- إنضم
- 4 فبراير 2024
- المشاركات
- 417
- التفاعل
- الدولة
مقدمة : وبعد التحية للأعضاء,في ما يقارب الستة أشهر مستمرة من الحرب في قطاع غزة , شبح الموت يواصل طرق أبواب الغزيين بطرق مختلفة و هذه المرة باب المجاعة..وخاصة في شمال قطاع غزة و مدينة غزة شمال الوادي , أين تعرف المنطقة ضغطا عسكريا كبيرا و اغلاق تام , وسط مناشدات عالمية شعبية و حكومية و عبر المنظمات الحقوقية اتجهت بعض الدول نحو خطوة لفك الضغط وتخفيف وتيرة المجاعة..وتجسدت الخطوة في عمليات انزال جوي للمساعدات بمختلف أنواعها (مواد طبية وشبه طبية أساسية , مواد غذائية , مكملات من الفيتامينات المتعددة والأمصال) وقد شاركت في العملية بلدان عدة على رأسها الأردن (والتي لها سابقة في الانزالات الجوية في مدينة غزة أثناء أزمة مستشفى الشفاء) و مصر والإمارات والبحرين اضافة الى الولايات المتحدة الأمريكية و من المعتزم أن تنظم بلدان أخرى مثل كندا و فرنسا وقطر في الأسابيع المقبلة..لكن أثارت العملية جدلا واسعا جدا ونقاشا حاد بين النشطاء والخبراء العسكريين,سنحاول في هذا الموضوع فهم هذا الجدال واستعراض وجهات النظر المختلفة و بعض الحقائق التقنية..
شمال غزة كم هناك و كم يحتاجون ؟؟
تعرف منظمة الغذاء العالمية حالة المجاعة على أنها عدم تحصل الأفراد على القدر الكافي من السعرات الحرارية اليومية لفترات طويلة من الزمن , وتعرف الشرائع الدولية الناظمة للحروب والنزاعات المسلحة والتي تتمحور حول اتفاقية روما أن التجويع أو التسبب في المجاعة عن قصد أو غير قصد وإتلاف المحاصيل الزراعية والمخزونات الغذائية و خزانات المياه و منع الطعام و الماء عن الجنود (لاحظ جيدا عن الجنود) هو جريمة حرب..وجرائم الحرب تسقط تباعا حق مرتكبها في مواصلة النزاع أو المباشرة في الأعمال العسكرية بغرض الدفاع أو الهجوم..
تشير التقارير الأممية و تقارير المؤسسات الغير حكومية الناشطة داخل قطاع غزة وخارج قطاع غزة (ذات ارتباطات مباشرة بالقطاع) و التقارير الحكومية لعدد من البلدان العربية و للولايات المتحدة أن هناك عددا تقريبيا يجاوز الـ700.000 مواطن(ة) في شمال غزة (بيت حانون/بيت لاهيا/العطاطرة) و مدينة غزة شمال الوادي , وتشير تقارير حكومية محلية في غزة الى أن العدد يقارب الـ800.000 مواطن(ة) لكن وبالقاعدة الثابتة في التحليل الميداني نتوقع دائما السيناريو الأسوء (ضياع المساعدات لأسباب متعددة) ونثبت الرقم عند 950.000 مواطن(ة) بغض النظر عن صفة المدني أو غير المدني احتكاما لنص القانون الدولي الواضح,تقدر حاجة الفرد من 1100 الى غاية 3500سعرة حرارية في اليوم لكن وبفعل الاجراءات المتبعة منذ عشرين سنة يفرض على المواطنين في غزة سقف 2279 سعرة حرارية في اليوم لكن وفي هذه الحالة (المجاعة) سوف نضع رقما متوسطا (افتراضيا) يمنع حالة المجاعة بالحد الأدنى الى رقم 2400 سعرة في اليو ثابتة وبعملية حسابية نسبة الى 950.000 مواطن نحن نحتاج يوميا الى 700 طن من طحين القمح على مدار 3 أسابيع دون انقطاع من أجل تجاوز عتبة المجاعة هذا ولم أحتسب الأغذية الأخرى حيث أن طحين القمح وحده قد يسبب كارثة أخرى منها عسر الهضم واضطرابات معظمها تؤدي الى الوفاة ولهذا أستخدمه كقياس افتراضي وليس حصرا لكل الحاجيات الغذائية.
