يادنيا هاتي كمان هموم إرمي أوجاعك هاتيها
قولتلك لصحبك بدل ماتجيب الجزيرة بتنقل عن استاندرد ، هات استاندرد علي طول و وريني الهبد دة
محمد نجم
الجزيرة والديون الخارجية
.
خلال الفترة الأخيرة لاحظت نشاط واسع النطاق وشديد التنظيم من عدة منصات إعلامية/خبراء إقتصاد/صفحات ممولة ..إلخ، والنشاط كله موجه لضرب الإقتصاد وهز ثقة الناس بمؤسساتهم وبنوكهم وعملتهم ونشر الرعب والقلق، طبعا مفيش إقتصاد بيحقق نمو وسط مناخ سلبي ومتوتر بالشكل دة، وكل دة بيحصل أثناء حرب أوكرانيا ومشاكل بسبب تخفيض سعر الجنيه ورفع الفائدة... وسط صمت عجيب ولامبالاة غريبة من جانب مؤسساتنا الإقتصادية المعنية بالأمر وكأن الأمر لا يعنيها أصلا وكأن الكلام دة يخص ناس غيرهم!
.
كالعادة موضوع الديون لا يتوقف عن الدوران، كل ما افتكر انه إنتهى الجدل فيه يرجع تاني، ثقب أسود من الكلام الفارغ والأكاذيب يتردد بإستمرار من 7 سنين.
.
هنا قناة #الجزيرة تدعي أن وكالة "ستاندرد آند بورز" قالت أن مصر مقبلة على أزمة ديون كارثية، وطبعا دة كذب 100%، لا يوجد تقرير منشور منسوب لوكالة التصنيف الإئتماني العالمية بتوصف فيه هذا الوصف، دة وصف من خيال محرري الجزيرة وكالعادة وللمرة التانية في أقل من 4 شهور بيقعوا في خطأ تافه زي دة وبفضحهم.
.
شهر يناير اللى فات كتبوا على لسان "بلومبرج" تصريح لم تنشره أبداً، التصريح المفبرك كان: "دول مهددة بالإفلاس والتضخم بينها مصر"، ولما انا قمت بتفنيد الكلام دة مسحوا البوست (اللينك في التعليقات).
.
المرة دي بيكرروا نفس كذبتهم مع الديون، والحقيقة كل اللى قالته ستاندرد آند بورز هو ما يلي:
.
1 - مصر هتصدر #سندات السنة الجارية بقيمة 73 مليار $.
2 - مصر هتتجاوز تركيا وتبقي أكبر مصدر سندات في المنطقة.
3 - دول العالم ستصدر سندات السنة دي بقيمة 10 تريليون $.
.
الجزيرة والمواقع الممولة قطرياً زي "عربي 21" و"رصد" ...إلخ، ترجموا التقرير على مزاجهم على أساس اننا مبنفهمش إنجليزي ولا بنقرا ولا بنفهم.
.
بس رغم ان دة كذب إلا ان فيه هنا شوية اسئلة مهمة لازم الناس تفهمها عشان تطمن...
.
- اولا: هو مش بردو رقم 73 مليار $دة رقم كبير جدا ؟
.
صح، هو رقم كبير، بس هنا في خلط او لغبطة حصلت...
.
الـ 73 مليار $ دي مش ديون وقروض خارجية، دول 90% منهم قروض بالجنيه المصري، الحكومة بتستلفها من البنوك المحلية، من ودايع حضرتك اللى شايلها في البنوك، تاخدها الحكومة وتعمل بيها المشاريع اللى انت شايفها دي وتدفع للبنوك الفايدة اللى هو ربحها من تسليف الحكومة... يعني 90% من الـ 73 مليار $دي فلوس سهلة، يعني لا تمثل أي معضلة لانها مش بالعملة الصعبة مش دولار ولا يورو ولا استرليني، سهل تدبيرها ودفعها، بس وكالة ستاندرد آند بورز قررت تعمل توحيد للرقم بالدولار عشان تسهل على زبائنها انهم يفهموا الارقام وطبعا اي حد فاهم اساسيات اقتصاد عارف كويس الكلام دة.
.
بالتالي لما يتم جمع الدين المحلي على الخارجي تلاقي إجمالي الرقم 391 مليار$، بس في الحقيقة التقسيمة بتاعتهم 130 مليار$ دين خارجي والباقي دين داخلي بالجنيه.
.
- ثانيا: ليه احنا بقينا أكبر مصدر للسندات في المنطقة؟
.
لاننا أكبر دولة فيها نشاط وتسارع إقتصادي في المنطقة، من كام يوم اتكلمت مجموعة "اوكسفورد بيزنس" وهي مجموعة استشارات إقتصادية عالمية، قالت ان مصر فيها مشاريع جارية بقيمة تتجاوز النصف تريليون $.
.
يعني بنعمل مشاريع أكبر من حجم الإقتصاد نفسه (400 مليار$).
.
- ثالثا: طب ليه بناخد ديون اصلاً؟
.
قوة الدولة الإقتصادية تُقاس من قدرتها على سداد ديونها، دة اسمه التصنيف الإئتماني، تقدر تاخد مثال بسيط على شركة صغيرة انت بتديرها، كل ما بتسدد قروضك للبنك كل ما هيديلك فلوس اكتر، وكل ما تكبر وتنمو وتتوسع كل ما هيزيد حدودك الإئتمانية وتجيلك تمويلات أكبر، لو بصيت على قائمة أكبر الدول المقترضة في العالم هتلاقيها دول ناجحة إقتصادياً أو بتحاول تنجح زي الصين وأمريكا والهند والبرازيل والدول الاوروبية، حتى دول الخليج النفطية.
.
من ناحية تانية الديون دي ممكن نعتبرها منشطات، يعني أدوات بتسرع من إنجاز المشروعات وملاحقة الدولة لإحتياجات الناس، لان مفيش دولة واحدة في العالم صغيرة او كبيرة قدرت تصنع نمو وتقدم بدون الإقتراض.
.
- رابعا: ليه إيرادات الموازنة مش كفاية؟
.
لأن بالموارد العادية مستحيل نقدر نلاحق أو نواكب إحتياجات الناس أو نحقق نمو إقتصادي مرتفع يخلق وظائف ويبني مرافق وخدمات ويطور المستشفيات والطرق.
.
انا بسمع ناس بتدعو لوقف هذه المشروعات والتوسعات ورفع كفاءة المرافق والخدمات، دة كلام يؤدي لكارثة احنا مش قدها، المشروعات دي يجب ان تستمر والناس اللى بتنادي بوقفها مش متخصصين ولا مدركين ابعاد كلامهم، المشروعات دي بتقلل من مشاكل الناس في حياتها اليومية وكمان فاتحة ملايين البيوت ومصدر رزق لآلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة بتشغل وبتجيب توريدات من آلاف المصانع والمواد الخام وبضايع من عشرات آلاف الشركات اللى بتخدم عليها، بترفع إنتاجيتنا وبتكبر حجم إقتصادنا وبتقلل إحتياجنا للإستيراد، القطاع الخاص بيشتغل على حس المشاريع دي، والقطاع الخاص اصلا بيمر بمصاعب كتيرة جدا مؤخراً (ابحث عن تقرير مؤشر مديري المشتريات) ومش هيتحمل صدمة زي وقف المشروعات القومية.
.
- خامسا: العبرة بالرقم المطلق ولا بالنسبة؟
.
العبرة الحقيقية للديون الخارجية هي بنسبتها للناتج المحلي الإجمالي مش بقيمة الديون منفردة كرقم مطلق.
.
مثلا، ديون مصر الخارجية 137 مليار $وكانت من سنوات قليلة 45 مليار فقط، فأنت تتخض بقي، وطبعا مفيش اي سبب يدعو للخوف لان نسبتها للناتج قليلة جدا، مثلا الديون الخارجية في الصين 2.3 تريليون $لكن نسبتها للناتج 16%! في حين ان الديون الخارجية في تونس=41 مليار $ فقط ومع ذلك نسبتها للناتج تبلغ 107%! إذن العبرة بالنسبة وليس الرقم المطلق.
.
- سادسا: ازاي نعرف ان نسبة الديون الخارجية للناتج آمنة؟
.
لان نسبة الديون الخارجية (اللى بالعملة الصعبة) للناتج = 33% إلى 35% (137 مليار $) ودي نسبة أكتر من آمنة، فيه دول كتيرة هتلاقيها تحت في المصادر عندها نسب أكبر من كدة بكتير، ومصر من الدول القليلة اللى عندها نسبة آمنة جداً للدين الخارجي.
.
- سابعا: هل الدين المحلي بردو عند نسبة منخفضة للناتج؟
.
لا، صافي الدين العام المحلي = 65% إلى 75% من الناتج، ودي نسبة مرتفعة بتستهلك فوايد كتير من مصاريف الموازنة العامة للدولة، لكن الإيجابي الوحيد أن خدمة الدين العالية دي بتتصرف على مشروعات بتشغل ملايين الناس وبترفع إنتاجيتنا بتحمينا من صدمات خارجية، زي مشاريع الصوامع والمخازن اللى ساعدتنا نعدي من أزمات كتير آخر سنتين، ورغم أن أي ديون بالعملة المحلية ليس لها خطورة تذكر مثل الديون بالعملة الصعبة، لكن لو بنستهدف أن تكون المالية العامة للدولة مستدامة وتعمل بكفاءة يبقي لازم نضع مستهدفات طويلة الأجل لخفض خدمة الدين وحصتها من المصاريف.
.
- أخيرا: خليك فاكر ان وضع الديون قبل ثورة 2011 كان واقف عند نفس المستويات المتحققة حاليا 65% إلى 75% للناتج المحلي، وبندفع فوايد وخدمة دين ضخمة لكن في المقابل مفيش مشروعات بنفس القدر المماثل حالياً، بنقترض بس فلوس القروض بتضيع في أجور وعلاوات وشراء الوقت واستخدام المسكنات (الدعم) للحفاظ على إستقرار الحكم بأي تمن، المرافق مستواها متردي ومفيش وظايف ولا انتاج والناس مرمية في العشوائيات وإنتاجنا من الحبوب والزراعة بيتقلص امام الزيادة السكانية وملايين الناس واقفين على قوائم الانتظار في المستشفيات والطرق حالتها مزرية والمواصلات العامة كذلك ونقص في انتاج الكهربا والريف في حالة لا يرثى لها بدون خدمات ومرافق أساسية وآدمية، يعني إستخدام سئ وفاسد للقروض، بناءا عليه لو كدة كدة مضطرين نشتغل بالقروض فالأفضل نستخدمها إستخدام يفيد الناس.
.
انا ممكن اتكلم في تفاصيل اكتر بكتير عن الديون بس حاولت اركز على النقاط الرئيسية ... رمضان كريم.