زيارة له خارج الولايات المتحدة في ولايته الأولى إلى المملكة العربية السعودية في مايو (أيار) عام 2017 لحضور القمة العربية الإسلامية، التي أكد فيها ترمب أهمية العلاقات العربية الأمريكية. ولم يخض ترمب أي حرب في الشرق الأوسط، وقاد جهودًا كبيرة أسفرت عن “هزيمة مكانية” لداعش في سوريا والعراق بعد أن قال سلفه بارك أوباما إن طرد داعش من المدن السورية والعراقية يحتاج إلى عقود من الزمان، لكن أبرز ما يتذكره سكان المنطقة العربية والشرق الأوسط عن ترمب أنه يرفض “الثورات الملونة”، وإسقاط الحكومات من الخارج كما كان الديمقراطيون يفعلون. وترتكز رؤية الرئيس المنتخب دونالد ترمب على 3 حقائق تتعلق بالشرق الأوسط، وهي:

1- سيظل النفط -عقودًا طويلة- ضمن معادلة الطاقة؛ ولهذا سوف يعزز ترمب جهود بلاده في إنتاج مزيد من النفط والطاقة، وهي الجهود التي كادت تتوقف في عهد الديمقراطيين، ومن هنا يرى ترمب في دول الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج، مركزًا مهمًّا لاستقرار الإمدادات العالمية من الطاقة، وهو ما يؤكد “القيمة النسبية الكبيرة” لدول الشرق الأوسط في أي إعادة لهندسة وحسابات القوى الفاعلة في الشرق الأوسط.

2- فشل معادلة إسرائيل في الأمن، وهي المعادلة الراهنة القائمة فقط على التفوق العسكري، فمن وجهة نظر ترمب، تضررت الصورة العالمية لإسرائيل بسبب طول زمن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وجنوب لبنان، وأن المعادلة التي يجب أن يركز عليها الإسرائيليون هي كيفية التعايش والانصهار مع دول المنطقة من خلال مجموعة جديدة من مسارات التطبيع بين إسرائيل ومختلف الدول العربية والإسلامية؛ ولهذا يسعى ترامب إلى حل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية، بعيدًا عن مسار الحرب والمواجهات العسكرية بين البلدين، فهو من المؤمنين بالحلول الاقتصادية، أو ما يسمى “السلام الاقتصادي”.

3- تعزيز الحضور الأمريكي في المنطقة، حيث يسعى ترمب إلى إعادة تعزيز مصالح واشنطن في المنطقة بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عقب النجاحات التي حققها منافسو واشنطن الإستراتيجيون في موسكو وبيجين بعد أن أصبحت الصين هي الشريك التجاري الأول لجميع دول الشرق الأوسط، وتعمقت الشراكات الإستراتيجية الكاملة بين روسيا ومختلف دول الشرق الأوسط، العربية وغير العربية.

ووفق هذه الرؤية للرئيس ترمب، هناك 5 ملفات سوف يعمل عليها في الشرق الأوسط، والملفات الخمسة هي:

أولًا- وقف الحروب في كل أرجاء الشرق الأوسط


خطة ترمب التي أعلنها في أكثر من مناسبة هي وقف الحروب في الشرق الأوسط، بداية من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وجنوب لبنان، مرورًا بالضربات المباشرة والمتبادلة بين إسرائيل وإيران، وصولًا إلى الصراعات في اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان، وربما لأول مرة في التاريخ الأمريكي يقدم مرشح رئاسي تعهدًا مكتوبًا للناخبين بوقف الحرب، وهذا ما تكشفه الرسالة التي وقعها ترمب ونقلها مسؤول العلاقات العربية الأمريكية في حملته مسعد بولس إلى الناخبين اللبنانيين والعرب في ديربورن في ولاية ميتشغان، والتي نشرها رئيس الجالية في المدينة حسن عباس. كما أن النقاط الخمس التي وقعها مندوبو حملة ترامب في ميتشغان مع إمام المسجد الكبير بلال الزهيري، وتضمنت تعهد الرئيس ترمب بوقف الحرب في غزة ولبنان، تكشف جدية ترمب في وقف حروب الشرق الأوسط.

ثانيًا- المقاربة الجديدة لصفقة القرن

المؤكد أن الشعب الفلسطيني، ومن خلفه الشعوب العربية والإسلامية، رفضوا “صفقة القرن” التي كان لإسرائيل ونتنياهو ملاحظات كثيرة عليها؛ ومن هنا يجب على فريق ترمب أن يطرح “مقاربة سياسية جديدة” لمستقبل العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسوف يكون ترمب على خطأ إذا اعتقد يومًا أن الاقتصاد وتحسين حياة الفلسطينيين، خاصة في غزة، يمكن أن يقود إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؛ ولهذا يجب عليه طرح رؤية سياسية شاملة تفضي إلى تقرير مصير الشعب الفلسطيني، وإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، فالمؤكد أن حل الدولتين يحتاج إلى جهد كبير من الرئيس الأمريكي، ليس فقط لالتزامه بالدعم الكامل وغير المشروط لإسرائيل؛ بل لأن إسرائيل استغلت السنوات الماضية من أجل خلق واقع جديد بزيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى نحو 600 ألف مستوطن، وسرقة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، خاصة في منطقة الأغوار.