ايجابيات الاسقاط المظلي للمساعدات
تم استخدام طائرات نقل من نوع سي 130 (المصنعة من شركة لوكهييد مارتن) في توزيع المساعدات وانطلقت الحملة الأولى من أراضي المملكة الأردنية , وقد شاركت فرنسا بطائرة من أصل 4 و تمتاز بفاعليتها الكبيرة في أداء المهام المتعددة في النقل المتعدد للجنود و الآليات وبامكانها القاء سيارات بأكملها (لكن هذا يتطلب جهدا تقنيا خاص) و تبلغ حمولتها 20.000 كيلوغرام تقديريا مما يؤهلها نظريا الى حمل واسقاط القدر الكافي من المساعدات في طلعات متعددة يوميا
مصر و الامارات ضمن حملة طيور الخير (مبادرة الفارس الشهم 3 الاماراتية) قررت القيادة المصرية توظيف شرائح تتبع تسمح للنشطاء على أرض الميدان بتتبع الطرود المسقطة جويا وهذا ما يسهل استرجاع الطرود و عدم ضياعها في البحر
الاسقاط المظلي والأخطار الكبرى
طرح خطة ومباشرة تنفيذها دون دراسة البدائل قد يعصف بكل شيء , لدى عملية الاسقاط الجوي مساوئ أيضا وهنا نخوض في تحليل تقني دون العناية والقصد بأي جوانب سياسية للموضوع..
تعرف المنطقة الشمالية لقطاع غزة والقطاع ككل اكتضاض المسارات الجوية وهذا تباعا للنشاط المكثف للطيران الحربي الاسرائيلي و أيضا المسارات الجوية فوق بحر غزة وقطاع غزة تعرف اكتضاض واغراق للمسارات الجوية بمختلف المستويات (الارتفاعات) وهذا راجع لنشاط الطيران الحربي و الاستطلاعي الاسرائيلي و الاستطلاعي الأمريكي والبريطاني(مؤكد استمراره لغاية نشر هذا المقال) والفرنسي (غير مؤكد استمراره)..هذا يعقد من مهام الطيارين وأطقم المراقبة والتنسيق العاملة على تسيير هذه الطلعات الجوية مما يرشح لامكانية كبيرة بحدوث خطأ طارئ نتيجة لخرق أو اغفال بروتوكولات التواصل وتأمين المسارات المحددة للطائرات الانقاذية حتى لا تتداخل عرضيا وبالخطأ مع الطائرات الحربية أو الاستطلاعية المنتشرة بكثافة في نفس المجال الضيق وهذا السبب (ضيق المجال الجوي للمنطقة) ما يجعلني أتوقع هذه الحوادث
صورة لخارطة النشاط الجوي الاستطلاعي الأمريكي في القطاع أثناء بداية شهر نوفمبر نشرتها صحيفة نيويورك تايمز.
الاسقاط المظلي له قسم من الفيزياء مخصص له و نلخصه اصطلاحا "فيزياء القفز/الاسقاط المظلي" ,قوة السحب و الاحتكاك بالهواء وتداخلات عوامل أخرى مثل حركة الرياح و حالة الطقس ووزن و حركة الجسم/الشخص المسقط و زاوية الاسقاط هي أبرز ما يحكم نجاح أو فشل دقة الاسقاط..وفي حالة الأفراد المظليين كمثال يوجد قسم متخصص داخل الجيوش وهو القسم الرياضي لقفز الدقة بالمظلة ويتبارز فيه المظليون العسكريون من العالم بأسره في بطولات دولية تقام سنويا..
وكمثال لدى الولايات المتحدة الأمريكية فصيل خاص تحت امرة المختبر البحثي للقوات الجوية (AFRL) للاسقاط المظلي بالدقة وتمكن بعد سلسلة من العمليات الفاشلة من انجاح عملية اسقاط بالدقة في تجربة بمنطقة آيوما في صحراء أريزونا بتاريخ 19 نوفمبر عام 2020..لكن في وضع أقل تعقيدا من غزة بعيدا عن البحر (اضطربات هوائية) و في درجات حرارة معتدلة و مناخ مشرق.
