المناورات البرية الاسرائيلة في غزة (نجاح أم فشل ؟)

Echostar3

عضو جديد
إنضم
4 فبراير 2024
المشاركات
427
التفاعل
846 38 0
الدولة
Norway
تنويه : ان الغرض من هذا المقال تعليمي وتثقيفي,يحتوي هذا المقال على معلومات غير محينة (غير آنية) و جزئية (عن عمد),ويتطابق مع أحداث واقعية مر على حدوثها أشهر.

مقدمة : بعد التحية لكافة الأعضاء,أضع بين أيديكم في هذا الموضوع جزءا مما توافق مع معطيات (خرجت عن الخدمة حاليا) حول بعض التكتيكات التي استخدمها الجيش الاسرائيلي في المناورات البرية والتوغل في شمالي قطاع غزة والمدينة و بعض الأجزاء من خانيونس , وما هي أبرز التغييرات الطارئة على تلك التكتيكات.

الاستشارات,التخطيط,تهيئة الميدان :
austin-israel-scaled-e1697221830390.jpg


WhatsApp-Image-2023-06-05-at-12.56.54.jpeg

في مجلس الحرب تم طرح بدل الخطة الواحدة المئات من الخطط و المئات من الاقتراحات والكثير الكثير من الاستشارات مع عسكريين سابقين و حاليين (من مختلف الجنسيات) خدموا في قطاع غزة و لبنان والعراق و سورية وأفغانستان وأمريكا اللاتينية,من بين أهم العقول المدبرة للتوغل البري في قطاع غزة هو موشيه تامير (تشيكو) بالرغم من الجدل الكبير الذي يدور حول شخصيته الا أنه الملجأ الأئمن لهرتسي هاليفي في وضع اللمسات الأخيرة,كانت القيادة العسكرية الاسرائيلية في 11 من أكتوبر مترددة أمام المقاربة الأمريكية والتي دعى فيها مستشاري البنتاغون الى انزال أكبر قدر ممكن من القوة النارية على المربعات الكبرى في جباليا و الشجاعية و محيط مخيم الشاطئ وانشاء مناطق ميتة مفتوحة من أي بناء في القواطع المدمرة..ذهب المستشارين الفرنسيين الى تبني خليط هجين من العمليات العسكرية المباشرة والأمنية المكثفة بالاشتراك مع ضباط فلسطينيين للعمل على عزل حماس تحديدا و تدريجيا بقية الفصائل و خفض قدراتها على المناورة الحرة وافقادها ميزة التحكم في الأرض..المقاربة البريطانية كانت أكثر تحفظا من نظرائها وتقوم على الاستهدافات الجراحية وتفادي المناورات البرية داخل المناطق السكنية لكن اشغال الأراضي المفتوحة (الزراعية) بأكبر قدر ممكن من الآليات.موشيه تامير رأى كل هذا و بعض من كل هذا دون الأخذ بكل شيء..فاعتمد على مقاربة القصف الجوي التمهيدي أولا لكن أكد على ضرورة المناورات البرية داخل المناطق السكنية و الاعتماد على الفرد الراجل (الماشي على قدميه) من أجل تحديد مصادر نيران سلاح مضاد الدروع للمقاتلين الفلسطينيين والعمل على تحييده.

أهم المناورات المعتمدة من قبل الآليات الاسرائيلية (الدبابات) :

لم تخرج الدبابات عن التشكيل الكلاسيكي للمعارك , ولم تأتي بسابقة من نوعها في التاريخ الحربي..البداية كانت عبر الخطوط المباشرة التي اقتحمت السياج الفاصل على ثلاث محاور أساسية تفترق بعدها الدبابات الى محاور ثانية فرعية تمهيدا لدخول المناطق الحضارية والمكتضة سكانيا,أين سوف تقع المعارك المباشرة
إسرائيل-وحرب-غزة-25-1700573927.jpg

نتيجة للتدمير الكبير الذي خلفه القصف البساطي (اعمالا بالاستشارات الأمريكية) واستحالة رفع الركام داخل المناطق الحضارية الكبرى لم يكن ممكنا بتاتا السير في المناورات النصف دائرية والتي تعطي للمهاجم ميزة زاوية الرؤية المتسعة والتي من شأنها تحديد مصادر اطلاق النار من مضاد الدروع أو حتى من قذائف الهاون (أبعد مسافة) وهذا يتم عبر وضع كافة الدبابة في شكل شبه دائري لتغطي كل منها قطر (نصف دائرة) مقابلة لها وهذا كان مستحيلا في شمال القطاع والمدينة
200px-Coilformation.jpg