ثالثًا- الدولة الوطنية والثورات الملونة

يرفض الرئيس ترمب دعم الثورات الملونة، أو ما يسمى “الربيع العربي”، أو إسقاط الحكومات من الخارج، ويرفض كذلك التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وكان ذلك واضحًا في تصريحاته عن إيران عندما أكد أنه لا يهدف إلى إسقاط نظام الحكم في طهران، في حين كان مشروع الديمقراطيين يقوم على التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت عنوان “ملف حقوق الإنسان”، ولا تزال كثير من الدول العربية في العراق واليمن وسوريا وليبيا تعاني بسبب دعم الديمقراطيين والرئيس الأسبق باراك أوباما لما يُسمى ثورات الربيع العربي.

أيضًا تحظى الدولة الوطنية بمكانة خاصة لدى ترمب؛ لذلك شهدت ولايته الأولى من يناير 2017 حتى 20 يناير 2021 دعمًا لمعنى الدولة الوطنية في المنطقة العربية والشرق الأوسط ومفهومها، وهو أمر يمكن أن يساعد على استعادة الوحدة والأمن في دول كثيرة بالمنطقة، مثل السودان وليبيا واليمن، التي تعاني في الوقت الراهن تشظيًا في النسيج السياسي والمجتمعي، قاد في النهاية إلى ضعف واضح لمؤسسات الدولة الوطنية.

رابعًا- إيران وبرين هوك

تعيين ترمب مبعوثه السابق بشأن إيران براين هوك مسؤولًا عن ترتيبات الانتقال من إدارة بايدن الى إدارة ترمب في وزارة الخارجية الأمريكية كشف الدور الكبير الذي سيؤديه هوك في مستقبل العلاقة بين ترمب وإيران، فالمؤكد أن سياسة الضغط القصوى التي فرضها ترمب على إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وقبلها الانسحاب من الاتفاق النووي ” 5+1″ في مايو (أيّار) 2018، لم يحققا أي نتيجة على الأرض، بل قادا إلى زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم من نحو 3.7%، المنصوص عليها في الاتفاق النووي، إلى 60% ويمكن أن تصل إلى 90% اللازمة لإنتاج القنبلة النووية في أي وقت. كما أن فرض العقوبات القاسية على صادرات النفط والبتروكيماويات الإيرانية لم يؤدِّ إلى قطع المساعدات العسكرية والاقتصادية الإيرانية عن حلفاء طهران في المنطقة العربية، وهو ما يدفع ترمب إلى البحث عن “معادلة جديدة” تقود الى السلام والاستقرار الذي يدعو إليه، لكن بأدوات جديدة بعيدة عن الأدوات التي فشلت في ولايته الأولى، وهو ما يدفع ترمب إلى التفكير في عقد صفقة مع إيران تفضي إلى تحقيق السلام والاستقرار في كل ربوع الشرق الأوسط، من اليمن ولبنان وفلسطين إلى العراق وسوريا. وتشكل إعادة تأكيد إيران أنها لا تنوي دخول مجال الأسلحة النووية، ونفي أي علاقة لها بمحاولة اغتيال ترمب، مقدمة لمواصلة المفاوضات غير المباشرة التي تجرى منذ وقت طويل بين ايران والولايات المتحدة بهدف تخفيف التوترات في الشرق الأوسط، وهو هدف قد يلتقي مع توجهات الحكومة الإيرانية الجديدة بزعامة الرئيس مسعود بزكشيان، والتيار الإصلاحي الذي يقوده.

خامسًا- تخفيف الالتزامات العسكرية

هدف ترمب من وقف الحروب في الشرق الأوسط هو العودة إلى حالة الهدوء التي كانت عليها المنطقة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بما يسمح للقوات الأمريكية بتقليل عددها في إقليم الشرق الأوسط الذي به 42 ألف جندي في الوقت الحالي، ولهذا قد يسحب ترمب نحو 900 جندي أمريكي من سوريا، ويقلل عدد القوات الأمريكية في العراق من 2500 إلى نحو 1000 جندي فقط، مع إعادة نشر هؤلاء بالقرب من الصين ومنطقة الإندو باسيفيك.

المؤكد أن ترمب في النسخة الجديدة في البيت الأبيض سوف يكون أكثر عقلانية وواقعية من الولاية الأولى، وإذا نجح في وقف حروب الشرق الأوسط، ووضع صيغة سلام مقبولة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فقد ينضم إلى قائمة القادة الأمريكيين الذين صنعوا التاريخ في الولاية الثانية.

 
عودة
أعلى