"الموجات الصدمية".. فكرة لتطهير حقول الشيطان *

إنضم
18 سبتمبر 2008
المشاركات
144
التفاعل
1 0 0
أسلوب جديد في تطهير حقول الألغام يختلف عن الأساليب التقليدية التي يكون مجرد التفكير في استخدامها وحدها ضرباً من الخيال، هذا التكنيك الجديد يتعامل مع اللغم من الجو، دون وجود تعامل مباشر، وكل ما تحتاجه هذه الطريقة هو طائرة أسرع من الصوت مع عمل إخلاء جيد لمنطقة العمل، وذلك متوفر في معظم حقول الألغام -وأشهرها حقول ألغام العلمين بمصر التي هي عبارة عن صحراء خالية تضم 22 مليون لغماً تمثل 20% من مجموع الألغام والمتفجرات الأرضية المتبقية من الحروب في العالم.


يؤكد المهندس إسماعيل حماد عبد العال -المهندس بشركة مصر للطيران، وصاحب فكرة هذا الابتكار- أن هذه الطريقة تتناسب مع حقول ألغام العلمين من حيث كونها صحراء مترامية الأطراف ذات أرض منبسطة غير جبلية، ومليئة بالمنخفضات، وغير مأهولة، وتتسع رقعة حقول الألغام بها إلى 262 ألف كم مربع، مما يجعلها مسرحاً مثاليًّا لاستخدام هذه الطريقة، فلا يوجد حدود لطيران الطائرات فوقها بسرعات عالية.


أيضا الشراك الخداعية غير العادية التي زرعت بها هذه الألغام تتناسب مع هذه الطريقة مثل زراعتها رأسياً على امتداد 3 طبقات بحيث إذا أزيل الأول ينفجر الثاني وإذا أزيل الثاني ينفجر الثالث وغير ذلك من الشراك التي يصعب على وسائل التطهير التقليدية التعامل معها.


ويرى اللواء محمد علي بلال -الخبير العسكري والإستراتيجي بمصر- أن تلك الفكرة مقبولة من الناحية المنطقية لكنها من الناحية العملية قد تجد بعض المشاكل، قائلا: "إن الطيران الذي يفوق سرعة الصوت يحدث عنه نوع من التفريغ الجوي فنجده مثلا يؤدي إلى كسر الأسطح الزجاجية، وهذا قد يؤذي المناطق السكنية المحيطة بالمنطقة"، مؤكدا أنه أصبح هناك امتداد عمراني حول منطقة العلمين.


ويؤيد الدكتور سيد دسوقي -رئيس شعبة تكنولوجيا المركبات الفضائية بأكاديمية البحث العلمي في القاهرة- فكرة هذا الابتكار بقوله: "إنها فكرة منطقية ومناسبة بالفعل لتطهير المساحات الكبيرة لحقول الألغام بسرعة وبتكلفة أقل، ولكن يبقى الاختبار العملي لها هو الفيصل للحكم على نجاحها دون أي خسائر أو أضرار".



نظرية التنفيذ



يشرح المهندس إسماعيل حماد نظرية تنفيذ فكرته، حيث يصدر عن حركة الطائرات فى الهواء انبعاث موجات ضغط تتحرك مع الطائرة في دوائر مركزها الطائرة نفسها، وتبلغ سرعة تقدم جبهة هذه الموجات سرعة الصوت ومقدارها 331.4 مترا/ثانية والتي تعادل 1 ماخ (وهو وحدة لقياس سرعة الصوت في الهواء)، ويكون اتجاه تقدم هذه الموجات عموديًّا على خط سير الطائرة أي عمودياً على سطح الأرض.


وكلما اقتربت سرعة الطائرة من سرعة هذه الموجات (أي سرعة الصوت)، تقترب هذه الموجات من بعضها البعض وتتلامس، (يحدث ذلك في مستوى واحد يسمىThe Tangent Plane or the Mach (Cone Wave ، فيزداد تركيزها ليصبح خط ومستوى تأثيرها مع الطائرة ذا قوة ضغط واصطدام بالأرض عالية جدًّا، وبالتالي يكون لديها القدرة العالية على تفجير حقول الألغام.


