لا يعلم الكثيرون دور «Blackbird» البارز في حرب أكتوبر 1973 م التي لقن فيها المصريون قوات الإحتلال الإسرائيلي درساً قاسيًا
فقد ذكر أحد طياري «Blackbird» المُتقاعدين العقيد «ريتشاردجراهام-Richard Graham» في كِتابه
«SR-71Blackbird: Stories, Tales and Legends» تفاصيل مُهمة التجسُس التي قاما بها العقيد
«جيمسشيلتون-James Shelton» والمُقدم «جاريكولمان-Gary Coleman» آنذاك فقال «جيمس»
أن من أكثر المهام التي كُلف بها ويظل يتذكرها حتى الآن كانت في 13 أكتوبر عام 1973م أثناء إندلاع الحرب بين مصر وإسرائيل
عندما أرادت الحكومة الأمريكية وقتها أن تعرف حقيقة الوضع في أرض المعركة جيداً حيث كان السوفيت لديهم معلومات أكثر
عن الحرب من خلال قمر تجسُس صناعي خاص بهم يُراقب الوضع جيدًا وينقل لهم كل شيء، لذا كُلفت «Blackbird» بمُهمة
إستطلاع لأرض المعركة تحت قيادته ويقول «جيمس» وصل التكليف بالمُهمة له ولزميله «جاري» بقاعدة «بيل» الجوية
في 10 أكتوبر 1973م وبعد أن درسنا المُهمة جيداً التي بدت لنا سهلة نسبياً في البداية، وكان من المُخطط
الإقلاع من قاعدة بيل الجوية بولاية كاليفورنيا والتحليق عبر البحر المتوسط أسفل قناة السويس
ثم الدوران إلى جهة اليمين حول مدينة القاهرة المصرية ثم الدوران إلى شمال غرب تجاه إسرائيل ثم العودة عبر البحر المتوسط
واالهبوط بمحطة القوات الجوية الملكية بمدينة ميلدنهال بإنجلترا حيث تستغرق المُهمة 8 ساعات و45 دقيقة، وكان المُقرر
لتلك المُهمة الإقلاع في مُنتصف الليل لتكون فوق الأراضي المصرية بين الساعة الحادية عشر صباحاً والواحدة ظُهراً
كي نلتقط الصور المُرادة بأعلى إضاءة وجودة مُمكنة، وبعد الإنتهاء من التحضير للمُهمة قُمنا بالأجتماع بضباط من جهاز الإستخبارات
الأمريكية «CIA» الذين نصحونا بعدم الإنداهش إذا أطلقت علينا القوات المصرية أو الإسرائيلية صواريخ سام أو أرسلو إلينا طائرات
مُقاتلة للقضاء علينا حيث أنه لن تُخبر وزارة الخارجية الأمريكية أى دولة بتلك المُهمة سوى إنجلترا لطلب تصريح بالهبوط بأراضيها
بعد إنهاء المُهمة، ولكننا فوجئنا في اليوم التالى برفض إنجلترا السماح لنا بالهبوط بأراضيها خوفًاً على علاقاتها بدول الشرق الأوسط
نظرًاً لأعتمادهم على بترول الدول العربية مما أدى إلى تأخُر المُهمة يوماً آخر واضطُررنا إلى تغيير الخطة وخط السير بالكامل بالإقلاع
من قاعدة «جريفيس-Griffiss» الجوية بولاية نيويورك والعودة إليها أيضًا بعد إنهاء المُهمة وبذلك تُصبح مدة المُهمة 11 ساعة
و30 دقيقة بالإضافة إلى الحاجة للتزود بالوقود جواً سِت مرات مُنفصلة في نقاط مُختلفة لنتمكن من إكمال المُهمة
مما جعلها واحدة من أطول وأصعب المهام التي قامت بها «Blackbird».
وبالفعل أقلعت أنا وزميلى «جاري» يوم 13 أكتوبر 1973م بالطائرة «SR-71» من قاعدة جريفيس الجوية وسلكنا خط السير المُخطط له
دون صعوبات حتى قاربنا على الوصول لقناة السويس بسرعة Mach 3.15 أي 3,856 كم/ساعة وعندما وصلنا فوق قناة السويس أخبرنى «جاري» أن هُناك موقع لصواريخ سام الأرض جو المصرية يتتبعنا ولكننا لم نفعل شيء سوى الإبقاء على نفس السرعة والإتجاه لأن مُجرد التتبُع لا يُمثل خطرًا حقيقياً وعندما أكملنا في أتجاهنِا جنوبًا فوق القناة لحُسن الحظ توقفت الصواريخ المصرية عن تتبُعنا بعد ذلك قُمنا بالإتجاه غربًاً للدوران حول مدينة القاهرة وإذ بصواريخ سام المصرية تتبعُنا مرة أُخرى بالإضافة إلى أنني قد رأيت
في نفس الوقت من نافذة الطائرة الجانبية مجموعة من السُحب على شكل خطوط رفيعة تُسمى بـالـ «Condensation Trails»
أو كما تُعرف بالـ«Contrails» على إرتفاع أقل منا بحوالي 40,000 قدم وتتكون تلك السُحب نتيجة إختلاط الهواء الساخن الرطب
المُنبعث من عادم الطائرات بالهواء الجوي ذو ضغط البُخار ودرجة الحرارة المُنخفضة في طبقات الجو المُرتفعة مُكوناً تلك السُحب.
ويُكمل «جيمس» مُعللاً تلك السُحب بأنه أدرك أن هناك طائرات مُقاتلة مصرية تُحاول إيجادنا لتفتك بنا وإن لم تفعل ستتولى أمرنا صواريخ سام الأرض جو، فهربنا مُسرعين بعيدًاً عن تلك المنطقة وسط ترقب وقلق شديد إلى أن عبرنا إسرائيل ثم سلكنا الطريق المُقرر للعودة إلى جريفيس حيث أنهينا المُهمة في 11 ساعة و19 دقيقة وذكر «جيمس» في روايته عن تلك المُهمة أيضًا أن الصور
التي أُلتقِطت بواسطة «Blackbird» كانت تُظهر بوضوح أن قوات الإحتلال الإسرائيلي تعمقت في الأراضي المصرية
على عكس ما صرحت به «جولدا مائير-Golda Meir» رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك مما دفع وزارة الخارجية الأمريكية
إلى إستخدام تلك الصور للضغط على «جولدا» حتى تسحب قواتها من الأراضي المصرية وإنهاء الحرب «على حد قوله».
ولكن يأتي ذلك التصريح من العقيد «جيمسشيلتون-James Shelton» قائد مُهمة التجسُس فوق الأراضي المصرية غير منطقي وعاري من الصحة، فقد أوضح اللواء «أحمد أسامة إبراهيم» قائد «المُهمة المستحيلة» لوقف تقدم الجيش الإسرائيلى إلى الدفرسوار في تصريح له في أكتوبر 2013 م أن طائرة إستطلاع أمريكية رصدت وجود ثغرة بين الجيش الثالث في السويس والجيش الثاني في الإسماعيلية أثناء حرب أكتوبر والتي عُرفت بـ«ثغرة الدفرسوار» ولم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب سُرعتها التي بلغت ثلاث أضعاف سُرعة الصوت فضلًا عن إرتفاعها الشاهق (11,12)
---------------
Source