بسم الله الرحمن الرحيم
الطائرات المقاتلة
مع ان الطائرات كانت ، قبل الحرب العالمية الاولى ، تطير حاملة رشاشات مصوبة يدويا وحتى مدافع آلية ثقيلة ، فسرعان ما اسندت مهمة ابادة طائرات العدو الى طائرات مزودة بمدافع ثابتة موجهة الى الامام يتم تصويبها بتوجيه الطائرة المقاتلة بكاملها نحو العدو .
منذ عام 1916 حتى اواخر الحرب العالمية الثانية ، كان التطور نوعيا بمعظمه . فقد ازداد عيار المدافع وقوة فتكها ، وتحسنت اجهزة التصويب لدرجة مذهلة ، وتطورت بسرعة فائقة صناعة هيكل الطائرة ومحركاتها ، مما تجلى في الانجازات المدهشة التي تمكنت الطائرات من القيام بها . لكن الحدث الجديد الوحيد الذي ظهر هو الرادار المحمول جوا الذي سمح بالقيام بعمليات الاعتراض ليلا وفي جميع الاحوال الجوية ، والذي عرّف العالم الى نوع جديد من المقاتلات تميزت بضخامتها وازدياد افراد طاقمها . كذلك تمكن الدفع النفاث من تحطيم العوائق التي كانت تحد من انجازات الطائرات ، وقد ادى الى تغيير اشكال الطائرات المقاتلة تغييرا كليا .
في تلك الاثناء ، وخصوصا بين 1948 و 1952، كانت القوات الجوية الامريكية تفاجىء العالم بصنع اجهزة اعتراض حديثة ، من شأنها تخفيض اهمية الطيار وتحويله الى مجرد مراقب يركب الطائرة للمرافقة . وقد زايد البعض في هذا المجال مدعيا انه من الأصح ، لتأمين انجاز افضل ، ابقاء الطيار على الارض .
غير ان الطيارين الحانقين ، وقد ملأتهم ذعرا ، في حرب كوريا ، المقاتلة البسيطة الصنع ( ميج - 15 ) ، راحوا ينادون مطالبين بصنع مقاتلات صغيرة وبسيطة ، سهلة الصيانة ، تتسلق فوق العدو، وتسرع اكثر منه ، وتلتف حوله بإحكام ، وتضعهم بالتالي في وضع افضل . وكانوا يسخرون مما كان يدعي بــ " العجائب التقنية " ويطالبون هازئين باستبدال رادار الهدف ( أ - 1 سي م ) برادار من العلكة . وذهبت بريطانيا ابعد من امريكا ، فأعلنت عام 1957 بصورة رسمية ان جميع المقاتلات قد تخطاها الزمن . مع ذلك . تابع تطوير المقاتلات ميسرته بقفزات واسعة لم تكن لتخلو احيانا من بعض الارتباك او الانحراف ، وكانت حصيلة تجربة كوريا ظهور طائرة لوكهيد ( ف - 104 ) التي اطلقت عليها الشركة الصانعة اسم " الصاروخ الحامل رجلا بداخله " .
ثم ذهب الاوروبيون ابعد من ذلك ايضا ، فأنتجوا اعدادا من المقاتلات الخفيفة ، التي ما لبث ان تحطم بعضها وتحول بعضها الآخر الى ما سمي بــ " طائرات الهجوم الخفيفة " . كذلك تحولت المقاتلة ( ف - 104 ) الى طائرة هجوم واستطلاع ، مع ان النموذج الاخير منها ( ف – 104 س ) كان من المقاتلات ، ومن نوع مختلف عن النوع الذي كان يرجى صنعه عندما صممت ( ف - 104 ) .
مع عام 1960 برزت طائرة فانتوم 2 ( ف - 4) بمقدرتها المذهلة ،فساعدت على انعكاس عجلة التفكير انعكاسا تاما ، فعاد الناس الى المطالبة بطائرات اضخم وأكثر تعقيدا بدلا من الطائرات البسيطة الخفيفة .
