بعيدا عن مذكرات الشاذلي رحمه الله، كان هناك مقابلة له مع محرر صحيفة الوطن العربي وهي صحيفة يومية مستقلة شاملة تصدر عن مؤسسة الوطن العربي الإعلامية بلندن !!! المقابلة أجريت بتاريخ 6 اكتوبر 2010 من قبل الصحفي فريد الجبالي (أحتفظ شخصياً بالنسخة الأصلية للمقابلة) ونقتبس منها فقرات توضح بعض الأمور حول مجريات النكسة/الثغرة..
* سيادة الفريق، الي هذا الحد والموقف واضح.. ماذا حدث من تطورات حتى تقع الثغرة؟
** ونحن في قمة الانتصارات وبأقل الخسائر الممكنة جاء السادات ليقول: (مادام عملتم كل الانجازات دي ياولاد، عليكم بالتحرك للمضايق!!!!) هنا كان بداية الخطأ والخلل!! وده يدل على إيه؟؟!! ليس خطأ عند السادات لوحده، وانما خطأ في النظام وخطأ أيضا في التنظيم. لأنه في جميع بلاد العالم فيه قيادة سياسية وفيه قيادة عسكرية. الهرم العسكري ينتهي عند رئيس الأركان والهرم السياسي ينتهي عند رئيس الجمهورية وهناك حدود فاصلة بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية، هذا في الدول الديمقراطية.
* وهل استفاد السادات فعلا من هذه التركيبة في تعمده الانفراد بقراره؟
** طبعا بالتأكيد.. استفاد منها السادات بدهائه المشهور به، ومن ضمن تخطيطه البعيد اختياره للمرحوم أحمد إسماعيل وزيرا للحربية حتى يكون عجينه في ايده، حيث كان يعلم جيدا الخلاف القديم بيني وبينه منذ احداث الكونغو خلال محاولة (انفصال كاتنجا ومقتل باتريس لومومبا رئيس الوزراء) والكل يعرف ان الرئيس جمال عبد الناصر احال احمد اسماعيل للتقاعد من القوات المسلحة مرتين، فأرجعه السادات كمسئول عن جهاز المخابرات العامة. ثم في خطوة تاليه وزيرا للحربية فاذا هو بالطريقة دي كأنه قائد عام للقوات المسلحة، وما يقوله بالتالي احمد اسماعيل لا يستطيع أحد مناقشته!!! والسادات عمل منه برافان حتى يستخبي وراءه….
وحصلت بيننا مناقشة حادة، السادات ومعه احمد اسماعيل في جانب، وفي الجانب الآخر وقف في صفي قادة القوات المسلحة (سعد مأمون قائد الجيش الثاني وعبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث).. فلما قال السادات عايزين نطور الهجوم تجاه الممرات للتخفيف عن الجبهة السورية.. لأ وايه… بدون حماية جوية او غطاء صواريخ!!!
قلت له: (ده قرار خاطئ.. وعندي كل المبررات) المهم.. عملنا مؤتمر في الرئاسة، حضره معي عبد المنعم واصل وسعد مأمون، وقعدنا نكافح مع احمد اسماعيل طول الليل لغاية الساعة 12 مساء ومفيش فايده، وبالتالي كان القرار الذي كان بداية الانكسارات التي اخذت تتوالى علينا بعد ذلك.!!
* وهل هذه الانكسارات كانت مقصودة توطئة لتحريك الموقف السياسي طبقا لخطة كيسنجر.. فيما سماه العامل المحفز Catalyst؟
** دي بقه كل واحد يفسرها زي ما هو عايز…. ما لم تفتح الملفات التي اطالب بفتحها حتى نعرف كل حاجة.. طبعا فيه علامات استفهام.. وبصفتي كنت راجل مسئول، الجبهة السورية التي تحجج بها السادات لم تكن في حاجة اطلاقا الي هذه الخطوة!! فحينما اكون خارج نطاق غطاء صواريخنا، الطيران هو اللي حيتعرضلي وليست القوات البرية.
* سيادة الفريق.. ننتقل الي حرب 73 وياريت تلقي الضوء اكثر علي موقف الجبهة السورية لكشف الحقيقة.
** السوريين كانوا متحمسين جدا وعايزين ياخذوا المساحة بتاعتهم. يعنى كانت 20 كيلو علشان يوصلوا الى نهر الأردن، يعنى كانوا مستسهلين العملية قوى وداخلين بأسلوب الفرسان. طبعا اسلوب الفرسان مستحب لكن له قواعد، فهجموا بمعظم الدبابات بتاعتهم في المراحل الأولى. يعنى في يومي 6 و7 كان عندهم على الجبهة 8 ألوية مدرعة وبيجهزوا لمدرعات بتاعتهم كلها حوالي 5 أو 6 ألوية، بيهجموا بمعظم دباباتهم وتحملوا خسائر كبيرة والطيران ضربهم وناس منهم وصلوا الى بحيرة طبرية.
* دعنا نعود معا لأحداث الحرب على الجبهة المصرية ونسأل بصراحة عن ضربة الطيران الاولي، هل هي اللي جابت نصر اكتوبر زي مايقال؟
** أرجو ان تعيدوا قراءة حديث الرئيس حسنى مبارك مع عماد الدين أديب عام 2005 حيث اعترف سيادته- لأول مرة- ان القوات الجوية كانت أضعف حلقة في القوات المسلحة – ده كان بلسانه.
وهذا بالفعل ماقلته في الكتاب بتاعي 79، 78 وهي دي اساس الخطة بتاعتنا، بنقول ان مفيش لنا مدي غطاء غير10-15 كيلو ونتوقف.. طيب ليه؟؟ علشان مفيش طيران. وبالتالي انحصر دور الطيران في ضربته الاولي ثم رجع قواعده حرصا عليه لأنه ليس في كفاءة الطيران الاسرائيلي الذي تعاملنا معه بشبكة الصواريخ الاكثر كفاءة.