مناروات herringbone المنقذ
حسب الرؤية الاسرائيلية , تمثل المستشفيات الكبرى مراكز ثقل قيادي و عسكري في هياكل الفصائل الفلسطينية المدافعة ولهذا كانت ولا تزال الهدف الأساسي و محورا مركزيا لكل عمليات المناورة البرية و التوغل,لم تخفي القيادة الاسرائيلة نية استهداف مستشفى الشفاء لكن المعارك العنيفة جدا في محيط المستشفى بداية الاجتياح والكلفة السياسية المرتفعة جدا أدت الى تأجيل المعركة,واللجوء نحو تجارب تكتيكية مماثلة قد تساهم في اعطاء فكرة عن تكتيكات القوات المدافعة , وقد وقت الخيار على متشفى الرنتيسي كهدف تجريبية و نموذج قياسي,انتقلت الدبابات والآليات المصفحة نحو المستشفى عبر طرق رئيسية في شكل مناورة النيران المتداخلة ضمن تشكيلة العمود التقليدية حيث يمنح هذا السرعة الكافية للدبابات بالتحرك مباشرة في منطقة محصورة جدا بالركام والمباني (شوارع محيط الرنتيسي) و التي قد تكون أماكن تحصين للمدافعين (خطر النيران المباغتة) أو أماكن اقامة وايواء للمدنيين (نسبة الخطأ العسكري في ايقاع المدنيين مرتفعة جدا وقد تضيع الذخائر دون تحقيق أي هدف عسكري) لهذا اعتمدت هذه المناورة السريعة والخاطفة بمجرد الوصول الى المستشفى تم اعادة تشكيل الآليات في مناورة هيرينبون الشهيرة والتي تسمح بالتالي بمرور عربات أكثر ضعفا داخل مجال حماية أوسع وثابتة مثل عربة بوما و النمر والتي حملت عناصر الهندسة والمشاة والقوات الخاصة وتم توجيه أوامر لمن هم داخل المستشفى بالاخلاء في المقابل الوعد بتوفير الرعاية الصحية للمتواجدين داخل المستشفى,تكتيك هجين و تحت اجبار القوة النارية تم بالفعل اخلاء المشفى جزئيا الا من المرضى (أطفال) أين استخدم كقاعدة ثابتة للمراقبة واعادة توجيه نيران المدفعية الاسرائيلية بشكل أكثر فعالية داخل مدينة غزة , لكن القوات الفلسطينية المدافعة بعد تردد لأيام قررت تنفيذ اقتحامات جس النبض داخل المسشفى وبعد التأكد من مصير المرضى (الأطفال) الذين ثبت موتهم دون أي رعاية طبية بدأ الضغط الناري (بقذائف الهاون) و سلاح مضاد الدروع لاجبار القوات الاسرائيلية على التحرك خارج المشفى.
النيران المتداخلة :
Sans titre55555.png

هيرينبون :
image1482.jpg

نقاط قوة ونقاط ضعف
كأي استراتيجية عسكرية , المناورات البرية التي نفذتها القوات الاسرائيلية المقتحمة لاسيما سلاح الدبابات لديها نقاط قوة مهمة جدا,على رأسها منظومة التروفي الرائدة والتي حيدت جزئيا سلاح مضاد الدروع الأكثر تطورا في حوزة المقاتل الفلسطيني الكورنيت والكونكورس..كذلك قدرة تحديد مصدر النيران عبر الوسائل التكنولوجية (تحديد البصمة الحرارية) مما يجعل المقاتل الفلسطيني في تحدي مع عقارب الساعة للتنفيذ بسرعة والانسحاب بسرعة أكثر من المكان وهذا ما يحرمه مجددا من توظيف سلاح الكورنيت الثقيل في الحمل والذي يأخذ وقتا كبيرا في التنصيب والتفكيك واعادة الحمل قد يصل الى اجمالي 10 عشرة دقائق دون احتساب حدوث الطوارئ التي قد تفشل مهمة التركيب أو الانسحاب (صدأ أحد قطع التركيب,خلل في تشغيل البطارية),أيضا منحت مناورات النيران المتداخلة السرعة الكافية للتوغل.
gaza-2-1.jpg