لكن الفانتوم لم تغر القوات الجوية فى البلدان الناشئة التي ظلت تتزاحم على شركة " داسو" الفرنسية لشراء طائرة الميراج . ولا غرو في ذلك . فالميراج جميلة وتقارب الفانتوم في سرعتها وهي اقل منها ثمنا . اما الذين توجهوا نحو الولايات المتحدة ، فقد ابتاعوا عددا وافرا من " مقاتلات الحرية " ( ف - 5 ) للأسباب نفسها الوارد ذكرها اعلاه . غير ان الولايات المتحدة نفسها لم تكن مهتمة بهذا النوع من الطائرات . فبعد ان اثبتت الطائرة ( ف - 111 ) هذه العملاقة ذات 50 طنا ، انها لم تكن مقاتلة اطلاقا ، برزت طائرة الفانتوم كمقاتلة مثالية وأخذت تتدفق وحداتها بأعداد متزايدة من مصانعها في سانت لويس .
ثم جاءت حرب فيتنام ، وحظّر عل الطيارين الامريكيين القيام بالقصف او الرمي إلا بعد التأكد بالعين المجردة من هوية الخصم . مما كان يعني انه كان على الفانتوم ان تتخلى عن تفوقها المتمثل في الصواريخ المتوسطة او القريبة المدى ، وان تتقدم حتى بلوغ مرمى نيران العدو وما يتبع ذلك من التعرض للقتال القريب ، مع انها لم تكن مصنوعة لهذا النوع من القتال ، بل كانت معرضة فيه ان يقف محركها فجأة وتنهار ، كما انها لم تكن مجهزة بمدفع داخلي . لكن عندما ادخلت عليها التعديلات الضرورية . فتغيرت اجنحتها وزودت بمدافع داخلية ، ظهر جيل جديد من الساخطين متحسرا على ألميزات القديمة , ومطالبا من جديد بمزيد من التسلق ، ومزيد من الارتفاع . ومزيد من السرعة ، ومزيد من الالتفاف المحكم . ولا غرو ، فالعدو الجديد كان الطائرة المتفوقة ميح ( 25 ) التى يستحيل اعتراضها .
لم يبلغ الساخطون هذه المرة حد المطالبة بالاستغناء عن التقنية الحديثة التي اثبتت جدارتها وقدراتها . لكن عدوا جديدا كان قد برز في هذه الأثناء , نعني به التضخم في الأسعار , هذا التضخم الذي جعل التطوير التقني ضربا من المستعصيات .
كان للتضخم تأثير بالغ في وسائل دفاع الدول الغربية , وكان من أبرز نتائجه عودة أمريكا الى انتاج الطائرات الرخيصة الخفيفة , كطائرة ( ف – 16 ) .
يبدو ان هذه الطائرة استوفت مختلف الصفات اللازمة للمقاتلات الحديثة : فهي تفيض بالقوة مما يسمح لها بالتسلق والمناورة , ونسبة دفعها الى وزنها تزيد بكثير عن الوحدة الكاملة ، ومعامل حمولة اجنحتها اصبح منخفضا بعد زيادة مساحة هذه الاجنحة وتخفيض وزن الطائرة ، كما ان جهاز السيطرة والقيادة لديها اصبح ممتازا بفضل التفاعل الكامل بين شكلها وتقنيتها ومعداتها الالكترونية والتناسق بين اجهزتها والطيار ، وهي تحمل مدفعا وصواريخ متوسطة وقريبة المدى .
صممت الطائرة الكبيرة ( ف – 15 ) والطائرة ( ف - 16 ) الأصغر منها كمقاتلتين للقيام بمهمة واحدة فقط ، هي اعتراض الطائرات المعادية وتدميرها ، غير انه بوشر بتزويدهما بمعدات منوعة للقيام بمهام هجومية ايضا ، مع ان بلوغ هذا الهدف اخذ يلاقي بعض الصعوبات .
انتجت أوروبا طائرتين هما ( الفيجن ) و( التورنادو ) ، وقد صممتا اساسا للقيام بالمهام الهجومية ، لكنهما اصبحتا الان في طور العودة الى صف المقاتلات . من حسنات ( التورنادو) اجنحتها المتحركة الشبيهة بأجنحة الطائرة المتعددة الواجبات تومكات ( ف – 14 ) . لطائرة الميج ( 23 ) اجنحة متحركة أيضا , لكن وضع هذه الطائرة يختلف , اذ ظهر منها حتى الآن أنواع متنوعة للهجوم وللقتال , وهي تختلف كليا بعضها عن البعض الآخر .
لا شك ان تصميم الطائرات المقاتلة امر بالغ الصعوبة , لكنه أصبح أكثر صعوبة بسبب الضغط المستمر من الاتحاد ألسوفييتي ذلك الحين في هذا المجال .
