يعتبر الرادار البحري موضوع فني وحساس للغاية، وفي هذا الموضوع راح نلقي نظرة اساسية للرادار الشهير المتعدد الوظائف سامبسون MFR Sampson الذي يعتبر ركيزة اساسية وجزء لا يتجزأ من قدرات الدفاع الجوي لاحدث سفن البحرية الملكية البريطانية حتى الان وأكثرها تطوراً وهي مدمرات Type 45
نظرة تاريخية:
تتمتع المملكة المتحدة بـ أرث من الخبرة في عالم الرادارت بعد ان قادت العالم في ريادة تطويرها خلال الحرب العالمية الثانية
ان الاسس او القاعدة التقنية لرادار سامبسون سبقت برنامج مدمرات Type 45 بفترة طويلة، ففي اللحظة الذي تم الانتهاء من تصنيع آخر وحدة من الرادار مثلت ثمرة جهد وحصيلة ما يقارب 30 سنة من البحث والتطوير !
انبثق تقنيات رادار سامبسون من برنامج رادار (MESAR (Multi-function Electronically Scanned Adaptive Radar الذي بدأ عام 1982 كشراكه بين وزارة الدفاع وشركتي Roke Manor Research و Plessey التي تعتبر الاخيرة نواة شركة BAE في الوقت الحاضر
ظهر MESAR-1 كنموذج مبدئي prototype لرادار بمصفوفة مسح نشط متعدد الوظائف يعمل على النطاق S-band وتم تطويره بين عامي 1989 - 1995، كان الرادار ثوري في عالم الرادارت لكونه اول رادار بوحدات ارسال واستقبال مدمجة (TxRx) و بتقنية تكوين الشعاع الرقمي المضاده للتشويش.
بدأ تطوير MESAR-2 منذ عام 1995 وتم اختباره بين عامي 1999 - 2001 بتصميم جديد للهوائي ووحدات ارسال واستقبال جديدة تتميز بتضخيم طاقة ميكروويف الحالة الصلبه و تغيير طور الاشارة. كان الهدف من رادار MESAR-2 استكشاف قدرة الدفاع الصاروخي الباليستي وكشف الاهداف البرية والبحرية التي تطير على ارتفاع منخفض.
(MESAR-1 في اليسار و MESAR-2 في اليمين)
لم يكن برنامج MESAR مخصص للإنتاج ولكن Sampson تم بناءه على الكثير من المعمارية التي ابتكروها في برنامج MESAR، مثل اشباه موصلات زرنيخيد الغاليوم (GaAs)، ووحدات الارسال والاستقبال منخفضة الطاقة والتبريد الهوائي.
كان مسألة الرادار احد الاسباب التي جعلت المملكة المتحدة تنسحب من برنامج فرقاطات Horizon عام 1999، والتي كانت تهدف لتطوير مشترك لفرقاطة دفاع جوي مع ايطاليا وفرنسا. كان متطلبات البحرية الملكية RN اعلى بكثير من ايطاليا وفرنسا حيث ترغب بتوفير تغطية بعيدة المدى وقدرة دفاعية قوية لمجموعة حاملة طائراتها، إلا ان الاوروبيون خططوا لأستخدام رادار EMPAR الأقل قدرة ورفضوا خيار رادار Sampson الذي لم يرى النور بعد .
حدثت سلسلة من عمليات الدمج والاستحواذ والذي تعني ان مشروع Sampson كان مملوكاً للعديد من الشركات خلال تطويره وتصنيعه. بدأت بعض اعمال التصميم على رادار Sampson -وهو مشتق من رادار MESAR - عام 1989 بالرغم من ان المشروع لم يلعن عنه إلا في عام 1991. كانت شركة Siemens-Plessy تأمل ان يكون الرادار جاهز بحلول عام 1994 لكن التقدم في مشروع التطوير كان بطيئاً ولم يتم تصنع نموذج مبدئي منه prototype، وفي المقابل اخذ مشروع MESAR-2 الأولوية لدى الشركة. وفي عام 1998 تم الاستحواذ على شركة Plessy كشركة محاصة او مشروع مشترك من قبل شركة BAE Systems و شركة Finmeccanica (ليوناردو حاليا) واطلق عليها أنظمة الينيا ماركوني Alenia Marconi Systems، وبمرور السنوات استحوذت شركة BAE Systems على المشروع المشترك بالكامل وتم دمجها في الفرع البحري للشركة BAE Systems Naval في عام 2010.
طلبت البحرية الملكية RN اول 3 مدمرات Type 45 في نوفمبر 1999، وبحلول سبتمبر 2002 اكملت BAE Systems منشأة اختبار رادار Sampson في جزيرة وايت، وتم تصنيع اول نموذج مبدئي (prototype (P1 لرادار Sampson وتركيبه على قاعدة تحاكي مدمرات Type 45 في عام 2004، اكملت P1 الاختبارات في يونيو 2006 وبعد ذلك تم نقلها الى منطقة Eskmeals في مقاطعة كمبريا للمزيد من التجارب واعمال التكامل.
وفي عام 2006 تم تركيب النموذج الثاني (P2) من رادار Sampson على المركب البحري المسطح Longbow مع خلايا الاطلاق العامودية Sylver A50 ونظام القيادة والسيطرة PAAMS من اجل تجارب اطلاق صواريخ Aster التي حدثت في اواخر عام 2007
النموذج الثالث (P3) من رادار Sampson تم تركيبها في مركز التكامل والدعم البحري التابع لشركة BAE Systems المتواجده في مدينة بورتسداون هيل في عام 2006
جهزت اول مدمرة Type 45 والتي اطلق عليها HMS Daring بأول رادار مخصص للانتاج في ابريل 2007 في حوض بناء السفن في مدينة غلاسكو، وتم الانتهاء واكتمال تصنيع آخر وحدة من رادار Sampson لصالح المدمرة السادسة والاخيرة HMS Duncan في يوليو 2011.