ولأن هذه الموجات -ومستوى تأثيرها- تنطلق مندفعة من الطائرة إلى الأرض بسرعة الصوت وعلى هيئة طيف موجي فإنه يصبح لدى مستوى تأثيرها the Mach Cone Wave القدرة على اختراق الأرض والوصول إلى الألغام العميقة لتطهيرها، وستكون سرعة تطهير الألغام بنفس سرعة طيران الطائرة فوقها والتي ستصل إلى1200 كم/ ساعة.


فإذا حلقت الطائرة بالسرعات السابق ذكرها والمحصورة ما بين 1 ماخ -1.2 ماخ فوق الحقول المزروعة بالألغام فسيتوفر على الحقل قوة ضغط واصطدام هائلة تكفي لتفجير ما به من ألغام، خاصة الألغام القريبة من سطح الأرض والمتوسطة العمق والألغام المضادة للأفراد والألغام التي زادت حساسيتها للتفجير.


وتعليقا على نظرية التنفيذ يشير الدكتور سيد دسوقي إلى ضرورة أن يكون بُعد الطائرة عن الأرض وسرعتها كافيين لتشكيل قوة ضغط مناسبة على اللغم لينفجر، وهذا الأمر يحتاج لحسابات دقيقة جدا ومساعدة خبراء ألغام خاصة للإجابة عن سؤال: ما هي قوة الضغط المناسبة التي يحتاجها اللغم لكي ينفجر؟.


ويعلق اللواء بلال على نظرية التنفيذ مؤكدا على أن الألغام المضادة للدبابات –وهي الأهم- تحتاج إلى ضغط من أعلى إلى أسفل بما يعادل وزن دبابة أو عربة لكي تنفجر.



لماذا هي الأنسب؟

يؤكد المهندس حماد أن هذه الطريقة ستكون مناسبة جدا لتطهير حقول الألغام التي لا توجد لها خرائط دقيقة أو التي تحركت من مكانها أو أصبحت على أعماق كبيرة بفعل العوامل الطبيعية مع مرور السنين، فعن طريق تحديد المنطقة المشتبه فيها يمكن للطائرة -بما عليها من أجهزة ملاحية متقدمة تتعامل مع خطوط الطول والعرض بالدرجات والدقيقة والثانية- أن تمسح كل شبر في هذه الأرض وبكل دقة مهما كانت مساحة هذه الأرض.




بالإضافة إلى طبيعة الموجة الصدمية من حيث كونها طيفا موجيا منطلقا من الطائرة للأرض بسرعة الصوت فتكون الموجة قادرة على التغلغل في الأرض والوصول إلى الألغام الموجودة على أعماق كبيرة، وذلك عكس ما يحدث من خمد سريع على عمق سنتيمترات قليلة من سطح الأرض لأي قوة ناتجة عن أي وسيلة ضغط تقليدية أخرى مستخدمة. فهذا الخمد السريع وقلة عمق الاكتشاف للوسائل المستخدمة، بالإضافة إلى عدم وجود الخرائط هي المشاكل الرئيسية التي تواجه تطهير حقول ألغام العلمين.


كذلك وجود مركبة أفقية لقوة الضغط والاصطدام عند تحليلهما في الحالة العامة يسهل عمليات تطهير الألغام المائلة أو التي اتخذت أوضاعا رأسية مع مرور السنين.


آمَنُ وأسرع

ومن مميزات هذه الطريقة -كما يرى المهندس إسماعيل- عنصر الأمان الذي يتوافر للطائرة المنفذة لعمليات التطهير، فأقل ارتفاع تحلق عليه الطائرة المنفذة أكبر من المدى المؤثر لانفجار اللغم ووصول الشظايا الناتجة عنه إليها، كما أن انفجار الألغام سيكون دائماً خلف الطائرة وذلك نظراً لسرعة الطائرة العالية وحدوث الموجة الصدمية خلفها.


