الحكومات المحترمة لا تدير سياسات بلدانهم بمنطقك،
لو كان بمنطقك كما تدعي أن "الحكومة البحرينية توفر لهم متطلباتهم خوفاً من نزوحهم" لكان نفس الأمر ينطبق على أن الحكومة الكويتية تخاف من نزوح العمالة المصرية كون أنهم الأكثر عدداً من بين العمالة الوافدة في الكويت، وأن الحكومة السعودية تخاف من نزوح العمالة اليمنية كون أنهم الأكثر عدداً من بين العمالة الوافدة في السعودية، أو أن الحكومة السعودية تخاف من نزوح العمالة التركية بالرغم من التوترات الشديدة التي شابت العلاقات السعودية التركية من بعد مقتل خاشقجي، أو أن الحكومة السعودية تخاف من نزوح العمالة اللبنانية جماعة طوني وشربل أو العمالة المصرية أو أي عمالة أخرى،
هكذا منطق مثل منطقك لا يرى أبعد من أرنبة أنفه ..
الحكومات المحترمة عندما تفتح أبواب بلدانها وتستقطب الشركات العالمية وتناديهم وتقول لهم تعالوا عندي، يترتب عليها التزامات يجب أن توفرها من خدمات وتسهيلات وتراعي حقوقهم، وعليها جلب العمالة التي تحتاجها هذه الشركات العالمية للدفع بعجلة التنمية والاقتصاد،
وللعلم، العمالة الهندي إبان أحداث البحرين 2011 تعرضت لأبشع صنوف الإرهاب والتعذيب والقتل على يد من كانوا في "دوار اللؤلؤة" ممن كانوا يسمون بـ "الثوار"، ومع ذلك لم ينزحوا عن البحرين ولم يغادروا البحرين، بالرغم من أن الخطة الإيرانية الأميركية الغربية كانت تستند بالدرجة الأولى إلى "شل البلاد وضرب الاقتصاد"، ولذلك كانوا هؤلاء ممن يسمون بـ "الثوار" يضعون العمالة الوافدة على أولويات أجندتهم، لتطفيشهم من البحرين ومن ثم المغادرة حتى تنشل البلاد شلل تام. ولله الحمد والمنّة خابو وخسئوا،
وأنا لم أقل الأكثر "مالاً" .. بل قلت الأكثر عدداً،
هناك فرق بين "العمالة الوافدة" وبين المستثمر الأجنبي،
فالعمالة الوافدة تعمل في مهن رخيصة ومتدنية مثل عمال في مصانع الألكترونيات والأدوات الكهربائية كالمكيفات والثلاجات والتلفزيون وأفران البوتاغاز والأدوات الكهربائية ... الخ، وعمال في شركات المقاولات مثل بناء المباني أو رصف الشوارع والطرقات، وعمال البلدية لنظافة الشوارع وجمع القمامة أجلكم الله، وعمال شركات الصيانة بمختلف أنواعها وأشكالها، وعمال شركات الغاز لتوصل أنابيب الغاز إلى المنازل، وعمال المطاعم والفنادق والأماكن السياحية .... وغيرها من المهن التي اعتدنا على رؤية العمالة الوافدة الآسيوية بوجه عام والهندية بوجه خاص يعملون فيها،
وأما المستثمر الأجنبي الذي يمتلك المال فهو مختلف تماماً عن "العمالة"،
وفي مشاركتي السابقة قلت "العمالة الهندية قالوا لن نأخذ أي لقاح إلا اللقاح الهندي"، ولم أقل الوافدين بالمجمل، بل خصصت وقلت "العمالة" بمعنى من يعملون في المهن الرخيصة المتدنية، وبالتالي لا يملكون "المال".
وبالمناسبة، هناك جاليات أجنبية يقيمون في البحرين ممن يعملون في الشركات العالمية للاستثمار أو يعملون في البنوك والمصارف العابرة للقارات أو لديهم استثمارات في البحرين قالوا بأنهم يثقون في اللقاح الروسي سبوتنيك أكثر من لقاح فايزر الأميركي وسينوفارم الصيني وقامت الحكومة البحرينية بتلبية رغبتهم وطلبت من روسيا لقاح سبوتنيك،
وأيضاً هناك مجموعة أخرى من جاليات أجنبية يقيمون في البحرين إما يعملون في الشركات العالمية أو المصارف العابرة للقارات أو لديهم استثمارات قالوا بأنهم يثقون في اللقاح الإنجليزي استرازينيكا أكسفور، وأيضاً الحكومة البحرينية طلبت من انجلترا لقاح استرازينيكا أكسفورد،
الخلاصة، الحكومات المحترمة عندما تفتح أبواب بلدانها للشركات العابرة للقارات وتناديهم وتطالبهم بالمجيئ إليها للاستثمار، عليها أيضاً أن تحترم من يأتي إليها وتلبي طلباتهم وتمنحهم التسهيلات التي يريدونها.