عموما سواء المظلي الرياضي أو العملياتي كلاهما يتحكم في عوامل كثيرة فهو يحدد نقطة فتح المظلة و يوجه نفسه وبالتالي يتفادى الحوادث العرضية وأي أخطاء في الاسقاط لكن اسقاط الأطنان من المساعدات يجعلها خارجة عن التحكم البشري و تصبح تحت رحمة قوة الجذب وحركة الرياح دون أي توجيه وهذا ما أدى وحسب الكثير من النشطاء الميدانيين الى سقوط جزء كبير من المساعدات فوق عمارات يصعب الوصول اليها بسبب كثافة تواجد القوات الاسرائيلية حولها أو وجودها ضمن منطقة اشتباكات خطيرة وأحيانا في أماكن عميقة من اقليم بحر غزة استحال في مرات عدة على الصيادين المحليين الوصول لها نظرا لامكانياتهم المحدودة في قوارب خشبية بمحركات 40 في أقصى حد لها ودون بنزين كافي أصلا لإجراء الرحلة ذهابا وإيابا
الى من تهبط المساعدات وكيف تتوزع ؟
من المتفق عليه في عرف الحروب , أن حالة اللاتنظيم والفوضى هي أكثر ما يضر الجبهات الداخلية..تنشط داخل قطاع غزة عدد من المنظمات الغير حكومية والدولية و الخاصة والجمعيات العابرة للحدود (مثل جمعية البركة الجزائرية,هيئة الاغاثة التركية,مجموعة الصداقة الاندونيسية ومنظمات أخرى خليجية و أوروبية) و تختص جلها في العمل الاغاثي ولديها خبرة كبيرة في هذا المجال أثناء وقبل وبعد الحرب ويمكنها ممارسة مهامها في ظل أعقد الظروف الميدانية ضف الى هذا تمكنها المجتمعي حيث تعتمد في عملها على العنصر البشري المحلي وهذا أمر بالغ الأهمية لخلق الثقة والطمأنينة والقبول وحرية التحرك أثناء أداء الأعمال الاغاثية ورصد الحالات المحتاجة وابتكار الحلول اللوجيستية الملائمة لطبيعة الميدان الجغرافية والديمغرافية,ومن مساوئ عمليات الانزال حسب نشطاء وخبراء و القيمين على هذه المؤسسات المختصة أنها كانت اسقاطات عشوائية تماما حدثت في معزل تام عن هذه المؤسسات ووصلت بشكل مباشر للمواطنين دون النظر لأولوياتهم و كمثال بسيط نشر أحد النشطاء في مدينة غزة تمكنه من استرجاع طرود اغاثية وبعد تعريض نفسه للخطر البالغ (القنص,المرور في مناطق اشتباكات خطيرة) اكتشف أن الطرود التي حصلها كانت مليئة بمواد شبه طبية مخصصة للسيدات و بدء رحلة البحث عن تبادل هذه الطرود من أجل الحصول على طرود أخرى للغذاء أو بيعها و شراء الغذاء..هذا مثال بسيط على خطورة العشوائية والتعقيدات التي تخلقها ميدانيا.
مفاقمات أمنية بالغة
أمنيا , الحروب والنزاعات المسلحة والأزمات الانسانية تمثل البيئة الأنسب و المفتوحة لنشاط المارقين والمنحرفين حيث ينطلقون في ظل هذه الظروف الخطيرة في أعمال الشغب و احلال الفوضى و النهب والسلب الذي يطال ممتلكات المواطنين الخاصة والممتلكات العمومية و في هذه الحالة يجعل الطرود المسقطة عشوائيا عرضة لهذه العناصر المارقة المنفلتة عن سلطة القانون (وخير مثال نستذكره هي تلك الجماعات التي نشطت عقب احتلال بغداد سنة 2003 وانهيار النظام العام واستمرت سطوتها الى غاية سنة 2007) , نلاحظ أنه لا يوجد أي قوات شرطية لحفظ النظام وضبط الجموع و تحديد العناصر المشاغبة وتحييدها ميدانيا عند استقبال الطرود وان وجدت قد تتعرض للاستهداف الممنهج مما يولد مفاقمات أمنية خطيرة قد تؤدي الى الانهيار الكامل في النظام العام
آفاق عمليات الانزال الجوي ؟
في النهاية لا تزال الفرصة سانحة و من الممكن جدا أن تأتي عمليات الانزال الجوي للمساعدات بنتائج ايجابية جدا ولكن هذا لن يتحقق الا بخلق الأسباب والظروف الميدانية اللازمة من أجل نجاحها , و على رأس هذه الظروف هي تخفيف نشاط الطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء القطاع لتأمين الطواقم والطائرات المستخدمة من أي حوادث وثانيا انشاء قنوات اتصال مباشرة مع الهيئات والمؤسسات المتخصصة و الخبيرة بالأعمال الاغاثية داخل القطاع , وثالثا العمل على اسقاط المساعدات في مناطق مفتوحة مخصصة تحت اشراف الطواقم الاغاثية بريا وبشكل مباشر على عدد الطرود و محتوياتها من أجل جردها و توزيعها بشكل مرتب و صحيح وغير عشوائي.رابعا العمل على ضغط المجتمع الدولي بتقليص مساحات الاشتباك و سحب القوات الاسرائيلية خاصة من الحواضر الكبرى أثناء عمليات الاسقاط,خامسا استمرارية عمليات الانزال الجوي بشكل يومي و على مدار أوقات زمنية مختلفة لتغطية أكبر قدر ممكن من الاحتياجيات ومنع تصاعد المجاعة.