في الجانب المقابل نقاط الضعف كانت بادية جدا لدرجة تجسيد تكرارها في عشرات المرات من الفيديوهات التوثيقية التي كانت تنشرها الفصائل الفلسطينية جزئيا على مدار أيام اقتحام الشمال والمدينة ,وكانت نقاط الضعف هذه كلها تجول في فلك خلل التصنيع بالأساس في الأجزاء الضعيفة من الآليات والتي تمكن المقاتل الفلسطيني من رصدها بدمج المعارف القبلية والمعارف المكتسبة بالخبرات الميدانية وتبادل التقارير والتمحيص الجيد للمواد الاعلامية (الفيديو) التي تستخدم داخل الفصائل (غير مخصصة للانتاج الاعلامي انما توثيق داخلي) وعبر تبادل هذه الخبرات تعممت بشكل أوسع تلك المعارف المكتسبة , وكانت الاستهدافات عبر القذائف التاندوم أو الياسين تتم على مراحل مختلفة في كل مرة..واعتمد المقاتل الفلسطيني ميزة رصد الحركة وتغيير التكتيك في كل مرة عبر الالتفاف أو استهداف الخاصرة والمقدمة واعاقة الوسط (تكتيك غروزني الشهير) نقلا عن المقاتلين الشيشان في التسعينات , أيضا استهداف عربات الذخائر التي سببت أضرار ضخمة (تكتيك بوتشا) نقلا عن المقاومين الأوكران في معارك بوتشا قبل عامين.
image-2023-11-13-191053-1170x600.jpg


مع التحية لكافة الأعضاء.
 

المرفقات

  • image-2023-11-13-191053-1170x600.jpg
    image-2023-11-13-191053-1170x600.jpg
    107.2 KB · المشاهدات: 12
نجاح بالتأكيد دام آلة التمويل والسلاح الأمريكي تدعم إسرائيل.
 
تكمـــــلة (أعيد التنويه : لقد تفاديت عمدا ذكر كثير من التفاصيل , و كما استخدمت أمثلة ميدانية غير محينة و مر على حدوثها أشهر,والغرض من الموضوع هو تثقيفي تعليمي)
بناءا على المعطيات التي جمعتها الاستخبارات الحربية , وأخذا بالنظر للطبيعة الجغرافية و الخاصرة المفتوحة شرق عبسان الجديدة
أخذ تكتيك الآليات الاسرائيلية في تشكيلات مختلفة عن الشمال و مدينة غزة , حيث اتجهت القادة الميدانيين الى مناورات النصف قطرية لكن بمجالات مفتوحة و تباعد واضح بين الآليات خاصة مناورة تشكيل الصف المتباعد..وهذا لتكثيف القوة النارية الموجهة و السماح بدخول أكبر عدد ممكن من آليات الهندسة.. وقد أشارت المعلومات والتقارير الى استقدام معظم الآليات العسكرية من محوري كيسوفيم والعين الثالثة و هذا سبب تكثيف فصائل عدة للرماية التكتيكية على هذه المحاور لأجل احداث نوع من الارتباك في الحركية و منح القوات المدافعة المزيد من الوقت للتحضير القتالي الجيد و تحصين المواقع واضافة أخر اللمسات على خطة الدفاع.
تشكيلة الصف المتباعد
Untitled.jpg

التكتيك الاسرائيلي هنا كان بطيء جدا في الحركة لكنه يمنح المهاجم ميزة القوة النارية..هذا كان لتسريع حسم معارك البيوت البلاستيكية الزراعية في تخوم عبسان الجديدة (عندما تنتهي الحرب سوف أعود لهذه المعركة بتفاصيل أكثر) وهنا اختار المدافع الفلسطيني السماح بزخم التقدم والاستدراج الى قلب المناطق العمرانية أين تغيرت التكتيكات الاسرائيلية الى خليط من تشكيلات الوتد المعدلة و التشكيلات النصف قطرية
مثال تقريبي عن تشكيلة الوتد (معدلة,لأنه غالبا تكون سهمية ,لكن الضباط الميدانيين في معظم الجيوش لديهم صفة الاستقلالية التكتيكية في تحديد تفاصيل التعديلات الطارئة على التشكيلة من حيث عدد الآليات المتموضعة و موقع آلية الضابط يكون دائما وسط نحو المركز أو وسط ما قبل الخاصرة لحمايته)
Company-of-Tanks-in-a-Modified-Wedge-Formation.png