وهذا ما أكد عليه اللواء بلال قائلاً: "ليس هناك خوف من نتيجة انفجار الألغام لا على الطائرة ولا حتى على المناطق السكنية المجاورة، فشظايا الانفجار لن تتجاوز الـ 10 أمتار وهي مسافة بسيطة جدا، إلا أن السرعة الهائلة للطائرة ستؤثر على المناطق السكنية المجاورة".


ويؤكد المهندس حماد حدوث خمد كبير لنواتج انفجارات الألغام وذلك لأنها ناتجة عن ألغام مدفونة تحت كميات كبيرة من الرمال تفقدها كثيراً من تأثيرها، وحدوث تقاطعات وتداخلات للموجات الانفجارية Detonation Waves الناتجة عن انفجار الألغام يلاشي بعضها البعض وذلك نظراً لطبيعة زراعة وتوزيع هذه الألغام في الأرض، فيحد ذلك كثيراً من تقدم جبهات الموجات الانفجارية خلف الطائرة The propagation of the Detonation waves fronts بالإضافة إلى المدى المحدود لهذه الموجات وتلاشيها بعدها.


ولنفس السبب السابق –يقول مهندسنا-: إن المدن القريبة لن تتأثر بالتفجيرات الناتجة عن تطهير حقول الألغام، خاصةً عندما يكون اتجاه التطهير (خط تحليق الطائرة) عموديًّا على هذه المدن أي في عكس اتجاه البحر (وهو أيضاً نفس اتجاه الرياح السائدة في مصر -وهي رياح شمالية جنوبية- فيتم تحييد الهواء والرياح في أثناء التنفيذ)، حيث ستنفجر الألغام التي على نفس الصف في نفس الوقت فتتقاطع وتتلاشى موجاتها بالكامل، بالإضافة إلى أن هذه الانفجارات ناتجة عن ألغام مدفونة تحت كميات كبيرة من الرمال تفقدها كثيراً من تأثيرها وتلحق بها خمد كبير.




وسيلة مساعدة


إذا افترضنا أن عدد الألغام التي يمكن التخلص منها بالوسائل الحالية أو المقترحة يبلغ ألف لغم في اليوم الواحد لاحتجنا إلى أكثر من ستين عاما لإتمام التخلص من الاثنين وعشرين مليون لغم في منطقة العلمين وحدها، مما يجعل هذه الطرق مناسبة لحقول ألغام محدودة المساحات أو التي تحتوي على عدد بسيط من الألغام.


ولكن بخلاف ذلك تحتاج هذه الوسائل بجوارها لوسيلة أخرى غير تقليدية تتصف بالسرعة الفائقة والقدرة على تطهير مساحات شاسعة في وقت وجيز وبأقل التكاليف ليتكامل بذلك عامل السرعة المتمثل في استخدام الموجات الصدمية وعامل الدقة المتمثل في استخدام الطرق الأخرى القائمة على الاكتشاف والبحث والإزالة والتنظيف، لتبقى الخطوة الأخيرة وهي تطهير الأرض المخصصة للزراعة من نواتج انفجار مادة اللغم (تي. إن. تي) ثلاثي نيتروتولوين ( Trinitrotoluene (TNT ، لتتشكل في النهاية منظومة متكاملة لتطهير حقول ألغام روميل الشيطانية التي تفنن الألمان والحلفاء في زراعتها لتبقى معجزة عسكرية تعلن التحدي في وجه كل من يحاول إزالتها.
 
رد: "الموجات الصدمية".. فكرة لتطهير حقول الشيطان *

موضوع مممتاز ممتاز بارك الله فيك اخي
لكن اخي العزيز هذا لو بقيت الالغام في مكانها ولم تتغير بفعل العوامل الطبيعية كالفياضانات التي تجرف معها الالغام
في انتضار تطبيقها الفعلي والوقوف على نتائجها ميدانيا
اكرر شكري لك على الموضوع
 
رد: "الموجات الصدمية".. فكرة لتطهير حقول الشيطان *

لا شكر يا اخ a_aziz واحب ان اقدم لكم كل ما هو جيد و مميز.
 
عودة
أعلى