عمرك سمعت بمستشفى يفتتح ثلاث مرات ؟ و كل مره مع بند مشتريات جديد بعشرات المليارات و تحويل كامل التجهيز من الافتتاح السابق "لرجيع" يباع في مزاد للقطاع الخاص ؟ ( معلومة على الطاير, ثلاثة ارباع التجهيز في المستشفيات الخاصه حاليا "رجيع" حكومي اشتروه ب 100 الف مقابل كل مليون من الثمن الاصلي
).
عمرك تسآئلت عن صرف الادوية من المستشفيات الحكومية؟ و كم تكلف ؟ و كيف نقارن بالانظمة الصحية العالميه في هذا الجانب ؟ " يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم"
افهم الله يصلحك, القطاع الخاص حاليا محدود جدا. ما يقدم فيه من خدمات محدود لانه لا يقدر على منافسة قطاع حكومي مجاني ( من الذي سيجري عملية تكلف مئه الف في القطاع الخاص بينما يمكنه اجرائها بالمجان في مستشفى حكومي ؟ ). في بيئة تتساوى فيها الرؤوس سينطلق القطاع الخاص بشكل كبير و سيحتاج لكوادر تشغيلية لا يفكر حاليا في استقطابها بشكل دائم, و مش بس مستشفى واحد, مئات المستشفيات الجديده كليا ستدخل السوق و ستبدأ في المنافسة لاستقطاب الكفاءات. هذا جانب الطلب.
نأتي لجانب العرض, لدينا مشكلة كبيره في المملكه في توفير الكفاءات ( و اتحدث هنا عن الكفاءات التخصيصه مش بسطويسي خريج عين شمس ). قبل عدة اسابيع اجريت مقابلات لثلاثة مناصب استشارية مع وافدين اجانب في تخصص دقيق جدا. رغم اننا عرضنا عليهم مبالغ كبيره ( و اكبر من ثلاثة اضعاف ما يتحصل عليه استشاري سعودي على السلم للتخصصات الصحية ) الا انهم جميعا اعتذروا عن قبول الوظيفه. و السبب انهم وجدوا عروض خارج البلد اكثر اغراء ماديا.
بقي ان ندرس تأهيل شبابنا. لا اعرف استشاري سعودي لم يتحصل على اقل القليل على fellowship في دولة متقدمة طبيا, ان لم يكن اجرى الزمالة هناك بالكامل. و لا اعرف استشاري سعودي واحد يرى ان السلم عادل و يكافئ جهده و مهارته. و لا اعرف استشاري سعودي واحد غير متحمس لفكرة الخصخصه ( اغلبهم اصلا يعمل في القطاع الخاص سواء في business centers تبع نفس جهة عمله او متعاقد مع مستشفى خاص من تحت لتحت )
الامر مشابة ايضا في غالبية التخصصات الطبية المساندة. التمريض كمثال فيه ازمة عالمية تشتكي منها كل الدول المتقدمة طبيا بلا استثناء, و فيه تنافس حامي جدا على استقطابهم ( لو تعرف ممرضة ICU تبحث عن وظيفه لك مني سعي يدسم شواربك )
المحصلة ان التشوة الحالي في الاجور ( و الذي تتحمل الحكومة سببه ) سيختفي كليا مع الخصخصه, و غالبية الوظائف الصحية سترى ارتفاع في الاجور مع دخول مشغلين جدد للسوق السعودي ( و بالمناسبة اعدادهم كبيره و باستثمارات مليارية ).
يبقى النقطه التي تدندن حولها, الا يمكن للدولة ان تدير القطاع الصحي بكفاءة تقارب الخاص و بتكلفه اقل طالما الخاص ربحي ؟
الجواب قطعا
لا, لهم اكثر من مئه سنه يحاولون. ومش بس عندنا, في كل دولة حاولت ان تسلك هذا المسار النتيجه فشل ( ومش كلام نظري, الدراسات منشورة في هذا الموضوع و بامكانك الاطلاع عليها ).
الملخص الذي يهم المواطن التالي:
- الخدمة الصحية حق للمواطن منصوص عليها في النظام الاساسي للحكم, و مجانية من المهد للحد
- بامكانك بالتامين الحكومي تلقي الخدمة في اي منشأة صحية في المملكه بدون تمييز, و بالعكس سيفرحون بك اينما حللت لان ايراداتهم مرتبطه باختيارك لهم
- مستوى الخدمة سيرتفع, سواء في الجانب الفني ( لحرية الكادر المتخصص ) او في الجانب الخدمي ( قوائم الانتظار و القدرة على الوصول ).
- التخصيص سيوفر تكاليف على الدولة و يساهم في خفض ميزانية الصحه, مع تحسين مؤشرات الخدمة.