واعتمد الاسرائيليين هذه التشكيلات لسببين الأول كان تهيئة الميدان من حيث تدمير ومسح أكبر للأحياء السكنية (اعمالا بنصائح الأمريكيين الذين أكدوا أن من بين أسباب فشل المناورات المفتوحة شمالا كان بقاء المباني) والسبب الثاني والأساسي لتوفير مجال حماية أكبر للقوات الراجلة (الماشية على القدمين) والتي ركز موشيه تامير على اقحامها من أجل قناعته أن المدافع الفلسطيني قد فكك وحداته الى مجاميع صغيرة جدا لا تتعدى الفردين أو ثلاثة أفراد (لنركز على كلمة اعتقد,أي أنه ليس الواقع بالضرورة) اذن و بناءا على هذا الاعتقاد وجه الجنود الراجلين من أجل تحديد هذه المجاميع والاشتباك معها لهدفين الأول توفيرا لمجهود الآليات والمخزون الاستراتيجي للقنابل و أيضا تخفيضا للأثمان السياسية لمعدل الخطأ و ارتفاع الخسائر البشرية و كذلك تعزيزا للجانب النفسي حيث تمنح هذه الاشتباكات الصفرية من حيث المسافة الفرصة للمقاتل الاسرائيلي لتصعيد المعنويات و أنسنة الخصم (بعد أسطرته اعلاميا داخل الاعلام الاسرائيلي) لكن لم تحقق هذه الاستراتيجية (القوات الراجلة) هدفها حيث لم يظهر من اشتباكات خانيونس عموما سوى صورة لثلاث مقاتلين فلسطينيين قضوا برصاص جنود اسرائليين راجلين وهذا ما سبب فشلا واضحا لتفصيل تكتيك موشيه تامير (الجندي الراجل) و تحول المدافعين الفلسطينيين الى حالة الخمود التام والاختفاء (الشبحية,ليس الاندماج في المحيط المدني انما الشبحية) في كثير من القواطع مما سبب مغالطات كبيرة للاستخبارات الحربية الاسرائيلية وأدت بها الى سوء تقدير وصل الى غاية تكرار نفس التكتيك والتوزيع والحركة لمدة 51 يوما في الزنة أين سمح التكرار للمدافع الفلسطيني برصد كل تفاصيل حركية الآلات و الباقي معروف (كمين الزنة),في المقابل نجحت هذه التشكيلات في تحييد معارك البيوت البلاستيكية وتفادي خسائر المناطق المفتوحة و منع المدافع الفلسطيني من المناورات في هذه المناطق المفتوحة و منعه من توظيف مضاد الدروع الكورنيت كما نجحت الى حد ما في منع تربيض الصواريخ واطلاقها من خانيونس وتخومها بالرغم من امكانية تربيض واطلاق الصواريخ الا أن المقاتل الفلسطيني تخلى عن هذا السلاح نظرا للمخاطر المرتفعة و الأضرار المحدودة واكتفى باطلاق بعض الرشقات التكتيكية من 107 على خطوط امداد داخل خانيونس و الرشقات الاستراتيجية على تل أبيب لكن برؤوس تفجيرية خفيفة (لتفادي ردة الفعل العنيفة,ولتوفير المخزون الاستراتيجي من الرؤوس المتفجرة) وكانت معظم الرشقات على تل أبيب لأغراض سياسية أكثر ما تكون عسكرية وهذا لمنح الوفد المفاوض المزيد من الزخم.
 
كانت القيادة العسكرية الاسرائيلية في 11 من أكتوبر مترددة أمام المقاربة الأمريكية والتي دعى فيها مستشاري البنتاغون الى انزال أكبر قدر ممكن من القوة النارية على المربعات الكبرى في جباليا و الشجاعية و محيط مخيم الشاطئ وانشاء مناطق ميتة مفتوحة من أي بناء في القواطع المدمرة.
ذهب المستشارين الفرنسيين الى تبني خليط هجين من العمليات العسكرية المباشرة والأمنية المكثفة بالاشتراك مع ضباط فلسطينيين للعمل على عزل حماس تحديدا و تدريجيا بقية الفصائل و خفض قدراتها على المناورة الحرة وافقادها ميزة التحكم في الأرض..

من خلال مطالعاتي الخاصة، يوجد على الدوام في قيادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فريقين وصراع بين مجموعتين داخليتين، أحدهما ممن يوصفون بأنهم أصحاب "المدرسة التصحيحية" revisionism school الذين يرون بأن الجيش الإسرائيلي يجب أن يستثمر أولياً في قوة سلاح الجو والاستخبارات وعمليات القوات الخاصة ونيران الأسلحة الدقيقة وقابليات التجسس المعلوماتي.

