رسالة استغاثة من أهل الأندلس للسلطان العثماني سليمان القانوني سنة 1541م:
هذه القطعة الأدبية والتاريخية الفريدة من نوعها هي عبارة عن رسالة بعث بها أهل الأندلس بتاريخ 28 نوفمبر 1541م الموافق لـ 10 شعبان 948هـ للسلطان العثماني سليمان القانوني يطلبون منه إعادة تعيين خير الدين بربروس حاكما على الجزائر حتى يعينهم على الكفار الإسبان، وفي تلك الفترة كان خير الدين بربروس يشغل منصب قبوطان باشا (أميرال الأسطول العثماني)، الرسالة موجودة حاليا في الأرشيف العثماني تحت رقم (35/576)، وقام بنشرها الأستاذ الفاضل كريم عبد المجيد، ونظرا لأهمية الرسالة وارتباطها بالجزائر ننشرها هنا.
وسيجد القارئ للرسالة مجموعة من المعلومات المهمة حول: عدد مسلمي الأندلس المتبقين هناك ويقدر عددهم بحوالي 364 ألف مسلم، كما تبين الرسالة المعاناة التي كان يتكبدها المسلمين في الأندلس مع محاكم التفتيش من قتل وحرق وغرق، لكن رغم ذلك فإنهم حافظوا على دينهم (الاسلام)، كما تشرح الوثيقة حملة شارلكان على الجزائر سنة 1541م وكيف إنكسر أسطوله بفعل العواصف، وأهم شيء توضح المكانة التي كان يحظى بها خير الدين بربروس في نفوس المسلمين في غرب البحر المتوسط ودرجة الرعب الذي كان يشكله في نفوس الكفار، كما توضح قيمة الجزائر في نظر مسلمي الأندلس والتي كانت ولازالت تنصر المظلوم، وذلك بالقول: (يا مولانا سلطان البرين والبحرين نصركم الله المدد المدد لنصرة الجزاير لأنها سياج لأهل الاسلام وعذاب وشغل لأهل الكفر والطغيان، وهي موسومة باسمكم الشريف، وتحت إيالة مقامكم المنيف).
النص الكامل للرسالة مايلي:
(بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، يقبل مواطي الأقدام الشريفة التي تراها * إذا مر بالعيون الرمدة أبراها * ورحاب الأكف الكريمة التي عطاها * إذا أمد بالأرض المنحلة أثراها * أقدام شأنها السعي في الخيرات والقربات * وأكف شأنها فعل الخيرات والمكرمات * أدام الله أيامها ونصر أعلامها * وأوطا ركابها أعناق الملحدين والمتمردين * وأنعشه في كل وقت بنصر وفتح مبين * نسئل الله تعالى أن يجعله ركابا لم يزل ممتطيا مطايا السعد محفوفا بالسعود * قطبا للسيادة السلطانية عليه تدور وبه تسود * وأن يجعله دايما باقيا راقيا في درجات العز والملك إلى آخر الدهر مصونا في حرن كنف الله الحرين * وأن يخرق له العادة بطول بقايه وما ذلك على الله بعزيز * ركاب حضرة الجود * ورواق العز الممدود * ومعدن الرأفة والحنان * ومأمن الخايف واللهفان * ومضمن أن الله يأمر بالعدل والإحسان * حضرة فخر ملوك البسيطة * ودرة تلك السلوك الوسيطة * كبير سلاطين الزمان * منيل أفانين الأماني والأمان * الملاذ الأعظم * والثمال الأعصم * ذي العروة التي لا تفصم * والحجة التي لا تخصم * الذي يعترف له القاصي والداني بالفضل على الإطلاق * ويبوءه رتبة الأصالة والجلالة بالاستحقاق * ولما لا وهو نسيم الخلافة العلية في منصب الوراثة * وحايز الفضيلة السنية من خدمة المساجد الثلاثة * وله ملك مصر وأنهارها * والشام وديارها * والحجاز وشرف مقدارها * وإلى حصرته مجتمع الرفاق من الآفاق * وإليها تحج الأجسام بالرحلة والأفئدة بالأشواق * وعلى جميع تلك الحضرة العليا لمحاسن الدين والدنيا انعقد الإجماع والأصفاق * مولانا السلطان الملك الأشرف