الوجود المصري في الخليج

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
اتني بمصدر يقول خلاف ذالك

بعد حمله محمد علي باشا تم اسر افراد من ال سعود وارسالهم ل تركيا وهذا يعني تبعيه مصر ل تركيا

الملكه عفت ال سعود حرم الملك فيصل رحمه الله. كانت تقيم في تركيا بعد سقوط الدوله السعوديه الثانيه.

كمال ادهم رئيس الاستخبارات الاسبق خال ابناء الملك فيصل موطنه الاصلي تركيا

جميع المصادر تقول ان الحمله تم توجيه من السلطان العثماني فمكان من محمد علي الا السمع والطاعه
اقراء الاول وباعدين رد مفيش علاقه للحادثه دي بالوجود المصري في الخليج المستقل ابحث في جوجل عن الحروب المصريه العثمانيه
 
يتألف الوجود المصري في الجزيرة العربية من فترتين: فترة عثمانية مصرية تبدأ من عام 1813 وتنتهي في عام 1819، وهي فترة الغزو والحروب وعدم الاستقرار، والفترة الثانية تبدأ من عام 1820 وتنتهي في عام 1840، وهي الفترة التي بدأت منذ تدمير العاصمة السعودية (الدرعية) التي حاول محمد علي أثناءها أن يثبت أقدامه ويعدّ العدّة للانفراد بحكم الأرض التي خضعت لسلطانه في الجزيرة العربية بعيداً عن الارتباط بالسلطان العثماني، وهي رغبة قديمة كان يتطلع إليها منذ أن نجح في الانتصار على الدولة السعودية الأولى. وقد تجلّت تلك الرغبة في الرسالة التي بعث بها إلى ابن أخته أحمد باشا يكن، الذي عيّنه حاكماً على الأقطار الحجازية بعد مغادرة ابنه إبراهيم باشا الكبير أرض الجزيرة العربية بعد أن أنهى مهمته هناك.


وفي تلك الرسالة التي سماها بالمرسوم (8 نوفمبر 1821) وضع للحاكم الجديد أحمد باشا يكن الخطط المثلى التي رآها تصلح للحكم؟ وكان أخطر ما جاء في تلك الخطة التي سبقت نزعه مع السلطان بأحد عشر عاماً ما جاء في نهاية رسالته: (إن مرادي من تحرير هذه الأصول إليك قائم على رغبتي في التصرف في الأقطار الحجازية تصرّف المستقل) .


أما الفترة الأولى التي وصلت أثناءها القوات المصرية إلى ساحل الخليج، فقد جاءت بعد تدمير الدرعية عندما وصلت التعليمات من محمد علي إلى قائد الجيوش إبراهيم باشا بغزو جميع البلاد المجاورة لنجد، والتي تسمى الآن بالمنطقة الشرقية. وعندئذٍ بدأ إبراهيم بغزو منطقة الحسا (الأحساء) والقطيف ، وهي المنطقة الممتدة على ساحل الخليج من حدود الكويت الجنوبية إلى حدود قطر وعمان، وذلك بقصد القضاء على كل أثر لنفوذ الدولة السعودية التي كان سلطانها يشمل الحسا والقطيف والبحرين وجزءاً من أرض عمان، بمعنى أن سيادتها كانت مبسوطة على الساحل العربي للخليج الفارسي.


وكان لوصول القوات المصرية إلى ساحل الخليج أثران سياسيان هامان:


أولهما: أن السلطان العثماني حزّ في نفسه ذلك النجاح الكبير الذي بلغه محمد علي في الجزيرة العربية، لأنه كان دائم الارتياب في أهداف محمد علي ولا يطمئن إليه، بل بلغ به الشك في سوء نية محمد علي أن اعتقد بعد وصول القوات المصرية إلى موقع قريب من خليج البصرة أنه ربما تصل به أطماعه الشخصية إلى التطلع للوصول إلى بغداد.


ثانيهما: اهتمام الإنجليز بوصول قوات محمد علي إلى إقليم الخليج، إذ بدأت حكومة الهند البريطانية تنظر إلى حركات محمد علي في تلك المناطق نظرة الشك والحذر لأن التقارير التي كانت تصل إليها من مندوبيها في إقليم الخليج تثير القلق والشك في الخطوات القادمة لتلك القوات .


وكان الإنجليز يعملون منذ سنين على بسط نفوذهم على المنطقة بحجة محاربة القرصنة التي تعترض الملاحة التجارية ففرضوا صداقتهم وأملوا إرادتهم على إمام مسقط. ولما سيطر السعوديون على منطقة الحسا، حاول الإنجليز الاتصال بهم لتوثيق روابط الود، وضمان عدم الاعتداء على السفن الإنجليزية.


ولما شرعت القوات المصرية تتقدم في المنطقة الشرقية من الجزيرة العربية وتصل إلى منطقة الحسا في طريقها إلى ساحل الخليج ازدادت رقابة حكومة الهند البريطانية على أنباء تطور الأحداث بعد وصول قوات محمد علي إلى تلك الجهات .


وفي الوقت الذي كان الإنجليز يشعرون بالمرارة من نجاح القوات المصرية في التقدم من (نجد) إلى الخليج، كان هذا الشعور يخالطه شعور آخر بالارتياح لأن وجود الجيش المصري هناك قد يقضي على حركات قراصنة الخليج. وفعلاً لوحظ أن السفن الإنجليزية بدأت في الفترة التي ساد فيها الوجود المصري في تلك الجهات تمخر عباب الخليج في أمان واطمئنان ، حتى أن سولت، قنصل إنجلترا في مصر كتب إلى وزارة الخارجية البريطانية يشرح رأيه في أن محمد علي يطمح في صداقة الإنجليز، ويرى سولت أن قواته وسيادته هناك (خير من سيادة أولئك الوهابيين) .


ورجحت الحكومة البريطانية أن تلك الجهات العربية التي فتحتها قوات إبراهيم باشا بشق النفس وأقصى الجهد، لا يمكن أن تنسحب منها بعد ذلك، وأن نجد والحسا قد تصبحان في القريب ولايتين تابعتين لمصر، فرأوا من الخير أن يتفاهموا مع تلك القوة الجديدة التي ظهرت في مناطق الخليج، أولاً لكي يسبروا غور أهداف محمد علي، وثانياً لكي يتصرفوا في ضوء تلك الاتصالات .