هذه المجموعة كانت ترى أن احتمالات خوض الجيش الإسرائيلي لحرب تقليدية في المستقبل المنظور شبه معدومة، وأن الاستعانة بعمليات القوات الخاصة المرنة special operations والمدعومة باستخبارات ممتازة، يمكن أن توفر أفضل رد على التهديدات الحالية والمستقبلية للتنظيمات المسلحة في محيط الدولة.

مجموعة أخرى معارضة من قادة الجيش الإسرائيلي، وصف روادها بأنهم من "المدرسة المحافظة" conservative school، أبدوا مخاوفهم من إستراتيجية مخالفيهم، وهؤلاء يعتقدون بأن تعزيز القابليات سابقة الذكر على حساب القوة التقليدية الأرضية سوف يضعف قدرات الجيش الإسرائيلي ويجعله معتمد بشكل أكبر على التقنيات المتقدمة advanced technology.

أصحاب هذه المدرسة جادلوا بأن الجيش الإسرائيلي أصبح فعلياً أكثر اعتماداً على الحلول التقنية، لذا بالنتيجة هو افتقر إلى الإستراتيجيات الفعالة لتحمل ومواجهة التهديدات الجديدة. وبدلاً من ممارسة "فن الحرب" art of war، الجيش الإسرائيلي اليوم أصبح أكثر هوساً بما يسمى "علم الحرب" science of war.

هم يرون أن الإحصائيات وأعداد الأهداف المستهدفة، لا يعكس بالضرورة عمق التأثير، ولا يزال الجيش يحتاج لإثبات قدرته على التكيف لتغيير الظروف، تماماً كما يفعل بعض منافسيه.. التقنية لا تستطيع حل جميع المشاكل ويجب عدم إهمال قدرة الجيش على الانتشار والتحشيد الجماعي deploy mass. إن شعار الجيش الذكي والصغير والمستند على عمليات القوات الخاصة، يمكن أن تكون فكرة لطيف، لكن أحياناً كثيرة الأحداث تملي الحاجة للقوات الأرضية الكبيرة من أجل إنجاز المهام.. في النهاية، كفة الفريق الثاني هي التي رجحت وخططت لعملية إجتياح قطاع غزة.
 
أهم المناورات المعتمدة من قبل الآليات الاسرائيلية (الدبابات) :
نتيجة للتدمير الكبير الذي خلفه القصف البساطي (اعمالا بالاستشارات الأمريكية) واستحالة رفع الركام داخل المناطق الحضارية الكبرى لم يكن ممكنا بتاتا السير في المناورات النصف دائرية والتي تعطي للمهاجم ميزة زاوية الرؤية المتسعة والتي من شأنها تحديد مصادر اطلاق النار من مضاد الدروع أو حتى من قذائف الهاون (أبعد مسافة) وهذا يتم عبر وضع كافة الدبابة في شكل شبه دائري لتغطي كل منها قطر (نصف دائرة) مقابلة لها وهذا كان مستحيلا في شمال القطاع والمدينة

صراحة لا أعلم مصدر هذه المعلومة لكن الدبابات لا تقاتل بهذا التكتيك في المدن وربما تقصد حماية نقاط التموضع لكن بالتأكيد ليس المناورة والتقدم. القوات المدرعة الإسرائيلية تحركت إلى المدينة تحت غطاء الظلام واستعملت الدبابات وعربات المشاة المدرعة وكذلك البلدوزرات المدرعة armored bulldozers لحراثة الطرق وتوفير الأمان للقوات المتقدمة وتحسبا من نيران المقاومة الفلسطينية.

دبابات وعربات المشاة المدرعة كما عرضت الفيديوهات المصورة بقيا على مقربة من بعضهم البعض على جانبي الطريق وذلك ليوفر كل منهما الدعم الناري للآخر. في ذات الوقت، عمل الجنود الراجلون على توفير الغطاء الملائم ضد المسلحين الذي يحاولون استهداف عرباتهم وذلك باتباع تكتيك توجيه النيران الالية الكثيفة وباكتساح المباني التي يعتقد أن المسلحون يتحصنون بها.