الأضخم الأفخم الأرفع الأعرف * الأعلم الأحلم الأرحم الأردف * الأجود الأكرم الأسمح الأعطف * قامع الملحدين وقاطع دابرة الطغاة والبغاة والمردة والمفسدين * ممهد طريق الحج والعمرة والزيارة * الفايز بشرف الدين والدنيا من الجهاد في سبيل الله والسقاية في المسجد الحرام والعمارة * مطهر البسيطة من درن فسادها * ومظهر آيات الرحمة والرأفة في بلادها * سلطان الاسلام والمسلمين * عز الدنيا والدين وظل الله على الخليقة أجمعين السلطان بن السلطان بن السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد بن محمد خان * مد الله ظلال النعمة بامتداد ظلاله * وضاعف لديه مواهب إكرامه وإفضاله * وأدام نجم سعده المنير باهر الإشراق * وجعل سهم ضده الحقير لازم الإخفاق * وحفظ بشهب أولياء مجده من مردة النفاق * جميع الأقطار والآفاق * فهو الإمام الهمام * والأسد الباسل الضرغام * الذي مهد الله تعالى بدولته البلاد * وأمن ببركته إيالته في مسالكها وممالكها العباد * ومزق به ثوب الفساد * وقطع بسيفه وسنانه وبادرتي قلمه الأعلى ولسانه دابر أهل العناد * فسعد الاسلام بدولته * واعتز دين الله العزيز في مدته * وخمدت نيران البغي بسعادته * وامتدت الأماني وشمل الأمان بحسن سياسته * نسئل الله تعالى أن يصل لسيدنا ومولانا عادة نصره وتمكينه * ويريه قرة العين في دنياه ودينه وبعد فإن عبيدك الفقرا الغربا المساكين المنقطعين بجزيرة الأندلس وجملة عدتهم ثلاثمائة وأربعة وستون ألف منهم من رسايهم بغرناطة ونحيرها خمسون والباقي من عامة المسلمين رافعين شكواهم * وما يلاقون من بلواهم * باكين متضرعين مستنصرين بعناية مولانا السلطان دام عزه ونصره لما أصابهم من أعداء الدين وطغاة المشركين وما هم فيه من مكابدة الكفار * ومقاسات التضييق والأضرار * وجور أهل الشرك آناء الليل وأطراف النهار * وتحريقهم إيانا بالنار قد تكالب العدو علينا * ومد يد السوء والضرر إلينا * وأحاطت بنا الأعداء من كل جانب * ورمونا عن قوس واحد بسهم صايب * وطالت بنا الأيام * وعاثت فينا يد النكاية والإيلام * وخذلنا جيراننا وإخواننا ببلاد المغرب من أهل الإيمان * وقد كان بجوارنا الوزير المكرم * المجاهد في سبيل الله خير الدين وناصر الدين وسيف الله على الكافرين * علم بأحوالنا * وما نجده من عظيم أهوالنا لما كان بالجزاير * واجتمعت أهل الاسلام إطاعة مولانا ومحبته بالخواطر والضماير * وانتظم العدل والشرع والأمان في البادي والحاضر * فاستغثنا به فأغاثنا وكان سببا في خلاص كثير من المسلمين * من أيدي الكفرة المتمردين * ونقلهم إلى أرض الاسلام * وتحت إيالة طاعة مولانا السلطان ولعمارة مدينة برشك وشرشال ونواحي تلمسان * فلما سمع الكافر اللعين بذلك ولم يقدر على منعنا بالسياسة والإهانة والحرق بالنيران * علم أنا اخترنا المصيبة في الأموال والأبدان وأثرنا ديننا على ساير الأديان * فلما صدقت الضماير * وبلغت القلوب الحناجر * خاف من غضبنا واجتماع كلمتنا وتركنا أموالنا وأوطاننا وهجرتنا وفرارنا إلى بلاد الاسلام لسلامة ديننا تحير في أمره * وجمع إليه أهل تدبيره وحزبه * فدبروا ومكدوا وهل يحيق المكر السيء إلا بأهله * واتفق رأيهم المعكوس * وتدبيرهم المنكوس * على قتال الجزاير * لئلا يبقى ببلاد المغرب لأهل الاسلام ناصر * فعاقبهم الله بعقاب أصحاب الفيل * وجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم ريح عاصف * وموج قاصف * فجعلهم بسواحل البحر ما بين أسير وقتيل * ولا نجا منهم منم الغرق إلا قليل * والآن اشتد غضبهم على أهل الاسلام * وهم يتوسلون بالرهبان والأصنام * ونحن نتوسل بسيد الأنام إلى موجب الوجود ذو الجلال والإكرام * وهم عازمين على الجزاير * والله تعلى مهلكهم وينصر دينه وهو نعم الناصر * يا مولانا سلطان البرين والبحرين نصركم الله المدد المدد لنصرة الجزاير لأنها سياج لأهل الاسلام وعذاب وشغل لأهل الكفر والطغيان * وهي موسومة باسمكم الشريف * وتحت إيالة مقامكم المنيف * وقد أصبحت القلوب المنكسرة بها عزيزة * والرعية المختلفة بها مؤتلفة أليفة * وطراز رونقها المجاهد في سبيل الله عبدكم الوزير الأجل خير الدين * الممتثل لأوامر مولانا ونتاج عز الدنيا والدين * فإنه أحيا هذا الوطن * وجميع النواحي والسكن * وأرعب قلوب الكفار * وخرب ديار المردة والفجار * وأقام شريعة النبي المختار * وأظهر نظام السلطنة العثمانية وأحكام مولانا نصره الله حتى تزينت بها الديار والأمصار * فنرغب ونطلب من مولانا نصره الله فيما يراه من إرساله لهذا الوطن ردا مولانا صلاح في ذلك فيكون ذلك غاية الإحسان لجميع أهل الاسلام وقهر ونكاية لحزب الشيطان * وقد اتفق جمعنا من المسلمين المذكورين على رفع الشكوى إلى مولانا السلطان الأعظم سلطان الاسلام لازال بالعز موصوف * وبالبهاء والنصر محفوف * بأن يغيثنا بإرسال المجاهد خير الدين باشا إلى الجزاير * فإنه لهذا الوطن نعم ناصر * وجميع أهل الشرك خايف وحاير والسلام التام على المقام الشريف العالي ورحمة الله بتاريخ أوايل شهر شعبان أحد شهور سنة ثمانية وأربعين وتسعمائة).
--------------------------------
هذه القطعة الأدبية والتاريخية الفريدة من نوعها هي عبارة عن رسالة بعث بها أهل الأندلس بتاريخ 28 نوفمبر 1541م الموافق لـ 10 شعبان 948هـ للسلطان العثماني سليمان القانوني يطلبون منه إعادة تعيين خير الدين بربروس حاكما على الجزائر حتى يعينهم على الكفار الإسبان، وفي تلك الفترة كان خير الدين بربروس يشغل منصب قبوطان باشا (أميرال الأسطول العثماني)، الرسالة موجودة حاليا في الأرشيف العثماني تحت رقم (35/576)، وقام بنشرها الأستاذ الفاضل كريم عبد المجيد، ونظرا لأهمية الرسالة وارتباطها بالجزائر ننشرها هنا.
وسيجد القارئ للرسالة مجموعة من المعلومات المهمة حول: عدد مسلمي الأندلس المتبقين هناك ويقدر عددهم بحوالي 364 ألف مسلم، كما تبين الرسالة المعاناة التي كان يتكبدها المسلمين في الأندلس مع محاكم التفتيش من قتل وحرق وغرق، لكن رغم ذلك فإنهم حافظوا على دينهم (الاسلام)، كما تشرح الوثيقة حملة شارلكان على الجزائر سنة 1541م وكيف إنكسر أسطوله بفعل العواصف، وأهم شيء توضح المكانة التي كان يحظى بها خير الدين بربروس في نفوس المسلمين في غرب البحر المتوسط ودرجة الرعب الذي كان يشكله في نفوس الكفار، كما توضح قيمة الجزائر في نظر مسلمي الأندلس والتي كانت ولازالت تنصر المظلوم، وذلك بالقول: (يا مولانا سلطان البرين والبحرين نصركم الله المدد المدد لنصرة الجزاير لأنها سياج لأهل الاسلام وعذاب وشغل لأهل الكفر والطغيان، وهي موسومة باسمكم الشريف، وتحت إيالة مقامكم المنيف).
النص الكامل للرسالة مايلي:
(بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، يقبل مواطي الأقدام الشريفة التي تراها * إذا مر بالعيون الرمدة أبراها * ورحاب الأكف الكريمة التي عطاها * إذا أمد بالأرض المنحلة أثراها * أقدام شأنها السعي في الخيرات والقربات * وأكف شأنها فعل الخيرات والمكرمات * أدام الله أيامها ونصر أعلامها * وأوطا ركابها أعناق الملحدين والمتمردين * وأنعشه في كل وقت بنصر وفتح مبين * نسئل الله تعالى أن يجعله ركابا لم يزل ممتطيا مطايا السعد محفوفا بالسعود * قطبا للسيادة السلطانية عليه تدور وبه تسود * وأن يجعله دايما باقيا راقيا في درجات العز والملك إلى آخر الدهر مصونا في حرن كنف الله الحرين * وأن يخرق له العادة بطول بقايه وما ذلك على الله بعزيز * ركاب حضرة الجود * ورواق العز الممدود * ومعدن الرأفة والحنان * ومأمن الخايف واللهفان * ومضمن أن الله يأمر بالعدل والإحسان * حضرة فخر ملوك البسيطة * ودرة تلك السلوك الوسيطة * كبير سلاطين الزمان * منيل أفانين الأماني والأمان * الملاذ الأعظم * والثمال الأعصم * ذي العروة التي لا تفصم * والحجة التي لا تخصم * الذي يعترف له القاصي والداني بالفضل على الإطلاق * ويبوءه رتبة الأصالة والجلالة بالاستحقاق * ولما لا وهو نسيم الخلافة العلية في منصب الوراثة * وحايز الفضيلة السنية من خدمة المساجد الثلاثة * وله ملك مصر وأنهارها * والشام وديارها * والحجاز وشرف مقدارها * وإلى حصرته مجتمع الرفاق من الآفاق * وإليها تحج الأجسام بالرحلة والأفئدة بالأشواق * وعلى جميع تلك الحضرة العليا لمحاسن الدين والدنيا انعقد الإجماع والأصفاق * مولانا السلطان الملك الأشرف الأضخم الأفخم الأرفع الأعرف * الأعلم الأحلم الأرحم الأردف * الأجود الأكرم الأسمح الأعطف * قامع الملحدين وقاطع دابرة الطغاة والبغاة والمردة والمفسدين * ممهد طريق الحج والعمرة والزيارة * الفايز بشرف الدين والدنيا من الجهاد في سبيل الله والسقاية في المسجد الحرام والعمارة * مطهر البسيطة من درن فسادها * ومظهر آيات الرحمة والرأفة في بلادها * سلطان الاسلام والمسلمين * عز الدنيا والدين وظل الله على الخليقة أجمعين السلطان بن السلطان بن السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد بن محمد خان * مد الله ظلال النعمة بامتداد ظلاله * وضاعف لديه مواهب إكرامه وإفضاله * وأدام نجم سعده المنير باهر الإشراق * وجعل سهم ضده الحقير لازم الإخفاق * وحفظ بشهب أولياء مجده من مردة النفاق * جميع الأقطار والآفاق * فهو الإمام الهمام * والأسد الباسل الضرغام * الذي مهد الله تعالى بدولته البلاد * وأمن ببركته إيالته في مسالكها وممالكها العباد * ومزق به ثوب الفساد * وقطع بسيفه وسنانه وبادرتي قلمه الأعلى ولسانه دابر أهل العناد * فسعد الاسلام بدولته * واعتز دين الله العزيز في مدته * وخمدت نيران البغي بسعادته * وامتدت الأماني وشمل الأمان بحسن سياسته * نسئل الله تعالى أن يصل لسيدنا ومولانا عادة نصره وتمكينه * ويريه قرة العين في دنياه ودينه وبعد فإن عبيدك الفقرا الغربا المساكين المنقطعين بجزيرة الأندلس وجملة عدتهم ثلاثمائة وأربعة وستون ألف منهم من رسايهم بغرناطة ونحيرها خمسون والباقي من عامة المسلمين رافعين شكواهم * وما يلاقون من بلواهم * باكين متضرعين مستنصرين بعناية مولانا السلطان دام عزه ونصره لما أصابهم من أعداء الدين وطغاة المشركين وما هم فيه من مكابدة الكفار * ومقاسات التضييق والأضرار * وجور أهل الشرك آناء الليل وأطراف النهار * وتحريقهم إيانا بالنار قد تكالب العدو علينا * ومد يد السوء والضرر إلينا * وأحاطت بنا الأعداء من كل جانب * ورمونا عن قوس واحد بسهم صايب * وطالت بنا الأيام * وعاثت فينا يد النكاية والإيلام * وخذلنا جيراننا وإخواننا ببلاد المغرب من أهل الإيمان * وقد كان بجوارنا الوزير المكرم * المجاهد في سبيل الله خير الدين وناصر الدين وسيف الله على الكافرين * علم بأحوالنا * وما نجده من عظيم أهوالنا لما كان بالجزاير * واجتمعت أهل الاسلام إطاعة مولانا ومحبته بالخواطر والضماير * وانتظم العدل والشرع والأمان في البادي والحاضر * فاستغثنا به فأغاثنا وكان سببا في خلاص كثير من المسلمين * من أيدي الكفرة المتمردين * ونقلهم إلى أرض الاسلام * وتحت إيالة طاعة مولانا السلطان ولعمارة مدينة برشك وشرشال ونواحي تلمسان * فلما سمع الكافر اللعين بذلك ولم يقدر على منعنا بالسياسة والإهانة والحرق بالنيران * علم أنا اخترنا المصيبة في الأموال والأبدان وأثرنا ديننا على ساير الأديان * فلما صدقت الضماير * وبلغت القلوب الحناجر * خاف من غضبنا واجتماع كلمتنا وتركنا أموالنا وأوطاننا وهجرتنا وفرارنا إلى بلاد الاسلام لسلامة ديننا تحير في أمره * وجمع إليه أهل تدبيره وحزبه * فدبروا ومكدوا وهل يحيق المكر السيء إلا بأهله * واتفق رأيهم المعكوس * وتدبيرهم المنكوس * على قتال الجزاير * لئلا يبقى ببلاد المغرب لأهل الاسلام ناصر * فعاقبهم الله بعقاب أصحاب الفيل * وجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم ريح عاصف * وموج قاصف * فجعلهم بسواحل البحر ما بين أسير وقتيل * ولا نجا منهم منم الغرق إلا قليل * والآن اشتد غضبهم على أهل الاسلام * وهم يتوسلون بالرهبان والأصنام * ونحن نتوسل بسيد الأنام إلى موجب الوجود ذو الجلال والإكرام * وهم عازمين على الجزاير * والله تعلى مهلكهم وينصر دينه وهو نعم الناصر * يا مولانا سلطان البرين والبحرين نصركم الله المدد المدد لنصرة الجزاير لأنها سياج لأهل الاسلام وعذاب وشغل لأهل الكفر والطغيان * وهي موسومة باسمكم الشريف * وتحت إيالة مقامكم المنيف * وقد أصبحت القلوب المنكسرة بها عزيزة * والرعية المختلفة بها مؤتلفة أليفة * وطراز رونقها المجاهد في سبيل الله عبدكم الوزير الأجل خير الدين * الممتثل لأوامر مولانا ونتاج عز الدنيا والدين * فإنه أحيا هذا الوطن * وجميع النواحي والسكن * وأرعب قلوب الكفار * وخرب ديار المردة والفجار * وأقام شريعة النبي المختار * وأظهر نظام السلطنة العثمانية وأحكام مولانا نصره الله حتى تزينت بها الديار والأمصار * فنرغب ونطلب من مولانا نصره الله فيما يراه من إرساله لهذا الوطن ردا مولانا صلاح في ذلك فيكون ذلك غاية الإحسان لجميع أهل الاسلام وقهر ونكاية لحزب الشيطان * وقد اتفق جمعنا من المسلمين المذكورين على رفع الشكوى إلى مولانا السلطان الأعظم سلطان الاسلام لازال بالعز موصوف * وبالبهاء والنصر محفوف * بأن يغيثنا بإرسال المجاهد خير الدين باشا إلى الجزاير * فإنه لهذا الوطن نعم ناصر * وجميع أهل الشرك خايف وحاير والسلام التام على المقام الشريف العالي ورحمة الله بتاريخ أوايل شهر شعبان أحد شهور سنة ثمانية وأربعين وتسعمائة).
--------------------------------