وفي صيف عام 1891، أبحرت من بومباي سفينة حربية إلى الخليج تحمل رسولاً خاصاً لمقابلة قائد الحملة إبراهيم، وكان ذلك الرسول هو الكابتن جورج فوستر سادلير، الذي اختاره السير إيفان نبين حاكم بومباي في شهر أبريل لكل يبحر إلى ميناء القطيف أو العقير على ساحل الحسا، ومن هناك يتوجه براً إلى الدرعية حيث كانت حكومة الهند البريطانية تظن أن قائد الحملة المصرية يعسكر هناك، وأن الحرب بين القوات المصرية والسعوديين لن تضع أوزارها ي وقت وجيز، وقد زوده السير إيفان نيبين ببعض الهدايا إلى إبراهيم مع رسالة كتبت بلغة عربية ركيكة، يهنئه فيها باسمه واسم الحاكم العام للهند على انتصارات الحملة المصرية على الوهابيين. وكان على سادلير أن يمر في طريقه بسلطان مسقط (سيد سعيد) لكي يطمئنه ويزيل مخاوفه من ناحية الوجود المصري في المنطقة الجنوبية الشرقية من الجزيرة العربية، ذلك لأن إبراهيم يدرك تمام الإدراك تلك العلاقة الوثيقة التي تربط بريطانيا بمسقط .


ولم يكن اهتمام الإنجليز بتحركات القوات المصرية على سواحل الخليج العربي بأقل من اهتمام محمد علي بتحركات الإنجليز هناك، فقد كان يخشى اتصال حكومة الهند البريطانية بإمام مسقط، وكلف حكومته في جدة بالتجسس على أخبار تلك العلاقات ، وأوصى إبراهيم بالعمل على إضعاف نفوذ هذا الإمام ثم استمالته بعد ذلك. وكان الإنجليز من جانبهم يخشون اتصال محمد علي بإمام مسقط وبغيره من حكام الجهات الواقعة على الخليج.


وكان أن غادر سادلير مسقط في طريقه إلى القطيف فوصلها في 21 يونيو سنة 1819، وهناك علم بأن الدولة السعودية الأولى قد زالت وأن عاصمتها الدرعية أصبحت أثراً بعد عين، وأن قائد الحملة المصرية قد تصله الأوامر من القاهرة بالانسحاب من البلاد التي فتحها على ساحل الخليج مع ترك حاميات صغيرة في المواقع المهمة، وتسليم مهمة الحكم في تلك المناطق لأسرة ابن عريعر من بني خالد الموالين للحكم المصري.


وقرر سادلير أن يواصل بعثته حتى يقابل إبراهيم ويقف منه في جلاء على مستقبل الوجود المصري في الخليج، فقصد بلدة الهفوف قاعدة الحسا حيث أن الضابط الذي كان يرأس حامية الهفوف يستعد للانسحاب ففضل سادلير أن ينتظر ليرافق القوات المصرية ويكون في حمايتها أثناء الطريق. وفي 21 يوليو تحركت القافلة الحربية الكبيرة من الهفوف بالحسا إلى نجد، وكان سادلير يهتم أشد الاهتمام بدراسة كل موقع يمر به، ويطلب من أدلائه تفاصيل وافية عن الحاصلات والغلات والموارد وحالة البلاد العامة ومزاياها الاقتصادية، ويضع خرائط لتوزيع البدو في قلب الجزيرة العربية، ولكنه اضطر إلى الإسراع عندما علم بأن إبراهيم في طريقة إلى المدينة المنورة.


وفي سبتمبر سنة 1819، علم إبراهيم برغبة الكابتن سادلير في مقابلته ولما لم يكن مصرحاً لأي مسيحي بدخول المدينة فقد استقبله إبراهيم في موقع خارجها اسمها (بير علي). وهناك سلمه سادلير رسالة حاكم بومباي وعرض عليه طبيعة بعثته، وأخبره أن حكومة الهند البريطانية قد ساءها تكرار العدول من القراصنة الوهابيين الذين يقيمون على ساحل الحسا على السفن التي تسير في الخليج وبأنها تنوي إرسال أسطول حربي لتخريب أوكار القراصنة في سبعة مرافئ على الخليج الفارسي، وأن حكومة الهند البريطانية تأمل أن شاركها القوات المصرية بحملة من البر وأن يكون العمل مشتركاً على سواحل الخليج .


وقد رد إبراهيم بأنه ليس مخولاً بالبت في مثل هذه الأمور إذ أنه إنما ينفذ رغبات أبيه كما هي، ولذا فليس في وسعه أن يعد بشيء قبل أن يبعث بالمقترحات الإنجليزية إلى القاهرة، واقترح على سادلير أن يذهب إلى جدة في انتظار الرد النهائي على تلك المقترحات . ولكن طال انتظار سادلير في جدة إلى أن وصل الأمر إلى إبراهيم بأن (يرد طلب سادلير في حكمة وتلطف وأن يتعلل بأنه قد وعد بأن يستريح هو وجنوده بعد فتح الدريعة إزالة للتعب واستجماماً للراحة) . ولما تحقق سادلير من فشل بعثته أبحر إلى بومباي في 23 يناير 1920 في الوقت الذي عاد إبراهيم إلى القاهرة بعد أن نظم شؤون الحكم في المناطق المجاورة لساحل الخليج بحيث يصبح الحكم محلياً في أيدي (ابن عريعر) وهو أحد الموالين لمحمد علي.


* * * *
وعند قيام الدولة السعودية الثانية التي أسسها تركي بن عبداللَّه، ثم ولده فيصل بن تركي، وقعت الحسا في قبضة السعوديين، وهنا يبدأ الدور الثاني لظهور القوات المصرية مرة أخرى على سواحل الخليج، بقيادة القائد العظيم خورشيد باشا. وكانت مهمته في أول الأمر أن يقوم من المدينة المنورة على رأس حملة لغزو نجد والمنطقة الشرقية حتى ساحل الخليج وذلك بقصد القضاء على الدولة السعودية الثانية التي استفحل أمرها هناك .


وكان خورشيد باشا قبل أن يقوم بحملته على نجد والخليج قد اتخذ المدينة مقراً لقيادته عندما كان مكلفاً بإخضاع قبائل بني حرب التي تسكن تلك المنطقة، وفي أبريل عام 1838 تحرك خورشيد باشا قواته المصرية إلى إقليم القصيم بنجد واتخذ من عنيزة مقراً لقيادته .


ومنذ أن استقر في عنيزة لم تنقطع وفود مشايخ القبائل الذين كانوا قد انضموا إلى فيصل بن تركي آل سعود، ولسنا الآن بسبيل الحديث عن تفاصيل تلك الحملة، ولكن يكفي أن نذكر أنها تغلبت على الدولة السعودية الثانية، وشرع خورشيد في تنظيم الحكم الجديد رغم كل العراقيل التي كانت تركيا ورجال السلطان العثماني يضعونها في طريق استقرار القوات المصرية هناك، وذلك عن طريق الاتصال بفيصل بن تركي وتشجيعه على المقاومة. وكان والي بغداد العثماني هو المكلف من الباب العالي بذلك الاتصال، وهو الذي كان يدعو فيصل بن تركي إلى الثبات ويبلغه رضا الباب العالي عنه، ويعده بإرسال المدد إليه، إن كان في حاجة إلى رجال أو مال أو عتاد .


والواقع أن الدعاية التركية كانت في ذلك الوقت تعمل على وضع العراقيل في طريق تثبيت حكم محمد علي في الجزيرة العربية، بعد النزعة الاستقلالية التي أثارت الحرب بين السلطان ومحمد علي، وبعد أن كانت الدولة العثمانية تعمل على تحطيم الحركة الوهابية أصبحت تتصل بالدولة السعودية الثانية للتحالف معها على إخراج القوات المصرية من الجزيرة العربية.


ومما هو جدير بالذكر أن أفراد القوات التي نجحت في غزو المنطقة الشرقية ووصلت إلى ساحل الخليج كانوا من الجنود المصريين الذين تلقوا تدريباتهم العسكرية وفق (النظام الجديد) الذي استحدثه محمد علي عندما عزم على تكوين جيش حديث من المجندين المصريين. وكان قائدهم خورشيد باشا قد تلقى دراسته العسكرية على أحدث النظم التي أدخلت في مصر . وأن الباحث ليعجب أشد الإعجاب ببطولة هذا القائد الكبيرة عندما يستعرض الظروف السيئة التي واجهت القوات المصرية في نجد وعلى الأخص في المنطقة الشرقية، وأهمها:


أولاً: تحالف عليه أعداء زاد عددهم بكثير عن عدد جنوده. وكانت المؤمن تنفذ منه تماماً، حتى اضطر الجند إلى أن يقتاتوا بلباب النخيل. وكان خورشيد يضطر إلى أن يأمر بذبح الجمال التي اشتراها من قبل لحمل أثقال الجيش من مؤونة وعتاد لتكون طعاماً للجنود. أضف غلى ذلك ما أصاب الخيول من الهزال نتيجة انعدام العليق حتى اضطر الفرسان إلى تركها ترعى الحشائش بعد أن نفذ البرسيم.


ثانياً: كان بعض أهالي نجد ممن دخلوا الطاعة قد تعهدوا لخورشيد باشا أن يقدموا له ما يطلبه من الخدمات، إلا أنهم لم يكونوا مخلصين له، بل كانوا يميلون إلى نصرة فيصل ضد الحكم المصري.


ثالثاً: صعوبة القيام بالحرب على الطريقة الحديثة في نجد، أن (جدران المنازل والأبراج مصنوعة من الطين المصبوب في عرض ثلاثة أو أربعة أذرع، فإذا صوبت إليها المدافع لا تهدم القذيفة أي مكان من الجدار الذي أمامها، وإنما تخرق الموضع الذي تصيبه وتنفذ من الوجه الآخر، ولا يمكن هدم الجدار إلا بعد إطلاق المدافع عدّة مرات) .


رابعاً: لا يبرز أهالي القرى في نجد للحرب مواجهة، وإنما يختبئون في الأبراج والبساتين التي بداخل البلدة، ثم يطلقون البنادق وهم مختفون في كل مكان، ولا يقل عدد الأبراج في كل قرية عن خمسة وعشرين برجاً. وحين تقوم القوات المصرية بالهجوم تجد القرية كلها قد تحولت إلى ميدان متسع الجوانب تخرج النيران فيه من كل مكان .


ومع كل هذه الصعوبات استطاع خورشيد باشا بما اتصف به من قوّة العزيمة وسعة الحيلة أن يجعل قواته تضيق الخناق على فيصل حتى اضطره إلى التسليم هو ومن معه من الأمراء السعوديين، وأرسلهم إلى المدينة المنورة تمهيداً لترحيلهم إلى مصر.


وبانتهاء دولة فيصل بن تركي آل سعود، بدأ عهد جديد في تاريخ الحكم المصري في تلك الأقطار النجدية بما فيها المناطق الواقعة على ساحل الخليج، حيث تبين لمحمد علي خطأ ترك هذه البلاد بغير تنظيم أو حاميات كبيرة، وذلك بعد أن عانت القوات المصرية فيها ما عانت في سبيل الانتصار على الدولة السعودية الثانية. ولذلك رأى أن يعهد إلى خورشيد باشا بتنظيم أمر هذه البلاد ومحاولة استغلال مواردها في إنشاء حكومة صالحة وسدّ حاجة جيش الاحتلال.


وكانت المهمة التالية هي العمل على مدّ النفوذ المصري حتى ساحل الخليج. وفي أواخر عام 1838 أخذت الفرق المصرية تتدفق نحو الخليج مبتدئة بإخضاع الحسا، أقرب مناطق الخليج إلى نجد. ورأى خورشيد أن يستدعي أميرهم القديم ابن عريعر الذي فرّ من وجه السعوديين وعينه أميراً من جديد، بعد أن هزم عمر بن عفيصان الذي كان فيصل قد عيّنه أميراً للحسا ثم فرّ منها إلى البحرين.


وهكذا تمّ فتح منطقة الحسا واحتلال موانئ القطيف والعقير، حيث وضعت بكل منها حاميات مصرية. أما القطيف فقد وجد خورشيد أنها في حاجة إلى عناية كبيرة إذ أن مياه الميناء لا تستقر على حال واحدة بل تقل تارة وتكثر تارة أخرى، وليس بالميناء فرضة مناسبة لدخول السفن، ولذلك اعتبرت جزيرة البحرين ميناء الحسا والقطيف .


وكانت الحكومة البريطانية تتبع تطورات القتال الذي دار في نجد ومناطق الساحل، فأرسل المقيم البريطاني في بغداد روبرت تيلور، إلى حكومته في لندن يقول إن المعلومات التي تجمعت لديه هي أن القوات المصرية تتدفق على ساحل الخليج، وربما تكون البحرين هي الهدف .


والواقع أن تيلور كان مصيباً في تكهناته، لأن خورشيد باشا كان يتطلع إلى بسط السيطرة المصرية على البحرين، وهي خطوة شاقة تحتاج إلى سياسة حكيمة، وكفاية حربية دقيقة، ولكنه كان مصمماً على احتلالها لعدّة أسباب:


أولاً: مركزها الجغرافي الذي جعل منها ميناء للمنطقة التي احتلتها الجيوش المصرية في الحسا والقطيف، وترد إليها السفن من الهند والبصرة وعمان (فإدخالها تحت الحكم المصري يساعد على رواج التجارة المصرية ويبعث الحركة والنشاط في المنطقة المصرية على ساحل الخليج الفارسي) .


ثانياً: أصبحت جزيرة البحرين مأوى أعداء الحكم المصري الذين فروا إليها تباعاً من الحسا ونجد، وهناك في البحرين يعملون على تدبير المؤامرات ضد الحكم المصري، فهناك يقيم عمر بن عفيصان حاكم الحسا السابق، ومحمد بن سيف العجاجي، حاكم القطيف السابق، وكثير من الزعماء الوهابيين، وجماعة من جنود فيصل بن تركي ممن تمكنوا من الفرار أثناء المواقع الحربية بين المصريين وفيصل .


ثالثاً: يتوارد على البحرين عدد من طوائف البدو الذين منعهم خورشيد من دخول القرى في نجد والحسا، حتى يقدموا الجمال المطلوبة منهم للجيش المصري. وهؤلاء البدو اعتادوا أن يعرجوا على تلك القرى مرة في السنة لأخذ ما يحتاجون إليه من تمر وطعام ثم يعودون إلى الصحراء. فلما منعوا من دخلوا الحسا والقطيف وقرى المنطقة الشرقية، وجدوا بغيتهم في جزيرة البحرين يأخذون منها ما يحتاجون إليه، وأصبحوا في غنى عن تلك القرى، فلا يضطرون إلى تقديم الجمال المطلوبة لقوات محمد علي .


وصل المندوب المصري محمد رفعت إلى ساحل الخليج لكي يدرس أحوال الموانئ الواقعة في تلك المنطقة ويمهد الطريق أمام القوات المصرية للتحرك نحو البحرين ي الوقت المناسب. ثم انتقل إلى البحرين لمفاوضة أميرها عباله بن أحمد آل خليفة بطريقة ودية للانضواء بطريقة أو بأخرى تحت لواء الحكم المصري.


وكان وصول المندوب المصري محمد رفعت في 7 مايو سنة 1839 إلى خور حسان على ساحل قطر حيث كان أمير البحرين عبدالله بن أحمد آل خليفة في انتظاره، وأرسل المندوب له قبطان السفينة يخطره بحضوره مندوباً عن خورشيد باشا للمفاوضة، فأرسل إليه أمير البحرين رسولاً لكي يرحب به، ويدعوه إلى الإقامة في القلعة التي يقيم فيها.


وكان الجو ملائماً للمفاوضة، فقد كان الأمير إذ ذاك حائراً بين سلطتين أخريين تحيطان به وتتبادلان اجتذابه ومحاولة الاتفاق معه، فشاه فارس (إيران) يدعوه إلى الانضمام إلى دولته، ويتعهد له بحمايته من القوات المصرية: التي وصلت إلى الخليج ، ومن جهة أخرى اتصلت الحكومة البريطانية به ودعته إلى التخلي عن الاتصال بالمصريين وأخذت تعرض عليه عروضاً مغرية . أضف إلى ذلك وصول مندوب آخر يمثل والي العراق العثماني يحذره باسم حكومة الباب العالي من الاستسلام لحكومة محمد علي.


أما الإنجليز الذين كانوا يراقبون حركات القوات المصرية في حذر وقلق، فكلفت حكومة الهند البريطانية مندوبها في بوشهر بالاتصال بأمير البحرين ليحثه على عدم الاستسلام لخورشيد باشا لو فكر في مهاجمته او الاتفاق معه، وأن يعده بحماية بريطانية له إذا هاجمه. ولفت نظره إلى أن (أي اتفاق بينه وبين المصريين يكون مخالفاً لما سبق الاتفاق عليه بينه وبين الحكومة البريطانية منذ سنين).


والواقع أن أمير البحرين عبداللَّه بن أحمد آل خليفة كان فعلاً يطمع في حماية الإنجليز له منذ أن استولت القوات المصرية على منطقة الحسا وأخذت تهاجم قلعة الدمام، لذلك أرسل قنصل بريطانيا في بوشهر يخبره بأن "المصريين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من غزو البحرين، وأنهم يستطيعون بكل سهولة الاستيلاء عليها في ليلة واحدة". وأضاف إلى ذلك قوله: "فإن كان عندكم ما يعاوننا الآن، فأرسلوا مقداراً من الجند في سفنكم، وإن لم ترسلوا من يعاوننا فإننا مضطرون إلى الارتباط مع خورشيد باشا وفق قوانيننا وقواعدنا القديمة" .


ويظهر أن القنصل الإنجليزي لم يكن مخولاً بإعطاء جواب قاطع في مسالة المساعدة العسكرية لأمير البحرين، ولذلك رأى الأخير أن يستقبل المندوب المصري محمد رفعت ويعقد معه اتفاقاً يصون به إمارته.


ومع أن أمير البحرين كان يخشى السيطرة المصرية على الجزيرة، إلا أنه لم يجد بداً من التسليم بالأمر الواقع، فهو يسمع أخباراً فيها كثير من المبالغة عن القوات المصرية النظامية المرابطة على ساحل الخليج، وهو في الوقت نفسه يخشى من ادعاء الفرس ملكية الجزيرة، وقد تؤدي مساعدتهم له إلى فرض سيطرتهم عليها، ثم إن الإنجليز يتراخون في مدّ يد المساعدة العسكرية ضد القوات المصرية.


لهذا كله قرر استقبال المندوب المصري محمد رفعت ومفاوضته، وقد أفصح للمندوب عما يجول بخاطره في مبدأ الأمر، عندما كانت الدعاية تصف القوات المصرية في نجد بالوحشية وتصورهم غزاة همجاً لا همّ لهم إلا السلب والنهب، وأنه تحقق بعد ذلك من كذب تلك الادعاءات. ولذلك فهو يرحب بالاتفاق مع حكومة محمد علي على الرغم من تهديد الإنجليز والفرس. ثم أضاف إلى ذلك قوله: "لقد رأينا تبعيتنا لكم مأمونة العاقبة بسبب معاملتكم لغيرنا بالإنصاف، ولاسيما أن العجم على مذهب الشيعة الروافض، والإنجليز على غير الملة الإسلامية" .


ولكن قبل أن تبدأ المفاوضة طلب عهداً يؤمنه فيه خورشيد باشا باسم حكومة مصر على إمارته وأملاكه، وقد استصدر له المندوب المصري من خورشيد باشا العهد الآتي نصه:


"من خورشيد باشا سر عسكر نجد إلى جناب المكرم عبداللَّه بن أحمد آل خليفة: السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته وبعد، الذي نعرفك به أننا أعطيناك أماناً من طرفنا أمان اللَّه وأمان أفندينا محمد علي باشا على أموالك وحلالك ورعيانك، وأن يكون أمر البحرين في يدك على الاتفاق والعهد الذي يصير بينك وبين محمد أفندي رفعت معاوننا ووكيلنا، ومن حيث أنه وكيل مفوض من طرفنا في ربط الأمر معك، فما اتفقت أنت وهو عليه وعاهدته عليه فهو ما عندنا، وعلى هذا عهد وميثاق، واللَّه على ما نقول وكيل" .


وكان أمير البحرين في الوقت نفسه يخشى الخضوع للنفوذ المصري في عهد محمد علي، ولكنه كان يسمع أخباراً فيها كثير من المبالغة عن قوات خورشيد باشا المرابطة على ساحل الخليج، ولذلك عندما وصل المندوب المصري محمد رفعت استقبله بالرحب والسعة، وقبل أن يفتح باب المفاوضة معه "عن طيب خاطر". وبعد ذلك تمت المفاوضة ووقع الطرفان على الشروط التالية:


أولاً: يكون أمير البحرين عبداللَّه بن أحمد آل خليفة لمحمد علي ويقدم كافة المساعدات التي يطلبها منه محمد علي على قدر استطاعته.


ثانياً: يدفع أمير البحرين سنوياً لحكومة محمد علي زكاة البحرين وهي التي كان يدفعها من قبل لآل سعود.


ثالثاً: يستمر أمر البحرين في يد الأمير وليس لأحد غيره أن يتسلط على رعاياه في البحرين.


رابعاً: يقدم عبداللَّه بن أحمد أمير البحرين المراكب والسفن لحكومة محمد علي في حالة تسيير جيوش مصرية إلى أي جهة من مناطق الخليج.


خامساً: أن يسلم أمير البحرين إلى حكومة محمد علي كل من يهرب إلى بلاده من نجد أو توابعها، أومن أي بلد من البلاد التي دخلت تحت الحكم المصري، فإذا طلب إليه تسليم أي شخص من هؤلاء فعليه أن يسلمه في الحال أو تخليص ما عليه لمن كان هارباً من دفع ما عليه من خراج أو ما شابه ذلك.


سادساً: أن يقيم بالبحرين وكيل من طرف الحكومة المصرية يشرف على المصالح المصرية هناك.


سابعاً: ليس لأمير البحرين أن يأخذ عوائد من الغواصين الذين يصطادون اللؤلؤ من القطيف، وله أن يأخذ من غواصي البحرين فقط .


وبعد أن تم الاتفاق ووقعه أمير البحرين ومحمد رفعت المندوب المصري، طلب الأمير أن تعفو حكومة مصر عن كبار النجديين الذين كانوا قد لجؤوا إلى البحرين أمثال عمر بن عفيصان حاكم الحسا الموالي للسعوديين، وغيره ممن فروا إليها أثناء العمليات الحربية التي قام بها خورشيد في المنطقة الشرقية. وقد قبل خورشيد باشا شفاعة عبداللَّه بن أحمد آل خليفة فيهم، وأرسل إليهم كتب الأمان. ورأى خورشيد أيضاً أن يظهر له حسن نية الحكومة المصرية نحوه، ويؤكد له أنها لم ترغب في زيادة الضريبة التي كان يدفعها لآل سعود ويزيل من ذهنه الخوف والرهبة من ناحية الإنجليز أو فارس أو سيد سعيد بن سلطان إمام مسقط وصديق بريطانيا، فكتب إليه يقول: "جاء في الاتفاق الذي تم بينكم وبين محمد أفندي أنكم ستدفعون ثلاثة آلاف ريال، وهو المبلغ الذي كنتم تدفعونه لتركي بن سعود، والذي نعرفكم به أن الدراهم إن قلّت وإن كثرت فلم يكن لها عندنا حساب ، والآن نحن لم نرد منكم زيادة عن الذي كان بينكم وبين تركي ولا مرامنا نأخذ منكم نقوداً خلاف ما يستوجبه الإصلاح وتمشية السبل والمساعدة على الأشغال، ونكون نحن وأنتم على حال واحدة تجاه العجم والإنجليز، فهم لا يتدخلون في الأمر الذي نحن فيهز وأما من جهة سعيد بن سلطان إمام مسقط فإنه من أسبق صديق لأفندينا ولي النعم، وإذا بلغه اتفاقنا معكم فلا يحط يده، وهذه الأمور لا تحملوا همّها" .


والواقع أن خورشيد باشا قد غاب عنه أن الإنجليز قد هالهم ذلك الوجود الخطير للقوات المصرية على الخليج، واشتدّ قلقهم عندما علموا باستسلام أمير البحرين في اتفاقية تجعل لمصر السيطرة على تلك الجزيرة، وتخالف ما سبق الاتفاق عليه بينه وبين الإنجليز بدفع أي خطر عربي أو غير عربي على الجزيرة. ولم يكن اهتمام الإنجليز بالبحرين قاصراً بالنسبة لهم على أهميتها العسكرية والسياسية، بل أهميتها الاقتصادية أيضاً، لأن حكومة الهند البريطانية تهتم بتجارة اللؤلؤ وبحركة الملاحة الإنجليزية في تلك الجهات، ومما ساعد قلق الإنجليز من حركات القوات المصرية على شواطئ الخليج أن المصريين منذ أن وصلوا إلى تلك الجهات في محاربتهم للدولة السعودية الثانية 1838 - 1839 أقامت حكومة مصر مندوباً سياسياً لها في الكويت، وكان أمير الكويت إذ ذاك هو الشيخ الصباح الذي كان على صلات طيبة بالحكومة البريطانية .


ثم ازداد جزعهم عندما علموا بتحركات أخرى يقوم بها ريبت محمد (خالد بن سعود) الذي اصطفاه من بين أبناء سعود الصغار وأنشأه في مصر منذ صغره على طاعته والولاء له، ثم عينه أميراً على نجد وتابعاً لسياسته، وتركه يعمل تساعده بعض القوات المصرية، على استعادة حدود الدولة السعودية القديمة. واعتقد الإنجليز أن خالد بن سعود ما هو إلا آلة في يد محمد علي يحركه كيف شاء، ولذلك أخذوا يراقبون تحركاته وعلى الأخص عندما كلف خالد مساعده سعد بن مطلق بأن يحمل على الأراضي المجاورة لحدود عمان. ثم يبعث برسالة باسم خالد بن سعود يطالب إمام مسقط سيد سعيد بالمبلغ السنوي الذي كان يدفعه سنوياً من قبل لآل سعود .


ومن الواضح الذي تؤكده الوثائق أن حكومة القاهرة لم تكن على علم سابق بتلك الخطوة التي كانت سبباً في زيادة قلق الإنجليز من جهة وإغضاب سلطان مسقط من جهة أخرى، ولم يكن يخفى على محمد علي مدى اهتمام الإنجليز بساحل عمان، وما عقدوه من قبل مع سيد سعيد من اتفاقات ومعاهدات، فما كادت شكوى الإمام تصل إلى محمد علي من تحركات خالد بن سعود ومندوبه سعد بن مطلق حتى كتب إلى أحمد باشا يكن محافظ مكة وحاكم الحجاز أن "يكتب إلى خالد بك بعدم المضي في كسر خاطر الإمام نظراً لما بينهما من المودة والحقوق". وان يكتب إلى إمام مسقط قائلاً له: "إن الخطاب الذي أرسله خالد يحمل على صغر سنه، وأنه كتب إليه بالكف عن ذلك" .


وكان في ذلك ترضية كافية لسلطان مسقط. أما حكومة الهند البريطانية التي كانت تراقب حركات القوات المصرية على الخليج، فقد كان لها شأن آخر.. فمنذ تواجدت تلك القوات على سواحل الحسا والقطيف، وأصبحت المخابرات تترى بين حكومة الهند وقنصلها المقيم بإحدى جزر الخليج، وقنصل بريطانيا بالقاهرة الكولونيل كامبل واللورد بالمرستون وزير الخارجية البريطانية لاتخاذ الإجراءات الحاسمة لوقف الزحف المصري على سواحل الخليج الفارسي.


وكان اللورد بالمرستون يفضل أن تظل الطرق الموصلة إلى الهند تحت السيادة العثمانية الضعيفة لا أن تقع في يد القوات المصرية. أما وقد تزحزحت تركيا عن تلك المناطق، وتحطمت قواها تحت ضربات القوات المصرية في الشام والأناضول، فإن انتشار الجيوش المصرية النظامية في الجزيرة العربية، وتحكمها في شواطئ الخليج وشواطئ البحر الأحمر يؤدي إلى تدمير المصالح البريطانية في تلك المناطق الحساسة. ولا يسع الحكومة البريطانية أن تترك إمبراطورية مصرية عربية واسعة تمتد من جبال طوروس إلى أقاصي السودان، وتتحكم في الطريقين الهامين الموصلين إلى الهند.


وقد بدأ التدخل الإنجليزي يأخذ طابع التهديد منذ نوفمبر 1838 عندما كلف اللورد بالمرستون الكولونيل كامبل الممثل البريطاني في مصر بأن يستفسر من محمد علي رسمياً عن مدى تفكيره في مدّ سلطانه في مناطق الخليج الفارسي. وقام كامبل بمهمته، ثم أرسل إلى بالمرستون ينبئه أن الباشا قد أكّد أن ليس لديه أي تفكير في مد سلطانه على الخليج وأن ليس لديه أي نيّة لإتيان أي عمل يتعارض مع المصالح البريطانية.


والواقع أن هذا الجواب كان رداً دبلوماسياً ولا يمثل الحقيقة، فقد كانت تحركات القوات المصرية في الحسا والقطيف والاتصالات الدائرة بين قائد هذه القوات خورشيد باشا وأمير البحرين تبين بوضوح أن النية كانت متجهة إلى السيطرة على البحرين. وقد تأكدت هذه النية من تقارير ممثلي الهند البريطانية، بل وانتشرت الإشاعات التي بلغت أسماع الحكومة البريطانية في تقرير أرسله اللورد بونسنبي سفيرها في الآستانة، يقول فيه: إن تقدم القوات المصرية في الخليج يهدد ولاية بغداد ذاتها، لأن ظروف تلك الولاية تساعد على الاستيلاء عليها بسهولة حيث يستطيع محمد علي تحقيق حلمه في نهري دجلة والفرات والخليج الفارسي، مما يؤثر تأثيراً مباشراً على المصالح البريطانية في الهند، وهو -أي محمد علي- "يخفي أطماعه في ولاية العراق في الوقت الحاضر، ولذلك تتجه قواته نحو الجنوب في نجد. وقد استطاع أن يفرق بين السعوديين لتسود قوته في الجزيرة العربية بتعيينه أحد أمرائهم، خالد بن سعود، من قبله حاكماً على نجد".


لذلك كله رأى بالمرستون أن يبدأ بإنذار محمد علي، فكتب إلى كامبل يكلفه بمقابلته ويخبره "إن الأنباء التي تلقتها حكومة جلالة الملكة من بغداد تقول إن القوات المصرية على وشك تجاوز الجزيرة العربية من الحسا والقطيف بقصد الاستيلاء على جزيرة البحرين الواقعة على الخليج الفارسي، إني أطلب منك أن تسأل محمد علي إن كان هذا صحيحاً، وأن حكومة جلالة الملكة ترجو بل وتعتقد أنه لاعتبارات قوية يجب أن يبعد الباشا عن ذهنه أي اتجاه نحو تدعيم نفوذه في الخليج الفارسي، لأن هذه الخطة من جانبه -كما سبق لك أن بينت له- لن تنظر إليها الحكومة البريطانية بعدم المبالاة" .


وفي الوقت نفسه يمم الكابت هنل، القنصل الإنجليزي المقيم في الخليج من جزيرة (خارك) شطر جزيرة البحرين في 5 يونيو 1839، حيث اجتمع بالأمير عبداللَّه أحمد آل خليفة، وسأله عن الأسباب التي جعلته يتعاقد مع المندوب المصري محمد رفعت ويقبل السيادة المصرية، ويدفع الأتاوة السنوية لمصر. فأجاب أمير البحرين بأنه تعاقد مع حكومة محمد علي لأسباب ثلاثة هي:


1- لقد تم استيلاء المصريين على الساحل العربي للخليج الفارسي المواجه لجزيرة البحرين وأنه لا غنى له عن ذلك الساحل.


2- ليست له مقدرة على عدائهم ولا الوقوف في وجوههم.


3- لم يقم المصريون بأي عمل يضر بمصالح البلاد التي حكموها. ثم أضاف قائلاً للكابتن هنل: "إن صرتم أصدقاء للمصريين فأنا تابع لهم وصديق لكم، وإن صارت بينكم وبينهم عداوة فأنتم وهم ملوك" .


فأخذ المندوب الإنجليزي يشجعه على فسخ الاتفاق مع حكومة مصر، ووعده بأن يرسل إليه بعض الجنود البريطانيين يقيمون في قلعة البحرين للمحافظة عليها، ويضع سفينتين حربيتين أمام البحرين لحمايتها، وأن "يمنحه الحماية من طرف الحاكم العام في الهند، وألاّ يجبى منه زكاة ولا جمركاً وأن تبقى حكومة البحرين كما هي بيد آل خليفة" .


ولما كان أمير البحرين قد سبق له أن طلب حماية الإنجليز ضد هجوم القوات المصرية، فقد ظن هنل أن باستطاعته أن يقنعه بقبول تلك الحماية، ولكن عبداللَّه آل خليفة رفضها هذه المرة قائلاً: "إني وإن كنت طلبت منكم الحماية من قبل، ولكني لم أقل إني أكون من جملة رعايا الإنجليز. وثانياً كان طلبي الحماية من خوفي من عسكر محمد علي باشا، أما اليوم فقد تصالحنا ولله الحمد مع خورشيد باشا وربطنا الصلح بشروط وإننا منذ القديم مشتركون مع أهل نجد جيراننا في التجارة فلا يمكن أيضاً أن نفترق عن مالنا وملكنا" .


ولم يجد الكابتن هنل بداً من التهديد وحذره من التمادي في سياسة الاستسلام للمصريين، وأنه سوف يبلغ ردّه غير المرضى إلى الحاكم العام في الهند، ثم سلمه إنذاراً مكتوباًن جاء فيه أن اتفاقه مع المصريين "مخالف للقرار الكائن بين عبداللَّه بن أحمد وبين حضرة السركار من سنين مضت، وأن ذلك مخالف أيضاً للكتاب الصادر من طرف سعادة محمد علي باشا إلى أو منه إلى الحكومة الإنجليزية بأن عساكره لا تتعدى على بلاد العرب المتصلة بالخليج الفارسي" .


وهكذا كانت السلطات البريطانية تعمل بكل ما وسعها من الجهد لمنع أمير البحرين من الرضوخ لمطالب خورشيد، ومنع امتداد السيطرة المصرية على البحرين. وكان على رسولهم الكابتن هنل أن يمارس الضغط عليه ليمنع الكارثة، ولا سيما أن خورشيد لن تصل إليه تعليمات محمد علي بشأن البحرين بعد الإنذار الإنجليزي، وفي وقت مناسب.. ولذلك فضل هنل أن ترسل إلى خورشيد صورة الاحتجاج الذي سلمه بالمرستون إلى محمد علي في نوفمبر 1839 .


وازداد نشاط الإنجليز في الخليج لمراقبة القوات المصرية، فإلى جانب المهمة التي كلف بها هنا أرسلت حكومة الهند البريطانية أحد القواد العظام وهو سير فلاردريك ميتلاند لإجراء اتصالات مكثفة مع مشايخ الخليج، بمساعدة المقيم البريطاني المساعد هناك، حيث رست سفينته الحربية خارج ميناء المنامة، وجاء على ظهر السفينة اثنان من أبناء أمير البحرين وأخبراه أن والدهم متغيّب في قطر. وفي 23 إبريل سنة 1839 جاءه الشيخ سلطان بن شخبوط أخو حاكم أبو ظبي وأكد له الصداقة الوطيدة التي تربط بين البحرين وأبو ظبي.


ثم شرع القائد الإنجليزي ميتلاند يتجول بسفينته على ساحل مشيخات الخليج حتى تلك المشيخات التي اشتهرت عند الإنجليز بأنها أوكار القرصنة، كالشارقة ورأس الخيمة. وأخبره شيخ القواسم سلطان بن صقر عندما قابله في رأس الخيمة بأنه قلق على مصيره، وأن عرب الخليج وحدهم لا يستطيعون وقف الزحف المصري الذي يتولاه القائد خورشيد باشا، وأنهم يتطلعون نحو بريطانيا لتحميهم. وأجابه ميتلاند أن وزير الخارجية البريطاني بالمرستون قد أنذر محمد علي بأن يرفع يده عن الخليج. ثم أردف يقول لسلطان بن صقر أن باستطاعة قبائل القواسم البحرية مقاومة خورشيد باشا إذا وجهوا جهودهم ضد القوات المصرية. ولكن سلطان بن صقر أوضح للقائد الإنجليزي أنه يشك في إمكان تحقيق هذا الاتحاد إلا إذا انضمت إليهم قوات بريطانية.


ومن جهة أخرى واصل الكابتن هنل مهمته في تتبع تقدم القوات المصرية في مناطق الخليج وتحري ما كان يسمع عنه من وجود عدد من عملاء المصريين كما كان يسميهم، ونشاطهم في الساحل العربي من الخليج.. فأرسل مبعوثين من قبله إلى الكويت، والبصرة، والشارقة، ورأس الخيمة، وقد تعمد أن يحمل رسوله كليف خطاباً منه موجهاً إلى خورشيد باشا لتسلميه إلى أمير الكويت جابر بن عبداللَّه راجياً منه إرساله إلى خورشيد. وقد تعمد هنل أن يرسل ذلك الخطاب مفتوحاً ليطلع عليه أمير الكويت ويدرك من خلاله أن الحكومة البريطانية ماضية في منع خورشيد باشا من التقدم بعد الحسا نحو إمارات الخليج، وفي الوقت نفسه أعطيت الأوامر لجميع السفن الحربية التي كانت تنتشر في مياه الخليج بأن تكون على أهبة الاستعداد لتنفيذ ما يصل إليها من تعليمات.


وانزعجت الحكومة البريطانية مما وصل إليها من أنباء، وأرسل بالمرستون يستوضح الأمر من كامبل قنصل بريطانيا في مصر، وأن عليه أن "ينذر محمد علي بأن بالحكومة البريطانية لا تسمح أبداً بتأسيس قوة بحرية أو حربية على سواحل الخليج الفارسي، وأنه لو دأب على المضي في مثل هذه المشروعات فإن بريطانيا سوف تجرده من أي موقع يحاول إقامته على الخليج" .


ولم تكن إنجلترا في ذلك الوقت تراقب تقدم القوات المصرية في مناطق الخليج فحسب، بل إن موظيفها كانوا يتابعون تحركات جيشين مصريين آخرين: أحدهما كان يعمل في منطقة عسير وسواحل البحر الأحمر بقيادة أحمد باشا يكن، والثاني، وهو الأخطر، قد نجح في اكتساح اليمن بقيادة إبراهيم بشا يكن، الذي اتخذ من مدينة تعز اليمنية قاعدة له، ومن هناك بدأت المفاوضات مع إمام اليمن عبداللَّه الناصر، للانضواء تحت لواء الحكم المصري، مما عجل باحتلال الإنجليز لميناء عدن في يناير سنة 1839 .


وانهالت الإنذارات البريطانية على خورشيد باشا مهددة باستعمال القوة ضد القوات المصرية. وتلقى محمد علي عدة إنذارات من الحكومة البريطانية تنص على وجوب الانسحاب الكامل للقوات المصرية من مناطق الخليج. واعتقد الإنجليز أنهم إنما يسابقون الزمن لطرد تلك القوات، فقد وصلتهم أبناء هزيمة الجيوش التركية أمام زحف قوات إبراهيم باشا نحو الآستانة، وإبحار الأسطول التركي إلى الإسكندرية وإعلان استسلامه لحكومة محمد علي. وإن تلك الأنباء تسربت إلى المشايخ من حكام إمارات الخليج، وفي الوقت نفسه كان المقيم الإنجليزي في الشارقة قد استولى خطابات أرسلها خورشيد باشا إلى سلطان بن صقر تفيد بان خورشيد أرسل إلى الشارقة رسولاً من قبله اسمه سعد بن مطلق للدعاية والعمل على بسط النفوذ المصري على منطقة الساحل الذي يسميه الإنجليز: ساحل القراصنة، وأن سفينة مصرية محملة بالذخائر وصلت إلى القطيف لتسليمها إلى خورشيد باشا .


* * * *


وفي يونية 1839 تغير الموقف في الخليج رأساً على عقب، وانهارت آمال خورشيد باشا في إتمام مشروعاته في الخليج، ومشروعه في محاولة غزو العراق نتيجة الإنذارات الشديدة اللهجة التي تلقاها محمد علي من الحكومة البريطانية. ثم تأزمت الأمور، وتطور الصراع بين محمد علي والسلطان العثماني إلى أزمة دولية كبرى، بعد اندحار الجيش التركي أمام القوات المصرية في معركة "نزيب" وتدفق القوات المصرية في طريقها إلى الآستانة.

وإدراك محمد علي أنه قادم على حرب خطيرة تتحالف عليه فيها خمس دول أوروبية كبرى، وأدرك أن مضطر لسحب قواته لا من الخليج فحسب، بل من سائر الأنحاء التي سيطر عليها في الجزيرة العربية كلها، فكتب إلى قائده خورشيد يقول رداً على رسائله الحماسية: "إن الوقت ليس وقت المصلحة التي تصورها وآمل فيها، وأن أساس مهمته في الوقت الحاضر أن يهيئ السبيل لسحب قواته، تاركاً البلاد لخالد بن سعود، بشرط أن يترك له عدداً من الجند يكفونه، ثم بعد ذلك يتوجه بقواته إلى مصرن ويغلق باب المصروفات التي فتحت لمشروعاته"
ما ابغو اقرا خرابيط المقال لان واضح تكرار لكن اقول ببساطه ابراهيم باشا هرب من الجزيره العربيه ليحمي ظهره وترك بريطانيا في الاحساء ومعروف بريطانيا تعمدت استفزاز العثمانيين ومحمد علي بعمل انزال بحري في الاحساء 🙂 بعد سقوط الدوله العظيمه السعوديه بالخيانات ورشاوي محمد علي وقتله للحجاج والمعتمرين السعوديين بملابس احرامهم هرب كالجرذ وترك الارض للمستعمر وهو يوضح ان مهمته هو ودول العربيه الاسيويه والطوابير العثمانيه والانشكاريه كانت تدمير الدوله المنافسه للدوله العثمانيه في العالم الاسلامي وتركها للمستعمر والا ماهرب ابراهيم باشا تارك ورائه بريطانيا في الاحساء اللي كانت اراضي الدوله السعوديه الاولى اضافه لتبعية الخليج للدوله السعوديه الاولى هذي قمة النضاله يكشفها التاريخ استشراف العثمانيين الارهابيين الخوارج بادعائهم الخلافه ثم يتركون بوابة الحرم المكي الشرقيه لبريطانيا ويهربون ومن يبقى في الحجاز شوية عسكر لو كحة بريطانيا في وجههم ماتو
 
اقراء الاول وباعدين رد مفيش علاقه للحادثه دي بالوجود المصري في الخليج المستقل ابحث في جوجل عن الحروب المصريه العثمانيه
المقال الذي وضعته يتحدث عن الوجود المصري في الجزيره العربيه

وماتم سرده ينفي وجود مصري او سياده مصريه على الجزيره. بل سياده عثمانيه من قبل والي السلطنه في مصر.

فكيف تدعي النقيض؟
 
تفنيد ادعاك باستقلال حكم مصر في تلك الفتره. بل كانت خاضعه تحت الدوله العثمانيه
لوقراءت الموضوع بمصادره هتعرف ان الدوله العثمانيه كانت متحالفه مع اوروبا ضد محمد علي بس انت البس نضاره
 
رحم الله اجداد المؤسس فقد كانو حرب على من حاربهم وسلماً لمن سالمهم.

مرغو انف العثمانيين ومناديبهم في التراب.
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
عودة
أعلى