دبابات Merkava بصفة عامة مزودة بالعديد من التجهيزات القياسية التي تأهلها لخوض المعركة الحضرية بكافة تفاصيلها. هي مجهزة بآلات تصوير متعددة الاتجاهات، رشاشات خارجية يمكن التحكم بها عن بعد، فتحات خلفية لفوهات البنادق لحماية المؤخرة، صفائح درع إضافية للبرج والهيكل ودرع البطن belly-armor، مستشعرات للتحذير من الشعاع الليزري، منظومة قتل صعب عالية الكفاءة وغير ذلك من التجهيزات.
 
نقاط قوة ونقاط ضعف
كأي استراتيجية عسكرية , المناورات البرية التي نفذتها القوات الاسرائيلية المقتحمة لاسيما سلاح الدبابات لديها نقاط قوة مهمة جدا,على رأسها منظومة التروفي الرائدة والتي حيدت جزئيا سلاح مضاد الدروع الأكثر تطورا في حوزة المقاتل الفلسطيني الكورنيت والكونكورس..
كذلك قدرة تحديد مصدر النيران عبر الوسائل التكنولوجية (تحديد البصمة الحرارية) مما يجعل المقاتل الفلسطيني في تحدي مع عقارب الساعة للتنفيذ بسرعة والانسحاب بسرعة أكثر من المكان وهذا ما يحرمه مجددا من توظيف سلاح الكورنيت الثقيل في الحمل والذي يأخذ وقتا كبيرا في التنصيب والتفكيك واعادة الحمل قد يصل الى اجمالي 10 عشرة دقائق دون احتساب حدوث الطوارئ التي قد تفشل مهمة التركيب أو الانسحاب (صدأ أحد قطع التركيب,خلل في تشغيل البطارية),أيضا منحت مناورات النيران المتداخلة السرعة الكافية للتوغل.

السبب الرئيس لعدم إستخدام سلاح الصواريخ الموجهه ATGM هو مقيدات الإستخدام المتمثلة بالمباني والهياكل الإنشائية في المدينة مما يعوق مسار الصاروخ ويضاعف من إحتمالات إرتطامه بالأجسام البارزة، خصوصا وأن تلك الصواريخ من أنظمة الجيل الثاني SACLOS (يرى العديد من الاختصاصيين العسكريين أن معالم وسمات التضاريس وكذلك الأهداف المحجوبة والمخفية بالمناظر الطبيعية أو الصناعية في التضاريس الحضرية، لا تضمن رؤية مباشرة للأهداف). ناهيك عن أن هذه الأنظمة تحتاج لمسافة كي تستقر في طيرانها وكذلك سرعة طيرانها المنخفضة التي تجعلها هدف سهل لعناصر العدو القريبة والنيران المضادة!!!!

تتسبب عملية إطلاق صاروخ مضاد للدبابات ATGM في حدوث حالة عصف أو لفح خلفي backblast شديدة، تمتد لمسافة عن موضع إطلاق السلاح. هذه المنطقة عادة ما تكون خطرة على المشغلين، إذ أن نتائجها غالباً ما تكشف وتدل عن موقع الإطلاق وتجعله عرضة للرصد المعادي والهجوم المضاد.
 
في الجانب المقابل نقاط الضعف كانت بادية جدا لدرجة تجسيد تكرارها في عشرات المرات من الفيديوهات التوثيقية التي كانت تنشرها الفصائل الفلسطينية جزئيا على مدار أيام اقتحام الشمال والمدينة ,وكانت نقاط الضعف هذه كلها تجول في فلك خلل التصنيع بالأساس في الأجزاء الضعيفة من الآليات والتي تمكن المقاتل الفلسطيني من رصدها بدمج المعارف القبلية والمعارف المكتسبة بالخبرات الميدانية وتبادل التقارير والتمحيص الجيد للمواد الاعلامية (الفيديو) التي تستخدم داخل الفصائل (غير مخصصة للانتاج الاعلامي انما توثيق داخلي) وعبر تبادل هذه الخبرات تعممت بشكل أوسع تلك المعارف المكتسبة , وكانت الاستهدافات عبر القذائف التاندوم أو الياسين تتم على مراحل مختلفة في كل مرة..واعتمد المقاتل الفلسطيني ميزة رصد الحركة وتغيير التكتيك في كل مرة عبر الالتفاف أو استهداف الخاصرة والمقدمة واعاقة الوسط (تكتيك غروزني الشهير) نقلا عن المقاتلين الشيشان في التسعينات , أيضا استهداف عربات الذخائر التي سببت أضرار ضخمة (تكتيك بوتشا) نقلا عن المقاومين الأوكران في معارك بوتشا قبل عامين.