شمال غزة كم هناك و كم يحتاجون ؟؟
تعرف منظمة الغذاء العالمية حالة المجاعة على أنها عدم تحصل الأفراد على القدر الكافي من السعرات الحرارية اليومية لفترات طويلة من الزمن , وتعرف الشرائع الدولية الناظمة للحروب والنزاعات المسلحة والتي تتمحور حول اتفاقية روما أن التجويع أو التسبب في المجاعة عن قصد أو غير قصد وإتلاف المحاصيل الزراعية والمخزونات الغذائية و خزانات المياه و منع الطعام و الماء عن الجنود (لاحظ جيدا عن الجنود) هو جريمة حرب..وجرائم الحرب تسقط تباعا حق مرتكبها في مواصلة النزاع أو المباشرة في الأعمال العسكرية بغرض الدفاع أو الهجوم..
تشير التقارير الأممية و تقارير المؤسسات الغير حكومية الناشطة داخل قطاع غزة وخارج قطاع غزة (ذات ارتباطات مباشرة بالقطاع) و التقارير الحكومية لعدد من البلدان العربية و للولايات المتحدة أن هناك عددا تقريبيا يجاوز الـ700.000 مواطن(ة) في شمال غزة (بيت حانون/بيت لاهيا/العطاطرة) و مدينة غزة شمال الوادي , وتشير تقارير حكومية محلية في غزة الى أن العدد يقارب الـ800.000 مواطن(ة) لكن وبالقاعدة الثابتة في التحليل الميداني نتوقع دائما السيناريو الأسوء (ضياع المساعدات لأسباب متعددة) ونثبت الرقم عند 950.000 مواطن(ة) بغض النظر عن صفة المدني أو غير المدني احتكاما لنص القانون الدولي الواضح,تقدر حاجة الفرد من 1100 الى غاية 3500سعرة حرارية في اليوم لكن وبفعل الاجراءات المتبعة منذ عشرين سنة يفرض على المواطنين في غزة سقف 2279 سعرة حرارية في اليوم لكن وفي هذه الحالة (المجاعة) سوف نضع رقما متوسطا (افتراضيا) يمنع حالة المجاعة بالحد الأدنى الى رقم 2400 سعرة في اليو ثابتة وبعملية حسابية نسبة الى 950.000 مواطن نحن نحتاج يوميا الى 700 طن من طحين القمح على مدار 3 أسابيع دون انقطاع من أجل تجاوز عتبة المجاعة هذا ولم أحتسب الأغذية الأخرى حيث أن طحين القمح وحده قد يسبب كارثة أخرى منها عسر الهضم واضطرابات معظمها تؤدي الى الوفاة ولهذا أستخدمه كقياس افتراضي وليس حصرا لكل الحاجيات الغذائية.
ايجابيات الاسقاط المظلي للمساعدات
تم استخدام طائرات نقل من نوع سي 130 (المصنعة من شركة لوكهييد مارتن) في توزيع المساعدات وانطلقت الحملة الأولى من أراضي المملكة الأردنية , وقد شاركت فرنسا بطائرة من أصل 4 و تمتاز بفاعليتها الكبيرة في أداء المهام المتعددة في النقل المتعدد للجنود و الآليات وبامكانها القاء سيارات بأكملها (لكن هذا يتطلب جهدا تقنيا خاص) و تبلغ حمولتها 20.000 كيلوغرام تقديريا مما يؤهلها نظريا الى حمل واسقاط القدر الكافي من المساعدات في طلعات متعددة يوميا
مصر و الامارات ضمن حملة طيور الخير (مبادرة الفارس الشهم 3 الاماراتية) قررت القيادة المصرية توظيف شرائح تتبع تسمح للنشطاء على أرض الميدان بتتبع الطرود المسقطة جويا وهذا ما يسهل استرجاع الطرود و عدم ضياعها في البحر
الاسقاط المظلي والأخطار الكبرى
طرح خطة ومباشرة تنفيذها دون دراسة البدائل قد يعصف بكل شيء , لدى عملية الاسقاط الجوي مساوئ أيضا وهنا نخوض في تحليل تقني دون العناية والقصد بأي جوانب سياسية للموضوع..
