أثبتت نتائج دراسة تاريخية أن اليهود الأجانب لم يملكوا حتى بداية القرن السابع عشر الميلادي أية أراضٍ أو دور أو دكاكين في مدينة القدس ولا قراها، "حتى مقابر اليهود كانت مؤجرة لهم من أملاك الأوقاف الإسلامية".
ورصدت الدراسة أساليب الخداع والاحتيال والتلاعب على القوانين في العهد العثماني لزيادة أعداد اليهود في القدس وحيازة أراضيها مستعرضة بالوثائق المختلفة طرق تمكين اليهود من الهجرة والاستيطان وحيازة الأراضي في العهد العثماني، وأهمها القوانين والضرائب والمصادرات والإجلاء القسري للفلاحين والعقوبات الجماعية.
نتائج الدراسة التي حملت عنوان "مدينة القدس: السكان والأرض (العرب واليهود) 1275-1368 هـ/ 1858-1948م" وأعدها الأستاذ الدكتور محمد عيسى صالحية، أستاذ التاريخ والحضارة في جامعة اليرموك الأردنية صدرت في كتاب جديد عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في بيروت.
وتأتي الدراسة في وقت تشتد فيه الهجمة الاستيطانية في القدس فيما تصعد قوات الاحتلال من إجراءاتها التعسفية ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم في المدينة المحتلة، وبشكل غير مسبوق، بهدف طرد أكبر عدد ممكن منهم وتهجيرهم منها خاصة عبر عمليات هدم المنازل، بذريعة "البناء بدون ترخيص"، وإصدار المزيد من إخطارات الهدم أو وقف البناء.
وتتمحور الدراسة العلمية حول مدينة القدس، بأرضها وسكانها العرب واليهود، في الفترة بين العامين 1858-1948م مستندة إلى الوثائق العثمانية والبريطانية والأمريكية والصهيونية، وسجلات المحكمة الشرعية في القدس، ومحاضر جلسات المجلس البلدي ، لتفسير كيفية حيازة اليهود المهاجرين الأجانب لمساحات من القدس، وتفسير ظاهرة استيطانهم في حدود المدينة وما حولها.
وقال د.صالحية معد الدراسة: "أعداد اليهود في المدينة حتى ذلك الوقت كانت قليلة، وقد هجروها في إحدى المراحل لتردي أحوالها الاقتصادية" معتبرا ذلك دلالة على أن القدس لم تكن تشكّل شيئاً مهماً عند اليهود.
وأثارت الدراسة الانتباه إلى دور الاحتلال البريطاني لفلسطين ومدينة القدس سنة 1917 في وضع الخطة الصهيونية - البريطانية موضع التنفيذ، وخاصة وعد بلفور المشؤوم وصكّ الانتداب، إلى جانب القوانين والتعليمات والتشريعات التي وضعت لصالح اليهود والحركة الصهيونية.
لكنها أظهرت في الوقت نفسه عجز الحركة الصهيونية عن تحقيق أهدافها في الاستيطان وحيازة الأرض؛ حيث لم تتمكن، بكافة الوسائل التي لجأت إليها، إلا من حيازة أقل من 6 في المائة من أراضي فلسطين، خلال ما يقارب قرناً من الزمان.
و ضمّت الدراسة ملحقاً بعدد من الوثائق التي حصل عليها الباحث، كما زُوّدت بجداول إحصائية تبين تطور أعداد سكان القدس خلال الفترة الزمنية التي تناولتها.