لا شك أن سلاح الأنفاق هو السر في نجاح أغلب عمليات مقاتلي القسام !!!
 
A @anwaralsharrad مشكور على المساهمة والاثراء والتعقيبات المهمة جدا.
أولا في ما يخص المناورات والتقدم , هو مبني على نماذج مجمعة من تقارير وشهادات ميدانية لكن و كما وضحت قد لا تتوافق كل العناصر التي سردتها في المقال مع كل ما يحدث أو حدث في الميدان (وهذا عمدا في أغلب الأحيان) , الا أن التكتيكات في المناورة والتقدم على وجه التحديد خضعت الى اعادة تقييم بعد الاستهدافات الأولى خاصة حادثة عربة النمر.في ما يخص الـATGM أتفق بنسبة كبيرة جدا في كثير من الجزئيات التي ذكرتها,وختاما مسألة الأنفاق لا شك في أهمية الأنفاق للحركة لكنني من أنصار فرضية أن الأنفاق ليست وحدها بل حجم المباني المدمرة و تغير معالم المناطق الحضارية الكبرى واخلاء المدنيين من مناطق واسعة منح المدافعين ميزات التحرك و المناورة حرفيا "من الركام" و أيضا المرابطة دون القلق بوجود المدنيين..لأنه بين قوسين( في بعض الأحيان سبب وجود الفضوليين من المدنيين (على نياتهم) الكثير من المشاكل وأذكر حادثة وقعت في غزة (المدينة) أين تسبب تشجيع و تهليل الجماهير من المدنيين على بعض المقاتلين المتحركين نحو الجبهات تسبب في اقبال بعض الفضوليين بأعداد متزايدة على المنطقة مما جعل عدد من عناصر الحماية (حاملين أسلحة خفيفة) يتدخلون لابعاد الجماهير وافهامها خطورة الموقف وامكانية تعرضهم للاستهداف وتعريض المقاتلين للخطر) وأغلق القوس.
مرة أخرى مشكور جدا على التعقيبات المهمة.
 
نقاط قوة ونقاط ضعف
كأي استراتيجية عسكرية , المناورات البرية التي نفذتها القوات الاسرائيلية المقتحمة لاسيما سلاح الدبابات لديها نقاط قوة مهمة جدا,على رأسها منظومة التروفي الرائدة والتي حيدت جزئيا سلاح مضاد الدروع الأكثر تطورا في حوزة المقاتل الفلسطيني الكورنيت والكونكورس..كذلك قدرة تحديد مصدر النيران عبر الوسائل التكنولوجية (تحديد البصمة الحرارية) مما يجعل المقاتل الفلسطيني في تحدي مع عقارب الساعة للتنفيذ بسرعة والانسحاب بسرعة أكثر من المكان وهذا ما يحرمه مجددا من توظيف سلاح الكورنيت الثقيل في الحمل والذي يأخذ وقتا كبيرا في التنصيب والتفكيك واعادة الحمل قد يصل الى اجمالي 10 عشرة دقائق دون احتساب حدوث الطوارئ التي قد تفشل مهمة التركيب أو الانسحاب (صدأ أحد قطع التركيب,خلل في تشغيل البطارية),أيضا منحت مناورات النيران المتداخلة السرعة الكافية للتوغل.
اضافة الى انه كان بالامكان خلال 17 عام من السيطرة على غزة هو انشاء خطوط صد تحسباً لاي عملية برية ويمكن تخفيض التكلفة باستخدام ركام المنازل من الحروب السابقة
نعم هذا لن يمنع التوغل البري ولكن لن يجعل لدى القيادة الاسرائيلية رفاهية اختيار المناطق او طرق الاقتحام
و ايضا اثبت فعالتيه في معركة الموصل


نعم إتضح ماتقصد أخي الكريم

لكن في هذه الحالة أعتقد أن الخنادق المضادة للدبابات ستؤدي الغرض نوعًا ما

وكما جرت العادة ، وعلى سبيل المثال

تشرح صور الأقمار الصناعية
خـط دفاعي روسي بأحد إتجاهات الجبهة

- تبدأ الخنادق المضادة للدبابات أولًا ( بالأصفر )

- ثم تليها أسنان التنين ثانيًا ( بالأحمر )

- وتأتي بعد ذلك بمسافة معلومة
( خنادق الأفراد )

كما توضح الصورة


مشاهدة المرفق 678410
مشاهدة المرفق 678416

مع العلم ان بعض الخنادق المضادة للدبابات عادةً ماتكون بعمق 4 أمتار وعرض 6 أمتار !