الطائرات المقاتلة
مع ان الطائرات كانت ، قبل الحرب العالمية الاولى ، تطير حاملة رشاشات مصوبة يدويا وحتى مدافع آلية ثقيلة ، فسرعان ما اسندت مهمة ابادة طائرات العدو الى طائرات مزودة بمدافع ثابتة موجهة الى الامام يتم تصويبها بتوجيه الطائرة المقاتلة بكاملها نحو العدو .
منذ عام 1916 حتى اواخر الحرب العالمية الثانية ، كان التطور نوعيا بمعظمه . فقد ازداد عيار المدافع وقوة فتكها ، وتحسنت اجهزة التصويب لدرجة مذهلة ، وتطورت بسرعة فائقة صناعة هيكل الطائرة ومحركاتها ، مما تجلى في الانجازات المدهشة التي تمكنت الطائرات من القيام بها . لكن الحدث الجديد الوحيد الذي ظهر هو الرادار المحمول جوا الذي سمح بالقيام بعمليات الاعتراض ليلا وفي جميع الاحوال الجوية ، والذي عرّف العالم الى نوع جديد من المقاتلات تميزت بضخامتها وازدياد افراد طاقمها . كذلك تمكن الدفع النفاث من تحطيم العوائق التي كانت تحد من انجازات الطائرات ، وقد ادى الى تغيير اشكال الطائرات المقاتلة تغييرا كليا .
في تلك الاثناء ، وخصوصا بين 1948 و 1952، كانت القوات الجوية الامريكية تفاجىء العالم بصنع اجهزة اعتراض حديثة ، من شأنها تخفيض اهمية الطيار وتحويله الى مجرد مراقب يركب الطائرة للمرافقة . وقد زايد البعض في هذا المجال مدعيا انه من الأصح ، لتأمين انجاز افضل ، ابقاء الطيار على الارض .
غير ان الطيارين الحانقين ، وقد ملأتهم ذعرا ، في حرب كوريا ، المقاتلة البسيطة الصنع ( ميج - 15 ) ، راحوا ينادون مطالبين بصنع مقاتلات صغيرة وبسيطة ، سهلة الصيانة ، تتسلق فوق العدو، وتسرع اكثر منه ، وتلتف حوله بإحكام ، وتضعهم بالتالي في وضع افضل . وكانوا يسخرون مما كان يدعي بــ " العجائب التقنية " ويطالبون هازئين باستبدال رادار الهدف ( أ - 1 سي م ) برادار من العلكة . وذهبت بريطانيا ابعد من امريكا ، فأعلنت عام 1957 بصورة رسمية ان جميع المقاتلات قد تخطاها الزمن . مع ذلك . تابع تطوير المقاتلات ميسرته بقفزات واسعة لم تكن لتخلو احيانا من بعض الارتباك او الانحراف ، وكانت حصيلة تجربة كوريا ظهور طائرة لوكهيد ( ف - 104 ) التي اطلقت عليها الشركة الصانعة اسم " الصاروخ الحامل رجلا بداخله " .
ثم ذهب الاوروبيون ابعد من ذلك ايضا ، فأنتجوا اعدادا من المقاتلات الخفيفة ، التي ما لبث ان تحطم بعضها وتحول بعضها الآخر الى ما سمي بــ " طائرات الهجوم الخفيفة " . كذلك تحولت المقاتلة ( ف - 104 ) الى طائرة هجوم واستطلاع ، مع ان النموذج الاخير منها ( ف – 104 س ) كان من المقاتلات ، ومن نوع مختلف عن النوع الذي كان يرجى صنعه عندما صممت ( ف - 104 ) .
مع عام 1960 برزت طائرة فانتوم 2 ( ف - 4) بمقدرتها المذهلة ،فساعدت على انعكاس عجلة التفكير انعكاسا تاما ، فعاد الناس الى المطالبة بطائرات اضخم وأكثر تعقيدا بدلا من الطائرات البسيطة الخفيفة .
لكن الفانتوم لم تغر القوات الجوية فى البلدان الناشئة التي ظلت تتزاحم على شركة " داسو" الفرنسية لشراء طائرة الميراج . ولا غرو في ذلك . فالميراج جميلة وتقارب الفانتوم في سرعتها وهي اقل منها ثمنا . اما الذين توجهوا نحو الولايات المتحدة ، فقد ابتاعوا عددا وافرا من " مقاتلات الحرية " ( ف - 5 ) للأسباب نفسها الوارد ذكرها اعلاه . غير ان الولايات المتحدة نفسها لم تكن مهتمة بهذا النوع من الطائرات . فبعد ان اثبتت الطائرة ( ف - 111 ) هذه العملاقة ذات 50 طنا ، انها لم تكن مقاتلة اطلاقا ، برزت طائرة الفانتوم كمقاتلة مثالية وأخذت تتدفق وحداتها بأعداد متزايدة من مصانعها في سانت لويس .
ثم جاءت حرب فيتنام ، وحظّر عل الطيارين الامريكيين القيام بالقصف او الرمي إلا بعد التأكد بالعين المجردة من هوية الخصم . مما كان يعني انه كان على الفانتوم ان تتخلى عن تفوقها المتمثل في الصواريخ المتوسطة او القريبة المدى ، وان تتقدم حتى بلوغ مرمى نيران العدو وما يتبع ذلك من التعرض للقتال القريب ، مع انها لم تكن مصنوعة لهذا النوع من القتال ، بل كانت معرضة فيه ان يقف محركها فجأة وتنهار ، كما انها لم تكن مجهزة بمدفع داخلي . لكن عندما ادخلت عليها التعديلات الضرورية . فتغيرت اجنحتها وزودت بمدافع داخلية ، ظهر جيل جديد من الساخطين متحسرا على ألميزات القديمة , ومطالبا من جديد بمزيد من التسلق ، ومزيد من الارتفاع . ومزيد من السرعة ، ومزيد من الالتفاف المحكم . ولا غرو ، فالعدو الجديد كان الطائرة المتفوقة ميح ( 25 ) التى يستحيل اعتراضها .
لم يبلغ الساخطون هذه المرة حد المطالبة بالاستغناء عن التقنية الحديثة التي اثبتت جدارتها وقدراتها . لكن عدوا جديدا كان قد برز في هذه الأثناء , نعني به التضخم في الأسعار , هذا التضخم الذي جعل التطوير التقني ضربا من المستعصيات .
كان للتضخم تأثير بالغ في وسائل دفاع الدول الغربية , وكان من أبرز نتائجه عودة أمريكا الى انتاج الطائرات الرخيصة الخفيفة , كطائرة ( ف – 16 ) .
يبدو ان هذه الطائرة استوفت مختلف الصفات اللازمة للمقاتلات الحديثة : فهي تفيض بالقوة مما يسمح لها بالتسلق والمناورة , ونسبة دفعها الى وزنها تزيد بكثير عن الوحدة الكاملة ، ومعامل حمولة اجنحتها اصبح منخفضا بعد زيادة مساحة هذه الاجنحة وتخفيض وزن الطائرة ، كما ان جهاز السيطرة والقيادة لديها اصبح ممتازا بفضل التفاعل الكامل بين شكلها وتقنيتها ومعداتها الالكترونية والتناسق بين اجهزتها والطيار ، وهي تحمل مدفعا وصواريخ متوسطة وقريبة المدى .
صممت الطائرة الكبيرة ( ف – 15 ) والطائرة ( ف - 16 ) الأصغر منها كمقاتلتين للقيام بمهمة واحدة فقط ، هي اعتراض الطائرات المعادية وتدميرها ، غير انه بوشر بتزويدهما بمعدات منوعة للقيام بمهام هجومية ايضا ، مع ان بلوغ هذا الهدف اخذ يلاقي بعض الصعوبات .
انتجت أوروبا طائرتين هما ( الفيجن ) و( التورنادو ) ، وقد صممتا اساسا للقيام بالمهام الهجومية ، لكنهما اصبحتا الان في طور العودة الى صف المقاتلات . من حسنات ( التورنادو) اجنحتها المتحركة الشبيهة بأجنحة الطائرة المتعددة الواجبات تومكات ( ف – 14 ) . لطائرة الميج ( 23 ) اجنحة متحركة أيضا , لكن وضع هذه الطائرة يختلف , اذ ظهر منها حتى الآن أنواع متنوعة للهجوم وللقتال , وهي تختلف كليا بعضها عن البعض الآخر .
لا شك ان تصميم الطائرات المقاتلة امر بالغ الصعوبة , لكنه أصبح أكثر صعوبة بسبب الضغط المستمر من الاتحاد ألسوفييتي ذلك الحين في هذا المجال .