مجتمعنا كان حر صاحب اخلاق اتي الاسلام ليكمل هذه الأخلاق
ايوة فعلا ليكمل هذه الأخلاق.
نتيجة للتدهور العقائدي الرهيب لدى العرب قبل الإسلام فقد حدث تدهور أخلاقي كبير في المجتمع كله؛ وذلك لأنهم فقدوا الإحساس برقابة الله عليهم؛ فتجرَّءُوا على الفساد والإفساد في الأرض، وغزا الانحراف معظم أخلاقهم، فعرفوا الكثير من المنكرات والقبائح.
كان من هذه الأخلاق المنحرفة على سبيل المثال شرب الخمور ولعب الميسر، بكل ما يتبعهما من شرور، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:90].
وكان العرب يشربون الخمر يتخذون لها ساقيًا فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: "اسْقِنَا كَأْسًا دِهَاقً[1]"[2]. وعَنِ ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: "خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، أَلَا وَإِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالْعَسَلِ""[3].
وكان الفضيخ خمر أهل يثرب، فعَنْ أنس بن مالك رضي الله عنه، قَالَ: "كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِي طَلْحَةَ، وَمَا شَرَابُهُمْ إِلَّا الْفَضِيخُ: الْبُسْرُ وَالتَّمْر"[4].
وأما خمر أهل اليمن فيقول عنها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَن، فَقُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللهِ، أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ الْبِتْعُ؛ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ، يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَالْمِزْرُ وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ، يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ". فَقَالَ: "أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاةِ""[5]. وكان ينتبذونها في ظروف تسمى: المزفت والنقير والحنتم والدباء، وكانت الديلم يشربون شرابًا يُسكر يُصنع من القمح[6]. ورأى بعض العرب قبل الإسلام أن الخمر مذمومة؛ لأنها تُذهب بالعقل، وتخدش المروءة[7].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يُحذِّر أُمَّته من بعض أخلاق الجاهلية الفاسدة: «أَرْبَعٌ في أمَّتِي مِنْ أمْرِ الجَاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُوهُنَّ: الفَخْرُ في الأَحْسَابِ، والطَّعْنُ في الأَنْسَابِ، والاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّياحَةُ»[8].
افتخارهم بولاية المسجد الحرام
ومن خصال الجاهلية افتخارهم بولاية المسجد الحرام، وتكبرهم بذلك على الناس؛ قال تعالى في ذلك: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون:67]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إِنَّمَا كُرِهَ السَّمَرُ حين نزلت هذه الآية: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون:67]"، فقال: "مُسْتَكْبِرِينَ بِالْبَيْتِ يَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُهُ". {سَامِرًا} قَالَ: "كَانُوا يَتَكَبَّرُونَ وَيَسْمُرُونَ فِيهِ وَلاَ يَعْمُرُونَهُ، وَيَهْجُرُونَهُ"[9].
وكانوا يزدرون الفقراء والضعفاء؛ قال تعالى في ذلك: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام:53]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس يوم فتح مكة، فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ[10] الجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلاَنِ: بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]»[11].
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: "أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ العَرَبِ وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ[12] فِي المَسْجِدِ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، فَإِذَا فَرَغَتْ مِنْ حَدِيثِهَا قَالَتْ:
وَيَوْمُ الوِشَاحِ مِنْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا *** أَلاَ إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجَانِي
فَلَمَّا أَكْثَرَتْ، قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: وَمَا يَوْمُ الوِشَاحِ؟ قَالَتْ: خَرَجَتْ جُوَيْرِيَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِي، وَعَلَيْهَا وِشَاحٌ مِنْ أَدَمٍ، فَسَقَطَ مِنْهَا، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِ الحُدَيَّا، وَهِيَ تَحْسِبُهُ لَحْمًا، فَأَخَذَتْهُ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَعَذَّبُونِي، حَتَّى بَلَغَ مِنْ أَمْرِي أَنَّهُمْ طَلَبُوا فِي قُبُلِي، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلِي وَأَنَا فِي كَرْبِي، إِذْ أَقْبَلَتِ الحُدَيَّا حَتَّى وَازَتْ بِرُءُوسِنَا، ثُمَّ أَلْقَتْهُ، فَأَخَذُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ"[13].
وعن عبد الله بن مسعود قال: "إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لاَ يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ"[14]. والمقصود هنا تسييب العبد، فيجعلونه سائبة لا ولاء ولا عقل ولا ميراث لأحد عليه[15]. وقال أبو حيَّان رحمه الله في قوله تعالى: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء من الآية:26]: "نهى الله تعالى عن التبذير، وكانت الجاهلية تنحر إبلها وتتياسر عليها[16]، وتُبَذِّر أموالها في الفخر والسُّمعة، وتذكر ذلك في أشعارها، فنهى الله تعالى عن النفقة في غير وجوه البرِّ، وما يُقرِّب منه تعالى"[17].
وكانوا يئدون البنات خشية لحوق العار بهن عند كبرهن إذا سلكن طريق الانحراف والعُهر؛ قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ . بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:8-9]. وقال تعالى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [الزخرف:17]. وقال كذلك: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} [النحل:58-59]. وقال أيضًا: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء من الآية:31].
وعن الْوَضِينِ أنَّ رجلاً أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول اللَّه إنَّا كنَّا أهل جاهليَّةٍ وعبادة أوثانٍ، فكنَّا نقتل الأولاد، وكانت عندي ابنةٌ لي فلمَّا أَجَابَتْ وكانت مسرورةً بدعائي إذا دعوتها، فدعوتُها يومًا فَاتَّبَعَتْنِي، فمررتُ حتى أتيتُ بئرًا من أهلي غير بعيدٍ، فأخذتُ بيدها فَرَدَّيْتُ بها في البئر، وكان آخر عهدي بها أن تقول: يا أبتاه يا أبتاه". فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى وَكَفَ[18] دمعُ عينيه، فقال له رجلٌ من جلساء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَحْزَنْتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم"، فقال له: «كُفَّ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا أَهَمَّهُ». ثم قال له: «أَعِدْ عَلَيَّ حَدِيثَكَ». فأعاده فبكى حتَّى وكف الدَّمع من عينيه على لحيته، ثمَّ قال له: «إِنَّ اللهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا عَمِلُوا، فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ»[19].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: "جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: «أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكِي بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقِي وَلاَ تَزْنِي، وَلاَ تَقْتُلِي وَلَدَكِ، وَلاَ تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ، وَلاَ تَنُوحِي، وَلاَ تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى»"[20]. وقال قتادة رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُولى} [الأحزاب من الآية:33]: "أي إذا خرجتن من بيوتكن"، قال: "كانت لهنَّ مشية وتكسُّر وتغنُّج"[21]، -يعني بذلك: الجاهلية الأولى- فنهاهن الله عن ذلك"[22].
وقد سادت في بعض الأوساط أنواع من الأنكحة، التي لا تختلف عن الدعارة؛ فقد أورد البخاري وأبو داود رواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ذكرت فيها أنواع الأنكحة الفاسدة في الجاهلية، وشرحت تفصيلات عجيبة عن "نكاح الاستبضاع"، و"نكاح الرهط"، و"نكاح ذوات الرايات"، ويبدو أنهم لم يكونوا يشعرون بالعار من هذه الممارسات!
فعن عروة بن الزبير أنَّ عائشة رضي الله عنها زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أخبرته: "أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيدَتَهُ -وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ: وَلِيَّتَهُ- فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ اسْتَبْضِعِي مِنْهُ. وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تُسْتَبْضَعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِنْ أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ وَمَرَّ لَيَالِي بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا فَتَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ، وَهَذَا ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ فَيُلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا. وَنِكَاحٌ رَابِعٌ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثِيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَىى الْمَرْأَةِ لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا -وَهُنَّ الْبَغَايَا- هُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُنَّ عَلَمًا لِمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَاا حَمَلَتْ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ[23]، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَهُ[24] وَدُعِيَ ابْنَهُ لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلاَّ نِكَاحَ أَهْلِ الإِسْلاَمِ الْيَوْمَ"[25].
وكانوا يجمعون بين الأختين، ويتزوجون بزوجات آبائهم إذا ما طُلِّقْن أو ماتوا عنهن، وكانوا يرثون نساء الميت ويعضلونهن عن الزواج؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء من الآية:19] قال: "كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أَحَقَّ بامرأته، إن شاء بعضُهم تزوَّجها، وإن شاءوا زوَّجوها، وإن شاءوا لم يُزَوِّجوها، فهم أحقُّ بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك"[26]. وفي رواية أخرى لأبي داود، قال: "{لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء من الآية:19] وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَرِثُ امْرَأَةَ ذِي قَرَابَتِهِ، فَيَعْضُلُهَا حَتَّى تَمُوتَ، أَوْ تَرُدَّ إِلَيْهِ صَدَاقَهَا، فَأَحْكَمَ[27] اللهُ عَنْ ذَلِكَ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ"[28].