تعرف المنطقة الشمالية لقطاع غزة والقطاع ككل اكتضاض المسارات الجوية وهذا تباعا للنشاط المكثف للطيران الحربي الاسرائيلي و أيضا المسارات الجوية فوق بحر غزة وقطاع غزة تعرف اكتضاض واغراق للمسارات الجوية بمختلف المستويات (الارتفاعات) وهذا راجع لنشاط الطيران الحربي و الاستطلاعي الاسرائيلي و الاستطلاعي الأمريكي والبريطاني(مؤكد استمراره لغاية نشر هذا المقال) والفرنسي (غير مؤكد استمراره)..هذا يعقد من مهام الطيارين وأطقم المراقبة والتنسيق العاملة على تسيير هذه الطلعات الجوية مما يرشح لامكانية كبيرة بحدوث خطأ طارئ نتيجة لخرق أو اغفال بروتوكولات التواصل وتأمين المسارات المحددة للطائرات الانقاذية حتى لا تتداخل عرضيا وبالخطأ مع الطائرات الحربية أو الاستطلاعية المنتشرة بكثافة في نفس المجال الضيق وهذا السبب (ضيق المجال الجوي للمنطقة) ما يجعلني أتوقع هذه الحوادث
صورة لخارطة النشاط الجوي الاستطلاعي الأمريكي في القطاع أثناء بداية شهر نوفمبر نشرتها صحيفة نيويورك تايمز.
الاسقاط المظلي له قسم من الفيزياء مخصص له و نلخصه اصطلاحا "فيزياء القفز/الاسقاط المظلي" ,قوة السحب و الاحتكاك بالهواء وتداخلات عوامل أخرى مثل حركة الرياح و حالة الطقس ووزن و حركة الجسم/الشخص المسقط و زاوية الاسقاط هي أبرز ما يحكم نجاح أو فشل دقة الاسقاط..وفي حالة الأفراد المظليين كمثال يوجد قسم متخصص داخل الجيوش وهو القسم الرياضي لقفز الدقة بالمظلة ويتبارز فيه المظليون العسكريون من العالم بأسره في بطولات دولية تقام سنويا..
وكمثال لدى الولايات المتحدة الأمريكية فصيل خاص تحت امرة المختبر البحثي للقوات الجوية (AFRL) للاسقاط المظلي بالدقة وتمكن بعد سلسلة من العمليات الفاشلة من انجاح عملية اسقاط بالدقة في تجربة بمنطقة آيوما في صحراء أريزونا بتاريخ 19 نوفمبر عام 2020..لكن في وضع أقل تعقيدا من غزة بعيدا عن البحر (اضطربات هوائية) و في درجات حرارة معتدلة و مناخ مشرق.