تقديري اخي الفاضل والمعذرة على الإطالة .


 
التعديل الأخير:
لضمان نجاح عملية إجتياح قطاع غزة والتي سميت في إسرائيل بإسم "حرب السيوف الحديدية" War of Iron Swords، أعد الجيش الإسرائيلي قوة كبيرة من فرق المشاة، الدبابات، المدفعية، سلاح الهندسة وسلاح الاستخبارات لاقتحام قطاع غزة. القوة كانت مدعومة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي، البحرية، ووكالات الأمن security agencies المحلية الأخرى. ورغم الخسائر الكبيرة والمتوقعة إلى حد ما أثناء التنفيذ، عمليات الجيش الإسرائيلي كانت متسقة ومتوافقة مع المفهوم العام للأسلحة المشتركة combined-arms، حيث عملت وحداته المقاتلة على المناورة بالقوة خلال كافة مراحل العملية.

استعملت وحدات الجيش الإسرائيلي دبابات Merkava وعربات المشاة المدرعة لإنزال أفراد المشاة تحت دعم ناري ثقيل من سلاح المدفعية والطيران وكان الهدف الرئيس للعملية هو إلحاق أكبر مقدار من الخسائر الممكنة بين وحدات المقاومة الفلسطينية وكشف وهدم الأنفاق في داخل القطاع والتي أستخدمت على الدوام لتنفيذ العمليات تجاه الأهداف العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية، مع إلحاق أقصى ضرر ممكن بالمدينة ومنشآتها الحيوية.. هل نجحت العملية في تحقيق أهدافها أم لم تنجح، نترك الحكم في ذلك للمتابعين.
 
أولا في ما يخص المناورات والتقدم , هو مبني على نماذج مجمعة من تقارير وشهادات ميدانية لكن و كما وضحت قد لا تتوافق كل العناصر التي سردتها في المقال مع كل ما يحدث أو حدث في الميدان (وهذا عمدا في أغلب الأحيان) , الا أن التكتيكات في المناورة والتقدم على وجه التحديد خضعت الى اعادة تقييم بعد الاستهدافات الأولى خاصة حادثة عربة النمر.

هذه الحادثة أخذت وضع إستثنائي لأنها تمت على حدود القطاع في بداية الحملة الإسرائيلية وليس أثناء المعارك الشرسة في داخل القطاع !!!! هي تماثل تماما ضربات مقاتلي حزب الله اتجاه الأهداف المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع لبنان.
 
اضافة الى انه كان بالامكان خلال 17 عام من السيطرة على غزة هو انشاء خطوط صد تحسباً لاي عملية برية ويمكن تخفيض التكلفة باستخدام ركام المنازل من الحروب السابقة
نعم هذا لن يمنع التوغل البري ولكن لن يجعل لدى القيادة الاسرائيلية رفاهية اختيار المناطق او طرق الاقتحام
و ايضا اثبت فعالتيه في معركة الموصل


مشكور على التعقيبات المهمة , أتفق معك في مسألة انشاء الخطوط الا أن هناك جملة من التحديات اللوجستية (لن نفصلها واحد تلو الأخرى) لكن سوف أركز على أحد الجوانب العملياتية لخطوط الصد , صحيح جدا أن الطبيعة الطبوغرافية للقطاع تسمح بانشاء خطوط صد و خنادق مفتوحة ذات فعالية عالية جدا في ابطاء الزخم والسرعة في التوغل و خلق المزيد من المشاكل للقوات المهاجمة..لكن هناك مشكل عملياتي آلا و هو انشاء هذه السواتر أو الخطوط أو أي كانت طبيعتها هو شبه مستحيل أن يتم بشكل سري في ظل المراقبة الجوية المستمرة على المناطق المفتوحة في القطاع.لكن مرة أخرى أؤكد توافقي معك في هذه المسألة.
 
شبه مستحيل أن يتم بشكل سري في ظل المراقبة الجوية المستمرة على المناطق المفتوحة في القطاع.لكن مرة أخرى أؤكد توافقي معك في هذه المسألة
عمل مثل هذا مستحيل ان يتم بشكل سرى او ان يبقى سر ، لكن بالامكان القيام به اثتاء اوقات التهدئة ووقف اطلاق النار
مثل ما فعل في شارع جكر
 
عودة
أعلى