Nice backpedaling, buddy.
بعد التعبير عن رغبتك في زوال المسيحيّين ومقارنتك لهم بالأشوريّين، تحوّلتَ فجأةً إلى عاشق للسّلام والوئام والألفة بين الشّعوب والعوالم والمجرّات، بل وصل الأمر بك إلى حدّ التعبير عن إعجابك بالقرى المسيحيّة والمارونيّة على وجه الخصوص على حساب القرى الشيعيّة. أتّفق معك أنّ حزب الله عالق في ما يُسمّى الصراع العربي-الإسرائيلي العقيم، لكن في الوقت نفسه، لا يمكن لأحدٍ أن يلوم اللّبنانيّين على وجه العموم والمسيحيّين على وجه الخصوص لاتّباعهم النظام الطّائفي. حين تكون الطائفيّة - والرّغبة في محو المسيحيّين من لبنان على وجه الخصوص - السّبب الرّئيسي للحرب الأهليّة التي مزّقَت البلاد، لا يمكنك أن تتّهم المسيحيّين بالتّقوقع للحفاظ على ما تبقّى من هويّتهم ووجودهم في لبنان - بل في الشّرق بشكلٍ عامّ. صحيح أنّ المحاسبة قد تتأثّر نتيجةً لذلك، لكنّ الشّارع المسيحيّ في لبنان الشّارع الوحيد الذي أثبتَ قدرته على محاسبة نوّابه وممثّليه بالطريقة الوحيدة المُتاحة، ألا وهي صناديق الاقتراع. فالأحزاب المسيحيّة هي الوحيدة التي تغيّرَ تمثيلها البرلماني باستمرار في العقدَين الأخيرَين نتيجة تغيُّر نظرة المسيحيّين اللّبنانيّين إلى حزب الله، وبالتالي إلى حلفائه والحركات المسيحيّة المقرّبة منه. ويكفي أن نشاهد كيف تراجع التيار الوطني الحرّ (الحليف المسيحي الأوّل لحزب الله) إلى المرتبة الثانية خلف القوّات اللّبنانيّة (القريبة من السعوديّة) على مستوى التمثيل المسيحي بعد أن بلغَت نسبة تأييده في الشارع المسيحي 70% في العام 2005 لنقيّم مستوى المحاسبة والمساءلة لدى المسيحيّين في لبنان.
إذا أردتَ أن تلومنا، يمكنك لومنا على جملةٍ من الأمور الأخرى، لكن ليس على غياب المحاسبة. خيّط بغير هالمسلّة، ومرّة جديدة، الكلام الذي قلتَه معيب بحقّ نفسك في المقام الأوّل وبحقّ كلّ من يشاركك الأفكار ذاتها. وأعود وأكرّر لك الدّعوة لمحاولة إلغائنا وإخراجنا بالقوّة من قرانا وجبالنا. لبنان ليس العراق، ولبنان ليس سوريا؛ وفي الواقع، قد يكون مسيحيّوه اليوم أقرب إلى جيرانهم - وإلى دول الخليج حتّى - من أتباع الطّوائف الأخرى.