عموما سواء المظلي الرياضي أو العملياتي كلاهما يتحكم في عوامل كثيرة فهو يحدد نقطة فتح المظلة و يوجه نفسه وبالتالي يتفادى الحوادث العرضية وأي أخطاء في الاسقاط لكن اسقاط الأطنان من المساعدات يجعلها خارجة عن التحكم البشري و تصبح تحت رحمة قوة الجذب وحركة الرياح دون أي توجيه وهذا ما أدى وحسب الكثير من النشطاء الميدانيين الى سقوط جزء كبير من المساعدات فوق عمارات يصعب الوصول اليها بسبب كثافة تواجد القوات الاسرائيلية حولها أو وجودها ضمن منطقة اشتباكات خطيرة وأحيانا في أماكن عميقة من اقليم بحر غزة استحال في مرات عدة على الصيادين المحليين الوصول لها نظرا لامكانياتهم المحدودة في قوارب خشبية بمحركات 40 في أقصى حد لها ودون بنزين كافي أصلا لإجراء الرحلة ذهابا وإيابا
الى من تهبط المساعدات وكيف تتوزع ؟
من المتفق عليه في عرف الحروب , أن حالة اللاتنظيم والفوضى هي أكثر ما يضر الجبهات الداخلية..تنشط داخل قطاع غزة عدد من المنظمات الغير حكومية والدولية و الخاصة والجمعيات العابرة للحدود (مثل جمعية البركة الجزائرية,هيئة الاغاثة التركية,مجموعة الصداقة الاندونيسية ومنظمات أخرى خليجية و أوروبية) و تختص جلها في العمل الاغاثي ولديها خبرة كبيرة في هذا المجال أثناء وقبل وبعد الحرب ويمكنها ممارسة مهامها في ظل أعقد الظروف الميدانية ضف الى هذا تمكنها المجتمعي حيث تعتمد في عملها على العنصر البشري المحلي وهذا أمر بالغ الأهمية لخلق الثقة والطمأنينة والقبول وحرية التحرك أثناء أداء الأعمال الاغاثية ورصد الحالات المحتاجة وابتكار الحلول اللوجيستية الملائمة لطبيعة الميدان الجغرافية والديمغرافية,ومن مساوئ عمليات الانزال حسب نشطاء وخبراء و القيمين على هذه المؤسسات المختصة أنها كانت اسقاطات عشوائية تماما حدثت في معزل تام عن هذه المؤسسات ووصلت بشكل مباشر للمواطنين دون النظر لأولوياتهم و كمثال بسيط نشر أحد النشطاء في مدينة غزة تمكنه من استرجاع طرود اغاثية وبعد تعريض نفسه للخطر البالغ (القنص,المرور في مناطق اشتباكات خطيرة) اكتشف أن الطرود التي حصلها كانت مليئة بمواد شبه طبية مخصصة للسيدات و بدء رحلة البحث عن تبادل هذه الطرود من أجل الحصول على طرود أخرى للغذاء أو بيعها و شراء الغذاء..هذا مثال بسيط على خطورة العشوائية والتعقيدات التي تخلقها ميدانيا.
مفاقمات أمنية بالغة
أمنيا , الحروب والنزاعات المسلحة والأزمات الانسانية تمثل البيئة الأنسب و المفتوحة لنشاط المارقين والمنحرفين حيث ينطلقون في ظل هذه الظروف الخطيرة في أعمال الشغب و احلال الفوضى و النهب والسلب الذي يطال ممتلكات المواطنين الخاصة والممتلكات العمومية و في هذه الحالة يجعل الطرود المسقطة عشوائيا عرضة لهذه العناصر المارقة المنفلتة عن سلطة القانون (وخير مثال نستذكره هي تلك الجماعات التي نشطت عقب احتلال بغداد سنة 2003 وانهيار النظام العام واستمرت سطوتها الى غاية سنة 2007) , نلاحظ أنه لا يوجد أي قوات شرطية لحفظ النظام وضبط الجموع و تحديد العناصر المشاغبة وتحييدها ميدانيا عند استقبال الطرود وان وجدت قد تتعرض للاستهداف الممنهج مما يولد مفاقمات أمنية خطيرة قد تؤدي الى الانهيار الكامل في النظام العام
آفاق عمليات الانزال الجوي ؟
في النهاية لا تزال الفرصة سانحة و من الممكن جدا أن تأتي عمليات الانزال الجوي للمساعدات بنتائج ايجابية جدا ولكن هذا لن يتحقق الا بخلق الأسباب والظروف الميدانية اللازمة من أجل نجاحها , و على رأس هذه الظروف هي تخفيف نشاط الطيران الحربي والاستطلاعي في أجواء القطاع لتأمين الطواقم والطائرات المستخدمة من أي حوادث وثانيا انشاء قنوات اتصال مباشرة مع الهيئات والمؤسسات المتخصصة و الخبيرة بالأعمال الاغاثية داخل القطاع , وثالثا العمل على اسقاط المساعدات في مناطق مفتوحة مخصصة تحت اشراف الطواقم الاغاثية بريا وبشكل مباشر على عدد الطرود و محتوياتها من أجل جردها و توزيعها بشكل مرتب و صحيح وغير عشوائي.رابعا العمل على ضغط المجتمع الدولي بتقليص مساحات الاشتباك و سحب القوات الاسرائيلية خاصة من الحواضر الكبرى أثناء عمليات الاسقاط,خامسا استمرارية عمليات الانزال الجوي بشكل يومي و على مدار أوقات زمنية مختلفة لتغطية أكبر قدر ممكن من الاحتياجيات ومنع تصاعد المجاعة.
التعديل الأخير:
