مياه النيل.. اتفاقيات ومفاوضات
نصيب مصر من مياه النيل ثابت من نصف قرن، فمنذ 1959 م حين كان عدد السكان نحو 20 مليون نسمة ولا تزال حصة هبة النيل 55.5 مليار متر مكعب، بينما قفز عددهم حالياً إلى نحو 79 مليون نسمة أي تضاعف 4 مرات. وبالتالي تناقص نصيب الفرد من المياه إلى حوالي الربع وهبط تحت خط الفقر المائي المقدر بألف م3 سنويا. هذا فى وقت تسعى فيه الحكومة إلى نقل مياه النيل إلى عمق الصحراء من أجل استصلاح الأراضي لزراعتها وتحقيق الأمن الغذائي، هذه الحقيقة الصادمة تجسد خطورة المساس بالحصة المائية التي اعتبرتها مصر خطا أحمر خلال الاجتماع الأخير لمجلس وزراء دول حوض النيل في كينشاسا في 23 مايو/ أيار2009 م، خاصة أنها تعتمد على مياه النيل بنسبة 95 % من مواردها المائية، بينما لا تعتمد إثيوبيا على النيل إلا بنسبة 1 % وكينيا 2 % وتنزانيا 3 % والسودان 15 %، فضلا عن كونها ثالث دولة بإفريقيا ودول الحوض من حيث الكثافة السكانية بعد نيجيريا وإثيوبيا، لذا فهي الأكثر احتياجا لأكبر حصة من مياه النهر وفقا للاتفاقيات الدولية.
ورفضت مصر التوقيع على الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة حوض النيل إلا بشروط، على رأسها أن يتضمن البند (14) من الاتفاقية الخاص بالأمن المائي نصا صريحا يقضى بتأمين حصتها من مياه النيل، وأن يتضمن البند (8) الخاص بالإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، اتباع إجراءات البنك الدولي في هذا الشأن صراحة، مع إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس بالملاحق الخاصة بها.
إلى جانب تعديل البند (34 أ وب) بحيث تصدر جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية أو الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، أو أن تشمل الأغلبية دولتي المصب (مصر والسودان).
كما طرحت مصر تشكيل لجنة وزارية رباعية - من مصر والسودان وإثيوبيا وإحدى دول حوض النيل الإستوائي - مع وجود خبير أو اثنين من المنظمات الدولية لإيجاد صيغة توافقية خلال 6 شهور.
معركة المياه في حوض النيل
نشبت الأزمة بحوض النيل لثبات حصص المياه، وتزايد سكان دول الحوض، واتساع مشروعات التنمية الزراعية والصناعية، التي تتطلع إليها دول المنبع، وتتطلب بناء سدود على البحيرات، وبعض روافد النهر، إضافة إلى تدخل جهات أجنبية ربما يدفع المنطقة تدريجيا باتجاه كارثة مائية، حيث اعترضت بعض دول النيل منذ استقلالها علي الاتفاقيات التي تعطي مصر النصيب الأكبر من مياه النيل، بحجة أن هذه الاتفاقيات تم إبرامها في ظل الحقبة الاستعمارية لدول الحوض حين كانت إرادتها مقيدة ومغيبة، بل هددت بعض الدول بتنفيذ مشاريع مستقلة على مجرى النهر، في ظل حاجتها لموارد مائية متزايدة، خاصة مع توقعات تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في يناير/ كانون الثاني 2009 م بارتفاع عدد سكان دول حوض النيل من 387.4 مليون نسمة عام 2007 م إلى نحو 654.3 مليون نسمة عام 2030م. ومن ثم نبه تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حديثا من أن قضية المياه قد تفجر صراعا في القارة الإفريقية خلال الـ25 عاما المقبلة.
مبدأ "نيريرى"
وتعود جذور الأزمة المائية بين مصر ودول الحوض إلى تاريخ استقلال دولة تنزانيا عام 1964م، حين أصدر الرئيس التنزاني وقتها إعلانا باسم "مبدأ نيريري"، يتضمن عدم الاعتراف بالاتفاقيات التي أبرمت قبل إعلان الاستقلال ومن بينها اتفاقية 1929م.
وقد أيدت هذا المبدأ أوغندا وكينيا، ثم وقعت تنزانيا مع رواندا و بروندي اتفاقية نهر كاجيرا - أحد روافد بحيرة فيكتوريا - عام 1977 م، التي تتضمن عدم الاعتراف باتفاقية 1929م، كذلك أعلنت إثيوبيا رفضها لاتفاقيتي 1929 و1959 م، وقامت عام 1984 بتنفيذ مشروع سد "فيشا" - أحد روافد النيل الأزرق - بتمويل من بنك التنمية الإفريقي، وهو مشروع قد يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي 5 مليارات م3/ سنة.
و لاحتواء الخلافات، أوصى الاجتماع الوزاري لدول حوض النيل بأديس أبابا فى سبتمبر/ أيلول 2003 م بآلية جديدة لحل النزاعات وديا، بحيث تساهم الصناديق الدولية والدول المانحة في تمويل مشروعات لصالح دول الحوض، و تشمل هذه الآلية بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي. ولكن تجددت المناوشات حين طالب البرلمان الكيني الحكومة بإعادة التفاوض على معاهدة 1929م، وذلك بعد انسحاب مارثا كاروا وزيرة المياه الكينية السابقة من مؤتمر وزراء الري الأفارقة بإثيوبيا في ديسمبر/ كانون الأول 2003م.
وعاد التوتر بين مصر وتنزانيا عقب تصريحات لوزير الثروة المائية التنزاني في 2004 م، قال فيها "إن بلاده ترغب في التزود من مياه بحيرة فيكتوريا عبر أنابيب تمتد 170 كيلو مترا!!! لتصل إلي القرى في تنزانيا دون إخطار أحد باعتباره حقا لبلاده.
في غضون ذلك، يري متخصصون أن الأوضا ع الاقتصادية لهذه الدول لن تمكنها من إقامة مشروعات على ضفاف النهر تحجز المياه، خاصة أنه لا توجد مساحات منبسطة تشكل أحواضا طبيعية للمياه المحتجزة، مما يهددها بالغرق إذا أنشأت هذه السدود!!!!!!. !!!
بينما يحذر خبراء استراتيجيون من خطورة التدخلات الخارجية بحوض النيل، وخاصة من إسرائيل التي تسعى لإقرار مبدأ بيع المياه وترجع مطامعها في مياه النيل إلى 1930م، عندما تقدم زعيم الحركة الصهيونية "هيرتزل" إلى الحكومة البريطانية بمشروع تحويل جزء من مياه نهر النيل إلى صحراء النقب في إسرائيل. وفي عام 1974 م، صمم المهندس الإسرائيلي "إليشع كيلي" مشروعا لجلب المياه لإسرائيل، من خلال توسيع ترعة الإسماعيلية حتى يزيد معدل تدفق المياه داخلها وسحبها من أسفل قناة السويس. وقد تكرر طلب المشروع، خاصة بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979م، الأمر الذي رفضته مصر تطبيقا للاتفاقيات السابقة مع دول حوض النيل والتي تنص على عدم جواز إمداد أي دولة خارج حوض النيل بالمياه.
مياه النيل من الأمور "الاستراتيجية" بالنسبة لمصر، على أساس أن البلاد بحاجة إلى نحو 73 مليار م3 من المياه لمشاريعها الزراعية التي تغطي 4 % فقط من مساحة البلاد، أي هناك عجز في المياه بنحو 17.5 مليار م3، ولذلك بادرت مصر بخطوات جادة لمواجهة المشكلة، حيث شاركت في مشروعات الري وتوليد الكهرباء وحماية النهر وتطهيره من خلال تقديم الخبرة الفنية والمعونة المادية وتدريب مهندسي الري في المعاهد المصرية،!!! ومشروعات تقليل المهدر من المياه، ومن أهمها:
1 - قيام مصر بإنشاء خزان سنار على النيل الأزرق لصالح السودان في 1925م، واتفقت مع السودان عام 1999م على مشروعات التوسع في استصلاح الأراضي الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية والسمكية.
2 - بدء تنفيذ مشروع قناة جونجلى في 1978 م (بطول 360كم)، إلا أنه توقف عام 1984م بسبب نشوب الحرب الأهلية في جنوب السودان. وبعد توقيع اتفاق السلام الشامل فى 2005 م بين الحكومة في الشمال والحركة الشعبية بالجنوب، بدأ استكمال قناة جونجلي لتوفيرحصص مياه إضافية.
3 - إنشاء مركز للبحوث المائية في تنزانيا.
وفي السياق نفسه، أكد وزير الموارد المائية والري المصرى الدكتور محمد نصر الدين علام - عقب اجتماع مجلس وزراء المياه لدول حوض النيل بكينشاسا - أن الاختلاف على الإطار المؤسسي والقانوني من قبل مصر والسودان لا يؤثر على تنفيذ باقي مشروعات مبادرة حوض النيل، التي تشمل 24 مشروعا في مجال المياه والتدريب والكهرباء، وخاصة مشروع تطهير الحشائش في أوغندا وبحر الغزال بالسودان، ومشروعات حفر الآبار في كينيا ومثلها في تنزانيا، مؤكدا أن مصر ترصد التحركات الإسرائيلية التي تستهدف التأثير علي موقف بعض دول حوض النيل.
كما دعت مصر في دورة وزراء مياه دول الحوض النيل بنيروبي في مارس/ آذار 2004م لاستثمار جزء من فواقد الأمطار المتساقطة على حوض النيل، والتي تصل نحو 1670 مليار م3 سنويا، يضيع أغلبها في الفوالق الجبلية والمستنقعات والتبخر، حيث يتساقط على إثيوبيا وحدها 800 مليارم3 ولا يصل مجرى النهر سوى 60 مليارم3 فقط سنويا، وطالبت مصر باحترام الاتفاقات التاريخية المبرمة، بل اتخذت عدة إجراءات للحفاظ على المياه، مثل إقامة السد العالي، ومنخفض توشكي، واتجهت لإعادة تدوير المياه وترشيد استخدامها، مع تقليص مساحة زراعة المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه، إلى جانب البحث عن مصادر جديدة من المياه الجوفية والأمطار وتحلية مياه البحر بتقنيات متطورة.
مياه النيل فى الاتفاقيات الدولية
نظمت مصر علاقتها بدول حوض النيل العشر (بورندي، والكونغو، ومصر، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، والسودان، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا - بصفة مراقب -) من خلال أكثر من 15 اتفاقية، تم توقيع بعضها أثناء الاستعمار.
أولا- الاتفاقيات التى تنظم العلاقة المائية بين مصر وإثيوبيا
يعد النيل من أطول أنهار العالم، حيث يقطع مسافة تصل 6650 كم من أبعد منابعه على روافد بحيرة فيكتوريا "النيل الأبيض" لساحل رشيد على البحر المتوسط، وينبع من إثيوبيا "النيل الأزرق"، حيث تغذي هضبة الحبشة الإثيوبية نهر النيل بـ 85 % من نصيب مصر طبقا لعدة اتفاقيات، أهمها :
1 - اتفاقية أديس أبابا: وقعتها بريطانيا وإثيوبيا في 15 مايو/ أيار 1902م، وتعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني - ملك إثيوبيا حينذاك - بعدم إنشاء أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومتين البريطانية والسودانية.
2 - اتفاقية لندن: وقعتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1906 م، وينص البند الرابع منها على تعاون هذه الدول في تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر.
3 - اتفاقية روما: تتضمن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925م، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما، يمكن أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.
4 - إطار التعاون الذي تم توقيعه في القاهرة في يوليو/ تموز 1993 م بين الرئيس حسنى مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي ــ آنذاك ــ ميليس زيناوي، وتضمن:
أ- عدم قيام أي من الدولتين بأي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يضر بمصالح الدولة الأخرى والتعاون بين الدولتين في إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقلل الفواقد.
ب- ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها واحترام القوانين الدولية.
ثانيا: الإتفاقيات بين مصر ودول الهضبة الاستوائية
وتمثل الهضبة الاستوائية المصدر الثاني لموارد مصر المائية من نهر النيل بنسبة 15 %، وتضم 6 دول (كينيا، وتنزانيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، ورواندا، وبوروندي)، ومن الاتفاقيات التي تنظم العلاقة المائية بين دول الهضبة ومصر:
-1 اتفاقية لندن: وقعتها كل من بريطانيا - نيابة عن تنزانيا - وبلجيكا - نيابة عن رواندا وبوروندي - في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 1934 م، وتنظم استخدام الدولتين لنهر كاجيرا.
-2 اتفاقية 1953 م: وقعتها مصر وبريطانيا - نيابة عن أوغندا - لإنشاء خزان "أوين" عند مخرج بحيرة فيكتوريا، ونصت على أن الاتفاق على بناء الخزان وتشغيل محطة توليد الكهرباء سيتم وفقاً لروح اتفاقية 1929م التي سبق توقيعها بين الحكومة البريطانية - نيابة عن أوغندا وتنزانيا وكينيا - مع الحكومة المصرية، وتنص على إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل وحقها في الاعتراض على إنشاء هذه الدول أي مشروعات على النهر، وتوابعه مع اعتبار مخالفة تلك الاتفاقية بمثابة إعلان حرب على مصر.
3 - اتفاقية 1991 م: وقعها الرئيس "مبارك" والرئيس الأوغندي "موسيفيني"، ومن بنودها :
- تأكيد أوغندا احترامها لما ورد في اتفاقية 1953م التي وقعتها بريطانيا نيابة عنها، مما يعد اعترافا ضمنيا باتفاقية 1929م.
*) وعلى صعيد العلاقة المائية بين مصر والسودان، اشتملت اتفاقية 1929 م على بنود تنظمها، من أهمها:
- ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية، من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررا بمصالح مصر.
*) وتعتبر اتفاقية 1959 م ثانى اتفاقية تتعلق بالعلاقة المائية بين مصر والسودان، وتم توقيعها بالقاهرة فى نوفمبر/ تشرين الثانى 1959 م، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 م، وتضم عددا من البنود من أهمها:
- احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار م3 سنويا، وكذلك حق السودان المقدر بـ4 مليارات م3 سنويا.
- موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال حتى يستغل السودان حصته. كما نص هذا البند على توزيع الفائدة المائية من السد العالي، المقدرة بـ 22 مليار م3 سنويا على الدولتين، بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار م3 وتحصل مصر على 7.5 مليار م3 ليصل إجمالي حصة كل دولة سنويا إلى 55.5 مليار م3 لمصر نظير 18.5 مليار م3 للسودان، من الإيراد المتوسط لنهر النيل البالغ 84 مليار م3/ سنة عند نهاية مجراه بأسوان، وذلك بعد خصم متوسط فاقد تخزين قدره 10 مليارات م3/ سنة في بحيرة السد العالي.
مشروعات إقليمية
بدأت آليات التعاون الإقليمي منذ ستينيات القرن الـ20 بعد استقلال دول الحوض الذي تقدر مساحته بـ 3.4 مليون كم2، ومن هذه المشروعات:
1 - هيئة مياه النيل: تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة اتفاقية 1959م، وتضم لجنة فنية تجمع خبراء البلدين وتجتمع دوريا لحل أي مشاكل تعترض تنفيذ الاتفاقية.
2 - مشروع "الهيدروميت" المعني بدراسة الأرصاد الجوية والمائية لحوض البحيرات الاستوائية، وقد انطلق عام 1967 م بمشاركة 5 دول فقط من دول الحوض الـ10 (مصر وكينيا وتنزانيا وأوغندا والسودان)، وانضمت إليه بعد ذلك رواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية ثم إثيوبيا بصفة مراقب.
3 - تجمع "الأندوجو": تم إعلان إنشائه خلال المؤتمر الوزاري الأول لدول حوض النيل بالخرطوم في نوفمبر/ تشرين الثاني 1983م، ويضم أغلب دول حوض النيل في منطقة شرق ووسط إفريقيا، ومن أهدافه تبادل الخبرات لدعم التعاون والتكامل بين دول التجمع في مجال التنمية.
4 - تجمع "التيكونيل" للتعاون الفني بين دول حوض النيل للتنمية وحماية البيئة. وقد أنشئ في ديسمبر/ كانون الأول 1992 م بمشاركة 6 أعضاء عاملين (مصر، والسودان، وتنزانيا، وأوغندا، ورواندا، والكونغو الديمقراطية)، وحصلت باقي الدول على صفة مراقب، واستمر مشروع "التيكونيل" خلال الفترة من 1992 حتى 1998م.
5 - مبادرة حوض النيل: اتفاقية دولية بين دول حوض النيل الـ10، وقد تم توقيعها في فبراير/ شباط 1999م في تنزانيا، بهدف وضع استراتيجية للتعاون بين الدول الأعضاء والانتقال من مرحلة الدراسات إلى مرحلة تنفيذ المشروعات. وقد اشتملت المبادرة على 22 مشروعا يستهدف تعظيم الاستفادة من المياه المشتركة وفاقد المياه واستغلاله لصالح دول الحوض، كما تشمل إيجاد إطار قانوني ومؤسسي للتعاون بين هذه الدول من أجل التنمية المستدامة.
6 - المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي (الإنترو): مكتب إقليمي تم تأسيسه في مارس/ آذار2001 م بالاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا، بهدف بحث المشروعات المائية المشتركة في مجال مراقبة الفيضانات وتوليد الكهرباء من مياه النهر.
حق مصر فى القانون الدولى
يؤكد خبراء القانون الدولي أن مصر لديها حقوق تاريخية مكتسبة في مياه النيل، قائمة علي أسس قانونية متسقة مع أحكام قانونية دولية، بدليل أن معهد القانون الدولي أقر عام 1961 م مبدأ عدم المساس بالحقوق التاريخية المتوارثة في الموارد المائية، وأيدته المادة 12 من اتفاقية فيينا للمعاهدات عام 1978م، والتي نصت علي توارث وانتقال المعاهدات العينية و الاتفاقيات الخاصة بالحدود.
وتعتبر الاتفاقيات الخاصة بالأنهار الدولية من المعاهدات التي تنتقل من السلف إلي الخلف، وقد أكدت محكمة العدل الدولية على تلك القاعدة في حكمها عام 1997 م عند نظر النزاع بين المجر وسلوفاكيا حول أحد المشروعات على نهر الدانوب مما يدعم موقف مصرالتفاوضي.
ولا يزال نصيب المواطن من مياه النيل مرهون بنتائج المفاوضات حول الاتفاقية الإطارية والمؤسسية للمبادرة، والمرتقب أن تستضيفها مصر أواخر يوليو/ تموز 2009م بمدينة الإسكندرية لإنهاء هذه الأزمة المائية قبل أن يصبح كوب الماء عزيز المنال.
نصيب مصر من مياه النيل ثابت من نصف قرن، فمنذ 1959 م حين كان عدد السكان نحو 20 مليون نسمة ولا تزال حصة هبة النيل 55.5 مليار متر مكعب، بينما قفز عددهم حالياً إلى نحو 79 مليون نسمة أي تضاعف 4 مرات. وبالتالي تناقص نصيب الفرد من المياه إلى حوالي الربع وهبط تحت خط الفقر المائي المقدر بألف م3 سنويا. هذا فى وقت تسعى فيه الحكومة إلى نقل مياه النيل إلى عمق الصحراء من أجل استصلاح الأراضي لزراعتها وتحقيق الأمن الغذائي، هذه الحقيقة الصادمة تجسد خطورة المساس بالحصة المائية التي اعتبرتها مصر خطا أحمر خلال الاجتماع الأخير لمجلس وزراء دول حوض النيل في كينشاسا في 23 مايو/ أيار2009 م، خاصة أنها تعتمد على مياه النيل بنسبة 95 % من مواردها المائية، بينما لا تعتمد إثيوبيا على النيل إلا بنسبة 1 % وكينيا 2 % وتنزانيا 3 % والسودان 15 %، فضلا عن كونها ثالث دولة بإفريقيا ودول الحوض من حيث الكثافة السكانية بعد نيجيريا وإثيوبيا، لذا فهي الأكثر احتياجا لأكبر حصة من مياه النهر وفقا للاتفاقيات الدولية.
ورفضت مصر التوقيع على الإطار القانوني والمؤسسي لمبادرة حوض النيل إلا بشروط، على رأسها أن يتضمن البند (14) من الاتفاقية الخاص بالأمن المائي نصا صريحا يقضى بتأمين حصتها من مياه النيل، وأن يتضمن البند (8) الخاص بالإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، اتباع إجراءات البنك الدولي في هذا الشأن صراحة، مع إدراج هذه الإجراءات في نص الاتفاقية وليس بالملاحق الخاصة بها.
إلى جانب تعديل البند (34 أ وب) بحيث تصدر جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية أو الملاحق بالإجماع وليس بالأغلبية، أو أن تشمل الأغلبية دولتي المصب (مصر والسودان).
كما طرحت مصر تشكيل لجنة وزارية رباعية - من مصر والسودان وإثيوبيا وإحدى دول حوض النيل الإستوائي - مع وجود خبير أو اثنين من المنظمات الدولية لإيجاد صيغة توافقية خلال 6 شهور.
معركة المياه في حوض النيل
نشبت الأزمة بحوض النيل لثبات حصص المياه، وتزايد سكان دول الحوض، واتساع مشروعات التنمية الزراعية والصناعية، التي تتطلع إليها دول المنبع، وتتطلب بناء سدود على البحيرات، وبعض روافد النهر، إضافة إلى تدخل جهات أجنبية ربما يدفع المنطقة تدريجيا باتجاه كارثة مائية، حيث اعترضت بعض دول النيل منذ استقلالها علي الاتفاقيات التي تعطي مصر النصيب الأكبر من مياه النيل، بحجة أن هذه الاتفاقيات تم إبرامها في ظل الحقبة الاستعمارية لدول الحوض حين كانت إرادتها مقيدة ومغيبة، بل هددت بعض الدول بتنفيذ مشاريع مستقلة على مجرى النهر، في ظل حاجتها لموارد مائية متزايدة، خاصة مع توقعات تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في يناير/ كانون الثاني 2009 م بارتفاع عدد سكان دول حوض النيل من 387.4 مليون نسمة عام 2007 م إلى نحو 654.3 مليون نسمة عام 2030م. ومن ثم نبه تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حديثا من أن قضية المياه قد تفجر صراعا في القارة الإفريقية خلال الـ25 عاما المقبلة.
مبدأ "نيريرى"
وتعود جذور الأزمة المائية بين مصر ودول الحوض إلى تاريخ استقلال دولة تنزانيا عام 1964م، حين أصدر الرئيس التنزاني وقتها إعلانا باسم "مبدأ نيريري"، يتضمن عدم الاعتراف بالاتفاقيات التي أبرمت قبل إعلان الاستقلال ومن بينها اتفاقية 1929م.
وقد أيدت هذا المبدأ أوغندا وكينيا، ثم وقعت تنزانيا مع رواندا و بروندي اتفاقية نهر كاجيرا - أحد روافد بحيرة فيكتوريا - عام 1977 م، التي تتضمن عدم الاعتراف باتفاقية 1929م، كذلك أعلنت إثيوبيا رفضها لاتفاقيتي 1929 و1959 م، وقامت عام 1984 بتنفيذ مشروع سد "فيشا" - أحد روافد النيل الأزرق - بتمويل من بنك التنمية الإفريقي، وهو مشروع قد يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي 5 مليارات م3/ سنة.
و لاحتواء الخلافات، أوصى الاجتماع الوزاري لدول حوض النيل بأديس أبابا فى سبتمبر/ أيلول 2003 م بآلية جديدة لحل النزاعات وديا، بحيث تساهم الصناديق الدولية والدول المانحة في تمويل مشروعات لصالح دول الحوض، و تشمل هذه الآلية بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي. ولكن تجددت المناوشات حين طالب البرلمان الكيني الحكومة بإعادة التفاوض على معاهدة 1929م، وذلك بعد انسحاب مارثا كاروا وزيرة المياه الكينية السابقة من مؤتمر وزراء الري الأفارقة بإثيوبيا في ديسمبر/ كانون الأول 2003م.
وعاد التوتر بين مصر وتنزانيا عقب تصريحات لوزير الثروة المائية التنزاني في 2004 م، قال فيها "إن بلاده ترغب في التزود من مياه بحيرة فيكتوريا عبر أنابيب تمتد 170 كيلو مترا!!! لتصل إلي القرى في تنزانيا دون إخطار أحد باعتباره حقا لبلاده.
في غضون ذلك، يري متخصصون أن الأوضا ع الاقتصادية لهذه الدول لن تمكنها من إقامة مشروعات على ضفاف النهر تحجز المياه، خاصة أنه لا توجد مساحات منبسطة تشكل أحواضا طبيعية للمياه المحتجزة، مما يهددها بالغرق إذا أنشأت هذه السدود!!!!!!. !!!
بينما يحذر خبراء استراتيجيون من خطورة التدخلات الخارجية بحوض النيل، وخاصة من إسرائيل التي تسعى لإقرار مبدأ بيع المياه وترجع مطامعها في مياه النيل إلى 1930م، عندما تقدم زعيم الحركة الصهيونية "هيرتزل" إلى الحكومة البريطانية بمشروع تحويل جزء من مياه نهر النيل إلى صحراء النقب في إسرائيل. وفي عام 1974 م، صمم المهندس الإسرائيلي "إليشع كيلي" مشروعا لجلب المياه لإسرائيل، من خلال توسيع ترعة الإسماعيلية حتى يزيد معدل تدفق المياه داخلها وسحبها من أسفل قناة السويس. وقد تكرر طلب المشروع، خاصة بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979م، الأمر الذي رفضته مصر تطبيقا للاتفاقيات السابقة مع دول حوض النيل والتي تنص على عدم جواز إمداد أي دولة خارج حوض النيل بالمياه.
مياه النيل من الأمور "الاستراتيجية" بالنسبة لمصر، على أساس أن البلاد بحاجة إلى نحو 73 مليار م3 من المياه لمشاريعها الزراعية التي تغطي 4 % فقط من مساحة البلاد، أي هناك عجز في المياه بنحو 17.5 مليار م3، ولذلك بادرت مصر بخطوات جادة لمواجهة المشكلة، حيث شاركت في مشروعات الري وتوليد الكهرباء وحماية النهر وتطهيره من خلال تقديم الخبرة الفنية والمعونة المادية وتدريب مهندسي الري في المعاهد المصرية،!!! ومشروعات تقليل المهدر من المياه، ومن أهمها:
1 - قيام مصر بإنشاء خزان سنار على النيل الأزرق لصالح السودان في 1925م، واتفقت مع السودان عام 1999م على مشروعات التوسع في استصلاح الأراضي الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية والسمكية.
2 - بدء تنفيذ مشروع قناة جونجلى في 1978 م (بطول 360كم)، إلا أنه توقف عام 1984م بسبب نشوب الحرب الأهلية في جنوب السودان. وبعد توقيع اتفاق السلام الشامل فى 2005 م بين الحكومة في الشمال والحركة الشعبية بالجنوب، بدأ استكمال قناة جونجلي لتوفيرحصص مياه إضافية.
3 - إنشاء مركز للبحوث المائية في تنزانيا.
وفي السياق نفسه، أكد وزير الموارد المائية والري المصرى الدكتور محمد نصر الدين علام - عقب اجتماع مجلس وزراء المياه لدول حوض النيل بكينشاسا - أن الاختلاف على الإطار المؤسسي والقانوني من قبل مصر والسودان لا يؤثر على تنفيذ باقي مشروعات مبادرة حوض النيل، التي تشمل 24 مشروعا في مجال المياه والتدريب والكهرباء، وخاصة مشروع تطهير الحشائش في أوغندا وبحر الغزال بالسودان، ومشروعات حفر الآبار في كينيا ومثلها في تنزانيا، مؤكدا أن مصر ترصد التحركات الإسرائيلية التي تستهدف التأثير علي موقف بعض دول حوض النيل.
كما دعت مصر في دورة وزراء مياه دول الحوض النيل بنيروبي في مارس/ آذار 2004م لاستثمار جزء من فواقد الأمطار المتساقطة على حوض النيل، والتي تصل نحو 1670 مليار م3 سنويا، يضيع أغلبها في الفوالق الجبلية والمستنقعات والتبخر، حيث يتساقط على إثيوبيا وحدها 800 مليارم3 ولا يصل مجرى النهر سوى 60 مليارم3 فقط سنويا، وطالبت مصر باحترام الاتفاقات التاريخية المبرمة، بل اتخذت عدة إجراءات للحفاظ على المياه، مثل إقامة السد العالي، ومنخفض توشكي، واتجهت لإعادة تدوير المياه وترشيد استخدامها، مع تقليص مساحة زراعة المحاصيل عالية الاستهلاك للمياه، إلى جانب البحث عن مصادر جديدة من المياه الجوفية والأمطار وتحلية مياه البحر بتقنيات متطورة.
مياه النيل فى الاتفاقيات الدولية
نظمت مصر علاقتها بدول حوض النيل العشر (بورندي، والكونغو، ومصر، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، والسودان، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا - بصفة مراقب -) من خلال أكثر من 15 اتفاقية، تم توقيع بعضها أثناء الاستعمار.
أولا- الاتفاقيات التى تنظم العلاقة المائية بين مصر وإثيوبيا
يعد النيل من أطول أنهار العالم، حيث يقطع مسافة تصل 6650 كم من أبعد منابعه على روافد بحيرة فيكتوريا "النيل الأبيض" لساحل رشيد على البحر المتوسط، وينبع من إثيوبيا "النيل الأزرق"، حيث تغذي هضبة الحبشة الإثيوبية نهر النيل بـ 85 % من نصيب مصر طبقا لعدة اتفاقيات، أهمها :
1 - اتفاقية أديس أبابا: وقعتها بريطانيا وإثيوبيا في 15 مايو/ أيار 1902م، وتعهد فيها الإمبراطور منيليك الثاني - ملك إثيوبيا حينذاك - بعدم إنشاء أو السماح بإقامة أي منشآت على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، من شأنها أن تعترض سريان مياه النيل إلا بموافقة الحكومتين البريطانية والسودانية.
2 - اتفاقية لندن: وقعتها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1906 م، وينص البند الرابع منها على تعاون هذه الدول في تأمين دخول مياه النيل الأزرق وروافده إلى مصر.
3 - اتفاقية روما: تتضمن مجموعة خطابات متبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في 1925م، وتعترف فيها إيطاليا بالحقوق المائية المكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والأبيض وروافدهما، وتتعهد بعدم إجراء أي إشغالات عليهما، يمكن أن تنقص من كمية المياه المتجهة نحو النيل الرئيسي.
4 - إطار التعاون الذي تم توقيعه في القاهرة في يوليو/ تموز 1993 م بين الرئيس حسنى مبارك ورئيس الوزراء الإثيوبي ــ آنذاك ــ ميليس زيناوي، وتضمن:
أ- عدم قيام أي من الدولتين بأي نشاط يتعلق بمياه النيل قد يضر بمصالح الدولة الأخرى والتعاون بين الدولتين في إقامة مشروعات تزيد من حجم تدفق المياه وتقلل الفواقد.
ب- ضرورة الحفاظ على مياه النيل وحمايتها واحترام القوانين الدولية.
ثانيا: الإتفاقيات بين مصر ودول الهضبة الاستوائية
وتمثل الهضبة الاستوائية المصدر الثاني لموارد مصر المائية من نهر النيل بنسبة 15 %، وتضم 6 دول (كينيا، وتنزانيا، وأوغندا، والكونغو الديمقراطية، ورواندا، وبوروندي)، ومن الاتفاقيات التي تنظم العلاقة المائية بين دول الهضبة ومصر:
-1 اتفاقية لندن: وقعتها كل من بريطانيا - نيابة عن تنزانيا - وبلجيكا - نيابة عن رواندا وبوروندي - في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 1934 م، وتنظم استخدام الدولتين لنهر كاجيرا.
-2 اتفاقية 1953 م: وقعتها مصر وبريطانيا - نيابة عن أوغندا - لإنشاء خزان "أوين" عند مخرج بحيرة فيكتوريا، ونصت على أن الاتفاق على بناء الخزان وتشغيل محطة توليد الكهرباء سيتم وفقاً لروح اتفاقية 1929م التي سبق توقيعها بين الحكومة البريطانية - نيابة عن أوغندا وتنزانيا وكينيا - مع الحكومة المصرية، وتنص على إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل وحقها في الاعتراض على إنشاء هذه الدول أي مشروعات على النهر، وتوابعه مع اعتبار مخالفة تلك الاتفاقية بمثابة إعلان حرب على مصر.
3 - اتفاقية 1991 م: وقعها الرئيس "مبارك" والرئيس الأوغندي "موسيفيني"، ومن بنودها :
- تأكيد أوغندا احترامها لما ورد في اتفاقية 1953م التي وقعتها بريطانيا نيابة عنها، مما يعد اعترافا ضمنيا باتفاقية 1929م.
*) وعلى صعيد العلاقة المائية بين مصر والسودان، اشتملت اتفاقية 1929 م على بنود تنظمها، من أهمها:
- ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال ري أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التي تنبع من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية، من شأنها إنقاص مقدار المياه الذي يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررا بمصالح مصر.
*) وتعتبر اتفاقية 1959 م ثانى اتفاقية تتعلق بالعلاقة المائية بين مصر والسودان، وتم توقيعها بالقاهرة فى نوفمبر/ تشرين الثانى 1959 م، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 م، وتضم عددا من البنود من أهمها:
- احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار م3 سنويا، وكذلك حق السودان المقدر بـ4 مليارات م3 سنويا.
- موافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال حتى يستغل السودان حصته. كما نص هذا البند على توزيع الفائدة المائية من السد العالي، المقدرة بـ 22 مليار م3 سنويا على الدولتين، بحيث يحصل السودان على 14.5 مليار م3 وتحصل مصر على 7.5 مليار م3 ليصل إجمالي حصة كل دولة سنويا إلى 55.5 مليار م3 لمصر نظير 18.5 مليار م3 للسودان، من الإيراد المتوسط لنهر النيل البالغ 84 مليار م3/ سنة عند نهاية مجراه بأسوان، وذلك بعد خصم متوسط فاقد تخزين قدره 10 مليارات م3/ سنة في بحيرة السد العالي.
مشروعات إقليمية
بدأت آليات التعاون الإقليمي منذ ستينيات القرن الـ20 بعد استقلال دول الحوض الذي تقدر مساحته بـ 3.4 مليون كم2، ومن هذه المشروعات:
1 - هيئة مياه النيل: تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان تحت مظلة اتفاقية 1959م، وتضم لجنة فنية تجمع خبراء البلدين وتجتمع دوريا لحل أي مشاكل تعترض تنفيذ الاتفاقية.
2 - مشروع "الهيدروميت" المعني بدراسة الأرصاد الجوية والمائية لحوض البحيرات الاستوائية، وقد انطلق عام 1967 م بمشاركة 5 دول فقط من دول الحوض الـ10 (مصر وكينيا وتنزانيا وأوغندا والسودان)، وانضمت إليه بعد ذلك رواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية ثم إثيوبيا بصفة مراقب.
3 - تجمع "الأندوجو": تم إعلان إنشائه خلال المؤتمر الوزاري الأول لدول حوض النيل بالخرطوم في نوفمبر/ تشرين الثاني 1983م، ويضم أغلب دول حوض النيل في منطقة شرق ووسط إفريقيا، ومن أهدافه تبادل الخبرات لدعم التعاون والتكامل بين دول التجمع في مجال التنمية.
4 - تجمع "التيكونيل" للتعاون الفني بين دول حوض النيل للتنمية وحماية البيئة. وقد أنشئ في ديسمبر/ كانون الأول 1992 م بمشاركة 6 أعضاء عاملين (مصر، والسودان، وتنزانيا، وأوغندا، ورواندا، والكونغو الديمقراطية)، وحصلت باقي الدول على صفة مراقب، واستمر مشروع "التيكونيل" خلال الفترة من 1992 حتى 1998م.
5 - مبادرة حوض النيل: اتفاقية دولية بين دول حوض النيل الـ10، وقد تم توقيعها في فبراير/ شباط 1999م في تنزانيا، بهدف وضع استراتيجية للتعاون بين الدول الأعضاء والانتقال من مرحلة الدراسات إلى مرحلة تنفيذ المشروعات. وقد اشتملت المبادرة على 22 مشروعا يستهدف تعظيم الاستفادة من المياه المشتركة وفاقد المياه واستغلاله لصالح دول الحوض، كما تشمل إيجاد إطار قانوني ومؤسسي للتعاون بين هذه الدول من أجل التنمية المستدامة.
6 - المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي (الإنترو): مكتب إقليمي تم تأسيسه في مارس/ آذار2001 م بالاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا، بهدف بحث المشروعات المائية المشتركة في مجال مراقبة الفيضانات وتوليد الكهرباء من مياه النهر.
حق مصر فى القانون الدولى
يؤكد خبراء القانون الدولي أن مصر لديها حقوق تاريخية مكتسبة في مياه النيل، قائمة علي أسس قانونية متسقة مع أحكام قانونية دولية، بدليل أن معهد القانون الدولي أقر عام 1961 م مبدأ عدم المساس بالحقوق التاريخية المتوارثة في الموارد المائية، وأيدته المادة 12 من اتفاقية فيينا للمعاهدات عام 1978م، والتي نصت علي توارث وانتقال المعاهدات العينية و الاتفاقيات الخاصة بالحدود.
وتعتبر الاتفاقيات الخاصة بالأنهار الدولية من المعاهدات التي تنتقل من السلف إلي الخلف، وقد أكدت محكمة العدل الدولية على تلك القاعدة في حكمها عام 1997 م عند نظر النزاع بين المجر وسلوفاكيا حول أحد المشروعات على نهر الدانوب مما يدعم موقف مصرالتفاوضي.
ولا يزال نصيب المواطن من مياه النيل مرهون بنتائج المفاوضات حول الاتفاقية الإطارية والمؤسسية للمبادرة، والمرتقب أن تستضيفها مصر أواخر يوليو/ تموز 2009م بمدينة الإسكندرية لإنهاء هذه الأزمة المائية قبل أن يصبح كوب الماء عزيز المنال.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: