حرب أكتوبر: الفرقة المُشاة في عبور مانع مائي

بحسب الخريطه الي وضعتها تموضع الجيش الاسرائيلي خلف الجيش الثالث واجتيازه للقناة ومحاصرته له بالكامل والوصول الى مواقع بطاريات الدفاع الجوي وفتح المجال للطيران الاسرائيلي قي تدمير القوات المحاصرة
اولم تسمع عن الاجرائات المصرية المضادة لتصفية الثغرة المسماة الخطة شامل لو متعرفش انصحك تقرأ عنها
 
بحسب الخريطه الي وضعتها تموضع الجيش الاسرائيلي خلف الجيش الثالث واجتيازه للقناة ومحاصرته له بالكامل والوصول الى مواقع بطاريات الدفاع الجوي وفتح المجال للطيران الاسرائيلي قي تدمير القوات المحاصرة
اخي دع عنك كلام المدلسين والكارهين

فعلا تم حصار الجيش الثالث وتم تدمير جزء من حائط الصواريخ هذا جزء من الحقيقة حدث بالفعل

ولكن المدلس والحاقد لن يخبرك عن ماذا بعد ان حدث ذلك

الذي حصل هو ان القوات الصهيونية المحاصرة للجيش الثالث تم حصارها من قوات مدرعة مصرية تم تجمعها من المنطقة المركزية العسكرية ومعها قوات مدرعة من عدة بلاد عربية واكثر من ٢٠٠ دبابة من يوغسلافيا وتم وضع الخطة شامل لتصفية الثغرة بمن فيها مصريين وصهاينة تحت قيادة اللواء سعد مأمون
وعندما قدم كيسنجر للسادات اخبره السادات بالخطة اذا لم تتلتزم القوات الصهيونية بقرار وقف اطلاق النار وان مصر حشدت اكثر من ٨٠٠ دبابة لتصفية الثغرة

ثانيا تم اعادة تموضغ لقولت الدفاع الجوي وعادة للعمل مرة اخري في اثناء المعركة
 
بحسب الخريطه الي وضعتها تموضع الجيش الاسرائيلي خلف الجيش الثالث واجتيازه للقناة ومحاصرته له بالكامل والوصول الى مواقع بطاريات الدفاع الجوي وفتح المجال للطيران الاسرائيلي قي تدمير القوات المحاصرة

فقرة من مذكرات الشاذلي توضح كذب القوم حول مقدرتهم على تصفية الثغرة، فلم يكن هناك إلا لواء مدرع واحد كما يقول الشاذلي بنفسه وهو رئيس الأركان بعد نقل الإحتياط للضفة الشرقية من أجل تطوير الهجوم !!!! المثير أن هذه الفقرة محذوفة من النسخة المزيفة التي تروج لها مجموعة ال 73 المصرية وتنشرها على الشبكة !!!!!

Untitled33.png
 
فقرة من مذكرات الشاذلي توضح كذب القوم حول مقدرتهم على تصفية الثغرة، فلم يكن هناك إلا لواء مدرع واحد كما يقول الشاذلي بنفسه وهو رئيس الأركان بعد نقل الإحتياط للضفة الشرقية من أجل تطوير الهجوم !!!! المثير أن هذه الفقرة محذوفة من النسخة المزيفة التي تروج لها مجموعة ال 73 المصرية وتنشرها على الشبكة !!!!!

مشاهدة المرفق 426359
تمام
بعد كده الفرقه الرابعه مدرعه تمركزت فين وانضم ليها مين فى اعاده التمركز عشان تقفل الطريق على القوات الاسرائيليه
 
على فكره ياستاذ انور انا بحب جدا الفريق الشاذلى وكنت بستغرب ان شخصيه عسكريه وبالعقل اللى عمل توجيه زى 41 وكل فرد فى القوات المسلحه كان عارف دوره بكل دقه بس فيه علامات استفهام كتير ضده يعنى مثلا ايه هى القوات اللى كان يقدر يحركها من الشرق للغرب عشان يقضى على الثغره
بص ياباشا الحرب معارك واحنا انتصرنا فى كل المعارك لحد ما السادات الدخل بالحرب واخد قرار كل قاده الجيوش كانو معرضنها وهى التطوير ناحيه المضايق

وبعدين كان الموضوع ده هينتهى ومش كنا عشنا فى اللى بنشوفه اليومين دول من الناس اللى مستكتره علينا الانتصار لو الواء 25 مدرع اتحرك فى اتجاه الثغره من الغرب وليس من الشرق وكان قفلها ضبه ومفتاح بس نعمل ايه قدر الله وما شاء فعل
لا يوجد جديد وكله مذكور في مذكرات الشاذلي الحقيقية وليست المزيفة !!! الكثير من المصريين يكرهون الشاذلي لأنه فضح زيف إدعاءاتهم بالنصر والرجل كما تعلم كان قائد القوات المصرية والأعلم ببواطن الحرب وتوزيع القوات !!!! عموما الجيش المصري يعيد الآن تسليحه وربنا يقدم اللي فيه الخير لصالح الجميع ..

 
بص ياباشا الحرب معارك واحنا انتصرنا فى كل المعارك لحد ما السادات الدخل بالحرب واخد قرار كل قاده الجيوش كانو معرضنها وهى التطوير ناحيه المضايق

لم أقل غير هذا وانا مش بكره مصر أو المصريين لكن باكره الكذب وتزييف الحقائق!!! المصريين في الثلاث أيام الأولى حققوا مكاسب كثيرة على الأرض وأوقفوا الهجمات الإسرائيلية المضادة وكبدوها خسائر كبيرة ..

السؤال عن الفقرة الثانية من تعليقك، لماذا أمر السادات بتطوير الهجوم ؟؟
 

تفاصيل الخطة «شامل» لتدمير الجيش الإسرائيلى فى الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

:
فى السطور القادمة سنعرض لتفاصيل الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتدمير القوات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة والتى بلغ مجموعها ثلاث فرق مدرعة ( فرقة أرئيل شارون، وفرقة أبراهام أدان، وفرقة كلمان ماجن)، بالإضافة إلى لواء مشاة مظلات بفرقة شارون، ولواء مشاة ميكانيكى بفرقة ماجن. وقبيل عرض تفاصيل هذه الخطة سنعرض لشهادات القادة المصريين حول قدرة القوات المسلحة على تنفيذ هذه الخطة، وكيفية استعادة قواتنا لتوازنها بين الشرق والغرب، وإعادة تسليح وحشد القوات لدحر العدو غرب وشرق القناة.


محاصرة الثغرة


من أفضل قادة حرب أكتوبر الذين كتبوا بتفاصيل حول الكيفية التى استعادت بها قواتنا كفاءاتها القتالية، الفريق كمال حسن على، مدير سلاح المدرعات خلال الحرب، والذى وقع عليه العبء الأكبر فى إعادة تسليح وتدريب التشكيلات المدرعة.

يقول الفريق على فى كتابه «مشاوير العمر.. أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر.. الحرب والمخابرات والسياسة» إنه «فى يوم 26 أكتوبر قمت بزيارة الوحدات التى كانت تحاصر القوات الإسرائيلية فى منطقة الثغرة، وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة التى كانت تعمل غرب القناة (فى قطاع الجيش الثالث)، والتى تم إمدادها بعدد كبير من الدبابات بعد إصلاحها، كما قمت بزيارة اللواء المدرع الجزائرى الذى بعثت به الجزائر دعما للجبهة المصرية، وتمركز فوق جبل غره جنوب الثغرة، وكان المنظر من هذا الموقع لأرض المعركة يؤكد إمكانية تدمير القوات الإسرائيلية فى الثغرة بسهولة، حيث كان طول المنطقة التى عبرت من خلالها القوات الإسرائيلية عبر قناة السويس لا تتجاوز 7 كيلومترات فقط، وقد قامت لجنة من الكونجرس الأمريكى بزيارة الموقع يوم 7 نوفمبر بصحبة اللواء سعد مأمون وخرجت بانطباع يؤكد ضرورة تسوية سلمية لهذا الموقف؛ لأن القوات الإسرائيلية الموجودة داخل الثغرة أصبحت هى نفسها فى حصار أوشك أن يكتمل.
وفى 7 نوفمبر كنت فى زيارة أخرى للوحدات شرق القناة، وفى طريقى للجبهة سمعت فى إذاعة إسرائيل تصريحا لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يقول فيه إن مصر أكملت دفع الجيش الرابع الميدانى حول الثغرة، ولقد سعدت بهذا القول لأنه فى واقع الأمر لم يكن الجيش الرابع سوى الإمداد المستمر بالدبابات للوحدات الأمامية تعويضا لخسائرها طوال أيام القتال وما بعدها، وكانت إدارة المدرعات قد استقبلت من يوغوسلافيا دبابات لواء مدرع ( 94 دبابة) جاهزة لركوب أطقمها، كما استقبلت دبابات لواء مدرع من ليبيا بدون أطقمه، تم تجهيزه بالأفراد ضباطا وجنودا من الاحتياطيات المدربة المشكلة لهذا الغرض، علاوة على وصول مدافع اقتحام مدرعة من الجزائر، وبعد زيارة هوارى بومدين (الرئيس الجزائرى) لموسكو تم إمدادنا بنحو 200 دبابة (ت 62) خصصت لتعويض دبابات الفرقة المدرعة التى كانت تعمل فى الجيش الثانى شرق القناة ودباباتها تدعم رؤوس الكبارى.

وقد تركت هذه الفرقة ما يكفى من دباباتها من طراز (ت 55) لاستكمال دبابات الفرق المشاة تعويضا لخسائرها، وكذلك تم سحب أفراد هذه الفرقة ليلا إلى القاهرة، وأعيد تدريبهم على الدبابات الجديدة من طراز (ت 62) فى أسبوع واحد، ثم دفعت هذه الدبابات بأطقمها بعد تجهيزها للقتال، سائرة على جنازيرها عند محور طريق الإسماعيلية فأثارت غبارا يزيد طوله على 30 كيلو مترا، على مدى ثلاثة أيام كاملة، وكان آخرها يوم 7 نوفمبر، الأمر الذى جعل موشى ديان يعلن عن إتمام حشد الجيش الرابع حول الثغرة فى ذلك اليوم».

«سيبونا نذاكر»

وفى كلمة أخيرة عن الثغرة ــ والكلام ما زال للفريق كمال حسن على ــ أود أن أقول إن الموقف الإسرائيلى غرب القناة أثناء محادثات الكيلو 101 كان موقفا هشا وقلقا لأى قيادة قد تفكر فى استمراره، فعلاوة على المنفذ الضيق الذى عبرت منه هذه القوات (7 كيلو مترات) من الشرق للغرب، كانت أوضاع هذه القوات وخطوطها الإدارية غاية فى الحرج، خاصة بعد أن أتمت القوات المصرية تعويض خسائرها، وأحاطت بهذا الجيب الإسرائيلى بشكل تهديدى لا يمكن إنقاذه. لقد أصبحت القوات المصرية من حوله ولا تسمح للقوات الإسرائيلية بالتحرك أو الانتشار لتحسين أوضاعها، بل لا تسمح لها حتى بالانسحاب من مواقعها دون خسائر كبيرة.

ويواصل الفريق على حديثه عن الأوضاع السيئة للقوات الإسرائيلية بقوله «أما الانسحاب الذى كان السادات يطالب به هذه القوات للعودة إلى موقع يوم 22 أكتوبر، أى يوم صدور قرار وقف إطلاق النار، فقد أصبح حلا مستحيلا بالنسبة لإسرائيل لأنه يجعلها تفقد كل المميزات التى اكتسبتها بانتهاك هذا القرار.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن أوضاع هذه القوات قد أصبحت معلومة بالتفصيل للقوات المصرية، بعد أن ظلت لفترة طويلة غير واضحة المعالم، فإن مجرد تثبيتها فى أماكنها كان يكلف إسرائيل ما هو فوق طاقتها لإمداد هذه القوات والإبقاء عليها بحجمها الهائل الذى جمعته من مختلف المهن وطلبة المدارس الذين كانت امتحاناتهم على الأبواب، وكان بعضهم يطالبون الجنود المصريين على مدى السمع (سيبونا نذاكر!!).

ولا يمكن لأحد أن يدعى أن إسرائيل عندما قبلت وقف إطلاق النار الثانى يوم 25 أكتوبر، ثم الانسحاب إلى شرق الممرات كانت جانحة إلى السلم أو راغبة فيه، فالحقيقة أن إسرائيل لم تقدم على ذلك إلا تحت شبح التهديد داخل مصيدة الثغرة.

والحقيقة أن الثغرة والجيب الإسرائيلى غرب القناة لم يحقق أمل القادة الإسرائيليين فى قلب نتيجة الحرب لأسباب عديدة، منها أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة وصلت إلى 400 قتيل و 1200 جريح، وإن كانت حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير، ومثل هذا التدمير فى القوى البشرية يكون له مغزى خاصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التى يشكل لها هذا النزيف البشرى تهديدا خطيرا فى ظروف تعدادها القليل. 😊

ومن هذه الأسباب أيضا الفرصة التى أتيحت للقوات المصرية خلال فترة توقف إطلاق النار لإعادة تنظيمها وإمدادها، بحيث أصبحت تشكل حصارا كاملا لقوات الجيب الإسرائيلى يمنعها من الانتشار كما يمنعها أيضا من الانسحاب أو الهجوم، خاصة بعد أن دعمت مصر دفاعها الجوى حول الثغرة، وبلغ حجم القوات المصرية لتدمير العدو فى الجيب خمس فرق منها، فرقتان مدرعتان، و3 فرق مشاة ميكانيكية، بالإضافة إلى فرقة أخرى ميكانيكية من احتياطى القيادة العامة، وبذلك أصبحت مقارنة قوات المشاة لصالحنا بنسبه 3 إلى 1، و 6 إلى 1 فى المدفعية، وفى الدبابات كانت 2.5 إلى 1.

ولم يكن العدو قادرا على اتخاذ قرار منفردا بانسحاب يعرض قواته لخطر تدميرها بقواتنا أثناء إجرائها عملية الانسحاب لظروفها الصعبة والمعروفة، وعلى ذلك لم يكن أمام إسرائيل إلا أن توافق على قرار الانسحاب من المأزق، فقبلت إسرائيل بنفس أكثر من راضية الانسحاب من الثغرة، وكان ذلك إيذانا بانسحابها من أرض سيناء كلها فيما بعد».

الخطة شامل


1634064802460.png




الحديث عن الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتصفية قوات العدو فى ثغرة الاختراق غرب قناة السويس، يبدو مقتضبا فى معظم المراجع العسكرية التى تناولت حرب أكتوبر، لكن هناك اتفاق على أن أهداف القيادة المصرية من هذه الخطة كان يتمثل فى «إحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعدته، مع القيام بعمليات إزعاج للعدو على أوسع نطاق ممكن حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، بالإضافة إلى إرغام إسرائيل على الاستمرار فى تعبئة قواتها الاحتياطية، مما يرهق اقتصادها القومى، ويهدد الحياة العامة بالشلل الكامل، مع منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة»، بحسب المؤرخ العسكرى اللواء جمال حماد، فى كتابه المرجعى «المعارك الحربية على الجبهة المصرية».
المشير محمد عبدالغنى الجمسى، الذى خلف الفريق سعد الشاذلى فى رئاسة الأركان العامة اعتبارا من يوم 12 ديسمبر 1973 فى حوار له مع الصحفى الراحل موسى صبرى، أعطى بعض التفاصيل بشأن الخطة (شامل) جاء فيها «لقد تم وقف إطلاق النار الفعلى ظهر يوم 28 أكتوبر، بعد وصول قوات الأمم المتحدة، واعتبارا من يوم 31 أكتوبر بدأنا تنفيذ حرب استنزاف مخططة ضد العدو غرب وشرق القناة. كانت أمامنا مهمة رئيسية وهى ألا نسمح للعدو بأن يتمركز أو يتخندق ويثبت أقدامه فى الغرب. كان هذا عملا يوميا للقوات المسلحة، إلى أن يبدأ الهجوم لتصفية هذا الجيب بعملية شاملة.
وأضاف الفريق الجمسى قائلا: «لقد وضعت الخطة (شامل) الهجومية.. نوقشت.. صدق عليها القائد العام.. وتقرر أن يعين لقواتنا فى الغرب قيادة منفصلة تقود جميع أنواع القوات لتصفية الجيب، ونترك قواتنا فى الشرق تقاتل معركتها. وقوات الجيش الثانى تقاتل معركتها، وقد سلمت الخطة الهجومية لجميع قيادات القوات المسلحة (الطيران والدفاع الجوى والبحرية)، واختير اللواء سعد مأمون (بعد شفائه من الأزمة القلبية) لقيادة قوات الهجوم وتنفيذ الخطة. وعرضتها على السيد الرئيس القائد الأعلى أنور السادات فى 24 ديسمبر وصدق عليها.. ولم يتبق إلا تحديد الموعد بقرار من سيادته».

ويؤكد المشير الجمسى على أن «حرب الاستنزاف كانت مستمرة.. طبقا للتخطيط الموضوع لها، وهو ضرب قوات العدو شرق وغرب القناة، وعلى طول المواجهة بهدف إيقاع أكبر خسائر فى أرواحه ومعداته، ومنعه من تحسين مواقعه، وطبقا لبيانات الأمم المتحدة قامت قواتنا بـ439 عملية ضد العدو.. 39 عملية فى نوفمبر و213 فى ديسمبر، ومن أول يناير إلى 17 يناير 133 عملية. وهذه هى الخسائر التى أعلنها العدو: 11 طائرة، 41 دبابة ومدرعة، 10 رشاش ثقيل، 36 معدة هندسية، 187 قتيلا. لم يحدث إذن أى توقف فى عملياتنا.. حتى تم اتفاق فك الارتباط (الاشتباك).. استمرت حرب استنزاف لم تترك للعدو هدوءا ليلا ونهارا». ويؤكد المشير الجمسى على أن خطة تصفية الثغرة (شامل) قد سلمت إلى جميع قيادات القوات المسلحة فى 7 ديسمبر 1973، وصدرت التعليمات لكل القوات للاستعداد لتنفيذها (تخطيط، إعداد، تدريب، استكمال)، وتركنا تحديد ساعة الصفر للقائد الأعلى (السادات) لاختيار الوقت المناسب سياسيا، وتم هذا فى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس السادات الذى صدق على الخطة. فى 24 ديسمبر، وكان أمره «كونوا جاهزين فى أى لحظة».

اللواء سعد مأمون


لقد بدأ تكليف اللواء سعد مأمون من المشير أحمد إسماعيل بقيادة الهجوم على الثغرة فى الساعة الثالثة من مساء 12 ديسمبر.. استدعاه القائد العام وقال له: «يبدو يا سعد إنك ستغادرنا إلى الميدان من جديد، كمندوب للقائد العام لقيادة القوات الرئيسية غرب القناة لتصفية الثغرة. أنت من الآن مسئول أمام وزير الحربية والقائد العام عن تدمير الجيش الإسرائيلى.. وثقتى فيك لا حدود لها». وسافر إلى الجبهة على الفور، وقام بجولة على الحدود الأمامية للقوات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وقام بتعديل الخطة (شامل) على الطبيعة وفق ما ظهر أمامه من حقائق جديدة فى الميدان، وصدق وزير الحربية على التعديل الأخير.

وأكد اللواء مأمون فى حوار مع الصحفى موسى صبرى على أن الخطة شامل كانت تعتمد على «تقدير سليم لموقف العدو، وتحديد واضح لنقاط ضعفه، وتحديد سليم لنقاط قوته». وشدد على أن «العدو كان فى مصيدة، وكان يجب أن أزيده إحساسا بأنه فى مصيدة، كان العدو متخذا أوضاعا دفاعية لا هجومية. كان يدافع فى حالة نفسية سيئة.

ويبدو قلقه فى جميع تصرفاته، كما أن أوضاعه الدفاعية تدل على فزعه.. مثلا رص العدو أمامه حوالى 700 ألف لغم. حفر خنادق مضادة للدبابات على معظم المواجهة (عرض من 6 إلى 7 أمتار، وعمق 5 أمتار) كان لديه من 500 إلى 600 دبابة. وكان شعارى أن نلقن العدو درسا أقسى من دروس العبور وتحطيم حصون بارليف. وواقع الحال أن الجيب الإسرائيلى فى الغرب كان هشا.. كل دبابة للعدو فى الغرب كان يقابلها حوالى دباباتين فى قواتنا، وقطعتين مضادتين للدبابات.. علاوة على نيران المدفعية والطيران، علاوة على احتياطى القيادة العامة للقوات المسلحة الموضوعة تحت سيطرة المشير أحمد إسماعيل.

وقد قدرت الخطة الموضوعة لتصفيتة كافة الاحتمالات، بطريقة لعلها أحسن من تحضيرات 6 أكتوبر، وكان تفكيرى أن النصر فى هذه العملية لا يحتمل الجدل ولا التجربة، وقمنا بمشروعات حقيقية على أرض مشابهة.

وكان التقدير: بالنسبة للوضع العسكرى العام تم احتواء العدو تماما فى الغرب.. لقد حاصرنا العدو من كل جانب، وله منفذ واحد فى الدفرسوار لا يزيد عرضه على 6 كيلومترات، وكان مقررا إغلاق هذا المنفذ بالقوات فى ساعات قليلة.. وهذه الشريحة كان مخصصا لها أعداد هائلة من القوات».

وأكد اللواء مأمون أنه «كان من المقرر أن نصفى الجيب الإسرائيلى على محاور بالتعاون مع كافة أفرع القوات المسلحة، أى أننا كنا سنهاجم من 4 اتجاهات (تم التعديل لتصبح 5 اتجاهات).. وكانوا حقا فى مأزق».


موضحا أن «قوات العدو فى 22 أكتوبر تمكنت من عمل رأس جسر واحد غرب الدفرسوار بمساحة 70 كيلومترا مربعا (7 فى 10).. قواتنا فى الشرق كانت قد عملت رؤوس جسور فى الجيوش مساحتها 7 آلاف كيلومتر مربع، أى مائة ضعف، كان موقف العدو العسكرى حرج للغاية.

لذلك حاول أن يعوض هذا الوضع الحرج (صغر حجم رأس جسره فى الغرب) إلى وضع محتمل بأن ينتشر جنوبا. ثم طور فكرته لأنه أحس أن هذا الانتشار فيه نوع من إضعاف قواته فى الكثافة أمام القوات المصرية.. حاول دخول السويس. قطع خطوط المواصلات لعزل جزء من الجيش الثالث فى الشرق. والهدف هو أن يساوم بهذا الوضع الجديد على موقفه الحرج فى الغرب، ولكن وضعه عسكريا هش.

وأوضح بأنه «لا يوجد لدى العدو ما نعبر عنه بالاتزان الاستراتيجى.. قواته شبه محصورة فى الغرب. عجز عن زحزحة قواتنا فى الشرق بوصة واحدة على طول المواجهة من عيون موسى جنوبا إلى بور فؤاد شمالا. وخلال حرب الاستنزاف اعتبارا من نوفمبر 1973 اكتسبنا نحن أرضا جديدة غربا وشرقا. ثم إنه مجبر على التعبئة الكاملة فى إسرائيل. كل لقمة.. كل جرعة ماء.. كل دانة مدفعية.. كل نقطة بنزين يجب أن تصل إليه من بعد 300 كيلومتر فى الخلف.. من مخنق عرضه 6 كيلومترات». وأكد على أن «التخطيط كان يركز على غلق هذا المخنق أو الممر، ونشعله نارا. فى نفس الوقت الذى ندمر فيه قواته فى الغرب، وأستطيع أن أقول أن هذا كان سيتم فى (لا وقت) أى وقت قليل جدا!؛ لأننا نعلم من خط بارليف أن الدفاع مهما كان حصينا، يمكن اختراقه. فما بالك بهذا الجيب.

قواعد طيراننا قريبة جدا.. الدفاع الجوى استطاع أن ينشئ حائطا ثانيا للصواريخ أقوى مما كان.. العدو ثقته فى نفسه وقيادته اهتزت، ولا شك أن العدو بتصويره الجوى لقواتنا فى الغرب أدرك ما يمكن أن يحدث له، ولذلك فضل الانسحاب فى سلام. وكان من المستحيل أن تنسحب إسرائيل لو كان لديها مجرد أمل فى إمكانية البقاء».

وخلال الأيام التالية بدأت محادثات فصل القوات بإشراف الأمم المتحدة، التى سميت بمحادثات الكيلو 101 ــ وإن كانت منعقدة فعلا عند علامة الكيلو 103 فى طريق السويس القاهرة ــ تأخذ مسارا جديا، إلى أن انتهت بتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات فى 17 يناير 1974.


السادات وكيسنجر

قال الرئيس السادات فى كتابه «البحث عن الذات قصة حياتى» إنه «فى ديسمبر سنة 1973 كنت مستعدا لتصفية جيب الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضا جديدة كل يوم.. تارة بالأمتار وتارة بالكيلومترات.. ولكننا كنا نكسب دائما.. أنا فعلا كنت على أتم الاستعداد لتصفية الثغرة، وخاصة أنه ليست أمامى قناة لعبورها ولا خط بارليف للقتال معى، ولكن الخطر الذى كان أمامى كان تدخل أمريكا.. ففى 11 ديسمبر جاء هنرى كيسنجر (وزير خارجية أمريكا) وقلت له «أنا مش مستعد أقبل الأسلوب اللى هم ماشيين به.. وأنا حاصفى الثغرة.

قال كيسنجر لى: «أنا قبل أن أحضر إليك عارف إنك جاهز.. أنا طلبت صورة الموقف من البنتاجون فأعطونى تقريرا كاملا.. حائط صواريخك يتكون من كذا بطارية.. دباباتك حول الثغرة 800 دبابة.. مدافعك عددها كذا وتستطيع فعلا أن تصفى الثغرة، ولكن اعلم أنك إذا فعلت هذا سيضربك البنتاجون».
 

تفاصيل الخطة «شامل» لتدمير الجيش الإسرائيلى فى الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

:
فى السطور القادمة سنعرض لتفاصيل الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتدمير القوات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة والتى بلغ مجموعها ثلاث فرق مدرعة ( فرقة أرئيل شارون، وفرقة أبراهام أدان، وفرقة كلمان ماجن)، بالإضافة إلى لواء مشاة مظلات بفرقة شارون، ولواء مشاة ميكانيكى بفرقة ماجن. وقبيل عرض تفاصيل هذه الخطة سنعرض لشهادات القادة المصريين حول قدرة القوات المسلحة على تنفيذ هذه الخطة، وكيفية استعادة قواتنا لتوازنها بين الشرق والغرب، وإعادة تسليح وحشد القوات لدحر العدو غرب وشرق القناة.


محاصرة الثغرة


من أفضل قادة حرب أكتوبر الذين كتبوا بتفاصيل حول الكيفية التى استعادت بها قواتنا كفاءاتها القتالية، الفريق كمال حسن على، مدير سلاح المدرعات خلال الحرب، والذى وقع عليه العبء الأكبر فى إعادة تسليح وتدريب التشكيلات المدرعة.

يقول الفريق على فى كتابه «مشاوير العمر.. أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر.. الحرب والمخابرات والسياسة» إنه «فى يوم 26 أكتوبر قمت بزيارة الوحدات التى كانت تحاصر القوات الإسرائيلية فى منطقة الثغرة، وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة التى كانت تعمل غرب القناة (فى قطاع الجيش الثالث)، والتى تم إمدادها بعدد كبير من الدبابات بعد إصلاحها، كما قمت بزيارة اللواء المدرع الجزائرى الذى بعثت به الجزائر دعما للجبهة المصرية، وتمركز فوق جبل غره جنوب الثغرة، وكان المنظر من هذا الموقع لأرض المعركة يؤكد إمكانية تدمير القوات الإسرائيلية فى الثغرة بسهولة، حيث كان طول المنطقة التى عبرت من خلالها القوات الإسرائيلية عبر قناة السويس لا تتجاوز 7 كيلومترات فقط، وقد قامت لجنة من الكونجرس الأمريكى بزيارة الموقع يوم 7 نوفمبر بصحبة اللواء سعد مأمون وخرجت بانطباع يؤكد ضرورة تسوية سلمية لهذا الموقف؛ لأن القوات الإسرائيلية الموجودة داخل الثغرة أصبحت هى نفسها فى حصار أوشك أن يكتمل.
وفى 7 نوفمبر كنت فى زيارة أخرى للوحدات شرق القناة، وفى طريقى للجبهة سمعت فى إذاعة إسرائيل تصريحا لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يقول فيه إن مصر أكملت دفع الجيش الرابع الميدانى حول الثغرة، ولقد سعدت بهذا القول لأنه فى واقع الأمر لم يكن الجيش الرابع سوى الإمداد المستمر بالدبابات للوحدات الأمامية تعويضا لخسائرها طوال أيام القتال وما بعدها، وكانت إدارة المدرعات قد استقبلت من يوغوسلافيا دبابات لواء مدرع ( 94 دبابة) جاهزة لركوب أطقمها، كما استقبلت دبابات لواء مدرع من ليبيا بدون أطقمه، تم تجهيزه بالأفراد ضباطا وجنودا من الاحتياطيات المدربة المشكلة لهذا الغرض، علاوة على وصول مدافع اقتحام مدرعة من الجزائر، وبعد زيارة هوارى بومدين (الرئيس الجزائرى) لموسكو تم إمدادنا بنحو 200 دبابة (ت 62) خصصت لتعويض دبابات الفرقة المدرعة التى كانت تعمل فى الجيش الثانى شرق القناة ودباباتها تدعم رؤوس الكبارى.

وقد تركت هذه الفرقة ما يكفى من دباباتها من طراز (ت 55) لاستكمال دبابات الفرق المشاة تعويضا لخسائرها، وكذلك تم سحب أفراد هذه الفرقة ليلا إلى القاهرة، وأعيد تدريبهم على الدبابات الجديدة من طراز (ت 62) فى أسبوع واحد، ثم دفعت هذه الدبابات بأطقمها بعد تجهيزها للقتال، سائرة على جنازيرها عند محور طريق الإسماعيلية فأثارت غبارا يزيد طوله على 30 كيلو مترا، على مدى ثلاثة أيام كاملة، وكان آخرها يوم 7 نوفمبر، الأمر الذى جعل موشى ديان يعلن عن إتمام حشد الجيش الرابع حول الثغرة فى ذلك اليوم».

«سيبونا نذاكر»

وفى كلمة أخيرة عن الثغرة ــ والكلام ما زال للفريق كمال حسن على ــ أود أن أقول إن الموقف الإسرائيلى غرب القناة أثناء محادثات الكيلو 101 كان موقفا هشا وقلقا لأى قيادة قد تفكر فى استمراره، فعلاوة على المنفذ الضيق الذى عبرت منه هذه القوات (7 كيلو مترات) من الشرق للغرب، كانت أوضاع هذه القوات وخطوطها الإدارية غاية فى الحرج، خاصة بعد أن أتمت القوات المصرية تعويض خسائرها، وأحاطت بهذا الجيب الإسرائيلى بشكل تهديدى لا يمكن إنقاذه. لقد أصبحت القوات المصرية من حوله ولا تسمح للقوات الإسرائيلية بالتحرك أو الانتشار لتحسين أوضاعها، بل لا تسمح لها حتى بالانسحاب من مواقعها دون خسائر كبيرة.

ويواصل الفريق على حديثه عن الأوضاع السيئة للقوات الإسرائيلية بقوله «أما الانسحاب الذى كان السادات يطالب به هذه القوات للعودة إلى موقع يوم 22 أكتوبر، أى يوم صدور قرار وقف إطلاق النار، فقد أصبح حلا مستحيلا بالنسبة لإسرائيل لأنه يجعلها تفقد كل المميزات التى اكتسبتها بانتهاك هذا القرار.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن أوضاع هذه القوات قد أصبحت معلومة بالتفصيل للقوات المصرية، بعد أن ظلت لفترة طويلة غير واضحة المعالم، فإن مجرد تثبيتها فى أماكنها كان يكلف إسرائيل ما هو فوق طاقتها لإمداد هذه القوات والإبقاء عليها بحجمها الهائل الذى جمعته من مختلف المهن وطلبة المدارس الذين كانت امتحاناتهم على الأبواب، وكان بعضهم يطالبون الجنود المصريين على مدى السمع (سيبونا نذاكر!!).

ولا يمكن لأحد أن يدعى أن إسرائيل عندما قبلت وقف إطلاق النار الثانى يوم 25 أكتوبر، ثم الانسحاب إلى شرق الممرات كانت جانحة إلى السلم أو راغبة فيه، فالحقيقة أن إسرائيل لم تقدم على ذلك إلا تحت شبح التهديد داخل مصيدة الثغرة.

والحقيقة أن الثغرة والجيب الإسرائيلى غرب القناة لم يحقق أمل القادة الإسرائيليين فى قلب نتيجة الحرب لأسباب عديدة، منها أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة وصلت إلى 400 قتيل و 1200 جريح، وإن كانت حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير، ومثل هذا التدمير فى القوى البشرية يكون له مغزى خاصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التى يشكل لها هذا النزيف البشرى تهديدا خطيرا فى ظروف تعدادها القليل. 😊

ومن هذه الأسباب أيضا الفرصة التى أتيحت للقوات المصرية خلال فترة توقف إطلاق النار لإعادة تنظيمها وإمدادها، بحيث أصبحت تشكل حصارا كاملا لقوات الجيب الإسرائيلى يمنعها من الانتشار كما يمنعها أيضا من الانسحاب أو الهجوم، خاصة بعد أن دعمت مصر دفاعها الجوى حول الثغرة، وبلغ حجم القوات المصرية لتدمير العدو فى الجيب خمس فرق منها، فرقتان مدرعتان، و3 فرق مشاة ميكانيكية، بالإضافة إلى فرقة أخرى ميكانيكية من احتياطى القيادة العامة، وبذلك أصبحت مقارنة قوات المشاة لصالحنا بنسبه 3 إلى 1، و 6 إلى 1 فى المدفعية، وفى الدبابات كانت 2.5 إلى 1.

ولم يكن العدو قادرا على اتخاذ قرار منفردا بانسحاب يعرض قواته لخطر تدميرها بقواتنا أثناء إجرائها عملية الانسحاب لظروفها الصعبة والمعروفة، وعلى ذلك لم يكن أمام إسرائيل إلا أن توافق على قرار الانسحاب من المأزق، فقبلت إسرائيل بنفس أكثر من راضية الانسحاب من الثغرة، وكان ذلك إيذانا بانسحابها من أرض سيناء كلها فيما بعد».

الخطة شامل


مشاهدة المرفق 426378



الحديث عن الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتصفية قوات العدو فى ثغرة الاختراق غرب قناة السويس، يبدو مقتضبا فى معظم المراجع العسكرية التى تناولت حرب أكتوبر، لكن هناك اتفاق على أن أهداف القيادة المصرية من هذه الخطة كان يتمثل فى «إحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعدته، مع القيام بعمليات إزعاج للعدو على أوسع نطاق ممكن حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، بالإضافة إلى إرغام إسرائيل على الاستمرار فى تعبئة قواتها الاحتياطية، مما يرهق اقتصادها القومى، ويهدد الحياة العامة بالشلل الكامل، مع منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة»، بحسب المؤرخ العسكرى اللواء جمال حماد، فى كتابه المرجعى «المعارك الحربية على الجبهة المصرية».
المشير محمد عبدالغنى الجمسى، الذى خلف الفريق سعد الشاذلى فى رئاسة الأركان العامة اعتبارا من يوم 12 ديسمبر 1973 فى حوار له مع الصحفى الراحل موسى صبرى، أعطى بعض التفاصيل بشأن الخطة (شامل) جاء فيها «لقد تم وقف إطلاق النار الفعلى ظهر يوم 28 أكتوبر، بعد وصول قوات الأمم المتحدة، واعتبارا من يوم 31 أكتوبر بدأنا تنفيذ حرب استنزاف مخططة ضد العدو غرب وشرق القناة. كانت أمامنا مهمة رئيسية وهى ألا نسمح للعدو بأن يتمركز أو يتخندق ويثبت أقدامه فى الغرب. كان هذا عملا يوميا للقوات المسلحة، إلى أن يبدأ الهجوم لتصفية هذا الجيب بعملية شاملة.
وأضاف الفريق الجمسى قائلا: «لقد وضعت الخطة (شامل) الهجومية.. نوقشت.. صدق عليها القائد العام.. وتقرر أن يعين لقواتنا فى الغرب قيادة منفصلة تقود جميع أنواع القوات لتصفية الجيب، ونترك قواتنا فى الشرق تقاتل معركتها. وقوات الجيش الثانى تقاتل معركتها، وقد سلمت الخطة الهجومية لجميع قيادات القوات المسلحة (الطيران والدفاع الجوى والبحرية)، واختير اللواء سعد مأمون (بعد شفائه من الأزمة القلبية) لقيادة قوات الهجوم وتنفيذ الخطة. وعرضتها على السيد الرئيس القائد الأعلى أنور السادات فى 24 ديسمبر وصدق عليها.. ولم يتبق إلا تحديد الموعد بقرار من سيادته».

ويؤكد المشير الجمسى على أن «حرب الاستنزاف كانت مستمرة.. طبقا للتخطيط الموضوع لها، وهو ضرب قوات العدو شرق وغرب القناة، وعلى طول المواجهة بهدف إيقاع أكبر خسائر فى أرواحه ومعداته، ومنعه من تحسين مواقعه، وطبقا لبيانات الأمم المتحدة قامت قواتنا بـ439 عملية ضد العدو.. 39 عملية فى نوفمبر و213 فى ديسمبر، ومن أول يناير إلى 17 يناير 133 عملية. وهذه هى الخسائر التى أعلنها العدو: 11 طائرة، 41 دبابة ومدرعة، 10 رشاش ثقيل، 36 معدة هندسية، 187 قتيلا. لم يحدث إذن أى توقف فى عملياتنا.. حتى تم اتفاق فك الارتباط (الاشتباك).. استمرت حرب استنزاف لم تترك للعدو هدوءا ليلا ونهارا». ويؤكد المشير الجمسى على أن خطة تصفية الثغرة (شامل) قد سلمت إلى جميع قيادات القوات المسلحة فى 7 ديسمبر 1973، وصدرت التعليمات لكل القوات للاستعداد لتنفيذها (تخطيط، إعداد، تدريب، استكمال)، وتركنا تحديد ساعة الصفر للقائد الأعلى (السادات) لاختيار الوقت المناسب سياسيا، وتم هذا فى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس السادات الذى صدق على الخطة. فى 24 ديسمبر، وكان أمره «كونوا جاهزين فى أى لحظة».

اللواء سعد مأمون


لقد بدأ تكليف اللواء سعد مأمون من المشير أحمد إسماعيل بقيادة الهجوم على الثغرة فى الساعة الثالثة من مساء 12 ديسمبر.. استدعاه القائد العام وقال له: «يبدو يا سعد إنك ستغادرنا إلى الميدان من جديد، كمندوب للقائد العام لقيادة القوات الرئيسية غرب القناة لتصفية الثغرة. أنت من الآن مسئول أمام وزير الحربية والقائد العام عن تدمير الجيش الإسرائيلى.. وثقتى فيك لا حدود لها». وسافر إلى الجبهة على الفور، وقام بجولة على الحدود الأمامية للقوات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وقام بتعديل الخطة (شامل) على الطبيعة وفق ما ظهر أمامه من حقائق جديدة فى الميدان، وصدق وزير الحربية على التعديل الأخير.

وأكد اللواء مأمون فى حوار مع الصحفى موسى صبرى على أن الخطة شامل كانت تعتمد على «تقدير سليم لموقف العدو، وتحديد واضح لنقاط ضعفه، وتحديد سليم لنقاط قوته». وشدد على أن «العدو كان فى مصيدة، وكان يجب أن أزيده إحساسا بأنه فى مصيدة، كان العدو متخذا أوضاعا دفاعية لا هجومية. كان يدافع فى حالة نفسية سيئة.

ويبدو قلقه فى جميع تصرفاته، كما أن أوضاعه الدفاعية تدل على فزعه.. مثلا رص العدو أمامه حوالى 700 ألف لغم. حفر خنادق مضادة للدبابات على معظم المواجهة (عرض من 6 إلى 7 أمتار، وعمق 5 أمتار) كان لديه من 500 إلى 600 دبابة. وكان شعارى أن نلقن العدو درسا أقسى من دروس العبور وتحطيم حصون بارليف. وواقع الحال أن الجيب الإسرائيلى فى الغرب كان هشا.. كل دبابة للعدو فى الغرب كان يقابلها حوالى دباباتين فى قواتنا، وقطعتين مضادتين للدبابات.. علاوة على نيران المدفعية والطيران، علاوة على احتياطى القيادة العامة للقوات المسلحة الموضوعة تحت سيطرة المشير أحمد إسماعيل.

وقد قدرت الخطة الموضوعة لتصفيتة كافة الاحتمالات، بطريقة لعلها أحسن من تحضيرات 6 أكتوبر، وكان تفكيرى أن النصر فى هذه العملية لا يحتمل الجدل ولا التجربة، وقمنا بمشروعات حقيقية على أرض مشابهة.

وكان التقدير: بالنسبة للوضع العسكرى العام تم احتواء العدو تماما فى الغرب.. لقد حاصرنا العدو من كل جانب، وله منفذ واحد فى الدفرسوار لا يزيد عرضه على 6 كيلومترات، وكان مقررا إغلاق هذا المنفذ بالقوات فى ساعات قليلة.. وهذه الشريحة كان مخصصا لها أعداد هائلة من القوات».

وأكد اللواء مأمون أنه «كان من المقرر أن نصفى الجيب الإسرائيلى على محاور بالتعاون مع كافة أفرع القوات المسلحة، أى أننا كنا سنهاجم من 4 اتجاهات (تم التعديل لتصبح 5 اتجاهات).. وكانوا حقا فى مأزق».


موضحا أن «قوات العدو فى 22 أكتوبر تمكنت من عمل رأس جسر واحد غرب الدفرسوار بمساحة 70 كيلومترا مربعا (7 فى 10).. قواتنا فى الشرق كانت قد عملت رؤوس جسور فى الجيوش مساحتها 7 آلاف كيلومتر مربع، أى مائة ضعف، كان موقف العدو العسكرى حرج للغاية.

لذلك حاول أن يعوض هذا الوضع الحرج (صغر حجم رأس جسره فى الغرب) إلى وضع محتمل بأن ينتشر جنوبا. ثم طور فكرته لأنه أحس أن هذا الانتشار فيه نوع من إضعاف قواته فى الكثافة أمام القوات المصرية.. حاول دخول السويس. قطع خطوط المواصلات لعزل جزء من الجيش الثالث فى الشرق. والهدف هو أن يساوم بهذا الوضع الجديد على موقفه الحرج فى الغرب، ولكن وضعه عسكريا هش.

وأوضح بأنه «لا يوجد لدى العدو ما نعبر عنه بالاتزان الاستراتيجى.. قواته شبه محصورة فى الغرب. عجز عن زحزحة قواتنا فى الشرق بوصة واحدة على طول المواجهة من عيون موسى جنوبا إلى بور فؤاد شمالا. وخلال حرب الاستنزاف اعتبارا من نوفمبر 1973 اكتسبنا نحن أرضا جديدة غربا وشرقا. ثم إنه مجبر على التعبئة الكاملة فى إسرائيل. كل لقمة.. كل جرعة ماء.. كل دانة مدفعية.. كل نقطة بنزين يجب أن تصل إليه من بعد 300 كيلومتر فى الخلف.. من مخنق عرضه 6 كيلومترات». وأكد على أن «التخطيط كان يركز على غلق هذا المخنق أو الممر، ونشعله نارا. فى نفس الوقت الذى ندمر فيه قواته فى الغرب، وأستطيع أن أقول أن هذا كان سيتم فى (لا وقت) أى وقت قليل جدا!؛ لأننا نعلم من خط بارليف أن الدفاع مهما كان حصينا، يمكن اختراقه. فما بالك بهذا الجيب.

قواعد طيراننا قريبة جدا.. الدفاع الجوى استطاع أن ينشئ حائطا ثانيا للصواريخ أقوى مما كان.. العدو ثقته فى نفسه وقيادته اهتزت، ولا شك أن العدو بتصويره الجوى لقواتنا فى الغرب أدرك ما يمكن أن يحدث له، ولذلك فضل الانسحاب فى سلام. وكان من المستحيل أن تنسحب إسرائيل لو كان لديها مجرد أمل فى إمكانية البقاء».

وخلال الأيام التالية بدأت محادثات فصل القوات بإشراف الأمم المتحدة، التى سميت بمحادثات الكيلو 101 ــ وإن كانت منعقدة فعلا عند علامة الكيلو 103 فى طريق السويس القاهرة ــ تأخذ مسارا جديا، إلى أن انتهت بتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات فى 17 يناير 1974.


السادات وكيسنجر

قال الرئيس السادات فى كتابه «البحث عن الذات قصة حياتى» إنه «فى ديسمبر سنة 1973 كنت مستعدا لتصفية جيب الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضا جديدة كل يوم.. تارة بالأمتار وتارة بالكيلومترات.. ولكننا كنا نكسب دائما.. أنا فعلا كنت على أتم الاستعداد لتصفية الثغرة، وخاصة أنه ليست أمامى قناة لعبورها ولا خط بارليف للقتال معى، ولكن الخطر الذى كان أمامى كان تدخل أمريكا.. ففى 11 ديسمبر جاء هنرى كيسنجر (وزير خارجية أمريكا) وقلت له «أنا مش مستعد أقبل الأسلوب اللى هم ماشيين به.. وأنا حاصفى الثغرة.

قال كيسنجر لى: «أنا قبل أن أحضر إليك عارف إنك جاهز.. أنا طلبت صورة الموقف من البنتاجون فأعطونى تقريرا كاملا.. حائط صواريخك يتكون من كذا بطارية.. دباباتك حول الثغرة 800 دبابة.. مدافعك عددها كذا وتستطيع فعلا أن تصفى الثغرة، ولكن اعلم أنك إذا فعلت هذا سيضربك البنتاجون».


افضل ما قام بة العدو الاسرائيلى هو عبور الضفة الشرقية والذهاب الى الغرب هذا من وجهة نظرى
ست سنوات طويلة نريد ان نحاربة على ارض مفتوحة لا يوجد بها مانع مائى .
فحقق الاسرائليين حلم المصريين واتوا اليهم ليسحقهم المصريين .
 

تفاصيل الخطة «شامل» لتدمير الجيش الإسرائيلى فى الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

:
فى السطور القادمة سنعرض لتفاصيل الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتدمير القوات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة والتى بلغ مجموعها ثلاث فرق مدرعة ( فرقة أرئيل شارون، وفرقة أبراهام أدان، وفرقة كلمان ماجن)، بالإضافة إلى لواء مشاة مظلات بفرقة شارون، ولواء مشاة ميكانيكى بفرقة ماجن. وقبيل عرض تفاصيل هذه الخطة سنعرض لشهادات القادة المصريين حول قدرة القوات المسلحة على تنفيذ هذه الخطة، وكيفية استعادة قواتنا لتوازنها بين الشرق والغرب، وإعادة تسليح وحشد القوات لدحر العدو غرب وشرق القناة.


محاصرة الثغرة


من أفضل قادة حرب أكتوبر الذين كتبوا بتفاصيل حول الكيفية التى استعادت بها قواتنا كفاءاتها القتالية، الفريق كمال حسن على، مدير سلاح المدرعات خلال الحرب، والذى وقع عليه العبء الأكبر فى إعادة تسليح وتدريب التشكيلات المدرعة.

يقول الفريق على فى كتابه «مشاوير العمر.. أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر.. الحرب والمخابرات والسياسة» إنه «فى يوم 26 أكتوبر قمت بزيارة الوحدات التى كانت تحاصر القوات الإسرائيلية فى منطقة الثغرة، وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة التى كانت تعمل غرب القناة (فى قطاع الجيش الثالث)، والتى تم إمدادها بعدد كبير من الدبابات بعد إصلاحها، كما قمت بزيارة اللواء المدرع الجزائرى الذى بعثت به الجزائر دعما للجبهة المصرية، وتمركز فوق جبل غره جنوب الثغرة، وكان المنظر من هذا الموقع لأرض المعركة يؤكد إمكانية تدمير القوات الإسرائيلية فى الثغرة بسهولة، حيث كان طول المنطقة التى عبرت من خلالها القوات الإسرائيلية عبر قناة السويس لا تتجاوز 7 كيلومترات فقط، وقد قامت لجنة من الكونجرس الأمريكى بزيارة الموقع يوم 7 نوفمبر بصحبة اللواء سعد مأمون وخرجت بانطباع يؤكد ضرورة تسوية سلمية لهذا الموقف؛ لأن القوات الإسرائيلية الموجودة داخل الثغرة أصبحت هى نفسها فى حصار أوشك أن يكتمل.
وفى 7 نوفمبر كنت فى زيارة أخرى للوحدات شرق القناة، وفى طريقى للجبهة سمعت فى إذاعة إسرائيل تصريحا لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يقول فيه إن مصر أكملت دفع الجيش الرابع الميدانى حول الثغرة، ولقد سعدت بهذا القول لأنه فى واقع الأمر لم يكن الجيش الرابع سوى الإمداد المستمر بالدبابات للوحدات الأمامية تعويضا لخسائرها طوال أيام القتال وما بعدها، وكانت إدارة المدرعات قد استقبلت من يوغوسلافيا دبابات لواء مدرع ( 94 دبابة) جاهزة لركوب أطقمها، كما استقبلت دبابات لواء مدرع من ليبيا بدون أطقمه، تم تجهيزه بالأفراد ضباطا وجنودا من الاحتياطيات المدربة المشكلة لهذا الغرض، علاوة على وصول مدافع اقتحام مدرعة من الجزائر، وبعد زيارة هوارى بومدين (الرئيس الجزائرى) لموسكو تم إمدادنا بنحو 200 دبابة (ت 62) خصصت لتعويض دبابات الفرقة المدرعة التى كانت تعمل فى الجيش الثانى شرق القناة ودباباتها تدعم رؤوس الكبارى.

وقد تركت هذه الفرقة ما يكفى من دباباتها من طراز (ت 55) لاستكمال دبابات الفرق المشاة تعويضا لخسائرها، وكذلك تم سحب أفراد هذه الفرقة ليلا إلى القاهرة، وأعيد تدريبهم على الدبابات الجديدة من طراز (ت 62) فى أسبوع واحد، ثم دفعت هذه الدبابات بأطقمها بعد تجهيزها للقتال، سائرة على جنازيرها عند محور طريق الإسماعيلية فأثارت غبارا يزيد طوله على 30 كيلو مترا، على مدى ثلاثة أيام كاملة، وكان آخرها يوم 7 نوفمبر، الأمر الذى جعل موشى ديان يعلن عن إتمام حشد الجيش الرابع حول الثغرة فى ذلك اليوم».

«سيبونا نذاكر»

وفى كلمة أخيرة عن الثغرة ــ والكلام ما زال للفريق كمال حسن على ــ أود أن أقول إن الموقف الإسرائيلى غرب القناة أثناء محادثات الكيلو 101 كان موقفا هشا وقلقا لأى قيادة قد تفكر فى استمراره، فعلاوة على المنفذ الضيق الذى عبرت منه هذه القوات (7 كيلو مترات) من الشرق للغرب، كانت أوضاع هذه القوات وخطوطها الإدارية غاية فى الحرج، خاصة بعد أن أتمت القوات المصرية تعويض خسائرها، وأحاطت بهذا الجيب الإسرائيلى بشكل تهديدى لا يمكن إنقاذه. لقد أصبحت القوات المصرية من حوله ولا تسمح للقوات الإسرائيلية بالتحرك أو الانتشار لتحسين أوضاعها، بل لا تسمح لها حتى بالانسحاب من مواقعها دون خسائر كبيرة.

ويواصل الفريق على حديثه عن الأوضاع السيئة للقوات الإسرائيلية بقوله «أما الانسحاب الذى كان السادات يطالب به هذه القوات للعودة إلى موقع يوم 22 أكتوبر، أى يوم صدور قرار وقف إطلاق النار، فقد أصبح حلا مستحيلا بالنسبة لإسرائيل لأنه يجعلها تفقد كل المميزات التى اكتسبتها بانتهاك هذا القرار.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن أوضاع هذه القوات قد أصبحت معلومة بالتفصيل للقوات المصرية، بعد أن ظلت لفترة طويلة غير واضحة المعالم، فإن مجرد تثبيتها فى أماكنها كان يكلف إسرائيل ما هو فوق طاقتها لإمداد هذه القوات والإبقاء عليها بحجمها الهائل الذى جمعته من مختلف المهن وطلبة المدارس الذين كانت امتحاناتهم على الأبواب، وكان بعضهم يطالبون الجنود المصريين على مدى السمع (سيبونا نذاكر!!).

ولا يمكن لأحد أن يدعى أن إسرائيل عندما قبلت وقف إطلاق النار الثانى يوم 25 أكتوبر، ثم الانسحاب إلى شرق الممرات كانت جانحة إلى السلم أو راغبة فيه، فالحقيقة أن إسرائيل لم تقدم على ذلك إلا تحت شبح التهديد داخل مصيدة الثغرة.

والحقيقة أن الثغرة والجيب الإسرائيلى غرب القناة لم يحقق أمل القادة الإسرائيليين فى قلب نتيجة الحرب لأسباب عديدة، منها أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة وصلت إلى 400 قتيل و 1200 جريح، وإن كانت حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير، ومثل هذا التدمير فى القوى البشرية يكون له مغزى خاصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التى يشكل لها هذا النزيف البشرى تهديدا خطيرا فى ظروف تعدادها القليل. 😊

ومن هذه الأسباب أيضا الفرصة التى أتيحت للقوات المصرية خلال فترة توقف إطلاق النار لإعادة تنظيمها وإمدادها، بحيث أصبحت تشكل حصارا كاملا لقوات الجيب الإسرائيلى يمنعها من الانتشار كما يمنعها أيضا من الانسحاب أو الهجوم، خاصة بعد أن دعمت مصر دفاعها الجوى حول الثغرة، وبلغ حجم القوات المصرية لتدمير العدو فى الجيب خمس فرق منها، فرقتان مدرعتان، و3 فرق مشاة ميكانيكية، بالإضافة إلى فرقة أخرى ميكانيكية من احتياطى القيادة العامة، وبذلك أصبحت مقارنة قوات المشاة لصالحنا بنسبه 3 إلى 1، و 6 إلى 1 فى المدفعية، وفى الدبابات كانت 2.5 إلى 1.

ولم يكن العدو قادرا على اتخاذ قرار منفردا بانسحاب يعرض قواته لخطر تدميرها بقواتنا أثناء إجرائها عملية الانسحاب لظروفها الصعبة والمعروفة، وعلى ذلك لم يكن أمام إسرائيل إلا أن توافق على قرار الانسحاب من المأزق، فقبلت إسرائيل بنفس أكثر من راضية الانسحاب من الثغرة، وكان ذلك إيذانا بانسحابها من أرض سيناء كلها فيما بعد».

الخطة شامل


مشاهدة المرفق 426378



الحديث عن الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتصفية قوات العدو فى ثغرة الاختراق غرب قناة السويس، يبدو مقتضبا فى معظم المراجع العسكرية التى تناولت حرب أكتوبر، لكن هناك اتفاق على أن أهداف القيادة المصرية من هذه الخطة كان يتمثل فى «إحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعدته، مع القيام بعمليات إزعاج للعدو على أوسع نطاق ممكن حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، بالإضافة إلى إرغام إسرائيل على الاستمرار فى تعبئة قواتها الاحتياطية، مما يرهق اقتصادها القومى، ويهدد الحياة العامة بالشلل الكامل، مع منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة»، بحسب المؤرخ العسكرى اللواء جمال حماد، فى كتابه المرجعى «المعارك الحربية على الجبهة المصرية».
المشير محمد عبدالغنى الجمسى، الذى خلف الفريق سعد الشاذلى فى رئاسة الأركان العامة اعتبارا من يوم 12 ديسمبر 1973 فى حوار له مع الصحفى الراحل موسى صبرى، أعطى بعض التفاصيل بشأن الخطة (شامل) جاء فيها «لقد تم وقف إطلاق النار الفعلى ظهر يوم 28 أكتوبر، بعد وصول قوات الأمم المتحدة، واعتبارا من يوم 31 أكتوبر بدأنا تنفيذ حرب استنزاف مخططة ضد العدو غرب وشرق القناة. كانت أمامنا مهمة رئيسية وهى ألا نسمح للعدو بأن يتمركز أو يتخندق ويثبت أقدامه فى الغرب. كان هذا عملا يوميا للقوات المسلحة، إلى أن يبدأ الهجوم لتصفية هذا الجيب بعملية شاملة.
وأضاف الفريق الجمسى قائلا: «لقد وضعت الخطة (شامل) الهجومية.. نوقشت.. صدق عليها القائد العام.. وتقرر أن يعين لقواتنا فى الغرب قيادة منفصلة تقود جميع أنواع القوات لتصفية الجيب، ونترك قواتنا فى الشرق تقاتل معركتها. وقوات الجيش الثانى تقاتل معركتها، وقد سلمت الخطة الهجومية لجميع قيادات القوات المسلحة (الطيران والدفاع الجوى والبحرية)، واختير اللواء سعد مأمون (بعد شفائه من الأزمة القلبية) لقيادة قوات الهجوم وتنفيذ الخطة. وعرضتها على السيد الرئيس القائد الأعلى أنور السادات فى 24 ديسمبر وصدق عليها.. ولم يتبق إلا تحديد الموعد بقرار من سيادته».

ويؤكد المشير الجمسى على أن «حرب الاستنزاف كانت مستمرة.. طبقا للتخطيط الموضوع لها، وهو ضرب قوات العدو شرق وغرب القناة، وعلى طول المواجهة بهدف إيقاع أكبر خسائر فى أرواحه ومعداته، ومنعه من تحسين مواقعه، وطبقا لبيانات الأمم المتحدة قامت قواتنا بـ439 عملية ضد العدو.. 39 عملية فى نوفمبر و213 فى ديسمبر، ومن أول يناير إلى 17 يناير 133 عملية. وهذه هى الخسائر التى أعلنها العدو: 11 طائرة، 41 دبابة ومدرعة، 10 رشاش ثقيل، 36 معدة هندسية، 187 قتيلا. لم يحدث إذن أى توقف فى عملياتنا.. حتى تم اتفاق فك الارتباط (الاشتباك).. استمرت حرب استنزاف لم تترك للعدو هدوءا ليلا ونهارا». ويؤكد المشير الجمسى على أن خطة تصفية الثغرة (شامل) قد سلمت إلى جميع قيادات القوات المسلحة فى 7 ديسمبر 1973، وصدرت التعليمات لكل القوات للاستعداد لتنفيذها (تخطيط، إعداد، تدريب، استكمال)، وتركنا تحديد ساعة الصفر للقائد الأعلى (السادات) لاختيار الوقت المناسب سياسيا، وتم هذا فى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس السادات الذى صدق على الخطة. فى 24 ديسمبر، وكان أمره «كونوا جاهزين فى أى لحظة».

اللواء سعد مأمون


لقد بدأ تكليف اللواء سعد مأمون من المشير أحمد إسماعيل بقيادة الهجوم على الثغرة فى الساعة الثالثة من مساء 12 ديسمبر.. استدعاه القائد العام وقال له: «يبدو يا سعد إنك ستغادرنا إلى الميدان من جديد، كمندوب للقائد العام لقيادة القوات الرئيسية غرب القناة لتصفية الثغرة. أنت من الآن مسئول أمام وزير الحربية والقائد العام عن تدمير الجيش الإسرائيلى.. وثقتى فيك لا حدود لها». وسافر إلى الجبهة على الفور، وقام بجولة على الحدود الأمامية للقوات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وقام بتعديل الخطة (شامل) على الطبيعة وفق ما ظهر أمامه من حقائق جديدة فى الميدان، وصدق وزير الحربية على التعديل الأخير.

وأكد اللواء مأمون فى حوار مع الصحفى موسى صبرى على أن الخطة شامل كانت تعتمد على «تقدير سليم لموقف العدو، وتحديد واضح لنقاط ضعفه، وتحديد سليم لنقاط قوته». وشدد على أن «العدو كان فى مصيدة، وكان يجب أن أزيده إحساسا بأنه فى مصيدة، كان العدو متخذا أوضاعا دفاعية لا هجومية. كان يدافع فى حالة نفسية سيئة.

ويبدو قلقه فى جميع تصرفاته، كما أن أوضاعه الدفاعية تدل على فزعه.. مثلا رص العدو أمامه حوالى 700 ألف لغم. حفر خنادق مضادة للدبابات على معظم المواجهة (عرض من 6 إلى 7 أمتار، وعمق 5 أمتار) كان لديه من 500 إلى 600 دبابة. وكان شعارى أن نلقن العدو درسا أقسى من دروس العبور وتحطيم حصون بارليف. وواقع الحال أن الجيب الإسرائيلى فى الغرب كان هشا.. كل دبابة للعدو فى الغرب كان يقابلها حوالى دباباتين فى قواتنا، وقطعتين مضادتين للدبابات.. علاوة على نيران المدفعية والطيران، علاوة على احتياطى القيادة العامة للقوات المسلحة الموضوعة تحت سيطرة المشير أحمد إسماعيل.

وقد قدرت الخطة الموضوعة لتصفيتة كافة الاحتمالات، بطريقة لعلها أحسن من تحضيرات 6 أكتوبر، وكان تفكيرى أن النصر فى هذه العملية لا يحتمل الجدل ولا التجربة، وقمنا بمشروعات حقيقية على أرض مشابهة.

وكان التقدير: بالنسبة للوضع العسكرى العام تم احتواء العدو تماما فى الغرب.. لقد حاصرنا العدو من كل جانب، وله منفذ واحد فى الدفرسوار لا يزيد عرضه على 6 كيلومترات، وكان مقررا إغلاق هذا المنفذ بالقوات فى ساعات قليلة.. وهذه الشريحة كان مخصصا لها أعداد هائلة من القوات».

وأكد اللواء مأمون أنه «كان من المقرر أن نصفى الجيب الإسرائيلى على محاور بالتعاون مع كافة أفرع القوات المسلحة، أى أننا كنا سنهاجم من 4 اتجاهات (تم التعديل لتصبح 5 اتجاهات).. وكانوا حقا فى مأزق».


موضحا أن «قوات العدو فى 22 أكتوبر تمكنت من عمل رأس جسر واحد غرب الدفرسوار بمساحة 70 كيلومترا مربعا (7 فى 10).. قواتنا فى الشرق كانت قد عملت رؤوس جسور فى الجيوش مساحتها 7 آلاف كيلومتر مربع، أى مائة ضعف، كان موقف العدو العسكرى حرج للغاية.

لذلك حاول أن يعوض هذا الوضع الحرج (صغر حجم رأس جسره فى الغرب) إلى وضع محتمل بأن ينتشر جنوبا. ثم طور فكرته لأنه أحس أن هذا الانتشار فيه نوع من إضعاف قواته فى الكثافة أمام القوات المصرية.. حاول دخول السويس. قطع خطوط المواصلات لعزل جزء من الجيش الثالث فى الشرق. والهدف هو أن يساوم بهذا الوضع الجديد على موقفه الحرج فى الغرب، ولكن وضعه عسكريا هش.

وأوضح بأنه «لا يوجد لدى العدو ما نعبر عنه بالاتزان الاستراتيجى.. قواته شبه محصورة فى الغرب. عجز عن زحزحة قواتنا فى الشرق بوصة واحدة على طول المواجهة من عيون موسى جنوبا إلى بور فؤاد شمالا. وخلال حرب الاستنزاف اعتبارا من نوفمبر 1973 اكتسبنا نحن أرضا جديدة غربا وشرقا. ثم إنه مجبر على التعبئة الكاملة فى إسرائيل. كل لقمة.. كل جرعة ماء.. كل دانة مدفعية.. كل نقطة بنزين يجب أن تصل إليه من بعد 300 كيلومتر فى الخلف.. من مخنق عرضه 6 كيلومترات». وأكد على أن «التخطيط كان يركز على غلق هذا المخنق أو الممر، ونشعله نارا. فى نفس الوقت الذى ندمر فيه قواته فى الغرب، وأستطيع أن أقول أن هذا كان سيتم فى (لا وقت) أى وقت قليل جدا!؛ لأننا نعلم من خط بارليف أن الدفاع مهما كان حصينا، يمكن اختراقه. فما بالك بهذا الجيب.

قواعد طيراننا قريبة جدا.. الدفاع الجوى استطاع أن ينشئ حائطا ثانيا للصواريخ أقوى مما كان.. العدو ثقته فى نفسه وقيادته اهتزت، ولا شك أن العدو بتصويره الجوى لقواتنا فى الغرب أدرك ما يمكن أن يحدث له، ولذلك فضل الانسحاب فى سلام. وكان من المستحيل أن تنسحب إسرائيل لو كان لديها مجرد أمل فى إمكانية البقاء».

وخلال الأيام التالية بدأت محادثات فصل القوات بإشراف الأمم المتحدة، التى سميت بمحادثات الكيلو 101 ــ وإن كانت منعقدة فعلا عند علامة الكيلو 103 فى طريق السويس القاهرة ــ تأخذ مسارا جديا، إلى أن انتهت بتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات فى 17 يناير 1974.


السادات وكيسنجر

قال الرئيس السادات فى كتابه «البحث عن الذات قصة حياتى» إنه «فى ديسمبر سنة 1973 كنت مستعدا لتصفية جيب الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضا جديدة كل يوم.. تارة بالأمتار وتارة بالكيلومترات.. ولكننا كنا نكسب دائما.. أنا فعلا كنت على أتم الاستعداد لتصفية الثغرة، وخاصة أنه ليست أمامى قناة لعبورها ولا خط بارليف للقتال معى، ولكن الخطر الذى كان أمامى كان تدخل أمريكا.. ففى 11 ديسمبر جاء هنرى كيسنجر (وزير خارجية أمريكا) وقلت له «أنا مش مستعد أقبل الأسلوب اللى هم ماشيين به.. وأنا حاصفى الثغرة.

قال كيسنجر لى: «أنا قبل أن أحضر إليك عارف إنك جاهز.. أنا طلبت صورة الموقف من البنتاجون فأعطونى تقريرا كاملا.. حائط صواريخك يتكون من كذا بطارية.. دباباتك حول الثغرة 800 دبابة.. مدافعك عددها كذا وتستطيع فعلا أن تصفى الثغرة، ولكن اعلم أنك إذا فعلت هذا سيضربك البنتاجون».
Jabbber @Jabbber
 

تفاصيل الخطة «شامل» لتدمير الجيش الإسرائيلى فى الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

:
فى السطور القادمة سنعرض لتفاصيل الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتدمير القوات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة والتى بلغ مجموعها ثلاث فرق مدرعة ( فرقة أرئيل شارون، وفرقة أبراهام أدان، وفرقة كلمان ماجن)، بالإضافة إلى لواء مشاة مظلات بفرقة شارون، ولواء مشاة ميكانيكى بفرقة ماجن. وقبيل عرض تفاصيل هذه الخطة سنعرض لشهادات القادة المصريين حول قدرة القوات المسلحة على تنفيذ هذه الخطة، وكيفية استعادة قواتنا لتوازنها بين الشرق والغرب، وإعادة تسليح وحشد القوات لدحر العدو غرب وشرق القناة.


محاصرة الثغرة


من أفضل قادة حرب أكتوبر الذين كتبوا بتفاصيل حول الكيفية التى استعادت بها قواتنا كفاءاتها القتالية، الفريق كمال حسن على، مدير سلاح المدرعات خلال الحرب، والذى وقع عليه العبء الأكبر فى إعادة تسليح وتدريب التشكيلات المدرعة.

يقول الفريق على فى كتابه «مشاوير العمر.. أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر.. الحرب والمخابرات والسياسة» إنه «فى يوم 26 أكتوبر قمت بزيارة الوحدات التى كانت تحاصر القوات الإسرائيلية فى منطقة الثغرة، وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة التى كانت تعمل غرب القناة (فى قطاع الجيش الثالث)، والتى تم إمدادها بعدد كبير من الدبابات بعد إصلاحها، كما قمت بزيارة اللواء المدرع الجزائرى الذى بعثت به الجزائر دعما للجبهة المصرية، وتمركز فوق جبل غره جنوب الثغرة، وكان المنظر من هذا الموقع لأرض المعركة يؤكد إمكانية تدمير القوات الإسرائيلية فى الثغرة بسهولة، حيث كان طول المنطقة التى عبرت من خلالها القوات الإسرائيلية عبر قناة السويس لا تتجاوز 7 كيلومترات فقط، وقد قامت لجنة من الكونجرس الأمريكى بزيارة الموقع يوم 7 نوفمبر بصحبة اللواء سعد مأمون وخرجت بانطباع يؤكد ضرورة تسوية سلمية لهذا الموقف؛ لأن القوات الإسرائيلية الموجودة داخل الثغرة أصبحت هى نفسها فى حصار أوشك أن يكتمل.
وفى 7 نوفمبر كنت فى زيارة أخرى للوحدات شرق القناة، وفى طريقى للجبهة سمعت فى إذاعة إسرائيل تصريحا لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يقول فيه إن مصر أكملت دفع الجيش الرابع الميدانى حول الثغرة، ولقد سعدت بهذا القول لأنه فى واقع الأمر لم يكن الجيش الرابع سوى الإمداد المستمر بالدبابات للوحدات الأمامية تعويضا لخسائرها طوال أيام القتال وما بعدها، وكانت إدارة المدرعات قد استقبلت من يوغوسلافيا دبابات لواء مدرع ( 94 دبابة) جاهزة لركوب أطقمها، كما استقبلت دبابات لواء مدرع من ليبيا بدون أطقمه، تم تجهيزه بالأفراد ضباطا وجنودا من الاحتياطيات المدربة المشكلة لهذا الغرض، علاوة على وصول مدافع اقتحام مدرعة من الجزائر، وبعد زيارة هوارى بومدين (الرئيس الجزائرى) لموسكو تم إمدادنا بنحو 200 دبابة (ت 62) خصصت لتعويض دبابات الفرقة المدرعة التى كانت تعمل فى الجيش الثانى شرق القناة ودباباتها تدعم رؤوس الكبارى.

وقد تركت هذه الفرقة ما يكفى من دباباتها من طراز (ت 55) لاستكمال دبابات الفرق المشاة تعويضا لخسائرها، وكذلك تم سحب أفراد هذه الفرقة ليلا إلى القاهرة، وأعيد تدريبهم على الدبابات الجديدة من طراز (ت 62) فى أسبوع واحد، ثم دفعت هذه الدبابات بأطقمها بعد تجهيزها للقتال، سائرة على جنازيرها عند محور طريق الإسماعيلية فأثارت غبارا يزيد طوله على 30 كيلو مترا، على مدى ثلاثة أيام كاملة، وكان آخرها يوم 7 نوفمبر، الأمر الذى جعل موشى ديان يعلن عن إتمام حشد الجيش الرابع حول الثغرة فى ذلك اليوم».

«سيبونا نذاكر»

وفى كلمة أخيرة عن الثغرة ــ والكلام ما زال للفريق كمال حسن على ــ أود أن أقول إن الموقف الإسرائيلى غرب القناة أثناء محادثات الكيلو 101 كان موقفا هشا وقلقا لأى قيادة قد تفكر فى استمراره، فعلاوة على المنفذ الضيق الذى عبرت منه هذه القوات (7 كيلو مترات) من الشرق للغرب، كانت أوضاع هذه القوات وخطوطها الإدارية غاية فى الحرج، خاصة بعد أن أتمت القوات المصرية تعويض خسائرها، وأحاطت بهذا الجيب الإسرائيلى بشكل تهديدى لا يمكن إنقاذه. لقد أصبحت القوات المصرية من حوله ولا تسمح للقوات الإسرائيلية بالتحرك أو الانتشار لتحسين أوضاعها، بل لا تسمح لها حتى بالانسحاب من مواقعها دون خسائر كبيرة.

ويواصل الفريق على حديثه عن الأوضاع السيئة للقوات الإسرائيلية بقوله «أما الانسحاب الذى كان السادات يطالب به هذه القوات للعودة إلى موقع يوم 22 أكتوبر، أى يوم صدور قرار وقف إطلاق النار، فقد أصبح حلا مستحيلا بالنسبة لإسرائيل لأنه يجعلها تفقد كل المميزات التى اكتسبتها بانتهاك هذا القرار.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن أوضاع هذه القوات قد أصبحت معلومة بالتفصيل للقوات المصرية، بعد أن ظلت لفترة طويلة غير واضحة المعالم، فإن مجرد تثبيتها فى أماكنها كان يكلف إسرائيل ما هو فوق طاقتها لإمداد هذه القوات والإبقاء عليها بحجمها الهائل الذى جمعته من مختلف المهن وطلبة المدارس الذين كانت امتحاناتهم على الأبواب، وكان بعضهم يطالبون الجنود المصريين على مدى السمع (سيبونا نذاكر!!).

ولا يمكن لأحد أن يدعى أن إسرائيل عندما قبلت وقف إطلاق النار الثانى يوم 25 أكتوبر، ثم الانسحاب إلى شرق الممرات كانت جانحة إلى السلم أو راغبة فيه، فالحقيقة أن إسرائيل لم تقدم على ذلك إلا تحت شبح التهديد داخل مصيدة الثغرة.

والحقيقة أن الثغرة والجيب الإسرائيلى غرب القناة لم يحقق أمل القادة الإسرائيليين فى قلب نتيجة الحرب لأسباب عديدة، منها أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة وصلت إلى 400 قتيل و 1200 جريح، وإن كانت حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير، ومثل هذا التدمير فى القوى البشرية يكون له مغزى خاصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التى يشكل لها هذا النزيف البشرى تهديدا خطيرا فى ظروف تعدادها القليل. 😊

ومن هذه الأسباب أيضا الفرصة التى أتيحت للقوات المصرية خلال فترة توقف إطلاق النار لإعادة تنظيمها وإمدادها، بحيث أصبحت تشكل حصارا كاملا لقوات الجيب الإسرائيلى يمنعها من الانتشار كما يمنعها أيضا من الانسحاب أو الهجوم، خاصة بعد أن دعمت مصر دفاعها الجوى حول الثغرة، وبلغ حجم القوات المصرية لتدمير العدو فى الجيب خمس فرق منها، فرقتان مدرعتان، و3 فرق مشاة ميكانيكية، بالإضافة إلى فرقة أخرى ميكانيكية من احتياطى القيادة العامة، وبذلك أصبحت مقارنة قوات المشاة لصالحنا بنسبه 3 إلى 1، و 6 إلى 1 فى المدفعية، وفى الدبابات كانت 2.5 إلى 1.

ولم يكن العدو قادرا على اتخاذ قرار منفردا بانسحاب يعرض قواته لخطر تدميرها بقواتنا أثناء إجرائها عملية الانسحاب لظروفها الصعبة والمعروفة، وعلى ذلك لم يكن أمام إسرائيل إلا أن توافق على قرار الانسحاب من المأزق، فقبلت إسرائيل بنفس أكثر من راضية الانسحاب من الثغرة، وكان ذلك إيذانا بانسحابها من أرض سيناء كلها فيما بعد».

الخطة شامل


مشاهدة المرفق 426378



الحديث عن الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتصفية قوات العدو فى ثغرة الاختراق غرب قناة السويس، يبدو مقتضبا فى معظم المراجع العسكرية التى تناولت حرب أكتوبر، لكن هناك اتفاق على أن أهداف القيادة المصرية من هذه الخطة كان يتمثل فى «إحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعدته، مع القيام بعمليات إزعاج للعدو على أوسع نطاق ممكن حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، بالإضافة إلى إرغام إسرائيل على الاستمرار فى تعبئة قواتها الاحتياطية، مما يرهق اقتصادها القومى، ويهدد الحياة العامة بالشلل الكامل، مع منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة»، بحسب المؤرخ العسكرى اللواء جمال حماد، فى كتابه المرجعى «المعارك الحربية على الجبهة المصرية».
المشير محمد عبدالغنى الجمسى، الذى خلف الفريق سعد الشاذلى فى رئاسة الأركان العامة اعتبارا من يوم 12 ديسمبر 1973 فى حوار له مع الصحفى الراحل موسى صبرى، أعطى بعض التفاصيل بشأن الخطة (شامل) جاء فيها «لقد تم وقف إطلاق النار الفعلى ظهر يوم 28 أكتوبر، بعد وصول قوات الأمم المتحدة، واعتبارا من يوم 31 أكتوبر بدأنا تنفيذ حرب استنزاف مخططة ضد العدو غرب وشرق القناة. كانت أمامنا مهمة رئيسية وهى ألا نسمح للعدو بأن يتمركز أو يتخندق ويثبت أقدامه فى الغرب. كان هذا عملا يوميا للقوات المسلحة، إلى أن يبدأ الهجوم لتصفية هذا الجيب بعملية شاملة.
وأضاف الفريق الجمسى قائلا: «لقد وضعت الخطة (شامل) الهجومية.. نوقشت.. صدق عليها القائد العام.. وتقرر أن يعين لقواتنا فى الغرب قيادة منفصلة تقود جميع أنواع القوات لتصفية الجيب، ونترك قواتنا فى الشرق تقاتل معركتها. وقوات الجيش الثانى تقاتل معركتها، وقد سلمت الخطة الهجومية لجميع قيادات القوات المسلحة (الطيران والدفاع الجوى والبحرية)، واختير اللواء سعد مأمون (بعد شفائه من الأزمة القلبية) لقيادة قوات الهجوم وتنفيذ الخطة. وعرضتها على السيد الرئيس القائد الأعلى أنور السادات فى 24 ديسمبر وصدق عليها.. ولم يتبق إلا تحديد الموعد بقرار من سيادته».

ويؤكد المشير الجمسى على أن «حرب الاستنزاف كانت مستمرة.. طبقا للتخطيط الموضوع لها، وهو ضرب قوات العدو شرق وغرب القناة، وعلى طول المواجهة بهدف إيقاع أكبر خسائر فى أرواحه ومعداته، ومنعه من تحسين مواقعه، وطبقا لبيانات الأمم المتحدة قامت قواتنا بـ439 عملية ضد العدو.. 39 عملية فى نوفمبر و213 فى ديسمبر، ومن أول يناير إلى 17 يناير 133 عملية. وهذه هى الخسائر التى أعلنها العدو: 11 طائرة، 41 دبابة ومدرعة، 10 رشاش ثقيل، 36 معدة هندسية، 187 قتيلا. لم يحدث إذن أى توقف فى عملياتنا.. حتى تم اتفاق فك الارتباط (الاشتباك).. استمرت حرب استنزاف لم تترك للعدو هدوءا ليلا ونهارا». ويؤكد المشير الجمسى على أن خطة تصفية الثغرة (شامل) قد سلمت إلى جميع قيادات القوات المسلحة فى 7 ديسمبر 1973، وصدرت التعليمات لكل القوات للاستعداد لتنفيذها (تخطيط، إعداد، تدريب، استكمال)، وتركنا تحديد ساعة الصفر للقائد الأعلى (السادات) لاختيار الوقت المناسب سياسيا، وتم هذا فى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس السادات الذى صدق على الخطة. فى 24 ديسمبر، وكان أمره «كونوا جاهزين فى أى لحظة».

اللواء سعد مأمون


لقد بدأ تكليف اللواء سعد مأمون من المشير أحمد إسماعيل بقيادة الهجوم على الثغرة فى الساعة الثالثة من مساء 12 ديسمبر.. استدعاه القائد العام وقال له: «يبدو يا سعد إنك ستغادرنا إلى الميدان من جديد، كمندوب للقائد العام لقيادة القوات الرئيسية غرب القناة لتصفية الثغرة. أنت من الآن مسئول أمام وزير الحربية والقائد العام عن تدمير الجيش الإسرائيلى.. وثقتى فيك لا حدود لها». وسافر إلى الجبهة على الفور، وقام بجولة على الحدود الأمامية للقوات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وقام بتعديل الخطة (شامل) على الطبيعة وفق ما ظهر أمامه من حقائق جديدة فى الميدان، وصدق وزير الحربية على التعديل الأخير.

وأكد اللواء مأمون فى حوار مع الصحفى موسى صبرى على أن الخطة شامل كانت تعتمد على «تقدير سليم لموقف العدو، وتحديد واضح لنقاط ضعفه، وتحديد سليم لنقاط قوته». وشدد على أن «العدو كان فى مصيدة، وكان يجب أن أزيده إحساسا بأنه فى مصيدة، كان العدو متخذا أوضاعا دفاعية لا هجومية. كان يدافع فى حالة نفسية سيئة.

ويبدو قلقه فى جميع تصرفاته، كما أن أوضاعه الدفاعية تدل على فزعه.. مثلا رص العدو أمامه حوالى 700 ألف لغم. حفر خنادق مضادة للدبابات على معظم المواجهة (عرض من 6 إلى 7 أمتار، وعمق 5 أمتار) كان لديه من 500 إلى 600 دبابة. وكان شعارى أن نلقن العدو درسا أقسى من دروس العبور وتحطيم حصون بارليف. وواقع الحال أن الجيب الإسرائيلى فى الغرب كان هشا.. كل دبابة للعدو فى الغرب كان يقابلها حوالى دباباتين فى قواتنا، وقطعتين مضادتين للدبابات.. علاوة على نيران المدفعية والطيران، علاوة على احتياطى القيادة العامة للقوات المسلحة الموضوعة تحت سيطرة المشير أحمد إسماعيل.

وقد قدرت الخطة الموضوعة لتصفيتة كافة الاحتمالات، بطريقة لعلها أحسن من تحضيرات 6 أكتوبر، وكان تفكيرى أن النصر فى هذه العملية لا يحتمل الجدل ولا التجربة، وقمنا بمشروعات حقيقية على أرض مشابهة.

وكان التقدير: بالنسبة للوضع العسكرى العام تم احتواء العدو تماما فى الغرب.. لقد حاصرنا العدو من كل جانب، وله منفذ واحد فى الدفرسوار لا يزيد عرضه على 6 كيلومترات، وكان مقررا إغلاق هذا المنفذ بالقوات فى ساعات قليلة.. وهذه الشريحة كان مخصصا لها أعداد هائلة من القوات».

وأكد اللواء مأمون أنه «كان من المقرر أن نصفى الجيب الإسرائيلى على محاور بالتعاون مع كافة أفرع القوات المسلحة، أى أننا كنا سنهاجم من 4 اتجاهات (تم التعديل لتصبح 5 اتجاهات).. وكانوا حقا فى مأزق».


موضحا أن «قوات العدو فى 22 أكتوبر تمكنت من عمل رأس جسر واحد غرب الدفرسوار بمساحة 70 كيلومترا مربعا (7 فى 10).. قواتنا فى الشرق كانت قد عملت رؤوس جسور فى الجيوش مساحتها 7 آلاف كيلومتر مربع، أى مائة ضعف، كان موقف العدو العسكرى حرج للغاية.

لذلك حاول أن يعوض هذا الوضع الحرج (صغر حجم رأس جسره فى الغرب) إلى وضع محتمل بأن ينتشر جنوبا. ثم طور فكرته لأنه أحس أن هذا الانتشار فيه نوع من إضعاف قواته فى الكثافة أمام القوات المصرية.. حاول دخول السويس. قطع خطوط المواصلات لعزل جزء من الجيش الثالث فى الشرق. والهدف هو أن يساوم بهذا الوضع الجديد على موقفه الحرج فى الغرب، ولكن وضعه عسكريا هش.

وأوضح بأنه «لا يوجد لدى العدو ما نعبر عنه بالاتزان الاستراتيجى.. قواته شبه محصورة فى الغرب. عجز عن زحزحة قواتنا فى الشرق بوصة واحدة على طول المواجهة من عيون موسى جنوبا إلى بور فؤاد شمالا. وخلال حرب الاستنزاف اعتبارا من نوفمبر 1973 اكتسبنا نحن أرضا جديدة غربا وشرقا. ثم إنه مجبر على التعبئة الكاملة فى إسرائيل. كل لقمة.. كل جرعة ماء.. كل دانة مدفعية.. كل نقطة بنزين يجب أن تصل إليه من بعد 300 كيلومتر فى الخلف.. من مخنق عرضه 6 كيلومترات». وأكد على أن «التخطيط كان يركز على غلق هذا المخنق أو الممر، ونشعله نارا. فى نفس الوقت الذى ندمر فيه قواته فى الغرب، وأستطيع أن أقول أن هذا كان سيتم فى (لا وقت) أى وقت قليل جدا!؛ لأننا نعلم من خط بارليف أن الدفاع مهما كان حصينا، يمكن اختراقه. فما بالك بهذا الجيب.

قواعد طيراننا قريبة جدا.. الدفاع الجوى استطاع أن ينشئ حائطا ثانيا للصواريخ أقوى مما كان.. العدو ثقته فى نفسه وقيادته اهتزت، ولا شك أن العدو بتصويره الجوى لقواتنا فى الغرب أدرك ما يمكن أن يحدث له، ولذلك فضل الانسحاب فى سلام. وكان من المستحيل أن تنسحب إسرائيل لو كان لديها مجرد أمل فى إمكانية البقاء».

وخلال الأيام التالية بدأت محادثات فصل القوات بإشراف الأمم المتحدة، التى سميت بمحادثات الكيلو 101 ــ وإن كانت منعقدة فعلا عند علامة الكيلو 103 فى طريق السويس القاهرة ــ تأخذ مسارا جديا، إلى أن انتهت بتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات فى 17 يناير 1974.


السادات وكيسنجر

قال الرئيس السادات فى كتابه «البحث عن الذات قصة حياتى» إنه «فى ديسمبر سنة 1973 كنت مستعدا لتصفية جيب الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضا جديدة كل يوم.. تارة بالأمتار وتارة بالكيلومترات.. ولكننا كنا نكسب دائما.. أنا فعلا كنت على أتم الاستعداد لتصفية الثغرة، وخاصة أنه ليست أمامى قناة لعبورها ولا خط بارليف للقتال معى، ولكن الخطر الذى كان أمامى كان تدخل أمريكا.. ففى 11 ديسمبر جاء هنرى كيسنجر (وزير خارجية أمريكا) وقلت له «أنا مش مستعد أقبل الأسلوب اللى هم ماشيين به.. وأنا حاصفى الثغرة.

قال كيسنجر لى: «أنا قبل أن أحضر إليك عارف إنك جاهز.. أنا طلبت صورة الموقف من البنتاجون فأعطونى تقريرا كاملا.. حائط صواريخك يتكون من كذا بطارية.. دباباتك حول الثغرة 800 دبابة.. مدافعك عددها كذا وتستطيع فعلا أن تصفى الثغرة، ولكن اعلم أنك إذا فعلت هذا سيضربك البنتاجون».
شكرا على الاضافه
 

تفاصيل الخطة «شامل» لتدمير الجيش الإسرائيلى فى الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

جنود إسرائيلين يخلون جرحاهم في الدفرسوار

:
فى السطور القادمة سنعرض لتفاصيل الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتدمير القوات الإسرائيلية الموجودة غرب القناة والتى بلغ مجموعها ثلاث فرق مدرعة ( فرقة أرئيل شارون، وفرقة أبراهام أدان، وفرقة كلمان ماجن)، بالإضافة إلى لواء مشاة مظلات بفرقة شارون، ولواء مشاة ميكانيكى بفرقة ماجن. وقبيل عرض تفاصيل هذه الخطة سنعرض لشهادات القادة المصريين حول قدرة القوات المسلحة على تنفيذ هذه الخطة، وكيفية استعادة قواتنا لتوازنها بين الشرق والغرب، وإعادة تسليح وحشد القوات لدحر العدو غرب وشرق القناة.


محاصرة الثغرة


من أفضل قادة حرب أكتوبر الذين كتبوا بتفاصيل حول الكيفية التى استعادت بها قواتنا كفاءاتها القتالية، الفريق كمال حسن على، مدير سلاح المدرعات خلال الحرب، والذى وقع عليه العبء الأكبر فى إعادة تسليح وتدريب التشكيلات المدرعة.

يقول الفريق على فى كتابه «مشاوير العمر.. أسرار وخفايا 70 عاما من عمر مصر.. الحرب والمخابرات والسياسة» إنه «فى يوم 26 أكتوبر قمت بزيارة الوحدات التى كانت تحاصر القوات الإسرائيلية فى منطقة الثغرة، وعلى رأسها الفرقة الرابعة المدرعة التى كانت تعمل غرب القناة (فى قطاع الجيش الثالث)، والتى تم إمدادها بعدد كبير من الدبابات بعد إصلاحها، كما قمت بزيارة اللواء المدرع الجزائرى الذى بعثت به الجزائر دعما للجبهة المصرية، وتمركز فوق جبل غره جنوب الثغرة، وكان المنظر من هذا الموقع لأرض المعركة يؤكد إمكانية تدمير القوات الإسرائيلية فى الثغرة بسهولة، حيث كان طول المنطقة التى عبرت من خلالها القوات الإسرائيلية عبر قناة السويس لا تتجاوز 7 كيلومترات فقط، وقد قامت لجنة من الكونجرس الأمريكى بزيارة الموقع يوم 7 نوفمبر بصحبة اللواء سعد مأمون وخرجت بانطباع يؤكد ضرورة تسوية سلمية لهذا الموقف؛ لأن القوات الإسرائيلية الموجودة داخل الثغرة أصبحت هى نفسها فى حصار أوشك أن يكتمل.
وفى 7 نوفمبر كنت فى زيارة أخرى للوحدات شرق القناة، وفى طريقى للجبهة سمعت فى إذاعة إسرائيل تصريحا لموشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى يقول فيه إن مصر أكملت دفع الجيش الرابع الميدانى حول الثغرة، ولقد سعدت بهذا القول لأنه فى واقع الأمر لم يكن الجيش الرابع سوى الإمداد المستمر بالدبابات للوحدات الأمامية تعويضا لخسائرها طوال أيام القتال وما بعدها، وكانت إدارة المدرعات قد استقبلت من يوغوسلافيا دبابات لواء مدرع ( 94 دبابة) جاهزة لركوب أطقمها، كما استقبلت دبابات لواء مدرع من ليبيا بدون أطقمه، تم تجهيزه بالأفراد ضباطا وجنودا من الاحتياطيات المدربة المشكلة لهذا الغرض، علاوة على وصول مدافع اقتحام مدرعة من الجزائر، وبعد زيارة هوارى بومدين (الرئيس الجزائرى) لموسكو تم إمدادنا بنحو 200 دبابة (ت 62) خصصت لتعويض دبابات الفرقة المدرعة التى كانت تعمل فى الجيش الثانى شرق القناة ودباباتها تدعم رؤوس الكبارى.

وقد تركت هذه الفرقة ما يكفى من دباباتها من طراز (ت 55) لاستكمال دبابات الفرق المشاة تعويضا لخسائرها، وكذلك تم سحب أفراد هذه الفرقة ليلا إلى القاهرة، وأعيد تدريبهم على الدبابات الجديدة من طراز (ت 62) فى أسبوع واحد، ثم دفعت هذه الدبابات بأطقمها بعد تجهيزها للقتال، سائرة على جنازيرها عند محور طريق الإسماعيلية فأثارت غبارا يزيد طوله على 30 كيلو مترا، على مدى ثلاثة أيام كاملة، وكان آخرها يوم 7 نوفمبر، الأمر الذى جعل موشى ديان يعلن عن إتمام حشد الجيش الرابع حول الثغرة فى ذلك اليوم».

«سيبونا نذاكر»

وفى كلمة أخيرة عن الثغرة ــ والكلام ما زال للفريق كمال حسن على ــ أود أن أقول إن الموقف الإسرائيلى غرب القناة أثناء محادثات الكيلو 101 كان موقفا هشا وقلقا لأى قيادة قد تفكر فى استمراره، فعلاوة على المنفذ الضيق الذى عبرت منه هذه القوات (7 كيلو مترات) من الشرق للغرب، كانت أوضاع هذه القوات وخطوطها الإدارية غاية فى الحرج، خاصة بعد أن أتمت القوات المصرية تعويض خسائرها، وأحاطت بهذا الجيب الإسرائيلى بشكل تهديدى لا يمكن إنقاذه. لقد أصبحت القوات المصرية من حوله ولا تسمح للقوات الإسرائيلية بالتحرك أو الانتشار لتحسين أوضاعها، بل لا تسمح لها حتى بالانسحاب من مواقعها دون خسائر كبيرة.

ويواصل الفريق على حديثه عن الأوضاع السيئة للقوات الإسرائيلية بقوله «أما الانسحاب الذى كان السادات يطالب به هذه القوات للعودة إلى موقع يوم 22 أكتوبر، أى يوم صدور قرار وقف إطلاق النار، فقد أصبح حلا مستحيلا بالنسبة لإسرائيل لأنه يجعلها تفقد كل المميزات التى اكتسبتها بانتهاك هذا القرار.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن أوضاع هذه القوات قد أصبحت معلومة بالتفصيل للقوات المصرية، بعد أن ظلت لفترة طويلة غير واضحة المعالم، فإن مجرد تثبيتها فى أماكنها كان يكلف إسرائيل ما هو فوق طاقتها لإمداد هذه القوات والإبقاء عليها بحجمها الهائل الذى جمعته من مختلف المهن وطلبة المدارس الذين كانت امتحاناتهم على الأبواب، وكان بعضهم يطالبون الجنود المصريين على مدى السمع (سيبونا نذاكر!!).

ولا يمكن لأحد أن يدعى أن إسرائيل عندما قبلت وقف إطلاق النار الثانى يوم 25 أكتوبر، ثم الانسحاب إلى شرق الممرات كانت جانحة إلى السلم أو راغبة فيه، فالحقيقة أن إسرائيل لم تقدم على ذلك إلا تحت شبح التهديد داخل مصيدة الثغرة.

والحقيقة أن الثغرة والجيب الإسرائيلى غرب القناة لم يحقق أمل القادة الإسرائيليين فى قلب نتيجة الحرب لأسباب عديدة، منها أن الخسائر الإسرائيلية المعلنة وصلت إلى 400 قتيل و 1200 جريح، وإن كانت حقيقة الأمر أكبر من ذلك بكثير، ومثل هذا التدمير فى القوى البشرية يكون له مغزى خاصا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل التى يشكل لها هذا النزيف البشرى تهديدا خطيرا فى ظروف تعدادها القليل. 😊

ومن هذه الأسباب أيضا الفرصة التى أتيحت للقوات المصرية خلال فترة توقف إطلاق النار لإعادة تنظيمها وإمدادها، بحيث أصبحت تشكل حصارا كاملا لقوات الجيب الإسرائيلى يمنعها من الانتشار كما يمنعها أيضا من الانسحاب أو الهجوم، خاصة بعد أن دعمت مصر دفاعها الجوى حول الثغرة، وبلغ حجم القوات المصرية لتدمير العدو فى الجيب خمس فرق منها، فرقتان مدرعتان، و3 فرق مشاة ميكانيكية، بالإضافة إلى فرقة أخرى ميكانيكية من احتياطى القيادة العامة، وبذلك أصبحت مقارنة قوات المشاة لصالحنا بنسبه 3 إلى 1، و 6 إلى 1 فى المدفعية، وفى الدبابات كانت 2.5 إلى 1.

ولم يكن العدو قادرا على اتخاذ قرار منفردا بانسحاب يعرض قواته لخطر تدميرها بقواتنا أثناء إجرائها عملية الانسحاب لظروفها الصعبة والمعروفة، وعلى ذلك لم يكن أمام إسرائيل إلا أن توافق على قرار الانسحاب من المأزق، فقبلت إسرائيل بنفس أكثر من راضية الانسحاب من الثغرة، وكان ذلك إيذانا بانسحابها من أرض سيناء كلها فيما بعد».

الخطة شامل


مشاهدة المرفق 426378



الحديث عن الخطة (شامل) التى أعدتها القوات المسلحة لتصفية قوات العدو فى ثغرة الاختراق غرب قناة السويس، يبدو مقتضبا فى معظم المراجع العسكرية التى تناولت حرب أكتوبر، لكن هناك اتفاق على أن أهداف القيادة المصرية من هذه الخطة كان يتمثل فى «إحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعدته، مع القيام بعمليات إزعاج للعدو على أوسع نطاق ممكن حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، بالإضافة إلى إرغام إسرائيل على الاستمرار فى تعبئة قواتها الاحتياطية، مما يرهق اقتصادها القومى، ويهدد الحياة العامة بالشلل الكامل، مع منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة»، بحسب المؤرخ العسكرى اللواء جمال حماد، فى كتابه المرجعى «المعارك الحربية على الجبهة المصرية».
المشير محمد عبدالغنى الجمسى، الذى خلف الفريق سعد الشاذلى فى رئاسة الأركان العامة اعتبارا من يوم 12 ديسمبر 1973 فى حوار له مع الصحفى الراحل موسى صبرى، أعطى بعض التفاصيل بشأن الخطة (شامل) جاء فيها «لقد تم وقف إطلاق النار الفعلى ظهر يوم 28 أكتوبر، بعد وصول قوات الأمم المتحدة، واعتبارا من يوم 31 أكتوبر بدأنا تنفيذ حرب استنزاف مخططة ضد العدو غرب وشرق القناة. كانت أمامنا مهمة رئيسية وهى ألا نسمح للعدو بأن يتمركز أو يتخندق ويثبت أقدامه فى الغرب. كان هذا عملا يوميا للقوات المسلحة، إلى أن يبدأ الهجوم لتصفية هذا الجيب بعملية شاملة.
وأضاف الفريق الجمسى قائلا: «لقد وضعت الخطة (شامل) الهجومية.. نوقشت.. صدق عليها القائد العام.. وتقرر أن يعين لقواتنا فى الغرب قيادة منفصلة تقود جميع أنواع القوات لتصفية الجيب، ونترك قواتنا فى الشرق تقاتل معركتها. وقوات الجيش الثانى تقاتل معركتها، وقد سلمت الخطة الهجومية لجميع قيادات القوات المسلحة (الطيران والدفاع الجوى والبحرية)، واختير اللواء سعد مأمون (بعد شفائه من الأزمة القلبية) لقيادة قوات الهجوم وتنفيذ الخطة. وعرضتها على السيد الرئيس القائد الأعلى أنور السادات فى 24 ديسمبر وصدق عليها.. ولم يتبق إلا تحديد الموعد بقرار من سيادته».

ويؤكد المشير الجمسى على أن «حرب الاستنزاف كانت مستمرة.. طبقا للتخطيط الموضوع لها، وهو ضرب قوات العدو شرق وغرب القناة، وعلى طول المواجهة بهدف إيقاع أكبر خسائر فى أرواحه ومعداته، ومنعه من تحسين مواقعه، وطبقا لبيانات الأمم المتحدة قامت قواتنا بـ439 عملية ضد العدو.. 39 عملية فى نوفمبر و213 فى ديسمبر، ومن أول يناير إلى 17 يناير 133 عملية. وهذه هى الخسائر التى أعلنها العدو: 11 طائرة، 41 دبابة ومدرعة، 10 رشاش ثقيل، 36 معدة هندسية، 187 قتيلا. لم يحدث إذن أى توقف فى عملياتنا.. حتى تم اتفاق فك الارتباط (الاشتباك).. استمرت حرب استنزاف لم تترك للعدو هدوءا ليلا ونهارا». ويؤكد المشير الجمسى على أن خطة تصفية الثغرة (شامل) قد سلمت إلى جميع قيادات القوات المسلحة فى 7 ديسمبر 1973، وصدرت التعليمات لكل القوات للاستعداد لتنفيذها (تخطيط، إعداد، تدريب، استكمال)، وتركنا تحديد ساعة الصفر للقائد الأعلى (السادات) لاختيار الوقت المناسب سياسيا، وتم هذا فى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الرئيس السادات الذى صدق على الخطة. فى 24 ديسمبر، وكان أمره «كونوا جاهزين فى أى لحظة».

اللواء سعد مأمون


لقد بدأ تكليف اللواء سعد مأمون من المشير أحمد إسماعيل بقيادة الهجوم على الثغرة فى الساعة الثالثة من مساء 12 ديسمبر.. استدعاه القائد العام وقال له: «يبدو يا سعد إنك ستغادرنا إلى الميدان من جديد، كمندوب للقائد العام لقيادة القوات الرئيسية غرب القناة لتصفية الثغرة. أنت من الآن مسئول أمام وزير الحربية والقائد العام عن تدمير الجيش الإسرائيلى.. وثقتى فيك لا حدود لها». وسافر إلى الجبهة على الفور، وقام بجولة على الحدود الأمامية للقوات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. وقام بتعديل الخطة (شامل) على الطبيعة وفق ما ظهر أمامه من حقائق جديدة فى الميدان، وصدق وزير الحربية على التعديل الأخير.

وأكد اللواء مأمون فى حوار مع الصحفى موسى صبرى على أن الخطة شامل كانت تعتمد على «تقدير سليم لموقف العدو، وتحديد واضح لنقاط ضعفه، وتحديد سليم لنقاط قوته». وشدد على أن «العدو كان فى مصيدة، وكان يجب أن أزيده إحساسا بأنه فى مصيدة، كان العدو متخذا أوضاعا دفاعية لا هجومية. كان يدافع فى حالة نفسية سيئة.

ويبدو قلقه فى جميع تصرفاته، كما أن أوضاعه الدفاعية تدل على فزعه.. مثلا رص العدو أمامه حوالى 700 ألف لغم. حفر خنادق مضادة للدبابات على معظم المواجهة (عرض من 6 إلى 7 أمتار، وعمق 5 أمتار) كان لديه من 500 إلى 600 دبابة. وكان شعارى أن نلقن العدو درسا أقسى من دروس العبور وتحطيم حصون بارليف. وواقع الحال أن الجيب الإسرائيلى فى الغرب كان هشا.. كل دبابة للعدو فى الغرب كان يقابلها حوالى دباباتين فى قواتنا، وقطعتين مضادتين للدبابات.. علاوة على نيران المدفعية والطيران، علاوة على احتياطى القيادة العامة للقوات المسلحة الموضوعة تحت سيطرة المشير أحمد إسماعيل.

وقد قدرت الخطة الموضوعة لتصفيتة كافة الاحتمالات، بطريقة لعلها أحسن من تحضيرات 6 أكتوبر، وكان تفكيرى أن النصر فى هذه العملية لا يحتمل الجدل ولا التجربة، وقمنا بمشروعات حقيقية على أرض مشابهة.

وكان التقدير: بالنسبة للوضع العسكرى العام تم احتواء العدو تماما فى الغرب.. لقد حاصرنا العدو من كل جانب، وله منفذ واحد فى الدفرسوار لا يزيد عرضه على 6 كيلومترات، وكان مقررا إغلاق هذا المنفذ بالقوات فى ساعات قليلة.. وهذه الشريحة كان مخصصا لها أعداد هائلة من القوات».

وأكد اللواء مأمون أنه «كان من المقرر أن نصفى الجيب الإسرائيلى على محاور بالتعاون مع كافة أفرع القوات المسلحة، أى أننا كنا سنهاجم من 4 اتجاهات (تم التعديل لتصبح 5 اتجاهات).. وكانوا حقا فى مأزق».


موضحا أن «قوات العدو فى 22 أكتوبر تمكنت من عمل رأس جسر واحد غرب الدفرسوار بمساحة 70 كيلومترا مربعا (7 فى 10).. قواتنا فى الشرق كانت قد عملت رؤوس جسور فى الجيوش مساحتها 7 آلاف كيلومتر مربع، أى مائة ضعف، كان موقف العدو العسكرى حرج للغاية.

لذلك حاول أن يعوض هذا الوضع الحرج (صغر حجم رأس جسره فى الغرب) إلى وضع محتمل بأن ينتشر جنوبا. ثم طور فكرته لأنه أحس أن هذا الانتشار فيه نوع من إضعاف قواته فى الكثافة أمام القوات المصرية.. حاول دخول السويس. قطع خطوط المواصلات لعزل جزء من الجيش الثالث فى الشرق. والهدف هو أن يساوم بهذا الوضع الجديد على موقفه الحرج فى الغرب، ولكن وضعه عسكريا هش.

وأوضح بأنه «لا يوجد لدى العدو ما نعبر عنه بالاتزان الاستراتيجى.. قواته شبه محصورة فى الغرب. عجز عن زحزحة قواتنا فى الشرق بوصة واحدة على طول المواجهة من عيون موسى جنوبا إلى بور فؤاد شمالا. وخلال حرب الاستنزاف اعتبارا من نوفمبر 1973 اكتسبنا نحن أرضا جديدة غربا وشرقا. ثم إنه مجبر على التعبئة الكاملة فى إسرائيل. كل لقمة.. كل جرعة ماء.. كل دانة مدفعية.. كل نقطة بنزين يجب أن تصل إليه من بعد 300 كيلومتر فى الخلف.. من مخنق عرضه 6 كيلومترات». وأكد على أن «التخطيط كان يركز على غلق هذا المخنق أو الممر، ونشعله نارا. فى نفس الوقت الذى ندمر فيه قواته فى الغرب، وأستطيع أن أقول أن هذا كان سيتم فى (لا وقت) أى وقت قليل جدا!؛ لأننا نعلم من خط بارليف أن الدفاع مهما كان حصينا، يمكن اختراقه. فما بالك بهذا الجيب.

قواعد طيراننا قريبة جدا.. الدفاع الجوى استطاع أن ينشئ حائطا ثانيا للصواريخ أقوى مما كان.. العدو ثقته فى نفسه وقيادته اهتزت، ولا شك أن العدو بتصويره الجوى لقواتنا فى الغرب أدرك ما يمكن أن يحدث له، ولذلك فضل الانسحاب فى سلام. وكان من المستحيل أن تنسحب إسرائيل لو كان لديها مجرد أمل فى إمكانية البقاء».

وخلال الأيام التالية بدأت محادثات فصل القوات بإشراف الأمم المتحدة، التى سميت بمحادثات الكيلو 101 ــ وإن كانت منعقدة فعلا عند علامة الكيلو 103 فى طريق السويس القاهرة ــ تأخذ مسارا جديا، إلى أن انتهت بتوقيع اتفاقية الفصل بين القوات فى 17 يناير 1974.


السادات وكيسنجر

قال الرئيس السادات فى كتابه «البحث عن الذات قصة حياتى» إنه «فى ديسمبر سنة 1973 كنت مستعدا لتصفية جيب الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضا جديدة كل يوم.. تارة بالأمتار وتارة بالكيلومترات.. ولكننا كنا نكسب دائما.. أنا فعلا كنت على أتم الاستعداد لتصفية الثغرة، وخاصة أنه ليست أمامى قناة لعبورها ولا خط بارليف للقتال معى، ولكن الخطر الذى كان أمامى كان تدخل أمريكا.. ففى 11 ديسمبر جاء هنرى كيسنجر (وزير خارجية أمريكا) وقلت له «أنا مش مستعد أقبل الأسلوب اللى هم ماشيين به.. وأنا حاصفى الثغرة.

قال كيسنجر لى: «أنا قبل أن أحضر إليك عارف إنك جاهز.. أنا طلبت صورة الموقف من البنتاجون فأعطونى تقريرا كاملا.. حائط صواريخك يتكون من كذا بطارية.. دباباتك حول الثغرة 800 دبابة.. مدافعك عددها كذا وتستطيع فعلا أن تصفى الثغرة، ولكن اعلم أنك إذا فعلت هذا سيضربك البنتاجون».
رد وافي وشافي
رد بالتفاصيل بالخطط بالمعدات بالاعداد موضحا هشاشه وضع اليهود في الثغره وان قواتهم كانت علي وشك التدمير التام
مش بكلام مرسل ملئ بالتضليل والدجل والكراهيه والتقليل
 
بعيدا عن مذكرات الشاذلي رحمه الله، كان هناك مقابلة له مع محرر صحيفة الوطن العربي وهي صحيفة يومية مستقلة شاملة تصدر عن مؤسسة الوطن العربي الإعلامية بلندن !!! المقابلة أجريت بتاريخ 6 اكتوبر 2010 من قبل الصحفي فريد الجبالي (أحتفظ شخصياً بالنسخة الأصلية للمقابلة) ونقتبس منها فقرات توضح بعض الأمور حول مجريات النكسة/الثغرة..

* سيادة الفريق، الي هذا الحد والموقف واضح.. ماذا حدث من تطورات حتى تقع الثغرة؟
** ونحن في قمة الانتصارات وبأقل الخسائر الممكنة جاء السادات ليقول: (مادام عملتم كل الانجازات دي ياولاد، عليكم بالتحرك للمضايق!!!!) هنا كان بداية الخطأ والخلل!! وده يدل على إيه؟؟!! ليس خطأ عند السادات لوحده، وانما خطأ في النظام وخطأ أيضا في التنظيم. لأنه في جميع بلاد العالم فيه قيادة سياسية وفيه قيادة عسكرية. الهرم العسكري ينتهي عند رئيس الأركان والهرم السياسي ينتهي عند رئيس الجمهورية وهناك حدود فاصلة بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية، هذا في الدول الديمقراطية.

* وهل استفاد السادات فعلا من هذه التركيبة في تعمده الانفراد بقراره؟
** طبعا بالتأكيد.. استفاد منها السادات بدهائه المشهور به، ومن ضمن تخطيطه البعيد اختياره للمرحوم أحمد إسماعيل وزيرا للحربية حتى يكون عجينه في ايده، حيث كان يعلم جيدا الخلاف القديم بيني وبينه منذ احداث الكونغو خلال محاولة (انفصال كاتنجا ومقتل باتريس لومومبا رئيس الوزراء) والكل يعرف ان الرئيس جمال عبد الناصر احال احمد اسماعيل للتقاعد من القوات المسلحة مرتين، فأرجعه السادات كمسئول عن جهاز المخابرات العامة. ثم في خطوة تاليه وزيرا للحربية فاذا هو بالطريقة دي كأنه قائد عام للقوات المسلحة، وما يقوله بالتالي احمد اسماعيل لا يستطيع أحد مناقشته!!! والسادات عمل منه برافان حتى يستخبي وراءه….

وحصلت بيننا مناقشة حادة، السادات ومعه احمد اسماعيل في جانب، وفي الجانب الآخر وقف في صفي قادة القوات المسلحة (سعد مأمون قائد الجيش الثاني وعبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث).. فلما قال السادات عايزين نطور الهجوم تجاه الممرات للتخفيف عن الجبهة السورية.. لأ وايه… بدون حماية جوية او غطاء صواريخ!!!

قلت له: (ده قرار خاطئ.. وعندي كل المبررات) المهم.. عملنا مؤتمر في الرئاسة، حضره معي عبد المنعم واصل وسعد مأمون، وقعدنا نكافح مع احمد اسماعيل طول الليل لغاية الساعة 12 مساء ومفيش فايده، وبالتالي كان القرار الذي كان بداية الانكسارات التي اخذت تتوالى علينا بعد ذلك.!!

* وهل هذه الانكسارات كانت مقصودة توطئة لتحريك الموقف السياسي طبقا لخطة كيسنجر.. فيما سماه العامل المحفز Catalyst؟
** دي بقه كل واحد يفسرها زي ما هو عايز…. ما لم تفتح الملفات التي اطالب بفتحها حتى نعرف كل حاجة.. طبعا فيه علامات استفهام.. وبصفتي كنت راجل مسئول، الجبهة السورية التي تحجج بها السادات لم تكن في حاجة اطلاقا الي هذه الخطوة!! فحينما اكون خارج نطاق غطاء صواريخنا، الطيران هو اللي حيتعرضلي وليست القوات البرية.

* سيادة الفريق.. ننتقل الي حرب 73 وياريت تلقي الضوء اكثر علي موقف الجبهة السورية لكشف الحقيقة.
** السوريين كانوا متحمسين جدا وعايزين ياخذوا المساحة بتاعتهم. يعنى كانت 20 كيلو علشان يوصلوا الى نهر الأردن، يعنى كانوا مستسهلين العملية قوى وداخلين بأسلوب الفرسان. طبعا اسلوب الفرسان مستحب لكن له قواعد، فهجموا بمعظم الدبابات بتاعتهم في المراحل الأولى. يعنى في يومي 6 و7 كان عندهم على الجبهة 8 ألوية مدرعة وبيجهزوا لمدرعات بتاعتهم كلها حوالي 5 أو 6 ألوية، بيهجموا بمعظم دباباتهم وتحملوا خسائر كبيرة والطيران ضربهم وناس منهم وصلوا الى بحيرة طبرية.

* دعنا نعود معا لأحداث الحرب على الجبهة المصرية ونسأل بصراحة عن ضربة الطيران الاولي، هل هي اللي جابت نصر اكتوبر زي مايقال؟
** أرجو ان تعيدوا قراءة حديث الرئيس حسنى مبارك مع عماد الدين أديب عام 2005 حيث اعترف سيادته- لأول مرة- ان القوات الجوية كانت أضعف حلقة في القوات المسلحة – ده كان بلسانه.

وهذا بالفعل ماقلته في الكتاب بتاعي 79، 78 وهي دي اساس الخطة بتاعتنا، بنقول ان مفيش لنا مدي غطاء غير10-15 كيلو ونتوقف.. طيب ليه؟؟ علشان مفيش طيران. وبالتالي انحصر دور الطيران في ضربته الاولي ثم رجع قواعده حرصا عليه لأنه ليس في كفاءة الطيران الاسرائيلي الذي تعاملنا معه بشبكة الصواريخ الاكثر كفاءة.
يعني مازل يوجد غطاء جوي زي مقولنا و هو الطيران و كان كامل و في حالة سقوط شبكة الدفاع الجوي اللي كانت فعلا اكثر كفاءة امام طائرات الفانتوم زي مقولت هيدخل الطيران و الطيران قادر علي الاقل بتعطيل القوات الجوية الاسرائيلية لتغطية عملية الانسحاب للضفة الشرقية و القضاء علي الثغرة. ايضا تعويض المعدات من الاتحاد السوڤيتي.

و لا ننسي حسب تطبيلك القوات الجوية من العراق و كوريا الشمالية و كوب المريخ اللي كانت تدعم مصر. جميعهم قادرين علي تعطيل القوات الاسرائيلية.

االحرب انتهت بوقف اطلاق النار و لم تنتهي بتدمير الجيش الثالث و نذكر الجيش الثاني الغير محاصر في الشمال.

كفاحك للدفاع عن الناصريين و ثورة يوليو و الظباط الاحرار و العسكريين يدفعني للبكاء يأستاذ انور.

وو نذكر برفض اسرائيل الارض مقابل السلام و الاعتراف بإسرائيل.


نذكر ايضا بقيام عبد الناصر بتعيين سعد الشاذلي و ترقيته في المناصب و تجديد الثقة من انو السادات و دعم السادات و اعطاء الضوء الاخضر لسعد الشاذلي بوضع خطة الحرب و تطبيقها و توفير كافة الامكانيات

ببعد ذلك الشاذلي "السادات و حش و خلاني معملش خطتي"

و نذكر ايضا و فقا للكتب الغربية اللي الاستاذ انور يطبل لها و حتي الاسرائيلية. بان الجيش المصري درس أخطاء حرب ٦٧ و تم احداث تغييرات ضخمة غيرت من كفاءة الجيش المصري العظيم.
 
شباب انا قرأت مذكرات الشاذلي والي فهمته ان بعد ما تم حصار الجيش الثالث الميداني الانتصار تحول لهزيمه على حد قول الشاذلي بنفسه ، وبدات الاداره الامريكيه والاسرائيليه باذلال القياده للمصريه بالمعنى الحرفي وتفاصيل كثيره مؤلمه ، بس انا مش فاهم بعد كل ده ليه متمتش الخطه شامل ، وكان ايه مركز القوه الي بنفاوض عليه مادام اسرائيل عرفت تساوم على كل حاجه الاسرى والجواسيس والبترول والعبور من قناه سويس ومعامله مهينه للجيش المحاصر ومدينه السويس المحتله ؟ الشاذلي توقف عند النقطه دي وكأن معنى كلامه ان احنا انهزمنا وخضعنا من هنا بس انا عارف انه بيحاول يشوه القياده وقتها ف ممكن حد يوضحلي من بعد حصار الجيش الثالث كان ايه موقفنا قصاد السياسه الاسرائيليه دي او كان ايه ردنا على حصارهم ؟
 
بورقيبة فى خطاب مذاع فى التلفزيون نصح السادات بالتخلى عن شرم الشيخ مقابل السلام
كان راجل طيب
بورقيبة ده اقذر حاكم عربى عليه من الله ما يستحق دمر تونس هوية وجيشها واقتصادا
 
وصول الجيش الاسرائيلي ااى هذا العمق يعني بطاريات الدفاع الجوي المتواجدة لحمايه الحيش الثالث تم احتلال مواقعها فرضا لو الحرب استمرت ما هو الاجراء المتوقع القيام به من الجيش المصري لفك الحصار ودحر القوات الاسرائيليه وخاصه انه قوات الاختياط الرئيسيه تم الزج بها شرق القناة
كان عندنا فرقة الحرس الجمهورى ٦٠الف مقاتل بدروعهم بدفاعهم الجوى ولواءمدرع جزائرى ولواء مغربى كفيلين بقلب ميزان القوة ضد إسرائيل تماما
 
شباب انا قرأت مذكرات الشاذلي والي فهمته ان بعد ما تم حصار الجيش الثالث الميداني الانتصار تحول لهزيمه على حد قول الشاذلي بنفسه ، وبدات الاداره الامريكيه والاسرائيليه باذلال القياده للمصريه بالمعنى الحرفي وتفاصيل كثيره مؤلمه ، بس انا مش فاهم بعد كل ده ليه متمتش الخطه شامل ، وكان ايه مركز القوه الي بنفاوض عليه مادام اسرائيل عرفت تساوم على كل حاجه الاسرى والجواسيس والبترول والعبور من قناه سويس ومعامله مهينه للجيش المحاصر ومدينه السويس المحتله ؟ الشاذلي توقف عند النقطه دي وكأن معنى كلامه ان احنا انهزمنا وخضعنا من هنا بس انا عارف انه بيحاول يشوه القياده وقتها ف ممكن حد يوضحلي من بعد حصار الجيش الثالث كان ايه موقفنا قصاد السياسه الاسرائيليه دي او كان ايه ردنا على حصارهم ؟
للافادة لك ولباقي الاخوة كتاب العمليات الحربية على الجبهه المصرية للواء جمال حماد هو اوقع واصدق وادق رواية عن مسار العمليات العسكرية المصرية شرق وغرب القناة ابان حرب ١٩٧٣ ..سرد عسكري صرف بعيد عن اهواء السياسة و الصراعات الشخصية وهذه احدى الكوارث التي وقعها فيها الفريق الشاذلي نتيجه كراهيته الشديدة للرئيس السادات الناتج من خلافه معه اثناء العمليات العسكرية


 
غباء وسوء تقدير في التخطيط نتج عنه خسارة جميع مكاسب الأيام الثلاثة الأولى وبالتالي خسارة الحرب !!!
لا تسب مهندس التخطيط (سعد الشاذلي) اللي جعل ثغرة بين الجيش الثالث و الثاني. فالاستاك انور هيزعل منك لانه ناصري متعصب لصديق جمال عبد الناصر سعد الشاذلي. و كاره للسادات اللي اعاد الاسلاميين و الاحزاب السياسية للعمل مرة اخري و الغي الاتحاد الاشتراكي.
 
نختم بهذا الفيديو للراحل الشاذلي رحمه الله وفيه الخلاصة..


نعم كما رفض السادات خطة الشاذلي لعبور قناة السويس و خطة حرب اكتور بتاع الشاذلي:) و لم يجدد الثقة للشاذلي و مضي علي خطة العبور بتاعت الشاذلي و رفض الخطط الاخري :)

حبك للناصريين و كراهيتك للقضاء علي العسكريين و مراكز القوي و الشوعيين و عودة الاسلاميين.
 
عودة
أعلى